أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال حسن العتابي - رجل غير قابل للاستنساخ














المزيد.....

رجل غير قابل للاستنساخ


جمال حسن العتابي

الحوار المتمدن-العدد: 3466 - 2011 / 8 / 24 - 16:20
المحور: الادب والفن
    


هل سنكسر الحصار المفروض على ضحايانا وشهدائنا، عبر كتابات أو شهادات متواضعة وخجولة.. أم إننا نظل نبحث عن تلك النواحي العميقة في دفاعنا عن أنفسنا عبر تذكر أؤلئك. هي حماية لذاكرتنا نحن أولا. وهي الدفاع عن مناطق الذاكرة بأبعادها
.
النسيان الذي يزحف على ذاكرتنا يبدأ من فكرة أن يصبح خبر اقتناص كامل شياع بطلق ناري صامت جزءاً من السائد الإعلامي..وخبر سقوط آلاف الضحايا من أقصى نقطة في العراق إلى أدناه مجرد خبر يأتي بتسلسل النشرات المفصلة لأخبار العالم.. بآخر قائمة الأخبار أو بدونه في كثير الأحيان. أو أن ينشأ جيل آخر لا يعرف من هو كامل شياع.. يبدو أن تلك الأسئلة موجهة إلينا تماماً. هم تسفح دماؤهم هناك، ونحن ننساهم هنا
..
في كل عام وذكرى الاغتيال تقترب .. ليس لدينا سوى الكلمات لنعيد كامل للحضور بيننا .. فجأة نتذكر في آب من كل عام ... ثم تمر الذكرى عابرة لنستريح ... لكننا لانتذكر والدة كامل شياع التي يكاد أن يتوقف قلبها بسبب وجع الفقدان بين لحظة وأخرى .. هذا الوجع أقعدها من ممارسة سلوى زيارة وادي السلام، فها هي تغمض عيناً وتفتح أخرى لكي تشم رائحة العائدين من هناك.... علها تجد شيئاً منه معلقاً في ثياب لامست مرقده .. و أخوته، علي، رابح ، سعد ما زالوا مذهولين وغير مصدقين الواقعة... اختاروا الصمت احتجاجاً .. وهناك بعيداً ،( ينوح ) فيصل. مناشداً وضاغطاً وملتمساً المنظمات والجهات الثقافية في الخارج أن تحتفى بكامل بما يليق بمقامه الكبير واستحقاقه الفكري والثقافي .. وعلى الرغم مما قدمته هذه الجهات من جهد طيب ومشكور في هذا المجال .. وهو أرقى بكثير مما انتظرناه طويلاً من جهات ، هي الأولى في تبني مشروع كامل الثقافي ، لكننا نتطلع إلى إسهامات أنضج .. وأشمل
..
كامل شياع حالة واحدة لايصح ان نستنسخ الكثير عنه.. أرجو أن لا أغضب أحدا واستفزه إذا تشجعت وقلت : إن لكامل خصوصيته التي تنبع من شخصيته هو، من تجربته الحياتية. من ثرائه الفكري. وعمق تفكيره. وتنوع ثقافته واهتماماته. ومناهل معرفته التي لاحدود لها. لم يكن مستعداً للمساومة على خياراته تلك، أو التضحية لما نسميه القبول أو الشهرة.. انه مسكون بالبحث عن إجابات وجد السبيل لها في الاستشهاد منذ أن غادر العراق في سبعينات القرن الماضي. مامعنى الانسلاخ أو الابتعاد عن الوطن؟ أية قوة تلك التي أجبرت كامل على الخيار الصعب في الغربة؟ انه دائم التوجه في السؤال عن هذا الاقتلاع.. المكان الذي غادره والآخر الذي عاش فيه وأحبه، ليعود من جديد لحتفه في الوطن
.
ليس لدي أدنى شك في أن عقل كامل الكبيِر يختزن ذلك الحوار بين (فاوست وماكيتوفيلس) حول المعرفة. بوصفها شيئين، التكرار أو المضي عندما سأل فاوست زميله عن كيفية الوصول الى المعرفة , أجابه الثاني بان له خيارين، إما أن يكون فلاحاً يعزف التربة ويكرر فعل الفلاحة (الحرث، البذار، الحصاد) مع المواسم، وبذلك ينغلق في أسر التكرار، أو أن يكون بحاثة يمضي في العالم ولا يتوقف عن الترحال
.
كامل أخذ الفكرة وجعلها مساراً في حياته. رفض التكرار وكان له الخيار الثاني موقفاً وسلوكاً، وصاغ فلسفته ورؤاه على وفق البحث الدائم عن الحقيقة، وجوهر الإنسان. ربما عن أشياء مازلنا نجهلها. وغير قادرين على أن نفكر فيها.. ووظف موهبته وعقله وسلوكه من اجل أن ينال منها.. هذه هي المغامرة الحقيقية ليس لها قانون، لأنه ينفر من المحددات، ومن النظرية لأنها مقيدة، فهو خارج عن التأطير نحو ماوراء المعاصرة.. مسحور بالمعرفة، بمعرفة ماسيحدث بالاحتمال، بإمكانية خلق أشياء جديدة من كل كلمة في اللغة، والفلسفة، والثقافة، والفن، والتاريخ، والسياسة، والصداقات، هذه كلها أسرار خصوصيته. كامل، كما أسلفت ، مفجر الكلمات لخلق عالم جديد، ربما عالم متخيل
.
لم يكن كامل تجريبيا.. ولا منفصلاً عن الواقع، ولانظرياً. انه يمتلك قوة غريبة مخترقة لكل النصوص. مختصراَ بعبارات بليغة وجمل ذكية وجميلة. وبأسلوب رشيق. كل المعاني والدلالات في القول والفعل، يسكنه هاجس الحداثة بشكل معلن، يأخذ بنوابض المتلقي بشكل ساحر، وهو ان عني بالجمهور اولاً ، لكن مطامحه تتعلق بمشروعه الفكري ثانياً، من حق المتلقي ان يتعلم. لكنه يتطلع الى جمهور آخر يضيء ويستضيء، ذلك الجمهور الخفي.. ربما سيظهر مستقبلاً. انه يقذف بنصه نحو اؤلئك، نحو المستقبل، مما يعطيه صفة المغامرة
.
أي طراز من الرجال أنت يا أبا الياس؟..إلى أي كوكبة تنتمي . وإلى أي عصر انتميت؟ هل كان بمقدورك أن تنتظر عصرك القادم .. أم أنك لم تقو على العيش في زمن منخور بالكذب والزيف... إني أكاد لا أحتمل أولئك الذين يتعمدون أن يتناسوك .. كم من القبح والجهالة يحملون؟ وملعونة الدنيا (بلاياك) .. فيالهفي عليك



#جمال_حسن_العتابي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأثرة جواد علي في كتابة التاريخ


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال حسن العتابي - رجل غير قابل للاستنساخ