فارس ذينات
الحوار المتمدن-العدد: 3482 - 2011 / 9 / 10 - 21:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مستوى الخطاب باتجاه المعلمين أخذ منحى جديد , ونقلة نوعيه , فالرسالة الملكية لقطاع التربية والتعليم في بداية العام الدراسي الجديد , والتي خاطب فيها المعلمين , على نحو كبير من الصفة الجمعية للفكرة الناشئة من حالة المسمى "النقابة" , كصفة اعتبارية جامعة لإرادة فئة المعلمين على امتداد الوطن .. إنه التغيير الذي سعى له المعلمون منذ بدء حراكهم لتأسيس النقابة , التي تمثل فكرهم الجمعي نحو العديد من القضايا , وفي مقدمتها المناحي المعيشية والتربوية , بالإضافة إلى القضايا الوطنية .
تتوجه الرسالة من رأس النظام إلى المعلم باعتباره جوهر العملية التربوية في الدولة الأردنية, والذي يحتاج إلى التطبيق العملي على أرض الواقع من المواقع التنفيذية المختلفة , لاستمرار التوازن في النظام التربوي الأردني في ظل ولادة النقابة , التي ستكون قوة رئيسة في العملية التربوية , رغم كل محاولات الحكومة والمجلس النيابي في تحديد صلاحياتها , وهذا إيمان من رأس النظام ومن وزير التربية فيما بعد والذي قرأ الرسالة بشكل صحيح وما بين سطورها , أن النقابة تستطيع أن تفعل الكثير بصفتها الاعتبارية والجمعية لفكر المعلمين , بأنهم جوهر العملية التربوية وعموده الفقري الذي لا يمكن الاستمرار في تهميشه والإستقواء عليه , وتغييبه عن واقع الدور المنوط به في بناء الإنسان الأردني ودولته .
رأس النظام يقول بأن المعلمون شكلوا حالة وطنية تقدمية , في مسعاهم في تأسيس نقابتهم تكريساً للحقوق المكفولة دستورياً كنهج أردني .. ولكن , هذا النهج الذي نوه له رأس النظام , قد تم اغتياله في عقود سابقة من قبل مجموعة متنفذه تسيطر على القرار التنفيذي الحكومي , فكانت تسعى وبشتى الوسائل لمنع إحياء نقابة المعلمين , وإبقاء تحييدهم عن دورهم الوطني والقومي الذي يقودنا إلى وجود نوايا خفية غير معلنة باتجاه وطننا وأجياله المستقبلية , وإبقاء الفجوة والهوة بين الإنسان والأرض , وإلغاء الانتماء لتراب هذا الوطن , بقطع التوارث التاريخي لأجيال متعاقبة عن الأحرار , الذين بنو هذا الوطن عبر مئات السنين , لإخفاء هويته الوطنية التقدمية والقومية .
يشير رأس النظام إلى دور المعلم في بناء الشخصية الأردنية الايجابية وتدعيم الهوية الوطنية الجامعة , فأين القرار التنفيذي من كلام رأس النظام , فالعمل الميداني للمعلم لا زال أسير القرار العُرفي الاستبدادي المستعلي , الذي لا يعترف للمعلم بأنه القائد الميداني في النظام التربوي, حيث لا زالت الحالة الإبداعية لدى المعلم مقيدة والتي يـُنتظر لها التحرر , والعمل في الفضاء الرحب والذي أشار إليه رأس النظام , بممارسة الثقافة الديمقراطية , الغائبة عن القرار التنفيذي الحكومي العُرفي , الذي لا زال ينظـُر للمعلم على أنه تابع ومنفّذ لتعليمات وخطط تربوية مستوردة , بعيدة عن تربيتنا وهويتنا الوطنية , مُـحيدة تاريخنا الوطني الحقيقي كمرجعية تربوية , ومـُغفِلة النهج التقدمي الوطني , في تغييب الشخصيات الوطنية الأردنية التي لعبت دوراً بارزاً في تكوين الوطن وبناءه ..
نعم , هي الطبقة الكمبرادورية التوطينية , المسيطرة على القرار التنفيذي في حكوماتنا المتعاقبة, المتآمرة على الوطن الأردني وهويته وتاريخه , لتخلق أجيالاً لا تنتمي للوطن , ولا تعرف شيئاً عن تاريخه المرتبط بالإنسان الأردني , فالهوية الوطنية الجامعة , لا بد لها من الإيمان , بأن بقائها في حاضرها ومستقبلها , مرتبط بنهج تحرري مقاوم للفكرة الصهيو-أمريكية التوطينية , ورافضة لفكرة الوطن البديل , والعمل على إيجاد كل الوسائل والأدوات , اللازمة في محاربتها ومقاومتها , والإبقاء على الفكرة التي لا بد , وهي أن إسرائيل هي جسم غريب على أمتنا العربية , وهي العدو لوجودنا وكياناتنا الوطنية العربية والخطر القائم على هويتنا الوطنية الأردنية والفلسطينية , والمانع لحلم الدولة العربية الموحدة .
نعم هي نقابة المعلمين , الفكر الجمعي لهذه الفئة من مجتمعنا الأردني , والدور القادم سواء على الصعيد المعيشي , بتحسين أحوال المعلمين المالية والخدماتية , أو على الصعيد التربوي في تطوير مهنة التعليم , وأدواتها من خطط ودراسات وبرامج تعليمية , أو مناهج , أو بنية تحتية لازمة للحصول على أفضل النتائج , أو على الصعيد الوطني في ارتباطها بالقضايا الوطنية , وخاصة الإصلاح الشامل في كافة المجالات , السياسية والاقتصادية والاجتماعية , وتأتي الأهمية لدور المعلم الطليعي , انه القائد الفعلي والحقيقي ميدانياً ليس فقط في التربية , وإنما في مجتمعه الذي ينتمي إليه.. نعم نقابة المعلمين ودورها الوطني المنتظر في المستقبل القريب , والذي يتطلب من المعلمين الوعي والإدراك للضرورة المرحلية , في إيصال من هم أهلٌ لتحمل المسؤولية, والقادرين على التعبير الصادق عن الفكر الجمعي للمعلمين .. نعم الكره الآن في ملعب المعلمين , فالنظرة لهم قد اختلفت بكل حساباتها , وعلى كل مستويات الإدارة الأردنية وفي مقدمتها رأس النظام الأردني .
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟