أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح وتوت - الرؤية السينمائية في (الفضاء السابع) للقاص طالب عباس الظاهر















المزيد.....

الرؤية السينمائية في (الفضاء السابع) للقاص طالب عباس الظاهر


كفاح وتوت

الحوار المتمدن-العدد: 3356 - 2011 / 5 / 5 - 18:56
المحور: الادب والفن
    


الرؤية السينمائية في (الفضاء السابع) للقاص طالب عباس الظاهر
كفاح وتوت
بالرغم من الاختلاف بين الأدب الروائي والفلم السينمائي حيث إن لكل نوع خصائصه وأدواته ووسائله لكن ثمة علاقة تاريخية وثيقة تربط بينهما من حيث تأثر احدهما بالآخر بتقنيات ووسائل عديدة، وقد يصعب على المرء إن يعرف من إي النوعين ظهرت فكرة معينة أو أسلوب ما، أول مرة ثم انتقل إلى الفن الآخر، وعلى كل حال فإن السينما قد تأثرت بالأدب باعتمادها على القص ، كما وتأثر الأدب أيضا بالفلم السينمائي ، وهذا ما يجسده عدد كبير من الكتاب الروائيين ف(جيمس جويس) يصور حياة شخصياته بتفاصيل كثيرة الشبه بالحياة في السينما كذلك (جان كوكتو) و(آلن روب غرييه) و(همنغواي) وآخرون ومنذ عام 1908 تنبأ (تولتسوي) حول الاختراع الجديد (الفن السينمائي) حيث قال:(إن هذا الاختراع الجديد الذي له يد تدور سوف يحدث ثورة في حياتنا... في حياة الكتاب)
وانطلاقا مما تقدم فقد كانت قراءتي لمجموعة القاص (طالب عباس) الفضاء السابع الصادرة عن دار الشؤون الثقافية العامة بغداد 2002 ،بعدسة ورؤية سينمائية محاولا الإبحار في فضائه السابع الذي أنشأه ، واكتشاف المواقع التي استخدمها لطرح مضامينه بالاعتماد على أساليب ووسائل سينمائية ، وتصوير أحاسيسه وإبراز رؤيته لمكنونات النفس الدفينة ؛ تلك الوسائل التي تتضح جليا من خلال التصوير الذكي لحركة شخصياته، والتقطيع السينمائي في حركة الكاميرا ، والانتقالات والزوايا وحجوم اللقطات وغيرها . وبدءاً من عنونة المجموعة بـ (الفضاء السابع) يحيلنا القاص طالب عباس إلى السباحة الكونية في مساحات ملكوتية رحبة.. لا منتهية ، ذلك الفضاء السامي المتحرر من المحدودية والمادية والمقدس بالعدد (7) فيا ترى أين يكمن هذا الفضاء الرمزي الذي يتحدث عنه القاص؟
ففي قصة(رحلة إلى العالم الآخر) وهي تنتمي إلى قصص الحرب يطلق القاص صرخته وإدانته الواضحة للحرب ، بما تخلفه من الدمار والموت ، فينتقل بروح الشخصية الرئيسية في القصة والتي تحررت من جسدها المرمي بين الجثث ، وهي تتابع وتروي ما يحدث على ارض المعركة بضمير ألـ (أنا) الغائب الحاضر، وهي معلقة بين الأرض والسماء.
يبدأ القاص في هذه القصة بوصف تصويري متألق للسماء الناصعة والغيوم البيضاء وخيوط الشمس المتسللة إليها من بعيد ، فيوجه كاميرته بزاوية من الأسفل إلى الأعلى، ليظهر سمو المنظر بلقطة عامة تظهر جميع التفاصيل بدقة متناهية من وجهة نظر روح الشخصية الطائرة ، وبحركة كامرته من الأعلى إلى الأسفل نحو الأرض اظهر لنا القاص منظرا مناقضا لما سبق ، متمثلا بأعمدة الدخان والجثث البشرية الممزقة على طول الأرض الصحراوية .
إن إبراز التناقض والتضاد والانتقال الحاصل من السماء وصفائها ، إلى الأرض واضطر بها ، يعطي إحساسا بالمكان ويدفع نحو استنباط مجموعة من الدلالات التي تتفجر من خلال هذا الربط المتناقض، وبتقنية لقطة(عين الطائر) وهي زاوية نظر الطائر الذي يرى الأشياء في الأسفل وهو في حالة الطيران، أصبحت كاميرا (طالب عباس) هي الشخصية وهي كمثل الروح التي تنتقل بين الجثث يمينا ويساراً ، وأعلى وأسفل ، ولجميع الاتجاهات بحرية في الحركة ، تعطينا ديناميكية واضحة ، والتي تتميز بها السينما وهذه الحركة المتنوعة التي تخلقها الكاميرا بالتتبع والملاحقة هي في حد ذاتها تسمى في السينما (اللقطة المركبة) وهي طويلة نسبياً ومستمرة دون قطع، حيث إن (الكاميرا- الروح) تنتقل كما تشاء تهبط وترتفع مثل حركة (الكرين) في السينما ، وتستعرض يميناً ويساراً بحركة انسيابية تشبه إلى حد ما، حركة (الشاريو) أي الكاميرا المنصوبة على عربة وتسير على سكة، وتتحرك ثنائية (الروح- الكاميرا) حيث تستمر بمونولوج داخلي يصاحب الأشياء المنظورة من بعيد ؛ فتخترق لترى أدق التفاصيل بوضوح تام ، وهذا ما يعادله في السينما بلقطة(الزوم) الانقضاض على الأشياء لإبراز تفاصيلها وأهميتها .
تقول الروح من خلال السرد:(إني استطيع أن أرى الأشياء على بعد لا يستطيع أقوى ناظور عندنا أن يراه .. هاهم الأعداء أمامي يتحركون .. إني أراهم بوضوح تام ، وهاهي معداتهم وحتى أدواتهم البسيطة والصغيرة أيضا .. مثل الأزرار والرتب العسكرية) وتتساءل الروح عن اعز أصدقائها وهو عبد الجليل وأصدقاء آخرين ، حينما تستدير (الكاميرا- الروح) بالتفاته إلى الخلف لترى أصدقاءها القادمين نحوها ، وكأنهم يتقدمون نحو الكاميرا ثم يجاوزونها فيخرجون من الكادر ثم تستدير (الكاميرا- الروح) ثانية لتظهر الأصدقاء وهم يبتعدون ، ولكن (الكاميرا- الروح) تلاحقهم وهم يواصلون السير؛ فتتابع وترى إن (عبد الجليل) يبكي على جثة ، وتتقرب الروح لتتعرف على الجثة(الزوم) تدريجي ، إلى لقطة قريبة جداً لإظهار (جرح قديم تحت الفم) وإجمالا فيما يخص هذه القصة إنها مبنية بتقنية(اللقطة المركبة) التي تتابع الأشياء بحركات متنوعة دون تقطيع وهذا ما تجسد في القصة منذ البداية وحتى النهاية .
ومن الجدير بالذكر إن هذه القصة تميزت بنوعين من الأنواع السينمائية ؛ النوع التسجيلي الوثائقي والنوع الروائي الحكائي ، وهي بمثابة سيناريو جاهز ومعد للتصوير خلافا لقصص المجموعة الأخرى ، والتي تميزت هي الأخرى بتقنيات سينمائية مختلفة ؛ كالتقطيع والانتقالات كما في قصة(رؤيا) والتي اعتمدت على الحوار والتناوب بالانتقالات بأحجام لقطا ت متنوعة، بأسلوب القطع الاعتيادي.
وفي قصة (القارب الورقي)يجسد القاص سمفونية الطفولة بلقطات شاعرية من خلال وصفة لتلك البركة المائية التي تجمعت فيها الإمطار والعلاقة الحميمية بين الطفل وقاربه الورقي الذي دفعه إلى البركة ، وانتقالات الطفل من جهة إلى أخرى عندما تعثر قاربه في الماء بفعل هبوب الهواء ، هذه العلاقة وهذا التتابع بين الطفل والقارب ؛ يتجسد بلقطات متنوعة الأحجام وتقطيعات وانتقالات تبرز تلك العلاقة القوية بذلك القارب الذي يمثل بالنسبة إليه حلمه الوحيد ولاشيء في العالم سواه ؛ فالقارب هو رمز قوي استخدمه القاص رمز مستوحى من الواقع المرير ذاته ، رمز واقعي ليس مقحماً وهو ما ترتئيه السينما، وعند تساقط المطر مرة أخرى على القارب وتبلله بلقطة قريبة ثم الانتقال إلى الطفل (لقطة كبيرة) تظهر مشاعره وانكساره وكالاتي:
(اخذ القارب يتهدم..) لقطة متوسطة (وعيناي مشدودتان إليه بعنف) لقطة كبيرة (انه ينحل أمامي..) لقطة قريبة (وأنا ارقبه بألم وصمت..) لقطة كبيرة (غرق القارب..) لقطة كبيرة (سرعان ما أخذت قدماي كأنهما تسابقان سرعة نزول المطر..) انتقاله بطريقة المزج لإيجاد العلاقة بين غرق القارب وانكسار الطفل ، هذا التقطيع جسد من خلال السرد بشكل موفق لإبراز أحاسيس الطفل وأهمية القارب بالنسبة له.
ومابين الحلم والتداعي وحالة الانتظار والترقب والمعاناة التي تعيشها المرأة الحديدية داخل غرفتها ، يتداخل القاص بسرده بانتقالات سلسلة صاعدة ومنحدرة للكشف عن ماهية شخصية الرئيسة في قصة (صراخ الصمت) المكتوبة بأسلوب تيار الوعي .
وقد وظف القاص (طالب عباس) جملة من المؤثرات الصوتية فقد تكرر بعضها في أكثر من قصة (طرقات الأبواب واصطفا قها- صفير الريح- وقع الأقدام- اصطكاك الأواني المعدنية في المطبخ - خرير الماء وتلاطم المياه- صفارات الحراس- الهمس) وحتى الصمت والسكون كان لهما دلالات كبيرة ، كل تلك المؤثرات وغيرها ؛ وظفت لأغراض عديدة، مرة للتعبير عن البعد السايكولجوجي للشخصيات، وأخرى للتداعي والاستنكار والحنين ، وأخرى لكسر حاجز الصمت والسكون؛ فبذلك يدخلنا القاص في أعماق شخصياته، فيعطينا صورة سمعية مرافقة للصورة المرئية؛ تحيلنا إلى دواخل تلك الشخصيات والغور في أعماقها السحيقة ، فهي تتناغم وتدل فينكشف عن شيء ما ، في مكان وتتناوب بطريقة مونتاجية وبنائية متصاعدة في مكان آخر، كما في القصص (صراخ الصمت - نداءات الوهم- المجنون- ميعاد - القنطرة).
إن الصوت عند القاص (طالب عباس) له دلالة رمزية وذو أهداف تخدم بناء النص القصصي وتدفعه إلى أمام ، وقد استخدم ذلك استخداماً فنيا يميل ويقترب إلى طريقة استخدام الصوت في السينما ، فكل صوت له دلالة ومعنى حتى الهمس والصمت لهما معنى أيضا.
إن الفضاء السابع .. فضاء واسع ، انه فضاء (طالب عباس) مثلما هو فضائي وفضاؤك وفضاء كل إنسان .. ليس فضاء علوياً فحسب، وإنما فضاء سفلي وعميق بجذوره ، لذا يقول القاص في إهدائه المدون في بداية المجموعة:(هناك في الأعماق السحيقة لكل منكم ..في دهاليز ذاته المنسية..عند قاع البئر.. يربض مجنون..إليه فقط دونكم أقدم هذا الاختراق).
****************************************************************************************



#كفاح_وتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح وتوت - الرؤية السينمائية في (الفضاء السابع) للقاص طالب عباس الظاهر