أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نوري المرادي - تبدِّل الأفعى جلدها وليس دخيلتها!!،، هل ثابوا أم هو وازع الطوطمية!!،،















المزيد.....

تبدِّل الأفعى جلدها وليس دخيلتها!!،، هل ثابوا أم هو وازع الطوطمية!!،،


نوري المرادي

الحوار المتمدن-العدد: 232 - 2002 / 8 / 28 - 04:02
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



  
 
خرجت الطوطمية في العراق، ومنذ إنقلاب 1968م، عن منهجها الميثولوجي التقليدي وتحوّلت إلى شكل مقيت هو طوطمية الأصولية السياسية. ذلك الشكل الذي أراده قادة الإنقلاب لعلاقتهم مع الجماهير تيمنا بما كانت عليه الحال في ألمانيا الهتلرية وإيطاليا الموسولينية وغيرها.
والطوطمية الميثولوجية، هي الإخلاص لصنم يتخذه الجماعة إلها يعبدوه. وعلاقة التابعين بصنمهم هي الإحترام الروحي الطوعي مع حرية معاتبته أو هجره على مراد لم يعطه. ومن جانب الصنم فلا تبعة من الخروج عليه، وعابدوه متساون أمامه يسوسهم بالعدل والإحسان. ولا طبقية بين الجماعات الطوطمية التقليدية، اللهم سوى القبول الإختياري برئيس أو كاهن هو على أية حال البديل الناطق لذلك الصنم.
بينما طوطمية الأصولية السياسية هي خليط من العسكريتارية الفاشية والطبقية الحزبية والعنصرية العمياء التي تؤدي مجتمعة إلى تأليه المسؤول عنهم لمسؤولهم، فتجعله السيد المطلق المباح اليد عليهم، وتجعله البديل الأجل عن الوالدين والوطن أرضا وشعبا وحضارة.
ولا يهم إن كان هذا المسؤول هو رئيس الدولة، وزيرا، عسكريا، موظفا عاما، حزبيا، أم إداريا في نقابة طوعية. المهم أن مسؤول العامة هو إلههم، ومسؤول مجموعة من المسؤوليين هو إلههم وهكذا، حتى رأس الهرم الذي بدا وكأنه يهيّئ لبدعة طوطمية أعلى وهي: الطوطم العقل المركزي القائد الضرورة المفكر عن الجميع وولي نعمهم أمام الآلهة.
وأيا كانت درجة هذا المسؤول في الهرم، فهو الجامد السحنة المفترض بنفسه العصمة والمعرفة. وهو الذي لا يرف له جفن إن أهلك جميع رعاياه دونما حساب. وهو في الوقت ذاته مريد لمسؤول أعلى منه يرتبط به ويتبعه بولاء وعبودية أشد من تلك التي بين الله وملائكته. وهذا المسؤول الأعلى هو ومجموعة من إمثاله يتبعون مسؤولا أعلى منهم وبالعلاقة ذاتها،، وهكذا حتى نهاية الهرم الذي يجلس عليه القائد - المسلمة الضرورة. ومن هنا ونتيجة له تلغى الأعراف والمشاعر والقيم، ولا تصبح أجل المفاهيم التقليدية، كالوطن والأرض والشعب، شيئا محددا بلها تسقط من نمط تفكير المنخرطين في الطوطمية هذه أو إنها تمسخ عندهم تماما.
فالحالة الأعم هي تفشي المراءاة والوشاية حتى بالحرمات، وتنتهي أهمية الصداقة والعهود والروابط العائلية. كما يخرج العمل السياسي عن إطار الجهادية ليتحول إلى عمل لإرضاء المسؤول وكسب ودّه. والعلاقة ما بين المسؤول وتابعيه، هي الأخرى، وإن بدت قوية جدا، لكنها ركيكة ضرفية أشبه بزر موجات المذياع: ينطق بلغة وروح الموجة التي تديره إليها. وكل الود والتبعية المطلقة التي يبديها الشخص لمسؤوله تنتهي فجأة إذا ما أقصي هذا المسؤول عن منصبه. وفي أغلب الحالات يثأر منه الذين كان مسؤولا عنهم وأي ثأر. ويجوز، وهو الذي ساد بعد 1963 أن يرقصون على رفاته، في الوقت الذي يشكلون مشاعرهم الجياشة نحو المسؤول الجديد. وقد رقص بعضهم وخرجوا إلى شوارع بغداد بالأهازيج يوم قُتل عدنان حمداني ومحمود عايش ومجموعة كبيرة ممّن كانوا بالأمس مسؤولين في علّية الهرم الطوطمي الذي يقف الراقصون الهازجون في قاعدته. ولكون قمة الهرم هي التي تفكر عن الجميع وهي التى تقودهم قود الغنم، فسينتهي إجتهاد الرأي ليصبح تقييم الأمور وإدراكها منقولا عن الآخرين الأعلى درجة. ولو قالت قمة الهرم إستمعوا آليا، ولو ضحكت ضحكوا ولو لبست قلدوها ولو خطبت صفقوا بحماس لا مثيل له. وكذلك يختصر معيار المبدأ إلى حيز ضيق لا مجال فية للتساول عن الوطنية أيّا كانت. أو هي تمسخ لتقولب على مرام المسؤول وما فوقه.
وبعض الطوطميين يدعي أنه كان مخدوعا. ربما! لو كان من السهل خداع عاقل ردحا ليس ليؤيد فقط وإنما ليكون أداة خدومة منفذة وأشرس بما لا يقاس من النظام نفسه.
وإذ لا يجوز التعميم، فكثرة الطوطميين كانت محسوسة ولاشك. خصوصا وقد أطبقت قمة الهرم على كل مناحي الحياة تقريبا. إذ قولبت التربية التعليم مبكرا تحت شعار ما يسمى بالتبعيث. وصار الحق الوحيد للرافض للطوطمية هو الدراسة الثانوية. وبعدها ما لم يثبت أنه من الشباب الطيبين(!!) فستقل فرصه للدراسة الجامعية، وتنعدم كليا فرص إلتحاقه بكليات من مثل التربية والعسكرية وغيرها. مثلما تستحيل بعثات الدراسات العليا ما لم يثبت الراغب جدارة وإخلاصا منقطع النظير لمسؤوليه (!). وما كان هناك من مجال للمغالطة، فمصادر الحكومة المعلوماتية المتعددة وفي مجتمع الطوطمية الوصولي، غالبا ما لا تخطأ الحكم. ولا مجال للمحسوبية والوساطة لأن هذا الأمر مقصور على عائلة الحكم ومريديه من الدرجة المقربة للعرش.
وكثرة الطرق تلوي الحديد، وطول التلقين يولد القناعة. والنظام الوحداني في العراق ومنذ السبعينات يلقن بهذه الطوطمية ويحشرها في العقول حتى خرّج آلاف الطوطميين الأصوليين السياسيين المطبوعين بتقديس موقع المسؤول الأعلى المؤمنين بعبادته حد الورع المتفانين في خدمه ولو على رقاب الأهل. وهو ما يحسب للسلطة. لكن ما تناسته السلطة هو أن من شب على شيء شاب عليه. والطبع أقوى. فطوطميو الأمس، وأداة النظام الإرهابية ومنفذي سياساته من عتاة إتحاده الطلابي وكوادره الأكاديمية والأمنية والعسكرية أو من غلاة حزبييه ومريديه السابقين، طوطميو الأمس المقولبة أفكارهم على ما يتلقنون، هؤلاء الطوطميون وحيث إفترضوا أن المسؤول القديم - رفيقهم القائد على وشك التبديل بمسؤول جديد إسمه بوش، تلاحقوا وجيّشوا مشاعرهم مقدما لهذا البوش وبدأوا يقولون ما يقول ويتغنون بمناقبه بما فيها تجويعه لشعبهم وضرب وطنهم دوريا. وسينضموا حتما إلى تحالفه لينتقموا من ولي نعمتهم السابق إنتقام المماليك.
بعض من هؤلاء الممسوخين تسلل إلى خانة المعارضة، والموالية لأمريكا تحديدا. وهنا الحرج. إذ من العسير جدا إدراك ماهية سلوكهم تجاه العراق كوطن؛ وقد إختصر الوطن عندهم بالنظام نفسه. وسيستحيل التمييز ما بين أنهم يناصرون تقطيع أوصال العراق ليطمر ماضيهم الأسود، أو أنهم يقدمون الأهل والوطن، كما تعلموا، قربانا لحضوة من المسؤول الجديد!
ومغبة ذلك شاهدة. فالطوطمي الأشد الذي كان يوما حما الرئيس ووزير تصنيعه الحربي، وحين إفترض تراجع موقع سيده، حوّل حبّه وولهه إلى المسؤول الجديد وأول عمل قام به هو الإلتقاء بمخابراته وأعطاء كل يعرفه وما لا يعرفه. والطوطمي الثاني رئيس إستخبارات النظام ويده الطولى في الإرهاب، هو الآخر أفشى ما عنده على هذا الأساس، ثم تحول إلى سوق النخاسة يستجدى ثمنا لتبديله مسؤوله. والثالث الذي كاد يتسلم وزارة إعلام النظام، صار الآن رئيسا لصحيفة تشرف عليها إستخبارات مسؤوله الجديد. وبعض من أكاديميي النظام، الذي قولبهم على ما يريد مذ كانوا تلاميذا فجعلهم (عرّاكته) وسبب دكتاتوريته، هؤلاء الأكاديميون يجهرون الآن بالولاء إلى مسؤولهم الجديد ويتطيّرون(!) من الدكتاتورية(!) ويظهرون الآن لبوش ذات المشاعر الجياشة التي أظهروها لأبيهم القائد السابق.
الممتع أن أفضل محاججات هؤلاء هي إتهام الخصم بالتبعية للنظام والدفاع عنه. وهي تهمة أما نابعة من منظورهم الذي لا يفرق ما بين الوطن والمسؤول؛ أو منقولة عن طوطميين على شاكلتهم، بما تطبّعوا عليه من إيمان بالعقل الذي يفكر ويقييم عن الجميع، ولا حاجة لتمحيص ما يقول. لكن في جوهر إتهامهم هذا مفارقةً مضحكة. فلو كان الدفاع عن النظام حقّا سبة عار، فأية سبّة ستناسبهم، وهم أساسا نتاج هذا النظام ومن سداته ولحمته وكانوا جلاوزته المنفذين؟!
 
      د. نوري المرادي
      مالمو  السويد



#نوري_المرادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحالف مع اليسار حرام والتحالف مع أمريكا وإسرائيل حلال!!
- ثوابت الحزب الشيوعي العراقي (( الكادر الحزبي )) الوطنية!،،
- السيد مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله على خامنآي ...
- ما نؤآخذ الحكيم عليه


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نوري المرادي - تبدِّل الأفعى جلدها وليس دخيلتها!!،، هل ثابوا أم هو وازع الطوطمية!!،،