أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - حداثة متجددة لا عثمانية جديدة














المزيد.....

حداثة متجددة لا عثمانية جديدة


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3403 - 2011 / 6 / 21 - 22:34
المحور: المجتمع المدني
    



قد لا يُحسب النموذج التركي في الحكم الراهن، والسلطة التي كرّست نهجا جديدا، عماده هذا التوجه الجديد للمجموعة الحاكمة، المعبرة عن رأسمالية البرجوازية القومية التركية؛ كونه "إسلاميا"، بقدر ما يقترح هو ذاته، كونه نتاج وضع إجتماعي/ طبقي، وسياسي/ ديمقراطي ينتمي إلى عالم الحداثة السياسية والمجتمعية، فالنظام السياسي القائم في تركيا اليوم، وهو يعلن طلاقه البائن مع مركز الانقلابات العسكرية وفترتها الذهبية، وما حملته من هيمنة عسكرية وبوليسية عميقة، هذا النظام ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج تحولات إجتماعية وطبقية قرّت واستقرّت داخل المجتمع التركي، منذ آلت السلطة السياسية والمجتمعية على نفسها أن تتحول إلى سلطة فعلية، بفعل المآلات الديمقراطية والتحولات المجتمعية المساندة، ومنذ آلت البرجوازية التركية كرأسمالية دولة، وانطلاقا من مصالحها القومية الخاصة على نفسها، أن تتحول هي الأخرى إلى قائدة لذاك التحول السلطوي، بدل أن تُقاد إليه عبر قوى أخرى.

لم يكن "حزب العدالة والتنمية" منذ صعوده إلى السلطة في العام 2003، ليغرق نفسه في أيديولوجيا تديّن إسلاموي، وهو الذي لم يعتمدها بالأصل بشكل مطلق كأيديولوجية صعود إلى السلطة، وكمسار انتهازي قلبا وقالبا، على ما يفعل إسلامويونا. فلو كان حزب أردوغان – غول، قد اعتمد شعارات تقليدية من قبيل "الإسلام هو الحل"، لما رأى من ثمار السلطة ما استطاع قطفه حتى الآن، ولما استمر وتواصل كحزب وسطي معتدل نسبيا، على الرغم من عدم اقترابه بشكل كاف من معالجات سياسية للمسألة الكردية، وهو الأكثر تمثيلا لبرجوازية الرأسمالية التركية القومية، التي عرفت كيف توظف أو تستثمر جهودها وجهود آخرين، من طبقات إجتماعية حليفة، لمواجهة مصالح المهيمنين على المؤسسة العسكرية وقوى طبقية ارتبطت بها في الداخل، وأقامت علاقات تجارية واقتصادية مع قوى الهيمنة الدولية في الخارج.

لقد أثبت النموذج التركي لفترة ما بعد العسكر، قدرته على الانتقال بتركيا "الرجل المريض" إقتصاديا، والمحكومة بقبضة العسكر وحكوماتهم السياسية الأكثر تبعية وموالاة لسياسة الجنرالات، إلى كونها الدولة الإقليمية الحديثة مدنيا وسياسيا، التي وازنت بين مصالحها ومصالح قوى الهيمنة الغربية، فلم تنزلق إلى مواقع تبعية شبه مطلقة أو عمياء، وعلى كافة الصعد السياسية والاقتصادية أو العسكرية، بل حافظت على مسافة كافية بين واجباتها ضمن تحالفها الأطلسي، وحقوقها في استخدام سيادتها القومية في مصلحة شعبها ودولته كدولة ديمقراطية، وقفت موقفا رافضا لاستخدام الولايات المتحدة وتحالفها الأطلسي قواعدهم العسكرية في أراضيها للمشاركة في احتلال العراق.

ليست عثمانية جديدة، ولا هم العثمانيون الجدد، إنها تركيا الحديثة التي تقارب عصرها بغنى متزايد في تنوعها الحضاري، وبالمزيد من تمتين وحدة مكوناتها المتعددة، والتقدم ولكن ببطء نحو الاعتراف بالحقوق القومية والطبقية لكل تلك المكونات، ومن ضمنها المكون الكردي؛ فكان كل ذلك وإن كان لم يزل ناقصا، كفيلا بإحداث تلك النقلة التي لا يمكن مضاهاتها بأي نقلة أخرى، في زمن قصير كزماننا هذا، فقد اكتشفت تركيا الحديثة دروب حداثتها الخاصة وأوغلت فيها، واستنبطت ما يلائم مجتمعها ودولتها وقواها المنتجة، فكانت نموذجا لتجربة لها وليس لسواها، إنها الحداثة بأصفى تجلياتها الخاصة وبنكهة تركية مميزة، محايثة ومعاصرة، وليس استنادا إلى ماضيها العثماني أو غيره من إرث وتراث العسكر والدولة العميقة، وإن جرى الاحتفاظ منها بالعلمانية كمتلازمة لا يمكن للديمقراطية أن تستقيم من دونها.

أما نحن، فنحن لسنا كمثلهم، كما أنهم ليسوا كمثلنا. ويخطئ الذين يظنون أن التديّن يمكن له أن يكون هدف وغاية السياسة، أو يمكنه أن يسهم في إيجاد حلول ناجعة لمشكلات مجتمع أو دولة. ولئن لم تكن الحداثة الأوروبية نتاج أي مرجعيات دينية، كذلك فإن حداثاتنا الراهنة لن تنجح إذا ما استندت أو جرى إسنادها إلى مرجعيات دينية؛ نصية أو دعوية أو تراثية، على ما يأمل بعض من يجري توصيفهم بـ "متقدمي" التيارات الدينية المعتدلة. لذلك لن يكون "إسلامنا هو الحل" كما لم يكن "إسلامهم هو الحل". الحل كان في خيارات التنوير والحداثة التي آمنت بها قطاعات واسعة من الناس، من كل الطبقات والاتجاهات والتوجهات، هذه القطاعات هي التي شكلت الحل من مزيج الأفكار والمفاهيم الحداثية، السياسية الطابع، التي أسست لمجتمع مدني ولعقد قانوني إجتماعي وسياسي، شكل الجدار الصلب للديمقراطية التي تطورت وطوّرت معها مفاهيم عصرية، أضحى من الاستحالة القفز عنها وتخطيها ثانية، على ما فعل العسكر يوما، وعلى ما فعلت ويمكن أن تفعل قوى أوغلت في تديّنها الخاص، حتى باتت ناضجة للسقوط إن لم يكن في أحضان العسكر، ففي أحضان قوى الهيمنة الدولية.

إن مخاطبة المصالح ومخاطبة المشاعر والأحاسيس ليسا شيئا واحدا، على ما يعتقد البعض في زماننا هذا، حيث تجري بعض القوى الدينية خصوصا، مقاربتها للمصالح بانتهازية منقطعة النظير، على أن الانتهازية السياسية كما تتجلى اليوم، فهي المصلحة المباشرة للوصول إلى الهدف السلطوي الأوحد، ولو عبر خلط الحابل بالنابل؛ حابل السياسي بنابل الديني، وهو ديدن "إخواننا الدينيين" و"سلفيي" الموجة المتجددة في الجانبين الإسلامي والقبطي في مصر المحروسة اليوم؛ بعد أن أتاحت "ثورة 25 يناير" لهم حرية التنفّس والتعبير، بعد كبت وحرمان نظام الطغيان الاستبدادي، وهم يحاولون إعادة إنتاجه بزعامتهم، بعد تغيير يافطاته وشعاراته. فأين هؤلاء وأولئك من النموذج التركي؟ وأين النموذج التركي من تلك النسخ الكربونية لاستبداد الديني الساعي لوراثة الاستبداد السياسي قسرا وبالإكراه والغلبة مرة جديدة؟.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في شأن الطبيعة العفوية للثورات الشعبية
- بناء الدولة وسط ركام التحولات
- حطابات لفظية ضيّعت فلسطينية الدولة
- المجتمع الجديد والمواطنة
- ربيعنا الديمقراطي وحلم النهضة المؤجل
- الهوية لا يصنعها الطغاة
- اي مصالحة في ظل نظام إشكالي؟
- سلطويات مانعة للمواطنة
- الإصلاح الشامل كمسألة وجودية
- سلطويات الذات الاغترابية ونزعتها النيرونية
- آلام التغيير وثقل الستاتيك الفلسطيني
- فجر ليبيا وغروب الأوديسة
- في تعددية ولا معيارية الثورات الديمقراطية
- ليبيا الحرة دولة مدنية حديثة
- دولة الحل المرحلي: دويلة منزوعة السيادة
- روح التغيير وبدء الإنفراج التاريخي
- محفزات احتضان السياسة.. وصناعتها
- فات أوان الإصلاح.. هبت رياح التغيير
- في التغوّل السلطوي اللاغي للتعددية
- الدمقرطة العربية: إعادة تفكير أم اتجاه نحو ثورات التغيير؟


المزيد.....




- هيئة الأسرى: إدارة سجن عوفر تتعامل مع الأسرى بدون ضوابط
- -ندوب تستمر مدى الحياة-.. أزمات نفسية تطارد المدنيين وعمال ا ...
- الأمم المتحدة: لا بديل لمعابر غزة البرية لإدخال المساعدات ال ...
- -الأغذية العالمي- يفرغ حمولة أول سفينة مساعدات تصل رصيف غزة ...
- انتهاكات بالجملة تجاه الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.. ...
- إدارة معتقل -ريمون- تتجاهل متابعة أوضاع المعتقلين المرضى
- -الأغذية العالمي- يفرغ حمولة أول سفينة مساعدات تصل رصيف غزة ...
- اجتماع للمجموعة العربية في الأمم المتحدة لحشد التأييد الدولي ...
- أم كينية تسابق الزمن لإنقاذ ابنها من الإعدام في السعودية
- الأمم المتحدة ترفع الصوت: -لم يبق شيء لتوزيعه في غزة-


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ماجد الشيخ - حداثة متجددة لا عثمانية جديدة