|
ثورة 14 تموز معلم وطني اصيل
الحزب الشيوعي العراقي
(Iraqi Communist Party)
الحوار المتمدن-العدد: 3425 - 2011 / 7 / 13 - 14:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحزب الشيوعي العراقي مركز الإتصالات الإعلامية ( ماتع )
ثورة 14 تموز معلم وطني اصيل وراية للتحرر والاستقلال ولنصرة قضايا الشعب
نستقبل باعتزاز هذه الايام العيد الثالث والخمسين لثورة الجيش والشعب في تموز 1958، الذي يهل علينا مكللا بالمجد و الغار، مجد الجرأة و الشجاعة و الروح الاقتحامية التي مهدت للانتصار الحاسم والسريع للثورة، وغار النضالات و التضحيات الوطنية والهبات الجماهيرية في وجه الاحتلال الاجنبي والمعاهدات الجائرة، والاجراءات القمعية للسلطات الملكية الاستبدادية على مدى عقود طويلة.
فمرحى و تحية لثورة الرابع عشر من تموز، ولقافلة الاجيال التي ساهمت بنضالاتها الباسلة ومعاناتها الطويلة، في صنع لحظة اندلاع الثورة وانتصاره. و مرحى للجماهير المليونية التي احتضنتها منذ اللحظات الاولى لبزوغ فجرها، حتى لحظة الغدر بها في انقلاب شباط الاسود المشبوه عام 1963.
مرحى لتلك النخبة الوطنية الجريئة من الضباط الاحرار، ومجدا للشهداء منهم، الذين تجرعوا مع شعبهم همومه و تحسسوا معاناة ابنائه و فقرائه، و نذروا ارواحهم للثورة واهدافها الشعبية الوطنية الاصيلة، و تصدوا لكل محاولات الايقاع بها وحرفها عن مسارها الوطني الديمقراطي.
مرحى و مجدا لشهداء الشعب والوطن، ولكل المناضلين الشجعان من بنات و ابناء العراق، على اختلاف مشاربهم و انتماءاتهم السياسية و الثقافية و القومية و الدينية ، الذين تحملوا على مدى عشرات السنين عسف السلطات الملكية وملاحقاتها وسجونها واجراءاتها القمعية، وتصدوا ببسالة نادرة لاستخذاء تلك السلطات امام مشاريع المحتل البريطاني واطماعه في العراق، ولاستخفافها بالقانون واستهانتها بالدستور وبأسط حقوق الانسان و حرياته.
اليوم ونحن نحتفي بذكرى الثورة الوطنية في 14 تموز 1958، في ظل ازمة الحكم ومآزق الحكومة التي قاد اليها صراع المصالح والمغانم بين القوى السياسية الحاكمة، وفي اجواء المطالبات الجماهيرية الواسعة بالاصلاح والتغيير، التي انطلقت منذ شباط الماضي .. في ظل هذه الاوضاع، ما احوجنا الى استعادة دروس تلك الثورة و عبرها، في مرحلة صعودها من جانب، و تراجعها وانكسارها من جانب آخر.
اول تلك الدروس هو ان ثورة تموز ما كان لها ان تحقق ذلك الانتصار الباهر، وتشد اليها مدن وجماهير العراق من اقصاه الى اقصاه، لولا تلاحم ابناء الشعب وتمسكهم بهويتهم الوطنية العراقية، بعيدا عن كل التخندقات الطائفية والعرقية و الهويات الجهوية والثانوية الاخرى، و لولا إلتئام قوى الشعب و احزابه السياسية حينها في تحالف سياسي، و توافق وطني حقيقي تمثل بجبهة الاتحاد الوطني، التي ضمت اهم الاحزاب المعارضة العاملة في الساحة السياسية آنذاك.
و في المقابل شكل تفكك جبهة الاتحاد الوطني ودخول اطرافها في صراعات سياسية وفكرية، بداية النهاية لمسيرة الثورة، وسهل على الاعداء في وقت لاحق الاجهاز عليها في ثورة مضادة مشبوهة.
ونتعلم من الدرس الثاني للثورة انه لم يكن بامكانها ان تحقق ما حققته من منجزات كبيرة، لولا التمتع بالحريات العامة والخاصة وحرية العمل المهني والنقابي، التي انتزعتها جماهير الشعب، وهو ما قاد الى استنفار طاقات مجتمعية هائلة، وخلق حركة جماهيرية واسعة، بالعنفوان الذي شهده العام الاول للثورة. وشكل ذلك القاعدة الشعبية للثورة و حاضنتها الاساسية.
اما الدرس الثالث فهو موقف الثورة الشجاع وغير المساوم، من المشاريع والاحلاف الاستعمارية والعلاقات غير المتكافئة، التي كبلت استقلال الوطن وثلمت سيادته ابان حقبة الحكم الملكي، وسعي الثورة الدؤوب مع اجراءاتها الشجاعة، لتحرير اقتصاد البلاد وثرواتها النفطية والطبيعية الاخرى من سيطرة الاحتكارات الاجنبية، ووضعها في خدمة التنمية البشرية وعملية الاعمار في البلاد.
وجسد الدرس الرابع اصالة تلك الثورة في تبنيها الصادق لقضايا الشعب، بعيدا عن المصالح الشخصية والحزبية والفئوية الضيقة، وفي توجهها لاطلاق عملية اصلاح اجتماعي عميق، والشروع بحملات اعمار وتنمية شاملة لتحسين ظروف المعيشة للمواطنين، على اختلاف طبقاتهم و فئاتهم الاجتماعية، وايلاء اهتمام خاص للفقراء والكادحين من عمال و فلاحين، وغيرهم من ذوي الدخل المحدود.
ولعل احد اهم دروس ثورة 14 تموز، اذا شئنا المقارنة بما نشهده اليوم في بلادنا من استفحال لآفة الفساد، وتكاثر لاعداد الفاسدين في مستويات حكومية مختلفة، والتردد في اتخاذ اجراءات حازمة بشأنها، هو نزاهة اولئك الرجال الذين قادوا مسيرة الثورة واداروا شؤونها، وعفة ونظافة أيادي من آزروها ودافعوا عنها وتصدوا لحمايتها وساهموا في صنع انتصاراتها. الامر الذي قاد الى انتهاج سياسة جريئة وحاسمة، ضد كل اشكال الفساد و التطاول على المال العام و ممتلكات الدولة. وهو ما ادى الى انحسار تلك الممارسات الجنائية الخطيرة الى اضيق الحدود، رغم مساعي الاعداء الكثيرة لتشويه سمعة الثورة و رجالها.
اما دروس انتكاسة الثورة فان الاهم فيها هو ظهور الميول الفردية والدكتاتورية لدى النافذين من قادتها، واستهانتهم بالحياة الديمقراطية والدستورية، وبدور الحركة الجماهيرية و القوى السياسية من جانب، واستخفافهم بنفوذ وتأثير القوى المضادة والمعادية من جانب آخر، و السعي الخاطيء والمدمر من جانب قائد الثورة الزعيم عبد الكريم قاسم، للوقوف "فوق الميول و الاتجاهات" بين انصار الثورة والمدافعين عنها من جانب، واعدائها و المتحينين الفرص للانقضاض عليها من جانب آخر.
ومن الدروس الهامة الاخرى التي ادت الى ارباك مسيرة الثورة و تعثرها، تلك المتعلقة بالصراع السياسي الحاد، الذي نشب بين القوى السياسية المساهمة في التحضير للثورة والتعجيل بانتصارها، ودخول هذه القوى في صراعات متبادلة واسعة وعميقة، كان لها تاثيرها المؤذي على مسار تطور البلاد لسنوات طويلة لاحقة.
درس آخر و ليس اخيرا من دروس انكسار الثورة المغدورة وهزيمتها، يتمثل بالتحالف غير المقدس الذي نشأ بين تللك القوى و الفئات الاجتماعية، التي تضررت مصالحها بانتصار الثورة، وبالزخم الجماهيري الكبير الذي اطلقته، والقوى التي ناصبت الثورة العداء منذ وقت مبكر، الى جانب التآمر الاقليمي و الدولي الواسع و المحموم.
تأتي ذكرى ثورة الرابع عشر من تموز و بلادنا تعيش ازمة عميقة تتجلى معالمها في حالة عامة من تراجع الخدمات الاساسية للمواطنين و ارتفاع معدلات البطالة واستفحال ظاهرة الفساد المالي والاداري في الدولة والمجتمع، وشيوع بيروقراطية ادارية تطحن المواطنين وتستخف باحتياجاتهم و حقوقهم، وغيرها من المظاهر التي تعكس حالة من غياب القانون، وضعف رقابة الحكومة وتعدد ولاءات اجهزتها، وغياب الدور المطلوب للدولة، فضلا عن اللاعدالة الاجتماعية و مظاهر سلبية اخرى قاد اليها نهج المحاصصة الحزبية و الطائفية و الاثنية المدمر، و الصراع على مراكز النفوذ و مغانم السلطة، وادارة الظهر لمعاناة المواطنين، وسعي البعض للالتفاف على المكاسب الديمقراطية والحريات العامة والشخصية، التي تحققت عبر نضال الشعب الشاق العسير.
ولم توفر المكائد السياسية حدثا دون توظيفه في الصراعات اللامبدأية ، حيث نلاحظ اليوم ومع اقتراب موعد انسحاب القوات الامريكية من بلادنا نهاية العام الحالي، كيف تحاول القوى المتنفذة في الحكومة التهرب من اعلان مواقفها الحقيقية، وتوظيف هذه القضية سياسيا، والمزايدة على بعضها بهدف المناورة و التضليل، بدلا من اعلان موقف واضح وصريح، يدعو الى الالتزام ببنود الاتفاقية العراقية الامريكية وانسحاب هذه القوات في الموعد المحدد لها، انسجاما مع المصلحة الوطنية.
ان الطريق السليم لاخراج البلاد من ازمتها وانهاء الدوامة التي تلفها، لن يكون الا عبر الاستجابة للمطالبات الجماهيرية بالاصلاح و التغيير، من خلال التوجه الجاد و الصادق لنبذ نهج المحاصصة سيء الصيت، و سياسية اقتسام الغنائم بين القوى المتنفذة، ولفضح مساعي توظيف الدين و الطائفة في الصراعات السياسية، و اتخاذ اجراءات جادة وحازمة تجاه الفساد و المفسدين، و التزام مصالح اوسع الفئات الشعبية والدفاع عنها والتخفيف من معاناتها، وتوفير فرص عمل للملايين من العاطلين، و تفعيل دور الرقابة الشعبية والجماهيرية.
و يرى حزبنا الشيوعي العراقي ان المدخل الرئيسي لتحقيق هذه الانعطافة الهامة في الوضع السياسي، يكون عبر التوجه لاجراء انتخابات برلمانية مبكرة، في ظل قانون انتخابي معدل، و قانون ديمقراطي للاحزاب، ومعالجة وضع المفوضية العليا للانتخابات. وينظر حزبنا الى هذا الخيار باعتباره خيارا يتوافق مع الدستور والممارسة الديمقراطية، ويُجنب شعبنا الاحتمالات العنفية والمزالق الاخرى.
ان من حق شعبنا وقواه واحزابه الحريصة على مستقبله، وعلى تقدم العملية السياسية وآفاق تطور التجربة الديمقراطية وضمان استعادة الاستقلال والسيادة ، ان يبحثوا عن حل سلمي وديمقراطي، يتسق مع الدستور ومنطقه، ويحمي العملية السياسية، ويضمن تطورها اللاحق صوب بناء دولة القانون والمؤسسات ، الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية كاملة السيادة .
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي اواسط تموز 2011
#الحزب_الشيوعي_العراقي (هاشتاغ)
Iraqi_Communist_Party#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لنجنب شعبنا المزالق الخطرة جراء تعمق الازمة في البلاد
-
ليتواصل الضغط الشعبي لاخراج البلاد من الازمة! / بلاغ صادر عن
...
-
بيان - مناسبة الاول من ايار ، اليوم العالمي للعمال
-
تحية للذكرى السابعة و السبعين لميلاد حزبنا الشيوعي العراقي
-
لنسكت -كاتم الصوت-
-
يوم ليس كباقي الأيام 8 آذار في أفئدتنا
-
نطالب بالإفراج الفوري عنهم
-
الإصطفاف مع الشعب خيارنا الثابت
-
المجد لشعب مصر البطل! المجد للجماهير صانعة التاريخ!
-
تضامناً مع جماهير الشعب الثائرة في مصرالشقيقة!
-
النصر لانتفاضة الشعب التونسي الشقيق!
-
قضم الحريات باسم مكافحة الرذيلة!
-
موقف الحزب الشيوعي العراقي من الازمة السياسية في البلاد في ض
...
-
بلاغ عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
-
تهنئة ... من الحزب الشيوعي العراقي
-
بلاغ عن انعقاد الكونفرنس التاسع لمنظمات الخارج للحزب الشيوعي
...
-
بلاغ عن الاجتماع الاعتيادي للجنة المركزية للحزب الشيوعي العر
...
-
تحية لعمال العراق والعالم في عيدهم الاممي المتجدد
-
بلاغ عن الإجتماع الإستشاري الموسع للحزب الشيوعي العراقي
-
قائمة -اتحاد الشعب- تطالب بإعادة فرز أصوات الناخبين بإشراف م
...
المزيد.....
-
Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
-
خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت
...
-
رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد
...
-
مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
-
عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة
...
-
وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب
...
-
مخاطر تقلبات الضغط الجوي
-
-حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف
...
-
محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته
...
-
-شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|