أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - يوسف أبيض - حرية المثقف والالتزام الحزبي















المزيد.....

حرية المثقف والالتزام الحزبي


يوسف أبيض

الحوار المتمدن-العدد: 3480 - 2011 / 9 / 8 - 20:04
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


كثر الحديث في الآونة الأخيرة في جريدة (النور) عن علاقة المثقف بالتنظيم الحزبي.
وهي تشكل إشكالية قديمة حديثة، ولم تجد حلاً لها، ومع ذلك فثمة حلول متعددة طرحت، ويمكن أن تطرح حالياً، لمقاربة هذه الإشكالية، في العلاقة بين الطرفين.
ينطلق المثقف من أن الثقافة، لا حدود لها، ولذلك من حق المثقف أن يمتلك حرية بلا حدود، أي يدعو إلى ممارسة حريته المطلقة في التفكير والبحث والتعبير بأشكال مختلفة من النشر، وتوصيل أفكاره إلى الآخرين، ويرى أن الانتماء إلى التنظيم الحزبي، يمكن أن يفقده، الكثير من حريته، وربما وضع حداً لحرية تعبيره عن أفكاره وآرائه، بسبب التزامه بالتنظيم.
هنا تكمن الإشكالية، مما يطرح علينا السؤال التالي: هل من تعارض بين المثقف والمؤسسة الحزبية؟ وللإجابة عن هذا السؤال لا بد من تحديد وفهم برنامج المؤسسة التي يريد الانتماء إليها، ومنطلقاتها الأيديولوجية وأهدافها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وسبل تحقيق هذه الأهداف، فضلاً عن اطلاعه على النظام الداخلي، الذي يحكم حياة هذه المؤسسة، والحقوق والحريات الممنوحة لأعضائه وهيئاته، لطرح آرائهم وانتقاداتهم، كما لا بد له من معرفة الواجبات والحقوق الحزبية المترتبة عليه، بسبب التزامه بنهج الحزب وقرارات سياسته العامة، ووسائل تنفيذ هذه القرارات.. إلخ.
إن معرفة المثقف المسبقة، قبل الانتماء إلى هذا التنظيم، إلى هذا الحزب اليساري أو ذاك، على نحو خاص، من التزام سياسي بنهج الحزب والتقيد بسياسته العامة، مع حفظ حقه في المناقشة والانتقاد، وطرح أفكار جديدة، في إطار التوجهات السياسية العامة التي وافق عليها، في حال عزم على الانتماء إليه.
ومادام قرر شخصياً الموافقة على الانتساب إلى الحزب بملء إرادته ووعيه، أصبح بطبيعة الحال، عضواً عاملاً في المجال الثقافي الذي يغطي حيزاً شخصياً من نشاط الحزب الثقافي، سواء كان فناناً أم أديباً أم مفكراً. ولكن هل يتعارض نشاطه الثقافي مع نشاط الحزب؟ وإذا كان له بعض الطروح الجديدة، والملاحظات الخاصة في سياق السياسة العامة للحزب، فما العمل؟
هذا يقودنا إلى طرح السؤال التالي: هل من حق المثقف أن يستخدم حريته في نشر أفكاره والدفاع عنها، وتوضيحها في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية خارج الحزب، أم يكون لهذا الحزب فسحة كافية من الحقوق والحرية الديمقراطية، نص عليها نظامه الداخلي، في التعامل مع مثل هذه الحالات التي يمكن أن تظهر بين وقت وآخر، ومع سائر القضايا التي تطرحها مستجدات الحياة السياسية والاقتصادية والأيديولوجية للحزب؟
في هذه الحالة يقع الإشكال، بين حرية المثقف الذي يطالب بأن تكون حريته مطلقة ولا محدودة وبين الالتزام بالتنظيم الحزبي.
وكل هذه الإشكالية، يمكن التعامل معها باللجوء إلى قاعدة الأقلية والأكثرية الحزبية، إذ تلتزم الأقلية برأي الأكثرية، وهذا يعني أن يعطى الحق لأنصار الأقلية من المثقفين وغيرهم من المنتمين إلى هذا الحزب، في التعبير عن آرائهم، والسماح لهم بحرية النشاط، والدعوة له، والدفاع عنه في قلب الهيئات الحزبية التي ينضمون إليها.
مع التزام الأقلية العددية بتنفيذ القرارات العامة للحزب التي قررتها الأكثرية الحزبية في مؤتمر الحزب. وهنا يفسح المجال حسب النظام الداخلي للحزب أن يكون من حق الأقلية أن تأتي إلى المؤتمر المقبل، وتعرض آراءها، فإذا حصلت على أكثرية أصوات الآخرين من المؤتمرين تحولت آراء وأفكار هذه الأقلية الحزبية إلى أكثرية يؤخذ بآرائها ويلتزم جميع الحزبيين بتطبيقها عملياً بصرف النظر عن مواقفهم الخاصة داخل الحزب.
بهذه الطريقة يمكن أن تصان وحدة الحزب من خلال التنوع في الآراء والتوجهات، والتوصل إلى حل هذه الإشكالية بين نشاط المثقفين والمؤسسة الحزبية. وهذا يتوقف على مقدار الفسحة الديمقراطية والمرونة التي يوفرها النظام الداخلي للحزب بحيث يحفظ التوازن بين الحرية التي ينشرها المثقفون وبين انتمائهم إلى الحزب وتقيدهم بخطه السياسي العام.
يجب التأكيد أن افتقار الحزب إلى الديمقراطية في بنيته، يمكن أن يؤدي إلى خلل في هذه العلاقة الجدلية بين المثقف والمؤسسة الحزبية التي ينتمي إليها، ويقع التعارض والتناقض بينه وبينها، إذ يمكن أن تتحكم القيادة الفردية بالحزب وتضع الأعضاء الآخرين المعارضين لها خارج الحزب، أي أنها تستأثر بالحزب زاعمة أنها تمثل وحدته. أي أنها تطبق مبدأ: من ليس معي فهو ضدي، وهذا المبدأ يؤدي بالتالي إلى شق الحزب وتمزيقه إلى أحزاب، كالذي حدث في تاريخ الحركة الشيوعية في بلدان عديدة، ومنها في حزبنا الشيوعي السوري.
ويجب أن نلاحظ أيضاً أن المبالغة في استخدام المثقفين الحزبيين لممارسة حرياتهم اللامحدودة، في التعبير علناً، على شكل منابر سياسية، وبمختلف وسائل النشر المرئي والمسموع والمقروء، يتجاوز الالتزام بالقرارات العامة للحزب، ويؤدي إلى تحويل الحزب إلى منتدى فكري تطرح فيه الآراء العديدة، دون التوصل إلى اتخاذ قرارات تنفيذية ملزمة للجميع حسب المبدأ المذكور والالتزام برأي الأكثرية في المؤتمرات الحزبية الدورية، ويمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى ضياع الحزب، ويجعل من الحزب الواحد أحزاباً تحمل توجهات مختلفة.
الخلاصة إن حل هذه الإشكالية بين حرية المثقف العامة وحريته داخل التنظيم الحزبي بعد الانتماء إليه يكون بتحوُّل حريته الخاصة اللامحدودة إلى الموافقة على ممارسة حريته النسبية على قاعدة الالتزام بمبادئ الحزب التنظيمية وقراراته العامة والتقيد بها، وإلا أصبح المثقف في حل من هذا التنظيم يغرد منفرداً، دفاعاً عن آرائه وطروحه التي قد تتعارض أو لا تلتقي مع طروح الحزب ونهجه وبرنامجه العام.
ولكن ماذا لو أن النخبة المثقفة، كانت تعدّ نفسها متقدمة على السياسي ووصية عليه؟ عندئذ يقع التعارض بينهما، وربما أدى إلى الطلاق. ومع ذلك فالثقافة والسياسة معادلة جدلية، لا يمكن لإحداهما أن تكون متقدمة على الأخرى، لأنهما طرفان متساويان وغير متعارضين أو متناحرين، في وقت واحد، إذا ما انطلقنا من منظور نظري ماركسي لينيني في النظر إلى الواقع الموضوعي وصراعاته المختلفة الداخلية والخارجية والثانوية والرئيسية، نحو جهة هذا الصراع، أي تحديد المرحلة التاريخية الراهنة، وعندئذ لا بد لهما أن يجدا قواسم مشتركة ومواقف مشتركة، تكون أشبه بالطريق الواحدة لفهم الواقع وصراعاته، والنضال من أجل تغيير هذا الواقع بواقع آخر أكثر تحرراً وتقدماً وعدالة.
إن المثقف والسياسي محكومان بشروط موضوعية وسياسية واحدة، عليهما أن يوجها جهودهما الثقافية والسياسية في وجه أعدائهما السياسيين والرجعيين والظلاميين والتكفيريين.
بمعنى يُفترض أنهما ينتميان إلى حامل اجتماعي متجانس أو متقارب أو مشترك، إضافة إلى أنهما ينطلقان من مفهوم ماركسي لينيني، يقارب بينهما ويجعلهما ملتزمين بالدفاع عن مصالح الطبقات الاجتماعية التي ينتسبان إليها، ما يجعل موقفيهما أقرب إلى التقارب والتجانس والتوحد، في النظر إلى معطيات الواقع الاجتماعي ومستجداته وصراعاته ومستقبله الاجتماعي والسياسي والثقافي، وليس ضرورياً، بطبيعة الحال أن يتخذا مواقف يتعارض أحدها مع الآخر، بل على العكس ما يجمعها أكثر مما يفرقهما، وإذا ما ظهر أي تعارض في نظرتهما وتوجهاتهما، فسرعان ما يجدان حله على مبدأ التفاهم والتعاون والتباري في تقديم ما هو أفضل وأكثر قابلية للتطبيق العملي، لصالح الجماهير الوطنية الكادحة، التي يعملان من أجلها.
لقد عانى حزبنا كثيراً من الانقسامات، وتكونت لديه تجربة غنية ومتقدمة في العودة إلى ترسيخ وحدة الحزب من خلال مؤتمريه السادس والسابع، على قاعدة النهج التنظيمي القائم على مفهوم وحدة الحزب في مد يد التعاون والتفاهم مع باقي الفصائل الشيوعية الأخرى.
تحضرني الآن كلمات الرفيق بدر الطويل يوم جاء على رأس وفد من رفاق تنظيم اتحاد الشيوعيين السوريين، لمقابلة الرفيق يوسف الفيصل وكان يجري التحضير لعقد المؤتمر السادس، بعد أن عقد الرفيق خالد بكداش مؤتمره الخاص به: نحن جئنا إليكم لا بصفتنا رفاقاً تائبين وطائعين، بل بصفتنا رفاقاً مناضلين، وجدوا في حزبكم فسحة من الحرية والديمقراطية يمكننا التعايش معها.
إن هذه الكلمات تؤكد أن السعي إلى عودة وحدة الحزب يمر عبر التنوع والاختلاف، ويقوم على فهم كل طرف للطرف الآخر، والاعتراف به، والتواصل معه لتحقيق وحدة الحزب.
لعلي بهذه الكلمات قدمت طرحاً مقبولاً وقابلاً للنقاش. يعالج مسألة الحرية في العلاقة بين المثقف والتنظيم الحزبي.
يوسف أبيض



#يوسف_أبيض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قدمت نصائح وإرشادات للمسافرين.. -فلاي دبي-: إلغاء وتأخير بعض ...
- -شرطة الموضة-.. من يضع القواعد بشأن ما يُسمح بإرتدائه على مت ...
- رئيسي لبوتين: إيران لا تسعى للتصعيد في الشرق الأوسط
- إسرائيل.. إصابات جراء سقوط مسيّرتين أطلقتا من لبنان (فيديو + ...
- إسرائيل تغلق الطريق رقم 10 على الحدود المصرية
- 4 أسباب تستدعي تحذير الرجال من تناول الفياغرا دون الحاجة إلي ...
- لواء روسي: الحرب الإلكترونية الروسية تعتمد الذكاء الاصطناعي ...
- -سنتكوم-: تفجير مطار كابل عام 2021 استحال تفاديه
- الأمن الروسي يعتقل مشبوها خطط بتوجيه من كييف لأعمال تخريبية ...
- أوكرانيا تتسبب بنقص أنظمة الدفاع الجوي في الغرب


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - يوسف أبيض - حرية المثقف والالتزام الحزبي