أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن أنور الجمل - المتحولون وأنا














المزيد.....

المتحولون وأنا


سوسن أنور الجمل

الحوار المتمدن-العدد: 3496 - 2011 / 9 / 24 - 20:33
المحور: الادب والفن
    


ذهبت لزيارة اخت زوجى وزوجها لأهنئهم على عودتهم من رحلة العمره، أخت زوجى هى صديقتى الصدوقه، كنا زملاء فى فريق كرة السله فى النادى وكان زوجى وزوجها صديقين. كنا نحن الأربعه لا نفترق منذ طفولتنا إلى أن تزوجنا. كنا نمضى معظم أجازاتنا سويا، نسافر سويا، نسهر سويا نرقص سويا وأمضينا أسعد أيام حياتنا مع بعض.
لا أنكر المفاجأة التى أصابتنى عندما سمعت بخبر سفرهما إلى العمره، ولكننى اعتبرتها حرية شخصية مع بعض التحفطات والقلق من استمرار علاقتنا بنفس الصورة ولكنى مؤمنه أن الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضيه.
دخلت عند صديقتى لأجد المفاجأة الأولى، صديقتى التى كانت تسهر وترقص معى منذ شهور محجبه، لم أعلق على حجابها رغم الدهشه التى ظهرت على ولكنها حريتها الشخصيه، جاء زوجها الذى كان يسلم على ويقبلنى باعتبارى اختا له واعتذر عن السلام على باليد وكانت هذه المفاجأة الثانيه، يبدو أنها ليلة المفاجآت.
بعد السلام والمباركه والمجاملات البارده، بدءا يسردا لى رحلتهما العظيمة التى قاما بها وكيف أنهما أخيرا وجدا ضالتهما والراحة النفسية التى انتابتهما بمجرد نزولهما مطار جده، ورغم كل المشقات التى واجهاها هناك إلا أن الراحة التى وجداها هناك جعلتهما يشعران كأنهما غسلا من داخلهما.
وبدأ فى التلفاز برنامج حوارى الضيف فيه أحد المشايخ الجدد ذوى اللحى الذين أصبحوا الآن نجوم الفضائيات، بدأ الحوار كعادة هذه البرامج بالترحاب بالضيف الجليل الداعية الاسلامى المعروف، الذى لا أعرفه انا شخصيا ولكن المذيع يدعى أنه معروف، ويبدو أنه عضو فى أحد الجماعات الاسلاميه التى تشتغل الآن بالسياسه وبدأت الأسئلة مثال إذا وصلتم للحكم ما هو موقفكم من السياحه وما هو موقفكم من الأقباط وما هو موقفكم من المرأة، وجاءت الردود جميعها صادمه ومستفزة بالنسبة لى، ففى بداية ظهور هؤلاء الاسلامجيه كانت ردودهم باستحياء وبها العديد من التلاعب بالكلمات ولكنهم الآن يردون بمنتهى الحده والقوه، يصفون الأثار بالأصنام التى يجب هدمها والتخلص منها والمعاملات البنكيه ربا والمرأة وعوراتها التى يجب أن تحفظ فى صندوق أو قل مقبره حتى لا يراها أحد والأقباط ودفع الجزيه وعدم اشتغالهم بالجيش، ردود كلها بلهاء وجوفاء ولكنها حاده وصادمه.
كانا يتابعان الحوار باهتمام وتركيز بالغ، وكنت مستفزة استفزاز بالغ وعلقت تعليق عابر "مين المتخلف ده "، وكانت مفاجأة أخرى، فقد ردا الاثنين معا " استغفر الله العظيم" فتساءلت بدهشة لماذا تستغفران الله، أنا لم أقل شيئا عن الله أو عن الدين ولاحظت امتعاض على وجههما وأننى أصبحت شخصا غير مرغوب فيه، فاستأذنت وتركتهما يستكملا متابعتهما للبرنامج وأيقنت أن علاقتنا الحميمة لم يعد لها وجود.
أنا وصديقتى تخرجنا سويا من كلية التجارة ونعمل معا فى بنك أجنبى أى نعمل فى الربا وبالتالى فمرتباتنا حرام، زوجى مهندس كمبيوتر فى إحدى الشركات متعددة الجنسيات أى يعمل مع أجانب منهم المسيحيين واللادينيين وضحكت عندما تذكرت أن مديره مسيحى ممن سيدفعون الجزيه وزوج صديقتى يعمل كمدرس فى كلية الصيدلة أعتقد أنه سيبدأ بتدريس الطب النبوى والعلاج بالرقيه، منذ بداية علاقتنا ونحن الأربعه لانفترق ولانختلف، لم أفهم هذا التحول السريع الذى حدث لأصدقاء عمرى.
ذهبت إلى البيت لأجد زوجى فى انتظارى وعلى وجهه بعض علامات الغضب، تصورت أن مكروها حدث فى عمله وسألته ماذا به ورد على بسؤال " ايه اللى حصل عند اختى؟"
"هى اتصلت بيك؟" وكلى دهشه.
"جوزها هو اللى كلمنى... أنا مش فاهم انتى عايزه ايه بالظبط" وبدأ صوته يعلو على غير العاده وبدأ يتكلم بحدة بالغه "انتى عايزه تفضحينى"
"أفضحك يعنى ايه؟"
"لما تروحى عند الناس وتغلطى فيهم وكمان تغلطى فى كلام ربنا دى مش فضيحه......."
لم أسمع باقى كلامه، من هذا الرجل، انه يشبه زوجى ولكنه ليس زوجى، لا اتسطيع أن أصدق أن هذا الرجل هو الذى أحببته ست سنوات وتزوجته ثلاث سنوات، وكنا نرقص سويا ونمضى أجازاتنا فى شرم الشيخ أو الغردقه أوالأقصر وأسوان، وكنا نخطط لقضاء أجازة رأس السنه فى تركيا، وفوجئت به يقول " مش كفاية انك لحد دلوقتى مش متحجبه".
محجبه؟؟؟ لقد كنت ارتدى مايوه منذ شهور قصيره، ما هذا الذى يحدث لا أفهم، ماذا يقول هذا الرجل، هل هذا حقا زوجى؟ متى وكيف تحول هكذا... انها حقا ليلة المفاجآت الصادمه.
"اعملى حسابك انتى لازم تروحى مع اختى تحضرى دروس الحاجة فكريه"
سألته "مين الحاجه فكريه دى"
رد على "دى ست محترمه بتاعة ربنا، روحى لها تعلمك دينك وتعرفك أصوله بدل العلمانيه والليبراليه اللى قاعده طول النهار تتكلمى عنهم" كان يشاركنى الحديث عن العلمانيه والليبراليه بل وكنا متفقين فى آرائنا.
وإذا به يقول " الحمد لله اننا ماخلفناش... أنا مش فاهم انتى ازاى ممكن تربى أطفال؟"
هذا الرجل لايأتمننى على تربية أطفالى، لقد اتفقنا منذ بداية زواجنا على تأجيل الانجاب لنستمتع بحياتنا الزوجيه، نحن كثيرى السفر والخروج والسهر، نعمل بمنتهى الجد ونستمتع أيضا بمنتهى الجد، نحضر ندوات ثقافيه وسياسيه، نحضر حفلات فى الأوبرا ومعارض فن، لنا مجموعه كبيره من الأصدقاء والصديقات ولنا حياه اجتماعيه ونحيا بصورة طبيعيه.
وفجأة بدأت استعرض اخر ثلاث شهور فى حياتنا، بالكاد أصبحنا نتقابل مع أصدقائنا، لم نمضى أجازة العيد فى شرم الشيخ كما كنا نخطط، لم نعد نسهر كما تعودنا وقد كنت أرجع هذا إلى الحاله الأمنيه والقلق الذى تعيشه البلاد ولكن كيف لم ألحظ البرامج التى أصبح يتابعها والمقالات التى يقرأها. كيف لم ألحظ أنه أصبح يرفض حضور الندوات واللقاءات الفكريه التى كنا معتادين على حضورها. كيف لم ألحظ فترات الصمت التى كانت تجمعنا فى الثلاث أشهر الماضيه وكيف لم ألحظ الحوار المبتور بينى وبين صديقتى. أنها ليست ليلة المفاجآت ولكنها ليلة الادراك.
كان زوجى مازال يصرخ ويبالغ فى حدته، لم أسمع شيئا من صراخه سوى "انتى مابترديش ليه؟"
وكان ردى هو كلمه واحده فيها قرار بانقاذ حياتى "طلقنى".






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة العوده إلى الغربه


المزيد.....




- “ثبت الآن بأعلى جودة” تردد قناة الفجر الجزائرية الناقلة لمسل ...
- الإعلان عن قائمة الـ18 -القائمة الطويلة- لجائزة كتارا للرواي ...
- حارس ذاكرة عمّان منذ عقود..من هو الثمانيني الذي فتح بيوته لل ...
- الرسم في اليوميات.. شوق إلى إنسان ما قبل الكتابة
- التحديات التي تواجه الهويات الثقافية والدينية في المنطقة
- الذاكرة السينما في رحاب السينما تظاهرة سينما في سيدي بلعباس
- “قصة الانتقام والشجاعة” رسمياً موعد عرض فيلم قاتل الشياطين D ...
- فنان يعيش في عالم الرسوم حتى الجنون ويجني الملايين
- -فتى الكاراتيه: الأساطير-.. مزيج من الفنون القتالية وتألُق ج ...
- مسرحية -أشلاء- صرخة من بشاعة الحرب وتأثيرها النفسي


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن أنور الجمل - المتحولون وأنا