أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عليان الهندي - مصر بين إيران وإسرائيل















المزيد.....



مصر بين إيران وإسرائيل


عليان الهندي

الحوار المتمدن-العدد: 3480 - 2011 / 9 / 8 - 10:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مصر بين إيران وإسرائيل
ومؤتمر منع انتشار الأسلحة النووية NPT

شمعون شتايين

ترجمة: عليان الهندي
مقدمة
شكل مؤتمر منع انتشار الأسلحة النووية الذي عقد في نيويورك 2010 علامة فارقة في العمل الدبلوماسي المصري في كل ما يتعلق بالمشروع النووي الإسرائيلي. وتحدث القرار المتعلق بالشرق الأوسط ،من ضمن ما اتخذ، عن عقد مؤتمر دولي عام 2012، بهدف بحث الطرق تنفيذ القرار الذي اتخذ بخصوص الشرق الأوسط بمؤتمر المتابعة والإرشاد الذي عقد عام 1995.
ُوضع المشروع النووي الإسرائيلي على جدول الأعمال السياسي والأمني المصري منذ عام 1960، وهو العام الذي نشرت فيه أخبار بوسائل الإعلام الدولية عن تقديم مساعدات فرنسية لإسرائيل من أجل إقامة مركز نووي إسرائيلي في ديمونا. وما رأت فيه القيادة المصرية وسيلة إسرائيلية للوصول للقدرات النووية العسكرية ،التي حصلت عليها فيما بعد، اعتبرته تهديدا بعيد المدى لأمنها. فمن جانب، تسمع بين الفينة والأخرى من جانب القيادة المصرية التهديدات التي تواجهها مصر والعالم العربي من وجود أسلحة نووية بحوزة إسرائيل. ومن جانب أخر، يعتبر التهديد النووي الإسرائيلي في مصر أقل حدة من التفوق العلمي الإسرائيلي في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد. وهذا التفوق، الذي يعتبر المشروع النووي أحد أوجهه، يكشف وضاعة القدرات المصرية وعدم قدرتها على إيجاد ردود، وتعتبر مسا بصورة مصر الداخلية. ومن وجهة النظر المصرية، حاولت إسرائيل استغلال هذا التفوق في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي من أجل تحدي قيادة مصر الإقليمية.
وبعد فشل الجهود المصرية بمنع إسرائيل من تلقي مساعدات تحتاجها من أجل بناء قدراتها غير التقليدية، وبعد خيار القيام بخطوة عسكرية وقائية، تلخص الموقف بالتصريحات فقط، بدأت مصر تركز جهودها في المجال الدبلوماسي، في محاولة منها لتحقيق هدفها الإستراتيجي بتفكيك إسرائيل من قدراتها النووية. وتركز النشاط الدبلوماسي المصري في الساحات المختلفة مثل الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ودول عدم الانحياز ومؤسسات الأمم المتحدة وملاحقها –على ضوء موازين القوى الحالية، لمصر أفضلية على إسرائيل في هذه المؤسسات.
وفي محاولة لتحديد حجم الإنجاز المصري في مؤتمر NPT الأخير، يجب التذكير أن نشاطها الدبلوماسي الممتد لأكثر من ثلاثة عقود. وشمل العمل في مجلس الأمن واللجنة الأولى لأمم المتحدة والجمعية العمومية للأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة ومؤتمر NPT، وكذلك في الساحات التي تدير مصر صراعها ضد المشروع النووي الإسرائيلي. كما تستخدم مصر وسائل فعالة ومختلفة من أجل تحقيق هدفها، مثل تقديم اقتراحات قرارات وتقارير في قضايا المشروع النووي الإسرائيلي، التي نشرت بمبادرتها في وكالة الطاقة الذرية والأمم المتحدة، بمبرر إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية ومن أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. ويمكن التوقع أن مصر تعلم أن الهدف الذي وضعته لنفسها غير قابل للتحقيق، أو في الظروف القائمة على الأقل. ومن هنا، فإن جهود مصر مركزة عمليا في الأساس بالمحافظة على الموضوع بالوعي الدولي. وذلك من خلال أمل أنه مع مرور الوقت ستنجح بتوفير دعم كافي، يؤدي لضغوط دولية على إسرائيل لا يبقي أمامها خيار سوى الانضمام لميثاق منع انتشار الأسلحة النووية، ويؤدي من ناحية عملية إلى إخلائها من الأسلحة النووية.
ومع مرور الوقت نجحت مصر في الحصول على دعم دولي معين لموقفها، خاصة من جانب الكتلة العربية والإسلامية ودول عدم الانحياز –لكن ذلك لم يؤد لتغيير مواقف إسرائيل. ومثل هذا التغيير سيحصل في حال وافقت الولايات المتحدة على الضغط على إسرائيل لتنفيذ مبدأ دولية الميثاق وضرورة توقيع إسرائيل عليه –وهو المبدأ الذي تطالب به الولايات المتحدة منذ سنوات. وطالما لم يمارس على إسرائيل هذا الضغط، فإن احتمال تحقيق مصر لهدفها ليست كبيرة.
وقبل ثمانية سنوات، ومع انتشار الأخبار لأول مرة بخصوص جهود إيران لتخصيب اليورانيوم، تركزت الجهود المصرية في إيجاد حل دبلوماسي طويل المدى للتحدي النووي الإسرائيلي. ومنذ أن اتضحت النوايا الإيرانية بالرغبة في الحصول على قدرات نووية عسكرية، أصبحت أمام تحدي جديد، يشبه التحدي النووي الإسرائيلي. لكن المشروع النووي الإيراني يختلف في مجال أساسي هو :طبيعة التهديد الذي يشكله التحدي النووي الإيراني لمصر الذي يهدد مكانتها الإقليمية، فتطلع إيران لتغيير الوضع الإقليمي في كل الساحات بشكل عام، وفي منطقة الخليج الفارسي بشكل خاص، كوسيلة للحصول على سيطرة في المنطقة التي ترى فيها مصر منطقة تأثير خاصة بها، ويشكل التهديد الإيراني تحديا لتأثير مصر في المنطقة.
هذا الوضع من شأنه دفع مصر للبحث عن رد موثوق على تراجعها المضاعف إن كان أمام إسرائيل أو أمام إيران، نتيجة تفوق هاتين الدولتين عليها في المجال العلمي والتكنولوجي، وهذا الرد من شأنه المساعدة لعودة مصر لتحتل مكانها المناسب ،وفق وجهة نظرها، في المنطقة.
وتنبع صعوبة مصر في مواجهة التحدي الإيراني من أنها ،مثل مصر، عضوا في منظمة دول عدم الانحياز وشريكة في صراع الدول غير النووية للمحافظة على حقوقها. هذا الوضع من شأنه أن يصعب انضمام نشط لمصر ضد الطموحات النووية الإيرانية.
وعلى مصر أن تضع أملها بنجاح الجهود الأمريكية لوقف المشروعين النوويين الإسرائيلي والإيراني. وستضطر مصر لوضع قوتها من أجل إنجاح الجهد الأمريكي. وحل دبلوماسي يزيل الخطر النووي العسكري الإيراني يضعف الرغبة المصرية بمواجهة التحدي الإيراني. لكن الحل، لا يمنع مجرد الحاجة للطاقة النووية في مصر، نظرا لتحقيق إيران استقلالية في تخصيب اليورانيوم. ومقابل ذلك، فإن فشل الجهود الدبلوماسية يزيد من إحساس مصر بضرورة إيجاد أجوبة على التحدي النووي الإيراني.
التهديد الإيراني الذي يتجسد اليوم يشكل تهديدا، وإلى جانبه مأزق غير بسيط، وربما من المواضيع الأكثر تعقيدا التي تواجهها القيادة المصرية. فقدرة مصر على مواجهة التحديان –الإسرائيلي والإيراني- متعلق بدرجة كبيرة بالولايات المتحدة، التي مرت سياستها بخصوص تفكيك الأسلحة النووية والرقابة عليها، كما مرت الجهود الدبلوماسية بتغييرات في أعقاب تولي أوباما قيادة الولايات المتحدة.
والرد على سؤال، هل موقف الولايات المتحدة يساعد مصر في مواجهة التحديان المطروحان على جدول الأعمال المصري ؟، لا يمكن البحث عنه في لجنة المتابعة الأخيرة، بل يمكن التعرف عليه من المؤتمر الذي عقد عام 1995. وهو المؤتمر الذي شكل بداية مرحلة، وصلت في نهايتها (الجزئية) في مؤتمر المتابعة الأخير. وسبق المؤتمرين سلسلة أحداث ذات أهمية بالغة بخصوصنا، وهي التي سنلخصها باختصار. وبسبب الاهتمام المصري المزمن بالمشروع النووي الإسرائيلي، سأركز محاولا تقدير النتائج والجهود المختلفة التي استثمرتها مصر لتحقيق أهدافها في هذا الموضوع.

مؤتمر الـ NPT عام 1995
شهد النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي بذل جهود مصرية لمواجهة المشروع النووي الإسرائيلي، وكان مؤتمر الـ NPT عام 1995 ذروتها، واعتبر نهاية فصل بهذه الجهود. وأدناه تفصيل لسلسلة الأحداث التي وقعت في هذه الفترة، والتي استغلتها مصر من أجل دفع جدول أعمالها للأمام.
في نيسان عام 1990 تقدم الرئيس المصري حسني مبارك بمبادرة تدعو في أحد بنودها المركزية إلى إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. وطرحت المبادرة لسببين هما :الأول، المعلومات التي نشرت في ذلك الوقت بأن نظام صدام حسين يطور أسلحة غير تقليدية. والثاني، الرغبة بعدم إثارة الانتباه من التعاون المصري العراقي في تطوير صواريخ أرض-أرض (المعروف باسم قندور). ورغم أن المعارضة للمبادرة المصرية كانت واضحة، نجحت مصر بعرضها باعتبارها مساهمة لقرار مجلس الأمن 687 بخصوص القدرات غير التقليدية للعراق. المبادرة والقرار اعتبرتا من قبل مصر عاملا مساعدا لمعالجة المشروع النووي الإسرائيلي.
وفي أيار من عام 1991 عرض الرئيس الأمريكي جورج بوش مبادرة إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. إضافة إلى عنصر التسلح التقليدي (كانت محاولة لصياغة خطوط عامة تمنع مزودي الأسلحة من الدول الكبيرة تزويد أسلحة تساعد على عدم الاستقرار). وتضمنت المبادرة بندا يتحدث عن الأسلحة غير التقليدية (نووية وكيماوية وبيولوجية) وصواريخ أرض-أرض. وفي المجال النووي طالبت المبادرة، وضع وسائل مراقبة لمنع إنتاج وتزويد المواد النووية مثل اليورانيوم والبلاتينيوم. وبالإضافة لذلك، ُطلب من الدول التي لم توقع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التوقيع عليها، ووضع مرافقها النووية تحت إشراف وكالة الطاقة الذرية. بعد ذلك، عبرت الولايات المتحدة عن دعمها لإقامة منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية. من جهتها باركت مصر المبادرة الأمريكية وأوضحت أنه المبادرة يجب أن تشمل إسرائيل، خاصة على ضوء التقارير التي تتحدث عن امتلاكها المواد النووية.
الرغبة باستغلال نتائج حرب الخليج الأولى بهدف تحريك عدة خطوات تساهم في تغيير الشرق الوسط، دفعت الإدارة الأمريكية إلى عقد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط (تشرين أول عام 1991)، على أمل أن يؤدي ذلك لإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي. وبهدف المساعدة في المفاوضات الثنائية بين إسرائيل وجاراتها، بادرت الولايات المتحدة لعقد مفاوضات متعددة الأطراف بهدف خلق تعاون إقليمي يساعد بدمج إسرائيل في المنطقة. ومن أجل تحقيق الهدف أقيمت خمسة لجان تفاوض في مواضيع مختلفة. واهتمت أحد هذه اللجان بالرقابة على الأسلحة والأمن الإقليمي (ACRC). ودعمت مصر المبادرة الأمريكية لإقامة هذه المجموعة (التي لم تكن في المشروع الأصلي) التي رأت بها فرصة كبيرة لمعالجة المواضيع المتنوعة.
وفي خطاب افتتاح المحادثات متعددة الأطراف بموسكو في شهر كانون أول عام 1992، أوضح وزير الخارجية المصري حينها عمرو موسى أنه يتوقع من هذه اللجان التطرق للموضوع النووي. ولم تحتاج مصر لوقت طويل من أجل أن تفهم أنها لا تستطيع تحقيق هدفها من خلال هذه اللجان، وان استمرار عملها يعرض قدرتها لبلورة جدول أعمال عربي جديد، ومن الناحية العملية يهدد قيادتها الإقليمية. التفاعل العربي مع إسرائيل مس بانفراد مصر في علاقاتها بإسرائيل. ورأت مصر بعملية التطبيع التدريجي بين إسرائيل ودول عربية أخرى في المنطقة التي جرت من دون أن تدفع إسرائيل أي مقابل (وفق الرؤية المصرية خاصة في الموضوع النووي) تهديدا لها. ونتيجة لذلك، كان وقف مفاوضات (ACRC) مسألة الوقت التي توقفت عام 1995 نهائيا. وكانت المفاوضات متعددة الأطراف للرقابة على الأسلحة والأمن الإقليمي هي الأولى من نوعها في النزاع العربي الإسرائيلي، وكشفت بسرعة الخلافات بين إسرائيل ومصر بخصوص الهدف من إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل ووسائل إطلاقه ووقت البحث فيه، رغم الاتفاق المبدئي بين الطرفين حول الحاجة إليها.
ومنح مؤتمر معاهدة الأسلحة الكيماوية CWC الذي عقد بباريس خلال عام 1993 مصر فرصة أن تطرح على جدول أعمال المؤتمر مبادرة جديدة-قديمة بإقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. وقبل المؤتمر، أوضحت مصر أن عدم انضمام إسرائيل إلى معاهدة NPT سيدفعها لعدم التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة الكيماوية. وخلاصة الأمر، عندما جاء وقت التوقيع، لم تنجح مصر في توحيد العرب لأن بعض الدول العربية خضعت للضغوط الأمريكية ووقعت على المعاهدة.
ورافق الاستعدادات المصرية للمؤتمر الكثير من التصريحات، الهادفة إلى التركيز على التهديدات القادمة من الأسلحة النووية الإسرائيلية على أمن مصر والعالم العربي. التصريحات التي رافقها جهد دبلوماسي ضخم، تسببت بتوتر العلاقات مع إسرائيل، رغم محاولة الأطراف التقليل من حدة التوتر. وحسب موقف بعض الجهات المصرية، فقد فوتت مصر فرصة ابتزاز أية إنجازات من إسرائيل بعد أن وقعت على اتفاق السلام معها ووافقت على معاهدة NPT (تحت حكم الرئيس المصري). ومن أجل ذلك، فإن مؤتمر المعاهدة الكيماوية بدى فرصة لن تعود لوضع المشروع النووي الإسرائيلي على جدول العمال، بشكل يجبر مؤتمرات مشابهة في المستقبل للاهتمام في هذا المشروع.
واستغلت مصر حتى النهاية نوايا الولايات المتحدة بخصوص تمديد معاهدة NPT من دون قيود زمنية وجندت الدول العربية، التي نجحت من خلالها بالاعتراض على تمديد صلاحية المعاهدة كما تطالب الولايات المتحدة. وفي نهاية النقاشات استجابت مصر للضغوط التي مورست عليها ووافقت على دعم التمديد، مقابل تبني قرار بخصوص الشرق الأوسط الذي اتخذ من دون تصويت.
وذكر القرار بخصوص الشرق الأوسط ،من ضمن ما ذكر، أن تبني الأهداف والمأمول من مسيرة السلام ودعم تقدمه يساهم في إقامة منطقة خالية من السلاح النووي، مثل أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. وبالإضافة لذلك، تحدث القرار عن مطالبة الدول التي لم توقع على المعاهدة الانضمام لها، وأن تأخذ على عاتقها الالتزامات الدولية وأن لا تشتري أسلحة نووية أو مواد مشعة، وطالبها إخضاع منشأتها وفق الالتزامات الدولية. وعبر عن القلق من وجود أماكن في الشرق الأوسط لا تخضع للرقابة من قبل وكالة الطاقة النووية الدولية. وطلب من الدول التي تمتلك مثل هذه المواقع إخضاعها لإشراف كامل لوكالة الطاقة الدولية. كما تحدث البيان عن أهمية التنفيذ المبكر للانضمام العالمي للمعاهدة وطالب الدول في المنطقة التي لم توقع اتخاذ خطوات عملية من أجل إقامة منطقة الشرق الأوسط كمنطقة خالية وحقيقية من أسلحة الدمار الشامل –النووية والكيماوية والبيولوجية- ووسائل إطلاقها، وطالب الأطراف الامتناع عن اتخاذ خطوات من شأنها المس بتنفيذ مبادئ المعاهدة.
ويمكن اعتبار القرار بخصوص الشرق الذي اتخذ بمؤتمر NPT عام 1995 إنجاز مصري، حيث نجحت بوضع المشروع النووي الإسرائيلي (رغم عدم ذكر اسم إسرائيل صراحة) في البيان الختامي، وبذلك حولت الاهتمام بهذا الموضوع من مصري وعربي إلى دولي. وساعد القرار المصريين بمواصلة جهودهم في الـ 15 عام التي تلت هذا القرار، حتى مؤتمر 2010، والذي في إطاره وضعت مصر لها هدفا وهو تنفيذ القرار الذي اتخذ في عام 1995.

مؤتمر المتابعة -2010
جاءت الفترة التي سبقت عقد مؤتمر المتابعة عام 2010 في ظل ثقيل فرضته دول مثل كوريا الشمالية وليبيا وإيران وسوريا، التي مست نشاطاتها بمصداقية الرقابة الدولية ووضعت شكوكا بقدرتها على مواجهة مخاطر الانتشار النووي. وشكل، قرار إدارة بوش التوقيع على اتفاق تعاون نووي مشترك مع الهند، والتعاون الباكستاني-الصيني في نفس الموضوع، ضربة إضافية لمستقبل نظام الرقابة الدولية.
وتولي الرئيس أوباما الرئاسة في الولايات المتحدة، وتبنيه وجهة نظر مختلفة في سلسلة مواضيع، من ضمنها مواضيع إخلاء الأسلحة والرقابة على التسلح، أثارت توقعات بالتغيير بعد ثمانية سنوات من حكم بوش. وفي خطابه بالعاصمة التشيكية براغ بشهر نيسان عام 2009 فصل أوباما إستراتجيته في موضوع التهديدات النووية، التي يقع في أساسها الالتزام الأمريكي بإخلاء العالم من الأسلحة النووية وتعزيز نظام NPT ومنع الانتشار النووي ومنع سقوط أسلحة نووية أو مواد مشعة بأيدي الإرهابيين. وفي خطابه شرح أوباما الخطوات التي ينوي اتخاذها من أجل تحقيق هذه الاستراتيجية. حيث أكد على التزامه بتعزيز معاهدة NPT والقيام بالدور المنوط بالولايات المتحدة (مع بقية الدول النووية) بالمحافظة على المعاهدة التي تدعو لتفكيك الأسلحة النووية وعدم بيع أسلحة نووية لدول أخرى، مع التأكيد على حق الدول بتطوير الطاقة النووية للاحتياجات السلمية.
وخلال عام 2009 عمل اوباما من خلال عدة مسارات بهدف تحقيق الهدف الذي وضعه لنفسه وهو عالم خالي من الأسلحة النووية، حيث بادر إلى عقد قمة خاصة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (مارس 2009) ودفع باتجاه اتخاذ قرار 1887 الذي يهتم بمنع انتشار الأسلحة النووية، وقرر إعادة تقييم السياسة النووية للولايات المتحدة (Nuclear Posture Review) بشكل تعبر عن رؤيته. وعقد المؤتمر الدولي في واشنطن (نيسان 2010) الذي كرس لمخاطر الإرهاب النووي ووسائل منع انتشاره، وإجراء مفاوضات حثيثة تؤدي للتوقيع على معاهدة START مع روسيا. كل هذه الخطوات كانت وسائل لبناء الثقة هدفها ،من وجهة نظر اوباما، تهيئة الأرضية لعقد مؤتمر المتابعة لـ NPT . وفي الجلسات التحضيرية للمؤتمر وفي التصريحات التي سبقته تحدث مندوبي الإدارة الأمريكية عن الالتزام الأمريكي بتنفيذ القرار الصادر عام 1995 المتعلق بالشرق الأوسط. وكان هذا الموقف عاملا مشجعا لمصر، بعد أن عبر مندوبيها إلى المؤتمر عن خيبة أملهم وعدم رضاهم من مرور 15 منذ تبني قرار حول الشرق الأوسط من دون وضع أي خطط لتنفيذه.
ومنذ عام 2006 يمكن تمييز استراتيجية مصرية جديدة في الموضوع النووي الإسرائيلي، التي عبر عنها في النقاشات التي تجري في وكالة الطاقة الدولي. وحتى ذلك الوقت ،وخلال سنوات، طرح في الوكالة الدولية للطاقة اقتراحين لصدور قرار من قبل الوكالة كانت مصر الروح الباعثة له. ففي عام 2006 قررت مصر أن ُتخرج من اقتراح القرار المتعلق بإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية البند المتعلق بمسيرة السلام، وإضافة بند متعلق بإسرائيل (التي لم تذكر حتى ذلك التاريخ) بالانضمام إلى معاهدة NPT. وفي محاولة لدفع دول أخرى لدعم هذا القرار أزالت مصر من هذا الاقتراح في عام 2008 كلمة "تهديد" لوصف القدرات الإسرائيلية. وانتهت هذه المحاولة بنجاح. وواصلت مصر طريقة إدارتها المذكورة منذ عام 1995 وحتى قبل ذلك، أي زيادة حدة ودعم الدول المعادية لإسرائيل في المجال النووي.
وخلال النقاشات التحضيرية طرحت مصر اقتراح يعبر عن رغبتها بالانتقال من مرحلة التصريحات إلى مرحلة تنفيذ القرار الصادر في عام 1995. وأوضح مندوبي مصر في المفاوضات أن مصر لن تدعم البيان الختامي للمؤتمر إذ لم يتضمن خطوات عملية لتنفيذ القرار المذكور. بكلمات أخرى، لن تسمح مصر لأوباما بتنفيذ تطلعه بإنهاء المؤتمر ببيان ختامي إذا لم تأخذ مطالبها بعين الاعتبار. وعليه، تضمن البيان الختامي الذي صدر بعد شهر من المفاوضات قرار بذكر القرار المتعلق بالشرق الأوسط عام 1995 (وإقراره مرة أخرى في مؤتمر المتابعة الذي عقد عام 2000) الذي حدد إسرائيل بالاسم حيث أكد البيان الختامي على أهمية انضمامها للمعاهدة وضرورة وضع منشأتها النووية للرقابة من قبل وكالة الطاقة النووية. وذكر في البنود أن على سكرتير عام الأمم المتحدة والدول الراعية لقرار مجلس الأمن الصادر عام 1995، وبعد التشاور مع دول الشرق الأوسط ،التي ستجتمع في عام 2012 بمشاركة كل الدول، أن تعمل على إقامة منطقة خالية من السلاح النووي أو من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. وُذكر أن سكرتير عام الأمم المتحدة والدول الراعية ستقرر الدولة التي سيعقد فيها المؤتمر. وبالإضافة لذلك، وخلال المشاورات مع دول المنطقة، يعين منسق (acilitator) يعمل على التحضير لمؤتمر عام 2012 ويساعد في تنفيذ القرار الصادر عام 1995، وكذلك يشرف على تنفيذ الخطوات التي سيقررها ويقدم تقرير لمؤتمر المتابعة القادم وللجهات التي تشرف على المؤتمر.
ولخوف مصر من تعطيل إيران، التي أرادت إبعاد الاهتمام من خوض حساب عسير معها في المؤتمر بسبب سياستها النووية وطريقة إدارتها لمواضيع إخلاء المنطقة من السلاح، للاقتراح الذي اتفق عليه، استعانت مصر ببعض دول عدم الانحياز الذين أوضحوا لإيران أنهم لن يدعموا أي قرار هدفه منع التوصل لبيان ختامي. وأمام عدم وجود خيار أخر ونتيجة للضغوط انضمت للإجماع ، بعد أن ُوعدت بعدم ذكر اسمها.
ورغم عدم تلبية القرار الذي اتخذ كل المطالب المصرية، يمكن القول أن تنفيذ القرار حول الشرق الأوسط الذي اتخذ عام 1995 شكل سابقة. ومن هذه الناحية، يدور الحديث عن انجاز مصري. ومثل مؤتمر عام 1995 استغلت مصر عملية تهديدها بالخروج عن الإجماع الذي يمنع التوصل لاتفاق لتمديد المعاهدة لفترة غير محدودة من أجل أن تبتز من الولايات المتحدة قرار شرق أوسطي. وحصل نفس الموقف من مصر في المؤتمر الحالي، حيث استغلت مصر الإصرار الأمريكي على إنجاح المؤتمر، من أجل الحصول على اتفاق بصيغة البيان الختامي، حيث كانت الإدارة الأمريكية مستعدة لدفع الثمن على حساب إسرائيل، مثل التنازل عن عدم ذكر اسم إيران. ومع ذلك يبدو أن انجاز الإدارة الأمريكية قصير الأمد، وأشك أنه يساعد في تقوية نظام NPT .

مصر والتهديد النووي الإيراني
انشغلت ولم تكن قلقة مصر وبقية دول الشرق الأوسط من الجهود الإيرانية للحصول على قدرات نووية عسكرية. ويعتقد أن القلق لا ينبع من خوف مصر من هجوم إيراني عليها، بل من انعكاسات التسلح النووي في زيادة الثقة الإيرانية بقدراتها الذاتية، وبتعزيز مكانتها الاقليمية في المنطقة، وانعكاس ذلك على استقرار ومكانة مصر الإقليمية. ورغم ذلك فإن هذا القلق لا يعبر عنه بتصريحات مصرية علنية. وفي ردودها العلنية يمكن تلخيص المواقف المصرية التالية من موقفها من المشروع النووي الإيراني وهي:
1. دعم حق إيران بالحصول على التكنولوجيا النووية وتطويرها للاحتياجات السلمية.
2. دعم الجهود الدولية لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي
3. رفض حل المسألة النووية الإيرانية بطرق غير سلمية.
4. مقابل الأهداف المذكورة، هناك حاجة للاهتمام بالقدرات النووية الإسرائيلية والعمل ضد منطق المعايير المزدوجة في التعامل مع المشروعين النوويين الإسرائيلي والإيراني.
5. حل مشكلة انتشار الأسلحة النووية يجب أن يتم في إطار المفاوضات الهادفة لإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.

والدليل الذي يشهد على تفضيل مصر معالجة الملف النووي الإسرائيلي قبل التهديد النووي الإيراني يمكن التعرف عليه من المؤتمران اللذان عقدا لتمديد معاهدة NPT . وفي المؤتمر الذي عقد عام 2005 دافعت مصر عن إيران من الضغوط التي مورست عليها في جلسات المؤتمر. وفي مؤتمر عام 2010 كانت مصر على استعداد للتضحية (مع الولايات المتحدة) بعدم ذكر إيران في البيان الختامي من أجل الحصول على دعمها بصياغة البيان. لكن ذلك لا يقلل بالضرورة من خطورة التهديد الإيراني على مصر. ويعتقد أن مصر لم تكن لتعارض ذكر إيران في البيان الختامي لولا رغبتها في التصدي للتهديد الإسرائيلي أولا. ولأن الملف النووي الإيراني يعالج في إطار مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي، شعرت مصر بأهمية طرح المشروع النووي الإسرائيلي في مؤتمر NPT بشكل خاص وفي الحلبات الدولية بشكل عام.
التوضيحات حول التصرفات المصرية المعتدلة بخصوص إيران لا تقلل من القلق المصري من التطلعات النووية لإيران وخطواتها العملية لتنفيذها، التي تكشف أمام الجميع حالة الضعف التي تمر بها مصر. ومن وجهة النظر المصرية ،المتعلقة بإيران وإسرائيل سويا، فإن ما يجري بهاتين الدولتين ليس فقط منافسة قائمة على التأثير والقيادة في المنطقة فقط، بل بقدرات هاتين الدولتين التكنولوجية والعلمية التي تسمح لهما ببناء قدرات نووية. وذلك يكشف نقاط الضعف المصرية. وبالنسبة لمصر، فإن الفرق بين التهديد الإيراني والتهديد الإسرائيلي هو أن إسرائيل لا تهدد استقرار أنظمة الحكم في المنطقة، في حين تعتبر إيران من قبل مصر دولة تتطلع لتغيير جدول الأعمال الإقليمي القائم.
الخوف من تطلعات إيران بالسيطرة على الخليج الفارسي ومن تحققها بشكل فعلي يعبر عنها بتصريحات قادة دول الخليج. ولأن هذه التطورات تحدث في منطقة تأثير مصري ،تزيد من حدة التحدي الذي تواجهه إيران، فإن ذلك يلزمها بإعادة تقييم جدي للوضع وبلورة استراتيجية رد مناسبة
والدليل الذي يشهد على تفضيل مصر معالجة الملف النووي الإسرائيلي قبل الملف النووي الإيراني يمكن التعرف عليه من المؤتمران اللذان عقدا لتمديد المعاهدة المذكورة.

خلاصة
يعتبر مؤتمرا NPT اللذان عقدا عام 1995 وعام 2010 نقطة تحول باستراتيجية مصر لتحقيق هدفها وهو :تفكيك القدرات النووية الإسرائيلية. ففي مؤتمر عام 1995 نجحت في استصدار قرار بخصوص الشرق الأوسط وبذلك وضع الموضوع النووي على جدول أعمال مؤتمرات مشابهة في المستقبل. ومع ذلك، لم تنجح مصر خلال العقد والنصف الماضيين بالحصول على قرار يتضمن خطوات عملية لتنفيذ القرار الصادر عام 1995.
ومن أجل تقييم حجم الإنجازات المصرية، يجب التذكير أنها وضعت المشروع النووي الإسرائيلي على جدول أعمالها الوطني قبل أربعون عاما، عندما وضعت مع إيران في عام 1974 على طاولة الجمعية العمومية للأمم المتحدة بحجة إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية.
وانتقد المندوب المصري في مؤتمر عام 2010 عدم التقدم بتنفيذ القرار الصادر عام 1995. ورغم الجهد الدبلوماسي الطويل والمكثف لم تنجح مصر بضم إسرائيل إلى NPT ووضع كل منشأتها النووية تحت الإشراف الدولي وإصدار تقارير حول تعاونها، والحصول على تقرير شامل حول النشاطات النووية الإسرائيلية. وبالإضافة لذلك، وبعيدا عن الدعم الإسرائيلي المبدئي للمبادرة المصرية بإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأية أسلحة دمار شامل أخرى، لم تنجح مصر بتنفيذ القرارات التي اتخذت في المحافل الدولية بصورة كبيرة. وإلى ذلك، يجب أن نضيف اقتراحات القرارات بمؤسسات الأمم المتحدة ولجنة الطاقة الدولية الهادفة للضغط على إسرائيل، وبالتالي عزلها. ورغم نجاح مصر باستصدار عدد ليس بسيط من القرارات، إلا أنها لم تدفع إسرائيل لتغيير مواقفها أو الحديث عن تقدم بالموضوع. وطالما لم تحقق مصر هدفها، فإن "سياسة الضبابية" التي تتبعها إسرائيل بالموضوع النووي تخدم المصلحة المصرية. وهذا الموقف سيتغير عندما تظهر دولة نووية أخرى في الشرق الأوسط.
المؤتمر الذي اتفق على عقده عام 2012، إذا عقد، هل سيكون مؤتمر لمرة واحدة أو يتم الاتفاق على تنفيذ أي قرار يتخذ. ويفترض أن مصر ستبذل كل جهد مستطاع في الفترة القريبة من أجل عقد المؤتمر. ومع ذلك، يجب التذكير أن نجاحها مرتبط بدرجة كبيرة بمواقف الولايات المتحدة. وكما ذكر، لولا الإصرار الأمريكي عام 1995 وعام 2010 لتحقيق أهدافها (المؤتمر الأول كان الهدف منه تمديد عمل المعاهدة من دون سقف زمني، والمؤتمر الثاني أن تنهي بنجاح كدليل على إصرار الولايات المتحدة والرئيس أوباما في مجال الأسلحة النووية)، أشك أن باستطاعة مصر تحقيق ما أنجزته.
التحفظات التي طرحت من قبل أوباما، خاصة مستشاره للأمن القومي، في أعقاب المؤتمر والشروط المسبقة التي حددها كشرط لعقد المؤتمر القادم (وأشك أنها ستتوفر في الفترة القريبة) تضع علامات استفهام كبيرة أمام عقد المؤتمر في عام 2012. وبالإضافة لذلك، فإن الواقع غير المستقر للشرق الأوسط ،ربما تقع أحداث سيكون لها انعكاس على قرار الولايات المتحدة بدعم عقد المؤتمر أو تأجيله. وإلى جانب التحفظات الأمريكية، يجب التذكير بالالتزام الأمريكي بتفكيك الأسلحة النووية، ودعم اوباما من الناحية المبدئية عالمية معاهدة NPT ومطالبة كل الدول بالانضمام إليها، وكذلك دعمه إقامة منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. ويعتقد أن عدم توفر الشروط لعقد المؤتمر سيجد أوباما صعوبات بإثبات التزاماته تجاه إسرائيل.
وفي نهاية مؤتمر عام 2010 صدر عن الحكومة الإسرائيلية بيانا يتطرق لما اعتبرته "الخلل والحقد" من القرار المتخذ وقالت أن أي دولة ليست موقعة على المعاهدة ليست ملزمة بتنفيذ قراراته. وأضافت أنه وبسبب "الطابع الظالم لا تستطيع إسرائيل المشاركة في تنفيذ قرارات المؤتمر". ومنذ ذلك التصريح لينت إسرائيل من مواقفها وقالت أن الموضوع قيد البحث.
وبعيدا عن الظروف التي ستسود قبل عقد المؤتمر بأشهر، يأمل أن تدرس إسرائيل سلبيات وايجابيات المشاركة أو عدم المشاركة في الإعداد للمؤتمر. الشروط والتحفظات الكثيرة والمهمة التي طرحها الرئيس أوباما ومستشاره للأمن القومي تمكن إسرائيل من التفاوض مع الولايات المتحدة (بأسرع وقت) بهدف التوصل لتفاهمات لعناوين وإجراءات المؤتمر القادم، بشكل يمكن إسرائيل من المشاركة فيه، من دون أن تعرض مصالحها الأمنية للخطر.
المشروع النووي الإسرائيلي، الذي حولته مصر بسهولة لتهديد لكل العالم العربي، استغل من قبلها كوسيلة لإظهار زعامتها وتعزيز مكانتها الدولية. ومن هذه الناحية، تسجل مصر لنفسها انجاز بحقيقة نجاحها في وضع المشروع النووي الإسرائيلي على جدول العمال الدولي. ومع ذلك، تدرك القيادة المصرية أن قدرتها على تنفيذ هذا الهدف في ظل الظروف الشرق أوسطية الحالية ضعيفة، كذلك تدرك أن هناك تفهم متزايد في الغرب أن السلام في الشرق الوسط يسبق إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية.
ولوزير الخارجية المصري السباق تصريح من أواسط تسعينيات القرن الماضي الذي قال فيه :"أن مصر لا تتحمل وجود دولتين نوويتين في الشرق الأوسط". ومنذ ذلك التصريح يتزايد وجود مثل هذا السيناريو. وعلاوة على ذلك، لا نستطيع تحديد الوقت الذي ستصبح فيه إيران دولة نووية، لكنها في الوقت الحاضر أثبتت قدراتها التكنولوجية والعلمية على قدرتها بتخصيب اليورانيوم، وهذا الوضع يخلق تحديا لمصر يلزمها بالتحضير لمواجهة التحدي الأخر القادم إليها. والخيارات المطروحة أمام مصر من أجل مواجهة التهديد الإيراني (منافسة وتهديدا) والإسرائيلي (منافسة محتملة) هي أربعة خيارات :
1. الخيار الدبلوماسي – أي استمرار دعم الجهود الدبلوماسية، وذلك على خلفية المشروع النووي الإيراني والخوف من امتداد ذلك لبقية دول الشرق الأوسط. وفي حال حصول إيران على قدرات نووية عسكرية، سيدفع المجتمع الدولي للاعتراف بضرورة سرعة تحويل الشرق الأوسط لمنطقة خالية من الأسلحة النووية. الجهد الدبلوماسي المصري في هذا الموضوع سيتواصل في الساحة الدولية. لكن لتهديد إيران النووية انعكاسات فورية على مصر.
2. اتخاذ قرار ببناء قدرات نووية عسكرية (القرار سيكون سريا كما هو مفهوم). والخطوة الأولى في هذا المجال هي تطوير بنية تحتية نووية علمية-تكنولوجية، وشراء مثل هذه القدرات وتطويرها مرتبط باستثمارات وميزانيات ضخمة. وبعيدا عن الميزانيات، سيكون لمثل هذا القرار أبعاد سياسية وقانونية. ومن الواضح أن مثل هذا القرار، إذا اكتشف أمره، سيكون له انعكاسات على العلاقات الخارجية لمصر بشكل عام، خاصة علاقاتها بالولايات المتحدة. كذلك فإن بناء قدرات نووية مصرية لن يستجيب للتحديات التي يشكلها المشروع النووي الإيراني لا في المدى القريب ولا المتوسط. وإعلان مصر بخصوص تطوير بنية تحتية علمية-تكنولوجية تستخدم لمواجهة الظروف الإقليمية الجديدة، لتختار بعد ذلك بناء قدرات نووية عسكرية أو مدنية.
3. الدمج بين الخيارين الأول والثاني.
4. شراء أسلحة نووية من كوريا الشمالية. فالعلاقات الوثيقة في المجال العسكري التي تطورت على مدار عشرات السنوات الماضية بين مصر وكوريا الشمالية ستكون رافعة لشراء مثل هذه الأسلحة. وفي حال قررت مصر شراء أسلحة نووية من كوريا الشمالية، فإن لمثل هذا القرار انعكاسات على علاقات مصر الخارجية بشكل عام ومع الولايات المتحدة بشكل خاص.
تكشف القدرات النووية الإسرائيلية والإيرانية عن حالة الضعف المصري في المجال العملي والتكنولوجي ويضعف صورتها كزعيمة للعالم العربي. ويبدو أن القدرات المصرية ،التي تواجه اليوم تغييرات في القيادة، للرد على التحديان المذكوران تبدو محدودة، ومن الناحية العملية لا تملك مصر خيار مريح وقابل للتنفيذ أمام التهديدان اللذان تشكلها الدولتان عليها.




#عليان_الهندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة لخطاب خالد مشعل في احتفالية المصالحة الفلسطينية
- مسرة السلام في شرق أوسط مضطرب -الحلقة الثانية
- مسيرة السلام في شرق أوسط مضطرب- الحلقة الأولى
- المطالب الأمنية الإسرائيلية من الدولة الفلسطينية منزوعة السل ...
- مؤتمر هيرتسليا الإسرائيلي ومصر


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عليان الهندي - مصر بين إيران وإسرائيل