أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف عبدي - حكايا تكتبها الغربة 2














المزيد.....

حكايا تكتبها الغربة 2


يوسف عبدي

الحوار المتمدن-العدد: 3402 - 2011 / 6 / 20 - 20:51
المحور: الادب والفن
    


حكايا تكتبها الغربة

2 . حكاية رجل الظلّ...

يوسف عبدي
حَكًمَ التاريخ أن تمرَّ الحدود شمال قريته، لتنضمَّ كغيرها إلى الجزء الجنوبي... وهنالك استمرت ثقافة الظلّ...!!.
ومنذ ذلك الزمن اكتنف شعبه ظلَّ دولةٍ جديدة دون اختياره لشيءٍ منها... كما امتدَّت ظلال الآغوات حتى بعد زوالهم... واخترقت النفوس في ذلك القسم الصغير من الوطن المشتت.. فأمسى أجداده على قناعة بأنَّ ظلَّ الدولة والآغا يشملهم ودونه هم تائهون...!!.
ربما تكون حرارة بلادهم اللاهبة وشمسها اللاسعة قد رسخت فيهم الاحتماء بالظل...!!؟.
أبعد ما تتمكن ذاكرته من بلوغها: صورة ٌغير واضحة لأمه التي رحلت وهو صغير دون أن يعيش في ظلها، فكان ظلُّ والده ملجأه التالي رغم كل ما فيه من تحجّر وتسلّط ورجعية..!.
آواهُ ظلُّ والده حتى أضحى شاباً... وانهالت عليه أشلاء الأحزاب بعروضها حتى فاز أحدها بعضويته.. فبحث عن ظلٍّ جديد في الحزب الجديد، ولا أنعش وأمتن من ظلّ أمينه العام، لاسيما أفكاره المبدعة، ونظرياته السابقة لعصره.. كان يشعر بالقوة وهو يكرر ما ينظّره قائد الحزب من تنبؤات: كنبوءته بحرب المياه التي ستحل مكان حرب البترول، حتى أيقن بأن هذا هو ظله النهائي الذي سيحميه من تخلف والده وجيرانه، ويحرره.. كما يحرر شعوباً أخرى قدّم الأمين العام رجاله قرابين لها..!.
تأثرَ بأحد الفنانين الثائرين, فتظللت أحاسيسه بكلماته وألحانه، وتعدى الأمر حتى قلّده في هيئته ولحيته.. وصارت أغانيه ظلاً فنياً وأدبياً يحتمي به..!.
إلى جانب كل تلك الظلال, اخترق ظلٌّ ليس ككل الظلال حياته.. زوجته التي نصبت نفسها ظلاً يطغي على ما سبقه من ظلال... فنزعته من نقاء قريته, ليستقرّ معها في مستنقع العاصمة... فيعمل كناساً، عاملاً، بواباً.. كي يرضي عنجهية ظلها وغباء تدبيرها..!.
وتوالى النسل حتى بلغ أربعاً, وظلَّ ظلُّ زوجته من دونه يحيط بهم.. إلى أن تفتق ذهنها بالسفر إلى بلاد الغنى والسعادة..!!.
أعجبته الفكرة، على الأقل ستنتهي حياة المشقة والذلّ... هنالك في تلك البلاد البعيدة حيث لا شمس ولا ظلال..
لم يدرك يوماً أنه أمضى عمره يعيش في الظل وتحت الظلال.. ولم يرغب يوماً أن يكون له ظلّ يظلل الآخرين.. ورغم ذلك فإن السفر إلى ما وراء البحار لم يذكّره سوى بالظل وعدمه!.
وفي البلاد البعيدة قيّدته ظلال الغربة والانطواء.. طوال تلك السنوات كانت الظلال المادية تكبّله، تخنقه.. لم يحس بها... أما الآن فالظلال غير محسوسة ولكنها أصابته في الصميم..
إنها أمسية العشرين من آذار... الصالة تختنق بالناس... الكل جاء ليحتفل بالعيد.. كذلك هو..!.
ألقى الأمين العام خطاباً بطولياً، جعله يتقزز من نفسه حين كان يتظلل بظله... وأعتلى ظله الفني المسرح ليشدو بالثورة ويغني للجبال... هرعت زوجته كالآخرين لتتصور مع المغني، فاكتملت أمام عينيه لوحة لن تتكرر بعد الآن..!!.
أعاد شريط حياته في لحظات.. شيءٌ مختلف سرى في تفكيره، فأدرك مسائل خفية واجتهد في حلها...
بقاءه الأبدي في هذه البلاد خلّصه من ظل وطنه اللاوطن.. ودورة الحياة أفقدت والده الظل القديم.... غداً سينزع لحيته الفنية لينهي ظل الفنان... وأما الأمين العام فظله معدوم لأنه صار مظللاً بآخرين...!!.
لتبقى زوجته وظلها.. مسألة ًدون حلّ...!!؟.



#يوسف_عبدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف عبدي - حكايا تكتبها الغربة 2