أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - المثنى الشيخ عطية - لنحتفل بغير جثثنا يا أصدقاء















المزيد.....

لنحتفل بغير جثثنا يا أصدقاء


المثنى الشيخ عطية
شاعر وروائي

(Almothanna Alchekh Atiah)


الحوار المتمدن-العدد: 3370 - 2011 / 5 / 19 - 01:03
المحور: الادب والفن
    


لنحتفل بغير جثثنا يا أصدقاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المثنى الشيخ عطية

اليوم هو يوم ميلادي..
ولا أعرف هل أنا سعيد بهذا أم حزين
في أعياد الميلاد عادةً يفرح الإنسان..
عادةً، يحاول توديع سنةٍ لا شرط ماذا كانت
واستقبال سنةٍ أخرى سعيدة..
عادةً، يتأمل الإنسان، هكذا أنا، حياته المديدة..
عادةً ما يقوم بالحزن قليلاً على السيئات
والفرح كثيراً للحسنات
يضع الحسنات مقدمةً لما سينجز من حسنات
يضع خطة يعرف أنها لن تتحقق كلها في السنة القادمة..
ولابأس، لقد حققنا القليل، هذا جيد لنا،
سنحاول أن نحقق المزيد هذه السنة...

**** **** ****
اليوم هو يوم ميلادي..
علمت هذا في الصباح..
كان خبراً حلواً وضعني على أجنحة الرياح..
قبلةٌ حلوةٌ سعيدةٌ من زوجتي،
و"كل سنة وأنت سالم"، قالت...
اليوم هو يوم ميلادي، ولا أعرف ماعليَّ أن أكون
حزيناً، سعيداً، بينَ بين..
اليوم هو الثامن عشر من أيار
وفي أيار غالباً يربكني الربيع
يضعني على الصراط بين الحزن والفرح
قبل يومين وكان يوماً مورقاً من آخر الربيع..
السادس عشر من أيار..
صعقنا رغم أننا كنّا ننتظر هكذا خبر..
اكتشفوا مقبرة جماعية، لا ، ثلاث مقابر جماعية في درعا
خلال فسحة قصيرةٍ من الحصار
منذ يومين وأنا أحاول الكتابة، عاجزاً تخذلني الكلمات
منذ يومين وأنا أحسّ أن عصفوراً في قلبي مات
منذ يومين، فور أن تلقيت النبأ، صرخ برأسي العنوان
أين ستخفي جثتنا هذه المرة ؟
قلت هذا ودارت في رأسي الصور..
الديكتاتور الوضيع التافه الذي أطلق علينا النار
يحاول أن يخفي جثةً في ثلاجة البيت
قلت له، حسناً ولكن ماذا لو فتح طفلك الثلاجة ؟
الديكتاتور الوضيع التافه الذي يهرب من الكاميرات
يحاول أن يخفي جثةً في خزانةِ غرفة النوم
قلت له، حسناً وماذا لو فتحتْ زوجتك الخزانة ؟
قلت هذا ودارت في رأسي الصور..
عن أرض درعا البلد وأرض جاسم وأرض أنخل
صور عن أرض تحتضن الجثث
صور عن أرض تلفظ الجثث
صور عن أرض بالأسود والأبيض في حماة تلفظ الجثث
حاولت أن أطرد من مخيلتي صورة "عمار قربي"..
الناشط في حقوق الإنسان
حاولت أن أطرد من مخيلتي صورته مغالباً دمعته..
على قناة الجزيرة وهو ينقل الخبر..
حاولت أن أطرد صورته لأنه جعلني أغادر الغرفة..
كي لا يرى أحد دمعتي، هذا العمّار..
لكنه يعلن هذا في رأسي كل مرة
ولا أعرف هل سأحبه على هذا أم سأكرهه
أعرف أنني سأحبه بالتأكيد وأشكره
قال إن الناس رأوا حيوانات تحوم في المنطقة فاكتشفوا الجثث..
قال إن الحيوانات نبشت بعض الجثث..
إنها عائلة، وآخرون بينهم أطفال
إنها عائلة لها اسم، عائلة يعرفها الناس..
في المقبرة الجماعية بدرعا البلد..
أب وأولاده الأربعة
منذ يومين وأنا أطرد بلا جدوى..
صورة قتل أب مع أولاده الأربعة
منذ يومين أطرد التساؤلات بلا جدوى..
هل قتلوه قبلهم؟ هل قتلوهم سوية لكي أخطف بعض العزاء؟
هل قتلوا أحد أولاده أمامه لكي، لا أعرف ماذا أقول..
منذ يومين وأنا أرجو أن لا يكون هذا حدث
منذ يومين وأنا لا تفارقني صور الحيوانات والجثث
منذ يومين وأنا أريد ان أحضر الديكتاتور الأحمق التافه من يده..
أجعله، بالتأكيد ليس أمام ولده..
أن يكشط لحم الفتى الذي علق بجنزير دبابته بيده
منذ يومين وأنا أريد أن اجعله يزيل تراب مقبرته الجماعية بيده
عن جثث أولاد الأب الذين دفنتهم دباباته بيده
أن أجعله يعيد تمثيل جريمته مثلما كان
أن أقول له: هل سمعت بكائن اسمه إنسان...

**** **** ****
اليوم يوم ميلادي، وأعرف أن زوجتي..
لن تدع هذا اليوم يمرّ دون كعكة ميلاد،
ولا بأس، أنا قادر أن أخفي حزني،
قادر أن أقنع نفسي بأن قلبي في ذروة المأساة..
مازال يستطيع أن يغني، ويشعل الغناء
أنني أستطيع أن أستمرّ بالغناء
كالعادة لوطني، لأهل بلدي الطيبين البسطاء
أغني كالعادة لمن فقدت من رفاق وأصدقاء...
اليوم يوم ميلادي، وسأغني..
قائلاً لهؤلاء المسوخ الذين يقتلوننا في المظاهرات
ماذا ستفعلون بنا بعدُ أكثر من وضع جثثنا مكدّسة في ثلاجات
أكثر من إخفاء جثثنا في مقابر جماعية
أكثر من أن تنبش جثثنا الحيوانات
ماذا ستفعلون بمن يغني للحياة..
لن نوقف المظاهرات، لن نوقف المظاهرات
يا أيها المسوخ، يا أيها القتلة
يمكنكم أن لا تخافوا مننا نحن الأحياء،
لأنكم تستطيعون قتلنا
لأننا غير مسلحين إلا بغنائنا وأنتم لديكم دبابات..
ولكن ماذا عن الأموات، هل تقتلوا الأموات!
لن تستطيعوا قتلنا.. أحياؤنا أموات
أمواتنا أحياء، ولن تستطيعوا قتل من يغني للحياة
"أنتم لديكم دبابات، ونحن لدينا أغانِ"
لن تستطيعوا قتلنا
لن نوقف المظاهرات، لن نوقف الغناء للحياة...

**** **** ****
اليوم يوم ميلادي، وعادةً أتأمل في هذا اليوم حياتي
كعادتي في كل سنة..
لا أطلب شيئاً من الدنيا
كعادتي حفنتُ بيدي بعض الحب واكتفيت..
من أصدقاء ودودين، ومن نساءٍ رائعات
لا أطلب إلا أن يكون عالمنا جميلاً
أن يكون وطننا قبل أي شيء جميلاً
اليوم يوم ميلادي، وعليّ أن أحتفل
أن أشكر زوجتي على كعكة الميلاد التي لا تفوّتها أبداً
حتى وسط المجازر
اليوم عليّ أن أحتفل، ولهذا سأحتفل
بربيعنا يا أصدقاء،
بشبابنا وهم يدفعوننا قسراً إلى الغناء
بشبابنا وهم يعيدوننا قسراً إلى الشعر
بشبابنا وهم يعيدوننا قسراً إلى أنفسنا
بشبابنا وهم يحضرون ربيعنا من بين أنياب المسوخ القتلة
بشبابنا وهم يصعدون درج الجلجلة
يحضرون بدمهم ربيعنا السوري البهي
اليوم يوم ميلادي، وأدعوكم أن نرفع الأنخاب
لشبابنا، وكأسكم ياشباب
اليوم يوم ميلادي، وأرفع كأسكم
عالياً، عالياً ياشباب

[email protected]




#المثنى_الشيخ_عطية (هاشتاغ)       Almothanna_Alchekh_Atiah#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدتي من بلدة المرقب لن تستطيع أن تحاور الرئيس
- مثقفو الخواء في اللحظة الدرامية السورية
- قصيدة: درعا.. بأي لقب نناديك كي ينكسر الحصار
- كم ستقتل منّا في هذا الصباح


المزيد.....




- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - المثنى الشيخ عطية - لنحتفل بغير جثثنا يا أصدقاء