أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حكيم الأندلسي - حركة 20 فبراير.. ديمقراطية وتعددية















المزيد.....

حركة 20 فبراير.. ديمقراطية وتعددية


حكيم الأندلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3475 - 2011 / 9 / 2 - 00:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



منذ أزيد من ستة أشهر، وبالضبط يوم 20 فبراير 2011، خرج عشرات الآلاف من المواطنين، أغلبهم شباب، في عشرات المدن والقرى على امتداد المغرب، معلنين رفضهم الاستمرار في الخنوع لنظام القهر والاستغلال، ومطالبين بأن تكون الدولة في خدمة الشعب وأن تتم محاسبة الفاسدين وناهبي المال العام، وأن يتم إقرار ديمقراطية حقيقية على جميع المستويات تكون فيها ممارسة السلطة مقرونة بالمحاسبة أيا كان من يمارسها.

رياح الثورة تهب على المنطقة

لقد اجتاح ربيع الشعوب المنطقة بكاملها، وهبت ريح الثورة لتسقط ديناصورات الاستبداد والفساد والعمالة، وكنست الثورات رؤوس أنظمة ظن الكثيرون أن قبضتها القمعية وأجهزتها البوليسية ستنجيها من السقوط، وانطلقت صيرورة ثورية ترفض الانصياع لمحاولات الالتفاف عليها وإيقافها عند حدود إسقاط الحاكم المستبد دون المساس بأركان النظام وصولا إلى جوهره. تتعلم الجماهير الثائرة بحسها الثوري البدائي أن إسقاط رأس النظام لا يعني إسقاط النظام بكامله، وهو الهدف الذي قدمت من أجله أعظم التضحيات، جرحى وشهداء من خيرة أبنائها. لقد خرجت جماهير تونس ومصر من أجل إسقاط نظام الاستبداد ولن تكتفي بإسقاط رأسه وبعض رموزه فقط كما يسعى إلى ذلك حكام تونس ومصر الحاليون بمشاركة قوى سياسية بعضها ساهم في الثورة، ولكن ليس من مصلحته الذهاب بها لأبعد مدى، فعند ذاك قد تتضرر مصالحه الطبقية. لن يقف الشباب الثائرون مكتفين دون القضاء على جهاز القمع البوليسي من جذوره، ودون تحقيق الحريات المدنية والسياسية في أسمى تجلياتها، ولن يتركوا الساحة قبل أن يضمنوا مثلا أن السياسات المطبقة ستضمن الشغل لجميع المواطنين، وتوفر الخدمات الصحية لكل فرد دون تمييز من حيث إمكانياته المادية، فالصحة حق وليست امتيازا، وتضمن التعليم الجيد والمجاني للجميع وكل حسب ميولاته... كما أن العمال الذين كان لهم دور حاسم في توجيه الضربة الحاسمة لهذه الأنظمة، لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام بشاعة الاستغلال الممارس عليهم من طرف رأسماليين جشعين كانوا في مجملهم من أنصار الحزب الحاكم، كما أن هذه الشعوب المنتصرة لن تنسى المواقف الإمبريالية المساندة على طول الخط لأنظمة الاستبداد في المنطقة، ولن تنطلي عليهم ادعاءات مساندة الديمقراطية التي بدأت هذه الإمبرياليات بإطلاقها بعد تغير المعادلة، فهذه الأخيرة لا تهمها الديمقراطية ولكن تهمها مصالحها التي تتعارض بالقطع مع مصالح هذه الشعوب. ولكن رغم ذلك يظل اكتمال هذا المسار الثوري رهينا بعوامل لا يتسع المكان لنقاشها.

لقد سقط بن علي وبعده مبارك والآن سقط القذافي، ولا زالت عروش أخرى تتمايل على وقع هدير الجماهير المنتفضة والغاضبة، ولا زالت أنظمة أخرى تنتظر متى ينفجر من تحت أقدامها بركان الغضب الشعبي الكامن. فأنظمة الاستبداد باتت تعلم علم اليقين أن ساعتها قادمة لا محالة، وأن قوة النموذج والقدوة التي تقدمها الشعوب المنتصرة لجاراتها وما يتم انتزاعه من مكاسب على المستويات كافة، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ستنتصر على كل محاولات الكبح والقمع والاحتواء.

حركة 20 فبراير ومحاولات الإجهاض

وهنا في المغرب، انطلقت حركة الشباب المغربي، التي سميت فيما بعد حركة 20 فبراير، بهدي من انتفاضات الشعوب العربية الأخرى وخاصة في مصر وتونس، ولكن أيضا بحفز من تراكم تاريخي لحركات احتجاجية سبق أن خاضتها فئات من الشعب المغربي، وخاصة نضالات المعطلين ومحرومي البوادي والنضالات العمالية البطولية التي لطالما انفجرت هنا وهناك، ولا يمكن أن ننسى النضالات الطلابية البطولية التي انفجرت هنا وهناك وعبرت عن كفاحية وجذرية وروح ونفس ثوري واضح، كما شكلت رد فعل طبيعي على عقود من احتكار الفعل السياسي من قبل أحزاب مفلسة وفاقدة للشرعية بفعل عمالتها لنظام استبدادي أتقن عبر عقود حكمه سياسة العصا والجزرة، بحيث صار العمل السياسي مقتصرا على الحملات الانتخابية الفاسدة لبرلمان لا يمثل إلا نفسه، والمساهمة في التهليل لنظام استبدادي يحتاج إلى كومبارس في مسرحيته الديمقراطية الرديئة الإخراج والأداء، إلى درجة أنها لم تعد تقنع أحدا. لم يكن الشباب غير مهتمين بالسياسة وبالشأن العام، ولكن ما اعتبر "عزوفا سياسيا للشباب" كان تعبيرا عن موقف جماعي تلقائي من الممارسة السياسية السائدة المبنية على الاستجداء والمساومة، وحالما انطلقت شرارة ممارسة سياسية كفاحية بديلة، مبنية على الديمقراطية المباشرة من خلال الجموع العامة والنضال السياسي بأساليب جديدة وكفاحية من قبيل استرجاع الشوارع من قبضة القمع وانتزاع حريات التعبير والتظاهر والتجمع في الميدان من خلال الاحتجاج السلمي الجماهيري وبشكل حضاري دون الحاجة لاستجداء الموافقة من أي سلطة كانت. لقد رفض الشباب السياسة عندما كانت مرادفا للانتهازية، وصاروا قادة لها عندما أصبحت تعبيرا عن المبادئ.

لقد حاول النظام كل ما بوسعه لإجهاض حركة 20 فبراير ولكنه لم يفلح، فقد حاول عندما دعت لأولى تحركاتها أن يشن ضدها حملة شعواء مستعملا أسوء النعوت، ثم بعد ذلك حاول أن يلصق بها تهمة التخريب والنهب وبعد ذلك الإرهاب، استعمل سياسة غض الطرف عن المظاهرات كما استعمل العصا الغليظة التي وصلت حد القتل بدم بارد، حاول المناورة عبر إدخال إصلاحات على نظامه الاستبدادي دون المساس بالجوهر كما اعتاد دائما، ومستخدما أحزابه المطيعة للادعاء بأن النظام استجاب لنبض الشارع ومطالبه، بل وصلت الوقاحة ببعضهم حد القول بأن الاصلاحات المقدمة تجاوزت مطالب الشارع، وقد بدا النظام الاستبدادي في محاولته تلك ضعيفا مهزوما فاقدا لأي قاعدة شعبية عندما التجأ إلى تجنيد أصحاب السوابق والسماسرة ورموز الفساد لخوض حملة نعم لمشروعه للدستور، والأفدح هو أن كل هؤلاء لم يستطيعوا أن يحشدوا له سوى عشرات الشمكارة وذوي السوابق في مواجهة مئات الآلاف ممن خرجوا في مسيرات حركة 20 فبراير، وفي أحسن الحالات تم حشد عشرات الشاحنات التابعة للباطرونا التي ساهمت بدورها في التسويق لمشروع الدستور دفاعا عن مصالحها الطبقية التي يخدمها نظام الاستبداد بطبيعة الحال.

نظام الاستبداد يسعى لتفتيت الحركة

لم تفلح كل المحاولات في إجهاض الحركة وكبح جماحها، بل هي تزداد قوة وتجذرا في بعض المناطق وإن كانت تعاني من مشاكل في مناطق أخرى، وهذه المشاكل ناتجة في شق منها عن محاولة النظام شق الحركة من الداخل عبر تقسيمها إلى مستقلين ومنتمين سياسيا، إلى يسار وإسلاميين، الى يسار جذري ويسار إصلاحي... ناهيك عن مشاركة السلفية الوهابية في بعض المناطق والمشاكل التي تستثيرها. لم يستطع النظام تفتيت الحركة عبر القمع والاحتواء وها هو يلجأ الآن إلى سياسة التقسيم عبر إذكاء النزاع بين مكونات الحركة من أجل ضربها في إحدى أهم مقومات قوتها، ألا وهي أنها تعددية.

يجب التعامل بحذر مع هذه المحاولات، ويمكن ملاحظتها إجمالا من خلال النقاشات التي تطفو بين الحين والآخر على صفحات المجموعات الفايسبوكية والتي تستهدف استفزاز بعض مكونات الحركة باسم مكون آخر، ومن خلال الحملة الإعلامية التي تزعم أن مكونا سياسيا معينا أو بضع مكونات تسيطر على الحركة وقد تم اختطافها من الشباب المستقلين، وأيضا من خلال الشعارات التي بدأت ترتفع بين الحين والآخر في التظاهرات والتي تحمل حمولة دينية واضحة أو شعارات اشتراكية بالمقابل وتنساق معها أطراف في حين تتذمر منها أطراف أخرى، بل وتؤدي في بعض الأحيان إلى نزاعات. كما أن محاولات فرض تقسيم في التظاهرات بين النساء والرجال يسير في نفس النهج، وهو يضرب في العمق مبدأ المساواة الذي تدافع عنه الحركة.

تستهدف حركة 20 فبراير تحقيق مجموعة من الأهداف سطرتها في لائحة مطالبها واختصرتها في شعار: حرية، كرامة، عدالة اجتماعية. وما يجمع مكوناتها السياسية ومستقليها هو التنسيق من أجل تحقيق الأهداف المشتركة، ومواجهة العدو المشترك، وهذا لا يمنع بطبيعة الحال من الاستمرار في الدفاع عن وجهات النظر المختلفة وبسطها أمام الجماهير، كما لا يمنع مكونا من الاستمرار في توجيه النقد الواضح لكل المكونات الأخرى الناشطة في حركة 20 فبراير. ولكن هذا لا يعني الانسياق وراء تبادل الاتهامات والقذف ومحاولة تسفيه الآخر، فذلك ليس نقدا ولكنه محاولة لشق الحركة سواء بنية مسبقة أو بدونها. كما أن رفع الشعارات الخاصة والمميزة خلال تظاهرات الحركة تصب في نفس الاتجاه، فلكل مكون سياسي شعاراته الخاصة التي تميزه، التي يتشبث بها ويدافع عنها، ولكنها قد تتجاوز السقف الذي وضعته الحركة من خلال جموعاتها العامة أو قد تشكل وجهة نظر أو منظورا لبدائل قد تختلف من مكون سياسي إلى آخر، وهي في نهاية المطاف ليست مطروحة على جدول أعمال الحركة ولا تتبناها، وهي تعني في لغة السياسة محاولة للركوب على مسيرات الحركة وإلباسها لباسا غير لباسها، بنية أو بدونها، وهو ما سيستثير باقي المكونات عن حق ويؤدي إلى القضاء على وحدة الحركة وتعدديتها التي طالما حافظت عليها.

حركة 20 فبراير، تكون ديمقراطية وتعددية أو لا تكون

لكل تيار سياسي أو مجموعة أو حزب أن يدافع عن المواقف والأفكار التي يراها مناسبة، كما من حقه أن يوزع منشوراته في مسيرات وأنشطة الحركة، شريطة أن تحمل اسمه لتنسب له لا للحركة. ويجب أن تكون الديمقراطية هي الفيصل بين الجميع أمام الجماهير إذا ما طرح موقف ما على جدول الأعمال، وهذا الاحتكام إلى الديمقراطية موقفا وممارسة هو الذي يجب أن يشكل الحد الأدنى الذي يجب توفره في من يدعي الانتماء إلى حركة 20 فبراير. يجب الحسم داخل الجموعات العامة في طبيعة الشعارات التي يجب أن ترفع خلال مسيرات واحتجاجات الحركة، وعلى هذه الشعارات أن تعبر عن مطالب الحركة وأهدافها كما يجب أن تحترم طبيعتها التعددية، ويجب على جميع المكونات الدفاع باستماتة عن هذا الموقف وإلا فإن الحركة مهددة بالتشرذم وبالتالي الفناء. ويمكن أخذ العبرة بهذا الخصوص من التجارب المحلية المختلفة للحركة، ففي المناطق حيث تستند الحركة على الجموعات العامة المسيرة ديمقراطيا، وحيث تحافظ كل المكونات على تعددية الحركة ووحدتها، تزداد هذه الأخيرة شعبية وتزداد قوتها يوما عن يوم، وفي المناطق حيث لا يتم احترام ذلك تجد الحركة غارقة في مشاكلها متعثرة في خطواتها، بل ومصابة بالشلل في بعض الأحيان، مما يؤدي إلى ابتعاد المناضلين غير المنتمين سياسيا الذين أفرزتهم الحركة عنها، وهم الذين يشكلون مكمن قوتها وتميزها.

هذا هو ما يستهدفه النظام، ويعمل جاهدا من أجل تحقيقه، فلنعمل جميعا على إفشال هذا المخطط كما فعلنا دائما، فحركة 20 فبراير ولدت ديمقراطية وتعددية... وستظل كذلك... وستنتصر.



#حكيم_الأندلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حكيم الأندلسي - حركة 20 فبراير.. ديمقراطية وتعددية