أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بهاء أبو زيد - التعريص والانتقاء الطبيعي














المزيد.....

التعريص والانتقاء الطبيعي


بهاء أبو زيد

الحوار المتمدن-العدد: 3492 - 2011 / 9 / 20 - 06:42
المحور: كتابات ساخرة
    



الجُبن ونفاق الأقوى، وقهر الأضعف، وحب الاستقرار حتى لو على حساب المستقبل، والتخاذل عن نصرة المظلوم بل ومهاجمته ولومه، والتماس العذر دائمًا للظالم وغيرها من الصفات الشبيهة يمكن تلخيصها بلفظة مصرية عبقرية وهي “التعريص”. وبالرغم من أن هذه الكلمة لها أصل عربي فصيح، وأن الكلمة لا علاقة لها بالجنس إلا أن المصريين يعتبرونها كلمة خارجة و”قبيحة” وهذا ما لا أفهم سببه. ولكني لا أعتبرها كلمة خارجة، وأدعو المصريين لاستخدامها في حياتهم اليومية بدون تحفظ أو حرج فهي كلمة لا يوجد لها مرادف آخر بهذه العبقرية.

والتعريص في رأيي هو الخلق المسؤول عن فشل كل محاولات الثورة والتخلص من الاستبداد، ودائما ما كان التعريص هو الوقود الذي يستغله المستبد ليشعل نار الاحباط في صدور الأحرار بجعل الغالبية المعرصة تلعن الحرية وتطالب بإسقاط الديمقراطية وتسب الثوار والثورات. ولكن لماذا انتشر التعريص في شعوب معينة ولم ينتشر في شعوب أخرى؟ لماذا انتشر في مصر ولم ينتشر في إيران مثلا؟ لماذا يهاجم دائمًا المصريون الشعوب الثورية الطبيعة والتي لم ينتشر فيها التعريص ويصفونها بأنها شعوب دموية؟ الإجابة في رأيي موجودة في العلم، الإجابة هي الانتقاء الطبيعي.


يمكن تلخيص فكرة الانتقاء الطبيعي، الفكرة العبقرية لتشارلز داروين، في أن الكائنات الحية عندما تتكاثر يحدث في بعض الأحيان أخطاء عشوائية في انتاج الأجيال الجديدة (طفرات)، أغلب هذه الأخطاء تنتج كائنات بها مشكلات تجعلها أقل كفاءة من الكائنات التي أنجبتها، ولكن بعض هذه الطفرات تنتج بالصدفة صفات جديدة في الكائنات الجديدة تجعلها تمتلك ميزات في البقاء غير موجودة في الجيل الذي أنجبها، وعند إذ يقوم الانتقاء الطبيعي بانتقاء هذه الكائنات ذات الميزات البقائية ويتركها لتعيش وتتكاثر ويقوم بإبادة الكائنات الأخرى التي لا تمتلك تلك الميزات. والانتقاء الطبيعي هو مجرد الظروف الصعبة التي يعيش فيها الكائن من وفرة وندرة في الغذاء وكوارث طبيعية وتنافس مع كائنات أخرى بعضها ينافس الكائن في الغذاء وبعضها يريد أن يفترس هذا الكائن. وبتراكم تلك التغييرات البسيطة تتنوع الحياة على الأرض ويحدث التطور. فكرة قاسية لكنها حقيقية ومثبتة علميًا، فالحياة مؤسسة على القسوة.

والظروف في مصر (على سبيل المثال) تجعل الكائن المعرص ذا ميزة بقائية أفضل من الكائن الثائر أو الشجاع أو المغامر. فمصر دولة زراعية يأتي إليها النيل كل عام بدون مجهود ويقوم بري الآراضي من تلقاء نفسه مع بعض العمل الغير خطير من الفلاح المصري يصبح لدى المصري الطعام الكافي لبقية أيام العام، فالبيئة الزراعية ليست في حاجة إلا شجعان أو مغامرين وليس لديهم أي ميزة بقائية، بالعكس الشجعان والمغامرون لديهم عيب بقائي تمثل في أن مصر ظلت طوال تاريخها محكومة، بدون أي استثناء، بحكومة مركزية مستبدة يتحكم فيها فرد واحد فقط مما خلق مناخًا ينتهي الحال بالشجاع أو المغامر مشنوقًا أو ميتًا في السجن أو ميتًا من الجوع والفقر.

في بيئة تعطي المعرص ميزة بقائية، وتعطي الشجاع عيب بقائي ومع مرور آلاف السنين يتبقى في النهاية أجيال معظمها معرص وينقرض فيها الشجاع والمغامر، وكل هذا طبيعي ومفهوم لأن الغرض الوحيد للحياة هو البقاء. وهنا البقاء يكون للأكثر تعريصًا.

وأنا أعتقد أن هذا التوازن بين المعرصين والشجعان لن يتغير لصالح الشجعان إلا إذا حدث شيء ما يعطي ميزة بقائية للشجعان والمغامرين، مثل أن تتعرض الأرض لعصر جليدي جديد، يحول نشاط المصري من الزراعة إلى الصيد ويضطره لأن يعيش في ظروف قاسية تتطلب شجاعة ومغامرة.

ملحوظة: أرجو ألا يُعرَّض هذا المقال لأي تحليل منطقي، فهو في أغلبه هزلي، ولكنه هزل جاد جدًا. ومن الإحباط ما جنن.



#بهاء_أبو_زيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ستيفن هوكينج يسأل: ما هو الواقع؟


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بهاء أبو زيد - التعريص والانتقاء الطبيعي