أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فهد يسر - كيف تمكنوا من ذلك؟















المزيد.....

كيف تمكنوا من ذلك؟


فهد يسر

الحوار المتمدن-العدد: 3498 - 2011 / 9 / 26 - 02:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لاشك ان ما يحدث للدين الاسلامي من تغييرات هو شي طبيعي يحدث لكل دين باعتبار اثاره الاجتماعيه تشبه كثيرا اي ثوره اجتماعيه لطبقه فقيره ضد طبقه برجوازيه او حتى طبقه متنفذه اجتماعيا واقتصديا مثل قريش, اغلب من يقوموا بالثوره هذه او بهذا الدين او ذاك هم ثوريون حقيقيون يؤمنون بالتغيير .. ولهذا قاموا بالتغيير اصلا.. اما الاخرون فهم بشر اعتياديون يخوضون الصراع الاجتماعي نفسه قبل وبعد الثوره.. اي انهم نفسهم يقامومون اي تغيير اجتماعي بالبدايه باعتباره مضاد لتيار القيم الموجود بحينها .. عند فوز التغير هذا ياخذ الناس على عاتقهم هذا التغيير كعرف اجتماعي جديد وخصوصا اذا شمل هذا التغيير ثوره بالفكر الجمعي والثقافه السائده لانها الثقافه الاهم.
فيصبح كفار الامس هم مؤمنين اليوم... بغض النظر عن كونهم مؤسسين للثوره ام تابعين لها.. لكن التغيير لايقف عند هذا الحد.. ابدا.. ان الثقافه العامه المشتلمه منظومه القيم والعرف الاجتماعي هي ثقافه ضخمه قادره على ابتلاع كل الثقافات الثانويه تحت لوائها حتى لو كانت هذه الثقافه مقسمه للاساسات عرقيه او دينيه .. فلاشك ان العرف الاجتماعي اي القيمي اقوى الاعراف بالعالم العربي وهو اقوى من العرف الديني.. يتبادر اذن سؤال الى الذهن.
لماذا تاخذ الظواهر الاجتماعيه صلاحيه دينيه قبل السماح لها بالمرور اجتماعيا اذا كانت اقوى كاعراف اجتماعيه من الاعراف الدينيه؟
الحقيقه ان هذه الظاهره هي دليل على قوة العرف الاجتماعي ...انه قوي لدرجه انه ياخذ القدسيه الدينيه معه ويلتف بالعباءه الدينيه ليثبت نفسه اجتماعيا كبديهيه غير قابله للنقاش.
فلناخذ مثلا اي ظاهره اجتماعيه حديثه بالمجتمع العراقي... ظاهره سكن المتزوجون الجدد لدى اهاليهم مثلا... ففي التسعينيات وبسبب الحصار الاقتصادي اضطر الكثير من المتزوجين الجدد للسكن لدى ذويهم لعدم تمكنهم من الحصول على سكن منفصل بسبب الفاقه.. بعد مده ليست بقصيره صار من "العيب " الخروج من بيت الابوين بعد الزواج اي ان الظاهره الاقتصاديه اخذت بعدا اجتماعيا لانتشارها فصارت اشبه بالعرف الاجتماعي... تبعها بعد ذلك عده اراء بان الخروج والانفصال عن الاهل حال الزواج هو "عقوق" ويجب ان يحدث بعد مده طويله من الزواج. وهو دلاله او رمزيه دينيه... اي انه صار اقوى. فصار من الصعب اكثر مقاومته... لكن بالحقيقه انه صعب المقاومه اكثر لانه عيب ويزيد من العيب كونه عقوق اي ان الصفه الاجتماعيه اقوى تاثيرا من الصفه الدينيه.
ان المعادله اللتي وضعها الحسين ابن علي ابن ابي طالب عليه السلام " الموت اولى من ركوب العار والعار اولى من دخول النار" تقال من قبل الجميع لكنها مقلوبه من قبل الجميع ايضا... فلسان حال الناس لايرعى دخول النار كرعايته ركوب العار.. اما الموت فهو الرادع الاكبر للناس بكل زمان ومكان مع اختلاف شد هذا الرادع من ثقافه لاخرى والحق انه الاخف والاقل بالثقافه الاسلامي... لكن استعداعية الدين للموت لم تمنع من كونه المخوف الاكبر للناس. اي ان الناس تخاف من العار اكثر من النار... وهذا الكلام لايمنع وجود زاهدين يخافون الله بتعاملاتهم لكنهم بالحقيقه نسبه قليله.
المهم.. ان الثقافه العامه تتغير بالثورات الاجتماعيه وبالاديان الجديده ... لكنها تقوم بالنهايه بهضم هذه الثورات او التزاوج معها على الاقل لتخرج خليطا مقبولا لكلا الثقافتين.
ففي الدين المسيحي مثلا لم يتمكن الدين من اطرء تغيير كبير على المجتمع وخصوصا بعد موت عيسى ابن مريم عليه السلام, بالعكس.. ان الثقافه الرومانيه اثرت على الدين المسيحي.. فصار عيسى ابن الله اسوة بهيركوليس او غيره من انصاف الالهه اللذين ينتمون الى ام بشريه واب رباني.. حتى اللوحات اللتي تمثل يسوع وامه تشبه تماما اللوحات الاغريقيه والرومانيه القديمه اللتي تصور الديانات الوثنيه القديمه. فعيسى ابن مريم المولود في فلسطين لايمكن ان يكون ذو انف روماني وشعر اشقربعيون زرق وعضلات بطن وطول ممشوق.
اما بالاسلام فان الدين احدث ثوره شامله بالفكر الغيبي للمجتمع وبالنظام الاجتماعي من ناحيه التعاملات والحدود القانونيه والنظام الاقتصادي لكنه لم يتمكن من الامتداد لاستبدال المنظومه الثقافيه ككل, فهو لم يتمكن من التخلص من ذكوريه المجتمع العربي الصحراوي مثلا.
بعد صراع السلطه بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام بدأ العرف الاجتماعي بالظهور مجددا ليمسح القيم المسامحه للدين الاسلامي لياخذ على عاتقه الجهاد وولايه امر الاخرين وهي الهم والشغل الشاغل لعرب الصحراء ليرجع الديدن والايمان القديم بان الحلال ما حل باليد لتجمد التغييريه اللتي صنعها محمد النبي.. تلك التغيريه اللتي وعدت من يؤمن بالثوره الاجتماعيه بالجنه.. اللتي وعدت من يؤمن بالثوره على القيم بالفردوس.. التغيريه اللتي هددت العقول الجامده بالعرف الاجتماعي بالنار... جمد كل هذا.. لتحكم الان نفس العقليه اللتي حاربها محمد .. عقليه الغزو والعنصريه و"هذا ما لفيه عليه ابائنا"... اريد ان اسال العقول المحافظه على النظام الديني الان .. لو كان مقدرا للنبي محمدا المجيء الان بالدين الاسلامي... هل ستكونون عليا او عمار بن ياسر؟؟ ام ستكونون محافظين على قيمكم القرشيه الغير قابله للنقاش؟؟ فتكونوا ابا جهلا ابا سفيانا ومعاويه؟؟ الم يكونوا هؤلاء الاخرين محافضين على قيم مجتمعهم ومدافعين ضد اي قيم جديده طارئه؟؟ اليس هذه وظيفتكم الان؟؟
شمل الجمود كل شي حتى المظهر. والاهتمام بالمظهر يفضح الاهمال بالجوهر. فرجال الدين يلبسون لبي الناس قبل 1400 سنه اعتقادا منهم بانه احترام للقيم الاسلاميه وكانه القيم الاسلاميه ظهرت لتمجد مدينه بصحراء الجزيره العربيه قبل 14 قرنا ولا شيء اخر.. هذا الالتزام بالمظهر بالذات يفضح غايه الجمود الفكري لانهم اخذوا القيم الدينيه كقوالب جاهزه خالطين ماكان منها قيما دينيه وماكان قيما اجتماعيه اي ان القيم المحمديه لم تترجم كمنظم للعلاقات الاجتماعيه كدستور مدني بل صارت التزمات ثابته غير قابله للنقاش.
انهم لايعلمون انه ما من نبي ظهر على وجه الخليقه الا ولبس لبس زمانه واكل وعمل ما هو مناسب لزمانه... لو ظهر النبي الكريم الان لوجد عملا عصريا ربما وللبس قميصا وبنطالا عاديا كما نفعل الان مع احترامي الشديد لهذه الشخصيه الفذه. فلا داعي ولا فائده من الالتزام الشكلي باللبس. لكن فائدته ترجع لرجال الدين نفسهم... انه جزء من عمليه اسماها الدكتو محمد اركون بعمليه استمرار الوحي. عمليه تحدث من قبل المنتفعين بكل دين للاستفاده من طاقه السلطه الدينيه الضخمه القادره على التحكم الكثير من الناس وبمشاعرهم قبل عقولهم بالرغم ان الدين اساسا يحاكي العقول لا القلوب لكن هي القوه الاجتماعيه اللتي تحول الدين الى عرف ولون وهويه. هي عمليه استميال القدسيه الكبيره المتوفره للرسول او النبي بعد وفاته والاستحواذ عليها بحجه عدم اكتمال الرساله او للحفاظ على الدين فيكون ضروريا استحضار الصوره القدسيه لرجل الدين واسهل وسيله هي الملابس والمظهر.. فلا اجمل من ملابس تشبه ملابس النبي ولا اكثر ورعا وتقوى من لابسها حاليا!!
كيف تمكنوا من ذلك؟ كيف تمكنوا من حصر هذه الثوره الاجتماعيه لتتحول لمجموعه ممارسات وطقوس وملابس وبخور , لينتهي المطاف بهذه الطاقه الكبيره لقرع الظلم لتكون خرسانه قويه لاسناد طغاة يستخدمون كتابا واحدا لقتل بعضهم ولأسكات ملايين من الافواه الجائعه بنظريات الزهد والتقوى؟
حتى لو عرفنا التفسير وحللنا الاسباب والنتائج تبقى علامات التعجب والاستفهام كبيره وسط هذا التغيير.. وسط هذا الوئد الكبير. كيف تمكنوا من ذلك؟



#فهد_يسر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فهد يسر - كيف تمكنوا من ذلك؟