أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى حجي - من يقينا عراء المواطنة و ذئاب الانتهازية..؟؟؟ رسالة حبّ الى وطني















المزيد.....

من يقينا عراء المواطنة و ذئاب الانتهازية..؟؟؟ رسالة حبّ الى وطني


هدى حجي

الحوار المتمدن-العدد: 3478 - 2011 / 9 / 6 - 20:28
المحور: الادب والفن
    


من يقينا عراء المواطنة و ذئاب الانتهازية..؟؟؟ رسالة حبّ الى وطني


قلت لوطني :"صباح الحبّ "و انا أداعب بأصابعي حبّات ترابه المبللّة بالنّدى وبقايا مطر ..

و همست في أذنه كلمات ظلّت تؤرقني في ليلتي المسهّدة التّي لم يكد يطلع لها فجر ":هل أحببناك حقّا بحجم الحدائق و الزّنابق و غابات نخيلك التي لفّتنا في ملاءة حنانك الخرافيّ؟ .

هل عشقناك حقّا بقدر ما منحتنا من زرقة بحر و سماء يتعانقان فيك و يتمرّغان في غبار رموش الشّمس الدافئة.

حقولك المشتعلة بالكستناء و شقائق النّعمان وحدها كتبت حكاية حبّ منسيّة على جبين الزّمان .. روتها منذ عليسة و طارق بن زياد أهداب القمر التّي تلثم بوله كعب الأبيض المتوسّط كل غسق لترسم على السّاحل الممتدّ كقوس قزح صولات سيوف الفاتحين و قبلات النّدى لشفاه الورد

وحدها أنامل نسيم الياسمين تعزف موّشحا أندلسيّا على قيتارة الوطن القبليّ فتغار حقول البرتقال و الليمون و تنثر فراشات عبقها الأسطوريّ في كل الاتّجاهات و وحده عبق الشّيح و الإكليل يذكر كيف كان يمتزج بحداء قوافل الهلاليّن يتعقّبون الماء و الكلأ في الفيافي الوعرة و يردّدون ما قال أبو زيد من أشعار بدويّة في عيون الجازية

ينتابني احساس غريب ازاءك يا وطني :هو مزيج من حيرة و صمت يشبهان لامبالاة ابن خلدون و هو يقبع هناك في ذلك الشارع المصطخب بالأحداث و البشر معتصما بالصمت و الحكمة ..لعله يلتزم بما قطعه على نفسه من عهد حين قرر اعتزال معترك السياسة لما حملته له من تعاقب نحس و توالي حبس بعد بلاطات عزّ و سؤدد كرسيّ . لذلك اعتزل السّياسة و أقام في قلعة ابن سلامة بالجزائر مستقرئا احوال الأمم و وقائع الدول و استخلص العبر مما لاحظه في طبائع البشر من عصبية تقيم الدول و تقعدها و كتب مقدّمته الشّهيرة .

حسدت ابن خلدون على كينونته الفولاذية و برنسه الحديدي الذي يقيه برد التاريخ و وخزتني آدميتي المرتجفة من عراء المواطنة و لبوسها الخفيفة التي ما دثرتني يوما من برد ..مازلت على عهدي بالبرد انشد دفء المجموعة فترتجف اناملي من رياح القبلية و زمهرير العصبية و اعتراني الإحساس بالذنب و لست أعرف لي من ذنوبي تجاهك يا وطني سوى اني لم أتقن بعد طقوس حبّك .. فمن سأعاتب يا ترى ؟ و بأي جمر الحرف سأجلد هذه اللّحظة المتهافتة من تاريخنا االمتهافت .تاريخنا الذي لكثرة ما انفرطت لحظاته المتهافتة اضحى التهافت بعينه حتى إنك لتراه يرتدي جلده البائس حدّ الرثاثة فتطل من ثقوبه المظلمة شرانق الكره و عناكب الحقد و الضغينة

و ضجّت في رأسي المعتمل كالمرجل شهوة ساديّة قاتلة تودّ لو تشطر رأس التهافت بسيف يشبه سيوف الجلاّدين الذين لم يكلّوا يوما عن هواية ضرب الأعناق منذ الحجّاج بن يوسف الى بشّار نعيجة الذي لم يستأسد يوما على مغتصبي الجولان و تحول أسدا مفترسا لشعبه ..

غير أنّ سيوف عتاب قاس تجتمع فوق رأسي و تهوي على صدري لتخنقني بلوعة حارقة فأجدني استجمع من حنقي حطبا وددت لو أشوى على نار غضبه ضمائر من لا يحترفون غير نخاسة الوطن و لا يتقنون غير اللّصوصيّة و انتهاز الفرص

كم من ديمات الاعتذار يجب ان تهمي على جبينك يا وطني كي ينطفئ سعير من ذنوب المخطئين

كم قصرنا تجاهك يا وطني و شاهدنا جريمة اغتصابك بعيون وقحة و اقترفنا خطيئة الصمت و شهادة الزور بحق تاريخك ..تارة باسم الخوف و حينا بعنوان اللّامبالاة و أحيانا بذرائع التقيّة و ما كان يختبئ في جراب جبننا غير حيّات النفعيّة و سحالي المصلحيّة و عقارب الولاءات القبليّة و ضفدعة الأنا المتورمة حتى التّعفن

يبدو أننا أحببناك ايّها الوطن المكابر على طريقة حبّ رئيسنا المخلوع لزعيمنا و مجاهدنا الأكبر الذّي رُكن ذات شيخوخة الى مستودع التّقاعد القسريّ .كم هو مؤذ ذاك الحبّ و كم هو مخاتل يدّس السّم في الدّسم . فهل هذا هو الدّرس الأول و الأخير الذّي تعلّمناه من الفرخ الذي نقر عين أبيه و القرصان العسكريّ الذّي أعدّته لنا المخابرات الأمريكيّة ليختطف مركب أحلامنا البسيطة عقدين و نيّف ..لم يكتف على بابا و لصوصه الذين لا أدري إن كانوا أربعين أو مائة أو ألف أو مليون لست أدري كم عددهم لكنّي أدري أنّهم لم يسرقوا فقط رغيف خبزنا بل نهبوا آثار تاريخنا الوهّاج و أحلام شبابنا الطّموح و خنقوا أصواتنا التّي أّضحت طيورا حبيسة في زنازين الصمت و العتمة . لم يعد مهما كلّ ذلك اليوم و ليس يعنيني عدد من مضى منهم و من من مازال يقبع تحت جلدنا يمتص دمنا و نسغ ما كان و ما سيكون..ليس دودهم الذي خاتلنا و تخفّى تحت طين الأرض ثم عاد يرقات تستعطف انفاس الحياة ثم تكاثر جرادا يسدّ عيون الضوء و يخنق أنفاس الثورة..ليس هذه الآفة التي لعقت دمنا سنوات و سنوات ..ليس ذلك ما يخيفني و يملأ ليلي بالكوابيس إنّما ما يرعبني حقا و يسرق من أهداب عيني كحل الأمل هو ما اختزلناه فينا من عادات اللصوص القدامي و ما تشربناه من جرائمهم و عنجهيتهم و نفاقهم و شقاقهم و انتهازيتهم و عسفهم و جورهم و استبدادهم حيث أضحى كل واحد فينا يحمل في داخله دكتاتورا يرى الوطن بيته الصغير و يرى المواطنين اعداءه فلا حقل الا حقله و لا غيمة الا لتروي زرعه و لا طريق الا ليعبر الى بيته و لا قرش الا ليسقط في جيبه فكل قيم المواطنة في مدرسة بن علي هي شعارات سريعة الاشتعال و مدمرة طالما لا نوظفها في خدمة الذات و الفرد و المصلحة الخاصّة و الحزب . لذلك استوعب المواطن قيم الانتهازية و استبطن في لاوعيه انه فرد في غاب و أنّه مستهدف بالظَلَمَة و اللّصوص و أن عليه أن يستظلّ بسقف آخر غير سقف القانون و أن يحتمي بظل آخر غير ظلّ الدّولة فكانت العائلة و العشيرة و القبيلة و الأنا العليا هي التي تسيطر و تستبدّ و تستنفر الذئب الكامن في الانسان كي يثبت له موطئ قدم و لو على رقاب بني جلدته

كم يلزمنا من سنوات قهر أخرى حتى نستوعب درسك الاول و الاخير يا وطني..كتبت لنا ببحرك و برّك ..بتلال عزّتك و وواحات نخلك ..بقباب زيتونك و مآذن جوامعك و أسوارك الخالدات ..كتبت لنا ملحمة عشقك

متى تقينا من عراء المواطنة و من ذئاب الانتهازية؟

متى نفك الحرف و نتقن أبجديّة حبّك






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس nategafany.emis ...
- “رابط مباشر” نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول برقم ال ...
- امتحان الرياضيات.. تباين الآراء في الفروع العلمي والأدبي وال ...
- هيلين كيلر.. الكفيفة الصماء التي استشارها رؤساء أميركا لعقود ...
- 40 عاما على إطلاقه.. ماذا تبقى من -نقد العقل العربي- للجابري ...
- فيلم -شرق 12-.. سردية رمزية لما بعد ثورات الربيع العربي
- يحقق نجاح كبير قبل عرضه في السينما المصرية .. أيرادات فيلم أ ...
- في جميع أدوار السينما المصرية .. فيلم الشاطر رسميًا يعرض في ...
- لمى الأمين.. المخرجة اللبنانية ترفع صوتها من في وجه العنصرية ...
- وصية المطرب أحمد عامر بحذف أغانيه تدفع فنانين لمحو أعمالهم ع ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى حجي - من يقينا عراء المواطنة و ذئاب الانتهازية..؟؟؟ رسالة حبّ الى وطني