أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسامة الحسناوي - ملامح التاثر والتاثير بين الادبين العربي واليوناني















المزيد.....



ملامح التاثر والتاثير بين الادبين العربي واليوناني


اسامة الحسناوي

الحوار المتمدن-العدد: 3496 - 2011 / 9 / 24 - 20:34
المحور: الادب والفن
    


ملامح التأثر والتأثير بين الأدبين العربي واليوناني

أسامة ألحسناوي
ظاهرة التأثير اليوناني في الأدب العربي
في العصور الأولى للمسيحية ظهر في الإسكندرية المذهب المعروف ((بالأفلاطونية الحديثة )) وكان لهذا المذهب اثر كبير في فلاسفة المسلمين وعلماء الكلام وخاصة المعتزلة والصوفية ومؤسس هذا المذهب ((امينوس سكاس)) كان أول أمره حمالا ثم صار معلم فلسفة في الإسكندرية وقد ولد من أبوين نصرانيين ولكنه صبأ إلى الدين اليوناني القديم وهو أول المعلمين الاسكنندريين الذين حاولوا التوفيق بين تعاليم أفلاطون وأرسطو ولم يؤثر عنه أي كتاب ومات عام 242م ويعد تلميذه أفلوطين منظم هذا المذهب واكبر مؤيديه وقد ولد عام 205 (أسيوط) وتعلم في الإسكندرية ولازم امنيوس حوالي أحدى عشرة سنة وقد التحق بحملة سارت إلى بلاد فارس للتعرف على علوم الفرس والهنود وسافر إلى روما وأسس بها مدرسة للفلسفة وتوفي عام 270م والعرب لم تعرف الكثير عن أفلوطين ولكنها تعرف مدرسته وتطلق عليها مدرسة الاسكندرانيين وقد ألف أفلوطين كتب كثيرة حفظت عنه عرفت (بالتاسوعات) وتفرع مذهبه إلى فروع كثيرة فكان منه فرع في الإسكندرية وفرع في الشام وأخر في أثينا ولهذا المذهب أراء كثيرة في الإلهيات منها.
يقول: (( أن العالم كثير الظواهر ،دائم التغيير ،وهو لم يوجد بنفسه بل لابد لوجوده من علة سابقة عليه هي السبب في وجوده وهذا الذي صدر عنه العالم واحد غير متعدد لا تدركه العقول ولا تصل إلى كنهه الأفكار( ) وكان هذا المذهب أول أمره يميل إلى البحث والتفكير العقلي المحض ثم اخذ يناص الوثنية اليونانية ويقاوم النصرانية ثم انحدر إلى أن اقتصر على الشغف بالاطلاع على المغيبات وخوارق العادات والاعتداد بالسحر ولما انتصرت النصرانية وجاء جوستانسين أغلق مدارس الفلسفة في أثينا واضطهد الفلاسفة ففر من هؤلاء سبعة فلاسفة إلى فارس فاستقبلهم كسرى انو شروان واحتفى بهم وأنزلهم منزلا كريما ومن هؤلاء الفلاسفة من تنصر فاخرج كتبا في الأفلاطونية الحديثة مصبوغة بالصبغة النصرانية ككتاب دبونيوس وقد شرح فيه أسرار الربوبية ودرجات عالم الملكوت والكنيسة السماوية على المذهب الأفلاطوني فصار من ذلك الوقت عمدة النصارى ثم دخل هذا المذهب في الإسلام عن طريق فريق من المعتزلة والحكماء والصوفية ومنهم أخذت جل أفكارهم جماعة (( أخوان الصفا)) وقام السرياليون بنشر الفلسفة اليونانية عن طريق ترجمة الكتب الأفلاطونية إلى اللغة السريالية وهي إحدى اللغات الآرامية –انتشرت في بلاد مابين النهرين والبلاد المجاورة لها- وكان من أهم مراكزها الرها ونصيبين وكانت هي لغة الأدب والعلم لجميع كتب النصرانية وكانت اللغة السريانية لغة الوثنيين أيضا وأشهر مراكز الوثنيين مدينة حران (جنوبي الرهة)وقد ظلت هذه المدينة مركز للديانة الوثنية والثقافة اليونانية إلى ما بعد الفتح الإسلامي فكانوا يدرسون الفلك والرياضة والفلسفة وبقي لنا من الآداب السريانية مجموعة من مختلف العلوم مثل كتب الصلوات والأدعية الدينية والأقاصيص التاريخية والفلسفة والعلوم وتجدر الإشارة إلى أن ما بقي من الأدب السرياني هو النصراني وليس الوثني وقد حفظت الكتب السريانية بعض المؤلفات اليونانية المفقودة وهذه الكتب إنما هي ترجمة عن تلك الكتب اليونانية إذ كان السريانيون ينقلون تلك الكتب من اليونانية إلى لغتهم ومن أشهر السريانيين الذ1ين يعرفهم العرب (بار ديصان ) ابن ديصان (ت222م)وهو صاحب مذهب ديني مزج فيه بين الثنوية والنصرانية كما فعل ماني وكان ينكر بعث الأجسام ويقول أن جسد المسيح لم يكن إلا صورة أرسلها الله للناس ومن أشهرهم جرجيس الرسعني من مدينة (رأس العين )توفي عام 536م وهو من أشهر المتأدبين بالآداب اليونانية وترجم منها عدد من رسائل أرسطو وجالينوس وألف رسالة في المنطق تبحث في المقولات العشر ومن هؤلاء أيضا يعقوب الرهاوي أموي وحنين بن إسحاق وغيرهم ومن هذا نفهم أن الثقافة اليونانية كانت منتشرة في العراق والشام والإسكندرية وان المدارس انتشرت فيها على يد السريانيين وان هذه المدارس أصبحت تحت حكم المسلمين وامتزج هؤلاء المحكومون بالحاكمين فكان من نتائج امتزاجهم أن تزاوجت الثقافة الإسلامية بالثقافات الأخرى ومن أشهر من تعلم على أيديهم وبرع به خالد بن يزيد بن معاوية( )
ومن هذا نرى أن الثقافة اليونانية كانت كالثقافة الفارسية مبثوثة بين المسلمين في البلدان المختلفة ولذا نرى أن من الخطأ البين أن نقول أن الثقافة العربية قامت بمعزل عن التأثير والتأثر بالثقافات الأخرى اليونانية والفارسية بل هي وليدة الاختلاط والتمازج إما من ناحية الأدب فقد كان لليونان أدب غزير المادة متنوع الموضوع فقد كان لهم شعر قصصي ملحمي خرافي وشعر غنائي يصفون به مشاعرهم ويتعرضون فيه للمدح والفخر والحماسة والغزل والرثاء ونحو ذلك مما تعرض له الشعر العربي كذلك فلهم كتابة راقية وخطابة وأبحاث وافية منظمة في الكتابة والخطابة ولما ذهب سلطانهم على أيدي الرومانيين ضعفت آدابهم وثقافاتهم لكنها لم تتلاشى بل بقيت كحال الأدب الفارسي الذي ذاب في الأدب العربي واخذ منه بعض الأغراض.
ويظهر لنا أن التأثير الأدبي اليوناني في الأدب العربي كان ضعيفا أو معدوما لأننا نرى الشعر العربي في العصر الأموي ظل محافظا على كيانه يترسم الطريق الذي خطه له الشعر الجاهلي في بحوره وفي قافيته حتى موضوعاته وكانوا مقصرين في الجاهلية في شعر الملاحم وفي الشعر التمثيلي فظلوا كذلك حتى في العصر العباسي ومن العسير يقول احمد أمين : (( من العسير العثور على معاني يونانية وردت في الشعر العربي . . . ونفتش في هذا العصر عن شاعر أصله يوناني أو روماني تعلم العربية وشعر بها فلا نجد ))( )ويرد احمد أمين ضعف التأثير اليوناني بالأدب العربي إلى ضعف معلومات المسلمين عن اليونان وحياتهم الأدبية حتى في العصر العباسي وعلة ذلك أن العرب كانوا متعصبين جدا لشعرهم ولا يسمحون فيه بابتكار أو تحوير في الأساس فنظم البيت وبحر الشعر وقافية القصيدة أشياء مقدسة لا يصح أن تمس بل أن موضوعات الشعر التي يقال فيها لا يمكن الخروج عنها ومهما كانت الإجادة والابتداع فان العرب يقفون منها موقف الضد في ذلك الوقت
يقول ابن قتيبة( ): (( وليس لمتأخر الشعراء أن يخرج على مذهب المتقدمين في هذه الأقسام فيقف على منزل عامر أو يبكي على مشيد البنيان لان المتقدمين وقفوا على المنزل الداثر والرسم العافي أو يرحل على حمار أو بغل لان المتقدمين رحلوا على الناقة والبعير ... وليس له أن يقيس على اشتقاقهم فيطلق ما لم يطلقوا ،قال الخليل بن احمد أنشدني رجل :ترافع العز بنا فارفنععا،فقلت له ليس هذا شيئا فقال ككيف جاز للعجاج أن يقول :تقاعس العز بنا فاقعنسسا ،ولا يجوز لي))( )ولقد حاول بعض المناطقة في والمتفلسفين في القرن الرابع الهجري إخضاع الأدب العربي وعلومه المختلفة إلى المنطق اليوناني لكنهم فشلوا فشلا ذريعا كالمناظرة التي حدثت بين السيرافي( )ومتي بن يونس( ) في مجلس الوزير ابن الفرات( ) سنة 326 وكانت المناظرة مواجهة للمنطق اليوناني الذي يعتبر (( آلة . . يعرف بها صحيح الكلام من سقيمه وفاسد المعنى من صالحه ... وهو بحث عن الأغراض المعقولة ... والناس شركاء في المعقولات))( ) لكن السيرافي يرى أن هذا المنطق لا يلزم الناس جميعا فقد (( وضعه رجل من أهل اليونان على لغة أهلها واصطلاحهم عليها )) ولما كانت المعقولات(( لا يتوصل أليها إلا باللغة لزمت الحاجة إلى معرفة اللغة ! . . . فأنت إذن لست تدعونا إلى علم المنطق بل إلى تعلم اللغة اليونانية وأنت لاتعرف لغة يونان فكيف تدعونا إلى لغة لا تفي بها وقد عفت منذ زمن طويل وباد أهلها)) وينكر السيرافي وصاية العقلية اليونانية على بقية الأمم إذ أن الحقيقة مبثوثة بين الأمم وأرسطو واضع المنطق قد اخذ عمن قبله وليس هو حجة على هذا الخلق وله مخالفون منهم ومن غيرهم )) ثم ينصح أبو سعيد السيرافي متي بن يونس أن يدرس العربية حتى يستغني بها عن لغة اليونان ومعانيهم فالنحو هو منطق اللغة العربية والنحو والمنطق شيء واحد لا كما يدعي متي أن (( المنطق يبحث عن المعنى والنحو يبحث عن اللفظ)) وتصل المناظرة إلى ذروتها التي عقدت من اجلها فيتضح أن النحو العربي له منطقه الداخلي الذي يحكمه وهو يستغني استغناء كلي عن المنطق اليوناني ويستشهد السيرافي بأمثلة كثيرة منها قوله :
(( ما تقول في قول القائل :زيد أفضل الأخوة .
قال متي :صحيح
فقال السيرافي :فما تقول في قول القائل :زيد أفضل أخوته.
قال متي :صحيح أيضا .
فيبين السيرافي أن الفرق كبير بين المعنيين الذين لم يميز بينهما أبو بشر في منطقه ويؤكد صحة ما ذهب أليه السيرافي( ).وعن ذلك عبر صاحب الامتناع والمؤانسة حين قال:(( فللفرس السياسة والآداب والحدود والرسوم والعلم والحكمة، وللهند الفكر والروية والسحر والأناة، وللترك الشجاعة والإقدام، وللزنج الصبر والكد والفرح، وللعرب النجدة والقرى والوفاء والبلاء والجود والذمام والخطابة والبيان))( )ولعل القول والادعاء بان العرب مدينين لليونانيين بثقافتهم وأدبهم بشكل خاص هو قول عار عن الصحة وان هذه (الغارة الهيلينية )جاء بها المستشرقون وتبعهم بعض الكتاب العرب أمثال الدكتور طه حسين إذ يقول في بيان حديثه عن تأثر العرب باليونانيين: (( لقد أثرت الهيلينية في الأدب العربي البحت من طريق غير مباشر بتأثيرها أولا في متكلمي المعتزلة الذين كانوا جهابذة الفصاحة العربية غير مدافعين والذين كانوا بتضلعهم من الفلسفة مؤسسي البيان العربي حقا))( ) ثم يأخذه الغلو إذ يقول : ((على أن تأثير الهيلينية في الأدب إنما بلغ غايته على أيدي الشعراء والكتاب الذين كانوا من أصل أعجمي وكانوا قد تأثروا بالآداب اليونانية تأثرا ما فأصبحوا يستمدون وحي قرائحهم من الأدب اليوناني. . .ولنمثل لذلك بابي تمام . . . وميله إلى المعاني الفلسفية يضمنها في شعره وفي كلفه بوصف الطبيعة . . . ))( ) .
ويقول في كتاب أخر : ((قبل أن توجد الآداب العربية وقبل أن يوجد الشعر العربي وجدت الآداب اليونانية وكانت نشأت النثر اليوناني ملائمة للنحو الذي رأيناه . . .))( ) ويضرب لنا أمثلة على تأثر أكابر العلماء العرب باليونان أمثال عبد الحميد الكاتب (ت132)وابن المقفع(ت 145) ويرى أن عبد الحميد متأثر باليونانيين عندما قسم الجيش في رسائله المكتوبة عن لسان الخليفة إلى ولي عهده ومن اثأر تأثره أيضا استخدامه للحال بكثرة ويمكن الاستدلال على ذلك بقراءة نتاج أي كاتب فرنسي متأثر باليونان ومقارنته مع ما كتبه عبد الحميد( )
ويرى الدكتور شوقي ضيف أن للثقافة اليونانية تأثير كبير على الثقافة العربية بقوله : ((أن الثقافة اليونانية أهم ثقافة أثرت في الفكر العباسي ولكن عن طريق النقل والترجمة لا عن طريق اختلاط أصحابها بالعرب وأيضا عن طريق ما ألقته من ظلال على
الثقافة الهيلينية الشعبية العامة التي كانت سائدة في المنطقة وحملت في اطوائها معارف الكلدانيين والصابئة عن النجوم والكواكب ومعارف الشاميين والمصريين. . . ))( ) أما الدكتور بدوي طبانة فيرى أن الأدب العربي (قد عبر عن أصحابه اصدق التعبير فيمكن الحكم بأصالته واستقلاله لأننا لا نرى فيه إشارة إلى الإلياذة والأوديسة ولا نرى به تأثر بشعر تراجيدي أو كوميدي وكل ما يمكن أن يقال في هذا الصدد أن الأدب العربي في العصر العباسي على الخصوص قد بدت فيه بعض الاتجاهات الفكرية التي عرفت في الحياة العقلية إذ ذاك بتأثير نقل التراث اليوناني في الفلسفة والمنطق في ازدهار علم الكلام عند العرب وفي نشأة الفلسفة الإسلامية فان مجال تأثر الأدب العربي محصور في التأثر بتلك الثقافات)( ) أما الدكتور إحسان عباس فقد جعل من المتأثرين بالفكر اليوناني و شراح كتاب أرسطو اتجاها أخر في النقد العربي إضافة إلى اللغويين والشعراء والمتكلمين( ) غير انه يعود فيثبت بأدلة نقلية وتاريخية تبين أن اليونانيين أنفسهم يقرون بفضل العرب وتميزهم في البيان والشعر إذ أورد في كتابه قولا مترجما لأرسطو ينصح به الاسكندر يقول الدكتور إحسان عباس: ((ومن أطراف ما يمر به المرء متصلا بهذا الموضوع ما ورد في رسالة السياسة العامية المنسوبة إلى ارسطاطاليس فإن الكاتب يقرن فيها بين العرب والهند في مميزات شتى منها: أنهم على السنة ولهم الكرم والمروءة والأنفة وبذل الأموال والصبر في اللقاء ولزوم الغيرة والمعرفة بالشعر والسعة في الكلام؟ ثم ينصح الإسكندر بأن يكثر لهم من المخاطبة فإنهم يأنسون باللفظ ويميلون إلى حسن الكلام ، ويملي عليه كتابا يكتبه إليهم وفيه: (( واعلموا أن الشعر جزء من أجزاء كثيرة من الحكمة فتنازعوا على طلب الحكمة))( ) أما الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي فيرى في معرض حديثه عن كتاب نقد الشعر أن قدامة كان متأثرا بالعقلية الفلسفية اليونانية وفي كتاب الخطابة لأرسطو بالتحديد( )ولعل من أهم التفسيرات التي تبين أن التأثير اليوناني على الأدب العربي والشعر خصوصا معدومة هي عدم وجود أي ترجمة كما يقول الدكتور بدوي طبانة لأي نوع من أنواع الشعر اليوناني ويبدو أن العلماء العرب كانوا مدركين إلى أن النص الشعري إذا ما ترجم يفقد ميزاته الموجودة في لغته الأم وفي كثير من الأحيان يفقد صوره الشعرية وأخيلته يقول الجاحظ: (( أن الشعر لا يستطاع أن يترجم ولا يجوز عليه النقل ومتى حول تقطع نظمه وبطل وزنه وذهب حسنه وسقط
موضع التعجب ))( )ويقول أبو سليمان المنطقي : (( ومعلوم أن أكثر رونق الشعر ومائه يذهب عند النقل، وجعل معانيه يتداخلها الخلل عند تغيير ديباجته))( ) أما الدكتور جرجي زيدان فيرى أن العرب تاثرو باليونان في علوم المنطق والفلسفة والطب ولعل بعض المفردات انتقلت من اليونان إلى العرب عن طريق الاختلاط مع السريان في بلاد العرب بفعل السفر والتعاملات التجارية أو كون تلك المفردات انتقلت بفعل ما درسه السريان من علوم لليونان في بلاد الرافدين وما حولها( ) ونلحظ وجود ثلاثة أشياء كان لها اثر في الأدب العربي وهي
أولا: كلمات أخذها العرب من اليونانية كالقسطاس (الميزان) والسجنجل(المرآة) والبطاقة (الرقعة) والقسطل (الغبار)والقنطار والبطريق والترياق والنقرس والقولونج .
ثانيا: ما كان من اثر لشعراء النصرانية في الإسلام أمثال الأخطل والقطا مي وحتى هؤلاء اثر النصرانية في شعرهم قليل ويبدو أنهم اخذوا بعض الأمور اليونانية لترجمتها إلى لغتهم ومنها إلى العربية.
ثالثا: الحكم اليونانية وهذا النوع مما عني به السرياليون قبل العرب فنقلوا منه عن اليونانية الشيء الكثير ثم أخذه العرب لما كان يتفق وذوقهم الأدبي فنقل العرب حكما نسبت لسقراط وأفلاطون وأرسطو فمما روو عن أفلاطون قوله : ((إذا أقبلت الدولة خدمت الشهوات العقول وإذا أدبرت خدمت العقول الشهوات )) وقال : (( من فضيلة العلم انك لا تستطيع أن يخدمك فيه احد كما يخدمك في الشهوات)) وقال سقراط: (( النفس الخيرة مجتزئة بالقليل من الأدب والنفس الشريرة لا ينجح فيها كثير من الأدب لسوء مغرسها)) ولا نعني أن العرب لم يعرفوا الحكمة إلا عن طريق أخذها من اليونان بل إنهم كانت لهم حكما وأمثالا معروفة كثيرة جدا في الجاهلية والإسلام إنما لتشابه هذه الحم مع ما عندهم ونتيجة لتطابقها مع ذوقهم أخذوها ووظفوها في لغتهم .واستغلوها في الصور الأدبية العربية، وبخاصة عند إدراجها في الشعر. وقد لقيت هذه الحكم عناية واهتماما بالغين خلال العصور، لطبيعتها الإنسانية والأخلاقية، فلم يقتصر الاهتمام بها على طلاب الفلسفة، وإنما شمل بعض الدارسين ممن كان يقف من الفلسفة موقف الحذر أو الإنكار، فأدرجت في كتب الأدب من مثل مؤلفات الجاحظ وعيون الأخبار لابن قتيبة والعقد لابن عبد ربه كما نثر أبو حيان التوحيدي عددا كبيرا منها في كتابيه البصائر والذخائر " و " الامتناع والمؤانسة " وفي كتب أخرى له لم تصلنا، ويبدو أن أبا حيان مر بمرحلتين: مرحلة النقل عن المصادر السابقة، في البصائر، وكانت معرفته بالثقافة الفلسفية لا تزال محدودة، ولذا فهو لا يسمي من الفلاسفة إلا قليلا، ويجعل تلك الأقوال مصدرة بقوله: " وقال فيلسوف " ومرحلة التعرف المباشر إلى الفلسفة عن طريق أبي سليمان المنطقي ومدرسته، كما يبدو ذلك واضحا في الامتناع . كما اهتم بها المؤلفون آخرون في موضوعات ثانية بتلك الحكم ( )
فإذا تجاوزنا هذه المصادر الأدبية والسياسية بحثا عن المصادر الأصيلة لتلك الحكم وجدنا أن العناية بها مرت في مرحلتين: مرحلة الترجمة في الحقبتين المشار إليها آنفا أعني فترة سالم الكاتب وفترة حنين بن إسحاق، على وجه لا يقبل الشك أن الحكم التي قالها الفلاسفة عند تابوت الاسكندر، كانت معروفة قبل حنين، وأن هذا ربما رجح ترجمتها في فترة سالم. وفي فترة حنين قام هو نفسه بترجمة كثير من الحكم وكذلك فعل ابنه إسحاق، وتلميذه اصطفن بن بسبيل، وأبو عثمان الدمشقي، أما المرحلة الثانية فهي مرحلة التنسيق والاستقصاء، وقد شغلت هذه المرحلة القرنين الرابع والخامس، والجهود التالية المبنية على ما بذل في هذين القرنين من جهد، وعلى ذلك يمكن ترتيب المصادر الأصلية لتلك الحكم على النحو التالي:
1 - كتاب نوادر الفلاسفة لحنين بن إسحاق( )
2 - صوان الحكمة الذي يقرن باسم أبي سليمان المنطقي( )
3 - الكلم الروحانية في الحكم اليونانية لأبي الفرج ابن هندو
6 - الأحاديث المطربة لابن العبري:
7 - روضة الأفراح ونزهة الأرواح لشمس الدين الشهر زوري:
8- جاويدان خرد أو الحكمة الخالدة لمسكويه: يجمع أقوالا حكمية للفرس واليونان والعرب والهنود
أما مظاهر التأثير في الكتاب العرب فتتجلى عند عدد منهم حاول أن يطبق التقسيمات المنطقية والاقتباس من أفكار اليونانيين الفلسفية مثل قدامة بن جعفر (322) وتتجلى مظاهر التأثر اليونانية عنده بما باتي:
1- في كلامه عن (الغلو) في المعاني وصحة التقسيم وصحة المقابلات وصحة التفسير وقد تأثر بفنون المنطق الأرسطية أما ما عدا ذلك من فنون بلاغية فإنها فنون عربية خالصة
2- من الآثار اليونانية أيضا نظرية الوسط في الفضائل وقوله : (( أن كل واحدة من الفضائل – النفسية- الأربع وسط بين مذمومين وقد وصف شعراء متقدمون قوما بالإفراط في هذه الفضائل))( ) فالشجاعة وسط بين الجبن والتهور والكرم وسط بين الإفراط والبخل وهكذا لبقية الفضائل وجعل بقية الفضائل فروعا من الفضائل النفسية
3- لكن ما ذهب أليه النقاد من أن قدامة تأثر في فنون أمور أدبية أخرى فهو مبالغ فيه لان تلك الأمور تعد من الأمور المتشابهة بين الأدبين اليوناني والعربي مثل عدم المدح بالمال أو كرامة الإباء أو ما يليق بأوصاف الجسم من البهاء والزينة وما جانس ذلك ودخل في جملته
ومن الملاحظ أن النقاد القدامى قد استفادوا كثيرا من كتاب نقد الشعر وبعضهم قد عابه( )وزيفه( )،حتى احتاج الأمر إلى وضع ميزان للترجيح بين قدامة وخصومه( ) وقد أثنى ابن حزم الأندلسي على الكتاب وقال : ((وأما من أراد التمهر في أقسام الشعر ومختاره وافانين التصرف في محاسنه فلينظر في كتاب قدامة . . . ))( )
أما المحدثون من النقاد مثل طه حسين الذي يرى أن قدامة هو شاهد الإثبات الأول في مسالة التأثير الارسطيي كما يعتبر كتاب (نقد الشعر ) أول ما ظهر من تشريع الفلسفة للأدب( ) ويرى طه حسين أن قدامة يشرع في أمرين
الأول : محاولته رد فنون الشعر كلها إلى المدح والهجاء ليخضعها كلها إلى نظرية أرسطو المتعلقة بالمنافرات
الثاني :متابعته لأرسطو في نظرية الغلو الذي يجيزه للشعراء في جميع الأحوال وللخطباء في أحوال خاصة
أما الأستاذ أمين الخولي فيعتبر قدامة ممثلا لمدرسة المتكلمين الذين يعنون ((بالجدل والمناقشة والتحديد. . . واستعمال المقاييس الحكمية المعتمدة على قواعد منطقية ))( ).
أما الأستاذ طه إبراهيم فقد جعل النقد الأدبي في القرن الثالث تتقاسمه ذهنيات أربع و قدامة يمثل الذهنية الرابعة غير أنه ذهب إلى ابعد من ذلك إذ يرى أن ذهنية قدامة بن جعفر أجنبية محضة لا تمت بسبب إلى القديم ولا تركن إلى أصل من أصوله المعروفة وإنما تستمد كل شيء من اليونان وتجتلب له الشواهد اجتلابا عنيفا من الأدب العربي( )أما الدكتور إحسان عباس فيرى أن تأثر قدامة واضح وبين بالمنطق: ((ومنذ البداية يبدو قدامة متأثراً بالمنطق الأرسطي، متجاوزاً المفهوم اليوناني للشعر، في آن معاً. فهو في حده للشعر، وفي حرصه على أن يكون ذلك الحد مكوناً من جنس وفصل يدل على أنه يترسم ثقافته المنطقية . . . وكان حريصاً على أن يكون علمه قائماً على منطق لا يختل، ولذلك حول النقد - مخلصاً في محاولته - إلى منطقية ذهنية وقواعد مدرسية ووضع له مصطلحاً ))( )
أما الدكتور محمد مندور فيرى أن التقاسيم الشكلية قد أذهبت قيمة الكتاب فرمى قدامة بالغباء وفساد الذوق والجهل بشؤون الشعر إذ يقول : (( فقد وهم أن ترديده لتقاسيم أرسطو كافية لتجعل منه ناقدا ونحن لا نستطيع أن نغتبط باحتقار الامدي لناقد كهذا وان كانت من العمق والسخف بحيث لا تحتاج إلى تبيين))( )
ويرى الدكتور بدوي طبانة أن تأثر قدامة لا يعدو منهج الدراسة وإقامتها على أساس من الفكرة العلمية فيقضي بذلك على فوضى الأذواق( )
أما الأستاذ محمد عبد المنعم خفاجي فيرى أن اثر أرسطو واضحا عند قدامة في كلامه عن الصفات النفسية التي جعلها أمهات الفضائل وذكر أن المديح لا يكون إلا بها( )
تلك هي ابرز الآراء التي قيلت في شخصية قدامة بن جعفر وكتابه نقد الشعر وما دار فيها من جدل حول تأثره بالأفكار اليونانية والمنطق الأرسطي والحق أن قدامة لم يكن ناقلا أو ناسخا من الأدب اليوناني أو يحتذي خطاه حذو الحافر للحافر وإنما يسير على منهجية علمية دقيقة تدل على معرفة واطلاع صاحبها على الآداب الأخرى وتضلعه بالأدب العربي منظومه ومنثوره وتبحره فيه فاخذ من الأدب اليوناني ما تصور أن يعينه على التخلص من فوضى الأذواق مع الإشارة إلى أن هنالك متشابهات بين الآداب المختلفة فالاستعارة والتشبيه وغيرها من المصطلحات البلاغية أمور متشابهة بين الآداب المختلفة لا يمكن تخصيصها لأدب دون أخر فلا تعد محاولة حصرها أو تقنينها محاولة ساذجة أو مخطوئة وإنما تؤخذ عليها بعض الملاحظات التي إذا طبقت لخرجنا بنظرية نقدية جادة ومهمة يستفاد منها النقد العربي
يقول الأستاذ عباس ارحيلة : ((وهو -قدامة- حين يقنن إنما كان يعيد النظر في الانجازات السابقة عليه ليبني مشروعا أصيلا يراعي خصوصية الشعر العربي))( ) وممن جاء بعد قدامة بن جعفر وتأثر بالمنطق الأرسطي





المصادر والمراجع
1- الأثر الأرسطي في النقد والبلاغة العربية (إلى حدود القرن الثامن الهجري):عباس ارحيلة ،ط1،مطبعة النجاح ،الدار البيضاء – تونس،1999.
2- الإمتاع والمؤانسة: أبو حيان علي بن محمد بن العباس التوحيدي(ت 400ﻫ)، تحقيق:محمد حسن محمد حسن إسماعيل و الدكتور رشدي شحاتة،ط1 ،دار الكتب العلمية ،بيروت- لبنان،200
3- البيان والتبيين: أبو عمرو عثمان بن بحر الجاحظ(ت255ﻫ)،اعتنى به :الشيخ زكريا عميرات ،ط1،دار الفكر العربي،بيروت- لبنان،2007م.
4- البيان العربي (دراسة في تطور الفكرة البلاغية عند العرب ومناهجها ومصادرها الكبرى): الدكتور بدوي طبانة ،ط5،دار العودة ،بيروت –لبنان،1972.
5- تاريخ النقد الأدبي عند العرب: الدكتور إحسان عباس،ط4،دار الثقافة للنشر ،بيروت- لبنان،1983.
6- تاريخ آداب اللغة العربية:جرجي زيدان،دار الحياة للطباعة والنشر ،بيروت- لبنان،1992.
7- تاريخ النقد الأدبي عند العرب:الأستاذ طه إبراهيم،ط1،دار أسامة للنشر والتوزيع،عمان- الأردن،2002م.
8- الحيوان :أبو عمرو عثمان بن بحر الجاحظ(ت255ﻫ):وضع حواشيه: محمد باسل عيون،ط1،دار الكتب العلمية،بيروت- لبنان،1989م.
9- الشعر والشعراء:أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري(ت276ﻫ)،تحقيق:عمر الطباع،ط1،دار الأرقم للطباعة والنشر،بيروت- لبنان،1418ﻫ- 1997م.
10- دراسات في النقد العربي:محمد عبد المنعم خفاجي ،دار الطباعة المحمدية بالأزهر الشريف.
11- فجر الإسلام:احمد أمين،ط2،مطبعة الانجلو المصرية،القاهرة- مصر ،1965.
12- ملامح يونانية في الأدب العربي: الدكتور إحسان عباس،ط1 ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر،بيروت- لبنان ،1977.
13- من حديث الشعر والنثر:الدكتور طه حسين،ط9،دار المعارف،القاهرة- مصر
14- النقد الأدبي عند اليونان:الدكتور بدوي طبانة ،ط1،مكتبة الانجلو المصرية ،القاهرة – مصر،1967م.
15- النقد المنهجي عند العرب: الدكتور محمد مندور ،دار النهضة للطبع والنشر،القاهر _مصر،1969.
16- نقد النثر :أبو الفرج قدامة بن جعفر بن قدامة بن زياد البغدادي (ت 337)،تحقيق:الدكتور عبد الحميد ألعبادي،ط2،دار إحياء التراث العربي،بيروت- لبنان،1994.
17- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان،تحقيق:الدكتور إحسان عباس،ط1، دار صادر،بيروت- لبنان،1994.



#اسامة_الحسناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسامة الحسناوي - ملامح التاثر والتاثير بين الادبين العربي واليوناني