أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالحميد عبدالغفار - شتان بين ربيع العرب وربيعنا















المزيد.....

شتان بين ربيع العرب وربيعنا


عبدالحميد عبدالغفار

الحوار المتمدن-العدد: 3472 - 2011 / 8 / 30 - 08:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غريب ما شهدته البحرين من احتقان، وهي التي امتزجت فيها الأديان والمذاهب والثقافات في بوتقة أكسبتها فرادة أبهرت الأغراب، كم هو مؤلم أن تقودنا الأحداث إلى نقيض ملفت، ففي حين وحد الربيع العربي الجماهير التونسية والمصرية واليمنية والليبية والسورية، مزق في صورته المشوهة جماهير البحرين بإدخالهم في صراع طائفي تقوده قوة "وطنية"، عجبي!!
وضع محزن، خرق بالفعل اللحمة الوطنية بتواري مبادئ الشريعة التي جعلت الدولة الإسلامية مستوعبة للناس بمختلف أديانهم وطوائفهم ومذاهبهم وتوجهاتهم. في دولة الإسلام تعايش المسلمون في أمن وسلام مع غيرهم وهم يستذكرون قوله تعالى (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، وقوله: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)، فكيف بالمسلمين فيما بينهم! كما غابت عن تلك الثلة وتلك الجموع مع احتقان الموقف فاحتقانها، الحكمة القائلة: "أن السمكة الشديدة البأس هي تلك التي تعوم عكس التيار، في حين يستطيع حتى السمك الميت العوم مع التيار"، فاختلط الحابل بالنابل.
في البحرين، ومنذ القدم، كان أمن وحق النصراني واليهودي وغيرهم مكفول، فالكل حر في عقيدته ورأيه واختياراته، ولهذا تعايشت الجماعات وتعايش الناس في أمان ومحبة صادقة رغم اختلاف أديانهم وطوائفهم ومذاهبهم، بينما يكفر المرء لمجرد الاختلاف في الرأي بما لا يتفق وحقوق الإنسان في بحرين العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين تحت شعار الدولة المدنية وحقوق الإنسان !!
في ظل هذه الأجواء الغريبة على بلادنا، والتي آذتنا جميعا دون استثناء، يجدد جلال الملك المفدى المرة تلو الأخرى دعوته للتسامح الذي درج عليه، داعيا لفتح صفحة أخرى من صفحات التعايش والمحبة، واعتبار ما آلت إليه الأحداث سحابة صيف عابرة على جزيرتنا، لتغدو البحرين بعد ما شهدته من مرارة، أكثر قوة والتحاما عبر القنوات الديمقراطية، تلك القنوات التي نشهد اتساعها يوما بعد يوم، ولاحظوا البون الشاسع بين ردة الفعل في البحرين، وتلك الردة في سوريا مثلا.
هذا يفترض منا جميعا أن نبدأ حوارا مع الذات وقراءة في الأسباب، ما الذي جعل الربيع العربي مصدرا للالتحام الناس هناك، ومصدرا للتمزق هنا؟ ما الذي خلق هذا الشرخ العميق في جزيرة نسج ناسها انسجاما مثيرا للدهشة؟ وكيف بدأ؟ والى ماذا آل؟ وكيف لنا أن نرتقي بالبحرين وتجربتها الديمقراطية بأسلوب حضاري لا يمس وحدة الصف الذي يُستهدف الآن بدعوات التكفير ومقاطعة الانتخابات التكميلية، فقط لان بعضا لا يرغب فيها !
انطلاقا من ذلك، كان إصراري على المشاركة في الانتخابات التكميلية، وبهذا أكون قد حققت احد أهم أهداف ترشحي، فمن حقي أن أقول نعم رغم صراخك بلا، ومن المهم وفقا لرأيي وليس رأيك الذي أكن له احتراما أن تستمر العملية الديمقراطية، وأنا أدرك أن لا مسيرة نحو الديمقراطية دون مثالب، ووحدات القياس المتناهية الصغر على مسطرة الزمن، لا محل لها ها هنا، والسياسي الحذق يفترض فيه أن يدرك انه لا يمكن تبسيط مجمل العملية بمفردتي "المقاطعة والمشاركة"، أنها بالفعل فن الممكن المتاح، ولا بد له أن يدرك في ظل الإحاطة بالمتغيرات المؤثرة والمتأثرة، أن العملية السياسية ينبغي تطويرها تحت قبة البرلمان، وخارجه، وفقا للقانون.
وإذا كانت القوى السياسية مدعوة لدراسة تجارب الآخرين، فلتتذكر ما كانت تتذكره قبل سويعات، فرغم دموية نظام بينوشيه الذي يبعد عنا سنوات ضوئية، لم تقاطع المعارضة هناك عندما لاحت لها أول فرصة للمشاركة في الحياة البرلمانية، بينما نحن هنا، وما أكثر الفرص الضائعة هنا، إزاء ديمقراطية وليدة بخطأ ثابتة وفي محيط مؤات للتطوير، هنا يلاحظ انه كلما ترسيخ خطوات ايجابية نحو تطوير الديمقراطية، خرجت علينا أصوات موتورة تجر تجربتنا جرا نحو الوراء بإضافة وصناعة أحداث تضيف قدرا آخر من التعقيد لوضعنا الراهن، لتنجر وراءها تيارات بدون ترو.
وحيث أن المشاركة تستهدف تطوير العملية السياسية والديمقراطية، فلماذا لا ينخرط الوطنيون الذين لا يمثلون لونا دون آخر في الحراك السياسي من اجل تحقيق التطلعات عبر الارتقاء بالقوانين والتشريعات ومستوى الخدمات ومراقبة أداء المؤسسات الحكومية وغيرها، وتجربة القوى السياسية الماضية أثبتت أنهم بمقاطعتهم "لم ينالوا الرضا السماوي، ولا الاحترام الأرضي".
ثم أن هناك مواطنون لهم حق رفض خيارات التصعيد، ويرتأون التمسك بالايجابي الممكن في عملية يدركون أنها معقدة، ويؤمنون بأنه لا يمكن خدمة الوطن من الخارج، أو من خارج المؤسسات الدستورية التي تدعو إليها كوابح الحراك الإصلاحي في جزيرة هم يعلمون بأنها بمساحتها (750 كيلومتر مربع)، لا تقبل التقسيم إلى تيمور شرقية وغربية على حد قول احدهم (30,777 كيلومتر مربع).
مع الترديد بحقوق الإنسان، تعرض بعض المرشحين لتهديدات ومضايقات وتخريب لممتلكاتهم، ولله الحمد أنا لست من بينهم، بينما وصف المشاركون في الانتخابات التكميلية بـ "شهود زور" دون صدور بيانات استنكار درجت القوى السياسية على إصدارها، أمر محزن بحق، فمع قمع حرية الإنسان في تحديد خياراته بالمشاركة، اختفت تلك البيانات التي يفترض أن تستنكر تعكير صفو الانتخابات التكميلية باعتبارها حق الجزء المشارك من الشعب!! الغريب أن ذلك الوصف تحديدا "شهود زور" قد صدر من طرف سبقت له المقاطعة، كما سبقت له المشاركة، دون أن يكفره احد! في كلمة، من حق أي تيار أو شخص أن يقاطع، كما من حقه أن يتبني الموقف النقيض، هذا إذا كنا حقا نؤمن بمعايير حقوق الإنسان. ثم، لماذا استقال النواب البرلمانيين دون البلديين!! لن نقول للبلديين انتم أيضا "شهود زور على مجلس ليس له صلاحيات كافية"، فهذا لا يليق بمن يحترم حقا حقوق الإنسان وحق القوى السياسية في اختيار خياراتها !!
هناك أخطاء كبرى يلزم قوى المعارضة الاعتراف بها، وهذا أن حدث فسيعد فضيلة النبيل، فبعض القوى السياسية عادت تخشى جماهيرها التي أسندتها في انتخابات 2010، ولهذا، لن تجرؤ على الخوض في الانتخابات التكميلية، كونها تعرف حجم الهوة الذي أحدثه موقفها السياسي، وهناك حتما إرهاصات أخرى ولدتها الأحداث لا بد من قراءتها بعمق، فمن سيحتكر تمثيل الطائفتين في المستقبل يا ترى مع ولادة جماعات تعتزم خوض الانتخابات النيابية التكميلية. ويبدو أن وحدة مواقف اليسار الذي أعده اكبر الخاسرين، فهي بداية ولادة لتيار مغاير، كم كانت بنية وجماهيرية هذا التيار ستتغير تغيرا جذريا لو اتخذ في حينها موقفا جريئا وأكثر ديمقراطية ونضجا سياسيا، وخصوصا في ظل استقراء تحالفات مغايرة مع قوى هي اليوم في طور التشكل والولادة.
لجنة التقصي، هل سنوافق عليها إذا انسجمت مع تطلعاتنا، ونعارضها إذا حدث العكس عبر إشعال وإطلاق الحجر، فللحجر كما للنار أيضا فعل الرصاص في استهدافه قتل أو إيذاء الإنسان أيا كان دينه أو طائفته. أما حوار التوافق الوطني، فهو بالقطع بحاجة للبناء عليه بعد أن تمخض عن الإفراج عن عدد كبير من الموقوفين، وهو ما أثلج الصدور دون شك، فمن لا يفرح بإطلاق سراح رولا الصفار مثلا؟ هو مطلب حققته لجنة تحقيق دولية بقيادة بسيوني، مثلما ساهمت بشكل فعال في تخفيف التوتر بالإفراج عن المعتقلين. وهذا التقدم ليس من عندياتي، بل أعرب عنه كثيرون ممن يتصفون بالاتزان، كالأمين العام للجمعية البحرينية لمراقبة حقوق الإنسان الذي قال باتزانه المعهود ما معناه: معظم مرئياتنا في الحوار قد تم التوافق عليها، وبقى نقل المرئيات للتطبيق، المهم أن نخرج بسمعة ووضع حقوقي أفضل لعرضه في جنيف، وأهم ما تم التوافق عليه في الجانب الحقوقي التوصية بإنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة". لماذا لا تتحدث قوانا السياسية المعارضة بهكذا نبرة متزنة وموضوعية تراعي حقوق الإنسان عوضا عن التسقيط الذي ربما نم عن عدم نضج سياسي.
حوار التوافق الوطني خرج بجملة من الانجازات لا يمكن إغفالها، كزيادة الصلاحيات التشريعية والرقابية لمجلس النواب، وإنشاء هيئة للعدالة والإنصاف والمصالحة الوطنية، وتخفيض سن الانضمام للجمعيات السياسية إلى 18 سنة، وإرساء مركز دائم للحوار الوطني، وإعادة النظر في الدوائر الانتخابية، ووضع قانون يجرم أي تمييز بين المواطنين، وطرح المواضيع العامة في جلسات النواب، وعقد الاستجوابات في جلسة مجلس النواب وليس اللجان، وإلزام الوزراء بحضور جلسات مجلس النواب لمناقشة مواضيع وزاراتهم، وغيرها. بينما وجد اليسار حريته الكاملة في التعبير بحرية عن تمسكه بالحقوق الأساسية التي أكد عليها الدستور وميثاق العمل، كحرية الرأي والتعبير، وحق العمل اللائق، وحرية العمل السياسي، وعدم اعتقال المواطن بناء على رأيه أو تعذيبه انطلاقا من مواقفه السياسية، وتوفير الحياة الكريمة للمواطن، وإعادة المفصولين والموقوفين عن العمل، وضبط الإعلام بما يكفل النأي به عن الانزلاق نحو المستنقع الطائفي الذي يبدو أن بعض الإطراف تصر إصرارا على استمراره رغم تلفعها بالهدوء.
قوانا السياسية مطالبة الآن بقراءة متمعنة لمبادرات جلالة الملك، وخطابه الأخير فرصة أخرى تأتي من موقع قوة وبروح حانية في آن، تأكيده على حماية حقوق المتهمين والتفاته للمتضررين وحرصه على تعزيز اللحمة الوطنية يؤكد العزم على رأب الصدع وترسيخ دولة القانون، أنها مبادرة يلزم عدم تفويتها، دون التنازل عن الحقوق التي وردت في بيانات بعض القوى السياسية. فما هو موقف القوى السياسية التي كان يفترض أن تصدر بيانا عاجلا يوضح موقفها من هذه المبادرة التي لم ولن نجد شبيها لها في الربيع العربي من المغرب حتى اليمن.



#عبدالحميد_عبدالغفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالحميد عبدالغفار - شتان بين ربيع العرب وربيعنا