أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند يعقوب - البعث العابر للأجيال او صناعة العقدة المدورة














المزيد.....

البعث العابر للأجيال او صناعة العقدة المدورة


مهند يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 3466 - 2011 / 8 / 24 - 19:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك مجموعة من الحقائق المرتبطة بالحروب التي حصلت في تاريخ العالم تحولت فيما بعد الى ميثلوجيا وعقدة مضاعفة ، ويعود السبب في هذا التحول الى عوامل عدة ، منها ما هو مرتبط بارادة المنتصر وموهبته المرهفة في صناعة الاوهام ثقافياً واعلامياً ، ومنها ما يتعلق بهشاشة المهزوم ذاته وقابليته على الاطاحة بنفسه ، خاصة بعد انتهاء تلك الحرب لصالح منافسيه ولو بعد مرور عقود زمنية طويلة ، مما يسمح بحضور وفاعلية تلك العقدة . وبالتالي تنعكس على شكل تنازلات للطرف الرابح سياسياً واقتصادياً وحتى جغرافياً ، وايضاً تنعكس على شكل عقوبة سايكلوجية جماعية يبقى المجتمع يعاني منها لحين توفر فرصة تاريخية للنسيان المهذب .

يُعد الهولوكوست النموذج الأبرز من بين تلك الأساطير التي كان من نتائجها اقامة دولة ذات مواصفات اصولية دينية وعسكرية خاصة . وتكريسه اي الهولوكوست ليس وسيلة لادانة هتلر والنازية فقط وانما هو سعي لتأصيل العقدة النازية لدى الألمان أنفسهم .

ان الشخصية الألمانية لا تستطيع الفكاك من هذه العقدة بل امتدت الى الاجيال التي لا علاقة لها بشكل النظام السياسي آنذاك ولا تنتمي الى ايديولوجيته . ويعتبر فيلم " القارئ " للمخرج " ستيفن دالدراي " النموذج الأهم الذي يعكس هذه العقدة بوضوح ، من خلال المحاكمة لـ " كيت وينسلت " المتهمة التي انفضح أمرها بعد صدور كتاب الناجية الوحيدة من المجزرة . والفيلم رغم التضمينات الفنية والتعبيرية الهائلة التي يحتويها بعيداً عن السياسة ، يركز على هذه العقدة من خلال الادانة والمحاكمة التي جاءت عملاً بمبدأ " الأثر الرجعي " الذي تغذيه تلك العقدة المتلازمة .

عراقياً فنحن امام عقدة جماعية مماثلة في بعض الجوانب تغذيها أساطير الحرب مع ايران والكويت وهذه الاخيرة تسعى دائما للاستفادة من هذه العقدة بكل السبل ، ويجب ان تبقى حاضرة على جميع طاولات الحوار والتفاوض في المحافل الدولية والاقليمية ، حتى بعد عام 2003 وزوال النظام الدكتاتوري في العراق .

اعتمدت الكويت دائماً الابقاء على أسطورة الاسرى والديون المترتبة على العراق جراء حرب 1991 وستبقى تعتمد على هذه الملفات لتأصيل هذه العقدة لدى العراقيين وابقائها تدور على مدى أجيال متعاقبة ولكسب المزيد من الربح ايضاً. انها العقدة البعثية التي ساهم صراع " الاخوة كرامازوف " داخلياً بعد عام 2003 على تعميقها أكثر من أي طرف آخر، هذا الصراع الذي أخذ كل أشكال الاختلاف والتعسف ، ولم يأخذ اي شكل واحد من أشكال الحوار والاتفاق ، خاصة وان مرحلة ما بعد النظام الهمجي ينبغي ان تكون مقطوعة عما سبقها من ممارسات مشوهة وعلى كل المستويات وهذا ما لم يحصل !.

ساعد كثيراً الذهن العراقي الآخرين على استقبال هذه المغذيات منهم ويصنعها لنفسه بعناية اذا لزم الأمر ، لان محيطه السياسي والاجتماعي والثقافي مليء بالاشارات العميقة التي تنتمي لذلك التاريخ الجنائزي ، ولا يمكن مغادرة هذه الحقبة لعجز الجميع عن الاتيان بالفكرة البديلة .

لقد اجتمعت جميع الارادات السياسية عراقية واقليمية على صناعة هذا المرض وترسيخه . داخلياً من أجل الكسب والتربح الحزبي والشخصي ، وخارجياً من أجل تقديم المزيد من التنازلات لصالح طرفي الحرب مع العراق ، سواء على صعيد ظهور ما يسمى بالآبار النفطية المشتركة او الصراع على المنفذ الحدودي البحري الوحيد للعراق والذي منه الازمة الاخيرة مع الكويت .

حيث تحول الخطاب الذي يتبناه بعض الملتزمين بقول " ربع الحقائق " فيما يتعلق ببناء ميناء مبارك وماراثون الديون ، الى خطاب رومانسي أكثر مما هو خطاب يرتبط بالقانون الدولي وابرام المعاهدات والاتفاقات الرسمية للحفاظ على مصالح وحقوق الدول المختلفة وعدم المساس بها مستقبلاً . لدرجة ان أحد الشخصيات السياسية العراقية والداخلة في الانتخابات الاخيرة تحت لافتة تيار سياسي ، يتحدث عن الازمة العراقية الكويتية بمزيد من التقريع والتوبيخ لذاته الجماعية رغم انه كان معارضاً للنظام السابق . ان توصيفات " ناعم ، وخشن " " حبوب ومهتلف " الواردتين في خطابه للتفريق ما بين الكويتي والعراقي ، تنطوي على مكنون نفسي يتسم بالدونية والشعور بالحيف والمرارة الزائدة ، أكثر مما هو رأي يتعلق بالاجراءات الفنية والقانونية لفهم وحل تلك الازمة .

كذلك فان قراءة متانية لبعض الصحف العراقية حول ذات الأزمة ، يكشف حجم هذه العقدة المتجذرة في النفوس على النحو المدني والثقافي والسياسي . فالشحنات النفسية المرتبكة في خطاب بعض المثقفين والأدباء العراقيين مثيرة للشفقة ، للحد ان مشكلة ترتبط بالدولة العراقية حديثاً وبمصالحها ، يتم الحديث عنها كجزء من مرحلة سياسية وايديولوجية سابقة تتعلق بشكل النظام السياسي مسبقاً وبممارساته الخاطئة ، ويتحمل مسؤوليتها كل العراقيين ، بما فيهم الاجيال المحايدة والتي ستجيء مستقبلاً ، متناسين الحديث عن شكل الازمة وسبل حلها بعيداً عن الأخذ بمنطق الأثر الرجعي . ومن ثم يكشف هذا الخطاب مستوى التداخل بين القضايا المتعلقة بالقانون وكيان الدولة ، والقضايا المتعلقة بالمجاملات الاجتماعية التي لا تخلو من التراجيديا والمديح الفضفاض للطرف المسكوت عن اخفاقاته !.

يعود هذا الخلط والتداخل لرسوخ العقدة ذاتها في كيان العراقيين ، الذين ما ان تحصل ازمة مع اي من دول الجوار تتعلق بمستقبل العراق ومصالحه ويمكن حلها بالطرق الفنية والقانونية والسياسية ، حتى يتسارعوا بطريقة لا واعية للحديث عن حروب نظام حزب البعث بدون مناسبة ، ويضعون المزيد من الطين على جباههم بسبب اجتياحات بربرية لم يكونوا اطرافاً فاعلين فيها ، بل لم تكن الاجيال التي تلت 1980 و 1990 جزءا منها . انها عقدة عابرة للأجيال ومدورة ، يسعى صانعو العقد والميثلوجيا السياسية الجديدة محاصرة الطرف الخاسر بها دائماً وحبسه داخل أقواسها ، لكسب المزيد من الربح واغراقه بمزيد من الشعور بالعار وتبني الرومانسية المخجلة لحل المشكلات .



#مهند_يعقوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جماليات القبيح والجريمة وعالميتهما


المزيد.....




- اختفت منذ 82 عامًا.. اكتشاف سفينة حربية يابانية من الحرب الع ...
- نظرة على معاناة عائلة للحصول على طبق واحد فقط في غزة
- غزة: مقتل أكثر من 1000 فلسطيني لدى محاولتهم الحصول على مساعد ...
- إردام أوزان يكتب: وهم -الشرق الأوسط الجديد-.. إعادة صياغة ال ...
- جندي يؤدي تحية عسكرية للأنصار في سيطرة ألقوش
- 25 دولة غربية تدعو لإنهاء الحرب في غزة وإسرائيل تحمل حماس ال ...
- -إكس- و-ميتا- تروّجان لبيع الأسلحة في اليمن.. ونشطاء: لا يحذ ...
- عاجل | السيناتور الأميركي ساندرز: الجيش الإسرائيلي أطلق النا ...
- سلاح الهندسة بجيش الاحتلال يعاني أزمة غير مسبوقة في صفوفه
- السويداء وتحدي إسرائيل الوقح لسوريا


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند يعقوب - البعث العابر للأجيال او صناعة العقدة المدورة