أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمار الجنابي - ارسطو والشعر













المزيد.....

ارسطو والشعر


عمار الجنابي
(Amaar Abed Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 3425 - 2011 / 7 / 13 - 17:36
المحور: الادب والفن
    


عارض( أرسطو) فكرة الإلهام و الوحي في قول الشعر، واعتبر منشأ الشعر غريزة المحاكاة
حيت أن الإنسان مفطور على المحاكاة، و غريزة حب الوزن و الإيقاع، و بالمحاكاة يتم التعلم
و تنشأ اللذة، و هذا معناه أن( أرسطو) يرجع أصل الشعر إلى سببين طبيعيين: أولهما أن المحاكاة
ظاهرة طبيعية و فطرية عند الإنسان تنشأ عنده مند طفولته، فالإنسان إذن حيوان يهوى
المحاكاة، و ثانيهما شعوره بمتعة و لذة المحاكاة التي تصل به شيئا فشيئا إلى التعلم والمعرفة، و يوضح
أرسطو ذلك بقوله:( "و يبدوا أن الشعر نشأ عن سببين كلاهما طبيعي، فالمحاكاة غريزة في
الإنسان تظهر فيه مند الطفولة، و الإنسان يختلف عن سائر الحيوان في كونه أكثرها استعدادا
للمحاكاة، وبها يكتسب معارفه الأولية، كما أن الناس يجدون لذة فيها أي في تأمل أعمال
المحاكاة، و سبب آخر هو أن التعلم لذيذ لا للفلاسفة وحدهم، بل و أيضا لسائر الناس، و إن
لم يشارك هؤلاء فيه إلا بقدر يسير، فنحن نسير برؤية الصور لأننا نفيد من مشاهدتها علما
و نستنبط ما تدل عليه، كأن نقول إن هذه الصورة صورة احدا ما، فإن لم نكن رأينا موضوعها
من قبل، فإنها تسرنا لا بوصفها محاكاة و لكن لإتقان صناعتها أو لألوانها أو ما
غير ذلك")(1)
و بناءا على ذلك يمكن استنتاج أن المحاكاة معرفة عند أرسطو، فهي بما تورثه من لذة
إنما هي أمر فطري أخذ يرتقي حتى ولد الشعر ارتجالا، و ذلك قبل انقسامه إلى مأساة و ملهاة،
و ربما كان ضروريا الإشارة إلى أن إعراض(أرسطو) عن الشعر الغنائي الذي يمثل طفولة الشعر.

كان نتيجة لعدم انسجامه (أي انسجام الشعر الغنائي) مع مبدئه القائل: "إذا كانت المحاكاة هي
جوهر الشعر، فإن الفعل هو جوهر المحاكاة أي أن هذا النوع من الشعر يفتقر إلى العنصر
الجوهري في المحاكاة الذي يميز فيه الشاعر عن المؤرخ، و يجعل الشاعر أكثر اقترابا من الفيلسوف مما
يجعل الطبيعة نسخة منه لا هو نسخة منها، و في هذا السياق ورد قول غنيمي هلال:( "تظل
الطبيعة نموذجا للفن و معيارا له و إن أكملها الفن بوسائله، فالفن يجمل الطبيعة و يزودها
و يهذبها")(2)
و كما ذكر سابقا فإن جوهر الشعر عند( أرسطو) هو المحاكاة، و هذا معناه أن الوزن
و الإيقاع لا يصنع منهما الشعر، إنما تصنعه محاكاة المعاني الكلية، و لكن هذا لا يعني بالضرورة
أن أرسطو يسقط عنصر الوزن بل جعله ركنا من أركان المحاكاة القائمة في الشعر على الوزن
و القول و الإيقاع مجتمعة أو متفرقة، فالشاعر الحق عنده هو من يأتي بالمحاكاة في مزيج من
الأوزان، غير أن الوزن عنده لا تكفي لإضفاء الشعرية على الكلام، فقد يستعمل في مقالة
طبية، لكن مستعمله يبقى طبيبا لا شاعرا، لأنه أهمل العنصر الجوهري و هو المحاكاة، و في هذا
السياق ورد قول(أرسطو): "إن الناس قد اعتادوا أن يقرنوا بين الأثر الشعري و بين الوزن...
فإطلاق لفظ الشعراء على البعض ليس لأنهم يحاكون بل لأنهم يستخدمون نفس الوزن،
و الواقع أن من ينظم نظرية في الطب أو الطبيعة يسمى عادة شاعرا، و رغم ذلك فلا وجه
للمقارنة بين( هوميروس) و( أنباذوقليس) إلا في الوزن، و لهذا يخلق بنا أن نسمي أحدهما
(هوميروس ) شاعرا و الآخر طبيعيا أولى منه شعرا"(3)
إن القول بأن الوزن ليس جوهر الشعر، بل جوهره المحاكاة يعني أيضا أن الشعر( يقرن
بالفنون التي تحاكي بالصوت )الوزن و القول و الإيقاع كالموسيقى و الرقص، و لا يقرن
بالفنون التي تحاكي بالشكل و اللون كالنحت و التصوير، و إن كانت الفنون جميعا ترجع إلى
أصل فلسفي واحد هو المحاكاة، و إن كان موضوع المحاكاة يختلف تبعا لطبيعة الفن كالشعر


الذي يحاكي الأفعال، و لهذا السبب نجد(أرسطو) يفضل الشعر الملحمي على الغنائي لأنه يحاكي
جوهر الفعل الإنساني و لاسيما أن الفعل هو روح الشعر عنده.(4)
"و لا ريب أن محاكاة الفعل تجعل من الشاعر كائنا مبدعا لأن الفعل يمثل حركة
الوجود الدائبة، و محاكاته إنما هي ضرب من معرفته، بيد أن هذه المعرفة جوهرية و شاملة من
حيث تصورها لما ينبغي أن يكون، و ليس لما هو كائن، و كأن الشاعر بخياله النافذ في أغوار
الطبيعة إنما يعيد بإدراكه الشامل لجوهر الفعل الإنساني يركيب الأشياء على نحو مبدع، فهو في
طوافه بالطبيعة لا يمسك بمرآة يجلو فيها ظواهر الأشياء، و لكنه يجعل من ذاته بؤرة تتشكل فيها
ألوان الطيف على نحو ما تتشكل في قوس قزح، فقوس قزح هو من الطبيعة و لكنه ليس الطبيعة
ذاتها
لقد وضع أرسطو مقياسا اختبر به صدق المحاكاة الشعرية، فتوصل إلى أن هذا المقياس
يتمثل في المتعة الدائمة التي يقدمها العمل الفني إلى المجتمع لا في مجرد المتعة التي يشعر بها الفنان
أثناء قيامه بالمحاكاة، و على هذا الأساس يكون للفن مهمة حيوية بالنسبة إلى المجتمع، و هذه
المهمة هي المجتمع و بالإضافة إلى كل ما سبق نجده يلح على ضرورة أن ينشد الفن أو الشعر الحقيقة، إلا
أنه يسمح للشاعر أن يصور الحقيقة بحسب مقدرته الفنية و بحسب تصوره للممكن و المحتمل
و المستحيل بشرط أن يبقى ضمن المألوف و ألا يغادره، لأنه إذا كانت المحاكاة متعلقة بالأفعال
الإنسانية، فإن التصوير الصادق لهذه الأفعال يبعد الشعر عن ذات الشاعر و يجعل منه تعبيرا
موضوعيا.


المصادر

1- فن الشعر- أرسطو طاليس" – ص 14
2- " أصول النقد العربي القديم "- د. عصام قصبجي – ص52
3- النقد الأدبي الحديث "- د . محمد غنيمي هلال – ص57
4- فن الشعر-مصدر سابق-ص17



#عمار_الجنابي (هاشتاغ)       Amaar_Abed_Salman#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطهير (catharsis) والسايكودراما
- الشعر والاخلاق في الجمهورية الافلاطونية
- الخرافة (myth)
- العلامة والسيرورة السيميائية
- علم المثيولوجيا(الاسطورة)
- المعنى الجمالي للوجود (نيتشه)
- نظرية المثل عند افلاطون
- وظيفة الشعر عند الفارابي
- التراجيديا والكوميديا (tragedy-comedy)
- المحاكاة imitation
- الدكتورة وعلامة الكلبة النائمه


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمار الجنابي - ارسطو والشعر