أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عدنان هادي - الفدرالية ومستقبل العراق















المزيد.....



الفدرالية ومستقبل العراق


حسين عدنان هادي

الحوار المتمدن-العدد: 3460 - 2011 / 8 / 18 - 23:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من خلال اطلاعي على المجتمعات الغربية وانظمة الحكم فيها تبادر في ذهني اي نظام وشكل للحكم يكون صالحا للعراق واي نظام يجعل العراق يرتقي الى مصاف الدول العربية ومن ثم الغربية فقد اطلعت على نظام الحكم في الولايات المتحدة الامريكية باعتبارها الدولة المسيطرة على الساحة الدولية فقد اعجبت بنظامها السياسي الذي يمارس فيه مستويان من الحكم على نفس المجموعة البشرية عن طريق الخلط ِبين الحكم المشترك أحياناً والحكم الذاتي أحياناً أخرى وذلك لاحترام وتشجيع التنوع في إطار الوحدة السياسية الأكبر. ومن خلال اطلاعي لأنظمة الحكم في بقية دول العالم وجدت ان افضل دول العالم هي دولا فدرالية واخص منهن في الذكر الولايات المتحدة وكندا والمانيا وبلجيكا واستراليا وسويسرا ومن الدول العربية الامارات العربية المتحدة. وما ان وجدت ان العراق بحاجة الى نظام سياسي يمكنه من النهوض بوقعه المرير جعلت عنوان مقالتي الفدرالية واتخذت من العراق انموذجا ليصيح العنوان الفدرالية ومستقبل العراق بعد ان تيقنت ان المجتمع البلجيكي على تقارب من المجتمع العراقي من ناحية القوميات والاديان والطوائف .

القسم الاول:
أورد الباحثون وخبراء السياسة تعاريف عدة لمفهوم الفيدرالية ، تتقارب جميعها بالمعنى والمضمون ، وترسم صورة مقبولة لشكل الدولة التي تتصف بجملة من التنوع العرقي والمذهبي والتركيبة السياسية المتعددة الميول والاتجاهات المتعارضة، حيث ينبثق تحقق نظام الاتحاد الفيدرالي الذي يكفل التعايش الانساني القائم على أسس الوحدة والتعاون والتوافق والهدف المشترك.
فمنهم من عرفها بأنها المشاركة السياسية والاجتماعية في السلطة، وذلك من خلال رابطة طوعية بين أمم وشعوب وأقوام ، أو تكوينات بشرية من أصول قومية وعرقية مختلفة ، أو لغات أو أديان أو ثقافات مختلفة.
ومنهم من يعرفها بأنها نظام سياسي يفترض تنازل عدد من الدول أو القوميات الصغيرة في أغلب الأحيان ، عن بعض صلاحياتها وامتيازاتها واستقلاليتها لمصلحة سلطة عليا ، موحدة تمثلها على الساحة الدولية وتكون مرجعها في كل ما يتعلق بالسيادة والأمن القومي والدفاع والسياسة الخارجية.
لكن المفهوم الأساسي للفيدرالية هو ممارسة مستويان من الحكم على نفس المجموعة البشرية عن طريق الخلط ِبين الحكم المشترك أحياناً والحكم الذاتي أحياناً أخرى وذلك لاحترام وتشجيع التنوع في إطار الوحدة السياسية الأكبر0
لكن المفهوم الأساسي للفيدرالية هو ممارسة مستويان من الحكم على نفس المجموعة البشرية عن طريق الخلط ِبين الحكم المشترك أحياناً والحكم الذاتي أحياناً أخرى وذلك لاحترام وتشجيع التنوع في إطار الوحدة السياسية الأكبر0
الفيدرالية هي مصطلح ذو أصل لاتيني و إن اللغة و دلالاتها تقدم وصفا عاما مبسطا لهذا المفهوم أو المصطلح ولذلك فهو بحاجة إلى إضافات قانونية واجتماعية و سياسية لتحديده اصطلاحا و تعريفه تعريفا علميا ، هذا و يعتقد الكثير من الباحثين إن مصطلح ( الفيدرالية يرجع أساسا إلى غياب الاتفاق على الدلالة الاصطلاحية و الصعوبة في وضع تحديد و تعريف لمفاهيمه بشكل واضح.
وهنا لابد من بيان أصل مصطلح الفيدرالية ، فهناك مصطلحان متداولان فدرالية أو الاتحاد الفيدرالي (federalism) هذا المجال هي الفيدراليةوالمصطلحان مختلفان في المعنى حيث تنصرف والفدرالية إلى (federation)الجانب الفلسفي والإيديولوجي و يراد بها المبدأ الفيدرالي ، بينما تعني الفيدرالية أو الاتحاد الفيدرالي التنظيم المؤسساتي وإنشاء) النظام الفيدرالي( .
إن الفيدرالية ليست مفهوماً حديثاً كما يظن البعض ، فقد عرفت حتى في المجتمعات السياسية القديمة ، ففي العصر اليوناني القديم كانت هناك بعض المدن تسعى لإيجاد نوع من الفيدرالية يجري التوفيق فيها بين نزوع هذه المدن إلى الاستقلال الذاتي والنزوع إلى سلطة مركزية تنسق فيما بينها0
وقد بقيت الفيدرالية بهذا المعنى الأولي حتى العصر الوسيط والعصر الحديث ,غير أنها تطورت وتجددت إلى ماهي عليه في الوقت الحاضر عبر نظام الولايات المتحدة الامريكية الذي تأسس بين عامي (1787) و(1789) وأيضاً عبر النظام السويسري الدستوري ابتداءً من عام (1848 ) والوحدة الالمانية في الستينيات والسبعينيات من القرن التاسع عشر.
هنالك من يعتقد بأن هنالك تناقض بين الاسلام والفيدرالية ، ويدخل هذا في اطار الجهل بالإسلام الحقيقي من جهة وبوجود أحكام مسبقة من جهة أخرى ساهمت بزيادة تأصلها واقع الدول العربية والاسلامية الحالي وأعمال بعض المجموعات التي تتخذ الاسلام شعارا.
بحسب تعريف الفيدرالية هنالك ضرورة لنوع من التقاسم بالحكم بين مستويات مختلفة ضمن مبادئ الحكم المشترك والحكم الذاتي ، وفي هذا بالذات لا يوجد أي تناقض مع الاسلام فقد عرف المسلمون أنظمة تشرع مبد الحكم الذاتي في وقت كانت ترفضه معظم أوروبا لأنها كانت متمسكة بالدولة كاملة السيادة وليدة القرن الثامن عشر ،( ونشير هنا إلى رسالة الإمام علي بن ابي طالب ( عليه السلام )إلى الصحابي مالك الاشتر عندما ولاه مصر وهي تشير في العديد من مفرداتها إلى الفصل بين صلاحيات السلطة المركزية المتمثلة بالخلافة الاسلامية في الكوفة وبين صلاحيات الاطراف المتمثلة بولاية مصر).
ان الدولة الفدرالية تنشئ بإحدى الطريقتين:
الاولى: تفكك دولة بسيطة موحدة إلى عدة وحدات ذات كيانات دستورية مستقلة ، ثم بناء على الدستور الفيدرالي يتم توحيد هذه الولايات ثانية على اساس آخر وهو الدولة الفيدرالية ، ويعتبر كل من الاتحاد السوفيتي سنة(1922) والبرازيل سنة (1891) والارجنتين سنة (1860) والمكسيك وفق دستور سنة(1857) المعدل سنة(1917) وتشيكوسلوفاكيا سنة( 1969) ، من الدول الفيدرالية التي نشأت بهذه الطريقة.
الطريقة الثانية: انضمام عدة ولايات أو دول مستقلة يتنازل كل منها عن بعض سلطاتها الداخلية ، وعن سيادتها الخارجية ثم تتوحد ثانية لتكون الدولة الفيدرالية على أساس الدستور الفيدرالي ومن امثلتها الولايات المتحدة الأمريكية عام( 1787) وجمهورية المانيا الاتحادية عام ( 1949) والاتحاد السويسري( 1874) واتحاد الإمارات العربية عام ( 1970). واذا نظرنا إلى فكرة الفيدرالية في ذاتها ، وجدناها تقوم على اساس عنصرين متناقضين هما " الاستقلال الذاتي " والاتحاد " وان الترابط بين هذين العنصرين بعلاقتهما المتبادلة والمتعارضة يشكل وحدة المفهوم الحقيقي للدولة الفيدرالية التي هي نتاج التوفيق بين رغبتين متعارضتين : تكون دولة واحدة من ناحية ، والمحافظة على أكبر قدر من الاستقلال الذاتي للولايات الأعضاء من ناحية أخرى. يكاد يتفق فقهاء القانون العام على ان الدولة الفيدرالية تنشأ بطريقتين لا ثالث لهما مع ذلك هناك البعض من يرى بان الدولة الفيدرالية يمكن أن تقوم بطريقة ثالثة أي بأسلوب دمج بين طريقتين (الانضمام و التفكك ( معا، ويستند في ذلك إلى كيفية نشأة كل من الدولتين الفيدراليتين الهند و كندا و يقول بان "النمط الثالث هو مزيج بين المسارين) الانضمام و التفكك) وتعتبر كندا و الهند المثالين الرئيسين على هذا النمط.

ان الدولة الفيدرالية تتميز بثلاثة مظاهر و هي الوحدة و الاستقلال و المشاركة. إذ إن الدولة الفيدرالية تبرز إلى العالم الخارجي و تتعامل في علاقاتها الدولية و السياسية مع الدول الأخرى كدولة موحدة بسيطة ، كما و إن لها بعض مظاهر الوحدة في النطاق الداخلي والتي لابد منها حتى يمكن إعطاء وصف الدولة عليها ، وهذا ما يسمي بمبدأ الوحدة والذي يتمثل في تنظيم الدولة الفيدرالية ومبدأ الاستقلال يتمثل في تنظيم الولايات و يتنازع المبدآن تنظيم العلاقة بينهما ، الأمر الذي يؤدي إلى المبدأ الثالث مبدأ المشاركة.
ان الاتحاد الكونفدرالي ينشأ بموجب معاهدة بين دول كاملة السيادة بينمـــــــــا الاتحاد الفيدرالي ينشأ بموجب الدستور. من حيث السيادة الخارجية والداخلية تبقى الدول المشتركة في الاتحاد الكونفدرالي محتفظة بسيادتها علـــــــى عكس الحال في الاتحاد الفيدرالي الذي تتنازل فيه دول الأعضاء عن سيادتها على الصعيد الخارجي للحكومة الجديدة وهي حكومة الاتحاد.
إن الهيئة العليا في الاتحاد الكونفدرالي والتي تدعى بالجمعية أو المؤتمر أو الكونجرس وهي أشبه ما تكون بالمؤتمرات الدبلوماسية التي تتكون من أعضاء  مندوبين لدولهم لهم الحق بالتكلم واتخاذ القرارات باسمها وان إرادتها لا تتكون بأية حال من إرادة هيئات الاتحاد وانما من إرادة مجموع الدول الأعضاء فيه علـــــــى عكس الحال في الاتحاد الفدرالي الذي يؤدي إلى نشوء دولة مركزية فوق دول الأعضاء وهي دولة الاتحاد (وتكون الحكومة الفدرالية)وليس حكومات الدول الأعضاء - هي المعبر عن إرادة الاتحاد.
المعاهدات التي بموجبها نشأت الاتحادات الكونفدرالية المختلفة أجمعت على وجوب توفر إجماع الدول الأعضاء فيما يتعلق بتعديل الميثاق أو عند انضمام عضو جديد إلى الاتحاد وهـــــذا يختلف عن الاتحاد الفدرالي كون الأخير لا يشترط الإجماع لتعديل وثيقة الاتحاد (الدستور الفدرالي) بل انه يتطلب في أقصى الأحوال موافقة ثلاثة أرباع الدول الأعضاء.
ليس لهيئات الاتحاد الكونفدرالي سلطان مباشر على أقاليم الدول الأعضاء أو على أفراد تلك الدول وهـــــــــذا بخلاف في الاتحاد الفدرالي الذي يكون لحكومة الاتحاد فيه السلطان المباشر ليس فقط على الدول الأعضاء بل على مواطني تلك الدول ايضا. ضمن هيئات الاتحاد الكونفدرالي لا توجد محكمة عليا للفصل في المنازعات التي قد تحصل بين الدول الأعضاء ، وذلـــــــك على خلاف الاتحاد الفدرالي الذي تقام في ظله عادة محكمة دستورية عليا للفصل في الخلافات التي قد تقع بين حكومة الاتحاد وحكومات الدول الأعضاء. تتعدد الجنسيات بتعدد الدول المتعاهدة كونفدراليا ، وان مواطني أي دولة من الدول الأعضاء يعتبرون أجانب في الدول الأخرى ، لان الاتحاد الكونفدرالي لا يؤدي إلى قيام حكومة مشتركة وشعب واحد بل يتكون من حكومات وشعوب الدول المتعاهدة على العكس من الاتحاد الفدرالية الذي يتمتع سكانه ومواطنيه بجنسية واحدة فقط.
أن الدول الأعضاء في الاتحاد الكونفدرالي التي تبقى محتفظة بسيادتها وصفتها الدولية، فان الحرب التي تقع بينها تعد حربا دولية فـــــــي حين أن الحرب التي تقع بين الدول الأعضاء في الاتحاد الفدرالي تعد حربا أهلية.
توجد هنالك ثلاثة انواع من الفدرالية وهي بالشكل الاتي
الفدرالية المركزية
الفدرالية المدمجة
الفدرالية المتشابكة

ويثير البحث في الدولة الفيدرالية, باعتبارها دولة اتحادية؛ مسألة كيفية توزيع الاختصاصات فيها بين المركز والأقاليم , و هو أمر يختلف من دستور إلى آخر فهنالك ثلاث طرق يتم توزيع الاختصاصات فيها:

الطريقة الاولى: تحدد في الدستور الفيدرالي اختصاص الدولة الفيدرالية ( الحكومة المركزية ) وما يتبقى منها تكون من اختصاص الحكومة المحلية(الاقاليم او الولايات) وهذه الطريقة هي أكثر الطرق شيوعاً بين الدول بل هي المتبعة في الغالبية منها سويسرا والولايات المتحدة والهند.

الطريقة الثانية: تحديد اختصاصات الحكومة المحلية ( الاقليمية ) وما عداها سيكون من اختصاص الحكومة المركزية ( الفيدرالية ) وهو ما متبع في كنـدا.
إن هذه الطريقة تتفق مع السياسة المركزية التي قد تنتهجها الدولة الفيدرالية ذلك لان الولايات لا تستطيع أن تدخل في اختصاصاتها مسائل جديدة ولاسيما إذا كانت الدولة الفيدرالية نشأت بأسلوب التفكك حيث تعتبرها اختصاصات الولايات انتزاعا أو نقلا لبعض الاختصاصات من السلطة المركزية إلى السلطات المنشاة الجديدة وهي سلطات الولايات (الاقاليم). ونذكر من تطبيقاتها الدستور الكندي لعام (1867) والمعدل عام 1951) ) ودستور الهند لسنة (1950) ودستور فنزويلا لعام(( 1953 .

الطريقة الثالثة: وبموجب هذه الطريقة يتم بيان اختصاصات الحكومة المركزية ( الفيدرالية ) واختصاصات الحكومة المحلية ( الاقليمية ) (1).
وينتقد الفقه هذا الأسلوب لما يتضمنه من مخاطر و صعوبات مهما كان الدستور دقيقا ووافيا في تحديد الاختصاصات، فلابد أن تستجد قضايا لم يكن المشرع قد تناولها بالتنظيم .
وبعد ان بينا طرق توزيع الاختصاصات فلا بد لنا ان نبين اختصاصات الحكومة المركزية فالحكومة المركزية تتمتع باختصاصات عديدة وهي بالشكل المستعرض ادناه:
1- الدفاع الوطني وإعلان الحرب وعقد الصلح والإشراف على جميع القوات المسلحة في البلاد.
2- السياسة الخارجية وكل ما يتعلق بها من التمثيل الدبلوماسي والسياسي و الانضمام إلى المؤتمرات والهيئات الدولية.
3-عقد المعاهدات و الاتفاقيات الدولية . ولكن هناك بعض الدساتير التي تضمن للحكومات المحلية حق إبرام بعض المعاهدات غير السياسية كالمعاهدات الثقافية والتجارية والتي لا تتعارض مع السياسة العامة للدولة الفيدرالية.
4- السياسة الاقتصادية، كوضع الخطط الاقتصادية وخطط التنمية بعد مشاورة الحكومات الإقليمية وإصدار العملة وإدارة المصارف وتنظيم الميزانية العامة وتخصيص المبالغ اللازمة لميزانيات الأقاليم ،بالإضافة إلى الرقابة المالية.
5- إدارة المطارات الدولية والموانئ والمواصلات السلكية واللاسلكية.
6-استثمار المعادن، النفط، والطاقة الذرية
7- إدارة الجمارك والمكوس والضرائب.
8 - توحيد التشريعات الجنائية والمدنية.
9- الإشراف على الوزارات والأجهزة المركزية
10- شؤون الجنسية والأجانب والإقامة والسفر ،ويحق للحكومة المحلية(الإقليمية) إصدار التشريعات الخاصة بها لمنح الجنسية على أن لا تتعارض مع الدستور الفدرالي. هذه هي اختصاصات الحكومة المركزية (الفيدرالية) و ما تبقى منها تكون من اختصاصات الحكومة المحلية(الإقليمية).

وبعد ان بينا القسم الاول من البحث وبينا ماهي الفدرالية وما المقصود منها وتاريخها وطرق تشكلها وانواعها واختلافها عن الكونفدرالية واختصاصاتها. فلا بد لنا ان نبين القسم الاخر من البحث وهو الجزء الاهم الا وهو امكانية تطبيق الفدرالية في العراق.

القسم الثاني:
طفا مصطلح الفيدرالية في العراق بعد عام (2003) بصورة كبيرة وبخاصةً بعد المناقشات المطولة حول صياغة الدستور العراقي الجديد وما تلاه من تصويت شعبي على ذلك الدستور، وقد كان موضوع الفيدرالية من ابرز قضايا الخلاف على مسودة الدستور إلى أن خرج بشكله النهائي، ولكن موضوع الفيدرالية لم يُحسم بعد، وقد وجد العديد من الباحثين أن هناك قصور كبير في فهم الفيدرالية بين أوساط الشعب العراقي، وقد تراوحت التفسيرات في هذا المجال، إذ اعتبره البعض تقسيم للعراق، بينما اعتبره البعض الآخر إنقاذ للوضع القائم.
وقد تكون الفيدرالية شكلا مناسبا للحرية والديمقراطية وللنظام السياسي باعتبارها شكلا من التقسيم العادل لتوزيع السلطات بين جميع قطاعات الشعب وفصائله المكونة وهي في كل الأحوال لن تكون بالإكراه ولا بالشروط المسبقة بل بأقناع الشعب بأهمية هذا الشكل النظامي لأداره الدولة وهذا يتطلب دراسات اقتصادية ومالية واسعة وعميقة و تتطلب دراسات سكانية وإحصائية لا تقبل الجدل. لقد جاء الدستور العراق لعام ( 2005 ) ليغير شكل الدولة العراقية من دولة موحدة بسيطة إلى نظام جديد هو نظام الدولة المركبة الفيدرالية الذي يميزه بخصائص ويبنى على مبادئ تختلف إلى حد كبير عن ما هو موجود في الدولة الموحدة البسيطة مما يقتضي البحث في اختصاصات الدولة المركزية والولايات أو الأقاليم لإدامة هذه التجربة الديمقراطية وإنجاحها متعرفين على التجارب الدولية الفيدرالية الأخرى.
كما و يرتبط نشوء النظام ا لاتحادي(الفدرالي) في الدستوري في العراق بمطالبة ابناء القومية الكردية بوصفها القومية الرئيسية الثانية الى جانب القومية العربية ، وتستند مطالبة الاكراد بالنظام الاتحادي الى مسوغات تاريخية واخرى سياسية.
لا مناص من القول بان فكرة الدولة الاتحادية في العراق تمثل اتجاها جديدا تبنته الدساتير الصادرة بعد عام (2003) ،اذ لم يرد ذكر لها في الدساتير العراقية المتعاقبة بدءا بالقانون الاساسي لعام( 1925) (ودستور 27 تموز 1958 )، (ودستور 4 نيسان لعام 1963) و ( دستور 22 نيسان لعام )1964) و(دستور 21 ايلول لعام 1968)و(دستور 16 تموز 1970)، كما لم يرد الاعتراف الصريح بالقومية الكردية في تلكم الدساتير باستثناء دستور( 1958 )و دستور 1970 .
وبعد احداث عام( 2003) صدر قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية والذي يعد اول دستور يحتضن فكرة الدولة الاتحادية كما حرص على احتضانها دستور (2005)النافذ حاليا.
وان النظام الفدرالي (الاتحادي) ذات اهمية كبرى وهي كما يأتي
1)دعم الديمقراطية وضمان حقوق سكان الوحدات الإدارية.
2)التوازن والتوافق بين المصلحة العامة ومصلحة المجموعات السكانية.
3) التوازن بين مصلحة دولة الأقاليم ومصلحة الوحدات الإدارية الصغيرة.
4)الاستغلال الأمثل للموارد المحلية البشرية والطبيعية والمالية لصالح التنمية المتوازنة في المنطقة المعنية لكل المكونات والوحدات الإدارية للإقليم.
5) تلبية حاجات السكان المحليين في كل وحدة ادارية وخلق تنمية حقيقية تزيد من أهمية الاقليم او المحافظة والمساهمة في زيادة الدخل المحلي وتحقيق مستوى معاشي مناسب للسكان موازية للمستوى العام في البلد.
6)زيادة القدرة والسرعة والمرونة في اتخاذ القرارات ومتابعة نتائجها لتنمية الوحدة الإدارية المعنية ومنح السلطة والصلاحيات لها.
7) إزالة بؤر النزاعات والتوتر بين الوحدات والمجموعات السكانية لأسباب قد تتعلق في كثير من الأحيان بسوء الادارة نتيجة أسباب متعلقة بالملكية أو أسباب اجتماعية أو مذهبية.
8)حل المشاكل والمعضلات والأزمات الداخلية التي تواجه المنطقة أو الوحدة أو المجموعة السكانية نتيجة أسباب اثنية أو عرقية او اجتماعية أو اقتصادية أو مذهبية.
9) تلبية حاجات المجموعة السكانية أو الوحدة الإدارية.
10)- استمرارية وديمومة التنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة المعنية ضمن موجبات استراتيجيات مدروسة قائمة على وضع أهداف وأولويات يحددها سكان المنطقة وفق قاعدة المتاح من الموارد والإمكانيات لتحقيق المهام ضمن سياق التنمية.
11) - تنشيط المجموعات السكانية والوحدات الإدارية المهمشة التي تعاني من نقص التطور والتنمية في إطار البلد الواحد وما تسببه ذلك من مشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية، مما تتطلب الحاجة الفعلية في تنشيط اقتصاديات هذه المناطق.
12) زيادة مشاركة سكان الوحدات والمجموعات السكانية في وضع السياسات العامة واتخاذ القرارات وإتاحة الفرصة لهم للاطلاع وإبداء الرأي والمشاركة في الأنشطة الخاصة.

وبعد ان بينا اهمية النظام الفدرالي (الاتحادي) فيتوجب علينا ان نستبين العقبات التي تجابه النظام الفدرالي (الاتحادي )في العراق
في الحقيقة ان هنالك ثمة عقبات تواجه النظام الفدرالي في العراق المتمثلة:
أولا_ العرب السنة: ممثلي العرب السنة داخل اللجنة الدستورية هم من اشد المعارضين للنظام الفدرالي في العراق حيث اعلنوا مرارا رفضهم القاطع للنظام الفدرالي و هددوا بالعمل على رفض هذا الدستور في الاستفتاء المقبل اذا نص على النظام الفدرالي بحجة ان هذا النظام سوف يهدد وحدة العراق. و لكن الاسباب الحقيقية وراء رفض ممثلي السنة للنظام الفدرالي هي غير ذلك و منها:

1_ المناطق السنية العربية هي مناطق فقيرة نسبيا حيث تتواجد منابع النفط اكثرها في المناطق الشيعية و الكردية و حتى من ناحية الأمن الغذائي فان المناطق السنية اكثرها مناطق صحراوية او شبه صحراوية تفتقر الى موارد المياه ما عدا الشريطين المحاذيين لنهري دجلة و الفرات.
2_ انتشار السنة العرب لا يقتصر فقط على المناطق السنية بل يمتد الى الجنوب الشيعي و حتى الى كردستان.
3_الدول العربية المجاورة للعراق و تركيا هي كلها دول ذات اكثرية سنية لا ترغب اكثرها في النظام الفدرالي في العراق.
ثانيا _ الشيعة: موقف الشيعة عن النظام الفدرالي يتأرجح بين التايد و الرفض و لكن الاكثرية بين ممثليهم و مرجعياتهم تميل الى تشكيل دولة مركزية او اتباع نظام فدرالي ضعيف جدا على اساس ادارى و لكنهم لا يعلنوا عن موقفهم ذلك بطريقة تتأثر على تحالفهم من الاكراد بل و تركوا هذا الامر للسنة العرب. ويمكن اسناد الموقف المتأرجح للشيعة من الفدرالية الى العوامل التالية:
1_الشيعة يتمتعون بالتفوق العددي في العراق يتجاوز الاكثرية المطلقة.
2_نقطة ضعف المناطق الشيعية هي افتقارها الى مصادر المياه الذاتية حيث معدلات هطول الامطار هي منخفضة جدا و ان الاكراد والسنة يتحكمون في مصادر المياه.
3_ ايران في تكوينها العرقي الطائفي تشبه كثيرا العراق. و ايران كا تركيا وبعض الدول الاخرى المجاورة للعراق تنظر بعين الشك الى النظام الفدرالي لهذا يحاول الشيعة عدم احراج ايران في هذا الموضوع.
ثالثا _ الاكراد: ممثلي الاكراد داخل البرلمان العراقي و اللجنة الدستورية هم من اشد المتحمسين للنظام الفدرالي و اسباب هذا التحمس يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1_ كافح الاكراد منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام (1921) و حتى سقوط النظام السابق من اجل حق تقرير المصير و الذى يعنى ايضا تأسيس دولة قومية لهم.
2_مطالبة الاحزاب الكردية بالفدرالية لا تخلو ايضا من نزعات انانية و مصالح شخصية اذ ان قيادات الاحزاب الكردية و خاصة قيادات الحزبين الرئيسين ذاقوا طعم ممارسة السلطة او بالأحرى الانفراد بها و التمتع بامتيازات اقتصادية هائلة و بطرق غير مشروعة و لهذا فان هذه السلطة و الامتيازات لا يمكن الاحتفاظ بها الا في كيان كردى فدرالي لا تتدخل في شؤنه الداخلية الحكومة الفدرالية في بغداد.
3_كردستان العراق تتمتع بثروات طبيعية هائلة ترغب العوائل الحاكمة في هذا الاقليم الاستيلاء عليها و تحويلها الى املاك شخصية كما فعلت مع الكثير من الملك العام لحد الآن حيث الفساد الإداري وصل الى حد الكارثة.
و ماذا عن العراق؟ فان العراق على المستوى الإقليمي محاط بالكامل بدول مركزية بعضها بسبب تكوينها العرقي الطائفي تعتبر الفدرالية في العراق حتى تهديدا لا منها القومي ووحدة اراضيه و ذلك لا بد لهذه الدول ان تمارس ضغوطا لإجهاض مشروع النظام الفدرالي في العراق بطريقة مباشرة او غير مباشرة. وعلى مستوى الدولي أي تجارب الدول الاخرى التي تبنت النظام الفدرالي نجد بان النماذج هي غير مشجعة لمؤيدي النظام الفدرالي في العراق.

ويمكننا ان نوضح الفدرالية على اربع اسس وهي بشكل من الايجاز على النحو المستعرض ادناه:
الفدرالية على أساس التنوع الطبيعي.
الفدرالية على أساس التنوع البشري (القومي).
الفدرالية على أساس التنوع البشري (المذهبي).
الفدرالية على أساس التنوع البشري(الأثنوغرافي / القومي والديني).

ان القراءة والامعان والنظر للمواد التي تناولها دستور العراق(2005) يوضح لنا بأن العراق دولة اتحادية (فدرالية) لم يختلف عن غيره من النماذج الاتحادية (الفدرالية) و المتمثلة بوجود عاملين مهمين في تكوين الدولة الاتحادية وهما:
مظاهر الوحدة التي تعتبر المظهر الاول لتكوين الدولة الفدرالية و المتمثلة برغبة عدد من المكونات الأساسية للدولة الاتحادية بالعيش معا في ظل دولة واحدة تمنح سلطات حصرية للحكومة الاتحادية و التي غالباً ما تعكس المصلحة على مستوى وطني.
2- مظاهر الاستقلال والذي تعتبر الركن الثاني لتكوين الدولة الفدرالية و المتمثل برغبة نفس المكونات بممارسة نوع من السلطات تعكس التنوع اللغوي أو العرقي أو الديني ،والإقليمي والتي غالبا ما تعبر عن المصلحة على مستوى إقليمي.
والان علينا ان نبين السلطات في الدولة الاتحادية (الفدرالية) ونجعل من العراق انموذجا:
السلطة التشريعية: ان السلطة التشريعية تتبوأ أهمية خاصة في الدول الاتحادية ويبحث فيها لأنها فقط الوسيلة التي من خلالها تشرع القوانين وإنما على الآلية التي تعمل فيها هذه السلطة في ظل وجود توزيع للسلطات و وجود مستويان حكوميان الأول اتحادي أو قومي و الثاني إقليمي أو محلي، وقد اختلفت الدول الاتحادية في هذا الموضوع اختلافاً واضحاً تبعاً للسياسات التي سارت عليها وطبقا للمواد الدستورية التي حددت آليات ممارسة السلطة التشريعية لوظائفها , فمثلاً نرى في بعض الدول أن السلطة التشريعية تمنح بصورة خالصة إلى الحكومة الاتحادية المتمثلة في العاصمة أو إلى الحكومات المحلية المكونة للدولة الفدرالية .
بينما نرى في دول أخرى أن السلطة التشريعية تكون محدودة وضئيلة بالنسبة للحكومة الاتحادية مع تحديد معظم الصلاحيات الأخرى باعتبارها مشتركة بينها و بين الحكومات المحلية. يعد الدستور العراقي الدائم لعام(2005) من أخر الدساتير التي أخذت بالنظام الفدرالي كطريقة لتوزيع السلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية ، وفيما يخص السلطة التشريعية في العراق فقد تطرقت مواد الدستور إليه بشيء من التفصيل . تتكون السلطة التشريعية الاتحادية طبقاً للدستور العراقي من مجلسين هما ( مجلس النواب) و ( مجلس الاتحاد) وقد تم تفصيل كيفية تشكيل مجلس النواب وطريقة انتخابه وصلاحيته وطريقة حله تفصيلاً دقيقا , بينما ترك موضوع تشكيل مجلس الاتحاد وصلاحيته وكل ما يتعلق به إلى المجلس الأول والذي سيسن قانونا خاصا به (2) ، ويعد هذا نقصاً تشريعيا واضحا بل مما يعيب على الفدرالية العراقية. وبمعنى أخر إن السلطة التشريعية الاتحادية في دولة العراق هي ناقصة غير مكتملة .

السلطة التنفيذية: سيتم التركيز على محورين رئيسيين وهما السلطة التنفيذية الاتحادية والسلطة التنفيذية على المستوى الإقليمي والمحلي للمحافظات المكونة للاتحاد في دولة العراق .عد الدستور العراقي النافذ السلطة التنفيذية كإحدى السلطات الاتحادية جنبا إلى جنب السلطتين التشريعية و القضائية .
تتكون السلطة التنفيذية الاتحادية في دولة العراق من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء اللذين اعتبرا قطبي السلطة التنفيذية ، بحيث افرد لكل واحد منهما صلاحيات نص عليها في الدستور .
بينما تطرقت مواد أخرى دستورية إلى تعريف رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ، وتجدر الإشارة إلى أن تعديلا قد طرأ على إحدى مكونات السلطة التنفيذية الاتحادية و المتمثل برئيس الجمهورية ، حيث استبدل بتعبير ( هيئة الرئاسة ) . والتعديل الذي طرأ على هذه المادة هو بدافع سياسي أكثر من كونه إجرائي أو قانوني ، حيث تتكون هذه الهيئة من ثلاثة أشخاص هم رئيس الجمهورية ونائبيه ، ويشغل منصبه ( كردي وعربي شيعي و عربي سني) .
ولهيئة الرئاسة نفس صلاحيات رئيس الجمهورية المذكورة في الدستور بالإضافة إلى صلاحية التصديق على القوانين التي يسنها مجلس النواب.


وقد ذكر الدستور اختصاصات السلطات الاتحادية وهي على نوعين:
-1اختصاصات حصرية بيد الحكومة الاتحادية .
-2 اختصاصات مشتركة بين الحكومة الاتحادية والحكومات المتمثلة بالأقاليم والمحافظات, وقد خول الدستور المحافظات بممارسة السلطات التي تمارسها الحكومة الاتحادية بشرط موافقة الاثنين على ذلك.

السلطة القضائية:
لم يغفل الدستور العراقي لعام (2005)عن ذكر السلطة القضائية كإحدى السلطات المهمة التي ركز عليها في عدة مواضيع ، فقد ذكرها على أنها سلطة اتحادية ، كما فصل في مكوناتها ، التي ذكرت حصرا وكما يلي :
* مجلس القضاء الأعلى الذي أعيد العمل به بعد سقوط النظام حيث سيشكل بقيامة الاستقلالية التي يطلبها إي قضاء في عالم اليوم. *المحكمة الاتحادية العليا .
*محكمة التمييز الاتحادية .
*جهاز الادعاء العام .
*هيئة الأشراف القضائي .
*المحاكم الاتحادية .
المحكمة الاتحادية العليا: تشكل المحكمة الاتحادية العليا في عراق اليوم منعطفاً مهما في المضي على طريق الفدرالية الفتية التي تشهدها البلاد ، باعتبارها الحكم الذي تختصم لديه السلطات على المستوى الاتحادي والإقليمي علاوة على ذلك كونها مفسراً مهما لمواد الدستور ومراقباً على دستورية أي قانون يصدر من السلطة التشريعية هذا بالإضافة إلى العديد من المهام الحيوية التي طالت عدة مناصب ووظائف مهمة في البلاد . وعلى الرغم من وجود محكمة اتحادية عليا حاليا ، إلا أن الدستور العراقي قد أشار إلى إن هذه المحكمة سيعاد تشكيلها بقانون جديد سيسنه مجلس النواب وبأغلبية ثلثي اعضاءه.
حيث ستمارس نفس الاختصاصات التي تمارسها المحكمة الاتحادية الحالية ألا أنها تختلف من حيث العضوية فيها , إذ أشار الدستور إلى أنها تتكون من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون ، وقد تم بحث عدة خيارات حول هذا الموضوع منها :
-1إن يكون الفصل في أي موضوع يعهد إلى المحكمة طبقا لاختصاصاتها من حق القضاة وحدهم .
-2يساعد فقهاء القانون وخبراء الفقه الإسلامي ، القضاة بتقديم المشورة و الخبرة في المواضيع المرفوعة إمام المحكمة .
3- إن يكون القضاة وفقهاء القانون وخبراء الفقه الإسلامي بنفس المستوى من المسؤولية بحيث لا تنظر المحكمة ولا تتخذ أي أجراء ألا بمشاركتهم.


الخاتمة:
أنّ فكرة الفدراليّة تدرك أهميّة السّياسات والمفاهيم المتنافسة حول ماهية المصلحة العامّة. فضلاً عن أنّها تجسّد شأناً عامّاً يدعو إلى الحدّ من نطاق عمل الحكومة. فالفدراليّة لا تنطلق من مجرّد "مفهوم أحاديّ"، بل إنّها تستوجب وجود اتّفاقٍ مشترك على اتّخاذ إجراءاتٍ معيّنة بمعزلٍ عن الطّرف الآخر، وإجراءاتٍ أخرى معه. زِد على أنّها لا تُعتبر مجرّد تنازلٍ عن السلطة، لأنّ المبدأ المنطقيّ يفيد بأنّ تنعم حكومات الولايات أو المقاطعات بالسّيادة في دائرة نفوذها، بقدر السيادة التي تتمتّع بها الحكومة القوميّة أو الفدراليّة ضمن دائرتها الخاصة. فنحن لا نتحدّث، في هذا الإطار، عن الحكومات "الأرفع مقاماً" أو "الأدنى مقاماً"، ولا عن الحكومات "الأعلى سلطة" أو "الأدنى سلطة"، بل نتحدّث عن عدّة حكوماتٍ تؤدّي مهامّ مختلفة ضمن إطار عمل مشترك.. اليوم في العراق يمكن للنظام الفدرالي أن يكون بديلا للنظام المركزي، وثمة بدائل لأقاليم فدرالية تستند إلى الأقاليم الجغرافية الطبيعية، وبدائل أخرى تستند إلى التنوع القومي وثالثة تستند إلى التنوع المذهبي ورابعه تستند إلى التنوع الأثنوغرافي (القومي والديني) .والحقيقة يمكن أن يكون النظام الفدرالي بداية طريق للتجزئة ويمكن أن يكون طريقا للوحدة !! يتوقف ذلك على الكيفية التي توظف بها الفدرالية وعلى الهدف منها. ان الفيدرالية يمكن ان تكون تجسيد للأسس الديمقراطية في الحكم و الإدارة لدولة القانون. ان الفيدرالية يمكن ان تكون تجسيد للتعددية و احترام لها : أن الفيدرالية يمكن ان تكون افضل وسيلة في إدارة الدولة التي فيها اكثر من قومية أو طوائف و مذاهب وأطياف متعددة خاصة إذا كانت الحريات والحقوق معطلة كليا في الدولة ففي الفيدرالية احترام ( للتعددية القومية ) و ( للتعددية الدينية ) و (للتعددية المذهبية ) و احترام ( للتعددية السياسية ) وفي تطبيق الفيدرالية تعطيل كلي لدور الحاكم الفرد ولا يخفى على الجميع ما يجلبه حكم الفرد من ويلات و كوارث على الشعوب ولان حكم المؤسسات الدستورية في دولة القانون تجنب الدولة أهواء و أخطاء الحاكم الفرد ولا تسمح لظهور الطغاة الذين يجلبون على شعوبهم الماسي و الحروب و الدمار من خلال عسكرة الدولة والمجتمع.
هذا فضلا عن أن النظام الفيدرالي يعني السماح لكل المؤسسات الدستورية أن تقوم بدورها القانوني في بناء الدولة والمجتمع وفقا للأسس الدستورية و القانونية وهو وفي توزيع الثروات الوطنية توزيعا عادلا يصب في خدمة الإنسان وفي تأسيس وبناء قواعد المجتمع المدني مما يتعارض و سلطة الحكم الشمولي الذي تتركز بيده جميع السلطات و ينعدم الفصل بين السلطة التشريعية و السلطة القضائية و السلطة التنفيذية مما يسبب التفرد بالرأي و كثرة الأخطاء و انهيار القانون و الإهدار في الحقوق .
إذا الفيدرالية هي نظام حكم لغرض إدارة أقاليم الدولة الواحدة بصورة متوازنة بين السلطة المركزية و إدارة الأقاليم أو الإقليم وبمشاركة واسعة منظمة ديمقراطية وعادلة بهدف تحقيق التطوير وانفاق الموارد على الإنسان وفي تأسيس حكم المؤسسات وليس حكم الفرد أو الأفراد ومن خلال هذا النمط في إدارة الدولة تتحقق العدالة و العدل ولذا فان الفيدرالية هي طريقة قانونية أو أسلوب للحكم قائم على تفعيل دور المؤسسات الدستورية.
ان الفدرالية مبدأ جيد ونظرية جيدة لأجل تقديم خدمات بالصحة بالتعليم بالإسكان بالثقافة لكن اذا تحولت الفدرالية الى اساس سياسي ليس اساس وطني فنحن من اشد المعارضين لذلك.


الباحث :حسين عدنان هادي



#حسين_عدنان_هادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأعلام العربي بين التعتيم والترويج والتسويق


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عدنان هادي - الفدرالية ومستقبل العراق