أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دعاء جمال الجيلاني - غربة مدينتي في العيد














المزيد.....

غربة مدينتي في العيد


دعاء جمال الجيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 3465 - 2011 / 8 / 23 - 11:47
المحور: الادب والفن
    


استيقظت العروس ، فتحت عينيها وعانقت الفجر فألبسته دفئها ، ثم نهضت لتغسل وجهها بقطرات الندى ... لحظات قليلة ويصل المدعوون، ليتباركوا بتقبيل يديها وبعطرها المنثور هنا وهناك .
لكن العيد هنا مختلف، بل هو غريب، أجواء الدار لم تتغير ، يفوح منها عطر رائحة الكعك المحشو بالعجوة وحبات الجوز المكسوة بالحلة البيضاء، والأكواب الفضية التي تنتظر الزوار ليشربوا بها العصير لازالت قابعة أمام ذلك المقعد الخشبي المهترىء، وحبات الشوكولاتة المتناثرة لقلة عددها في الصحن الزجاجي تنتظر من يأكلها ، الأولاد في الحارة يبتهجون ، يلعبون بالكرة ويركلون معها أحلامهم البريئة...
كل شيء في هذه المدينة يبتهج، إلا هي ترفض أجواء البهجة مكتفية بفرحها المسروق ، فصباحها في هذا اليوم غير كل الصباحات ، بعد أن أثقلها السهر، فأفرطت في ساعات النوم، إنها لا تصلح سوى أن تكون عروسا، يزفها كل من يعرفونها، عروس ارتدت اللون الأبيض منذ زمن بعيد ولكنها حتى اليوم تنتظر حفل زفافها، والمدعوين، في كل يوم تحصي أعدادهم، وبين الجمع والطرح تبدأ الاسئلة، ذلك أن سقف توقعات العروس يقل حينما تتضارب الآمال مع الواقع ... فقد قل عدد المدعوين كثيرا ، وهؤلاء الذين وضعتهم تلك المدينة على رأس الجاهة لم يأتوا بعد، أكان يجدر بها أن لا تنتظر أحدا، أم أنه كان عليها أن لا تضع التوقعات الكبيرة أمام النفوس الصغيرة.
العيد في هذه المدينة لا يستمر ثلاثة أيام فقط ... في كل يوم تستقبل مدينتي العيد بالدماء ... وصرخات تعالت منذ زمن المعتصم حينما نادته امرأة عربية حرة "وامعتصماه" كانت مدينتي تنادي ملايين الأشخاص لأن حدسها أخبرها بأنها ستكون مدينة منكوبة ، أخبرها بأنها ستصبح مستودعا للجثث الطاهرة، وحضن يضم المظلومين، وشريط مصور تعيش فيه أصوات الرصاص والحجارة وتختفي منه الألوان، شريط رمادي تلفه أيام رمادية في فصل خريف يانع الأوراق ... مدينتي هذه لا تعرف سوى المتناقضات ... تجدها فرحة تارة ، وبنفس التارة تجدها مليئة بالأحزان، تجدها تستقبل الجميع ، حتى أعدائها، بنفس الحلة وعلى ذلك القدر من الجمال والحزن والفرح المسروق ...
مدينتي المسلوبة المستوطنة ، تستيقظ اليوم لتبحث عن نفسها في العيد من بعد أن سلبت منه مئات السنين ، تنظر هنا وهناك بحثا عن ثوبها الجديد ، تقف لترتدي الثوب الأبيض في انتظار حفل الزفاف، تستعد للقاء البطل الذي سيأخذ بيدها ، تتعطر كعادتها في كل عيد ... تنظر هنا وهناك فلا تجد أحدا سوى المصلين ... فتترقرق دموعها ثم تمسحها بدعواتهم... فربما غمرها العيد يوما ...
فاذا كانت مدينتي قضية ، لماذا يماطل القضاة اذن في رفع أوراقها الى المحكمة الشرعية لتظفر يوم عيدها فقط بالحرية !



#دعاء_جمال_الجيلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دعاء جمال الجيلاني - غربة مدينتي في العيد