أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بيرسي كمب - بن لادن : “أنا أتهم!”















المزيد.....

بن لادن : “أنا أتهم!”


بيرسي كمب

الحوار المتمدن-العدد: 3371 - 2011 / 5 / 20 - 19:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


“أيها السادة ، لقد فكرت كثيرا في هذه الأيام وأنا في السجن ، وقرأت الكثير جدا — وبالأخص الأعمال التي من شأنها أن تمكنني من التعرف عليكم بشكل أفضل ، ويجب أن أعترف ، أن من شأنها أيضا أن تغذيني فكريا. لذلك فقد اتخذت قراري، وأنا أنوي بدلا من الاعتصام داخل جدران الصمت، أن أدافع عن نفسي بنفسي، وسأفعل ذلك لا من خلال معارضة أفكاري بأفكاركم، وإنما باستخدام منطقكم الخاص ذاته.
في البداية ، وعلى الرغم من أنني لا أعرف مجال اختصاص هذه المحكمة ، فإنني أريد الاعتراف بمسؤوليتي عن كل الهجمات التي أغرقتكم في الدماء خلال العشرين عاما الماضية ، لا سيما الهجوم المدمر يوم 11 سبتمبر 2001 ضد نيويورك New Yorkو أبراج بابل بها. وفي هذا الإطار، أود أن أذكركم بأنه كلما اخترتم ، في كل مرة ، الرد على عنفي بعنف أكبر منه ، فإن بذور تفشي الكراهية في كل من التفجيرات التي تسببت فيها ، والتي من شأنها أن تنتشر على سطح العالم ، هي ملك لكم بنفس القدر الذي هي ملك لي.
ومن ثمة ، فإن مسؤوليتكم في كل ما حدث هي بالتالي على الأقل مساوية لمسؤوليتي أنا ، وبهذا الصدد ، أحيلكم على كلمات الكاتب الفرنسي Georges Bernanos، الذي كتب في ” رسالة إلى الإنجليز ” ما يلي :”إنه من مصلحة المجتمعات المهددة أن أدعوها لترى الخطر حيث هو ، لا في التخريب الذي تمارسه قوى الشر، وإنما في فساد قوى الخير”.
إنكم تتهمونني بكوني تجسيد للشر؛ إما لأنكم تنسون أنني صنيعتكم وأنكم أنتم من صنعني لمرتين اثنتين؛ في المرة الأولى عندما استخدمتموني ضد الشيوعيين في أفغانستان قبل أن تضحوا بي على المذبح الذي أقمتم فيه احتفالكم بنصركم عليهم في الحرب الباردة، و مرة أخرى،عندما عانيتم من الحاجة الملحة إلى وجود عدو لذوذ لكم بعد هزيمة الشيوعية ، ودعوتموني دون وعي منكم وبأمانيكم لأكون ضحية تصوركم المانوي عن العالم ، والذي يرى أن الله لا يمكن أن يوجد أبدا دون وجود شيطان.
ومنذ ذلك الحين ، وباعتباركم مسلحين بحقوقكم ومقتنعين بأنكم تحققون فعل الله في الأرض، انخرطتم في الشطط والخروج عن الحد، فوضعتم مصالحكم فوق مصالح البشرية جمعاء، وأمليتم شروطكم الخاصة على العالمين، و أنزلتم المذلة بأولئك الذين لم يكن لديهم ” الحظ ” ليكونوا معكم وخاصتكم. الآ توافقون على أن ذلك كان باعثا كبيرا على الاستفزاز. ولأنكم أردتم أن تجعلوا مني الشرير الشيطاني لأورشليم السماوية التي أنتم واثقون أنكم تجسدونها على الأرض ، فلا تتعجبوا من أنني تمكنت من تجسيد العدو الذي هو الصدى الخاص لغطرستكم.
هذا، وبعد التضحية بي مرة أولى رغم أني كنت صديقا لكم، ها أنتم تضحون بي للمرة الثانية باعتباري عدوا لكم. ألم تصنعوني لمرتين متتايتين ، في الأولى باعتباري صديقا ،وفي الثانية باعتباري عدوا؟ تبقى مسألة معرفة ماهية الخدمة التي يمكن أن تقدمها لكم عملية التضحية بي، إلى جانب تمكينكم طبعا من الاستمتاع بطعم الانتقام الرائع والباعث على الانتشاء.
لا أحد يشك أن التضحية بي تخدمكم أولا بخصوص نكساتكم بأفغانستان ، ذلك المستنقع الذي ، كما في فيتنام سابقا ، غرقتم فيه أخيرا. وكما كان الحال سابقا في فيتنام ، فأنتم تبحثون في الواقع عن طريقة للخروج من شأنها أن تمكنكم من عدم تحمل مسؤولية ما قد يحدث لهذا البلد بعد انسحابكم منه. ولهذا الغرض، كان يجب، وبأي ثمن، إبقاء الأمور على حالها لبعض الوقت، وتسجيل بعض النقط، وخلق وهم إحراز بعض التقدم. وبذلك كنتم تحاولون حماية أنفسكم بما تسمونه، منذ حرب فيتنام، “الفاصل الزمني اللائق” (وهو تعبير ملطف!): الفاصل الزمني اللائق بين لحظة انسحابكم، واللحظة التي، بعد تخليكم عن حلفائكم المحليين، ستعود فيها حركة طالبان لفرض وجودها من جديد مرة أخرى. ومن هذا المنظور، فإن تصفيتي المفعمة بالرموز تأتي في الوقت المناسب لإخفاء فشلكم الفاضح في أفغانستان. وعلى كل حال، ألم تكن مطاردتي هي السبب وراء مجيئكم إلى أفغانستان؟ وفي نهاية المطاف ،سواء اكتشفتموني في باكستان وليس في أفغانستان ، وأن الجنود الذين اقتحموا علي مكمني كانوا من ولاية فرجينيا أو كاليفورنيا بدلا من كابول أو باغرام ، فإن ذلك لا ينتقص من أمر نجاحكم الواضح شيئا، والشعب الأميركي ، المتعطش كلية للانتقام (ستقولون المتعطش للعدالة)، لا يلقي بالا لهذا النوع من التدقيقات.
ولا أحد يشك أيضا أن التضحية بي أضحت أمرا حتميا بعد هذا الربيع الذي فتح أعينكم على تآكل الديكتاتوريين العرب الذين اعتمدتم عليهم إلى هذا الحين ، وحثكم على الانفتاح على الإسلام السياسي الذي شيطنتموه حتى الآن، وعلى اعتباره بديلا مقبولا للأنظمة العسكرية في عين المكان. وفي هذا المنظور ، فإن تصفيتي بدعوى إصلاح وتجميل صورة الإسلام أصبحت ضرورة سياسية ، وأصبحت أنا ، بوصفي ما أنا إياه ، ذبيحة التكفير التي من شأنها أن تربط أواصر تحالفكم مع نوع طيب من الإسلاميين العرب الذين ، بناء على تجربتكم الإيجابية مع نظرائهم في السلطة في تركيا ، كنتم قد تعودتم على خطابهم. والله مع حلفائكم من الأوروبيين والمسيحيين في الشرق ، أليس كذلك ، إذا كان عليهم أن يتحملوا العبء الأكبر للأسلمة المفرطة لحوض البحر الأبيض المتوسط.
إنكم تتساءلون ربما لماذا ، مع الأخذ علما بكل هذا ، والشعور بتشديد الخناق حولي، اخترت أن أترك لكم ما يكفي من الوقت — عشر سنوات تقريبا! – للتمكن مني، مما يتيح لكم انتصارا كبيرا مقدما على طبق من فضة. إنكم تتساءلون لماذا لم أكن قد انتحرت قبل ذلك بوقت طويل، مخفيا بذلك جسدي حتى أتخلص منكم إلى الأبد. إن السبب في ذلك هو أنه منذ 11 سبتمبر الذي عرفت فيه قمة مجدي، وفي نفس الآن موتي السياسي أيضا، تلخصت معركتي واختزلت إلى لعبة القط والفأر التي لعبتها مع أولئك الذين كانوا يطاردونني. لقد حافظت بالفعل منذ فترة شبابي الذهبية برغبة أكيدة في اللعب ، لكنك إذا كنت لاعبا ، فيجب أن نعرف أنه حالما تجلس إلى مائدة القمار، فإن الكون كله سيتلخص في تلك السجادة الخضراء التي توجد أمام ناظريك. لقد غدت الإمبريالية والصهيونية والصليبية التي حاربتها من المنسيات بالنسبة لي بعد 11 سبتمبر : فما يستحوذ على أفكاري الآن فقط هم أولئك الصيادون الذين يطاردونني، وكذا مختلف الحيل التي أبتكرها للإفلات والهرب منهم. وحتى أكون صادقا، فقد انطلت علي اللعبة، وكنت أعتبر كل يوم يمر بي دون أن أقع في شرك المطاردين انتصارا لي.
لكن ما كان سيحدث، بالنظر للفارق الكبير بين رصيدي الصغير وميزانيتكم الهائلة، قد حدث في نهاية المطاف. والآن وقد أقدمتم على تصفيتي، قد تعتقدون ربما أنكم فزتم، لكن دعوني أحرركم من الوهم؛ فإذا كنتم قد تحملتم مشقة التعرف علينا بشكل أفضل، فإنكم ستعلمون أننا على العكس منكم ،لم نضع أبدا نظرية للهزيمة من شأنها أن تسمح لنا بالانحناء بدل التكسر ، ثم الانتظار على أمل أن تتغير موازين القوى.
إن أمثال هذه التكتيكات هي في الواقع غريبة عنا تماما، كما هو حال مفاهيم الأمل واليأس التي تتداولونها، وهذا يعني أننا لا نعترف بالهزيمة حتى في حالة انسحاقنا الكلي. وزيادة على ذلك أنا لا أطلب منكم تصديق ما أقوله ، بل أود أن أحيلكم على واحد من مفكريكم ، اكتشفته في السجن ، وهو الذي يرى أن الحرب اختبار للإرادة أكثر منها اختبارا للقوة؛ فليس المنهزم ، في الواقع يكتب الفيلسوف كارل شميت ، إلا من يعترف بأنه كذلك ، وأؤكد لكم أن الأتباع الذين أنشأتهم وكونتهم لن يعترفوا مطلقا بالهزيمة.
لا لأنني أعتقد أن ما أقوله هنا سوف يجعلكم ترتعشون، فالعكس أيضا سيكون صحيحا؛ وذلك لأننا إذا كنا لن نعترف مطلقا بالهزيمة، فإنكم لن تعترفوا مطلقا بالانتشاء. إنكم منذ البداية لم تتوقفوا عن شن الحروب : على الإنجليز أولا ، ثم على الهنود ، وعلى الاتحاد الجنوبي، وعلى الإسبان والفلبينيين والألمان واليابانيين والروس والكوريين والكوبيين ، وعلى الفيتناميين ، والغريناديين ، والإيرانيين والعراقيين والأفغان وغيرهم، لدرجة أنه سوف يؤدي بكم ذلك في نهاية الأمر إلى رفع الحرب ،التي تغذونها وتغذيكم، إلى مرتبة فن متسم بالكمال.
وفي هذا الصدد ، اسمحوا لي أن أقول لكم ما ورد في كلام اللورد رغلا ن ، الذي قاد القوات البريطانية للتدخل السريع أثناء حرب القرم ، عن أحد ضباطه ” هذا الرجل فارس ممتاز ، إته يعرف الكثير عن فنون الحرب ، غير أنه لا قلب له ، وسيكون يوما حزينا ذلك اليوم الذي سيقود فيه جيشنا ضباط من أمثاله يعرفون بالضبط ما يفعلونه ، وذلك لأنه يحتوى على نفحة من الإجرام ، أليس كذلك ؟ ..

والآن ، أخبروني : من الأكثر إجراما من غيره : أنتم أم أنا، المتخصصون أم الهواة “؟
________________________________________
* الروائي والمتخصص الأنجلو- عربي في الإسلام والاستخبارات ، ولد في بيروت عام 1952 ، و هو يوزع وقته ما بين تركيا وفرنسا ولبنان. وقد نشر “مجنون ليلى” (سندباد ، أكت سود ، 1982 ، مع أندريه ميكيل) ، “نظام بون” (ألبان ميشال ، 2002) ، “مؤذن الكيت كات” (ألبان ميشال ، 2004) و “نون مون أربعاء الرماد “(دار النشر لوسوي، 2010).



#بيرسي_كمب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بيرسي كمب - بن لادن : “أنا أتهم!”