أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فلورنس غزلان - -الموت ولا المذلة-














المزيد.....

-الموت ولا المذلة-


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 3509 - 2011 / 10 / 7 - 18:49
المحور: الادب والفن
    


أنتسب لسلالة تعلمت الشرود وتربت على التمرد..عن قاموس لغة القبائل..، أنتمي لوادٍ يجري حين ينصب الغيث مدراراً وتجف ضروعه عندما تجحد السماء وتغضب السحب ..فتلجأ للعقاب بدلاً من الرحمة..لكنه في كل الفصول يظل متدفقاً في شراييني..يتحول الماء فيها لبكاء يصرخ في الربيع ويوقظ النيام أيام الحصاد..يجنح لعادة التضامن مع العشاق..فيكثر من قصائد الحب ..علَ النفوس المتعبة تصاب بالأمل فتفرك التراب بنشيدها ليتحول ذهباً أصفر..وتبتعد عن اصطياد العصافير فوق أشجا ر التين في فصل الخريف..
أنا من هناك..من أرض نطقت الصرف والنحو قبل الولادة..كانت مسيح الكلمة وقانون العدل فوق ألواح حمورابي وعلى أقواس بصرى وأجراس معلولا، اليوم تستعيد اللغة نصيبها المفقود بعد أن لطختها أقلام تبيع الكلام والمواقف في اسواق العسف وبيوت الدعارة السياسية..تستعيد ثوبها الممزق والمهلهل على مر عقود من الاغتصاب والسحل والقتل.. تنسجه بخيوط أمل شاب مكتمل النضج والرجولة...تستعيد نورها وكرمتها المحتلة، وخمر أعنابها المعتق في أديرة الكهنة مذ عرف التاريخ طريقه لجبال وصخور..سافرت سفنها ، ونشرت أشرعتها وحنكتها وإبداعها عبر البحار ..في بلاد العرب والعجم.
أنا منكم وأنتم من دمي، أنا النصل وأنتم السيف المشحوذ ..المشهور بوجه الكذب والنفاق المتوغل عميقاً عبر أربعين عاماً..يستيقظ من غمده ليقطع غابات الضيم ويبتر ولللأبد كل شجرة ونبتة متسلقة على جدار التاريخ ملقحة ثمار المحبة بالغث من البذور ....
اقطعوا بأرواحكم، التي تتطهر بالثورة اليوم.. جينات العناكب وجينات الحشرات الضارة المرسلة إلى بريدكم اليومي لتُسَّوِد صفحات حياتكم وتنقلها من لغة المحبة ، لغة التوحد في الحياة والمصير..إلى لغة الموت والخوف وكم الأفواه..لغة لم تعترضوا عليها طيلة أجيال..وهاكم تتحرر منها جلودكم وتُسقِطها أيدي أبناءكم عن كواهلكم ..وتمحو عن عيونكم غشاوة الرعب المختلط بلقمة العيش المغموسة بالذل والصمت ..
منكم خرجت جذوري وإليكم تمتد فروعي... لم تضل خطاي يوماً عن درب الحنين ولم تأخذني لشراك الكفر بكم وبقدرتكم ، لم أشك لحظة بقدرة ماء الحياة على التدفق في نهر شرايينكم الموصولة بإرث أضرحة قدستموها..وحفظتم اسمها من العبث ومن التزوير..نترك اليوم معاً إرث الكبوة ونجتث معاً سنين السبات وسطوة النوم والغفلة..نجذف ونجذف إلى أن نصل شاطيء السلام ودرب النجاة من شراك السواحل ذات القوارب عقربية المبنى والمنحى..حتى لو استخدمت لغة التآخي..فقد علمنا أولادنا ...ألا نثق بمزوري اللغة ، ألا نثق بمن يرتدي ثوب الإخاء بينما يحمل سكيناً خلف ظهره وظهري..
أولادنا..هؤلاء الذين كبروا أكثر منا...ولدوا فجأة في غفلة ضياعنا..لم تأخذهم حيرتنا ولم يصدقوا أنباءنا عن وحوش تتربص بهم ..في زواياً الشوارع...تركوا النوافذ مشرعة .يعشقون الهواء..بينما تتخمر أرواحنا في الأسِّرة..ارتدوا أظافر ضباع وذئاب..اكتشفنا لحناجرهم أصواتاً غريبة على مسامعنا...أسسوا لأجسادهم دماً مختلف التركيبة والمكونات..وكأنهم ليسوا من أرحامنا ولا من صلبنا!!
حملت أقدامهم أشواكاً وابتكروا للفضاء نجوماً..لاتهوي إلا عند انبثاق فجر جديد..حلمنا به ولم تتضح لنا صورته ..لكنهم اختصروا اللغة برماح الحرية وقواميس هتاف نسينا مصادره وتصريفاته النحوية.
أعلن براءتي من سلالتي الأولى..وأنتسب لكم أبنائي الجدد..ففيكم تتجدد روحي وأعود لشباب يحمل رائحة الحياة والكرامة
أصغي معكم لصوت كنا على موعد معه منذ طفولتنا..لكنه غادرنا حزيناً..وتركنا طرائد لمغول ورثونا حين أضعنا مفتاح أبواب أوصدنا بعضها بأيدينا..وتركنا الطاغية ممسكاً بالأقفال..معتقدين أنه سبيلنا للنجاة!.
أنضم إليكم .فلا تناقض في الوضوح..ولا تناقض في أن أعقد معكم حلفاً يعيد للغة فضاءها..وللمطر سحبه..يلغي الخوف من قلبي المرتجف ويحيي حنو الأمومة وصلابة الحياة بوجه الموت..
أنضم..وقد انتابتني لحظة اعتراف ..أني لم أعد وحيدة..فقد صار لي في كل درب أولاد..وفي كل شارع أحفاد..وفي كل زنزانة مقاتل..وفي كل مدرسة ,,تلاميذ..وفي كل ظهيرة يوم جمعة...فها أركع للمرة الأولى في حياتي لشمس طهرت روحي وطهرت الأرض بدم نقي كدم الأنبياء.. وعلى مرأى من الله..أتوضأ فوق صخرة عالية..على درب الجلجلة..لا أحمل صليبي..لكني أشعل قناديلاً لأرواح تحميكم جميعاً..من الخطيئة.. تسهر تحت شموع لقلوب أمهات مثلي ..يصطففن بصمت في وجه سلطان يقرأ طلاسيم وآيات مدججة بسكاكين الذبح..لا نأبه جميعنا للصمت العربي المطبق أمام ميل الميزان..ورجاحة كفة الشيطان..فالحكمة فيما بينهم تخرج من فم بهيمية الايمان..لاتميز بين رائحة الأرض وعرق الفلاح ..في حقل أو بستان..كلهم..ساقطون في شرك..نصبوه لحواء من قبل.ثم للإغواء.ثم للجنازات في سرادق العرس..حين يجتمعوا على الذبيحة..والأسماء الجريحة وكتب الفضيحة..في حكوماتهم الكسيحة
حينها تفرح لغة الأطفال ..ويخرج الغزاة من البلدات المحاصرة..حينها يدخل قلبي مع قلوبكم..ونسكن الأرض الموعودة ونغني بصوت المنتصر الواثق..."الموت ولا المذلة".

ــ باريس 7/10/2011.



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن أتخلص من غربتي إلا حين تخرج المعارضة من شرنقتها!
- حوار في حقيقة حلم مع أمي
- بيرق الأسد!
- مخاطر لابد من الإشارة إليها، قبل الخراب!
- أغار منهم-...-وماقتلوه ولكن شبه لهم-
- ملاحظات من صلب مرحلة الفرز السياسي في سوريا
- وصية شهيدة درعاوية : ( من وحي الثورة السورية)
- من - عصابات مسلحة- في درعا، إلى - مخربين- في حماة!
- سباق محموم نحو مؤتمرات تحاور أو لاتحاور- بين النظام والمعارض ...
- المحتمل الآتي في خرائط النظام السوري
- ماهو نوع المعايير والمقاييس التي يستخدمها الطغاة في فهم - مح ...
- لماذا يدفع الشعب السوري اليوم ، ضريبة رعب الأنظمة العربية من ...
- أحلامنا الشائكة
- النَفَس الأخير في نسل الهمجية
- النازيون الجدد
- إلى أين تأخذ سوريا ياسيد بشار الأسد؟
- الراعي الكذاب
- فيلم سوري رديء
- زهرة من دم
- سوريا بين الأمس واليوم


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فلورنس غزلان - -الموت ولا المذلة-