أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد نعمان - حركة النهضة التونسيّة: حروب الشيطان















المزيد.....



حركة النهضة التونسيّة: حروب الشيطان


محمد نعمان

الحوار المتمدن-العدد: 3426 - 2011 / 7 / 14 - 13:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


* «عن ابن عباس، قال: كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم: الجن خلقوا من نار السَّموم من بين الملائكة، قال: وكان اسمه الحارث، قال: وكان خازنا من خزّان الجنّة، قال: وخُلقت الملائكة كلّهم من نور غير هذا الحيّ، قال: وخُلقت الجنّ الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا لهبت، قال: وخلق الإنسان من طين، فأوّل من سكن الأرض الجنّ فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء، وقتل بعضهم بعضا، قال: فبعث إليهم إبليس في جند من الملائكة وهم هذا الحي الذين يقال لهم الجن، فقتّلهم إبليس ومن معه حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال، فلما فعل إبليس ذلك اغترّ في نفسه، وقال: قد صنعت شيئا لم يصنعه أحد، قال: فاطّلع الله على ذلك في قلبه، ولم تطّلع عليه الملائكة الذين كانوا معه.» (1)
* «عن مجاهد، قال: إبليس كان سلطان سماء الدنيا وسلطان الأرض وكان مكتوبا في الرقيع (اسم من أسماء السماوات السبع) عند الله تعالى أنه قد سبق في علمه أنه سيجعل خليفة على الأرض. فوجد ذلك إبليس فقرأه وأبصره دون الملائكة. فلما ذكر الله عز وجل للملائكة أمر آدم عليه السلام أخبر إبليس الملائكة أن هذا الخليفة الذي يكون تسجد له الملائكة وأسرّ إبليس في نفسه أنه لن يسجد له أبدا، وأخبر الملائكة أنّ الله تعالى يخلف خليفة يسفك دماء وأنّه سيأمر الملائكة فيسجدون لذلك الخليفة» (2)
* «و إذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ» (البقرة: 34)


من خلال هذا السرد لقصّة الأصل قد نشهد بعضا من معانينا المشتركة ونتعرّف على ذواتنا من خلال تأويل صورها وشخوصها وحبكتها. كان إبليس، هذا الكائن الماورائي، مجاهدا، وكان سلطان سماء الدنيا وسلطان الأرض، أنعم اللّه عليه بمعرفة صحيح الدين، لكنّه انقلب بتكبّره ورفضه لأمر اللّه كافرا. إنه نموذج سردي لا تسوقه الثقافة جزافا أو تسلية، هناك عبرة بيّنة يجب أن تنتزع من هذا السرد. خلق اللّه إبليس من نار السموم، امتحنه، فخسر خسرانا مبينا، فاستحقّ تسميته(3). الرواية تُنسج على اعتبار النص المركزي، ويتم تناقل تفاصيلها عبر تأوّل غير بريء، إذ الراوي يتصل بالحكاية ليرسم مقصدا ما.
سيكون سؤالنا إذن، ما هي النقاط الرئيسيّة التي تميّز قصّة الأصل المتعلّقة بإبليس ضمن المتن التراثي المنتسب إلى السنّة؟ وما هي الأبعاد الرمزيّة الأساسيّة لقصّة إبليس، كما يرويها الراوي السني، والتي تُسقط على كلّ منتسب إلى مداره الشرير؟ سنحاول الردّ على بعض هذه الأسئلة عبر التزام مواز يقوم على مقارنة الرواية السنيّة ببعض الروايات الإسلاميّة الهامشيّة لقصة إبليس؛ وذلك قصد التأكيد على أن الرواية السنيّة المهيمنة راهنا ما هي في الحقيقة سوى تشكّل تاريخي واحد ضمن قراءات أخرى متعدّدة ونابعة من صلب الثقافة العربيّة الإسلاميّة، بالإضافة إلى التأكيد على أن نمط سرد قصّة الأصل تلك ليست بريئة؛ فهي تحمل أثر ما نحن، وما نريد تبليغه، وما نريد ترسيخه.
والتحليل لقصّة الأصل تلك، سيكون بمثابة مقدمة نحو تحليل آخر يليه يضطلع بفهم الطبيعة الوظيفيّة للأبعاد الرمزية للشيطان ضمن سياسة الحركات الأصوليّة المعاصرة المنتسبة إلى المرجعيّة السنيّة.

أين يكمن الخطأ؟
يقول الشهرستاني: «واعلم أنّ أول شبهة وقعت في الخليقة: شبهة إبليس لعنه اللّه. ومصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النص، واختياره الهوى في معارضة الأمر، واستكباره بالمادة التي خلق منها وهي النار على مادة آدم عليه السلام وهي الطين»(4)، فالخطأ الشيطاني هنا، عبر القراءة السنيّة، يتمثل في عدم التزامه بالنص (الممثل بالأمر الإلهي)، وتغليبه الهوى (عاطفته، رأيه...)، وانتصاره لمادته (جسده، عنصره...). كما نجد قراءة أخرى، للتصوّر السني مصدره كتاب "تلبيس إبليس" لابن الجوزي، إذ يقول: «وينبغي أن يُعلم أن إبليس الذي شغله التلبيس أول ما التبس الأمر عليه، فأعرض عن النص الصريح على السجود، وأخذ يفاضل بين الأصول "خَلَقْتَنِي مِن نَارٍ وخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ" (الأعراف: 12)، ثمّ أردف ذلك بالاعتراض على الملك الحكيم، فقال: "أَرَأَيْتَكَ هذا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ" (الإسراء: 62)، والمعنى أخبرني لم كرَّمتَهُ، غور هذا الاعتراض أن الذي فعلت ليس بحكمة ثمّ اتبع ذلك بالكبر فقال: "أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ" (الأعراف: 12). ثمّ امتنع من السّجود، فأهان نفسه التي أراد تعظيمها باللعنة والعقاب» (5) فأسّ الخطأ يكمن في إعراض إبليس عن "النصّ الصريح" ويأتي بعدها جملة من الأخطاء تنجرّ عن هذا الانحراف كتفضيل أصل يخالف الأمر والاعتراض على حكم اللّه والتكبّر والتمنّع. وإن اختلفت القراءات السنيّة فهي تجمع على أن سبب خطأ إبليس يكمن في عدم التزامه بالنصّ. هذه القراءة تسوّق لمعنى محوري يقوم على اعتبار أن المنجاة الفعليّة لا تتحقق إلّا بالالتزام كليّا بالنصّ.
أمّا المعتزلة فإن أقرّوا بأن الخطأ يكمن في مخالفة إبليس للنص/ الأمر الإلهي، وإن اختلفوا مع السنّة في فهم النص، فإنهم يشدّدون ضمن روايتهم لقصّة الأصل تلك على كون إبليس اقترف ما اقترف وهو مكلّف مختار، فإبليس كائن مميز ذو إرادة أمام الأمر الإلهي، يقول القاضي عبد الجبّار في تبيين معنى الآية عدد 34 من سورة البقرة (راجع أعلاه): «وقد بيّنا أن الأمر والتكليف يقتضيان الإرادة، وكيف يصحّ أن لا يريده منه، ويذمّه على امتناعه، ويصفه بأنّه استكبر وكان من الكافرين؟! وقد تعلّق شيوخنا المتقدّمون بهذه الآية؛ في أن العبد يفعل ويقدر على الشيء وتركه، لأن العرب لا تصف الإنسان بأنّه أبى الفعل إلّا ويمكنه أن يفعله ويتركه»(6)، فكان مطلب المعتزلة من هذه القصّة هو التأكيد على العدل الإلهي، إذ لم يُجبر الشيطان على الشرّ ولم يُخلق شريرا، وإنما اقترف القبيح اختيارا كما يقترفه الإنسان(7)، فـ«إبليس في بابه، بمنزلة شياطين الإنس، الذين يدعون إلى المعاصي ويبعثون عليها، وصار مكلّفا مأمورا بترك ذلك كالإنس الذين ينتصبون للدعاء إلى الضلال والفساد»(8).
بالمقابل، تشدّد طائفة من المتصوّفة على الجانب الملتبس من النص/الأمر الإلهي، في قصّة الأصل، إذ يقول أبو طالب المكّي: «حدثني بعض أصحابنا أنّه سئل عن قول الله عزّ وجلّ لمّا أمر إبليس بالسجود لآدم أراد منه ذلك أم لا؟ فقال أراده ولم يرده. يعني أراده شرعا وإظهارا وعليه إيجابا، ولم يرده منه وقوعا ولا كونا، إذ لا يكون إلّا ما أراد اللّه تعالى، إذ لو أراد كونه لكان، ولو أراده فعلا لوقع ولقوله تعالى: إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فلمّا لم يكن، علمت أنّه لم يرده»(9) فالمتصوّفة يميزون ما بين ظاهر الأمر وباطنه، فإن بدا أن الظاهر ينبئ بخطأ يتمثّل في مخالفة إبليس الأمر الإلهي، فالحقيقة أن الباطن يثبت طاعته لمشيئة اللّه وأمره(10). يفتح هذا الكلام، وإن كان ينمّ عن اعتقاد بجبرية الفعل، على التروّي أمام تفوّق بيان الظاهر؛ فالباطن وإن تبدى مخالفا للنصّ فقد يكون مرماه تعبّدا وطاعة(11).

إبليس الخاسر:
لتبين المعنى الذي يضفيه التصوّر السنيّ لصورة إبليس على ضوء قصّة الأصل سأختار تفسير الأحلام، باعتباره أحد المكونات المعرفية التي تظهر من خلالها المعانى الثقافية. لأفترض أني رأيت في المنام شيطانا، سأرجع لقصّة الأصل تلك، وأكتشف من خلالها المعنى الممكن تبيّنه ثقافيّا ضمن الإطار السنيّ لهذا الحلم. وقد يسعفني، لتحقيق ذلك، نص سنيّ مرموق هو تفسير الأحلام المنسوب لابن سيرين بالردّ، يقول: «إذا رأى الإنسان في منامه الجن واقفة قرب بيته فإن رؤياه تدلّ على إحدى ثلاث خصال: إمّا على خسران، أو على هوان، أو على أن عليه نذرا لم يف به»(12). جميعها تدلّ على شعور بالدونيّة والهزيمة؛ فكلّ من ينتسب إلى الحقل الشيطاني يجب أن يعي جيدا أنه خاسر. بالإضافة إلى هذا، «إن رأى أن الجن دخلوا داره، وعملوا في داره عملا، فإنّ اللصوص يدخلون داره، ويضرون به، أو يهجم عليه أعداؤه في بيته»(13) ممّا يدلّ على خسران آخر: فإذا اتصل الشيطان بفضائك أو تعاملت معه، سيكون مصيرك الخسران إمّا على مستوى يتصل بفضائك الحميم أو قد يتصل بذاتك وتكون عاقبته، ربما، الهلاك. «فإن رأى أن الشيطان يعلّمه كلاما، فإنّه يتكلّم بكلام مفتعل، أو يكيد، أو ينشد كذب الأشعار»(14) ممّا يزيد بليّة الخسران، إذا ما تعلّق الشيطان بمعارفك، إذ هذا ينبئ بأنك ستقترف الخسيس الذميم. المعنى المراد ترسيخه في قصّة الأصل تلك، أن كلّ من ينتمي إلى مدار الشيطان يلج إلى دائرة الخسارة المحتّمة.
مقابل هذا، لم نعدم وجود تيارات واتجاهات ضمن الثقافة العربيّة الإسلامية تشكّك في ربط الخسارة بالشيطان، ففي المجال الأدبي، مثلا، لم يسع "بشّار بن برد" الصمت أمام هذا الربط الرمزي ما بين الشاعر، باعتباره "منشدا لكذب الأشعار"، والشيطان(15) فعمد إلى مراجعة قصّة الأصل تلك وتأويل عناصرها والدعوة إلى رؤية أخرى قوامها تصديق موقف الشيطان في تفضيل مادته على مادة آدم، إذ كما ينقل الجاحظ عنه أنّه: «صوّب رأي إبليس في تقديم النّار على الطين، وقال: (الأرض مظلمةٌ والنار مُشرِقَةٌ/ والنار معبودةٌ مذْ كانت النارُ)» (16) وتتجلّى آثار هذه الدعوة في هذا المشهد السردي من داخل جحيم "رسالة الغفران" لأبي العلاء المعرّي، إذ يقول على لسان إبليس: «فما فعل "بشّار بن برد"؟ فإنّ له عندي يدا ليست لغيره من ولد آدم: كان يفضّلني دون الشعراء، وهو القائل: (إبليسُ أفضلُ من أبيكم آدم/ فتبيّنوا يا معشر الأشرار/ النارُ عُنْصُرُه، وآدم طينةٌ/ والطّينُ لا يَسمُو سموّ النارِ) لقد قال الحقَّ، ولم يزل قائله من الممقوتين» (17). لقد أعاد بناء قصّة الأصل المتعلّقة بإبليس، عبر نقض مقولة الخطأ كليّا، واعتبار موقف الشيطان انتصارا. قد تتساءلون: وما الذي يحدث عندما ننقض مثل هذا الانطباع بالخسارة، تبعا لقصّة الأصل تلك، في المجال الأدبي؟ يعني هذا، على محمل ما، أننا قد نفلح في التخلّص من القيم الأخلاقيّة والنقديّة الحافة بهذه الرواية؛ فتتحوّل، على سبيل المثال، معاني الفوضى والهوى واللذّة والجسد والرأي مجالا فسيحا لقول جمالي مقبول (18)

إبليس العدو المتخفّي:
وباعتبار أنّ وعيد الشيطان بعد الخطأ والخسارة يتأسّس على قاعدة صرف الإنسان عن الصراط ودفعه إلى الجحود بنعم اللّه عبر إحاطته من مختلف الجهات، إذ يقول ابن قيّم الجوزيّة: «قال اللّه تعالى إخبارا عن عدوّه إبليس، لمّا سأله عن امتناعه عن السجود لآدم واحتجاجه بأنه خيرٌ منه وإخراجه من الجنّة أنه سأله أن ينظره، فأنظره، ثمّ قال عدوّ اللّه "فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ المُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَأَتِيَنَّهُم مِن بَينِ أَيْديهِم ومِن خَلْفِهِم وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمائِلِهِمْ ولَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرينَ (الأعراف: 16-17)"»(19) فقد تباينت القراءات حول هذا الخطر الشيطانيّ. لكن قبل ذلك، ولنفهم القضيّة على وجهها الصحيح، دعنا نتطرّق إلى تفسير طبيعة الشيطان من خلال هذه النصوص، فهو: «حيوان ناري مشف الجرم من شأنه أن يتشكل بأشكال مختلفة»(20) أو يمكننا اعتماد تصوّر آخر يقوم على اعتبار «أن الله خلق الملائكة من نور النار، وخلق الجنّ من لهبها، والشياطين من دخانها، وأن هذه الأنواع لا يراها الناظر، وأنها تتشكّل بما شاءت من الأشكال فإذا تكاثفت صورتها يراها الناظر»(21) كما يمكن اعتماد هذه الرواية المنسوبة إلى ابن عبّاس، إذ يقول: «لما خلق الله سوميا أو شوميا أبو الجنّ وهو الذي خُلق من مارج من نار قال تبارك وتعالى: تمنّ، قال: أتمنّى أن نَرى ولا نُرى وأن نغيب في الثرى وأن يصير كهلنا شابا فأعطي ذلك»(22) ضمن مختلف التصورات تلك، نتبيّن أن الشيطان ذو طبيعة شفافة لا تُرى. يبقى أن النزعة العدوانيّة التي عبّر عنها الشيطان بوعيده إذا ما اقترنت بتخفيه وتلبّسه مختلف الأشكال تجعلنا نتيقن عدم تمكننا من الدفاع عن النفس نظرا لعدم إمكان تحديد موقع الشيطان. وإذ كان ذلك كذلك، فلتحمل في نفسك دائما خوفا رهابيّا من كلّ خفي غامض فهو حتما يتصل بالفضاء الشيطاني الشرير.
لم يرض هذا الموقف مختلف الفرق الإسلاميّة، فالمعتزلة، على سبيل المثال، لا تقيم وزنا لوعيد الشيطان باعتباره لا يُؤثر تأثيرا قهريّا على الإنسان، يقول القاضي عبد الجبّار في معرض قراءته للآية 16 و17 من سورة الأعراف: «فأمّا دعاؤه الخلق إلى المعاصي فذلك غير مدخل لهم فيها ولا مانع لهم من الطاعة، لأنه أضعف في ذلك من دعاء شياطين الإنس»(23) فكونه لا يُرى، هذا أدعى إلى الطمأنينة لا الخوف والرعب، باعتبار أن من «المعلوم أن الدعاء المسموع إذا كان الداعي يُشاهد، أشدّ تأثيرا من دعاء من لا يُشاهد، فليس في تمكنهم ما يؤدّي إلى قبح تكليف هذا المعاصي، لأنه من قبل نفسه أُتي فيما فعل»(24).

إبليس الداهية:
تصوّر القراءات السنيّة المكر الشيطاني بطريقة موغلة في التشعّب والتدقيق والتعظيم والإغراب والترهيب، ومن ذلك هذا القول للحسن بن صالح: «إن الشيطان ليفتح للعبد تسعة وتسعين بابا من الخير يريد به بابا من الشرّ» (25) فمهما بلغ الإنسان من شدّة التقوى والصلاح لن يتمكّن من ردّ كيد الشيطان. يقول صاحب "تلبيس إبليس" في معرض روايته لقصّة حصن في حالة حرب مع الشياطين، ويقصد بذلك النفس البشريّة المؤمنة: «وهذا الحصن مستنير بالذكر مشرق بالإيمان، وفيه مرآة صقيلة يتراءى فيها صور كل من يمرّ به، فأقلّ ما تفعل الشياطين في الربض إكثار الدخان لتسود حيطان الحصن، وتصدأ المرآة... وربما خرج الحارس لغفلته وأسر واستخدم وأقيم يستنبط الحيل في موافقة الهوى ومساعدته، وربما صار كالفقيه في الشرّ... وربما هجم الشيطان على الذكي الفطن ومعه عروس الهوى قد جلاها فيتشاغل الفطن بالنظر إليها فيستأسره»(26) فمداخل الشيطان وأدواته عظيمة، وقد تؤول إلى النصر. لهذا أفضل السبل، أمام خطر ماكر كهذا، هو ما اعتمده جمهور السنّة والجماعة بمواجهة أعوان الشيطان: أهل الأهواء؛ فعن «سلام بن أبي مطيع، قال رجل من أهل الأهواء لأيوب: أكلمك بكلمة؟ قال: لا، ولا نصف كلمة»(27)، وعن ليث بن سعد، قال: «لو رأيت صاحب هوى يمشي على الماء ما قبلته. فقال الشافعي: أما إنّه قصّر، لو رأيته يمشي على الهواء ما قبلته»(28). المعنى المراد تبليغه هو أن النجاة الحقيقيّة الوحيدة من كيد الشيطان تكمن في القطع معه كليّا ومع أي طرف يمثله أو ينتسب إليه.
هذا الرأي، مجدّدا، لم يُقبل من قبل جميع فئات الثقافة العربية الإسلامية، إذ يتقدّم المعتزلة، مرّة أخرى، ليبخسوا هذا الرأي ويردّوا عليه برأي آخر، فلإن أظهر الجاحظ مقالة جمهور السنّة، وإن لم يسمّهم، قائلا: «قال قوم: قد علمنا أن الشياطين ألطف لطافة، وأقلّ آفة، وأحدّ أذهانا، وأقلّ فضولا، وأخفّ أبدانا، وأكثر معرفة، وأدقّ فطنة منّا. والدليل على ذلك إجماعهم على أنّه ليس في الأرض بدعة بديعة، دقيقة ولا جليلة، ولا في الأرض معصية من طريق الهوى والشّهوة، خفيّة كانت أو ظاهرة، إلّا والشّيطان هو الدّاعي لها، والمزيّن لها، والذي يفتح باب كلّ بلاء، وينصب كلّ حبالة وخدعة.»(29) فإنّه يردّ عليهم ساخرا، بالتالي: «ونحن قد نجد الرّجل إذا كان معه عقل، ثمّ علم أنّه إذا نقب حائطا قطعت يده، أو سمع إنسانا كلاما قطع لسانهأ أو يكون متى رام ذلك حيل دونه ودون ما رام منه- أنّه لا يتكلّف ذلك ولا يرومه، ولا يحاول أمرا قد أيقن أنه لا يبلغه. وأنتم تزعمون أن الشياطين الذين هم على هذه الصفة كلّما صعد منهم شيطان ليسترق السّمع قُذف بشهاب نار، وليس له خواطئ، فإمّا أن يكون يصيبه، وإمّا أن يكون نذيرا صادقا أو وعيدا إن يقدم على رمي به. وهذه الرجوم لا تكون إلّا لهذه الأمور. ومتى كانت فقد ظهر للشيطان إحراق المستمع والمسترق، والموانع دون الوصول ثمّ لا نرى الأوّل ينهي الثاني، ولا الثاني ينهى الثالث، ولا الثالث ينهي الرابع في هذا الدهر الطويل. فإن كان المحرق المصاب هو الذي يعود، فهذا عجب. وإن كان الذي يعود غيره فكيف خفي عليه شأنه، وهو ظاهر مكشوف؟!...»(30) أثبت هذا النص على طوله ليتضح كيف أنّ الجاحظ يعمد إلى الاستدلال على تواضع تفكير الشياطين ويصل به الأمر إلى إظهارها غبيّة لا تقو على مماثلة الإنسان في التفكير والتدبّر.
**********

كان التحليل السابق مقدمة نحو فهم الرواية السنيّة المتعلقة بقصّة إبليس والتي تشكلت تاريخيّا بمواجهة مختلف الفرق والطاقات الإبداعية في الثقافة العربيّة الإسلاميّة، اختلقت، بمقتضاها، أبعاد رمزية للشيطان وأتباعه ومؤسسة عليها أسلحة تصوّب على كلّ فكر مختلف. إننا قد لا نكتشف فعالية هذا التمثل الرمزي باعتبارنا نقع ضمن سطوة هيمنته، لكننا بمقارنته بسرد آخر لرواية قصّة إبليس في الثقافة العربيّة الإسلامية قد نكتشف سطوة تلك القراءة المهيمنة وقد نتيقن ضرورة أن ننتزع حقّنا في إعادة فهم وقراءة قصّة الأصل لعلّنا نعيد فتح المجال لقوى الإبداع كي تتشكّل وتختلق حياة جديدة تنبع من هذا الركام الثقافي المتهاوي.
ولتبين خطورة فعالية هذا التمثل الرمزي للشيطان ضمن الثقافة العربيّة الإسلامية دعنا نطالع تجليات تلك الرواية في خطاب الحركات السياسيّة الأصوليّة المعاصرة المنتسبة إلى المرجعيّة السنيّة، وهي توظفها بشكل واع وغير واع، وترسم عبرها تقنيات الدعاية الحزبية(31). وسنعتمد في هذا مقال حركة النهضة الإسلاميّة التونسيّة كنموذج لهذه الحركات الأصوليّة فنبحث ضمن متنها الرسمي والقاعدي النواحي الوظيفيّة السياسيّة لرمزية الشيطان وهي تفعّلها بحدّة لتحقّق من خلالها مآرب سياسيّة واجتماعيّة ومعرفيّة.

ولتبيّن تجليات هذا التوظيف، في نطاق أدبيات حركة النهضة التونسيّة، يجب أن نميّز بين طريقتين تتجلى من خلالها رمزيّة الشيطان: أحدها سافر والآخر متواري.
أ. الشيطان السافر
يسترعي انتباهنا، بدءا، أن رئيس الحركة ومؤسّسها ومنظرها راشد الغنوشي عادة ما يسمّي الشيطان ليقرنه بمفهوم، يعرّف، مثلا، الحريّة، ومن ضمنها الحريّة السياسيّة، من بوابة نسبتها إلى النص/الأمر الإلهي أو نسبتها إلى الشيطان، إذ يقول: «إن الحريّة... أمانة ومسؤوليّة، ووعي بالحقّ والتزام به وفناء فيه. نعم إن اللّه خلقنا أحرارا قادرين أن نؤمن وأن نكفر، أن نحسن أو نسيء، أن نسير في طريق مقاومة الميول الشريرة في أنفسنا وفي العالم ابتغاء مرضاة الله والجنّة، أو نتنكب عن ذلك وننخرط في طريق الشيطان المفضي إلى غضب اللّه وعذاب الشيطان»(32) ويبدو الملمح الوظيفي المقترن بالمفهوم أكثر تجليا ووضوحا متى ما تعلّق الأمر بتعريف العقل؛ فالعقل لن يبلغ الرشاد بمعزل عن النص/الأمر الإلهي، وهاهو الشيخ يوضّح: «العقل لا يملك القدرة على الاستقلال بتنظيم الحياة وتوجيه الحريّة، وأنّ هذا الاستقلال يمثل خطرا محقّقا على حريّة الإنسان تجعله معرضا للوقوع في عبوديّة الشهوات والشيطان»(33). هذا المنحى المعتمد على الصور الشيطانية في التعريف يقصد منه نسبة المفاهيم المقترنة بالشيطان إلى الخسارة، وإخراجها من دائرة صحيح الدين/السنّة والدعوة إلى القطع معها كليّا.
كما لا تفوّت الحركة قسمة الشخصيّة الجماعيّة في الواقع التونسي إلى مكونين متصارعتين: مكوّن عميق في الذات الجماعيّة جُبل على معنى إسلامي مشرق مقابل مكوّن مسخي لا ينتسب إلّا لشيطان الداخل وشيطان الخارج، فالإنسان التونسي، بزعم راشد الغنوشي، يستبطن شعورا اغترابيا، فهو رهين ما: «بين الصورة المشرقة للإسلام التي تغمر كيانه وبين الواقع الآسن الغارق في الوحل، ميوعة وانحلالا... وولاء لا لله ورسوله وللمؤمنين وإنما للأهواء والمصالح والعصبيات والقوى الدوليّة الشيطانيّة»(34)، وهو ما يدلّ على اعتماد قصّة الأصل ورمزيّة الشيطان مرّة أخرى، لنسبة الخيارات السياسيّة والاجتماعيّة والقيم الحداثيّة المعاصرة خيرها وشرّها في واقعنا التونسي المعاصر إلى الشيطان وإدراجها في خانة الخسر المحتّم، كما توحي بضرورة القطع معها نهائيّا.
ب. الشيطان المتواري
بيد أن المسألة لا تتوقف عند هذا المنحى الوظيفي، إذ تحاول الحركة بكلّ جهدها، ترسيخ صورة سياسيّة لواقعنا المعاصر قوامها الغموض، معتمدة على تكرار مقولة عامة توهم بوجود قوى سياسيّة خفيّة تحرّك المجال السياسيّ التونسي. ليس هذا بجديد، فمنذ سنة 1981 والحركة تنسب لنفسها شرف الوقوف ضدّ قوى الشرّ المتخفيّة في شعاب الواقع التونسي، وهاهي في أحد بياناتها تتحدّث، قائلة: «وحركة الاتجاه الإسلامي تؤكد في الأخير بأن سنن الله في المجتمعات كما هي في الأكوان غلّابة وهي تتجه قدما نحو تفتيت بناءات الباطل ذات الطبيعة العنكبوتيّة لإقامة مجتمع الحقّ والعدل والحريّة في ظلّ الإسلام العظيم»(35)، مّما يفيد بأن الواقع التونسي يرزح تحت نفوذ الباطل المتحصّن في "بناءات ذات طبيعة عنكبوتية". ويطالعنا اليوم، حديث متكرّر عن قوى خفيّة تحرّك السياسة الداخليّة، ولعلّ أشهر نصوص الحركة في هذا الإطار، بيانها حول تأجيل الانتخابات، حيث تعلن التالي: «نعتبر أنّه قد تراكم من المواقف والتصرّفات ما يرجّح لدينا سعي أطراف ومراكز تأثير ظاهرة وخفيّة إلى ممارسة الوصاية على الشعب»(36). بطبيعة الحال، الحركة لديها شكوك ويقين حول جهات تعارض مواقفها ومبادئها وسياستها، كما تملك من المعطيات عن الواقع السياسي التونسي الشيء الكثير، ويمكنها، في أي لحظة ولأي اعتبار، أن تعلن عن أسماء حقيقيّة أو مخطّطات محدّدة، إذ المجتمع التونسي ومن ورائه الفئات المشتغلة في الحقل السياسي ليست من الاتساع والتعقيد الذي يلوح من خلال خطاب هذا الحزب الأصولي، لكنه يصرّ على توصيف الواقع السياسي بالغموض والتخفي. ويحيلنا هذا إلى ما بيناه أعلاه حول طبيعة الشيطان " العدوانية والمتخفّية" داخل الرواية السنيّة، فعندما نوهم المتلقي في المجتمع التونسي بأن واقعه السياسي تتحكّم فيه قوى عدوانيّة متخفية فنحن نفعّل رهاب الذات الجماعيّة السنيّة من كلّ متخفّ غامض شرير، ونفتح لها المجال واسعا نحو مماهات هذه القوى والشيطان ذاته.
لو طالعنا الأمر، من ناحية أخرى، وتحديدا على المستوى القاعدي للحركة ضمن أنصار الحزب من المتعاطفين والمتحمسين- من منخرطي الحزب أو من غير منخرطيه- نكتشف ملمحا غريبا جدّا، يتجسّد في العديد من المواقع الافتراضيّة، التي تسجّل دعمها العلني للحركة، والتي تتحدّث عن "الحقائق الخفيّة بتونس"(37) و"الدور المتخفي لمنظمات سريّة كالماسونيّة بتونس" (وقد يصل الأمر إلى الحديث عن "عبدة الشيطان في تونس")(38) ... كلّها تتجه نحو اعتبار الواقع السياسي التونسي مسرحا لقوى عدوانية تتحصّن تحت رداء الستر وتنسج خيوطها الماكرة الشريرة. وتتجه هذه التقنية صوب الإيحاء بالربط ما بين تلك القوى المزعومة والشيطان.
وتمثّل هذه التقنية، بشكلها الرسمي وغير الرسمي، مقدمة مناسبة نحو توظيف هذا الانطباع والإيحاء في الصراعات السياسيّة، حيث يمكن أن تُدرج أسماء أو جماعات معارضة لمسلكية الحركة ضمن لائحة الانتساب لقوى التخفي، هذه اللوائح يمكن أن تصدرها الحركة، أو يصدرها أنصار الحركة، دعنا نقل، تطوّعا على صفحات مواقعها، فتضمن الحركة نسبة هذه الأسماء إلى مدار الشيطان: ممّا يعني أنّها ستوضع خارج نطاق المقبول من الفئات السنيّة، كما ستنعدم إمكانية فوزها باعتبارها تمثّل القوى الخاسرة رمزيّا، ويُقطع معها نهائيّا.

لا شكّ وأن العديد من الحضارات عرفت الشيطان باعتباره تجسيدا لقوّة الشرّ في العالم(39)، لكن يبقى لكلّ حضارة نسيجها الخاص لصورة الشيطان وقوّته وتجلياته الأسطوريّة(40)، والتاريخ الإسلامي لم يشذّ عن هذا؛ إذ نشهد في مدى ثقافتنا العديد من الصور والرموز المتعلّقة بإبليس، بيد أنه، ولاعتبارات تاريخيّة واجتماعيّة ونفسيّة، انجرّت الثقافة إلى تبني صورة سنيّة تعظّم من قوّة الشيطان ونفوذه وقدّرته قصد توظيف معناه ورمزيته في إثبات تفوق حجتها وفي إقصاء المختلف. قد يدعي البعض، أننا يجب أن نسكت، تقيّة، عن هذا التمثّل لقصّة الأصل تلك أو غيرها وينسى أنها تلوح لنا راهنا عند الحركات السياسيّة الأصوليّة كسلاح يصوّب نحو أي فكر مبدع، خلّاق ومختلف. لننتزع حقّنا في رواية أخرى حديثة لقصّة الأصل تلك تنتمي إلى أفق تطلعاتنا نحو تكوين وطن وثقافة ومجتمع: حرّ، مبدع، متعدد...



1. الطبري، تاريخ الأمم والملوك، دار الكتب العلميّة، 1997، المجلّد الأوّل، ص58
2. شبلي، آكام المرجان في عجائب وغرائب الجان، بيروت، 1988، ص20، ذكره محمد عجينة في موسوعة أساطير العرب عن الجاهليّة ودلالاتها، دار محمد علي للنشر ودار الفارابي، طبعة 2005، ص 409.
3. «أبلس من رحمة الله أي يئس وندم، ومنه سمي إبليس وكان اسمه عزازيل» ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، الطبعة الأولى 2000، المجلّد الثاني، ص140.
4. أبو الفتح الشهرستاني، الملل والنحل، علّق على حواشيه صلاح الدين الهواري، دار ومكتبة الهلال، الطبعة الأولى 1998، الجزء الأول، ص 22.
5. أبو الفرج بن الجوزي، تلبيس إبليس، تحقيق احمد بن عثمان المزيد، دار الوطن للنشر، الطبعة الأولى 2002، ص205.
6. القاضي عبد الجبّار، متشابه القرآن، تحقيق عدنان محمد زرزور، مكتبة دار التراث القاهرة، الطبعة الأولى، ص 85.
7. «إن جسم ابليس الذي هو خلق اللّه، ليس بشر بل هو خير، لأنه تعالى خلقه كي ينفعه، وإنما الشرّ ما يقع منه من القبيح» القاضي عبد الجبار، فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، تحقيق فؤاد السيد، الدار التونسية للنشر والمؤسسة الوطنية للكتاب، الطبعة الثانية 1986، ص 180.
8. نفس المرجع، ص 177
9. أبو طالب المكي، قوت القلوب، الجزء الأول، ص 260، ذكره علي سامي النشار، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، دار المعارف بمصر، الطبعة الخامسة 1971، الجزء الأول، ص 401.
10. في ما يتعلّق بتناول "تعذير الشيطان" أو "مأساة إبليس" انطلاقا من قراءات قصص الأصل عند المتصوفة أنظر: صادق جلال العظم، نقد الفكر الديني، دار الطليعة للنشر، الطبعة السادسة 1988، ص55-87.
11. يقول الحلاج في "طاسين الأزل والالتباس": «وما كان في أهل السماء موحد مثل إبليس/ حيث أُلبس عليه العين، وهجر اللحوظ والألحاظ في السرّ، وعبد المعبود على التجريد/ ولُعن حين وصل إلى التفريد، وطرد حين طلب المزيد» ديوان الحلاج وأخبار الحلاج وكتاب الطواسين، دار الكتب العلمية لبنان، ص102.
12. محمد بن سيرين، منتخب الكلام في تفسير الأحلام، المكتبة الثقافية بيروت، طبعة 2005، ص65.
13. نفس المرجع، نفس الصفحة.
14. نفس المرجع، صفحة 66.
15. بل ينسبون إلى الرسول حديث يرد فيه بأن الشعر قرآن إبليس (رواه أحمد في مسنده): «إن إبليس لما نزل إلى الأرض قال: يا رب أنزلتني وجعلتني رجيما فاجعل لي بيتا، قال: الحمام، قال: فاجعل لي مجلسا، قال الأسواق ومجامع الطرق، قال: فاجعل لي طعاما، قال: ما لم يذكر اسم الله عليه، قال فاجعل لي شرابا، قالك كل مسكر، قال فاجعل لي مؤذنا، قال: المزامير، قال: فاجعل لي قرآنا، قال: الشعر، قال: فاجعل لي خطّا، قال الوشم، قال: فاجعل لي حديثا، قال: الكذب، قال: فاجعل لي مصائد، قال: النساء» زكريا بن محمد القزويني، عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، تحقيق محمد بن يوسف القاضي، مكتبة الثقافة الدينيّة، الطبعة الأولى 2006، ص 310
16. الجاحظ، البيان والتبيين، تحقيق عبد السلام هارون، دار الجيل، الجزء الأول، ص16.
17. أبو العلاء المعرّي، رسالة الغفران، تحقيق عائشة عبد الرحمان، دار المعارف القاهرة، الطبعة التاسعة، ص310.
18. في ما يتعلّق بتناول علاقة الأدب بالشيطان أو ما يسميه العادل خضر بـ "البيان والشيطان" أنظر: العادل خضر، الأدب عند العرب: مقاربة وسائطية، منشورات كلية الآداب منوبة ودار سحر للنشر، الطبعة الأولى 2004، ص435-443.
19. ابن قيم الجوزيّة، مكائد الشياطين في الوسوسة وذم الموسوسين، دار الكتب العلميّة بيروت، ص6
20. زكريا بن محمد القزويني... ذكر أعلاه، ص309.
21. نفس المرجع، نفس الصفحة.
22. شبلي، آكام المرجان... ذكر أعلاه، ص19، ذكره محمد عجينة في موسوعة أساطير العرب... ذكر أعلاه، ص.408
23. القاضي عبد الجبار، متشابه القرآن... ذكر أعلاه، ص 276.
24. القاضي عبد الجبار، فضل الاعتزال... ذكر أعلاه، ص 177 مكرر.
25. أبو الفرج بن الجوزي، تلبيس إبليس... ذكر أعلاه، ص284.
26. نفس المرجع، ص281-283.
27. نفس المرجع، ص 106
28. نفس المرجع، ص 130.
29. الجاحظ، كتاب الحيوان، تحقيق عبد السلام هارون، دار الجيل بيروت، طبعة 1996، ص265.
30. نفس المرجع، ص265-266.
31. وإن اعتمدت الحركات الأصولية السلفية على "تلبيس إبليس" لابن الجوزي في ترسيخ المعنى الرمزي للشيطان عبر الرواية السنيّة فإن الحركات الأخرى كالإخوان استقت من تفسير "في ظلال القرآن" للسيد قطب صور إضافيّة تفعلها في نسيجها السياسي، ولتكوين تصوّر حول صورة الشيطان عند السيد قطب يمكن مراجعة: عكاشة عبد المنان الطيبي، الشيطان: في ظلال القرآن للشيخ سيد قطب، مكتبة التراث الإسلامي، 1992.
32. راشد الغنوشي، مقاربات في العلمانيّة والمجتمع المدني، المركز المغاربي للبحوث والترجمة لندن، 1999، ص19
33. نفس المرجع، ص 26
34. راشد الغنوشي، مقالات، ص174.
35. اعلية علاني، الحركات الإسلامية بالوطن العربي: تونس نموذجا، دفاتر وجهة نظر، الرباط، الطبعة الأولى2008، ص118.
36. راشد الغنوشي، بيان حركة النهضة عن تأجيل الانتخابات،23 ماي 2011، راجع موقع: http://www.nahdhaonline.com
37. عادة ما يتحدث الجانب الأصولي عن القوى الخفيّة مقترنة بالشيطان، فنجد أن مكتبة التراث الإسلامي اختارت عنوانا لأحد مؤلفات ابن تيميّة "أولياء الرحمان وأولياء الشيطان" هذه التسمية "القوى الخفيّة: الجن الشيطاني..الجن الرحماني". كما يقرن الحديث عن "الحقائق الخفيّة"، عادة، مع الجهة المعارضة للنهج الأصولي المتشدّد، فليس غريبا إذا أن نجد أحد المؤلفات الأصولية تعنون بـ "كشف الحقائق الخفيّة عند مدعي السلفيّة" وأن نجد أحد فصوله يعنون بـ "الوظيفة الابليسيّة": عبد العزيز بن سريان العصيمي، كشف الحقائق الخفيّة عند مدعي السلفيّة، السعوديّة، الطبعة الثانية 2009.
38. هناك عديد المواقع والمدونات تحمل هذا الاسم، لكن نخصّ بالذكر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حيث يوجد عدد هائل من المجموعات التونسية تحمل هذه الأسماء وتظهر موالاة ونصرة بيّنة لحركة النهضة.
39. إمام عبد الفتاح إمام، معجم ديانات وأساطير العالم، مكتبة المدبولي القاهرة، المجلّد الاوّل، ص295-297.
40. للتعرّف على خصوصيّة صورة الشيطان أو إبليس في الثقافة العربيّة الإسلامية أنظر: محمد عجينة، موسوعة أساطير....ذكر أعلاه، ص406-428.



#محمد_نعمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركة النهضة التونسيّة: التربية الأصوليّة (1)
- حركة النهضة التونسيّة: نزوات العنف
- حركة النهضة التونسيّة والأدب: ذهنية التحريم
- حركة النهضة التونسية: مصادرة الممتلكات تأسيسا على الشريعة
- حركة النهضة التونسية: مؤشرات التمويل الأجنبي
- حركة النهضة التونسية: سفور المعنى


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد نعمان - حركة النهضة التونسيّة: حروب الشيطان