أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله البصري - قصة قصيرة/اللقاء الأخير














المزيد.....

قصة قصيرة/اللقاء الأخير


عبدالله البصري

الحوار المتمدن-العدد: 3378 - 2011 / 5 / 27 - 18:04
المحور: الادب والفن
    


أغلق هاتفه النقال.. وتوجه فورا إلى المكان الذي اعتاد أن يلتقيها فيه، فالهدوء هناك يغريه كثيرا، لأن خلافاتهم اليومية لا يمكن حلها إلا في مكان هادئ..
بدأ يمسح عرقه، بما تبقى من مناديل في جيبه، وأعدم آخرَ منديل على جلد حذائه الذي أصيب بصفعة وحل بعد عجالة السير..
عقدته الأساس هي الرغبة في الوصول إلى مكان الانتظار مبكرا، لكي يرثي نفسه عندما تذوق مرارة الانتظار.. فهو يحاول أن يتشبع بالألم.. حتى تضويه قناعة الشعور به..
إنه كثيرا ما يغضب على حبيبته بدون سبب مقنع.. كونه مصاب بالوساوس، التي تجعله يشك في وزن الحب الذي تكنه له.. وعندما يجتاحه وعي عقلاني.. يبدأ بالبحث عن عقاب للنفس، يصبه في شقين، الأول لرثائها.. والثاني.. يوهم به قناعاته ويتصور بأنه نال عقاب ذنوبه..
تأخرت كثيرا، فهي معتادة أن تأتي بعد الموعد بنصف ساعة تقريبا تبعا للزحام...
برر تأخرها بكثافة الزحام، فالكثير من الشوارع مغلقة!.. أحس بحاجة للجلوس.. جلس على المصطبة القريبة.. لفت نظره نقش ذكرى مشوه بعض الشيء.. نقشته حبيبته على طرف المصطبة الداكن.. حفرته بمفتاح خزانتها الصغير الذي كانت تحمله بحقيبتها الأنيقة..
هزته الذكريات.. عاد ثلاث سنوات وسبعة أشهر إلى الوراء... حينما كان ينتظرها متخفيا من المارة على نفس المصطبة، فالشجرة القريبة كانت تحجب المكان، قبل أن تقطعها البلدية.. وتذكر آخر عطر أهدته إليه.. الذي وقع من يده وانكسر، بسبب ارتباكه تحت وطأة القبلة الأولى التي سرقها منها.. وكيف ظل محتفظا ببقايا زجاج قنينة العطر في علبة سجائر فارغة..
أوقظته رنة هاتفه.. حدق به.. رسالة من شركة الاتصالات تدعوه للمشاركة في سباق الأسئلة العلمية.. محا الرسالة كالعادة..
رمى عقب سيجارته الثالثة عشرة على الرصيف النائم أمامه... سحقها حذاء أحد المارة..
مضى على الانتظار أكثر من ساعة.. استشاط غضبا، بدأ يتخيلها بليدة غير متشوقة للقائه، وتخيلها تسير ببطء وكأنها مكلفة بواجب ممل فرض عليها، وهي غير راغبة بتنفيذه..
قرر أن لا يتصل بها، حتى تتفاقم نسبة الغضب في داخله.. ألفّ بعض الكلمات الحادة.. وهيأها لكي يستقبلها بها..
أقنع نفسه بأنه غاضب.. وبدا الاحمرار يطغي على كامل وجهه.. خالجته خيالات كثيرة، تخيل إنها متعمدة لتلويعه.. اشتعل أكثر، أذكى ما تبقى من جزء خامد بجسده.. وهي ما زالت متأخرة..
سمع من أحد المارة بأن الشارع غاص بالزحام.. أدرك بأنها غير مذنبة.. فالزحام كفيل بأن يأكل الساعات.. لكنه فضل أن يبقى غاضبا لكي يتحسس مظلوميته المتوهم بها، ويرثي نفسه...
وفجأة.. التهبت السماء، واهتزت الأشجار القريبة من شدة العصف.. تصاعد الدخان الداكن مصاحبا دويا موجعا للمسامع.. أنساه الصوت غضبه..
أرغمه الفضول بأن يذهب إلى مكان الانفجار.. اتجه فورا..
وصل إلى مسرح الجريمة جاحظا العينين.. أوشكت دقات قلبه الخافقة أن تحطم أضلاعه.. أبهره منظر الجثث المقطعة.. والإسفلت المخضب بالدماء، والأطراف الجسدية المبعثرة على حواف الشارع.. خنقته رائحة شواء الموتى..
كان الناس ينقلون الجثث إلى المستشفى.. علا الضجيج أكثر، صافرات سيارات الشرطة والإسعاف بدأت تزداد.. نظر إلى الرصيف القريب، وقع بصره على ساعة يدوية أهداها إلى حبيبته في عيد ميلادها.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيكولوجيا الحزن العاشورائي
- دحض فرضية قصور العقل على إدراك الذات الإلهية
- هذا هو الحب !
- في قانون التوازن في الطبيعة ووجود الإنسان والكون


المزيد.....




- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس
- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...
- ترشيح المخرج رون هوارد لجائزة -إيمي- لأول مرة في فئة التمثيل ...
- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله البصري - قصة قصيرة/اللقاء الأخير