أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مردخاي كيدار - نعش عرفات بين نظام القاهرة وعفوية رام الله














المزيد.....

نعش عرفات بين نظام القاهرة وعفوية رام الله


مردخاي كيدار

الحوار المتمدن-العدد: 1018 - 2004 / 11 / 15 - 08:23
المحور: القضية الفلسطينية
    


يوم الجمعة 12 نوفمبر شاهد حدثا بالغ الأهمية كرست له وسائل الإعلام العربية والعالمية ساعات طويلة ألا وهو جنازة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. كما غطت وسائل الاعلام الاسرائيلية هذا الحدث إما بالنقل المباشر لوقائع الجنازة او بالتعليق والنقاش بين الخبراء عن الشخص وماضيه ومستقبل العلاقات بيننا وبين جيراننا الفلسطينيين في ظل غياب قائدهم المحبوب.
ولكن عندما احاول فهم وقائع الجنازة عليّ – كإسرائيلي وصهيوني – ان اشارك القراء العرب في أفكاري عما شاهدناه جميعا.
من ناحية المظهر انقسمت الجنازة الى جزأين: جزء أول في القاهرة اتسم بالهدوء والبرودة والنظام والتخطيط, لم يشترك فيه الا ناس بالزي العسكري ومسؤولون ورؤساء وملوك وأمراء يرتدي كل منهم بدلة ثلاثة اجزاء وكرفاتة ونظارة الشمس ولا صوت يسمع سوى المتكلم أو الموسيقى ولا شيء يتحرك دون أمر.
أما الجزء الثاني في رام الله فكان يتسم بالعفوية والفوضى وإطلاق النار في الهواء وعجز رجال السلطة في فرض النظام على الجمهور الغفير الذي تدفق الى المقاطعة منذ ساعات الصباح وانتظر هبوط رئيسه تحت أشعة الشمس وهو صائم. وبلغت حالة الفوضى واكتظاظ الناس درجة ان طائرتي الهيلكوبتر المصريتين التي نقلت نعش عرفات والوفد المرافق له لم تتمكنا لمدة عشرين دقيقة حتى من فتح الأبواب وانزالها للأرض لتتكمن الشخصيات من النزول منها ومن انزال النعش. وبعد ان يئس المسؤولون من الذهاب بالنعش الى القبر تم نقل النعش على سقف سيارة خاصة مع بعض المسلحين وهي تشق طريقها بصعوبة في البحر الانسانى الهائج وانتهى الأمر بالشيح التميمي الذي كاد الناس يدفعون به الى داخل القبر وهو يحاول قراءة الفاتحة على روح الرئيس الفقيد.
كنت اشاهد هذا المشهد بجزأيه – الأول في القاهرة والثاني في رام الله – محاولا المقارنة بينهما وفيما يلي ملاحظاتي:
1. ما شاهدناه في القاهرة كان من صنع الأنظمة, المبنية على فرض النظام – نظام الحكم والنظام العام – على الشعوب بينما كان المشهد في رام الله من صنع شعب لا يعلم ما هو نظام وخاصة ما هو "نظام عربي".
2. مشاهد الفوضى في رام الله هي النتيجة الحتمية لحالة الفوضى التي سلّطها عرفات على الفلسطينيين باسلوبه الفوضوي الخاص الذي انتهجه في ادارة شؤون السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها قبل عقد من السنين.
3. لا شك عندي في ان الناس في رام الله كانوا يعبرون بدموعهم عن مشاعرهم النابعة من صميم القلب الجماعي والفردي حيال رئيسهم المحبوب خاصة وأنه لم يخلف وراءه شخصية تحظى بنفس المشاعر الشعبية الحقيقية, بينما لم أر أي دمعة أسيلت في القاهرة ولو بصورة بروتوكولية.
4. لو انتقل جميع الرؤساء والملوك والأمراء الذين كانوا في القاهرة في آن واحد الى رحمته تعالى وتُركت لشعوبهم حرية الاشتراك في جنازتهم الجماعية لما وصل لتشييعهم ربع عدد الناس الذين اكتظوا من تلقاء أنفسهم في مقاطعة رام الله لتشييع جنازة عرفات وحده.
5. تساورني الخشية بان الرؤساء والملوك والأمراء الذين جاؤوا الى القاهرة لمرافقة عرفات في رحلته الدولية الأخيرة حضروا في حقيقة الأمر للتأكد من وفاتة النهائية لأنهم يعلمون جيدا أن عرفات كان بخلافهم قائدا وزعيما ورئيسا حقيقيا بل والدا محبوبا عند أكثرية الفلسطينيين بينما لا يعلم إلا الله وحده ما هي نسبة التأييد الحقيقية لرؤساء ال-99% وملوك ال-100%.
6. الفلسطينيون الذين تذرف الدموع على وجوههم اليوم هم نفس الشعب الذي نفخ عرفات فيهم حلم العودة والقدس وإزالة المستوطنات وربما إزالة اسرائيل كليًا من أرض فلسطين, ودموعهم اليوم تعبر عن الخشية من تحطم الحلم على أرض الواقع, وان الجبل الاسرائيلي لن تهزه ريح مهما قويت.

وبعد هذه الملاحظات اتساءل: هل يتمكن أي من الفلسطينيين من ان يقود شعبه قدما الى هدف واقعي تاركين وراء ظهرهم شظايا الحلم, منفتحي الأعين أمام الواقع المحلي والأقليمي والدولي؟ هل يتمكنون جميعا من التخلص من حالة الفوضى التي غرس عرفات في نفوس شعبه وفي دهاليز سلطته؟ هل يستطيع الشعب الفلسطيني استبدال الزي العسكري والكوفية التقليدية ببدلة مدنية وكرفاتة معاصرة دون فقدان الروح الفلسطينية؟ هل يتمكن جيراني الفلسطينيون من التحول الى جسم سياسي مخطط ومنظم ومرتب ومنضبط مثلما شاهدناه في القاهرة دون ان يفقدوا العفوية الشعبية والتلقائية الصحيحة والحيوية الحقة التي ظهرت جلية ً في رام الله؟

مردخاي كيدار – قسم الدراسات العربية, جامعة بار-إيلان, اسرائيل
[email protected]



#مردخاي_كيدار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة في الوطن العربي وجودتها – أرخص بضاعة في العالم. لماذا ...
- رسالة مفتوحة الى اللاجئين الفلسطينيين عن النظرة الاسرائيلية ...


المزيد.....




- بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل
- جهود عربية لوقف حرب إسرائيل على غزة
- -عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم- مر ...
- شاهد.. سيارة طائرة تنفذ أول رحلة ركاب لها
- -حماس-: لم نصدر أي تصريح لا باسمنا ولا منسوبٍ لمصادر في الحر ...
- متحف -مرآب المهام الخاصة- يعرض سيارات قادة روسيا في مختلف مر ...
- البيت الأبيض: رصيف غزة العائم سيكون جاهزا خلال 3 أسابيع
- مباحثات قطرية أميركية بشأن إنهاء حرب غزة وتعزيز استقرار أفغا ...
- قصف إسرائيلي يدمر منزلا شرقي رفح ويحيله إلى كومة ركام
- -قناع بلون السماء- للروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي تفوز ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مردخاي كيدار - نعش عرفات بين نظام القاهرة وعفوية رام الله