أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار ياسر الحيدر - عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990 - ليلة ليلاء / 6















المزيد.....

عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990 - ليلة ليلاء / 6


نزار ياسر الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 3486 - 2011 / 9 / 14 - 09:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد ان وصلت التهديدات ذروتها وكان الانذار الاخير قد حدد في 15/3/1991 لكي ينسحب صدام من الكويت وكان اللقاء الشهيرالذي حصل بين بيكر وزيرخارجية الولايات المتحدة وطارق عزيز وزير خارجية العراق في جنيف والذي سلمه رسالة من الرئيس الامريكي بوش الاب والذي رفض عزيز استلامها وبقيت الى يومنا هذا في صندوق امانات الفندق السويسري عندها ابلغه بيكر شفويا بان العرق سيعود الى عصر ماقبل الصناعة اذا لم يخرج من الكويت ثم نشطت وساطات ورحلات مكوكية كان ابرزها وساطة الحكومة السوفياتية بواسطة وزير خارجيتها بريما كوف وطارق عزيز وزير خارجية العراق ، لقد كانت الامور تتسارع باتجاه الحرب التي وضحت معالمها بعد ان تحشدت جيوش اكثر من ثلاثين دولة بمواجهة الحدود العراقية من جهة الحدود الكويتية البرية والبحرية وكانت خطط الهجوم يتم تسريبها اعلاميا كجزء من الحرب النفسية التي تهيء للهجوم الجوي والبري .
في المقابل كان الجيش العراقي يستعد للحرب التي تستهدف طرد العراقيين من الكويت بامكانياته المتوفرة، التي تُصنف مُتخلفة قياسا الى ما تحمله قوى التحالف من اسلحة وتكنولوجيا متطورة، كان قسم كبير من الإعلام العسكري العراقي يعتمد على بعض الخزعبلات غير المنطقية التي اطلقها صدام مستهينا بالطيران الامريكي ومنها كانت كلمته الغريبة عن الواقع والتي ليس لها تفسير إلا أنها كانت استهتارا بحق الجيش العراقي والعراقيين وهي ( شنو خابصينا بطائرات الشبح ... صم تراب بيد اي راعي بالصحراء يرميها على عيون طائرات الشبح يعميها ولايخليها تشوف شيء ..!!!) .
نحن من جانبنا في موقع الدريهمية كنا نعيش في غرفة مستطيلة تتسع لعشرة اشخاص مبنية من البلوك ومسقفة بصفائح الحديد المغلون ( جينكو) وبجوارها حمامات متواضعة لقضاء حاجاتنا، كنا نحن الجنود نتناوب على تنظيفها يوميا ، وكان بجوار غرفتنا هذه مقاطع خرسانية قوسية مرصوفة جنبا الى جنب لتشكل ملجأ قوسي وكانت مهملة ولا احد يفكر باستعمالها ، ولان موقعنا يوزع على وحدات الجيش اكياس الجوت التي تملأ بالرمل وتصف لتحصين المواضع القتالية؛ استطعنا الحصول على كمية جيدة من هذه الاكياس وبدأنا منذ بداية السنة الجديدة بالعمل على تحصين الملجأ القوسي المهجور الذي يقع بالجوار من غرفة معيشتنا، وكنا نعمل جميعا بهمة عالية بعد ان ننتهي من عملنا المكتبي ونملأ الاكياس بالرمل ونحصن الملجأ من جميع الجهات تحسبا لما سيحصل ، وقبل اسبوع من انتهاء مدة الانذار صدرت اوامر عسكرية تقضي بأن يحفر الجنود مواضع شقية بالارض لايتجاوز عرضها النصف متر لكي يلجأ اليها الجندي عند القصف الجوي فيحمي نفسه ، فقمنا ايضا بحفر هذه الملاجئ الشقية بجوار غرفتنا .
لقد بدأت تتضح بوادر الحرب من الاخبار التي نستمع لها من الاذاعات الاجنبية حتى وصلت الامور ذروتها قبل اسبوع من بداية الحرب وعندما استيقظنا صباح احد الايام وجدنا جميع الاتصالات الارضية واللاسلكية قد قطعت نهائيا، فصدر امر عسكري بان يستخدم الجيش ( السُعاة) جمع ساعٍ، اي الافراد بنقل البريد العسكري، ويمكن استخدام الدراجات الهوائية لذلك !!! ، حتى اقتربنا من موعد انتهاء مدة الانذار بثلاثة ايام أُطفِئَتْ شعلة معمل البتروكيمياويات المقابلة لنا التي كانت تنير ليالي الدريهمية ، عندها تأكدنا ان الحرب قادمة لامحالة، وعزز ذلك ان صدر أمر عسكري بأيقاف كافة الاجازات الاعتيادية للجنود والمراتب في الجيش العراقي .
ان الوضع النفسي للجنود بدأ يتدهور شيئا فشيئا خاصة بعد ان انتهت مدة الانذار وبعد انقطاع الاتصالات التي كانت بين الجنود وأهاليهم وما تخبئه الايام القادمة من مفاجآت للعراق والعراقيين !!؟؟؟ . فكانت ليلة 16- 17 / 1 وكان الجميع بانتظار ما سيحصل ؟؟ لقد كان الجميع متوترين ونحن نبحث بمذياعنا لنستمع بآخر الاخبار، حتى كانت الساعة الثانية عشرة ليلا فتحول الجميع الى بركان من القلق والخوف والهستيريا وبدؤوا يتشاجرون فيما بينهم ويسمع بعضهم البعض كلمات خشنة فوقفت بينهم لعلي استطيع ان اهدئ من روعهم واطمئنهم فقلت لهم انا اعتقد ان كل الذي نسمعه الان هو مجرد اكاذيب وحرب نفسية واعتقد ان الامور ستحل وينسحب الجيش بعد كل هذا الضغط الهائل على العراق ولمصلحته وقلت جملة عابرة (اخواني اطمئنوا ناموا رغد وليس هناك اي حرب او شيء من هذا القبيل ) فكان لكلمتي هذه موقع السحر عليهم وكانهم كانوا ينتظرون ان يقولها احد لهم فاستغرقوا جميعا بنوم عميق غريب
ما أن حانت الساعة الثالثة إلا ثلثا بعد منتصف الليل حتى قفز الجميع من افرشتهم مذعورين على صوت القصف الجوي المريع الهائل وبدأ الكل يصرخ (غارات ... قصف) وركض الجمع متجها الى الملجأ الكونكريتي القوسي ، أما انا فحينما قفزت من فراشي التوت قدمي وسقطت ارضا بسبب مفاجأة الصدمة وشعرت بألم فضيع في كاحلي قدرت انه تمزق في المفصل لانه تورم بالحال فأجمعت قواي وذهبت الى الملجأ وانا اعرج فتلقفني زملائي الجنود ومددوني فكنت ( ربما ) من اوائل المصابين في تلك الحرب اللعينة !! . الحال المؤسف والمؤلم الذي كان عليه زملائي من هول الصدمة انهم انتابتهم نوبة( اسهال شديدة) جراء خروجهم المفاجئ من جو دافئ إلى أجواء البرد في لبة الشتاء، وتأثير الاصوات المرعبة، بحيث كانوا يسارعون للذهاب الى الحمامات المجاورة التي لم تسع الجميع حتى صاح احدهم : ليذهب الاخرون الى الفضاءات المجاورة، بالرغم من خطورة موقفهم وظهورهم مكشوفة للعراء . لقد كان الالم في قدمي فضيعا انتابني فساعدني احد الجنود وجلب لي دواء مخففا للآلام احتفظ به للطوارئ فاخذت الدواء وكان مسكنا لي واستطعت ان اتحمل الالم حتى الصباح وبعد ان استقر الجميع في هذا الملجأ وجلسنا نرقب اصوات الغارات والطائرات التفت اليَّ الجميع ينظرون ساخرين، يخفون ضحكاتهم بابتسامات خبيثة، ويقولون لي ( ها ناموا رغد..مووو) فبالرغم من هول الموقف الا ان الجميع انفجروا من الضحك لكوني شعرت بالخجل امامهم وكأني كذبت عليهم وانا اتألم من قدمي وبعد قليل كان ردي لهم إذ قلت : ( لولا قولي هذا لكانت الحرب قد بدأت بينكم من موقع الدريهمية) !! فضحك الجميع... لكنني بصراحة شعرت بالخجل من الجميع .
لقد ابلت قطعات الحرس الجمهوري بلاء حسنا والتي كانت متجحفلة على الحدود العراقية الكويتية مجاورة لموقعنا وكانت الغارات الجوية تركز ضرباتها الاولى على هذه القطعات؛ لكن دفاعاتها الجوية كانت تقاوم ببسالة لانظير لها فخلال اقل من عشر دقائق اسقطت هذه الدفاعات طائرتين امام انظارنا بعد ان استدرجوهما لان تقعا في مصيدة شبكة الدفاعات الجوية وتم التأكد من جثتي طيارين صباح اليوم التالي شاهدها جنود الحرس الجمهوري بين انقاض الطيارتين في الصحراء . استمر القصف الجوي حتى فجر اليوم التالي وهدأ لسويعات ليستأنف مرة اخرى، واستمر لأكثر من اربعين يوما حتى بداية الهجوم البري نهاية شباط 1991. انها فعلا كانت ليلة مرعبة بكل معنى الكلمة واستحقت ان تكون ليلة ليلاء .



#نزار_ياسر_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990 القسم الثاني / الفرهود
- عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990-القسم الاول
- الشباب الصابئي المندائي ... وتحديات الغربة ..!؟
- هل يمكن أن تكون كوردستان ..وطناً بديلاً للصابئة ألمندائيين . ...
- لمحات تاريخية من مسيرة المرأة الصابئية المندائية
- حقيقة واقع الاقليات العراقية‏
- في الذكرى 46 لانقلاب 8 شباط الاسود.....ايام سوداء لاتنسى ... ...


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار ياسر الحيدر - عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990 - ليلة ليلاء / 6