أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سربست نبي - في مفهوم( الدولة المدنية !!!)














المزيد.....

في مفهوم( الدولة المدنية !!!)


سربست نبي

الحوار المتمدن-العدد: 3388 - 2011 / 6 / 6 - 02:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في مفهوم( الدولة المدنية !!!)
د. سربست نبي
إذا أردت أن تميّع مفهوماً, أو تشوّهه وتتحايل عليه, وتخلق بلبلة عنه, وتصرف الأذهان في المحصلة, يكفي أن تطلق عليه تسميات أخرى لتزيده غموضاً ولبساً, وتخترع له ألقاباً وأوصافاً ....الخ
في العرف العقلي الأرسطي( الموجود لا يعرّف, فإن عرّفته زاد غموضاً) والحال أن هذه القاعدة تصح على الموجودات الاعتبارية والمادية والمعنوية جميعها. ولا تشذّ الدولة ككيان عن تلك. فالدولة وجدت أصلاً كي تكون سياسية تستمّد شرعيتها من أساس اجتماعي مدني. إذ لم يشهد تاريخ الدول, بالمعنى الحديث, من قبل دولة غير سياسية, سوى تلك الإمارات والممالك والإمبراطوريات الغابرة, التي كانت تمثل سلطة إقطاع عسكري أو سواه. ولهذا لم تكن تشكل دولاً بالمعنى الحديث لمفهوم الدولة. ومن الخطأ, من وجهة نظر علوم السياسة والفكر, عدّها دولاً في الأصل والطبيعة. لاعتبارات عديدة, منها غياب فضاء سياسي عام ومشترك. واختزال السياسي فيما هو اجتماعي, وعدم التمييز بين المجالين. من هنا لم تكن دولاً سياسية, ولا حتى مدنية. إنما في أحسن الأحوال كانت مجرد سلطة إقطاع عسكري.
لا يصح التمييّز بين ماهو(مدني) و( غير مدني) من الناحية المنهاجية إلا حينما يتعلق الأمر بالسلطة. فالسلطة السياسية هي عادة ما يستخدم بشأنها مصطلح ( السلطة المدنية) أو( السلطة العسكرية)...الخ. ومن النافل الحديث عن الدولة السياسية بوصفها دولة مدنية, لأن الدولة لا تكون أصلاً ما لم تتأسس على مجتمع( مدني) فهذا التأسيس من مبررات وجودها وشرط له. ولا يمكن أن تكون هناك دولة سياسية حديثة من دون مجتمع مدني حيّ. وهذا التعريف للدولة بصفتها سياسية, وللمجتمع بصفته(مدنياً) له جذره الفكريّ العميق وتأسيسه النظريّ اللذين يحولان دون الخلط بينهما بأيّ اعتبار.
لقد انتبه الآباء الأوائل للفكر السياسي الحديث, والمؤسسون لنظرية الدولة والمجتمع المدني, إلى هذا الجانب. فقد استخدموا طوال قرنين منذ زمن الفيلسوف الإنكليزي( توماس هوبز) مصطلح الاجتماع/المجتمع( المدني) و( الكومنويلث) والدولة للإشارة إلى النموذج الجديد للاجتماع الإنساني بمواجهة الأشكال السابقة للاجتماع المدني وبخاصة ( الاجتماع الطبيعي) كما افترضوا, قبل أن يصبح المجتمع المدني حيّزاً مستقلاً عن الحياة السياسية, ويغدو كل ماهو ليس من الدولة اجتماعياً. ويُنجز الاستقلال التامّ بين المجالين السياسي والاجتماعي( المدني) مع ظهور النظرية الليبرالية. لقد ساد هذا التصور الأولي لدى (هوبز) و( جون لوك) وآخرين. والقول بالمجتمع المدني كان يعني الدولة في ذات الوقت لديهم, ويراد به المجتمع السياسي المنظم المنبثق من المجتمع البشري, لا من مصدر ديني مفارق. وكانت السياسة, لدى هؤلاء, مدنية ودنيوية غير مقدسة, وليست شأناً لاهوتياً, كما كان الحال لدى فلاسفة العصر الوسيط مثل (القديس أوغسطين) و( توما الأكويني). بهذه الدلالة استخدم هؤلاء صفة( مدني) ليس إلا.
في المرحلة التالية من تطور الفكر السياسي الحديث حيث تم التمييز والإقرار بالفصل العلائقي بين المجالين, مع مفكرين أمثال( آدم سميث) و( آدم فيرغسون) و( ستيوارت مل) و( توكفيل) وغيرهم. صار الحديث عن الدولة بصفتها كياناً (سياسياً) والمجتمع بصفته كياناً( مدنياً) مستقلاً تماماً عن المجال السياسي ومجرداً منه, مثلما ليس للدولة من علاقة بالحياة ( المدنية) إلا حينما ترتد إليها لتبرر شرعية وجودها. وعلى العكس من ذلك بات التأكيد على ضرورة حماية هذا( المجال الخاص) أو( المدني) يستدعي أكثر فأكثر تعزيز التدابير الاحترازية ذات الطابع الوقائي التي تحول دون تعسف السلطة السياسية وتقييد تدخلها في الحياة( المدنية) جزءاً لا يتجزأ من التصور الحديث والمعاصر للدولة السياسية.
خلاصة القول, الحديث عن الدولة المدنية أشبه مايكون بالثرثرة الفارغة عن الماء (السائل) على أنه سائل. ففيه من اللغو والتضليل والخلط ما يثير الارتياب العميق. وهذا الاختراع النظري غير الموفق لا يمكن أن ينسب إلا للمعارضات العربية عموماً, والإسلامية السورية بوجه خاص. فقد أتت به في سياق التغييرات التي تعصف بالمنطقة, وشاءت عبر طرحه القفز على مطلب علمانية الدولة, كشرط لتحديث السلطة وتحوّلها إلى سلطة سياسية ديمقراطية, وتمكنت من إقناع أنصاف الليبراليين وأشباه الديمقراطيين بأهمية هذا الاختراع العروبي- الإسلاموي الوحيد في هذا العصر. إنها تتحين, من وراء هذا المفهوم الزائف, احتواء التغيير الديمقراطي الحقيقي والملح وليّ عنقه نحو فخّ المفاهيم الأيديولوجية الفضفاضة كي تنقضّ عليه تالياً وتنسفه بترسانتها الأيديولوجية التكفيرية. ذلك أنها حتى هذه البرهة لا تسلّم بضرورة تحديث الدولة ولا تؤمن بدمقرطتها إلا مواربة. كما لا يمكنها قط أن تعلن بصراحة إن شرعية الدولة وشرعية كل سلطة سياسية هي دنيوبة وإنسانية, وليست سماوية مفارقة, طالما أنها لا تزال على اعتقادها العتيق بمفهوم( الحاكمية) و أن الإسلام دين ودنيا. إن كل فكر سياسي ديني يتعارض مع تحديث الدولة ودمَقرَطة النظام السياسي, لأنه يتعارض في الأصل مع القول بالمصدر الدنيوي- البشري للسلطة وشرعيتها. والسلطة والأيديولوجية الدينيتان ترفضان النظر إلى رعايا الدولة على قاعدة المساواة في المواطنة, وفي الحقوق الطبيعية التي تفرضها الطبيعة البشرية. من هنا يغدو الحديث عن دمقرطة الدولة وتعدديتها من دون إعلان ضرورة عَلمَنَتها لغواً فارغاً وتضليلاً سياسياً وخداعاً.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أهلكت 140 مليون إنسان.. لماذا تصنع الدول الكبرى المجاعات الق ...
- جدل في لبنان بعد تصريحات البطريرك الراعي عن سلاح حزب الله
- تونس تشهد أسوأ مراحل الانقلاب
- واشنطن بوست: خلاف حول غزة يطيح بمسؤول إعلامي كبير في الخارجي ...
- الهجوم على مدينة غزة يدخل مرحلته الأولى.. حماس: عملية -عربات ...
- الناتو يبحث ضمانات أمنية لأوكرانيا في -مناقشة صريحة-
- رامافوزا يجري تعديلات على قانون تمويل الأحزاب السياسية
- فيديو منسوب لـ-ظهور مدفع الرعد الكوري في سيناء-.. هذه حقيقته ...
- واشنطن تعاقب 4 مسؤولين في الجنائية الدولية.. والمحكمة تستنكر ...
- رعب في قلب المكسيك... العثور على ستة رجال مقطوعي الرأس في حا ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سربست نبي - في مفهوم( الدولة المدنية !!!)