أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديان حمداش - إيران والثورات العربية















المزيد.....

إيران والثورات العربية


وديان حمداش

الحوار المتمدن-العدد: 3406 - 2011 / 6 / 24 - 09:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وأخيرا أصبح للشعب العربي صوت يسمع، صوت عندما توحد هز عروش المفسدين وألقى بهم في مزبلة التاريخ. لقد نفخت روح الثورة في جسد الإنسان العربي لتحييه من جديد، تحيي هيبته وكرامته وتذكره بمجده وتاريخه العتيق. شعوب لا تهاب الموت ولا تهاب الرصاص، شعوب واجهت الموت بصدورعارية في سبيل تحرير بلدانهم من استعمار داخلي من ذوي جلداتهم، آملين في غذ أفضل ينهي مرحلة طويلة من الظلم والقهر والإستعباد ويؤسس لمرحلة جديدة من الحرية والكرامة والديمقراطية. لكن هل سيتحقق هذا الحلم العربي بولادة شرق أوسط جديد من رحم هذه الثورات قائم على الديمقراطية وإحترام حقوق الانسان والمساواة بغض النظر عن الدين أوالعرق أو الجنس، أم أنها ستسلب كغيرها من الثورات التي صنعها الشرفاء وورثها الجبناء؟ الحقيقة أن مشروع السلب قد بدأ بالفعل، والبداية كانت بتغيير أسماء هذه الثورات، فإيران لم يعجبها إسم ثورة الياسمين ولا ثورة النيل ولا ثورة الغضب، فقررت أن تأسلم هذه الأسماء فاختارت "الصحوه الإسلامية" كعنوان شامل لثوراتنا العربية. أو كما سماها رامين مهمانبرست (المتحدث باسم وزارة الخارجية) "موجة اليقظة الإسلامية". أما آية الله خامنئي فقد صرح بشكل علني وبافتخاربأن "الشعب التونسي شعب مسلم وأنه بمجرد أن هرب بن علي من تونس ارتفعت وتيرة إرتداء الحجاب لدى الفتيات التونسيات" وبأن العالم الإسلامي يتغير لصالح الشعوب في المنطقة لانها ثورات شعبية بروح إسلامية.
من المعروف أن علاقة الولايات المتحدة بالعالم الإسلامي تأثرت بشكل كبير بعد الحرب على العراق وانهيار عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية. هذا الإستياء العربي أعطى فرصة هامة لطهران كي تبسط نفوذها بالمنطقة حتى أصبحت الدولة الفارسية تختار أسماء ثوراتنا العربية بل تجر بها الى "محور الممانعة" لزرع المزيد من الحقد في صفوف أبناء الوطن الواحد وجعل وطننا العربي معزولا عن العالم. فإيران التي زجت بآلاف المتظاهرين في السجون وقتلت المئات من أبنائها في الثورة الخضراء - لمجرد أنهم نادوا بالديمقراطية وتغيير نظام أصحاب العمائم—تأتي اليوم لتعلم العرب قيم الثورة وأصول الديمقراطية وحقوق الإنسان. إيران التي إحتلت المرتبة الأولى في عدد الأحكام بالإعدامات في العالم والتي لازالت تحكم بإقامة الحد بوضع عقوبات قاسية على "جرائم بلا ضحايا" مثل الزنا، المثلية الجنسية، وإعدام القاصرين تحت عمر 18 سنة وغيرها من العقوبات التي تنتهك المعايير الدولية لحقوق الإنسان. فدموية الثورة الإيرانية لم يسبق لها مثيل في المنطقة، والتاريخ يشهد على الإعدامات اللامحدودة للسجناء السياسيين وكبار الجنرالات و المسؤولين، إضافة الى حوادث قتل وخطف متفرقة لإزالة خطر أي إنقلاب يهدد نظام العمائم. فقد شهد التاريخ كيف أجرى قضاة الثورة من أمثال "صادق الخلخالي" محاكمات موجزة إفتقرت إلى الشفافية وحس العدالة، فآلالاف أعدموا بدون محاكمة وأمير عباس هويدا( رئيس الوزراء الأسبق لإيران) كان واحدا من بين الآلاف. أما الديمقراطية التي رفع شعارها شباب الثورة العربية، فهي لا توجد في قاموس الخميني الذي حذرالشعب الإيراني بشكل علني من داء "الديمقراطية " لأنها من وجهة نظره " مفهوم غربي". لهذا لم يكتمل العام على الثورة الإيرانية حتى بدأ قمع أحزاب المعارضة المتمثلة في (حزب الشعب الجمهوري ومجاهدي خلق وفدائي خلق وحزب تودة الشيوعي) والزج برموزها في السجن، وأغلقت الجامعات التي إعتبرت معاقل لليسار(مارس 1980) لمدة سنتين، كما تم إغلاق عشرات الصحف المعارضة لنظام الحكم. وقد علق الخميني على الإحتجاجات المناهضة لمثل هذه القررات والتجاوزات قائلا "كنا نظن أننا نتعامل مع بشر، من الواضح أن الأمر ليس كذلك"!

فالخميني كان بارعا والحق يقال في استخدام أسلوب التكفير للتخلص من معارضيه، فعندما خرج قادة حزب الجبهة الوطنية إلى التظاهر (منتصف 1981) ضد القصاص، هددهم بالإعدام بتهمة الردة "إذا لم يتوبوا". وتعد منظمة مجاهدي خلق من أهم المنظمات المعارضة للحكم الثيوقراطي في إيران، حيث تعتمد على الكفاح المسلح. ولتصفية أعضائها تم الهجوم على مراكزها الإجتماعيه وقتل عدد لايستهان به من اليساريين الذين يديرون نشاطهم في الخفاء. أما عن إضطهاد الأقليات فحدث ولاحرج، خاصة عندما يتعلق الأمر بأتباع المذهب البهائي، الذي أعلنت إيران أنه بدعة فأعدمت المئات وزجت بآخرين في السجن، كما حرم الآلاف منهم من فرص العمل والمعاشات التقاعدية، وفرص التعليم. فبالرغم من أن الدستور الإيراني (المادة 13) يمنح االأقليات حق الحماية، إلا ان مصطلح الأقليات له مفهوم خاص لدى نظام الملالي فهم "المسيحيون واليهود والزرادشت" أما السنة العرب فهم لايعتبرون أقليات بل " ذوو اللسان". هذا هو النظام الإيراني الذي يعطينا دروسا في الديمقراطية واحترام حقوق الانسان، النظام الذي قمع أحواز العرب المسلمين في عبدان والبسيتين وخوزستان والمحمرة ،لا ذنب لهم سوى أنهم – ذوو اللسان.

هذه هي الجمهورية الإيرانية التي تدرسنا مناهج الديمقراطية، دولة تحكمها ولاية الفقيه ويسودها فكر تقبيل العمائم للحفاظ على الكراسي مادامت الشرعية لا تأخذ من الشعب. حتى أمل الشعب الإيراني في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد تبخر عندما رفضت طهران قرار تعيين مقر خاص لحقوق الإنسان على أراضيها، بحجة أن القرار "سياسي بحت وغير منصف وتم بضغط تام من الولايات المتحدة". أما دولياً فينظر إلى الثورة الإيرانية على أنها المسؤولة عن بدء حقبة الأصولية الخمينية، من حزب الله إلى تنظيم القاعدة إلى الجماعات الجهادية المتنوعة. وعلى المستوى الإقتصادي فما زالت طهران تعتمد على صادرات النفط بشكل أساسي، فدخل الفرد يتقلب مع سعر البراميل! أما على الصعيد الدبلوماسي فقد ساهمت الثورة في عزل إيران عن العالم الغربي بشكل كبير، لكنني أستبعد أن يبقى الأمر كذلك نظرا للتطور التكنولوجي والعولمة (فالفيس بوك واليوتوب سيسقط قريبا ورقة التوت التي تستر عورة هذا النظام القمعي الظالم لشعبه المقهور.
وأخيرا أقول، لست أدري حقيقة ما الذي يمكن أن تستفاذ منه الثورات العربية من نموذج إيران أو من إقامة دويلات ثيوقراطية (دينية) معزولة عن العالم. إن صعود التيارات الإسلامية (أو أي تيار ديني اخر: مسيحي أو يهودي) يهدد الوحدة الوطنية ويساعد على ولادة صراع طائفي بغيض أخذ بالفعل يلف المنطقة، ليس في البحرين فقط (الهدف الرئيسي لإيران: خاصة بعد التهديد الإيراني العلني باحتلال أراضيها) وإنما في المنطقة بأكملها. فالدولة الدينية عُرفت في العصور الوسطى بـ"عصور الظلام" في أوروبا، عندما أوهمت الكنيسة الشعوب بأن الحاكم هو ظل الله في الأرض، وهو الناطق باسم الذات الإلهية، فلا يجوز عصيان أوامره ولا يجوز مناقشتها (لاتجادل ولاتناقش!)، فمن يعارض النظام في الدولة الدينية فهو كافر لأنه يعمل ضد مشيئة الله. إن الحديث عن نجاح الثورات العربية لن يكتمل إلا بالتأسيس الفعلي لمفهوم الدولة المدنية التي لا يصادر فيها حق أي أحد، ولا يكون للإنتماء الديني أو المذهبي أي تأثير. حان الوقت كي يستوعب الشعب العربي المتعطش للحرية والديمقراطية دروس التاريخ ويؤسس نظاما ديمقراطيا يكون فيه مصدر كل السلطات ومرجعيتها النهائية. دولة مدنية تقتضي الحفاظ على حرية الجميع في المشاركة السياسية وتحث على العدل والمساواة بين أبناء الوطن الواحد ولا تزرع فلسفة (نحن وهم: نحن مسلمون وهم مسيحيون أو يهود، نحن شيعة وهم سنة) فعروبتنا واحدة ووطننا واحد مزروع في قلوبنا أبد الآبدين، وفي الإتحاد قوة فاستوعبوا الدرس إن كنتم وطنيين. فالضمان الوحيد لعدم الإنزلاق إلى النموذج الطالباني أو الإيراني يتحقق بإلتزام جميع الأطياف السياسية بالعالم العربي (ومنها الإسلامية) بالثوابت التي تجمع أبناء الوطن الواحد، كما هو الشأن في تركيا.



#وديان_حمداش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مصر وروسيا.. تعزيز الشراكة إقليميا ودوليا
- الوحيدة في أوروبا.. 3 قرود ذهبية قادمة من الصين تحط الرحال ف ...
- عاشت 103 أعوام - وفاة مارغوت فريدلاندر الناجية من المحرقة ال ...
- ميرتس يطالب ترامب بإلغاء الرسوم الجمركية وجعلها -صفرية-
- روسيا ومصر.. شراكة بالنصر على النازية
- بيسكوف: لم يناقش بوتين والسيسي الملف الأوكراني
- معهد البحوث الفلكية في مصر: لا نتدخل في تحديد توقيت عيد الأض ...
- بيسكوف: روسيا ممتنة لترامب على جهود التسوية السلمية في أوكرا ...
- وكالة: مدن في البنجاب وراجستان تتعرض لهجمات بمسيرات جوية
- حوار عسكري مصري تركي رفيع المستوى في أنقرة


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديان حمداش - إيران والثورات العربية