أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ضياء عيسى العقابي - إسقاط الحكومة بين الجد والهزل القاتل















المزيد.....


إسقاط الحكومة بين الجد والهزل القاتل


محمد ضياء عيسى العقابي

الحوار المتمدن-العدد: 3359 - 2011 / 5 / 8 - 10:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتزاحم التصريحات النارية في سوق السياسة العراقية. أكثر اللاعبين صراخاً وصخباً متخماً بالتهديد والوعيد، هم بعض قادة إئتلاف العراقية أو المتحدثون بإسم بعض مكونات هذا الإئتلاف، وهو البعض الأقرب إلى الدكتور أياد علاوي. فالسيد محمد سلمان، القيادي في ذلك الإئتلاف، خيِّر العراقيين، حسب تصريحه لفضائية الحرة في 6/5/2011، بين تسليم مقاليد البلاد إليه أو أن يُحَلَّ مجلس النواب أو أن "يكون المالكي شجاعاً فيستقيل" أو أن يواجهوا "الفوضى". أية فوضى تلك التي يعنيها السيد سلمان غير رفع وتيرة الإرهاب؟ وهل يدع هذا مجالاً للشك بأن آلة التنفيذ طوعُ بنان بعض مكونات إئتلافه؟ أليس هذا إصراراً على محاولة خطف السلطة "بالكَوّة أو بالمروّة" خارج السياقات الدستورية والحضارية؟ لا نعرف لماذا لا يريحون الناس ويريحون أنفسهم بإحترام الدستور والطرق الديمقراطية ويسلمون الإرهابيين للعدالة بدل الإستقواء بهم ما يدفعهم إلى التستر عليهم وتسيير التظاهرات في الموصل والرمادي وتكريت للمطالبة بإطلاق سراح من حوكم منهم وأُدين بالجرم المشهود؟ هل يساعد كل هذا على بناء الثقة التي يتذمرون من غيابها؟ أم أن طروحاتهم هي مجرد إدعاءات فارغة؟
على كل حال لو يستطيعون إنتاج ما يهددون به بأكثر مما هو جارٍ لأنتجوه منذ زمن وبكامل أبعاده. غير أنهم يبالغون بالتهديد كجزء من حملة تشويش وتحريض يترافق مع جزء آخر هو الكلام عن إسقاط الحكومة وتشكيل حكومة أخرى مُلَمِّحِين إلى إقصاء إئتلاف دولة القانون عنها. وكل ذلك يترافق مع الحديث عن تمديد أو عدم تمديد بقاء القوات الأمريكية في العراق الأمر الذي بدا واضحاً أن إئتلاف العراقية يدفع بإتجاه التمديد غير أنه يستخدم تكتيك "المشتهي والمستحي!!". ما مدى الجدية في أُمنية إسقاط الحكومة وما هو الهدف من وراء كل هذا الصخب المتنوع؟ فلنتفحص الأمر.
تسقط الحكومة بواحدة من خمس حالات هي:
1. إذا سحب مجلس النواب الثقة من الحكومة. السؤال: وماذا بعد؟ إن الجواب على هذا السؤال هو الذي يحدد موقف الكتل السياسية من مسألة سحب الثقة وإسقاط الحكومة. فإذا أعيد تشكيل الحكومة بصيغتها الحالية، فلماذا،إذاً، تسحب الثقة أساساً؟ وإذا رجَّح البعض إمكانية تشكيل الحكومة برئاسة الدكتور أياد علاوي ومشاركة الآخرين مع إبعاد إئتلاف دولة القانون عنها، فهذا غير وارد بتاتاً للأسباب التالية:
1.1. الكتل الكردية ستقف بحكم الضرورة إلى جانب المالكي لأسباب ستراتيجية تتعلق بموقف معظم أطراف إئتلاف العراقية السلبي من الفيدرالية وحقوق الأكراد، وهذا أمر غير قابل للتكتيك والتلاعب. ولنتذكر ما صرح به السادة الهاشمي والمطلك والعاني يوم خُيِّل إليهم أن آخر مرحلة من مراحل مخطط "حرق الأعشاش" برعاية السعودية وغيرها قد نجح بفضل المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات وأنهم سيشكلون الحكومة بموجب البند (76) من الدستور؛ ولنتذكر ما قاله الدكتور سلام الزوبعي من أن هناك جهات تسعى إلى إثارة حرب مع إيران وبدء قتال مع الأكراد. وبالفعل قال الدكتور أياد علاوي قبل أشهر إنه سيحارب إيران "سياسياً". بالطبع إثارة حرب وقتال ليست قضية مزاجية. إنها وسيلة لإستعادة السلطة لأنصار العهد البائد بمظهر محسَّن أي لأولئك الذين رفضوا صدام فقط ولم يرفضوا النظام البعثي الطغموي. ولكن كيف تستعاد السلطة؟...إليكَ التكتيك: أمريكا وإسرائيل وربما أوربا مصرّون على ضرب المفاعل النووي الإيراني. والخبراء يقدِّرون أن هذا لا يتم من الجو بتاتاً لأسباب تقنية. لذا فلا مناص من ضربة أرضية،(أو ربما بضربة جوية ولكن من منطقة قريبة). وهنا تأتي الطبخة: حرب عراقية - إيرانية ليتسلل تحت جناحها الأمريكيون والإسرائيليون لضرب المفاعلات. وهذه الطبخة تتطلب مساعدة السيد علاوي ورفاقه على تشكيل الحكومة تبدأ بكسب ثقة الشعب فيساعده الأمريكيون على فعل ما سيفعل من إنجازات هائلة: توفير خدمات ممتازة وتقليص البطالة بأقصر وقت جنباً إلى جنب مع عجائب خفية هادئة وهم المتحكمون بإعلام المنطقة الذي سيصمت. فسوف لا نسمع عن إعادة ضباط العهد الطغموي ولا نسمع سوى عن "المصالحة الحقيقية" و "المشروع الوطني" المعارض ل"المشروع الطائفي" وعن "المفخخات وكواتم الصوت الإيرانية الصفوية" وعن إختفاء الشروكي فلان وإغتيال الصفوي فلتان ومحاكمة الشعوبي فلان بتهمة "العمل الميليشياوي" و "التفخيخ" و "الفساد" و "العمالة". وهكذا تتم التهيئة للحرب علماً أن النظام الإيراني لا ينقصه الغباء والرعونة لتسهيل مهمة الطغمويين في إشعال حرب.
1.2. التيار الصدري والمجلس الأعلى والفضيلة والإصلاح: قد لا يكون ما ذكرتُه أعلاه غائباً عن بالهم وهم يعرفون مغزى ما صرح به السيد علي الدباغ، وزير الدولة والمتحدث الرسمي بإسم الحكومة (فضائية الحرة في 22/4/2011) من "أننا لا نخفي بأن الأمريكيين أبدوا رغبة لبقاء بعض قواتهم في العراق"، وما قاله رئيس مجلس النواب الأمريكي السيد (جو بينر) حسبما نقلَ عنه موقع فضائية الفيحاء بتأريخ 4/5/2011: "وأضاف بينر أنه ينبغي لحكومة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الحوار مع العراق للتوصل إلى إتفاق لبقاء القوات وقال "أرى أنه ينبغي بقاء قوة صغيرة"" . سؤالي: لماذا؟ الجواب: أعتقد أنه بعد أن باءت كل المحاولات منذ ست سنين لإفشال حكومة الإئتلاف العراقي الموحد ومن ثم التحالف الوطني عبر تأجيج الشارع ضدهما لنقص الخدمات المُتَعَمَّد لجأوا إلى محاولة تزوير إنتخابات 7/3/2010 على نطاق واسع ففشلوا؛ ثم عمدوا إلى مخطط 25/2/2011 إذ أرادوا، قبل الجلاء، إستغلال التظاهرات البريئة ليُحدثوا مجزرة وحرائق قد يسقط فيها الآلاف لتتدخل القوات الأمريكية وتعلن حالة الطوارئ وتصرف حكومة المالكي (إذا بقي على قيد الحياة) وتشكَّل حكومة "إنقاذ وطني" برئاسة الدكتور أياد علاوي وتسند مسؤولية الإعلام للسيد سعد البزاز صاحب فضائية الشرقية والمطلوب من قبل الإنتربول الدولي بطلب من العراق لتهمة أمنية. ومن هناك يبدأ سيناريو الإعداد للحرب مع إيران. وبعد إنتهاء العملية وقبل أن يتمتع الدكتور أياد ورفاقه بالحكم الجديد تدفع أمريكا بإتجاه تقسيم العراق إلى ثلاثة دويلات. إذا فشل مخطط 25/2/2011 بفضل السادة علي السيستاني وجلال الطالباني ونوري المالكي فلا يعني أن المتآمرين سيتركون هذا الشعب المسكين الذي عانى ما عانى وشأنه. سوف يحاولون ثانية وثالثة. ولهذا فهم يريدون تمديد بقاء القوات الأمريكية لحجج يفتعلونها هم أنفسهم كقضية كركوك. يلف الموصل الآن إعتصام (يؤيده المحافظ السيد أثيل النجيفي) يطالب فيه المعتصمون بإطلاق سراح الإرهابيين. والحبل على الجرار. سيتخيَّل الصدريون ما سيفعل بعض أطراف إئتلاف العراقية لو قُدِّر له أن يشكل الحكومة. السيد أسامة النجيفي الآن يتصرف ويتكلم وكأنه "الكل بالكلية" وهذا قبل أن تتشكل الحكومة الثانية أي حكومة "المجلس الوطني للسياسات العليا". فما عساهم فاعلين لو شكلوا الحكومة الأولى؟
2. حل مجلس النواب: حتى لو إستوفى طلب حل مجلس النواب الشروط المنصوص عليها في الدستور، سوف لا يُكتب له النجاح في حل المجلس بسبب وقوف الأغلبية البرلمانية ضد الطلب للسبب الوارد في البند(1) أعلاه، خاصة وأن التحالف الكردستاني قد أعلن على لسان النائب السيد محسن السعدون (الحرة في 6/5/2011) بصدد قرب إنتهاء فترة االمائة يوم التي حددها رئيس الوزراء لتقييم أداء كل وزير، بأن التحالف سيؤيد رئيس الوزراء في أي إجراء يتخذه حيال أي وزير متلكئ حتى ولو كان من وزراء التحالف الكردستاني. غير أن السيد محمد سلمان ، القيادي في إئتلاف العراقية، له موقف مغاير تماماً لموقف التحالف الكردستاني، إذ هدَّدّ السيدُ محمد العراقيين ب"الفوضى" (إقرأ: الإرهاب) إذا لن تسلَّم مقاليد الأمور بيد إئتلافه أو لن يُحلَّ البرلمانُ حسب مشيئته، أو إذا لن يتحلى السيد المالكي "بالشجاعة ويستقيل" وذلك بعد مهلة المائة يوم (والإقتباسات عائدة للسيد محمد سلمان من تصريح له في فضائية الحرة يوم الجمعة 6/5/2011). هذه، إذاً، سمات "المشروع الوطني" لإئتلاف العراقية وهو مشبَّع ب"الوطنية والديمقراطية". أنا أسأل: وإذا حُل المجلس وأعيدت الإنتخابات، فهل سيأتي بنتائج مغايرة عن الوضع الحالي؟ أراهن على أن إئتلاف العراقية قد يخسر. غير أن هذا الإئتلاف يعوِّل على بعض العوامل من وراء طلبه بحل البرلمان هي:
2.1. الإستفادة من مجلس المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات الحالية قبل صرفها المتوقع لفسادها وتلاعبها في نتائج إنتخابات 7/3/2010
2.2. التعويل على القوات الأمريكية، قبل إنسحابها، في حالة نشوء ظرف طارئ.
2.3. ربما محاولة الإستفادة من إلتزام السيد نوري المالكي بعدم الترشح لرئاسة الوزارة لدورة ثالثة. عندئذ سوف لا يبقى أمام السيد علاوي منافس قوي بوزن السيد نوري المالكي.
3. محاولة تدبير إنقلاب على غرار محاولة 25/2/2011 الفاشلة. وفيما يلي أركان هذه المحاولة التي تتفرع من الجذر الذي لم يذبل وهو التصميم على إستعادة السلطة بوسيلة أو أخرى مهما كلف الأمر العراقَ من ويلات:
3.1. مظاهر المحاولة:
3.1.1. عرقلة تنفيذ إتفاق أربيل عبر وضع شروط تعجيزية لتشكيل "المجلس الوطني للسياسات الستراتيجية" بالمطالبة بمنحه كياناً يرقى إلى مستوى حكومة موازية، أي تصبح للعراق حكومتان. وإذا أضفنا رئيس مجلس النواب السيد النجيفي، المُتَمَدِّدِ ورافع لواء المناكفة والمخاصمة والتصفير والتسقيط، إلى الحكومة الموازية برئاسة السيد أياد علاوي فستصبح الحكومة الشرعية المنتخبة برئاسة السيد نوري المالكي مركونة على الرف، وتلك هي "الشراكة الحقيقية وليست المشاركة"!!!
3.1.2. إستكمالاً لمفهوم "الشراكة وليس المشاركة"، قال النائب عن إئتلاف العراقية السيد نبيل جربو (فضائية الحرة في 2/5/2011) بأن وزراء إئتلافه في الحكومة البالغ عددهم عشرة لا يستطيعون العمل وأداء مهامهم لأن الوزارات مبنية على أسس خاطئة ما ينبغي تغييرها!!. أما الدكتور شاكر كتاب المتحدث الرسمي بإسم إئتلاف العراقية، وهو من حلفاء السيد طارق الهاشمي، فقد شكى حال وزراء إئتلافه لمشاهدي فضائية الحرة بتأريخ 3/5/2011 إذ قال بأن الوزير لا يستطيع تعيين مدير عام في وزارته إلا بموافقة المالكي. أوضحَ الموقفَ الحقيقيَّ السيدُ سامي العسكري، النائب عن التحالف الوطني، قائلاً: قَرَّرَ مجلسُ الوزراء إجراءَ تغييرات كثيرة في طواقم المدراء العامين في الوزارات بغية تحقيق التوازن بين الكتل. ولمنع المحاصصة أي منع الوزير من تعيين مدراء عامين من الأقارب والمعارف والخلان، قرر مجلس الوزراء أن يصادق هو، أي مجلس الوزراء، على ترشيحات الوزير المختص. أين هذه من ذيك ياسيد شاكر!! المفارقة الكبرى في مواقف إئتلاف العراقية هذه هي: إذا كان وزراء إئتلاف العراقية لا يستطيعون العمل وأن الوزارات قائمة على أسس خاطئة وأن التحالف الوطني لم ينفذ سوى واحد من تسعة بنود متفق عليها بضمنها تشكيل "المجلس الوطني للسياسات العليا" وعدم إطلاق سراح الموقوفين والسجناء وعدم تحقيق "المصالحة الحقيقية" وأن الشراكة لم تحصل بل حصلت المشاركة العرجاء، وأن إئتلاف العراقية سيقلب الدنيا عاليها سافلها بعد المائة يوم ، ومع كل هذا فهم باقون على رئاسة مجلس النواب وبشكل مناكف ويشغلون عشرة مقاعد وزارية ونيابة رئاسة مجلس الوزراء ونيابة رئاسة الجمهورية (لولا عرقلتهم هم). فلماذا لا يخرجون من الحكومة ويشكلون معارضة برلمانية جادة؟ ولماذا لا يلتزمون بإدعائهم بمعارضة مبدأ المحاصصة وينسون إتفاق أربيل وينسون فلسفة "الشراكة لا المشاركة" وينسون "المجلس الوطني للسياسات العليا" ويطرحون بدل ذلك بناء حياة برلمانية صحية؟ لماذا لا يطرحون قضيتهم ومشروعهم الوطني ويُعرّون المشاريع اللاوطنية للآخرين على مجلس النواب؟ فإذا دعمتهم أغلبية مجلس النواب ب(163) أو أكثر فستسقط حكومة المالكي ويشكل السيد أياد علاوي الوزارة برضى الجميع. وهذا هو الأسلوب الوطني والديمقراطي. وإذا حصل العكس فعلى إئتلاف العراقية إحترام البرلمان. على قادة إئتلاف العراقية أن يتذكروا أنهم لم يفرضوا شيئاً على التحالف الوطني لأنه صمم هو والتحالف الكردستاني، بعد المماطلات الطويلة، على الذهاب إلى مجلس النواب بحكومة مقترحة من خارج إئتلاف العراقية للتصويت عليها. هنا أدرك إئتلاف العراقية أن "حديدة" الديمقراطية والشرعية أصبحت حارة ولم يتبقَ للإئتلاف سوى تصعيد الإرهاب الذي لم تعد لديه من الإحتياطي ما يكفي للتصعيد. وهكذا وافق إئتلاف العراقية مع إدخال بنود غير جديدة على المالكي بل هو مستمر بها منذ مدة كالمصالحة وإطلاق سراح من تثبت برائته ووضع نظام لمجلس الوزراء وغير ذلك مما يتطلب وقتاُ للتنفيذ في سياق مجرى العمل، خاصة وأن السيد سامي العسكري قد أجاب الدكتور شاكر كتاب بأن تسعة بنود قد نفذت أو أنها على طاولة التنفيذ وبقي بند واحد فقط وهو تشكيل "المجلس الوطني للسياسات العليا".
3.1.3. نقلت فضائية "الحرة – عراق" عن صحيفة "النيويورك تايمز" الصادرة يوم 16/3/2011 تقريراً يقول إن التأخر في تعيين الوزراء الأمنيين في العراق أدى إلى تأخر الإتصالات بين الجانبين الأمريكي والعراقي من أجل وضع الترتيبات اللازمة لإكمال إنسحاب القوات الأمريكية في نهاية عام 2011. وذكرت الصحيفة بأن هناك رأي بإبقاء عشر آلاف جندي أمريكي في العراق ريثما تنتهي الترتيبات.
ذكرتُ في الفقرة (1.2) أعلاه بأن الأمريكيين يريدون بقاء بعض القوات الأمريكية في العراق للغرض الذي ذكرتُه أعلاه حسب تقديراتي. أما تأخُّر تعيين الوزراء الأمنيين فهو ذريعة. غير أن إئتلاف العراقية قد تمادى كثيراً في المماطلة بشأن الوزراء الأمنيين. فهو يرشح ثم يسحب مرشحيه. ولما رشح رئيسُ الوزراء وزيرَ الدفاع السابق السيدَ سعدون الدليمي (من إئتلاف الوسط) للمنصب مجدداً رفضه إئتلاف العراقية، حسب فضائية الحرة في 6/5/2011، بحجة أن المنصب من حصته، وهو الشاتم ليل نهار "المحاصصة اللعينة"!! أليس هذا تناغماً مع الرغبة الأمريكية في بقاء بعض من القوات في العراق، خاصة وأن السيد أياد علاوي قد أعطى إشارتين بهذا الإتجاه: مرة إتهم السيد المالكي بطلب بقاء بعض القوات الأمريكية سراً ونفي ذلك علناً. الجميع من عراقيين وأمريكيين (وزير الدفاع وقائد الأركان ورئيس مجلس النواب والسفير جيمس جفري والسيدة ورئيسة الأقلية في الكونغرس السيدة بيلوسي) نفى هذا الإتهام. عاد السيد أياد وأوحى بضرورة بقاء بعض القوات ولكنه برقع طلبه إذ قال بالإمكان إستدعاء قوات من الأمم المتحدة!!
3.1.4. محاولة توسيع أعمال العصيان في الموصل والرمادي وتكريت لتمتد إلى كافة أنحاء العراق "المحروم من الحرية والخدمات". يطالب هؤلاء بإطلاق سراح المشتبه بتورطهم بأعمال إرهابية وإطلاق سراح السجناء المدانين بالإرهاب وهم جميعاً "أبرياء" بالطبع. لقد رأيتُ بأم عيني شعاراً من شعارات أهل الجنوب مرفوعاً في الموصل. الشعار كان لافتة كبيرة للإمام الحسين. أما تظاهرات الرمادي فقد إلتحق بها أهالي الوسط والجنوب حسب الإدعاء. أعتقد أن كل هذه الحركات ألاعيب بهلوانية لا تنفع بشيء.
3.2. مبررات المحاولة الإنقلابية: المظاهر التي رصدتًها أعلاه والتي تشير إلى وجود تفكير لدى قادة بعض إئتلاف العراقية للقيام بمحاولة إنقلابية، هي نفسها تشكل مبررات في قناعة هؤلاء القادة للقيام بمحاولة إنقلابية وكالتالي:
3.2.1. إغتنام فرصة وجود مجلس المفوضية العليا للإنتخابات الفاسد قبل صرفه وخسران خدماته.
3.2.2. الإستفادة من وجود القوات الأمريكية قبل إنسحابها من العراق لأنها آلة التغيير الحاسمة التي يبدأ مفعولها بعد إنطلاق الخطوة الأولى في اليوم المائة، إذ يؤمل أن يُدفع بالجماهير البريئة إلى الشوارع ليبدأ سيناريو التفجيرات والقتل العشوائي وخلط الحابل بالنابل وإشعال الحرائق في الأبنية الحكومية وربما في بعض السفارات ليصل عدد القتلى إلى أكثر من ألف شخص (لنتذكر مجزرة جسر الأئمة) وهنا يبدأ الدور الأمريكي.
3.2.3. تمديد بقاء القوات الأمريكية في العراق: تشير كل المؤشرات إلى أن الدكتور أياد علاوي وبعض حلفائه في إئتلاف العراقية يريدون بقاء هذه القوات أو بعضها في العراق للإستفادة منها في إنجاح المخطط الالمذكور في الفقرة (1.2) أعلاه.
3.2.4. أحد مبررات هذه المحاولة الإنقلابية هو فتح الطريق أمام تنفيذ مخطط شن حرب على إيران وقطف ثماره.
3.3. المناسبة التي تتم فيها المحاولة الإنقلابية: تتم المحاولة في نهاية فترة المائة يوم التي حددها رئيس الوزراء حيث سيجري في نهايتها تقييماً لأداء كل وزير خلال الفترة المنصرمة وتقييم مدى وضوح ورصانة برنامجه للفترة القادمة ومدى حظوظ نجاحه. يشيع قياديو إئتلاف العراقية أنه لا شيء تغيَّرَ منذ 25/2/2011 ويتحمل المالكي وحده الفشل، لذا فهم يوحون بإندلاع ثورة في ذلك اليوم، بل يحثون على الإنخراط فيها. أعتقد أن هذه مجرد أضغاث أحلام. وقد يحصل العكس إذ حذَّر المالكي وزرائَه وحتى مجلس النواب من أنهم إذا لن يدفعوا الأمور نحو الأمام ويطمئنوا مصالح الجماهير فسوف لا يكون أمامه سوى إقالة الحكومة وتشكيل حكومة بإرادته هو بالتشاور مع الكتل السياسية كافة مع إهمال أية كتلة غير جادة هدفها العرقلة وإقلاق الوضع العام منتظرة بلوغ حالة الفوضى التي "تنبَّأ" بها السيدان أياد علاوي ومحمد سلمان. وإذا أجاب إئتلاف العراقية بواحد من أمرين أو بكليهما، وهو الأكثر إحتمالاً، فسيأتيه الرد المناسب أي: عرقلة أعمال مجلس النواب. هنا يوجد طريقان للمعالجة: أما إقالة رئيسه السيد النجيفي وإنتخاب بديل له؛ وأما حل مجلس النواب وعقد إنتخابات جديدة. والطريق الثاني هو رفع وتيرة الإرهاب وهذا لاقدرة للإئتلاف عليه إذ لو إستطاع ذلك قبلاً لما توانى عن تفعيله. وإذا عوَّل إئتلاف العراقية على التظاهرات في الموصل والرمادي وتكريت فعلى الأرجح ستكتفي قوات الحكومة المركزية، إن وجدت، بالمحافظة الصارمة على أرواح وممتلكات الأبرياء والممتلكات العامة وما عدى ذلك فليتظاهروا ليل نهار وليشنّوا الإضراب عن الطعام حتى الموت فسوف لا يتعاطف معهم أحد من محبي الديمقراطية في العالم لأن هناك ما يكفي من الأدلة التي تحدد الهويات والمقاصد.
4. حصول ثورة شعبية تطيح بالحكومة : إذا كانت الجماهير ترغب في إطاحة الحكومة وحسب، فلماذا الثورة، إذاً، فبإمكان الجماهير حتى حل البرلمان دستورياً إذا تغيَّرَ رأيُها الآن وندمت على التصويت في 7/3/2010 (حسب الطريقة المسرحية التي جرت في ساحة التحرير حيث قطعوا أصابعهم ندماً)؟ يمكن أن تثور الجماهير ضد النظام القائم برمته وهذا يعني أنها إقتنعت بمزاعم قادة إئتلاف العراقية والمتظاهرين في الموصل وتكريت والرمادي. لكن هذا غير وارد بتاتاُ. لا أريد أن أذهب بعيداً في الشرح والبيان فيكفي الناس أن تشاهد صور صدام وأضرابه مرفوعة لتعرف التمثيلية بكامل فصولها. مع هذا لا يتوانى قادة إئتلاف العراقية عن الإيحاء بأن "ثورة" عاتية آتية آتية لا محال بعد المائة يوم. وهذا نوع من أنواع الحث الذي يخاطب اللاوعي لدى الجماهير للتوجه إلى جموع الثورة آلياً دون سؤال أو جواب. ولكن نسى هؤلاء السادة أن الجماهير أثبتت منذ زمن بعيد بأنها أوعى من كثير من المزيفين والأفندية و"المثقفين" فهي تعرف أين تضع ثقتها ومن هو مصدر الخطر عليها وعلى الوطن.
5. إحتمال حلّ الحكومة بطلب من رئيس مجلس الوزراء أي تقديم إستقالة الحكومة ليعيد تشكيلها وقد أشرتُ إلى ذلك في الفقرة (4) أعلاه. هنا لابد من توضيح نقطة هامة. فقد كتب البعض أنه إذا إستقالت الحكومة وأُعيد تشكيلها فسوف لا تكون برئاسة السيد نوري المالكي بحجة وعده بعدم الترشيح لدورة أخرى. في الحقيقة إن وعد رئيس الوزراء يأخذ مفعوله في حالة إجراء إنتخابات جديدة سواءاً إعتيادية أو مبكرة ولا ينطبق على حالة إستقالة الحكومة وإعادة تشكيلها ضمن الدورة البرلمانية الواحدة ولو لعدة مرات.

ختاماً، يتضح مما جاء أعلاه أن كلام قادة إئتلاف العراقية وتهديداتهم بإسقاط الحكومة أو "اللجوء إلى طرق أخرى" أو "الفوضى" ما هي إلا زوبعة في فنجان تُقصد منها إثارةُ الصخب والتشويش وخلط الأوراق ومنح أملٍ للإرهابيين الذين يلفظون أنفاسهم الأخيرة. إنه عبث قاتل.



#محمد_ضياء_عيسى_العقابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية التفكير وشجاعة التعبير عن الراي
- لماذا إجتمع القذافي بالبعثيين العراقيين في هذا الوقت بالذات؟
- إجتماع القذافي بالمعارضة العراقية: كيف ينحط العرب؟
- إيران وإسرائيل وصالح المطلك ورفاقه و -مخطط حرق الأعشاش-
- الإستعداد لمرحلة ما بعد العفو والمصالحة1-2 و 2-2
- لماذا رضخت أمريكا للخطة الأمنية الجديدة
- -العراق ... من أين وإلى أين؟- / الإحتلال وحل الجيش العراقي


المزيد.....




- حفل -ميت غالا- 2024.. إليكم أغرب الإطلالات على السجادة الحمر ...
- خارجية الصين تدعو إسرائيل إلى وقف الهجوم على رفح: نشعر بقلق ...
- أول تعليق من خارجية مصر بعد سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطي ...
- -سأعمل كل ما بوسعي للدفاع عن الوطن بكل إخلاص-.. مراسم تنصيب ...
- ذروة النشاط الشمسي تنتج شفقا غير مسبوق على الكوكب الأحمر
- مينسك تعرب عن قلقها إزاء خطاب الغرب العدائي
- وسائل إعلام: زوارق مسيرة أوكرانية تسلّح بصواريخ -جو – جو- (ف ...
- الأمن الروسي: إسقاط ما يقرب من 500 طائرة مسيرة أوكرانية في د ...
- أنطونوف: روسيا تضطر للرد على سياسات الغرب الوقحة بإجراء مناو ...
- قتلى وجرحى خلال هجوم طعن جنوب غرب الصين


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ضياء عيسى العقابي - إسقاط الحكومة بين الجد والهزل القاتل