أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - المعضلة السورية ومآلاتها المحتملة















المزيد.....

المعضلة السورية ومآلاتها المحتملة


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3463 - 2011 / 8 / 21 - 14:06
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


مع دخول الأزمة الوطنية السورية شهرها السادس، تقف جميع الأطراف المحلية والدولية المعنية بها أمام معضلات عسيرة.
الانتفاضة تواجه معضلة. إذا ثابرت على الاعتماد على المظاهرات السلمية أداة احتجاج أساسية لها في مواجهة نظام لا يمتنع عن القتل، تحفظ تفوقها الأخلاقي والوطني، لكنها تدفع ثمنا إنسانيا باهظا. وهي في الوقت نفسه لا تستطيع مواجهة العنف بالعنف لأسباب مبدئية وعملية معا، ولا التعويل على التدخل الخارجي لأن من شأنه أن يدرج الانتفاضة في "لعبة الأمم"، فتخسر روحها. فهل يسعها، دون سند داخلي أو خارجي، تحقيق هدفها الأولي المتمثل في إسقاط النظام؟
الانتفاضة تعالج معضلتها عبر استيعاب ضربات النظام، والاستمرار من جديد. وعبر محاصرة النظام أخلاقيا وإعلاميا، واستنزافه ماديا ومعنويا، تعمل الانتفاضة على أن يكون الزمن حليف لكسب المعركة ضد النظام.
النظام أيضا أمام معضلة. ما لم يتمكن من تحقيقه بالعنف (الأمني)، لم يتمكن من تحقيقه بمزيد من العنف أيضا. فهل يمكن لمزيد على المزيد من العنف أن يثمر؟ قصف المدن بالطيران الحربي مثلا؟ ربما. لكن هذا سيعني تدمير البلد. وماذا يستفيد حكام الغصب من تدمير البلد؟ وماذا سيحكمون أصلا إن دمروا البلد؟ هذا فوق أن من شأن نهج مجنون كهذا أن يجر تدخلا دوليا، يتسبب بمزيد من الضرر على سورية، دون أن يستفيدوا هم منه.
في الوقت نفسه لا يبدو أن من شأن الاكتفاء بمستوى المزيد من العنف (أمني وميلشياوي وعسكري) أن يطفئ الانتفاضة أو يحد من انتشارها. بل يبدو أن المجتمع السوري يستوعب موجات التصعيد العنفي المتتابعة، ويستأنف احتجاجاته بعزم متجدد. قد يستطيع النظام أن يحجّم لبعض الوقت بعض بؤر الاحتجاج الكثيرة، على نحو ما فعل بدرعا والرستن وتلبيسة وحمص، لكنها عادت بنشاط إلى ميادين الاحتجاج ما إن خف عنها الضغط الأمني والعسكري. والأكيد أنه لا يستطيع إخماد جميع البؤر طوال الوقت. هذا يتجاوز قواه وموارده المادية.
في الوقت نفسه لم يعد ثمة مخرج من دائرة العنف التي أسر النظام نفسه والبلاد فيها. فات أوان مبادرات سياسية أكثر جدية من طرفه، بما في ذلك وقف العنف والإفراج عن معتقلي الانتفاضة. ولم يعد أحد يثق به، ومن شأن تراجعه أن يلهب الاحتجاجات الشعبية أكثر. لقد أحرق النظام ورقته "السياسية"، ولا يبدو أن ورقته العسكرية تجديه نفعا ما لم تبلغ حد الجنون. فإن بلغته، لا يبقى هناك بلد يحكمه.
ومن وجوه معضلة النظام أن رهانه منصب على سحق الانتفاضة بغرض إعادة الأمور لما كانت قبل تفجرها، لكن إذا نجح في مسعاه، فسيدين الحكم للساحقين، أي للشبيحة ومن في حكمهم، وسنعود ثلاثين عاما إلى الوراء، وليس نصف عام فقط.
وإلى الانتفاضة والنظام، يبدو أن القوى الدولية المعنية بالشأن السوري تواجه معضلة تخصها. فوراء التعارض الظاهر بين غضب القوى الغربية وتركيا الشديد من النظام وبين تواضع مواقفها العملية منه وتعويلها حتى اليوم على أن يتصرف بطريقة مسؤولة، ثمة تضارب في الخيارات: فإذا سكتت هذه القوى على النظام تصرف بطريقة طائشة، تحرجها أمام شعوبها أو قطاعات منها وأمام "المجتمع المدني العالمي"، دون ضمان أن تبقى مفاعيل طيش النظام النازعة للاستقرار قيد الداخل السوري؛ وفي الوقت نفسه لا يبدو أن من شأن التصعيد ضده في صورة عقوبات محددة وضغوط سياسية أن يثمر شيئا بالنظر إلى الطابع العصبوي المغلق وغير العقلاني للنظام. هذا بينما ليس لهذه القوى مصلحة في تدخل عسكري لا يريده السوريون أيضا.
الدول العربية المعنية، السعودية ودول الخليج ومصر والأردن أيضا في مأزق. فهي لا تستطيع أن تداوم على الصمت والتجاهل بينما يتشكل ما يقارب إجماعا دوليا على إدانة النظام، وبينما تعلو فيها أصوات داخلية غاضبة ضد سلوكه المتجاوز لكل حد. وهي أيضا لا تستطيع أن تفعل شيئا ضده، بمفردها، ولا يبدو واضحا لأحد إن كان هناك جهد دولي منظم ضد النظام في وقت قريب أو في أي وقت.
وروسيا في الوضع نفسه. فالنظام لا يوفر لها ما تقنع به نفسها والعالم من مبررات الدفاع عنه ما دام مستمرا في قتل محكوميه، وهي في الوقت نفسه لا تريد أن تساند القوى الغربية وحلف الناتو في عزل النظام وربما ضربه، ما من شأنه أن يعزز الهيمنة الدولية لهذه القوى، ويضعفها هي.
وحتى حلفاء النظام الممانعين يبدون مرتبكين. حماس نأت بنفسها مبكرا لأنها لا تستطيع تحمل أكلاف التماهي مع سياسة النظام. وحزب الله توقف عن إطلاق التصريحات المؤيدة له بعد أن رأى ما أثارته من غضب في الشارع السوري، وإن مضت قناة "المنار" في اجترار الرواية الرسمية الكاذبة. وحدها إيران تبدو حاسمة في الوقوف إلى جانب النظام حتى النهاية.
وهكذا، تبدو سورية عنوانا لمعضلة جامعة. ففي أي اتجاه يمكن أن تنحل؟
الأمر تابع لتطورات الوضع السوري.
لا ريب أن الاحتمال الأعدل والأوفق للمصلحة الوطنية السورية هو أن تنجح الانتفاضة في إزالة النظام بقواها الذاتية. ستواجه سورية بعد التغيير كل أنواع المشكلات، بدرجة تفوق ما تواجهه مصر وتونس اليوم، لكن لعلها ستكون في وضع أفضل لمعالجة مشكلاتها بالنظر لاتساع قاعدة الانشغال العام، ولتوافق نمط التغيير هذا مع النازع الاستقلالي الذي طبع سورية منذ ما قبل تكون كيانها الحديث قبل أقل من قرن.
الاحتمال الثاني هو "حكم الشبيحة": أن يحل النظام معضلته بحل سورية، دولة ومجتمعا وكيانا ومعنى. سيكون هذا أسوأ ما يمكن أن يحصل للبلد، وسيسجل الانحلال الاجتماعي والأخلاقي مستويات غير مسبوقة، وستسود القسوة ويعم الفساد ويرتفع منسوب الكراهية العام، وستكون سورية معزولة وتعاني من أزمات اقتصادية خانقة، وسنشهد موجة هائلة من هجرة الشباب والأدمغة والكفاءات من البلد.
الاحتمال الثالث هو "لعبة الأمم"، أي تحكم القوى الخارجية، الغربية والعربية، بالداخل السوري. قد تنشأ أوضاع سياسية توفر قدرا أكبر من الحرية، لكنها ستكون أوضاعا غير مستقرة، وستفقد سورية استقلالها وسيطرتها على مصيرها لسنوات. وهذا لن يتأخر في أن يضع الحرية المكتسبة بمشقة في مواجهة الاستقلال، فيقلل من شأنها.
فرص التسوية الداخلية فاتت. النظام لم يظهر أي استعداد لدفع الثمن (نهاية الحكم الأبدي وحاكمية المخابرات)، والانتفاضة لم تعد تقبل بما هو أقل من ذلك.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنقاذ النظام من نفسه أم إنقاذ سورية منه؟
- -العامية- السورية: انتفاضة مجتمع العمل!
- الجهلُ مكتفيا بذاته: ردا على أسعد أبو خليل
- في ذاكرة الانتفاضة السورية وإدراكها السياسي
- حوار حول الثورات العربية
- في أصول حرب -النظام- ضد الانتفاضة
- الطائفية ضد الانتفاضة، الانتفاضة ضد الطائفية!
- قليل من الأمانة: رد على إبراهيم الأمين
- ثأر -ربيع دمشق-!
- النظام في أزمة، وهو من عليه أن يتراجع
- النظام يتصرف كشبيح، والثورة لن تخمد أو تتراجع
- السوريون تغيروا، وعلى النظام أن يتغير!
- سوريا انتفاضة.. والنظام لا يقترح بديلا غير الفوضى أو الحرب
- العصابات المسلحة غير موجودة، و-الحوار- خدعة!
- حوار مجلة رواق الشباب
- طور ثان من أطوار الأزمة الوطنية السورية؟
- بصدد بعض خصائص الانتفاضة السورية
- مكونان مدني وأهلي في الانتفاضة السورية
- ثلاثة أشهر على الانتفاضة... أية آفاق؟
- ما هي نقطة التحول السياسي في سورية اليوم؟


المزيد.....




- أفوا هيرش لـCNN: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الجام ...
- بوريل: أوكرانيا ستهزم دون دعمنا
- رمز التنوع - صادق خان رئيسا لبلدية لندن للمرة الثالثة!
- على دراجة هوائية.. الرحالة المغربي إدريس يصل المنيا المصرية ...
- ما مدى قدرة إسرائيل على خوض حرب شاملة مع حزب الله؟
- القوات الروسية تقترب من السيطرة على مدينة جديدة في دونيتسك ( ...
- هزيمة المحافظين تتعمق بفوز صادق خان برئاسة بلدية لندن
- -كارثة تنهي الحرب دون نصر-.. سموتريتش يحذر نتنياهو من إبرام ...
- وزير الأمن القومي الإسرائيلي يهدد نتنياهو بدفع -الثمن- إذا أ ...
- بعد وصوله مصر.. أول تعليق من -زلزال الصعيد- صاحب واقعة -فيدي ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - المعضلة السورية ومآلاتها المحتملة