أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمين المهدي - كتاب: -الثورة المصرية بين القلعة والمعبد- الباب الأول: -السقوط-















المزيد.....



كتاب: -الثورة المصرية بين القلعة والمعبد- الباب الأول: -السقوط-


أمين المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3487 - 2011 / 9 / 15 - 08:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الإسكندرية في سبتمبر 2011


كتاب: "الثورة المصرية بين القلعة والمعبد"

الباب الأول: "السقوط"


تأليف: أمين المهدي


أكتب لكي لا تتحقق النبوءة الشعرية للصديق الراحل أمل دنقل:

"خلف كل قيصر يموت.. قيصر جديد .. وخلف كل شهيد .. أحزان بلا جدوى ودمعة سدى"

( من قصيدة كلمات سبارتاكوس الأخيرة )



سقوط الفرعون أم الفرعونية؟

المشاهد الأخيرة فى القصص الكبرى للشعوب مثلما في الدراما ، عادة ما تقود إلى التطهر من خلال الكشف عن الغاز الأحداث السابقة عليها ، وعبر إضاءة حقيقة شخصيات أبطالها ، مابين تعقيداتها ومراوغاتها وشرورها وسفليتها وبين أشواقها وخيرها ومثلها العليا .
هذا بالضبط ما أحاط بسقوط الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك – وان لم يكتمل سقوط نظامه بعد - ذلك السقوط المجلل بالعار والجريمة ، بعد ان أصبح العدو الأول لشعبه ، وفى المقابل شعب اكتشف طاقته وجسارته في التحرك الاخلاقى المدني السلمي فى اتجاه الحرية والكرامة والعدالة ، على نحو متدفق مذهل وجميل ، فرض ديناميكيته الهائلة على كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية ، والي درجة الفزع لبعضها ، واحل عيدا حقيقيا للحرية محل عيد لأجهزة القهر والبلطجة واللصوصية اتكا زورا على التاريخ الوطني ، وكتب به المصريون سفر تكوين جديد لهم وللشرق الأوسط خلال ثمانية عشر يوما ، أصابت التاريخ بالشلل ، وبعثت الحياة في الأمكنة المنسية التي التمعت بالدم الباحث عن الكبرياء ، وحركت الجغرافيا العتيقة حتى ان بلدة سيدى بوزيد الريفية التونسية انتقلت الى فضاء مصر ، وتجول المنتحر العظيم محمد البوعزيزى في طرقات مصر يقدم درس فناء الجسد من اجل ارتقاء الحياة ، مدللا على ان الثقافة العربية يمكن أن تقدم انتحارا نبيلا بديلا عن خسة الانتحار الاجرامى "المبارك" لقتل الآخرين –لا تغادر ذاكرتي صورة الشاب السكندري الذي كشف صدره وتقدم في لحظة اقرب إلى إرادة الخلق منها إلى الفناء في مواجهة جماعات مبارك الإجرامية فأطلقوا عليه الرصاص - وأصبحت قصيدة "إرادة الحياة" للشابى قوس قزح في سماء الثورة ، وهكذا اثبت المصريون جدارتهم بحمل رسالة الثورة وتسفيرها لكل الدنيا ، وإنهم جزء حي نضر في الجماعة الإنسانية منها واليها يعودون .
لكن المشاهد الأخيرة كشفت أيضا وبالضرورة كم هو حجم الخرافة والجريمة والظلم الجاثم على صدر المجتمع المصري ، كما كشفت عن تجذر وعمق ثقافة الدولة المركزية العاتية فى تسلطها السياسي والاقتصادي والاعتقادى والإجتماعي والثقافي مخصوما من قوة المجتمع وحرياته وحقوقه الى درجة مرعبة تشكك فى ان الخلاص قريب وأكدت أن استراحة الثائر لم تحن بعد .
لكل ما سبق اعتقد ان كل عناصر الكشف تتبلور عند استعراض التاريخ السياسي‎ ‎(أو اللاسياسى) للرئيس المخلوع الذى يشير بقوة الى البيئة‎‏ او الحضانة التى يتوالد فيها الطغاة في مصر ، والى الثقافة التى تضفى الشرعية على الجرائم وعلى تهديد السلم المدني وتبرر الاستباحة للكرامة الإنسانية وللأعراض ولثروات المجتمع وللمجهود الانسانى ، ولما كانت المشاهد الأخيرة تتضمن أيضا وعلى نحو كلاسيكي ومتكرر ، قيام وكلاء الطاغية وخدامه وببغاواته بتغيير الريش والجلود ، وإشاعة الشك والضبابية فى كل الأحداث والمعلومات ، وإجراء النيولوك المناسب سعيا لدور قذر في عصر أخر ، ناهيك عن حرب الدعاية السوداء التى تشعل نيرانها الايدى الخفية القذرة ، لذا أجد من المناسب البدء من لحظة سابقة على تلك اللحظة الثورية ، وهى اللحظة التي تشمل الأحداث الطائفية الدموية
في ضاحية العمرانية فى محافظة الجيزة ، متداخلا معها التزوير الفاجر لما سمى بالانتخابات التشريعية في الثلث الأخير من شهر نوفمبر الماضي ، ثم مجزرة كنيسة القديسين في الإسكندرية في الساعة الأولى من العام الحالي .

مجزرة الكنيسة وقيمة الإنسان

لما كنت من شهود مقدمات هذه المجزرة في اليوم السابق اى اليوم الأخير من العام السابق ، حيث قام بعض خدام ووعاظ المساجد بالصراخ ضد الأعياد المسيحية ولعن من يشارك فيها بل وتكفيره(لاحظ انهم يتحدثون عن عيد يجمع الإحتفال به كل البشرية) ، وتظاهرت جماعات سلفية / بوليسية أمام مسجد القائد إبراهيم في احياء "مريب" فى توقيته للقصة الركيكة عن سيدة مسيحية قيل أنها أسلمت واختطفتها الكنيسة ، يستطيع اي شخص التعرف علي البصمات الرسمية القذرة في السلوك العلني لجماعات التطرف والإرهاب وفي التصرف بطمأنينة وثقة . بعدها كنت من شهود موقع المجزرة ، وكانت الدماء وبعض أشلاء الضحايا ماتزال على الجدران والأشجار ، فيما هتفت بعض الحشرات البشرية السامة امام كل هذا القدر من الظلم والإجرام والمهانة للكرامة الإنسانية "الله اكبر" (هل كانوا يفهمون حقا معني العبارة؟) ، ثم لاذوا بمسجد قريب كي يدللوا لنا علي نوع واهداف العقلية الكامنة وراء ملاحقة المسجد للكنيسة والتي قال عنها د.أحمد الطيب شيخ الأزهر : "انها رزالة"، وكانت كل الشواهد تقود إلى احتمال متزايد بان الحادث كان من تدبير نظام مبارك ، وإذا وضع في السياق العام-أنذاك- يصبح الاحتمال اقرب إلى التأكيد ، وهو ما قلته بعد الحادث بأيام قليلة في برنامج على قناة الآرامية الفضائية مع الإعلامي مجدي خليل حيث اتهمت مبارك وجهاز امنه مباشرة بتدبير الجريمة ، واضفت ان نظام مبارك قصد من هذه المجزرة ومن أحداث العمرانية إشعال اضطرابات طائفية واسعة تفرق المجتمع لامتصاص الغضب الاجتماعي ، وتغطى على التزوير وتزييف إرادة المجتمع ، والاهم ان تمهد للسطو البيولوجي على السلطة في هيئة توريث ، والذي لايمكن ان يتم في ظروف هادئة او مستقرة ، تماما مثلما جاء مبارك نفسه في ظروف مضطربة اغتيل خلالها قادة الجيش واشتعلت فيها الفتنة الطائفية في الزاوية الحمراء واختتمت باغتيال الرئيس السادات ، وبالتأكيد كان لمبارك دور في كل ذلك وهو ما سأعالجه لاحقا ، وتأكدت هذه الإدانة فيما بعد نتيجة اعترافات قدمها اثنان من الجناة هربا من مبنى لأمن الدولة في محافظة الجيزة خلال أحداث الثورة إلى السفارة البريطانية خوفا من عملية "التنظيف" بعد الجريمة هما المتعاون مع الأجهزة احمد محمد خالد وكان سجينا سابقا علي ذمة قضية ارهاب والأخر محمد عبد الهادي زعيم تنظيم ارهابي يسمي جند الله ، واعترفا أنهما كانا احد المجموعات التي تشكلت فى جهاز امن الدولة في 2 ديسمبر 2010 من الضباط وأعضاء جماعات متطرفة وبعض الخارجين علي القانون جندوا ودربوا في فترة السجن ، وعددها 22 مجموعة موزعة علي اساس جغرافي ، تحت اسم القيادة77 ، وكانت مجموعتهم تحت قيادة الرائد فتحي عبد الواحد وهو من قام بتفجير السيارة المفخخة عن بعد وداخلها زميلهم عبد الرحمن احمد بعد ان خدعه ثم تخلص منه بهذه الطريقة كجزء من عملية التنظيف (عن تقرير للمخابرات البريطانية m.i.6 وصلني من صديق ، وكان التقرير قد قدمه دبلوماسي بريطاني الي دوائر قصر الإليزيه لتبرير مطالبة بريطانيا بتنحي مبارك ، ونشر بعد ذلك علي عشرات المواقع بعدة لغات ومنها موقع ‎ ‎ ( ‎‎‎‎‎ ‎altayyar‎‏ ) اللبناني والموقع الخليجي ( arabian business‏ ‏‎)‎ ‎في 9 فبراير ؛ثم نشر موقع جريدة اليوم السابع في 3 مارس وثائق تسربت من مقرات جهاز امن الدولة بعد ان هاجمه الثوار اكدت بشكل دقيق صحة التقرير البريطاني) غير أن الأهداف كلها فشلت لان الغضب الاجتماعي والوطني كان قد تجاوز حده الحرج فابتلع كل اختلاف مصطنع او طبيعي في المجتمع . كتبت في30 سبتمبر الماضي مقالاً بعنوان "العرب وعولمة القسوة: مصر كمثال"، أوردت فيه إن هزيمة مبارك تساوى قطع نصف الشوط إلي هزيمة أنشطة الأصولية والإرهاب المتاسلم على مستوى العالم ، ولذلك لم يكن مثيرا لاستغرابي خروج الرئيس مبارك بعد يوم واحد من المجزرة ليصرح أن ايادى خارجية وراء الحادث ، في ذات الوقت كان ميدان الأدلة الجنائية مفتوحا على مصراعيه لكل من هب ودب ، ليدلل على انه ليست هناك نية حقيقية لإجراء تحقيق جاد (كان قاع البحر امام بيروت ضمن ميدان الأدلة الجنائية في جريمة اغتيال رفيق الحريري) ، وهو ما فضحته ايضا الفوضى التى ضربت اطنابها فى كل عمليات التحرى والتحقيق والتخبط الاعلامى بعد الجريمة . واذا كنت لا أستطيع إن افصل بين تصريحات د.سليم العوا المثيرة للصدمة في قناة الجزيرة الوهابية في 16سبتمبر 2010 عن وجود اسلحة ومتفجرات في الاديرة والكنائس وبين التمهيد لجرائم نظام مبارك الوطنية الطائفية علي الاقل في ترتيبها الزمني وملابساتها ؛ إلا انني لا أستطيع ان افسر انزلاق د.حسن نافعة وطوال النصف الأول من شهر يناير في ترديد خدعة عن احتمال قيام تنظيم مسيحي خارجي بتفجير الكنيسة في حين ان اي ربط وتحليل هاديء للأحداث قبل وبعد المجزرة كان سيكشف عن شبهة او دور ما للنظام الحاكم في أقل تقدير ، وأضيف انه كان عليه -ولازال- ان يقدم تفسيرا لذلك بعد الإنكشاف الكامل لأبعاد الجريمة والجناة وهو ما يفرضه عليه دوره الوطني ، نظرا لأن هذه المجزرة معبأة بدلالات ومفاهيم عن العلاقة التاريخية بين السلطة والدولة وبين المجتمع في مصر ، وتعكس القيمة الإنسانية المتدنية للمصريين عموما وقيمة الأخر خصوصا في منظور الدولة المركزية ، والطاغية المصري . كان تكرار هذه الفوضى وهذا التخبط الذي ينتهي قضائيا وعلى الدوام إلى لاشيء في كل أحداث الفتن الطائفية التي بلغت 130 حادثا جسيما تقريبا خلال ثلاثة عقود ، والتى تقارب ثلاثة امثال كل ما حدث خلال 180 سنة سابقة على حكم الرئيس مبارك ، يؤكد إننا أمام قانون وسياسة مستقرة لنظامه ، وعلى وجه أدق أمام جرائم منظمة ضد الإنسانية . كان التطرف والإرهاب اذا من بعض الوسائل السياسية لهذا اللانظام ، وذلك يضع علامات استفهام كبرى امام تصريحات د.سليم العوا وكتابات د.محمد عمارة وأقوال الأنبا بيشوى وجميعهم من المقربين إلى النظام ، وهم يقدمون لنا أحد الجوانب الخطرة والنتائج الكارثية للحيلة الفاسدة التي تضع العلم والمعرفة في خدمة الغيب ثم تبحر اكثر في مستنقع الفتنة بالمساجلة والتلاسن الطائفي من اجل تفضيل غيب علي غيب ، غير إن هذا الاستعمال للتطرف لم ينحصر عند حدود الجرائم الوطنية الطائفية ، ولكنه امتد الى اغتيال انصار السلام مثل د.فرج فوده والروائي نجيب محفوظ ، والذي تولت قيادات الإخوان وشيوخهم وشظاياهم تقديم التغطية الدينية والأليات لهذا الإرهاب ، بالإضافة إلى من قدموا التغطية العروبية له ، في حين أنها كانت لحساب ما سمى بقائمة المقاطعة العربية "البعثية" التي شملت الفنان محمد عبد الوهاب ود.عبدالعظيم رمضان و د.احمد زويل وكاتب هذه السطور ومئات من المثقفين المستقلين في أنحاء العالم العربي مع مباركة حكم عائلات التخلف الثري في دول الخليج والسعودية ، انها شباك الظلام التي أسدلت علي العقل المصري طوال حكم عصابات مبارك . وقد يذكر البعض تهجم الكاتب فهمي هويدى على د.احمد زويل وعلى كاتب هذه السطور على صفحات جريدة الأهرام الحكومية والتي كانت تنشر متزامنة في جريدة السفير اللبنانية البعثية وأستند في هجومه علي شخصي الضعيف مع أربعة من المثقفين المستقلين العرب إلي كتاب من كتب النميمة البوليسية اعدته المخابرات السورية باسم واحد من أخوة النضال المكيف البعثي الفلسطيني هو بلال الحسن بعنوان: "ثقافة الإستسلام" كل ما فيه مفبرك علي نحو شاذ، وبالطبع لايمكن ممارسة حق الرد أو مقاضاة جريدة رسمية وكاتب رسمي أصولي أمام قضاء رسمي غير مستقل .
واقرب إلى الذاكرة من النسيان حصول "الفزاعة" أي الإخوان المسلمين على نسبة 20% من مقاعد برلمان مبارك في 2005 ضمن خطة استعمال الفزاعة في الداخل والخارج ، وقال المرشد العام مهدي عاكف أن ذلك كان اتفاقا مع الأمن (المصري اليوم 24-10-2009)، وللدقة شملت تلك الاتفاقات كل دكاكين المعارضة الرسمية

الجلاد الدولي

إذا كان الرئيس المخلوع لم يدخر جهدا في الداخل للعمل ضد أنصار السلام والديموقراطية وضد وحدة المجتمع ، فانه عندما اختار –تحت ضغط الثورة- أول نائب له بعد ثلاثة عقود تقريبا ، كان هو ساعده الأيمن مدير جهاز المخابرات الاجرامى "السيادي" اللواء عمر سليمان الذي لقبه الصحفي البريطاني ستيفن جراى بالجلاد الدولي في كتابه "الطائرة الشبح – The Ghost plane" وتبين بعد ذلك طبقا لوثائق ويكيلكس إن ذلك الجلاد كان يرتبط بخط ساخن سرى مع وزارة الدفاع الإسرائيلية يستعمل بصفة يومية ، وان ضابط الملف يدعى ديفيد هاشام ، وكان سليمان هو مرشح إسرائيل الأول لخلافة مبارك .
كان اهم المدافعين "المباشرين" عن مبارك فى اللحظات الأخيرة لدى الولايات المتحدة هم عائلات الثراء المتخلف الحاكمة في السعودية والخليج وحكومة اليمين الصهيوني ، تدليلا على أن الرئيس المخلوع كان بمثابة برج بابل للتحالف الرجعى العربي مع قوى التوسع والحرب العنصرية اليمينية فى إسرائيل ضد مصالح الشعوب وضد الديمقراطية والسلام.
وإذا أضفنا إلى ما سبق تمتعه بالدعم غير المسبوق من الحكومات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة طوال فترة حكمه المملة ، ورواج الأكاذيب التي أحب الجميع أن يصدقوها عن ان مبارك هو السد المنيع ضد وصول الإسلام السياسي إلى السلطة ، وانه الضامن لمعاهدات السلام ، والوسيط الفعال من اجل المصالحة الفلسطينية ، والحليف القوى في الحرب ضد الإرهاب ، وكان تعليق أمير قطر له مغزى في هذا السياق إذ قال طبقا لوثائق ويكيلكس: "ان مبارك لا يشغله اى شيء لا السلام ولا المصالحة ويشغله شىء واحد هو أن يضع ابنه في كرسي السلطة" .
ما سبق هو مجرد إشارات إلى السياسات الداخلية والخارجية للطاغية ، ولكنها تكفى لطرح السؤال المفتاح وهو: كيف حول مبارك كل هذه التناقضات الى ضمانات إقليمية ودولية لاستمراره في الحكم؟، وبالرغم ان مصر في ظل حكمه تحولت إلى اكبر مصدر للأصولية والإرهاب وهجرات الجياع الغير شرعية ناهيك عن 20 مليون علي الأقل يقيمون في العشوائيات واعداد متزايدة من الفائضين عن الحاجة ومن لا يصلحون للاستخدام الاجتماعي نتيجة انهيار الأداء في كل أنشطة الدولة واضعاف المجتمع كسياسة ثابتة .

سيرة ذاتية

جاء مبارك من فئة الكادحين الريفيين ومن محافظة المنوفية الأكثر تكدسا بالسكان والاقل موارد على مستوى مصر كلها ، حيث ثقافة بطريركية تتصف بالركود والانفلاق والمحافظة وتستعصى على التغيير ، ثم التحق بالحياة العسكرية المحافظة والمتحفظة أيضا ، والتي كانت تحكمها التقاليد العثمانية والأداء السوفيتي ، وفى ظل شمولية الحكم الشعبوى منذ تأسيس الجمهورية العسكرية الريفية فى 1952، كان الوصول الى القيادة فى كل المؤسسات يحكمه الولاء والعلاقة مع الأجهزة السرية وليس الكفاءة ، وعرف عنه الميل الى العنف البدني واللفظي في التعامل مع مرءوسيه إلي درجة الشراسة ، والنفاق المبالغ فيه مع رؤسائه . خلال حرب أكتوبر وعندما كان مبارك قائدا للسلاح الجوى ، كانت المشاهد الاولى للحرب اقرب الى المعجزة من حيث البسالة والبراعة في الأداء أثناء عبور القناة في المشهد الأول للحرب ، وما سبقها من تحضير سياسي فعال على المستوى الداخلي والاقليمى والدولي ، إلا أنها كانت مجرد حرب "تحريك" ، كما قال قائد الحرب الرئيس السادات ، اى أنها كانت محدودة الهدف ومحدودة المدة بما يتناسب وحدود القدرات ، وفى حدود كونها مجرد حلقة في خطة سياسية واسعة اتسمت بالبراعة ، ولذا دارت الحرب على الاراضى المحتلة في مصر وسوريا دون أن تمتد باى درجة إلى المجال الجوى والبرى والبحري لإسرائيل ، ونتيجة لذلك وللعديد من العوامل والمحددات الأخرى انتهت الحرب بعبور واختراق وتطويق إسرائيلي غرب قناة السويس بواسطة خمسة فرق مدرعة ومشاة ميكانيكي ، وسيطرة جوية ساحقة ، ولم تكن الأوضاع علي الجبهة السورية اقل سوءا وهكذا أنتهت الحرب على الجبهتين المصرية والسورية بهزيمة عربية عسكرية فرضت عليهما طلب وقف اطلاق النار بالرغم من انهما من بدءا بالحرب ولم تقبل اسرائيل وقف اطلاق النار عمليا الا بعد خمسة ايام ، وأنا اعتمد هنا على مصادر متعددة من بينها وثائق الامم المتحدة والكتاب المصادر في مصر "الفرص الضائعة" للواء
أمين هويدى مدير المخابرات ووزير الحربية السابق .
خلال العبور والاختراق الاسرائيلى ظهرت أول قسمات شخصية مبارك التي تدور حول نفسها دون أن تعبا بالواقع وحقائقه ، ذلك أن الاستطلاع الجوى نصح ثلاثة مرات بضرورة تركيب "عجلات الصواريخ" في المقاتلات للتعامل مع مدرعات رأس الجسر الاسرائيلى ، لكن مبارك وفى عناد صخري أصر على تركيب قنابل زنة 250 رطل التي لا تتصف بالدقة ، وربما كان السبب خلفيته كقائد للقاذفات الثقيلة ، التي لم تستعمل في الحرب مع إسرائيل بقدر ما استعملت في اليمن والسودان ، وربما كان ذلك احد أسباب استفحال هذا الاختراق ، وسبب احتفاظ الرئيس مبارك بملف أسرار الاختراق في مكتبه طبقا لرواية اللواء فؤاد نصار رئيس جهاز المخابرات السابق ، وبعد أن رفض جميع القادة تحمل مسئولية الشهادة والبحث فيها !! (المصري اليوم 19-7-2007)، وبالتأكيد هذا
هو سبب التهوين من ذلك الاختراق وتسميته "ثغرة" جريا على العادة مثلما أطلق اسم "النكسة" على كارثة حرب يونيو 1967 ومن قبلها هزيمة 1956 التي سميت بإنتصار ناصر نتيجة ظروف الحرب الباردة أنذاك.

شره التسلط وغياب المسؤولية

قال الأمير نور دوم سيهانوك ردا على سؤال حسنين هيكل عن الجنرال لون نول الذي قاد انقلابا عسكريا ضده: "جئت به إلى القيادة لأنه ضعيف يمكن التحكم به، ولكنه كان ضعيفا أمام اعدائى أيضا".
اختار الرئيس السادات نائبه حسنى مبارك في ظل نظام اوتوقراطى وخلال تحولات إستراتيجية حادة صرفت انتباه الرئيس إلى إدارة العلاقات الخارجية المعقدة ، بعد أن أوصلته خطته السياسية إلى أن سار أسرع وابعد عن البيئة السياسية والثقافية الراكدة في الشرق الأوسط ، وبالرغم من أنه كان دكتاتورا إلا أنه كان لديه مشروعا سياسيا ، ومستبصرا بالمستقبل بأكثر من قدرة هذه البيئة على الاستيعاب ، وخاصة إمكانية الحل السلمي الفعال للصراع العربي الإسرائيلي .
انخرط الرئيس السادات في حرب الخليج الأولى ضد إيران ليس حبا في صدام ولكن كراهية لنظام الملالى ، ومرتبطا بالتوجهات الأمريكية والغربية واتفاقا مع مصالح دول الخليج .
وهكذا فتحت في ظل المقاطعة العربية قنوات عسكرية وأمنية ومالية بين بعض الدول العربية وفى مقدمتها نظام صدام حسين وبين السلطة والدولة في مصر ، وبالتالي كان من السهولة بمكان إقامة شبكة موازية سرية من وراء ظهر السادات لحساب صدام ، وشملت العشرات من المثقفين الرسميين وخلايا مخابراتيه سرية وبعض القيادات الطموحة ، ومع الوقت عزل السادات داخليا كما عزله البعث إقليميا ضمن مايبدو وكأنه خطة واحدة، وتعكرت علاقته بدول الغرب بسبب الحرب الدينية الإسلامية على الاتحاد السوفيتي في أفغانستان ، والتي كان السادات رافضا لها على غير ما يقال في سيرة السادات التي كتبها أعداءه من البعثيين.
أتذكر حينئذ كيف أن القاهرة أصبحت مرتعا للمخابرات العراقية ، وكيف كان المثقفون الرسميين في ذهاب واياب بين القاهرة وبغداد طوال العام وخاصة في مناسبة مهرجان المثقفي الرسميين العربي الأكبر أي المربد (بعد سقوط صدام استبدل بمهرجان الجنادرية السعودي ولم تختلف الوجوه كثيرا) ، وكانت الأموال تدفع بمناسبة نشر الأعمال الأدبية بافراط وبدون مناسبة في احوال كثيرة ودون أن تنشر في أحيان كثيرة وكان المبرر هو دعم من يرفضون اتفاق السلام ، وكانت أعداد المثقفين الرسميين القوميين في دمشق لابأس بها وكان بعضهم يدير محطة اذاعة "مصر الحرة" ضد السادات وضد عملية السلام ، ثم استقبلوا في القاهرة كابطال بعد اغتيال السادات.
لم يحل عام 1981 إلا وكان مبارك قد أصبح المسئول الحقيقي عن الشئون الداخلية وإفريقيا وأعمال المخابرات وامن الرئاسة ، وفى 3 مارس من نفس العام اغتيل وزير الدفاع احمد بدوى ومعه عدد كبير من قادة الجيش ، مع غياب ملفت لرئيس الاركان عبد الحليم ابو غزالة!! ، وكان التفسير المعلن آنذاك غير منطقي وبالتالي غير مقنع ، ذلك إن اصطدام طائرة هيلوكبتر يقودها طيارون محترفون وتحمل قيادات من هذا المستوى لا يقبل بحال أن تصطدم بسلك .
في 17 يونيو انفجرت فجأة وعلى نحو غامض أحداث طائفية عنيفة فى منطقة الزاوية الحمراء وظلت الاسباب غامضة بالطبع بعد التحقيقات الصورية ، وهكذا لم يحل شهر سبتمبر إلا وكان الجو العام فى مصر يغوص فى الضباب والغموض والمواجهة الحادة بين السادات وبين كل القوى السياسية وخاصة القوى الدينية بما فيها الكنيسة القبطية وكل من يدور فى فلك الدولة وبالطبع ما يسمى بالقوى القومية ذات الولاء البعثى ، وهكذا اغتيل السادات فى ظل ظروف مناسبة داخليا وإقليميا ودولياً ولكنها بالتأكيد غير طبيعية في ذات
الوقت ، وكان السيناريو المقدم مفككا كالعادة وكأن العقل المدبر يتقن تنفيذ العمليات ولكنه لا يتقن التبرير ، وهنا اعتقد انه من المفيد تقديم عدة ملاحظات:
أولاً: بعد أسابيع قليلة من الاغتيال قابلت بالصدفة ضابطا برتبة رفيعة فى القضاء العسكري ، قال لي في دهشة وانزعاج انه وزملاؤه تلقوا امرا بالتوقف عن التحقيق بعد 12 يوم من بدء التحقيق.
ثانيا: شاهدت في تلك الفترة فيلما مصورا من زاوية مرتفعة يجرى فيه نائب الرئيس بعيدا يحيطه حوالي ثمانية من افراد حراسة الرئيس يشهرون أسلحتهم ، في الوقت الذي كانت تدوي فيه رصاصات القتلة دون ان يرد عليهم احد بطلقة واحدة.
ثالثا: صدر الحكم على القتلة في محكمة عسكرية وجاءت حيثياته ناقصة مملوءة بالثغرات ومنها تجاهل المحكمة لشهادة جوهرية في مضامينها للعقيد مهندس/ممدوح ابوجبل الذي صرح أمام المحكمة في تدخل مفاجيء انه هو من قدم الطلقات وابر ضرب النار إلى القتلة ، وكان هو المسئول عن الإمداد في قيادة اللواء الذي يتبعه القتلة ، وقالت الحيثيات انه لم يستدل على عنوان الشاهد !!؛ فى حين كنت اعرف بشكل شخصي انه كان يعمل وقت صدور الحكم فى شركة لتجارة السلاح تابعة لجهاز المخابرات في حي الزمالك .
رابعا: صرحت السيدة/جيهان السادات فى مقابلة مع جريدة المصرى اليوم فى العام الماضى ان الرئيس السادات اغتيل نتيجة مؤامرة وان هناك طرف غائب.
خامسا: خلال العام 1981 صدرت مجلة الوطن العربى ذات العلاقة الوثيقة بالمخابرات العراقية وعلى غلافها رسم لذراعين يتصارعان وفوق احدهما صورة السادات والاخر صورة مبارك ، وعنوان عريض: هل بدا صراع السلطة فى مصر؟
اصبح مبارك رئيسا وبعد ايام قال المعلق الشهير والترليمان فى النيويورك تايمز ان مبارك وابو غزالة من عملاء المخابرات المركزية الامريكية . بعدها رد الرئيس مبارك على سؤال مذيعة تلفزيون المكسيك عن هذا الموضوع: "ولماذا لم يقل ذلك الا بعد ان اصبحت رئيسا؟" ، وهكذا وكالعادة جاء الرد ضعيفا . من يومها تعودنا على صدور عبارات مثل: "انا ماحدش بيلوى دراعى" ، "انا مش بتاع سياسة" ، "انا اتعلمت الديموقراطية فى الجيش" ، "كبر دماغك" ، "ارمى ورا ضهرك" ، "خليهم يتسلوا" ، انها عقلية استخفافية غرائزية غير مسئولة وبدون خيال دافعها الهوس وحب التسلط . ومن يومها وضع العقل المصرى فى حذاء صينى حديدى اعتراه الصدا مع طول الزمن.

طغيان وتبعية وإرهاب

تحت شعار "عودة مصر إلى الصف العربى"خرج مبارك إلي الساحة العربية قادما من اللاسياسة واللاثقافة ، وكان خير خامة لتعلم او نقل خبرات البعث فى طبعته الصدامية ثم فى طبعته الدمشقية بعد تحجيم صدام فى 1991، إذ أن ما يحكم هذه الخبرات هو البيوسياسية Biopolitique (التعبير للفيلسوف الايطالى جورجيو اجامبين) التي تسعى الى توحيد الشعب باقصاء وتصفية المختلفين وتهميشهم وبالحرب الاهلية اذا لزم الامر من اجل التوصل إلى جماعة نقية واهداف مثالية واستعادة زمن ذهبي في الماضي بالضرورة ؛ أنها وصفة فاشية بامتياز ، ومناسبة للتركيب العقلي والنفسي للرئيس مبارك ، كما أنها تحمل في طياتها مكافأة حيث تقدم مبررا مجربا لحكم الطوارئ والتوريث وإنشاء جيش أخر خاص تحت مسمى الحرس الجمهوري من المحاسيب ، وحيث تختصر موارد المجتمع و الدولة وكل الأنشطة والمؤسسات في شخص الرئيس وتستثمر بواسطة
أجهزة سرية"سيادية" منحرفة بالضرورة ، وكان الشرط الوحيد هو عودة القضية الفلسطينية إلى مركزيتها وأولويتها ، وهكذا ظهر تعبير السلام البارد والتطبيع . غير
إن شيئا اخطر حدث وهو وضع مصر ولأول مرة في تاريخها الحديث في تبعية مباشرة لعواصم عربية.
ذهب الرجل على طريق سبقه إليه عبد الناصر ولكن كمنافس وليس كتابع ، ولكنه عاد بالخيبة والخراب ، ولم يكن غريبا إن يزداد نفوذ صدام في القاهرة وان تنهال الهدايا والسيارات والأموال على المئات من النخب المصرية في كل المجالات ، في نفس الوقت كان المثقفون العراقيين يبيعون مكتباتهم كي يبقوا على قيد الحياة ، ووصل عدد المهاجرين العراقيين فى المنافي إلى حوالي 4 ملايين ، وعادت لصدام الثمار من مصر على هيئة أفلام مثل "القادسية" و "صدام" وكتب مثل "حراس البوابة الشرقية" والمئات من المقالات والدراسات التي تحاول أن تلبس مصر رداء البعث وخلال ذلك جسر جوى يحمل ألاف الجثث لمصريين شاركوا في حروب صدام العبثية ، وعلى نفس المنوال جرت عملية قياس ثقة علي الطريقة البعثية للرئيس مبارك في سنة 1985 عندما اختطفت السفينة الايطالية اكيلى لاورو في المياه الإقليمية المصرية وقتل عليها مواطن امريكى يهودي مسن ومقعد هو "كلينج هوفر" وكان الإرهابيون من تنظيم جبهة التحرير العربية التابع
لصدام والذي لم يكن له وزن على الساحة الفلسطينية وكانت مكاتبه في بيروت عبارة عن شقة واحدة وأفراده يعدون على أصابع اليدين ، ونجح مبارك في الاختبار بتصديه شخصيا لعملية تهريب الإرهابيين ، وتلقى في مقابل ذلك اهانة ثقيلة من الرئيس ريجان الذي وصفه بالكذاب (عين احد رجال المخابرات المشاركين في عملية تهريب الإرهابين وزيرا للثقافة وهو فاروق حسني) وهكذا تلاعب مبارك بعقيدة وهيبة الدولة على نحو غير مسبوق ، وزاد الأمر سوءا عندما تشكل في مصر تنظيم ارهابى تحت اسم ثورة مصر من أفراد كان لهم ماض مخابراتي كان هدفه اغتيال الدبلوماسيين الأمريكيين والاسرائليين في شوارع القاهرة ، وأوقعت بهم السفارة الامركية ، وربما كان تشكيل ذلك التنظيم الإرهابي للإنتقام علي طريقة الطاغية الريفي بسبب الاهانة ، وهكذا تحولت مصر إلى جمهورية موز لاتتقيد فيها الدولة باي من المثل العليا او القيم الإنسانية .
شارك مبارك فيما سمى يومها التجمع العربي الرباعي مع اليمن والأردن تحت قيادة صدام وبهدف موازنة نفوذه أمام مجلس التعاون الخليجي ، بعدها حل تنظيم المرتزق الصدامى ابو نضال في القاهرة لمدة 11 سنة وحتى 1999 ضيفا على باشاوات أجهزة الإرهاب "السيادية" والذين ابتلعوا أمواله بعدها وكانت نفوق عشرة ملايين دولار .
طال الداخل المصري حظه الوافر من الإرهاب إذ توفى فجأة رئيس الوزراء د.فؤاد محي الدين بعد أن شرب فنجان قهوة في مكتبه ، وقتل د.رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب ، وفشل الاتهام المفبرك للجماعات المتطرفة التي كانت تشارك في التغطية ، ومازال الملف مفتوحا ، ناهيك عن الإرهاب الاسلامى المنظم الذي ضرب كل أنحاء مصر دون أن يطال مسئول واحد من أركان النظام ، بالإضافة الى اغتيال أنصار السلام والديمقراطية.
كما جرى تسليم اللاجئين السياسيين والمعارضين إلى نظام الطاغية المخبول معمر القذافى مثل حسين المقريف وجاب الله حامد مطر ومنصور الكخيا ، علاوة على الاختفاء القسرى للصحفى رضا هلال ودخول المدرس فى المعهد البريطاني محمد فرحات إلى السجن ولا اعرف اذا كان لازال حيا ام لا ، وذهب الاثنان ضحية تنظيف السيرة الشخصية محل الشبهة للوريث (ذكرت ذلك في شهادة نشرت في 2003 تحت عنوان: "مصر بعد غزو
العراق.. عظمة الكذب وبؤس الحقيقة") ، وإذا كانت موجات سونامى الشر قد تعاقبت وتضمنت الخلاص من كل رجال الدولة تقريبا خلال عملية تسوية حساب البعث مع مصر ، فان الملفات التي فتحت لتسوية حساب الوهابيين مع مصر لم تكن اقل خطورة ، إذ سلم المجتمع المصري بكامله لقمة سائغة لرابطة العالم الاسلامى الوهابية المتطرفة ومعها
أموال التبرعات البترودولارية بهدف الإنفاق على هلاوس إحياء الإمبراطورية الإسلامية وفي الحقيقة العملية تحويل مصر الي سور للدفاع المتقدم عن عائلات التخلف الثري الحاكمة في الجزيرة العربية ، وهكذا انتشر التدين السطحي الطقسي التخديري وأخلاق الجسد البدائية التمييزية ومعها فقه اللباس وفقه القتل ، وأصبحت مصر كلها ميدانا
لحرب الميكروفونات الدينية الملوثة للبيئة وللعقول ، كل ذلك بالطبع على حساب الاخلاق المدنية والضمير الحر و النقد العقلاني والمعارف العلمية والمهارات الاجتماعية ، وهى ثروات المجتمع الحقيقية ، بعد إن أصبح التدين السطحي العبادى قوة اجتماعية مجانية للغوغاء والرعاع ، وكل الفائضين عن الحاجة ومن لا يصلحون للاستخدام الاجتماعي . ولان الجسد أصبح بؤرة محاصرة اجتماعيا ودينيا وليس أداة للحياة وللتعبير وللتعرف وللاتصال وللعمل الاجتماعي ، كان من الطبيعي أن تصبح مصر اكبر سوق للتحرش الجنسي والاغتصاب وغياب الضمير الاجتماعي والمهني وضياع قيمة العمل والعلم
والمعرفة.

شبكة دولية للإرهاب والفساد

في عام 1991 شاركت مصر وسوريا في معركة تحرير الكويت في ظل شرط عربي
انصاع له الرئيس بوش الأب وهو عدم إسقاط صدام حسين.
كان من المنطقي في كل هذا السياق أن يقول الجنرال تومى فرانكس قائد غزو العراق في 2003 على صفحات كتاب مذكراته "جندي امريكى" أنهم ضللوا صدام حسين عن طريق الرئيس مبارك (يقصد انه اسر للرئيس مبارك بمعلومات مخادعة تخدم الغزو على أنها أسرار بين أصدقاء ، كي يبلغها هو لصدام كحقائق) وقال إن الرئيس مبارك هو من همس لهم بوجود أسلحة دمار شامل لدى صدام وانه سيستعملها كي يحملهم على التراجع ، وجاءت مذكرات الرئيس بوش الابن كي تؤكد قصة أسلحة الدمار .
قدم لنا حكم الرئيس مبارك حالة تجريبية لنمط من أنماط الاستبداد الشرقي ، عندما تتحقق السلطة قبل السياسة ، أو في غياب السياسة ، إذ نواجه هنا العملي دون المعرفي ، ثم سرعان ما يتخلص العملي من الاخلاقى ومن المعرفي في ضربة واحدة ، وهكذا تصبح
السلطة مرادفة للجريمة والحطة ، وكان ان حل التناقضات الهائلة التي تسبب فيها بوسيلة من نفس النوعية وهى ترحيل كل التناقضات إلى الانفراد التام بالاتصالات والمباحثات ، واستلزم ذلك استحواذه على كل منابر الكلام في الداخل وجند لذلك 90% تقريبا من محترفي الكتابة والإعلام ، وفى الخارج اعتمد على الرشاوى والإفساد وأيضا الترهيب بواسطة الفيزا والحرمان من العمل في مصر والدول العربية عبر القوائم السوداء ووصل هذا الأسلوب إلى الصحف والصحفيين وقنوات التلفزيون الإسرائيلية ، وامتد ذلك إلى
الدبلوماسيين والقادة الغربيين بواسطة العطلات والفساد مثلما حدث مع "فرانسوا فيون"-رئيس وزراء فرنسا- و"تونى بلير" و"ريتشارد دونى" و"فرانك وايزنر" سفيرا الولايات المتحدة في القاهرة ، بالاضافة إلى بيع الغاز بسعر منخفض إلى 15 دولة ثم حاصر كل فرص الفعل السياسي والدبلوماسي عن طريق الجلسات المنفردة المطولة وغير المسجلة ، حتى انه استقبل "نتنياهو" زعيم اليمين الصهيونى و"اسياس افورقى" طاغية اريتريا الشريك فى التآمر على دول حوض النيل ثلاثة مرات لكل منهما خلال عام واحد تقريبا في 2009 وكلما كان طرف من أطراف التناقضات يكشف سرا من أسرار التنازلات لطرف مضاد كان يستخدمها "على انفراد" كي يحصل على تنازلات اكبر هكذا قدم الرجل سياسة مريحة للجميع سواء من الأصدقاء او الخصوم انها سياسة الباب الواحد او الرجل الواحد الذي اختزل في نفسه دولة كاملة ذات حجم ووزن اقليمي ليس قليلا ، وربما كان ذلك هو السبب في دفاع الجميع عنه قبل سقوطه ، من يسأل بعد ذلك عن اسباب الخراب؟ ، مع
تفاقم الأزمات جاء المخرج اللاسياسى من ظلام السرية أيضا ومن الخبرات العربية وهو تجارة السلاح وتشجيع الأصولية الدموية وتنظيمات ما دون الدولة مثل حماس وحزب الله وعصابات الإرهاب في الجزائر والعراق والجماعات المسلحة في كل دول حوض النيل واصبحت مؤسسات الدولة المصرية الحاضن والراعي الاول للتطرف والمشعل الدائم للمواجهة الاصولية مع الغرب ، وارتد كل ذلك خسارات فادحة ، ذهب فائضها بالطبع خصما من المصالح المصرية ، وهكذا وصلت مصر في بداية العام 2011 إلى شلل اقليمى في الساحة الإفريقية والعربية والشرق الأوسط والمستوى الدولي ، مع انحدار داخلي مفزع ، وكان العلاج في كل المراحل مزيدا من التسلط وتضخم هائل في إخطبوط الأمن السياسي والمدني وانتهاك يومي متزايد لكرامة الجسد والنفس للمواطن المصري وجهاز دعاية ليس له مثيل في كل العالم من حيث الضخامة ومستوى التفاهة ، وجهاز دولة ضخم مترهل وفاسد من سبعة ملايين موظف تقريبا نصفهم يعمل في الأمن او يقدم خدمات امنية ، وهكذا أصبحت تكلفة حكم اجرامى فاشل وغبي اكبر بكثير من اى قدرة على الإنتاج أو المعونات أو الاستدانة ، وفوق كل ذلك انهيار كل قيم التعامل الاجتماعي والرسمي وفى القلب منه القانون والقضاء ، وقد تعرضت شخصيا لمحاولة ادخالى السجن على يدي قضاة الأمن الملوثين في القضية المودعة بمحكمة النقض برقم 2337 لسنة 73 قضائية في 7-4-2003، اى منذ اكثر من ثماني سنوات ولم يفصل فيها ، ذلك لان قضاة الأمن يتمتعون بكامل الحماية بنص قوانين مطاطة عن توصيف الخطأ الجسيم ، وهنا نلمس الشفرة الجينية للفساد وهي انه كلما ازداد الفساد كلما توسعت وتمأسست وسائل حمايته، واقدم هنا مثال بسيط ؛ ذلك أنه امام الإنحرافات الهائلة في أجهزة الأمن والقضاء وكل اجهزة الدولة لم يصدر حكم ايجابي في رد قاض واحد نتيجة حكم ملوث أو فاسد أو خطأ منذ الستينات أي خلال أكثر من أربعين عاما! ، هذا ماأقصده بمأسسة الفساد كي ينعم قضاة الاعمال القذرة بالامان الكامل وهو ما سأعالجه لاحقا.
كما حصلت على عدة إحكام تعويض عن سب وقذف ضمن عمليات الإعدام المدني ضد رئيس تحرير جريدة الأسبوع مصطفى بكرى منها حكم نهائي برقم 21160 لسنة 122 قضائية في 28-11-2006 منع جهاز امن الدولة الاجرامى تنفيذه تحت بند مختلق وضد القانون وبفجور يسمى الدراسة الأمنية إلى ألان اي حوالي خمسة سنوات وحتي ألان أي بعد الثورة بثمانية أشهر وبالتزام كامل من كل اجهزة وزارة شئون الإعتداء علي المجتمع المسماة بالداخلية .
وهكذا يستعمل القضاء وتنفيذ أحكامه "حين يؤدى الحظ الى الوقوف امام قاض شريف" للتخلص من الخصوم وفى نفس الوقت لحماية أزلام النظام وعسسه وكلاب حراسته وايديه القذرة وصحف الاعدام المدنى التى تمهد للاعدام البوليسي البدني ، وفي ظل وهم
منظمات حقوق الانسان التي تحولت إلي مجرد حلايا بوليسية ومصائد أمنية ومرتع للمرتزقة ، وجدار مصمت أمام الضحايا في الجرائم الحقيقية ، ناهيك عن تعرضي لمحاولة اغتيال بالرصاص ، ورفضت المؤسسات الامنية تحرير اى محضر .

الدكتاتور هو أسطورته

في روايتة "خريف البطريرك" اوضح جارسيا ماركيز كيف ان الدكتاتور يحتاج إلي اسطورة تهبه البطولة وتخلي بالتالي مسؤوليته عن الواقع الذي تسبب هو نفسه في تدهوره وهكذا يظل يتذبذب مابين الجريمة والمهزلة.
كان المزاج العسكرى والذهنية القروية للرئيس مبارك وعدم تمتعه بالحد الادنى من الخبرة
السياسية ، ومن الثقافة الانسانية مع نفوره الواضح من المدنيين يتناسب تماما مع هلاوس الامبراطورية العربية وتصورها الدموى العسكرى بالضرورة فى طبعتها القومية او الاصولية لا فرق ، حيث تبدد مقدرات الشعوب مقابل اوهام التفوق ووالنقاء والازمنة الذهبية الماضوية المزيفة ، ولأنه لم تعد هناك نخاسة وهي احد مهن العرب الغابرة ، وزالت موانىء تجارة العبيد ، وولى ايضا زمن البطو ات الدموية ، وانتهت الايدولوجيات والامبراطوريات العظمى ، وكل ما يعتمد على الانساق والثقافات المغلقة ، ورُحلت الأديان والمعتقدات في مجتمعات الحضارة الى مدونة الحريات العقلية والاجتماعية بجوار الرياضة والمغامرة والاستكتشاف والعلوم المقارنة والبحوث وعلوم الإنسانيات والفن والمبادرات الفردية وحريات التعبير والرأي ، لذلك كان العرب يعيشون في اكبر كارنتينا خارج التاريخ ، وكانت هذه هي البيئة المناسبة للرجل ، ببساطة انتقل من بيئة راكدة خارج الزمن الى ارض الخرافات الدموية العربية ، وحذف بالتالي ما هو زمنى وكل ما هو عقلانى وواقعى ، هكذا هيا المناخ لأسطورته البطولية في حرب وطنية لها مالها وعليها ما عليها ، ولكنه اختصرها فى ما سمى " الضربة الجوية" ، وبعد ان انتزعها من سياقها العسكرى ثم السياسى الذى كان يهدف إلي حل سلمى تفاوضي محولا الحرب الى تابو للانتصار ، ومع الوقت اندمج في أسطورته منكرا سياقها ، وكل من كان يقابله كان يكتشف انه كان مصدقا لتلك الاسطورة ، ثم أنكر عمره الحقيقى وهو 86 سنة فى مايو 2011 اذ انه ولد فى 1925 كما قال هو نفسه فى بداية حكمه وما كان مسجلا فى المتحف الحربي ، ثم انكر مظهره الجسدى باستعماله المفرط للماكياج ، وبرغم كل الرشاوي والقيود الظاهرة والخفية في مؤتمراته ومقابلاته الصحفية مخافة انزلاقه إلي الأخطاء بكل أنواعها بسبب ضعفه الفكري ، كانت الأخطاء تتساقط بمجرد أن يفتح فمه ، ويعرف الكثير من المراسلين ومقدمي البرامج كيف كان صفوت الشريف يصرخ بوقف التسجيل والتصوير كلما انزلق ، وانكشف تماما بعد ابعاد الشريف وكان الحل هو الإنكار بالرغم من كل انواع التوثيق ، وهكذا تسبب في ازمات مع الجزائر والشعب الروسي والشيعة والعراقيين وهكذا ومرارا . كما اسقط اسطورته على العلاقات البروتوكولية مع الاخرين واضعا نفسه قبل الجميع بما فيهم الرئيس اوباما وفي البيت الأبيض (وهي واقعة شهيرة علي صفحات جريدة الاهرام في 2010 ) عن طريق تزوير الصور التي أوصلته الى المهزلة ، وانكر تاريخ وادوار الاخرين عبر تزوير الصور والوثائق ، عندما رفع صورة سعد الدين الشاذلى فى غرفة العمليات أثناء حرب اكتوبر ووضع نفسه مكانه ، ثم انكر مرضه بسرطان البنكرياس واثار عاصفة من الأحتجاج لمجرد أن جريدة هاآرتس ذكرت ذلك ، وذكر تاريخه الشخصي عدة مرات دون تطابق ، وبالتأكيد انكر لنفسه جرائمه وفشله وحملها للآخرين ، ثم انسحبت الأسطورة على ذاته البيولوجية فى محاولته لتوريث السلطة لنجله جمال ، انها الأسطورة في حالة تناسل شرقي فيما تحافظ على استمرار حكم اللصوص.
الفخ

لم تكن مكاسب مصر من كل هذه الفوضى والشذوذ سوى بعض الدعم المالي قل او كثر فقد امتصه الفساد والفشل السياسي والإداري ، وانتقال نادي الطغاة المسمي بالجامعة العربية إلى القاهرة ، ومشاهدة الوجوه العكرة القبيحة للحكام العرب وظهور المذيع الطاووسى عمرو موسى فى المشهد المصري بعد ان كان وزيرا للخارجية في نظام مبارك ، ثم اصبحت مصر ركنا ركينا في ماكينة الإرهاب الدولي ، ولكن الأسوا كان تداعي كل أوزان وتأثيرات مصر الاقليمية والدولية ولأن المصائب لم تتوقف تلاشت
مسؤلية مصر في منطقة اعالي النيل بل وشجعت عصابات مبارك الإرهاب فيها وهو ما
سأعالجه لاحقا.
كان عقل مبارك شبه الأمي واجهزته "السيادية" وراء تاسيس مملكة السقوط هذه، وكانت اجهزته وراء اول محاولات احتواء الثورة بعد سقوطه وهي الدفع بموظف السماء المعمم يوسف القرضاوى ، الذي جاء الى ميدان الحرية مستغلا العبادة ليحاصر الحرية ، وتقسيم الثوار الى مسلمين ومسيحيين ، وكانت اول قسمة من سلسلة تقسيمات بهدف تفتيت المجهود الرئيسي للثورة ، ولذا‎ ‎انزل العبادة الى مستوى البيواصولية عندما حضر الى "القبلة" والصلاة بصحبة العشرات من البودى جارد اعضاء الفزاعة البناوية -التعبير للكاتب محمد طعيمة- الذين منعوا وائل غنيم بالقوة والبلطجة من الصعود إلى منبر صنع فضائه هو وجيله بالعرق والدم والأفكار ، إنهم الإرهابيون القدامى ذاتهم ، انه الشو (Show) المقصود به الإيحاء بقيادة مزيفة لخومينى السنة واخوان مبارك وتقسيمهم للثورة، تمهيدا لسرقتها ، انها الرسالة الخطأ في الزمن الصحيح ، اى زمن وائل غنيم وجيله الفتى المعاصر العقلاني ، انهم الناس في عبقريتهم الحقيقية وبطولاتهم الحياتية اى الناس كما هم وليس ما يجب ان يكونوا في أحذية ايدولوجيات الذنوب الدموية الصدئة ؛
كان هذا الطاغية المعمم قد ترك بصماته الدموية من قبل فى الجزائر. بالتاكيد ايضا كانت هذه الايدى الخفية"السيادية" المسيطرة على الحكومة وعلي المرحلة الإنتقالية وراء تشكيل تلك اللجنة المثيرة للشبهة تحت اسم "لجنة تعديل الدستور"، فيما يبدو انه تكرار لدور المستشار سليمان حافظ في انقلاب يوليو 1952 وفي محاولة لان يستمر التحالف العسكري الاخوانى الوهابى فى سرقة مستقبل المصريين ، بعد أن كادت الفزاعة ان تتلاشى فى ظل اللحظة الثورية الجارفة ؛ ان هذا التحالف هو اكبر استثمارات جمهورية يوليو العسكرية الريفية بهدف الاحتواء والسيطرة علي كل حراك سياسي او اجتماعي او ثقافي في مصر ، واخطر أفخاخها بالتالي علي الدولة المدنية الديموقراطية ، ولم يكن نظام مبارك سوي مجرد حلقة من حلقات جمهورية الإستعباد هذه ، واخشي ان بعض مايحدث الأن هو نذير بأن أوقاتا صعبة تنتظر مصر وثورتها.

وما خفي هو أعظم بالفعل.



#أمين_المهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدل الأخوان المسلمين والدولة المصرية في الميزان الديموقراطي


المزيد.....




- في وضح النهار.. فتيات في نيويورك يشاركن قصصًا عن تعرضهن للضر ...
- برج مائل آخر في إيطاليا.. شاهد كيف سيتم إنقاذه
- شاهد ما حدث لمراهق مسلح قاد الشرطة في مطاردة خطيرة بحي سكني ...
- -نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- صفحات ومواقع إعلامية تنشر صورا وفيديوهات للغارات الإسرائيلية ...
- احتجاجات يومية دون توقف في الأردن منذ بدء الحرب في غزة
- سوريا تتهم إسرائيل بشن غارات على حلب أسفرت عن سقوط عشرات الق ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- الجيش السوري يعلن التصدي لهجوم متزامن من اسرائيل و-النصرة-


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمين المهدي - كتاب: -الثورة المصرية بين القلعة والمعبد- الباب الأول: -السقوط-