أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فائز الكنعان - الى توفيق محسن ضيدان الذي علمني القراءة















المزيد.....

الى توفيق محسن ضيدان الذي علمني القراءة


فائز الكنعان

الحوار المتمدن-العدد: 3475 - 2011 / 9 / 2 - 02:32
المحور: سيرة ذاتية
    


Faiz Kanan
الى توفيق محسن ضيدان الذي علمني القراءة:
مقطع من المركب السكران لرامبو

جليد، شموس من فضة، أمواج لؤلئية، سماوات من لهب
جنوح بشع في عمق الخلجان السمراء
حيث الأحناش العملاقة يلتهمها البق
و الأشجار الملتوية بعطور سوداء تنهار

من قصيدة ريتا لمحمود درويش

بين ريتا وعيوني ... بندقية
والذي يعرف ريتا، ينحني
ويصلي
لإله في العيون العسلية

مثلما يذكر عصفورٌ غديره
آه ... ريتا
بينما مليون عصفور وصورة
ومواعيد كثيرة
أطلقت ناراً عليها ... بندقية

اولا كان توفيق ثم من بعده جميل ،
يرحل عبر العالم وحده ويستقر أخيراً في الحبشة كي يدير "مركزاً تجارياً". وثمة خليلة وعشيقة ، هكذا كان أرثر رامبو الشاعر الفرنسي الأسطورة وهكذا كان توفيق سافر الى اليمن وفتح محلا تجاريا لعلاج الناس ومات سعيدا بلقاء الموت الذي لم يخاف ،حالما بلقاء رامبو على شواطئ العالم الاخر ، العالم الذي سخر منه وهرب اليه .
توفيق كان وجودي بالفطرة ويجعل سيمون دي بوفار صاحبة رواية الزوجة الثانية تبدو امرأة محافظة أمامه وأنا لا اعلم حقيقة كيف لشخص من قبائل الكوت والده شخص عادي وآم لا تقرا ولا تكتب وتلبس الفوطه التقليدية لديه هذا الارث الثقافي الشموليً واذكر انه كان معجب بخاله عبد كاظم اللاعب المعروف،
توفيق كان مدمن على القراءة ، يقرا الشعر والقصة، فلسفة ،سياسة ودين ، كان من شيعة الامام علي وماركسي الهوى، يعشق الفن والسينما والمسرح، له اصدقاء في كل كلية ونادي وجريدة ، شعراء ومطربين شباب ، نحاتين ورسامين، قوميات واجناس مختلفة، نساء من كل عرق ولون .
توفيق كان لايعرف الضجر ، كان ضد المبادئ وقيم المجتمع والقوالب القديمه والدين وكل الاشياء لتي كانت مملوءة بالغموض والضبابية . كان يعيش واقعه الحاضر دون الشعور بالقلق من المستقبل او القلق بسبب الماضي، يقدس الحرية، كان لديه رغبه شديده للاستمتاع بالحياة ، رغبة رهيبة لاشباع كل حواسه، لحد الأنانية لصالح تحقيق الذات الفردية دون اعطاء اهمية للماهيات او الجوهر او المجتمع.
توفيق الذي عرفني على صموئيل بيكت وانتظار غودو ، كافكا وكوابيسه الرمادية، رامبو وفرلين واعطاني المركب السكران الذي كان كتابه المقدس، قرائته وعرفت ان الانسانية ليس لها وطن والتجربة الانسانية واحدة من حواري الحي اللاتيني الى حواري الميدان وعاهراته.
ولا ادري كيف ولماذا اختار الطب فكان يثير اهتمامه كل شئ الا الطب، يعشق التدخين، يشرب الكحول بمتعة خاصة، سخي على نفسه وأصدقاءه ، قبله لم اعرف ياس خضر والبنفسج، غنينا المكير وجذاب، علمني كيف اقرأ مظفر النواب واهداني ديوان مظفر في يوم خريفي عاصف ،وضعته في حقيبتي وانا اتلفت خوفا من العيون وفرحت بالكنز ودخلت معه القدس وعلمت ان الفرح ممنوع في عواصم الوطن العربي وفي كل زقاق أجد الأزلام أمامي ، ومازلنا نتشدق بالقدس ، القدس عروس عروبتكم .
كان يعشق محمود درويش وكان يقرا قصيدته ريتا واحمد الزعتر التي كتب مقاطع منها على جبينه
لا تسرقوه من السنونو
لا تأخذوه من الندى
كتبت مراثيها العيون
و تركت قلبي للصدى
لا تسرقوه من الأبد
و تبعثروه على الصليب
فهو الخريطة و الجسد
و هو اشتعال العندليب

تأخر في الصف الاول فالتحق بدورتنا وتخرج بعدنا بسنين ولكنه لم يخرج من دائرة أصدقائي، دائرة الطباشير القوقازية فكان كالوشم.
لا ادري كم من الساعات التي قضيناها سوية ، أنا، ثائر كميل، جميل الشايب و توفيق، اربعة من شيعة الامام ،كان الامام شاهدنا لما قلناه، كنا نحس بوجوده وهو يستمع الينا ويبكي الزمن الأغبر ، فكان يقرا لنا مقاطع من نهج البلاغة ونحن نقرا عليه من كتاب راس المال لكارل ماركس .
توفيق يقول عن بداياته انه كان حالم ورومانسي وعرف الحب الحقيقي الذي لم يدم طويلا وفقده الى الأبد ، انه توفيق الذي لا يعرف الاستقرار وليس له وطن وتحول بمرور الزمن الى زير نساء ولو عاش أطول لا اكون متعجبا اذا رايته مثليا كما كان فرلين ،او كاهن بوذي في الهند، ولكنه مات كما مات رامبو قبل الاربعين.
اذكر يوما وكان في اقصى حالات عشق الذات والايكو ، في شارع فلسطين، نتبادل الحديث عندما لمح فتاة على الجانب الاخر ، اعجبته، عبر الشارع، تكلم معها لاول مرة، وانا أراقبه واصبحت من عشاق رامبو.

توفيق كان اكثر من صديق، بقينا اصدقاء لمدة اكثر من عشرة اعوام ، ودعته حين ذهب لليمن وكان في انتظاري ويلح على حضوري ولكني ذهبت اليه متأخرا ومات كما مات مايكل جاكسن بحقنه الهروب.
توفيق يذكرني بأبطال الأساطير الشعبية، المخزون الثقافي والارث والكاريزما التى تحولت بمرور الوقت واصبحت ممزوجه بالدجل والشعوذة, وتعلم فن الإغواء ، في اليمن مارس السحر ، شرب حتى الثمالة كل يوم، اغتنى بشكل غير طبيعي،لعب بالبيضة والحجر ومات مخمورا او قتلته الردة كما قال مظفر النواب، مات في حاله من السكر الممزوج بالهلوسه ودفن في مقبرة في صنعاء وحيدا و بعيدا عن البلد الذي غنى له،
كنت في بغداد فذهبت الى والده قبل ان يذهب الى اليمن ليودع ابنه البكر الوداع الاخير، سافر وحيدا الى اليمن، يحمل معه جبلا من الحزن ورجع بدون توفيق.

حاولت ان استجمع قواي واودعه ولكني لم اذهب الى المقبرة كل فترة بقائي في اليمن لسبب اجهله، كان لتوفيق ثلاثة أخوة، وهو الاكبر، مات احدهم غرقا في موريتانيا والآخر قتل في ساحة السباع وسط بغداد وفي وضح النهار ووفي توفيق في اليمن .
عاش توفيق الحياة بطولها وعرضها وعشق الجمال ، مات كما مات صديقه أرثر رامبو بعد ان انتهى من كتابة " فصل في الجحيم" قال "الآن انتهى الكابوس. الآن أستطيع أن أحيي الجمال"!

يا أحمد السريّ مثل النار و الغابات

أشهر وجهك الشعبيّ فينا

واقرأ وصيّتك الأخيرة ؟

يا أيّها المتفرّجون ! تناثروا في الصمت

و ابتعدوا قليلا عنه كي تجدوه فيكم

حنطة ويدين عاريتين

وابتعدوا قليلا عنه كي يتلو وصيّته

على الموتى إذا ماتوا

و كي يرمي ملامحه

على الأحياء ان عاشوا !

أخي أحمد !

و أنت العبد و المعبود و المعبد

متى تشهد

متى تشهد

متى تشهد



#فائز_الكنعان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- في وضح النهار.. فتيات في نيويورك يشاركن قصصًا عن تعرضهن للضر ...
- برج مائل آخر في إيطاليا.. شاهد كيف سيتم إنقاذه
- شاهد ما حدث لمراهق مسلح قاد الشرطة في مطاردة خطيرة بحي سكني ...
- -نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- صفحات ومواقع إعلامية تنشر صورا وفيديوهات للغارات الإسرائيلية ...
- احتجاجات يومية دون توقف في الأردن منذ بدء الحرب في غزة
- سوريا تتهم إسرائيل بشن غارات على حلب أسفرت عن سقوط عشرات الق ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- الجيش السوري يعلن التصدي لهجوم متزامن من اسرائيل و-النصرة-


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فائز الكنعان - الى توفيق محسن ضيدان الذي علمني القراءة