وفا قطينة
الحوار المتمدن-العدد: 3506 - 2011 / 10 / 4 - 06:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان طبيعة الدور التركي تاريخيا في المنطقة يتطلب منا تحليل سياساته بعين من الحذر تارة , الريبة و الشك تارة اخرى .
ظهر الدور التركي في الاونة الاخيرة على السطح بقوة , مما يحتم علينا التعاطي مع ذلك الدور وفق اهدافه و منطلقاته .
ابرز الاحداث التي شهدتها المنطقة في العقد الاخير كانت الحرب الامبريالية الشرسة على ما يسمونه ب "الارهاب " متمثلة بحربها على العراق و تدخلها في الشؤون العربية بشكل عام , السورية و اللبنانية و الفلسطينية بشكل خاص , حيث حاول المعسكر المعادي فرض رؤيته و اعادة هيكلة المنطقة وفق اطروحاته ( الشرق الاوسط الجديد ) و الذي تعثر بفعل المقاومة العراقية الباسلة اولا , فالمقاومة اللبنانية , و بالتأكيد المقاومة الفلسطينية التي كان لها دور تاريخي اساسي فاعل في الصمود بوجه المشروع المعادي .... حيث ظهر تعثر ذلك المشروع جليا بعد بدء الانسحاب الامريكي من العراق .
الامبريالية لا موقف مبدئي لديها , ثابتها الوحيد في سياستها هو مصالحها ( الاقتصادية ) , و بالتالي فان الاسلوب لديها ايضا غير ذي مبدأ , يتغير تبعا للظروف المحيطة بالمشروع المعادي ..... الامبريالية لن تسلم بهزيمتها و تعثر مشروعها في العراق ..... ان بدء الانسحاب الامريكي من العراق كان سيترك فجوة سرعان ما ستملؤها قوى المقاومة و الممانعة مما يعد هزيمة مضاعفة للمشروع الامريكي في المنطقة , فكانت تركيا هي احدى الخيارات الاقليمية المرشحة لذلك ( و خاصة ان تركيا هي عضو مؤثر و فاعل في حلف الناتو , اي انها حليف استراتيجي للامبريالية و احد دعائمها ) .... فكانت تركيا هي البديل الاقليمي السني في وجه ما ايران الشيعية ( عذرا لاستخدام مصطلح سني - شيعي ) .
جاء ذلك ضمن اطار زمني تلى رفض الاتحاد الاوروبي لعضوية تركيا فيه ( لعدم قبولها ب الاعتذار عن جرائم الابادة الجماعية التي اقترفتها بحق الارمن ) , فرأت تركيا في التغيرات الاقليمية الحالية فرصة لتثبت للاتحاد الاوروبي انها قوة مؤثرة و لها نفوذ و ستكون نافذة للاتحاد على الشرق في حال قبولها ك عضو فيه .
تزامن هذا و ذاك مع حملة اعلامية كبيرة مارستها الرجعية العربية باعتبار ان تركيا هي النموذج الاسلامي الذي يجب ان يحتذى به , و للحقيقة فانها استطاعت ان تسوق هذا النموذج لدى قوى الاسلام السياسي لفترة لا بأس بها من الزمن ... الى ان اوضح اردوغان في حلقته الاخيرة اثناء زيارته لمصر " ان تجربته علمانية و ليست اسلامية " .... حيث كانت و ما تزال الرجعية العربية تحاول تسويق اردوغان على انه نموذج اجتماعي اسلامي مشرق , و في حقيقة الامر ان الرجعية لا يعنيها في الامر سوى تسويق الخط السياسي لتركيا و ليس الخط الاجتماعي .... فلو كان الخط الاجتماعي يعني السعودية و قطر لكانت هي اول من تبنته قبل ان تسوقه لغيرها .
( رغم اننا غير معجبين بالنموذج الاجتماعي التركي و بخاصة في قضايا الاقليات و طبيعة تعامله الفظ مع القضية الكردية العادلة بمنع تعليم لغتها في الجامعات و عدم اعتمادها ك لغة رسمية , يضاف الى ذلك رفضها القاطع للحل الذي يطرحه الاكراد لقضيتهم العادلة .... و سن القوانين العنصرية ضدهم و منها جعل عتبة دخول البرلمان للقائمة 10% " اي ان هنالك قائمتان كرديتان تحصل على ما مجموعه 15% لا يتم تمثيلها بالبرلمان ! و يذهب الملايين من اصواتها بالتوزيع على بقية الاحزاب و بشكل خاص حزب العدالة ! ) .... و يشار في هذا الجانب الى انه و مؤخرا اقدمت تركيا و ايران بالتزامن بشن هجمات عسكرية ضد مقاتلي بي كي كي و بي جاك .... اي انهم اجتمعوا على المصلحة رغم التنافر السياسي بينهما .
اقدمت تركيا مؤخرا على خطوات سياسية ايجابية "في ظاهرها " شأن طرد السفير الاسرائيلي من انقرة ( يذكر ان طرده تم بعد 8 ايام من نهاية خدمته هناك ) , لكنها اخفت تحت هذه الخطوة خطوة اخرى اشد خطورة الا وهي اقدامها على نشر الدرع الصاروخي للمرة الاولى في التاريخ على الاراضي التركية ( يذكر هنا ان طرد السفير و نشر الدرع تم في نفس اليوم و هذه خطوة اعلامية ) ...
كل هذا يتزامن مع ازمة مالية خانقة تعاني منها تركيا ...
حيث ان نسبة التضخم فيها وصلت ل 9% , اي انها تقترب من نسبة اليونان ( 10%) .. لكن تلك الازمة لم تطفوا على السطح بعد ..... تعلم انه و من عادة دول التحالف الامبريالي التهديد باللجوء للحروب و الاستعمار في حالة تعثرها اقتصاديا ل حرف الانظار عن المشكلة الاقتصادية الحقيقية في بلدانها , وهو ما فعلته تركيا في الشأن السوري .
يتضح مما سبق ان طبيعة الدور التركي مرتبطة بالمصلحة التبادلية ( تركيا – الرجعية العربية ) ... لذا فعلى شعوبنا العربية ان تنظر بعين الريبة لذلك الدور , و ان تتعامل مع الخطوات التركية بالمفرّق , فلا تقبل مجمل ذلك الدور و لا ترفض مجمل ذلك الدور ( ف الرفض المطلق موجه للكيان الصهيوني فقط دولة و نظام مجتمع , و موجه ايضا للمعسكر الامبريالي ) ....
اكرر
حيث كانت و ما تزال الرجعية العربية تحاول تسويق اردوغان على انه نموذج اجتماعي اسلامي مشرق , و في حقيقة الامر ان الرجعية لا يعنيها في الامر سوى تسويق الخط السياسي لتركيا و ليس الخط الاجتماعي .... فلو كان الخط الاجتماعي يعني السعودية و قطر لكانت هي اول من تبنته قبل ان تسوقه لغيرها .
#وفا_قطينة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟