|
النضال التل- أبيبي وازدواجية اليسار الصهيوني
نجمة علي
الحوار المتمدن-العدد: 3449 - 2011 / 8 / 6 - 12:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
// حتى لا نقول "بين حانا ومانا ضاعت لحانا"، يتوجب علينا ان نشكّل بديلا من خلال فتح جبهة اضافية، عكس "النضال التل- أبيبي"، شكلا ومعنى، يعطينا مكانا لنا ولشعاراتنا ولمبادئنا، نكون فيه قادته، نستطيع بواسطته توجيه البوصلة نحو يسار حقيقي، غير مزدوج، لا يتأتئ ولا يتجمل //
يهب اليوم المجتمع الإسرائيلي بالكثير من قطاعاته مطالبين الحكومة بتغيير توجهها الاقتصادي الليبرالي الذي يعتمد على سياسة "الاقتصاد الحر" و "الخصخصة"، وهي، بدورها، سياسة تضر بمصلحة المواطن العادي. ونسأل أنفسنا نحن العرب عن دورنا من هذا النضال الاجتماعي الذي كان ولا زال احد مطالبنا الأساسية. لدي بعض الملاحظات في محاولة متواضعة لتحليل "النضال الاجتماعي" في إسرائيل. وسأحاول أن أكون عملية، بعيدة عن "العنفوان" الذي يعتري بعضنا. هذا الكلام ليس استهتارا، إنما إيمانًا مني بأن بحث الأمور واجب علينا من اجل فهم الصورة بشكل أكمل. نسمع اليوم اصواتًا من ساحات التظاهرات تنادي بالعدل الاجتماعي وبالإصلاحات على مستويات عديدة، منها: الإسكان، الصحة والتعليم. وهي مطالب اجتماعية لطالما طالبنا بها وسعينا لتحقيقها ووضعناها نصب أعيننا. هذه الأصوات المنبثقة من قاع حنجرة الشارع الإسرائيلي العبري، والتي اختارت نصب الخِيام في "تل أبيب" كخطوة احتجاجية إلى أن يتم تنفيذ مطالبها، تشكّل "فسحة أمل" ضيقة في واقع أطبق عليه اليمين الإسرائيلي من كل جانب ليحاصر حياتنا اليومية بغلاء معيشي يخنقنا . و السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هل في فسحة الأمل الضيقة هذه، نملك، نحن العرب، مكانًا أو مساحة لنا؟ مما لا شك فيه، اننا نشكّل الحلقة الأضعف في مسلسل التمييز والإجحاف بحقنا على جميع الأصعدة. فتوزيع الموارد أو تقسيم الميزانيات غير المنصفة، ما هي إلا سياسة ممنهجة ضدنا كأقلية. وهي ليست نقطة الخلاف الرئيسية. ولأننا لسنا استثناء، فنحن مثل أي أقلية أصلانية في العالم، لا نطالب فقط بالمساواة بالموارد والحقوق، إنما أيضا بالاعتراف بنا وبحقنا في وجودنا. على سبيل المثال: صحيح اننا نعاني من نقص في الصفوف المدرسية، ولكننا نعاني أيضا من محاولة تجهيل وتغييب لتاريخنا ووجودنا من خلال المناهج المدرسية الرسمية، وهو قرار سياسي ممنهج، يُعمل به منذ نشأة اسرائيل حتى يومنا هذا. ضائقة السكن مثلا. هي ليست نِتاج غلاء معيشي فقط، انما هي نتيجة لقرار سياسي موجه بعدم تطوير خرائط هيكلية وبمصادرة الأراضي العربية ووضعنا في "كانتونات"، يسهل من خلالها السيطرة علينا. اذن،في حالتنا الخاصة، لا يمكننا أبدا فصل السياسي عن الاجتماعي. نحن اليوم نواجه إشكالية مركبة، نتيجة لسياسة "اليسار الصهيوني" التي مارسها منذ 1948 والمتمثلة بـ "الازدواجية اليسارية"، التي وفّرت له بدورها التعامل بسلاسة مع تعريفه كصهيوني ويساري في آن واحد. الدليل على ذلك العداء الواضح للشيوعيين من خلال جملة بن غوريون الشهيرة: "دائما: حكومة بدون "راكح" (الشيوعيون) وبدون حيروت". ان بقاء اليسار الصهيوني المتمثل بحزب "مَباي" مستفردا بالحكم حتى سنة 1977 ساهم في ترسيخ منظومة " الازدواجية اليسارية" التي ارتكزت بالأساس على التصنيف القومي. لذلك لم يشعر اليسار الصهيوني بعقدة الذنب تجاه المواطنين العرب عند زجهم تحت إمرة الحكم العسكري (1948-1966) ضاربا بعرض الحائط قيمتين أساسيتين تنبثقان عن التعريف كيسار- اجتماعي وهما: الحرية والمساواة. كما لم يشعر اليسار الصهيوني بعقدة الذنب عند مصادرة أراضينا التي تشكّل مصدر رزق أساسي وتحويل المواطنين العرب إلى أياد عاملة رخيصة في المصانع الإسرائيلية يتم استغلالها من اجل بناء الاقتصاد الإسرائيلي.
ما نراه ونسمعه من تصريحات حول كون النضال الاجتماعي لا يمت بصلة للسياسة وعن تقليع رؤساء نقابات العمال، هو دليل قاطع على نجاح "اليسار الصهيوني" بترسيخ عقلية الفصل بين "الاجتماعي" و "السياسي" في البلاد. إن هذا النضال الاجتماعي، بصورته اليوم، هو نضال مشوّه، غير متكامل، يستوجب منا التفكير عميقا بكيفية التعامل معه، محاولين الاستفادة من الفرصة الضيقة من اجل تغيير الخطاب الحالي وتجييره لصالحنا، لأن عدم الربط بين المستوى السياسي والمستوى الاجتماعي، يرمي بنا خارج حدود النضال الاحتجاجي ويجعله يسقط ضمن تعريف اضافي اخر "للفقّاعة التل- أبيبية" المعروفة بتقوقعها وبعدها عن نبض الشارع. وهذا ما نراه اليوم: رفض قاطع لتسييس المعركة من قبل الاجسام القائمة على تفعيل الحركة الاحتجاجية، مما يضعنا في مأزق ينطبق عليه المثل "بين حانا ومانا ضاعت لحانا". لذا يتوجب علينا ان نشكّل بديلا من خلال فتح جبهة اضافية، عكس "النضال التل- أبيبي"، شكلا ومعنى، يعطينا مكانا لنا ولشعاراتنا ولمبادئنا، نكون فيه قادته، نستطيع بواسطته توجيه البوصلة نحو يسار حقيقي، غير مزدوج، لا يتأتئ ولا يتجمل. وليس هنالك اسهل من نصب الخيام. أصلا نحن هو شعب الخيام. هي كلها خيامنا. وسيّان ما بينها وبين خيام "تل ابيب".
#نجمة_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|