أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد شاهين - يتخذ النحلُ بيوتاً من دمي















المزيد.....

يتخذ النحلُ بيوتاً من دمي


زياد شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 3361 - 2011 / 5 / 10 - 08:46
المحور: الادب والفن
    


يتخذُ النحلُ من دمي بيوتـاً
زياد شاهين

س : سئمتُ
م : مللــتُ
سأشربُ هذا الســمَّ الرائب ، صمتٌ سقراطيٌ مدويٌ ،صيرورة وادعة ، سيعاقبني دمي على ذلك ،منا من يشرب سـماً ولا يموت ومنا من لا يشرب سـماً ويموت دائماً ،عقاربُ الساعة لا تدورُ كما التاريخ ، الجراحُ المفتوحة لا تغلق سماءها ،ضِعْ على عينيك نجمتين كي تبصرنا أيها الفجر الأعمى . أخباركُـم؟ أخبارُكم أخبارُنا ،الحكايةُ تبتدأُ عندما أنتهي وتنتهي الحكاية ، خامسُ مـرة أناديكِ ، أتكـأُ على شفا صوتي وأناديكِ ، ألملمُ الصدى أعبأُ شرايينَ العصافير وحناجرها وأناديكِ ، خامسُ مرة يتلاشى صوتي أتلاشى أضعُ بوصلــة تشيرُ إلى منجم موتي المحتم ، أحنُّ إلى نبيذ الليالي الفاتر وأسافر في شطحات الحلم القاهر، أعلم أن حدائق الدنيا لم تسعني ولن تسعفني ، ولن تدركني في أول الحلم عيناك ، عيناك نجمتان معلقتان في سماء روحي ، من يحميني من جمالك الذي يحاورني أبداً ،إلى متى ستظل النداءات جثثاً هامدة ترتع فوقها النسور المتضورة المتربصة ؟ لن ترتفعَ درجة الحرارة إلى ما فوق الصفر في هذا البلاء المقيم، الصفرُ هو الصفرُ في كل الأمكنة التي تتقن الحسابات والرياضيات . نزفٌ قد تثمرُ أغنياتُ الحياة . المهمُّ في الشأن العام المُرسَّمِ لن يكونَ مهمــاً ذات دقيقة أو عام أو قرن . كيف لي أن أتدرّبَ على هذا الصبر الأيوبي ؟ أعدُكُمْ: لن يكون النشيدُ مضرجاً بدمي مرة أخرى ، الرصاصاتُ عشوائية الاتجاهات ، يا ساقطون ، يا سفاكو الورود الطازجة ، أين الحرارة في ارتكاب المجزرة ؟! أتيتُ في وقت غير ملائم ،وقت العشاء الأخير المقدم لنا، أدرك ذلك . الفقراءُ ولائم للأغنياء . من منا لم يشعرْ بالجوع المتفجر ؟ التفاحُ شـهيٌ ، تفاحُ الجولان ، جولانُ من ؟ ضاع السؤالُ الإبرةُ في كومة قشّ يابس، شجرُ الكرز يُـطأطئُ ظلـَّه خجلاً من قدسية السؤال وفداحته ، شجر التفاح يلملمُ حفيفَ اوراقه ويُعلنُ أضراباً عن الحفيف وعن الثمار . الشبابُ الأبطال في درعا في الشطر الآخر للبرتقالة ، يتحدون بأجسادهم الممددة على الطرقات دبابات الانظمة الديكتاتورية ، تضامناً مع إضراب شجر التفاح والكرز ، وبحثاً عن الأسئلة والأجوبة المعرقة على الجدران في غياهب الزنازين، لن أخشى أن أذوق تفاحة، أتى أمر الله فلا تستعجلون ، الشياطينُ لا تختبأ تحت الأرض ، الشياطينُ وإبليس فوق الأرض متربصين، وسنأكلُ سوية دونهم تفاح الهضبة ، سنأكلُ جميعاً كرز الهضبة ،ماذا تريدون مني ؟ بذلتُ قصارى جراحي كي أخدمكم ، ونصبتُ جبهتي لوحاً مرقماً كي تتدربون على الرماية ، ومشيتُ في جنازاتي المتكررة كي لا أفسد خطابَ المنتهزين وصيادي المصالح والسماسرة واطلاق الرصاص ورفع العلم والجنود الأبطال ،سخرية مني لا طائل لها ، يجب / هل يجب إبطال تشغيل القنبلة الموقوتة التي تتكتك في سـرنا وفي دمنا جهـرا وسـرا ؟ الوقتُ ساعة رملية ،أعذر من أنذر ، زوجتي تعـد لي طعاماً شهياً وتغضبُ وتحتدمُ عندما أتأخرُ ،دائماً أتأخّرُ الطعامَ ،وأعفُّ عند المغنم ، الوقتُ تأخّر ، الناسُ تتأخّرُ تركضُ إلى الوراء وتنظرُ إلى الأسفل ، الثعالبُ تتأخّر، تعوي في العراء تبشّرُ بالمطر ولا يأتي المطرُ ،الثعالبُ تراوغُ وتكذبُ ؟ المطرُ شحيحٌ والارضُ تصرخُ ظمأى والشجرُ يفقدُ صوابَ نضارتِه ويتصدّعُ رخامَ فروعِه ، قلَّ الخيرُ الكثيرُ في هذا الموسم ،وفي هذه البلاد المعززة ، بلاد السمن والعسل ،البلادُ في رحمـة ، والانتظارُ في رحمة، والحربُ القادمة لا ترحم ، ولا تناسبُ بذخ أذواق الناس الذين أدمنوا شواطئ البحار الهادئة والبارات وعلب الليل في المدن التي تنامُ على وسائدَ من ريش النعام ،بلا كوابيس أحلام ، من صالح الحال أن تضعَ المرأةُ الحبلى مولودَها قبل أن تجهضَ في الحرب ، لا وقت للولادة في الحرب ولا وقت للتفكير في الإنجاب ، قد يكون المولودُ الجديد ذكراً فلتسميه "سلام " عـلَّ وعسى ، هل تجدي كل الأفعال المشبهة بالفعل ؟ السلامُ والبلادُ خطان متوازيان لا يلتقيان الا بأذنه تعالى ! كم نجتهد في التنقيب عن الاسم الملائم ، وكم نحترق في تربية المولود ونرسله في النهاية كي يحترق في الحرب ، كلّ الاسماء الزاهية والغامقة تحترقُ في الحرب ، الحربُ لا تختارُ الاسماء ، الوالدان يختاران الأسماء ، الأسماءُ لا تتغير ، حتى الامكنة أسماؤها لا تتغير ، لن نستطيعَ أن نغيّر اسم الخبز أو اسم النار أو اسم الماء أو اسم الحرب ، لا بد من تغيير اسم الحرب على الأقل حفاظا على أحلام الطفولة ، وعلى خبز الروح ، لا بد من تغيير بعض الاسماء ! أنا أسكنُ في "وادي عيسى" وصديقي يسكنُ في "الخربة" وقريبي يسكن في "الصوانية" في الحارة الشمالية ، وعمي يسكن في "وادي الفش" ، أنا أحبُّ هذه الأسماء ، والشباب الاربعة الذين فقدوا حياتهم بالأمس ، في حادثة سير متكررة ، كانوا مقبلين من "الشيكونات" ، لعنة الحوادث ، لا .. لا انها لعنة الأسماء ! قدر أحمق الاسماء ، سحقت هامتي أسماؤه ، في الطريق إلى حيفا ، تمر "بظهرة النملة" ، تتسلق هضيبة تسمى "ظهرة النملة "، وصديقي منير قد ورث بيتـاً أثرياً هناك كان للمرحوم جده ، نأوي أليه في الأمسيات ،نخبة من الأصدقاء :مرزوق فرحات خضر صفا جميل فاضل منير يوسف توفيق ، هل نسيتُ أحداً؟ نتجاذبُ أطراف المثاليات والقيم والمبادئ ، ونقلّبُ مصطلح المجتمع / مجتمعنا على جمر أفكارنا الكولمبوسية ، وصوتُ أم كلثوم يشاركُ في نضالنا ، أو كلنا نشاركُ بأصواتنا وبنبيذنا أم كلثوم غناءها ، ما أجمل هذا التناقض ، "ظهرة النملة " صامدة تتحملنا وتتحمّلُ أفكارنا مثلما تتحمّل الألاف من الشاحنات والباصات التي تعبرها كل يوم ، صامدة وتتحمل الكثير من الرغبات والشهوات التي تخطط لاقتلاعها وسحقها ، ربما تكون سليلة النملة التي رآها تيمورلنك في مخبئه.. ربما ، قالتْ النملة : يا أيها النمل أدخلوا بيوتكم ، وأراها تتضاحك هذه النملة هازئة بما يدورُ في خلد حولها ، النملة مخلوقٌ قويٌ ، واكثر قوة وعناداً عندما ننقشُ اسمها على أمكنتنا وأفكارنا ، وأكثر ذكاءاً من الفراشة ، هكذا تقولُ لنا ذكرياتُ الطفولة ، حيث درجنا نلعبُ على الأعشاب المبتلة بالفجر ، نتصيدُ الفراشاتِ والاحلامَ أحياناً، ونلهو ونفيضُ شقاوة على الارض التي لا أعشاب عليها على تراب يشبه الرمل أحياناً أخرى ، كنا نقيمُ المباريات ، نُحضرُ حجرين نضعهما بشكل متواز ، ونشلخُ من شجرة الزيتون فرعاً ، ننجّرُهُ ونصنعُ منه عوداً كبيراً وآخر صغيرا ، نضعُ العودَ الصغيرَ على الحجرين ، وبالعود الكبير نقذفها فتطيرُ في الهواء ، ويلتقطها أحد المشاركين ويصوّبُها على العود الكبير الذي استقرَّ على الحجرين ، فاذا اصابَهُ ،ربحَ واذا أخطأ يأخذُ اللاعبُ الآخر العودَ الكبير ويبدأ "بلقم العود" الصغير ، (نسيت أن أقول أن العود الصغير مدبب الطرفين أي يُبرى رأسيه مثل رأس قلم الرصاص ) محاولاً أطلاقه بعيدا قدر الإمكان ويبدأ اللاعبُ بالعدِّ قايساً طول المسافة بالعود الكبير ، وهكذا من ينجح في تجميع العدد الكبير يكن الفائز ، أنها لعبة " ألْـحاح " ، لا أدري من أين أتتْ هذه التسمية ، لن أعودَ إلى لسان العرب صديقي وقت الضيق ، كي أعرف ما أجهل ، ربما أحدكم يساعدني ويبحث عن ذلك ، لا وقت لدي ، أبني يضحك ملءَ فيه من هذه التسمية ، أضيقُ ذرعاً منه ، انه يفتخرُ ، يملكُ الحاسوب والفيس بوك والألعاب الحاسوبية المختلفة التي أجهل أسمها ، البلاستشين الأتاري الخ ، ناهيك عن جدله السفسطائي وعن اختلافه المتكرر معي ، الاختلافُ يفسد للود قضية وقضايا ، المعضلة ليستْ في المقصلة ، المعضلة الا تصل إلى المقصلة ، معضلة المعضلات أن أقنع أبني بالاستماع إلى أغاني زمان ، عبد الوهاب صالح عبد الحي سيد درويش ، أو أن يرى أفلام زمان محمود المليجي أو توفيق الدقن أو اسماعيل ياسين ، أنه يستمتع بالأفلام الغربية ! يثلج صدره توماس جين في المُعاقب وهو ينتقم من جون ترافولتا بأشرس الطرق ،يروي لك حوادث الفيلم بالتجريح الممل :
- يا حكمة الاطفال منك تدفقتْ أنت المسمى في المجالس راوي تروي الكلامَ برقـة ورشاقـة فيصيرُ شعراً ساحراً كالحاوي ..
الافلام تنضح بما فيها ، عندما أنتقم جدي من الذين قتلوا قريبه قبل كذا سنين ، نبذوه ونبذوا هذه العقلية القبلية الرجعية التي تقمصتها على ما يبدو الافلام الغربية ، ليس فقط ، وجدي كان مجنداً في الجيش التركي ، يملكُ سلاحاً وذكريات ويفتخرُ أنه يعرفُ بعض الكلمات التركية ، أبي كان يفتخرُ أنه يعرف بعض الكلمات في اللغة الإنجليزية ، كان يردّدُ دائماً جملة مستر جون القائد الانجليزي البشع : فاكين عرب ، الذي أطلقها بعد أن صفعته جدتي على خده أمام الناس ، على أثر صدام معه ، رأفة يا جدتي أين أنت؟ اننا نحتاجك ونحتاج كف يدك المباركة ! أنا أتقن اللغة العبرية وأتقنها جيداً لدرجة أنك تعتقد أنني من اليهود الاصليين وليس من القادمين الجدد، ابني يتقنها ويتحدّثها بطلاقة تثير الأعجاب ، أنا أفكر ولستُ موجوداً : بأية لغة سيتحدثُ حفيدي ؟ بأية لغة سيتحدث أبن حفيدي ؟ بأية لغة سيتحدث أبن أبن حفيدي ؟ اللغاتُ وسائل إيضاح وعوالم تتشابه في اختلافها ، ليكنْ واضحاً: الخطابُ الذي سنطلقه في يوم الارض في أم الشقف في 30/3/2011 لن يختلفَ عن الخطاب في يوم الارض في 30/3/1976 في الجليل، سيكون باللغة العربية الفصحى ، خامس مرة سأعتذر من الوصول إلى أم الشقف ، لا أدري لماذا أصبحتُ مدمناً على الاعتذار؟! خامس مرة سأناديك ، هل سيتلاشى ندائي وأُكنّى متلاشي النداء؟! تطنُّ اسرابُ الافكار في رأسي تحومُ وتحوم تطنُّ وتزنُّ وتصرعني، ويغلقُ الطريقُ أعشابَه في وجهي ، وتغلق الاشجار حفيفها وأعشاشها في وجهي وأبكي أبكي من ألمي ، ويتخذ النحل بيوتاً من دمــي .
خامسُ..................
مرةً من أجل عينيك سأصلُ !
مرةً من أجل عينيك سأشربُ !



#زياد_شاهين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظلال للسقطات
- السقطات


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد شاهين - يتخذ النحلُ بيوتاً من دمي