أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد تومة - أبو إلياس - الشرق الأوسط أمام أحد خيارين, إما الديمقراطية وإما الدكتاتورية















المزيد.....


الشرق الأوسط أمام أحد خيارين, إما الديمقراطية وإما الدكتاتورية


محمد تومة - أبو إلياس

الحوار المتمدن-العدد: 3446 - 2011 / 8 / 3 - 09:15
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


طريق الحقيقة رقم 27
موضوع الحلقة:
(الشرق الأوسط أمام أحد خيارين, إما الديمقراطية وإما الدكتاتورية)
المقدمة:
كم كنتم أيها الآباء والأجداد مفكرون عظام عندما كنتم تنصحون أولادكم وتقولون ( إن قرشاً واحداً حلالاً يساوي ألف قرشاً حرام ).
كم كنتم مفكرون عظام أيها الآباء والأجداد وكم كنتم إستراتيجيون عباقرة، هل كنتم تشعرون بحاستكم السادسة بأن الكارثة ستقع بنا وان طوفان نوح جديد سيحل بالشرق الأوسط ؟.
ترى هل كان آبائنا وأجدادنا محقين في تخوفهم على مستقبل أحفادهم وكانوا صادقين في رؤيتهم الإستراتيجية وراحوا ينصحون أبنائهم باستمرار ويقولون يا أبنائي إياكم والقرش الحرام.
دعنا أيها القراء الكريم ندرس الواقع المعاش الآن ونحن في عام 2011 م , لنرى هل كان آبائنا وأجدادنا صادقين في رؤيتهم الإستراتيجية. ونحن في طريق الحقيقة كتبنا نصيحة الآباء والأجداد فوق رؤوسنا نقرأها صباحاً ومساءاً.
فكانت قراءتنا للتاريخ على هدى هذه الفلسفة.. وبناءاَ على قراءتنا للتاريخ في الشرق الأوسط بأممه الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية , أدركنا منذ سنوات بأن القرش الحرام سيسبب بطوفان نوح جديد لا محالة.. لقد أدركنا بأن الشرق الأوسط بأكمله مصاب بأمراض سرطانية لا شفاء منها إلا بحدوث طوفان يغرق الكل.
وأدركنا منذ زمن طويل بأن طوفان من الدماء الغزيرة للأبرياء والمذنبين سيسيل. لا يسلم منه لا الظالم ولا المظلوم, ولا الغني ولا الفقير.. لقد تنبأنا وعبرنا عن مخاوفنا وطرحنا الحلول.. وكل ذلك موثق في مسلسل طريق الحقيقة والبالغ ست وعشرون حلقة وهاهي السابعة والعشرون.
لقد أخذنا من ديننا الإسلامي واسترشدنا به في دراستنا للواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي:
1- إذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل.
2- لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل.
3- إن خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا.
4- إن من أحق الإيمان قول كلمة حق عند سلطان جائر.
5- إن دم المسلم على المسلم حرام.
6- متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.
وأضفنا إلى تلك الأحكام والمبادئ مبادئ إعلان حقوق الإنسان. واستناداً إلى هذه المبادئ وضعنا الشعارات والأهداف لثقافتنا التنويرية لمسلسل طريق الحقيقة وهي :
1- لا أحد يملك الحقيقة.
2- أنا أبحث عن الحقيقة.
3- أنا أملك جزء من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها.
الديمقراطية للعربي والفارسي والتركي والحرية للكردي..
وإن فلسفتنا الحقوقية تقوم على فلسفة حقوق الإنسان وهدفنا هو تحقيق مجتمع الإبداع والرخاء والعدل والسلام.
لقد نشرنا أفكارنا ومبادئنا ونداءاتنا وحلولنا وتحذيراتنا إلى العالم كله. وكذلك أوصلناها إلى النظم الدكتاتورية وزعمائها قبل أن يقوم الطوفان. لقد حذرنا مراراً وتكراراً وخاصة من القرش الحرام ومن انتهاك الحرية ومن الحكم الظالم، ومن إذلال الإنسان في أقبية المخابرات. وماذا كانت النتيجة؟ تعالوا معنا لنرى ..
في العراق: أزيل الدكتاتور صدام حسين ووضع حبل المشنقة حول رقبته مخلفاً ورائه ثمانون قصراً ومليارات من القرش الحرام. فلماذا انهار هذا النظام الدكتاتوري؟ والجواب لأنه لم يحكم بالعدل وأكل أموال الناس بالباطل واستعبدهم وكذلك خالف قوله تعالى: ( إن خلقناكم شعوبنا وقبائل ) فإذا بصدام يريد أن يذوب الشعب الكردي, فكانت حرب الأنفال عليهم واستخدام القنابل الكيماوية على الكرد. ويا ليت الأمر كان متوقفاً على نصيبه من حبل المشنقة بل إنه أدخل الشعب العراقي بأكمله في لهيب نار راح ضحيتها مئات الألوف من القتلى وملايين من المشردين والمهاجرين.
في تونس: أمام غضب الجماهير لقد قاوم الدكتاتور زين العابدين بن علي أيام معدودة وهو يناور كي يتخلص من حبل المشنقة. حيث استخدم كل أسلحته النظامية والاحتياطية ولم يفلح. وأخيراً حمل معه القرش الحرام الذي تكلم الإعلام عنه حيث بلغ أربعون مليار دولار ولم يجد أمامه سوى حل واحد وهو إنقاذ رقبته من حبل المشنقة فركب الطائرة هارباً . والسؤال: هل لعنة القرش الحرام ستكف عن ملاحقته؟ فلماذا حدث هذا لزين العابدين؟ لأنه لم يحكم بالعدل وأكل أموال الناس بالباطل ولم يدرك معنى قول عمر بن الخطاب ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ).
في مصر: أما فرعون مصر القديم الذي بنى له أهرامات عملاقة كي يسكن فيها بعد الممات ليتخلد.. ترى كم بشراً ماتوا في بناء هذه الأهرامات كي يخلد فرعون؟.
أما دكتاتور مصر الحديث حسني مبارك ثلاثون سنة بنى لنفسه مؤسسة أمن الدولة كي يحل محل بناء الأهرام في وظيفتها كي يخلد هو وأبنائه من بعده. ولا بد أن نسأل ترى كم من البشر قتلوا واختفوا في أقبية تلك الأهرامات التي سميت باسم عصري وهو مؤسسة أمن الدولة. وعندما غضب الشعب المصري وثار وبلغ الملايين فإذا بمبارك هو الآخر حاول كثيراً أن ينقذ رقبته من حبل المشنقة فلم يفلح, وترك السلطة سارقاً القرش الحرام من أموال الناس الذين ذاقوا مرارة عيش الفقر والذل والحرمان. والآن يقدم مبارك إلى محكمة الشعب لينال القصاص العادل.
في ليبيا: هذا الدكتاتور المسمى معمر القذافي يعشق الكلمات الكبيرة والألقاب العظيمة والجاثم فوق صدر الشعب الليبي ثلاثون عاماً. وهذا صاحب الخيمة الفخمة وصاحب الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية الشعبية العظمى , والنهر العظيم وصاحب الكتاب الأخضر ( النظرية الثالثة ) والزعيم الأممي للثوار... وعميد الحكام العرب... وصاحب النياشين الذهبية على صدره ... هو الآخر أراد أن يخلد كجيرانه الفراعنة. ولكي يخلد نزل نهباً بثروة ليبيا البترولية وراح يشتري في كل وطن متقدم قصوراً له ولأولاده التسعة . وكذلك الشركات ويشارك في البعض الأخر كما أودع في بنوك أوروبا وأمريكا أموالاً هائلة حتى الآن لم تتمكن وسائل الإعلام أن تبين لنا تلك الأموال الحرام. والشعب الليبي ساكت أو هو مجبر على السكوت ولم ينفجر. كما أن القذافي يسير مسيرات بالملايين يرفعون صورة الزعيم الأوحد.. حيث استمر هذا الوضع الساكت ثلاثون عاماً حتى جاء عام 2011 م وانفجر الشعب التونسي والمصري وانفجر معه الشعب الليبي وكما يقول المثل ( داب التلج وبان المرج ) وإذا بالشعب الليبي يرفع السلاح وينقسم إلى قسمين : قسم انتهكت كرامته وسلبت حريته وسرق ماله, وقسم انتهازي منتفع. ودخلت ليبيا في نفق مظلم كما دخل العراق. وبدأ القذافي يدفع بقواته إلى كل مدينة وحارة وبيت بيت وزنقة زنقة وكذلك دفع قواته الاحتياطية المرتزقة الأفارقة ليذبح أبناء شعبه, فما كان من الشعب الليبي المنتفض إلا أن استنجد بطائرات الناتو لإنقاذهم من زعيمهم الأوحد الذي حكم أكثر من ثلاثين عاماً، كما استنجد العراق بأمريكا للتخلص من الدكتاتور, وبدأ الدمار والخراب والقتل وانتهاك الحرمات ولازال الحبل على الجرار.
ترى لماذا لم يترك القذافي السلطة؟ .. والجواب هو القرش الحرام . هذا القرش الذي سيأتي بنهايته فإما أن يقتل وإما أن يضع حبل المشنقة حول عنقه.
في اليمن: علي صالح الزعيم الأوحد هو الأخر دخل في تنافس مع الدكتاتورين العرب وها قد وصل إلى قمة ثلاثون عاماً في حكمه وهو الأخر ركض وراء القرش الحرام فكان له ما أراد وهذا القرش الحرام بات اليوم يدق بابه. لقد حول القرش الحرام اليمن السعيد إلى اليمن التعيس وها هو الشعب اليمني محتار وحير معه كل العالم المتحضر فلا هو يستطيع أن يحل مشكلته ولا العالم يريد أن ينجد الشعب اليمني.
هناك دعاء يطلقه العامة ويقولون كثيراً ( الله يسود وجهك ) لقد انفجرت في وجه علي صالح قنبلة سودت وجهه بالفعل, وكادت أن تقتله فلم يعتبر من هذه الحادثة ولم يتخلى عن السلطة وها هي وسائل الإعلام تنقل إلينا أخبار مقتل العشرات وأحياناً المئات من الناس في كل يوم. ترى لماذا لم يترك السلطة؟ والسبب هو القرش الحرام الذي كسبه خلال ثلاثون عاماً وحتى إذا اسود وجهه ولم يقتل لا أعتقد أنه سينجو من حبل المشنقة كأخيه الدكتاتور صدام حسين وان غداً لناظره قريب.
في السودان: دكتاتور السودان هو أيضاً منذ ثلاثون عاماً ركب موجة الزعماء الخالدين. فأدخل السودان في حرب أهلية بشرعه الإسلامي ونسي كلام الله تعالى في كتابه العزيز: (( إن خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا )) لقد كان الشعب السوداني بحاجة إلى نظام سياسي ديمقراطي ودولة علمانية مدنية وليس لمشرع سياسي إسلامي لأن جميع سكان السودان الجنوبي أفريقي القومية ومن الناحية الدينية إما مسيحيون أو وثنيون. لقد دامت هذه الحرب ثلاثون عاماً راح ضحيتها مليون إنسان ولم يستطيع دكتاتور السودان عمر البشير أن يحول سكان الجنوب إلى مسلمين أو أهل ذمة ولا هو استطاع أن يحتفظ به كجغرافيا, فخسر الشعب والجغرافيا على السواء وتحول الجنوب إلى دولة.
في سورية: (( قل الحق ولو على نفسك )) فإذا كان يحق لي كمواطن سوري أن أتكلم عن عيوب الأنظمة في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن والسودان ولا أتلكم عن عيوبنا في سورية، فذلك سيدل أني منافق وخائف وهذه الصفات مخالفة لمبادئ طريق الحقيقة, كم يحز في نفسي وأنا أراجع صفحات مسلسل طريق الحقيقة. حيث لم نترك شاردة أو واردة سواء أكانت إيديولوجية أو سياسية أو اقتصادية أو قومية أو وطنية إلا وحللناها ولم نكتفي بالتحليل بل وقدمنا مع كل حلقة حلولنا للوضع.
وكم قدمنا تحذيراتنا وكم قلنا بأن طوفان نوح جديد سيحل بالشرق الأوسط وقلنا بأن الدم سيسيل حتى الركب كل ذلك لم نقله اليوم بل قبل أن تقع الكارثة.
هل كنا نحن بحاجة إلى نصائح أردوغان كي نصحح الوضع؟. ومتى كان العثمانيون طوال حكمهم خلال أربعة قرون يريدون لنا الخير؟.
والشيء المحزن الذي يدمي قلوبنا أننا بعنا صديقنا الشعب الكردي الوفي للأمة العربية طوال دخوله الإسلام بضباطه وعلمائه ومفكريه...
لقد عقدنا اتفاقيات أمنية مع العثمانيون الجدد على حساب الشعب الكردي وسلمنا لهم كل الكوادر الكردية الذين هربوا من الظلم في تركيا.. ويبقى السؤال لماذا بعناهم وأدرنا ظهرنا للشعب الكردي بعد كل هذا التاريخ؟
هل نسينا بهذه البساطة صلاح الدين الكردي الذي حرر القدس. فكيف نوجه هذا الخنجر إلى ظهر هذا الشعب.
إننا من صفحات التاريخ نرى أن الموجة البشرية التي أتت من الغرب والتي عرفت بالحروب الصليبية كانوا يحملون على أكتافهم فرشهم ولحفهم وكانوا ينوون طرد العرب المسلمين من فلسطين ولبنان وسورية والأردن وإرجاعهم إلى الجزيرة العربية من المكان الذي جاؤوا منه, أي كل ما يحيط بالقدس ويسكن بها إلى الأبد وبما أن القدس هي بمثابة الكعبة للمسلمين فقد قام صلاح الدين الأيوبي الكردي الأصل بالتصدي لهم وحرر القدس وحافظ على الشعب العربي في سورية ولبنان وفلسطين والأردن , فكيف بعنا هذا الشعب الوفي للأمة العربية والإسلامية إلى العثمانيون الجدد لمجرد أن تكشروا بابتسامة في وجهنا؟.
كيف ننسى قول شاعرنا العربي "المتنبي": (( إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث يبتسم )). ولم ينس الغرب ما قدمه صلاح الدين للعرب المسلمين وبقيت في ذاكرتهم ألف عام واحتفظوا بحقدهم وكراهيتهم للشعب الكردي وقد ظهر هذا علانية بعد ألف عام عندما توجه الضابط الفرنسي الذي احتل دمشق إلى قبر صلاح الدين وقال له : (( اليوم انتهت الحروب الصليبية يا صلاح الدين )).
وبناءاً على هذا الحقد والكراهية قسم وطن الكرد كردستان بين ثلاث قوميات: وهي العربية والفارسية والتركية ومنعوا من قيام أي كيان سياسي للشعب الكردي وحتى القرارات التي اتخذوها في معاهدة سيفر ألغوها واستبدلوها بمعاهدة لوزان.
وهكذا نحن العرب المسلمين نسينا كل ذلك التاريخ وبعنا بكل بساطة الشعب الكردي بمجرد وعد الحكومة التركية (أردوغان) بأن يلعبوا دور الوساطة بين سورية وإسرائيل وحتى هذا الوعد لم ينفذ.
الشعب الكردي في سورية هو القومية الثانية في سورية لقد غدر به الغرب بحرمانه من حقه السياسي على وطنه كردستان كما غدر الغرب بالأمة العربية وقسم الأمة العربية إلى اثنين وعشرين دولة. وتبقى مشكلة الحق السياسي للشعب الكردي في سورية معلقة وتبقى مشكلة الوحدة العربية معلقة. وكلا المشكلتين مرتبطتين ببعضهم البعض في حل الأولى حلاً للثانية. ولهذا ربطنا في شعاراتنا في طريق الحقيقة وطلبنا الديمقراطية للعربي والفارسي والتركي والحرية للكردي.
لقد حذرنا اجتماعياً من اضمحلال الطبقة المتوسطة من الشعب السوري لأن باضمحلال هذه الطبقة سيحدث اختلال في التوازن الاجتماعي وسيكون هناك طبقتين, طبقة يرفعها القرش الحرام إلى الفوق, وطبقة ينزله الفقر والجوع والحرمان إلى الأسفل. وهنا ستقع الكارثة ويبدأ طوفان نوح جديد علينا, وهذا ما حدث بالفعل. وبدأ الانفجار البركاني. إن الدم قد سال ولا يستطيع أحد من النظام أن يجد حلاً لها وليس لهذا الوضع من حل سوى الديمقراطية. والديمقراطية تعني لا الإصلاح, بل إزالة النظام بالكامل . إن كل يوم يمر يزداد سيلان الدم ويتعقد الوضع أكثر.
كم كنا نحلم بأن لا يصل وطننا سورية الحبيبة إلى هذا الوضع. وكم كنا نحلم أن لا تصل النار إلينا ولهذا عصرنا عقولنا وحركنا أقلامنا في طريق الحقيقة. ووضعنا كل العوامل السياسية والاقتصادية والأيديولوجية تحت النقد التحليلي وقمنا بواجبنا التاريخي. وكان كل همنا وحلمنا أن لا يصل الوضع إلى الحد الذي نحمل سلاحنا في وجه بعضنا البعض وندمر ما بنيناه خلال ستون عاماً من الاستقلال. وأن نحافظ على وحدتنا الوطنية بين كافة شرائحه وقومياته. ولكننا رجعنا إلى الوراء ونحن نسمع التسميات القديمة ( سني وعلوي وشيعي ويزيدي وبغض وكره قومي بين العربي والكردي والتركماني ...الخ ) إن هذا التمزق الوطني كيف يمكن مداواته؟
طريق الحل: الحل هو تشكيل لجنة من الخبراء القانونين ذوي سمعة وطنية جيدة وبعيدين عن التعصب الديني والمذهبي والقومي ويعهد إليهم بوضع مواد لدستور مدني عصري يعطي لكل فرد في هذا الوطن حقه الإنساني. مع اعتبار القومية الكردية هي القومية الثانية, واعتبار العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن تماماً كما ذكر في العراق بعد ثورة 14 تموز عام 1958م. ثم يرسم الجانب السياسي لكل قومية وجود الشكل السياسي بين القوميتين . قد تكون على شكل حكم ذاتي أو فدرالي أو كونفدرالي حسب الواقع الموضوع التوافقي على أن لا يكون خيالياً أو عدمياً. وأن ينشر قيود هذا الدستور على كافة المواطنون وبعد الإطلاع والنقد يقدم للاستفتاء لينال ثقة وموافقة الشعب.
إن مشكلة الشعب الكردي في سورية ليست مشكلة رز وشاي وسكر, بل هي مشكلة قومية.. إن الكلمات التي نسمعها من المسؤولين والمعارضين الذين يقولون إن الأكراد إخوتنا في الدين أو هم من النسيج الاجتماعي السوري أو هم شريحة اجتماعية أو سورية عربية. إن هذه الكلمات والإشارات والأقوال لا تبشر بالخير بل تدل على استبدال دكتاتورية بدكتاتورية ولا أمل بولادة الديمقراطية. إننا لو رجعنا لقراءة التاريخ لبرهنا أن الأكراد موجودون فوق أرضهم كردستان منذ عشرة آلاف سنة قبل الميلاد. أما التقسيمات السياسية والجغرافية الحديثة حدثت بعد الموجة الاستعمارية التي جاءتنا من الغرب خلال القرن العشرين.
أما المؤتمرات التي حدثت في تركيا من جانب المعارضة السورية والتصريحات التي صدرت لا تبشر بالخير لأن ورائها أيادي الأتراك واضحة. إن تركيز الجانب التركي على الشعب الكردي الغاية منه الإيقاع بين الشعب الكردي والعربي. إن الشعب الكردي والعربي في سورية شركاء في سورية وهذا ما يجب أن يعترف في الدستور مع حقوق كل واحد من القوميتين وواجباتهم.
أما تركيا إننا نعتقد أن على تركيا أن تشغل بالها في الحرب القومية المشتعلة في تركيا بين القوميتين التركية والكردية والتي راح ضحيتها منذ ثلاثون عاماً عشرات الآلاف من الضحايا.
معركة الديمقراطية والدكتاتورية ولمن النصر؟
لقد بدأت المعركة بين النظامين بعد طول انتظار. وبدأ غبار المعركة يعلو يوماً بعد يوم. لقد بدأ طوفان الدم يسيل. وبدأ كل إنسان في الشرق الأوسط يسأل ويقول إلى أين؟.
لكل من الجبهتين قوتها المادية وأسلوبها التكتيكي في المعركة, فالجبهة الدكتاتورية تحت تصرفها كل الأسلحة الثقيلة من دبابات وطائرات ومدافع ومن القوى البشرية بجميع أفراد الشرطة والمخابرات والجيش والبلطجية والشبيحة والسلفيين والمخبرين والمسلحين المجهولي الهوية. وكل مال خزينة الدولة وكذلك وسائل الإعلام الرسمي وله من الخدمة أكثر من ثلاثون عاماً وله من القرش الحرام المليارات من المال بالإضافة إلى علاقاته الدولية وجميع أبواب الدول مفتوحة أمامه.
ولا بد من أن يُسأل: فإذا كان هذا الدكتاتور يملك كل هذه القوى فكيف للديمقراطية أن تخوض معركتها ضد الدكتاتورية أليس هذا انتحاراً ؟. وللإجابة عن هذا السؤال له حالتين : 1- فلسفي . 2- علمي .
فلسفياً: تقول حكمة شعبية (( إياك أن تضرب كيلك المليان بالكيل الفارغ )) إن كيل الدكتاتورية ملآن بمليارات المال من القرش الحرام وفي حال ضربها بالكيل الفارغ فإن الكيل الفارغ لا يسكب منه شيء لأنه فارغ. أما الكيل الملآن فسيسكب بالكامل ويبقى فارغاً وبذلك يكون الدكتاتور قد أضاع شقاء العمر كله. ولا تتوقف الخسارة على المال بل سيلتف حبل المشنقة حول عنقه. قليلون هم الدكتاتوريون الأذكياء الذين فهموا فلسفة هذا المثل عبر مراحل التاريخ وخلصوا رقبتهم من حبل المشنقة, وكان زين العابدين دكتاتور تونس من هؤلاء الأذكياء في التاريخ الحديث. أما حسني مبارك وقع في الفخ ولم يتسنى له مغادرة مصر. والقذافي وعلي صالح لا يزالون يقاومون ويضربون كيلهم الملآن بالفارغ.
أما صدام حسين فقد سبقهم بأن نال شرف الحصول على حبل المشنقة. فريح نفسه واستراح الناس من دكتاتوريته بعد أن خسر ولديه وشتت كل أفراد عائلته.
علمياً: إن الإنسان هو الكائن الذي يصنع التاريخ لأنه بحاجة في دورة حياته إلى أربعة المأكل والملبس والمسكن والحرية. وللتاريخ جانبان مادي وروحي.
أما الجانب المادي: فكلما ازداد البشر كانت حاجتهم لهذه المتطلبات أكثر. ولما كانت هذه المتطلبات غير جاهزة في الطبيعة فما كان عليه إلا أن ينتج. وكلما كانت وسائل إنتاجه بدائية كان إنتاجه قليل, فلكي يزداد إنتاجه عليه أن يخترع وسائل جديدة لمواكبة الزيادة السكانية. وإن اختراع وسائل إنتاجية جديدة تحتاج إلى عقول مبدعة. وهذا العقل المبدع الذي يخترع التكنيك الجديد لا بد أنه إنسان ذكي وله مؤهلات علمية ومثل هذا الإنسان لا يمكن أن يعيش حياته كما كان يعيش آبائه وأجداده الذين كانوا يعيشون مع قوة الحيوان في إنتاجهم. وطبيعي أن حياة الإنسان الذي يعيش مع الجرار والسيارة والطيارة والقطار لا يمكن أن تكون حياته كالذي يعيش مع البقرة والجمل والحمار والحصان .
الجانب الروحي: وهنا يكمن الداء لقد ماتت الأيديولوجيات وانتهى عصرها واليوم هو عصر الحضارات. إن ما يهمنا من الجانب الروحي من التاريخ هو العامل السياسي لآن مصيبتنا في الشرق الأوسط بأممه الأربعة: العربية والفارسية والتركية والكردية، لا زالت جميع الأحزاب السياسية سواء أكانت بيد السلطة أم في المعارضة كلها ترسم سياساتها وبرامجها السياسية من الأيديولوجيات التي ماتت وانتهى زمانها من الخليفة والسلطان والأمير وقائد ضرورة والزعيم الأوحد والأب الخالد كلها ألقاب لأيديولوجيات القديمة ومجلس الشورى والبيعة والتوريث كلها لم يعد لها مكان في عالم اليوم. كل الجانب الروحي في الشرق الأوسط مخالف ومتناقض مع روح العصر.
فبدلاً من أن نقول الرئيس المنتخب نقول الرئيس المعين والملك والسلطان والأمير.
وبدل من أن نقول البرلمان المنتخب نقول مجلس الشورى.
وبدلاً من أن ننشر ثقافة الديمقراطية في مدارسنا ننشر ثقافة الدكتاتورية.
وبدلاً من أن نركز في مدارسنا وجامعاتنا على تدريس المواد العلمية كالفيزياء والكيمياء والهندسة والإلكترون والذرة ...الخ تكاد تكون نصف برامجنا التعليمية شعراً ومقالة ونثر ورسم وخطابة وقواعد للغة والإعراب. أي نحن شعوب كلام ولسنا شعوب أفعال. وبالمختصر تبقى شعوبنا في الشرق الأوسط تراوح في مكانها وأصبحت كالمياه الراكدة في المستنقع ولم تجري مياهها فنشأت فيها كل أنواع الجراثيم. لم يجري فيها أي تطور ولا تغيير كل ما في الأمر نستيقظ وننام ولا نرى أي تغيير في الدنيا. لم ترى عيوننا سوى صورة الملك أو السلطان أو الزعيم أمام أعيننا. وعندما نريد أن نرفه عن أنفسنا بشيء من الموسيقا فلا نسمع سوى أغنيات الملك أو الزعيم أو الأمير.
ولكن هل فعلاً أن التاريخ ثابت منذ ثلاثون عاماً. ترى هل كان هيروقليطس هذا الفيلسوف اليوناني الذي عاش قبل ثلاثة قرون من الميلاد صائباً في قوله حين قال : (( لا تستطيع أن تغمس إصبعك في مياه نهر جار مرتين )).. وبالنتيجة الدكتاتورية ستنهار.
لأنه ضد حركة التطور التاريخي, فلا يمكن أن تكون حركة التاريخ واقفة, وإن استطاعت الدكتاتوريات إيقافها بالقوة لحين، فحركة التاريخ ستزيلها من الوجود وإن القوة مهما تكن قدرتها لا تستطيع إيقاف حركة التاريخ.
إن دكتاتورية السوفيت ظلت سبعون عاماً وكانت تملك قوة جبارة ومع ذلك لم تستطيع إيقاف انهيارها المحتوم.
الديمقراطية ستنتصر.. ستنتصر الديمقراطية لأنه مياها جارية والمياه الجارية تتبدل باستمرار.
في الديمقراطية يحسب الحاكم ألف حساب للمحكوم , وأي إساءة له خارج القانون سواء أكانت هذه الإساءة على حياته أو كرامته الإنسانية سيفقد الحاكم سلطته.
في الديمقراطية الحاكم بإمرة وخدمة المحكوم. فإذا أمن الحاكم المأكل والملبس والمسكن والحرية نال رضا المحكوم, وقد ينال الحكام من هذا الرضا دورة ثانية في بقاءه كحاكم حسب ما يسمح به الدستور.
كل هذه الحسابات غير واردة في حساب الدكتاتور لأن الدكتاتور هو الدستور وهو القانون وهو الحاكم وهو الممثل الباقي للأبد للمحكومين.
في الديمقراطية لا يمكن انتهاك حرية الإنسان أو مسكنه أو قطع رزقه أو سحب جنسيته ...الخ إلا بقانون وهذا القانون بأمانة القضاء, والقضاء مستقل لا سلطة للحاكم على القضاء.
في الديمقراطية الناس أحرار كل الأبواب مفتوحة أمام الناس وإذا تألم الناس يحق لهم أن يصرخوا.

صديق الشعب الكردي
محمد تومه - أبو إلياس
حلب في
2/8/2011م



#محمد_تومة_-_أبو_إلياس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة – من دولة صناديق الشيطان إلى دولة الحداثة


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد تومة - أبو إلياس - الشرق الأوسط أمام أحد خيارين, إما الديمقراطية وإما الدكتاتورية