أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسم سليمان - قراءة في مفهوم الحرية..














المزيد.....

قراءة في مفهوم الحرية..


اسم سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 3445 - 2011 / 8 / 2 - 20:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



د . باسم سليمان :
الحرية قيمة أخلاقية سامية، تعني تحرّر الذات من عقال أسر الجسد، والحرية بمفهومها المعنوي والوجداني تتجاوز المفاهيم السائدة والمتداولة، ولا شك في أنّ مسيرة الحرية تبدأ من الذات، وذلك عبر تمكينها من القدرة على التحرر من أسر الكثير من الارتباطات والعادات والتقاليد والممارسات والأفكار التي، في كثير من الأحيان، يكتشف الإنسان أنها لا تتوافق مع تكوينه النفسي والفكري والعضوي عندما يبلغ مرحلة النضج والقدرة على الحكم على منظومته السلوكية والفكرية من موقع المتحرر من قبضة الوصاية الأبوية والمجتمعية، وللإنسان حكاية كفاح طويلة من أجل بلوغ الحرية لكون الحرية تمثل كنهَ وسرّ وجود الإنسان على الأرض ، وكلما اقترب الإنسان من بلوغ هذا السر اقترب أكثر فأكثر من معرفة ذاته ووعيها ووعي سرّ الوجود الإنساني.
لقد طرأ عبر التاريخ الكثير من التعديلات والتحويرات على مفهوم الحرية، وجرى استخدامه لأهداف سياسية بحته، وأغراض نفعية لا تتصل فقط بخدمة الإنسان مع أنّ الحرية بالمفهوم السياسي، وليس الوجداني، تشكلت في سياق ضرورة سيرورة التجمعات البشرية ومتطلبات تطوّرها نحو مجتمعات منظمة لها أدواتها المنضبطة التي تعمل وفقاً لبرامج عمل ترتقي في المحصلة بطبيعة الوجود الإنساني، مع الإقرار بأنّ أيّ نشاط إنساني يتحرّك وفقاً لمفاهيم تتبنى الحرية عنواناً سيلقى دعماً وتأييداً لما للحرية من وقعٍ يحاكي عمق الإنسان ويعيد إليه صورته الحقيقية، إلا أنّ الحرية لا تصلح لأن تكون فقط عنواناً لنشاط إنساني تحت أيّ مسمّى كان؛ لأنّ الحرية ليست سلعة يمكننا أن نستثمرها؛ بل هي قيمة تتبوأ موقع النواة في داخلنا، وينبغي علينا أن نعكف على إدراكها ووعيها، فالطريق الذي يمكن للإنسان أن يسلكه من أجل بلوغ الحرية بمفهومها الوجداني و»الروحي» هي في حدّ ذاتها مدرسة أنتجت فلاسفة التاريخ وحكمائهم، وهي المنبع الذي نهلوا منه جميعاً وبلغوا معه ما بلغوه من مراتب متقدّمة في عوالم الحكمة والقدرة على تشخيص صالح البشرية جمعاء.
الحرية ترتقي بالإنسان إلى سوية تجعل طبيعة رؤيته للأشياء مختلفة تماماً حتى يكاد يسخر من سذاجة رؤيته القبلية لتلك الأشياء، وتتمثل تلك الطبيعة الرؤيوية، عند الولوج في عالم الحرية، بتحرك كلّ القيم والبواعث الإنسانية الراقية، والتي كانت غافية ونحن على طريق اكتشاف قيمة الحرية، فالحرية هي الحقيقة الكلية التي يتمحور حولها وجودنا، وبهذا المفهوم يمكننا القول إنّ من يملك حريته لايمكن له أن يرى خلافاً مع الآخر الإنسان، ولايمكنه إلا أن يقدّس الآخر صنيعة الخالق، ولا يمكن لأحد أن يدعي النضال من أجل الحرية ويتبنى أفكاراً تدعو إلى قتل كلّ القيم الإنسانية التي تختزلها الحرية، فالإنسان كلما تقدم في مسيرة الحرية أدرك أنه تناغم مع الآخر أكثر، وأدرك أن المسافات بينه وبين الآخر تضيق إلى درجة التماهي والانصهار والتوحد، وفي عالم الحرية ليس ثمة من يمكنه أن يدّعي الحرص على الآخر، ويطلق أو يتبنى فكرة واحدة مهما قلّ شأنها لا يأخذ فيها بالحسبان مصلحة الآخر ويقدمها على مصلحته الذاتية. الحرية تعلمنا أنّ مصلحتنا تتحقق عندما تتحقق مصالح الآخرين، وأنه لايمكن لمصلحة إنسان أن تتحقّق على حساب مصالح الآخرين ، ولا يمكن لمن يفهم معنى الحرية أن يكنّ مشاعر البغضاء للآخر لمجرّد اختلافه معه في رأي أو فكر أو معتقد أو إيديولوجيا؛ بل الأحرار هم من يقدرون الاختلاف ويرون فيه مساحات تزيد آفاقهم الفكرية اتساعاً وثراء، كما يدرك هؤلاء الأحرار أنّ في اختلاف الآخر معهم حرصاً على وجودهم وصوناً له.
إن للحرية مدرستها الخاصة التي لا يمكن للمراكز الأكاديمية العاتية أن تقدم لها المفهوم الذي تقدّمه تلك المدارس الإنسانية و الوجدانية في الحياة، ولذلك لم تعد الآذان تطرب لقول خبير أو محترف فكر وتفكير أو وعظ وهداية، وقد أصبحت كلمة طيبة بسيطة صادقة آتية من أعماق إنسان بسيط تعلم في مدرسة رحلته مع الحياة أكثر صدقاً وإقناعاً وبريقاً من الكثير من مؤلفات ومنابر هؤلاء المحترفين للفكر والوعظ الذين يطلقون أفكارهم من على منابر حساباتهم الخاصة، والتي لم ترد أيّ من مفرداتها في قواميس الحرية التي نعرفها ونعيها ونتحسّس لمساتها وهمساتها وسكناتها، وتراهم يعلون الصوت، معلنين النضال من أجل الآخر ولحسابه في سبيل الحرية، ويختزلون مفهوم الحرية بكلّ معانيه وتجلياته السامية، وبما يمثله من حالة إيمانية تختزل الوجود الإنساني على الأرض وحقيقته، ببضعة شعارات لا يأخذون فيها بالحسبان سوى المصالح الضيقة التي تدل على أنهم لم يعوا الحرية التي يناضلون في سبيلها من أجلنا بعد.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ما هي الأسواق الدولية ذات الأولوية التي تسعى السعودية إلى اس ...
- نظرة متعمّقة لأزياء المشاهير في حفل -ميت غالا- لعام 2025
- من دلالة اسمه إلى توجهه التبشيري.. 10 أشياء قد لا تعلمها عن ...
- حجم التجارة بين بريطانيا وأمريكا بعد إعلان ترامب عن الاتفاقي ...
- رئيس التشكيل العسكري المصري يحيي الرئيس بوتين في الساحة الحم ...
- وزير الخارجية الإيراني يزور السعودية وقطر
- في يوم احتفال موسكو بيوم النصر.. مسيرة أوكرانية تقصف مبنى حك ...
- قمة تعرقلها الحرب في أوكرانيا.. هل يلتقي ترامب وبوتين؟
- -الحياة اليومية بائسة-.. أزمات عديدة تواجه سكان شطر كشمير ال ...
- الرفيق جليل حسون عاصي (أبو نغم) ...وداعا!


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسم سليمان - قراءة في مفهوم الحرية..