أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي فارس - محسن اطيمش ...الدهشة والحلم















المزيد.....

محسن اطيمش ...الدهشة والحلم


سامي فارس

الحوار المتمدن-العدد: 3387 - 2011 / 6 / 6 - 00:35
المحور: الادب والفن
    


"سلاما, سلاما , أنه لم يمت ولم يرقد
لكنه أستيقظ من حلم الحياة ....
أننا نحن الذين أضعنا في العجاج الرؤية
نحتفظ بأوهامنا, كفاحنا اللامجدي"
"بيرسي شيلي"

فقدت الأوساط الثقافية يوم 6/6/1994 أحد ابرز اسماء المشهد الثقافي العراقي , والعربي حيث رحل الشاعر والناقد الكبير الاستاذ الدكتور محسن اطيمش عن عمر لم يبلغ الخمسين , اذ غادر عالمنا وهو في قمة عطائه الأبداعي بعد صراع طويل مع المرض , والدكتور محسن اطيمش من الأسماء المهمة وعلامة بارزة في الادب العراقي والعربي الحديث , تميز بمنهجه النقدي العملي وثباته على مبادئه وافكاره , ويعتبر مؤلفيه " الشاعر العربي الحديث مسرحيا " الذي نال عنه رسالة الماجستير في بغداد و" دير الملاك دراسة نقدية للظواهر الفنية في الشعر العراقي المعاصر" الذي نال عنه رسالة الدكتوراة في القاهرة , من الدراسات المهمة التي كتبت بموسوعية وتقنية عالية المستوى بأسلوب أكاديمي رصين تدل على ثقافته المعرفية , فهو الشاعر المجدد و التجريبي المتمرد على الشكل التقليدي و المرهف الشفاف الغارق بالرمز الدلالي, والناقد الفطن المقتدر المحترف الذي, يمسك بالنص الشعري بوعي وذكاء , فلديه طاقة ابداعية متفردة في النقد اذ يكتب بطريقة الكتاب الغربيين الكبار, بفقدانه فقد الأدب العربي أحد أركان مدرسة نقدية حديثة ذات قيمة ابداعية متجددة , بعد ان ترك بصماته الابداعية ومحبته على امتداد الوطن العربي وقد كتبت عن الدكتور محسن اطيمش العديد من المقالات الوداعية والمراثي والشهادات الرائعة , من قبل العديد من الأدباء والنقاد وابرز رموز الثقافة العربية والعراقية اذ أول من رثاه الدكتور عبد العزيز المقالح من اليمن , وصديقه الاثير وزميله الاستاذ الدكتور الناقد عبد الرضا علي , وصديقه الدكتور علي جعفر العلاق وصديقه القاص والروائي المبدع عبد الستار ناصر ومسرحية "مرايا محسن اطيمش " للمسرحي العراقي الرائع المرحوم كريم جثير , واخيرا كان حاضرا من ضمن شخصيات رواية " نحيب الرافدين " لصديقه العتيق الحميم القاص والروئي الاستاذ عبد الرحمن مجيد الربييعي.
تعرفت على محسن اطيمش من خلال ماينشر له في الصحف و الدوريات الثقافية, وكذلك من خلال كتابه النقدي الشاعر العربي الحديث مسرحيا , و كتابه دير الملاك في اول طبعة عام 1982 وتعرفت عليه شخصيا في عام 1984 عندما كنت طالبا في قسم اللغة العربية في الجامعة المستنصرية اذ كان يدرسنا النقد التطبيقي في السنة المنتهية وكان كتابه دير الملاك هو الكتاب المقرر مما اتاح لي التعرف على محسن اطيمش الاستاذ والشاعر والانسان والصديق عن قرب.
فهو الاستاذ الاكاديمي الملتزم الذي يحترم مهنته ويحرص على توصيل المادة العلمية الى طلابه بأسلوب أكاديمي يميزه عن غيره من الاساتذة التقليديين , اذ كان في قاعة الدرس متواضعا سخيا يبعث روح النقاش والبحث , هو القادر على تحويل قاعة الدرس الى جلسة ادبية.
. كان درس " البحث الخاص " من الدروس المقررة , ويعتبر في تلك الفترة هو بحث التطبيق فكان المشرف علينا محسن اطيمش فطلب مني ان اكتب عن القصة العراقية القصيرة في المعركة , في تلك الفترة كان هذا الموضوع نقديا حساس و صعب للغاية اذ يتفق الجميع على القصة التي كانت تنشر هي القصة التعبوية الانفعالية التي لم تنضج تجربة الحرب فيها بعد ولاتمثل الواقع العراقي المأزوم الرافض للحرب , بأستثناء بعض المحاولات الناضجة الجريئة وهي قليلة جدا , لذلك اعتذرت وطلبت منه ان اغير الموضوع لكنه رفض ذلك وشجعني قائلا لي اكتب ولاتخف, عرفت بعد ذلك ان الذي سيناقش البحث هو الاستاذ الدكتور علي جعفر العلاق الذي كان يدرسنا الادب المقارن والمذاهب الادبية والاستاذ خالد علي مصطفى الذي كان يدرسنا الأدب الحديث, و كنت اعرف علاقتهما العميقة والحميمة مع دكتور محسن مما شجعني ذلك على ان لا أتردد وكتبت البحث بموضوعية نقدية صادقة , وكان سعيدا لماتوصلت اليه .
لم يكن هم محسن اطيمش هما ذاتيا , بل هما وطنيا ,هو الانسان والأديب المبدع القلق على مستقبل بلده , والرافض للزيف ولكل يتذكر ويشهد له موقفه العلني الشجاع عندما أعتلى منصة المربد في عام 1986 اذ كان نقده لاذعا الى الشعراء وهاجم جميع القصائد بلاستثناء , ورفض الانسياق وراء الأعلام الزائف , وكان تأثيره على طلابه ابعد من اجواء الجامعة بل كان يدفع بنا الى الوسط الثقافي لحضور امسيات اتحاد الادباء , ومتابعة الأعمال المسرحية الجادة . وكان يشجعنا على مواصلة الدراسات العليا , وفي نفس الوقت كان يألم كثيراعندما كان يعرف بأننا يجب ان نذهب الى الحرب بعد نهاية الفصل الدراسي وقد لانعود بعدها, فكان يطلب منا التواصل ليطمئن على سلامتنا .
رغم الهم الذي يحمله فهو يمتلك القدرة الجاحظية و النكتة الجميلة اذ كان يبدأ الدرس بمقولة شكسبير الشهيرة " المصائب لاتأتي فرادى ". في يوم ما طرح علينا سؤال في بداية المحاضرة: ماهي فوائد الفصول الاربعة ؟ اختلفت اجابة الطلاب كل حسب تفسيره للسؤال, فكان جوابه : بالنسبه لي فصل الشتاء هذة السنة مختلف اذعثرت اليوم على دينار كان مختبئا في جيب سترتي من العام الماضي فكان بين الدهشة والفرحة , الدهشة كيف انفلت منه هذا الدينار ؟ والفرحة عندما عثر عليه , هذا هو محسن اطيمش الرائع الذي لايجامل , في زمن كان الزيف الادبي يبني قصورا ويعتلي اعلى المناصب , والمثقف الحقيقي يهمش كان عفيفا متواضعا كريما, وهو الذي لايملك سوى اسمه ومحبته في قلوب الجميع كان بهيبة العلماء والمفكرين وجيوب الكادحين. كانت علاقته طيبة ومميزة مع العمال في القسم مع " ابو طارق " الذي كان يعمل صباحا وفي المساء يبيع الكبة في ساحة الطيران لذلك كان ابو طارق يمشي وهو يتثائب او شبه نائم من شدة التعب ومع "ابو راضي " الذي يسكن مدينة الثورة ويعاني من مشكلة السكن والعائلة الكبيرة وخوفه وقلقه على ولده الكبير , في جبهات القتال ,كان يتحدث معهم باستمرار , ويعرف تفاصيل حياتهم الاجتماعية ومعاناتهم , ورغم ذاكرته المتعبة فهو يحفظ حتى أسماء أولادهم .
غادرنا محسن أطيمش في زمن يطحن الشوان والحجر في زمن التسلط واللامعقول كانت الطبقة العالية من المثقفين تعيش ماكان يمر على العراقيين جميعا من التقشف ونقص العلاج, و في رحيله المبكرعلامة استفهام ودهشة , ان هذا المبدع النقي كأنما دخل الى عالمنا بطريق الصدفة جاء لمهمة , عليه ان ينفذها على عجل من امره اعطانا مؤلفيه وأشعاره وكل قطرة حبر فيهما هي قطرة.. قطرة من روحه وحاز على اعلى الشهادات العلمية بأمتياز من عالمنا اللامجدي ثم تركها زاهدا بها وذهب الى عالمه السرمدي الجميل بعد ان ترك في قلوبنا الم الفراق . تعلمنا منه المحبة والسلام و الصدق الادبي اذ كيف يستخضر ويتقمص الناقد روح الشاعر ويعيش معه حالة العذاب والابداع , والموت ليذهب معه الى العالم الاخر فهي حالة صوفية صادقة فريدة من نوعها , فهو لم يذهب وحيدا بل ذهب مع كل احبائه الذين سبقوه كانوا ينظرون اليه من شباك وفيقة في غرفته الحزينة في المستشفى المطلة على دجلة . موته يشبه حالات متعددة من الشعراء الذين تناول نصوصهم الابداعية , واقربهم صورة اليه السياب في غربته و صراعه مع المرض . لكن محسن المعذب بعد صراعه مع المرض في بلاد الغربة يموت في الوطن بين أهله ومحبيه, كيف امتزج الناقد والشاعر والوطن المعذب معا؟ ومن منهما المعذب ؟. ومن وفائه الجميل اتذكر عندما زرته في مستشفى مدينة الطب قبل وفاته بأيام كانت هنالك باقة ورد بعثها مجموعة من الاصدقاء , فكان غارقا بغيبوبة مسالمة يفتح عينيه بين حين وأخر بصعوبة ليعرف من القادم ثم ينظر الى باقة الورد ويبتسم , وكانما كان يعانق الجميع عناق الفراق الأبدي , ثم يغرق في غيبوبته الطفولية البريئة.
محسن اطيمش شهادة على العصر بكل مايحمله من محطات مهمه في تاريخ العراق المعاصر الذي ذاب فيه عشقا واعطاه كل ما يملكه , ذاق في سبيل ذلك الغربة والعذاب والمرض والعوز ولم يتنازل عن مبادئه وافكاره . اتمنى ان تتحول قصة حياته الى عمل درامي فهو بطل تراجيدي تتوفر في شخصيته وسيرة حياته الثرية كل المواصفات للعمل الدرامي فالاهتمام بملف الدكتور محسن أطيمش امانة في اعناق المبدعين والمهتمين بالابداع, فالذين رحلوا من عالمنا نحن بحاجة اليهم ,وهم الذين زهدوا بعالمنا الفاني وكفاحنا اللامجدي , وهذا ماتعمل به الشعوب المتحضرة التي تحترم تراثها ومبدعيها وعطائهم الانساني . ومحافظته الرائعة المميزة بالعطاء ألايستحق هذا المبدع الأسطوري تكريما يذكر الاجيال بسيرته الابداعية .

سلاما استاذنا العزيز تقبل كلماتنا المتواضعة, ومراثينا اللامجدية في زمن الغربة






كنا معا.. محمد عفيفي مطر


كنا معا.. بيني وبينك خطوتان
كنت صراخ اللحم تحت السوط حينما
يقطع ما توصله الأرحام
وشهقة الرفض إذا انقطعت مسافة الكلام
بالسيف أو شعائر الإعدام
كنت أحتاج الضوء والظلام
وثغرة تنفذ منها الريح
لليائسين من أرغفة الولاة والقضاة
والخائفين من ملاحقات العسس الليلي
أو وشاية الآذان في الجدران !!



#سامي_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية ماسلو والثورات العربية في زمن العولمة
- الجزيرة والسيد الرئيس


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي فارس - محسن اطيمش ...الدهشة والحلم