أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عاطف البطرس - في ذكرى رحيل محفوظ... فقدنا الشلبي















المزيد.....

في ذكرى رحيل محفوظ... فقدنا الشلبي


عاطف البطرس

الحوار المتمدن-العدد: 3486 - 2011 / 9 / 14 - 09:09
المحور: الادب والفن
    


إنَّ حـــــزناً في ساعةِ المــــــــوتِ أضعـــا
فُ ســـــــــــرورٍ في ســــــــــاعةِ الميــــــــــــــــــــــلادِ
ونحن نُعِدُّ صفحة عن الذكرى الخامسة لرحيل الهرم الرابع لتاريخ الرواية العربية وأحد أهم مؤسسيها، أفزعنا نبأ رحيل الكاتب الروائي خيري الشلبي الذي ألف أكثر من مئة كتاب نُشر سبعون منها، بين رواية ومسرحية ودراسة نقدية.. هذا الكاتب الذي ظلمه النقاد العرب، وخاصة منهم ذوي الميول اليسارية، مع أنه يعدّ جسراً بين نجيب محفوظ ويوسف إدريس من وجهة العلاقة مع الحياة المصرية وأحلام أبناء الطبقة الوسطى وهواجسهم. وقد تميز خيري الشلبي في أعماله بتناول الهموم والمشاكل التي يعانيها المغمورون والمهمشون والمقصيون وسكان المقابر.

اعتمد شلبي في أعماله على الاستفادة إلى أقصى حد ممكن من الموروث السردي الشعبي العربي، ووظفه في لغة سردية سهلة ومباشرة، تعبر عن هموم الناس، كما هي في الواقع، ولم يقطع صلته مع التراث، كما لم تأخذه موجات الحداثة الخارجية، وإنما زادته تمثلاً بواقعه ومهارة وقدرة على تجسيده وخلقه في أشكال فنية جديدة.
من أهم أعماله الكثيرة المتعددة والمتنوعة رواية (وكالة عطية) الذي نال عليه جائزة نجيب محفوظ. فقد استطاع من خلال هذا الكتاب أن يمسك موضوعه ويبتعد عن الاستطراد والغرق في التفاصيل.
في ندوة للرواية العربية أقيمت في دمشق أثناء احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية حضرها الراحل، قدم فيها أحد الروائيين السوريين مداخلة حول مفهوم قتل الأب في الرواية العربية، وقصد تحديداً نجيب محفوظ وحنا مينه، فما كان من خيري شلبي إلا أن وقف محتجاً بحضور وقور، وترفَّع عندما سمع من المتداخل أن أعمال نجيب محفوظ الأخيرة لا تستحق القراءة. وقف قائلاً بالعامية المصرية (لحد هون.. كفا)، ثم خرج من القاعة في حركة احتجاجية معبرة، لهامة مجللة بالثلج.
خيري شلبي الآن في حضرة الغياب مع نجيب محفوظ الذي نعدّ ملفاً عنه، وكي لا نظلم الراحل في موته كما ظلم في حياته ربما سنفرد له يوماً ما ملفاً خاصاً به وبإنتاجه. وعزاؤنا أن الكثيرين من كتاب الرواية العربية ظُلموا لأنهم عاشوا في زمن نجيب محفوظ وتحت وهج قامته العملاقة.
لا يمكن الحديث عن الرواية العربية نشأة وتطوراً، تحديثاً وتأصيلاً دون المرور بالتجربة المحفوظية، حتى لكأن تاريخ الرواية العربية قد وجد تجسيداً له متناغماً مع تجربة محفوظ السردية، التي لا يمكن أن ينظر إليها من حيث الكم وعدد المؤلفات، وإنما من حيث الكيف والعمق والتنوع والاختلاف والشخصيات والإنجاز الفني. خلاصة تجربة محفوظ بعيداًعن التصنيف المدرسي المرحلة التاريخية، المرحلة الواقعية الطبيعية، الواقعية النقدية (الجديدة)، المرحلة الذهنية (أو الفلسفية)، المرحلة التعبيرية (الرمزية)، هذه المراحل تقسيمات للدراسة، وهي في الواقع يتناسل بعضها من الآخر، ويتعالق به، فيها اتصال وانفصال، وتواشج وتميز، حتى لنجد في العمل الواحد المراحل جميعها. فأولاد حارتنا الرمزية، الإنسانية، العامة، لا يمكن فصلها مثلاً عن اللص والكلاب، السُّمَّان والخريف، الطريق، الشحاذ وغيرها. خلاصة تلك التجربة وأهم الدروس المستفادة منها والتي يمكن تعميمها اختصاراً يخل بحجمها وعمقها يكمن في
أولاً انفتاح الكاتب على تجارب الرواية العالمية، وانتماؤه إلى تاريخ الجنس الروائي، هذا الانتماء لم يحل دون التصاقه الشديد بواقعه المصري (الحارة المصرية) ليقول لنا إن أقصر الطرق إلى العالمية هو الإغراق في المحلية والاستفادة من الموروث السردي المحلي بعد تحريره من بلاغته القديمة وعوالقه الخارجية.
ثانياً التجريب الدائم والمستمر، وعدم التوقف عند شكل أو مذهب أو مدرسة محددة، بمعنى آخر عدم الركون إلى مرجعية ثابتة، لقد كان الكاتب يتجاوز ذاته بشكل مستمر، مجارياً متغيرات الواقع، وتطور الأشكال. هذا لا يعني أنه في كل عمل قد تجاوز سابقيه، فثمة أعمال لا ترقى إلى مستوى سابقيها (الكرنك، ميرامار) ولكن خط تطور محفوظ العام كان صاعداً.
ثالثاً التأثير الواضح في الآخرين، فمن الصعب أن نجد روائياً عربياً لم يتأثر بهذا الشكل أو ذاك بالتجربة المحفوظية شكلاً ومضموناً.
رابعاً في إنتاج محفوظ الغزير تجسدت أهم إشكاليات الرواية كجنس أدبي، العلاقة بين الرواية والتاريخ، الرواية والواقع، الرواية والفلسفة، الرواية والرمز، ثم إشكاليات الشكل الروائي وعلاقته بالبنى الخارجية والأنساق المعرفية.
خامساً امتلاك الكاتب الصدق الفني بتخلصه من هيمنته على أبطاله، وإطلاق حرية التشكل لهم وفق ظروفهم وشبكة علاقاتهم الروائية. وعدم تحويلهم إلى بوق يردد أصداء المؤلف، مع قدرة على الاستفادة من العنصر السيري في كثير من أعماله.
سادساً النزعة التاريخية والعمق الفلسفي والثقافة الواسعة، ساعدت على تشكيل مفهوم ورؤية للعالم صدر عنه في تحليله لمادته السردية (أمين سر التاريخ المصري) وكاتب الطبقة الوسطى، ومجسد رؤيتها بكل تناقضاتها وتطلعاتها بهمومها وأحلامها ومستقبلها.
وأخيراً إن حصول الأديب الكبير على جائزة نوبل للآداب عام 1988 ليس مصادفة، على ما حول هذه الجائزة من لغط، وما أثير حول حصول محفوظ عليها. إلا أنها تبقى في المعيار الأخير أهم جائزة في العالم، والمحفوظ الكاتب العربي الأول والوحيد حتى الآن الذي حصل عليها، هذه الجائزة لم توصل الكاتب إلى العالمية، فقد وصل إليها بفعل إنتاجه ومكانته في تاريخ الرواية العربية والعالمية، وحصوله عليها لم يكن بسبب روايته (أولاد حارتنا) التي ليست من وجهة النظر الفنية أهم عمل له، فقيمتها المضافة خارج نصية حصوله على الجائزة بمجمل إنتاجه، فهو صاحب أكبر وأعمق مدونة سردية في تاريخ الرواية العربية، وأحد أعمدة الرواية العالمية، والذي قال منذ أكثر من ثمانين عاماً في رده على العقاد حول الشعر ومكانته القصة هي شعر الدنيا الحديثة. وأسس بذلك لمن قال الرواية ديوان العرب، وزمن الرواية.
من له كل هذه المآثر، وكل تلك الامتدادات انتشاراً وعمقاً لم يمت، إنه أكثر الأحياء حياة.
ملاحظة ولد نجيب محفوظ في 11 كانون الأول عام 1911 في مدينة القاهرة، وحمل اسم الطبيب القبطي الذي أشرف على ولادته حسب رغبة أبيه، وفاء لذلك الطبيب. وتوفي في القاهرة في 30-8-2006






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عاطف البطرس - في ذكرى رحيل محفوظ... فقدنا الشلبي