أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معتصم دالاتي - مملكة القانون














المزيد.....

مملكة القانون


معتصم دالاتي

الحوار المتمدن-العدد: 3486 - 2011 / 9 / 14 - 09:09
المحور: الادب والفن
    


حين مات الملك، أعلن الديوان الملكي الحداد. فارتفعت الأعلام السود في سائر أنحاء المملكة، وحزن من في البلاد من العباد. للحقيقة هم لم يحزنوا، لكن الأوامر والفرمانات الصادرة كانت صارمة بأن كل شخص يضبط متلبساً بوجه منافٍ للحزن لن يحظى بأية رحمة أو شفقة. ذلك أن الحدث جلل، ولا تشهده المملكة إلا في فترات متباعدة. فمن غير المعقول أن تشهد البلاد كل يوم أو أشهر أو حتى سنوات موت ملك. وآخر مرة مات فيها ملك في هذه البلاد كان منذ قرابة الستين عاماً خلت.
امتثل الجميع للأوامر. وارتدوا قناع الحزن. حتى إنه لم يجرؤ أحد على خلع هذا القناع أمام أقرب مقربيه خوفاً من وشاية أو نميمة لواش أو بصاص.

بعد انقضاء مدة الحزن، تُوِّج وليّ العهد ملكاً جديداً على البلاد. فأقيمت الأفراح في جميع المدن والقرى والدساكر. وأيضاً كانت الأوامر صارمة بإعلان البهجة على وجوه جميع المواطنين من مختلف الأعمار والشرائح والطبقات. وخُلِع قناع الحزن القديم، ورُكّب القناع الجديد المليء بالبهجة والانشراح. وأكثر ما كان يخيف بعض الأمهات والآباء أن يبكي لديهم رضيع، لم يتعود بعد على الانصياع للأوامر والتعليمات.
بعد انتهاء الفترة المحددة للأفراح وما رافق ذلك من التهاني والتبريك للملك الجديد والدعاء له بطول العمر وإسباغ كل ما في الكون من صفات حميدة على شخصه المبجل، وما صاحب ذلك من تدبيج قصائد المديح من الشعراء المتكسبين، أقول بعد انتهاء تلك المراسم، فقد أقفل ذلك الملف، لأن جلالته يريد التفرغ لشؤون الرعية وإدارة أحوال المملكة.
في أول جلسة رسمية ضمت الملك مع وزير الميمنة ووزير الميسرة وباقي الوزراء الذين يجلسون حسب الشواغر، وأيضاً بحضور كاتب الضبط، أي رئيس الديوان الملكي، إضافة إلى بعض الأعيان. وبعد أن استقر المجلس، كل في مكانه المرسوم، وكالعادة المتبعة طلب وزير الميمنة من الملك الإذن بالكلام. وبعد الحصول على الإذن فتح الوزير نفسه وقال مخاطباً صاحب الجلالة جلالتكم، كيف تريدون أن تحكموا المملكة؟
صمت الملك هنيهات، ثم تفرس في وجوه الحضور، وجهاً وجهاً، ثم صمت هنيهات إضافية وقال أنا لن أحكم البلاد.
ساد صمت، ثم قلق وحيرة وارتباك. فعاد صاحب الميمنة يسأل بخوف ووجل إذن من سوف يحكم يا صاحب الجلالة؟ قال الملك بهدوء وحزم وثبات القانون هو من سوف يحكم البلاد، وكلمته هي الأولى في أرجاء المملكة، أما أنا وأنتم فسنكون شهوداً وحماة لهذا الحاكم العادل. أي القانون، الذي لا يفرق بين مواطن وآخر، وكل الرعية لديه سواسية.
حينئذ اغتسل كل من في القاعة بعرقه البارد. واستعاذ بالرحمن من الشيطان. وتيقن أن عهد العز والجاه والتحكم بالعباد وارتكاب الصفقات وتكريس الأموال، كل ذلك ذهب وولّى. وكل واحد من هذه البطانة الملكية كان يسأل نفسه بعصبية وألم، دون أن يجرؤ على إظهارها من أين نبق لنا هذا الذي اسمه القانون؟!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- زينة زجاجية بلغارية من إبداع فنانين من ذوي الاحتياجات الخاصة ...
- إطلاق مؤشر الإيسيسكو للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي
- مهرجان كرامة السينمائي يعيد قضية الطفلة هند رجب إلى الواجهة ...
- هند رجب.. من صوت طفلة إلى رسالة سينمائية في مهرجان كرامة
- الإعلان عن الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ...
- تتويج الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...
- -ضايل عنا عرض- يحصد جائزتين في مهرجان روما الدولي للأفلام ال ...
- فنانون سوريون يحيون ذكرى التحرير الأولى برسائل مؤثرة على موا ...
- -تاريخ العطش- لزهير أبو شايب.. عزلة الكائن والظمأ الكوني
- 66 فنا وحرفة تتنافس على قوائم التراث الثقافي باليونسكو


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معتصم دالاتي - مملكة القانون