أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير عبدالجبار الآلوسي - أصوات إعلامية تجتر فلسفتها من جرائم الماضي















المزيد.....

أصوات إعلامية تجتر فلسفتها من جرائم الماضي


تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)


الحوار المتمدن-العدد: 3455 - 2011 / 8 / 13 - 10:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين الفينة والأخرى تطالعنا بعض الأصوات الصحافية من تلك التي مازالت تجتر من الماضي المأزوم بأمراضه، باستدعاءات لتلك السياسات التي حاولت دائما تغيير الحقيقة وإشاعة التضليل الذي يلائم فلسفتها في إلغاء الآخر وإقصائه بقدر استطاعتها.. وعلى الأرض يعرف الشعب العراقي حالات من نمط جرائم (التعريب) بترحيل عشرات آلاف العوائل من موئل إقامتها واستجلاب عوائل بديلة مكانها وإحداث التغييرات الديموغرافية قسرا....

وإذا ألقينا نظرة في نموذج ما أوردته جريدة (الإصلاح) الجديد في نهاية شهر حزيران المنصرم تحت عنوان "حدودنا في خطر"؛ فسنرى عمق ما يجترح اليوم من مشكلات تعرِّض الوحدة الوطنية لتهديدات غير محسوبة العواقب منها أنها تستهين بحقائق تاريخية، مُعتقِدة أنها يمكنها تضليل الرأي العام وحرفه باتجاه أوهام ماضوية قرر العراقيون طي صفحتها نهائيا بميلاد دستور دولة العراق الفديرالي...

إنّ فلسفة مثل هذه الحملة الإعلامية التي تظهر بين الفينة والأخرى تقوم على الأسس والدوافع الآتية:

1. استمرار تشطير المجتمع وضخ نهج الاستعلاء وشوفينية (الأغلبية) في النظر إلى ما يسمونه تعسفا (الأقلية).. ومن ثمّ استمرار نهج الإقصاء والإلغاء في التعامل مع الآخر..

2. التمسك بنتائج جرائم التغيير الديموغرافي التي تمت في ظل نظام الدكتاتورية والطغيان..

3. اتخاذ حقوق [متوهمة] لهم على حساب الآخر والاستئثار بها بسياسة عدائية تشكل ركنا رئيسا في فلسفتهم التي يضللون بها الرأي العام..

4. الوقوف بسلبية تجاه إرادة الشعب في وحدته الوطنية القائمة على مبدأ الاختيار الحر والفديرالية التي تحترم التعددية والتنوع فيه..

5. العمل وكأن الحياة جامدة لا تتغير حيث الجغرافيا والتاريخ يخضعان على وفق هذه الحملات الإعلامية لإرادة سياسة قسرية تمارس الإكراه والعنف بالضد من طبيعة المتغيرات الإنسانية التي تتطلب تعاملا واقعيا معها...

ومثل هذا الضخ الإعلامي الذي تطل من خلاله قوى وسياسات معروفة لا يؤدي إلا إلى الآتي من النتائج الخطيرة:

1. الدفع باتجاه تقسيم المجتمع وتشطيره واستعداء القوى المكونة الرئيسة بعضها تجاه بعض..

2. جرّ الوطن والشعب إلى أشكال من التقسيمات المشوهة على الأرض بطريقة تفضي إلى تقاطعات احتراب مصطنع بين أطراف تعايشت تاريخيا وتداخلت مصالحها في وحدة احترمت التنوع والتعددية وتبادلت علاقات إنسانية ووطنية صحية سليمة..

3. خلق أسس قطيعة بين مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والتهيئة لأجواء انفصامات تقوم على نهج الاستعداء والاحتراب...

4. إيهام المجتمع بوجود حروب حدودية بين مكوناته تفضي إلى استعداء المجتمع ضد طرف بعينه واستلابه حقوقه في ضوء حملات الشحن والاحتقان المدفوع باتجاهها حيث التضليل وتشويه الحقائق..

إنّ مثل هذه الأصوات الإعلامية النشاز وجملة الأمور التي تضخها ربما تعود للجهل بالحقائق التاريخية وإلى أمية وانعدام معرفة من زاوية ما.. ولكنها بشكل رئيس وأساس تعود إلى سياسات مقصودة لقوى تتسم بالفاشية وبنزعاتها لمواصلة حرب ضروس ضد الوحدة الوطنية العراقية القائمة على جوهر إنساني في العلاقات بين مكونات الشعب من جهة وعلى احترام مسيرة تاريخية مديدة معمَّدة بآلاف سنوات التعايش..

إنَّ فلسفة السيد والعبد أو السيد وتابعه ومن ثمّ حصر ملكية الأرض بطرف على حساب الحقيقة لا يمكنها أن تكون أساسا في العلاقة بين ما يسمى أغلبية وأقلية.. إنها عين الخراب في العلاقات الإنسانية حيث طعن المساواة والتآخي في مقتل..

ولو دققنا في عبارة "حدودنا في خطر" وما تضمنته رسالة جريدة الإصلاح التي أطلقتها من جملة أصوات أخرى، لوجدنا أنها تفترض - تأسيسا لمفاهيمها - الانقسام بين طرفين وكأنهما اختارا الانفصام والاحتراب على حدود بين دولتين.. فيما الواقع يتحدث أولا عن حقائق تاريخية من السهل قراءتها بوساطة المتخصصين والوثائق؛ وثانيا يصرخ هذا الواقع بوجود إنساني حقيقي على الأرض وليس في الماضي ولا في الوثائق والأوراق وهو يسمو على افتعالات سياسية مرضية تحاول محو التعددية والتنوع وإغماض العين عنها...

من هنا يتطلع المخلصون لعراق فديرالي موحد إلى التصدي لحملة إعلامية باتت تتمادى في طروحاتها بطريقة تعرّض الوحدة الوطنية لمخاطر مهلكة.. وهي تضع مكونات الشعب التي اختارت الاتحاد (فديراليا) بمواجهة بعضها البعض، الأمر الذي ينكأ جراحات الماضي التراجيدي ويعمق الشروخ مثيرا أشكال اختلاف محوِّلا إياها إلى أسباب انفصام..

ومن المؤكد أن هذا لا يخدم سوى أعداء الشعب وأطيافه جميعا.. فهل تترك الأصوات الإعلامية التي تعزف على وتر الإلغاء والإقصاء والتضليل بلا حملة إعلامية مقابلة؟ ليعلو صوت الحكمة ومنطق العقل الممثل لإرادة جناحي الشعب العراقي عربا وكوردا في خيار اتحاد كوردستان بدولة عراقية فديرالية تحترم الحقائق وليعيد الثقة ويوطدها بين الأطراف..

وفي ضوء ذلك ألا يكون مهما للحكومة الاتحادية في بغداد أن تتحول من السلبية في التعاطي مع مثل هذه الحملات الإعلامية السياسية فتتصدى لها بتوكيد كونها حكومة اتحادية حقيقة وبشكل فعلي ملموس بالسلوك وبالأداء السياسي المجسّد للمواد الدستورية المخصوصة حيث التعبير عن حقوق الجميع بالعدل والمساواة؟

وفي ضوء ذلك؛ ألا يترتب على مؤسسات المجتمع المدني من [الأغلبية] أن تواصل جهودها علانية في توكيد مواقف الإخاء القائمة على مبدأ المساواة من جهة وعلى تعزيز فلسفة الاعتراف بالآخر وبحقوقه تامة غير منقوصة وغير مجتزأة؟

أجدني الآن أمام واجب إدانة سياسة شوفينية تجتر من الماضي تاريخ الجريمة لتعيدها من جديد.. وأمام واجب إماطة اللثام عن التضليل السياسي الذي طاول الواقع بعدوانية سافرة وهو واجب يتطلب قراءات تخصصية للتاريخ والجغرافيا والإحصاءات والوثائق وللواقع كما هو مثلما يتطلب قراءات تؤكد وحدة وطنية قائمة على إقرار التعددية والتنوع وعلى الاستجابة لمتطلبات هذا الإقرار دستوريا قانونيا ومن ذلك تطبيق الحلول الناجعة بشأن المادة 140 بلا مماطلة ولا تسويف وبما يستجيب للواقع وللحقيقة ولمصالح الشعب العراقي بعمومه وبعدالة تشمل جميع مكوناته بلا تكرار لضيم يلحق أحد تلك المكونات...

إننا أمام إشكالية ستظل تتطلع لحسم يؤكد الثقة بين أطراف العملية السياسية على أسس الخيار الشعبي والوحدة الشعبية إنسانية الجوهر مع احترام لإرادة الخيار الحر من جهة وللحقائق التاريخية وللواقع في حاضره بما يلبي ولادة الحل الأمثل والأنضج..

وسيكون التعجيل بالحل سببا لوأد كل ما يحفر له أعداء عراق ديموقراطي فديرالي.. وهو ليس تعجيلا بعد أن تأخر عقودا من الاستلاب والطغيان وسنوات أخرى من الآلام التي ما كان لها أن تستمر لولا المماطلة والتسويف من أطراف عديدة بعضها اليوم في تشكيلة أصحاب القرار في الحكومة الاتحادية وبعضها الآخر في القوى والحركات السياسية والاجتماعية العريضة...



#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)       Tayseer_A._Al_Alousi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعتداءات على كوردستان بين طبيعة تفاعل الحكومة الاتحادية وا ...
- وحدة الأطياف العراقية شعبيا وانقسامات نخب الطائفية السياسية ...
- الأزمة السياسية في بغداد وآفاق الحل
- العملية السياسية بين مطب الأحادية والفردنة وتطلعات الشراكة و ...
- المرأة الكوردستانية بين تطلعاتها الكبيرة والضغوط المحيطة بها ...
- معالجة لأوضاع المجموعات القومية بسوريا وتضامن مع الشعب السور ...
- التجمع العربي لنصرة القضية الكوردية باتجاه المؤتمر التأسيسي؟
- في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب..العراقي ما زال يئن من مزيد ...
- الأنا والآخر بين المساواة والتهميش
- كوردستان في اتجاه استراتيجية الإصلاحات والبناء
- في اليوم العالمي للاجئين 20 يونيو حزيران 2011: من يتحدث عن ه ...
- في اليوم العالمي للاجئين 20 يونيو حزيران.. صرخة تعلو باسم ال ...
- من يثيرالخوف في الحياة العامة ولماذا؟
- السلوك والقيم بين النظامين القديم والجديد؟!
- الصحافة العراقية في عامها ال 142 مسيرة وضاءة وعقبات كأداء
- إدانة جرائم التعرض الدموي الهمجي المسلح للتظاهرات السلمية في ...
- الصوت الآخر.. مجلة التنوع الثقافي ومنبر التعددية
- أهمية المجلات البحثية.. مجلة ابن رشد العلمية نموذجا دعوة للع ...
- مخاطر أن تقع العملية السياسية في قبضة الزعامة الفردية
- الطفل العراقي في اليوم العالمي للطفل!؟


المزيد.....




- بولتون لـCNN: النظام الإيراني في ورطة ولا أساس للأمن بوجوده. ...
- الأحداث تتسارع والضربات في تزايد.. هل تنذر المؤشرات بنهاية و ...
- حفل زفاف طفلة في ديزني لاند باريس يثير استنكاراً واسعاً وتدخ ...
- بالاعتماد على استخبارات مفتوحة المصدر.. تقرير يُرجح أن إسرائ ...
- هل عقد ترامب العزم على إسقاط النظام في إيران؟
- أطفال بدو سيناء في وجه السياحة.. حين يتحول التراث إلى مصدر ر ...
- 7 أنواع من الجبن قد تفسد أطباق المعكرونة
- مخاوف أوروبية من إغلاق مضيق هرمز
- مغردون: هل وصلت المواجهة بين طهران وتل أبيب إلى ركلات الترجي ...
- شاهد.. السرايا تستهدف قوات إسرائيلية بصاروخين روسيين موجهين ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير عبدالجبار الآلوسي - أصوات إعلامية تجتر فلسفتها من جرائم الماضي