أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان البغدادي - سوريا ليست أكوام الحجارة














المزيد.....

سوريا ليست أكوام الحجارة


إيمان البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 3355 - 2011 / 5 / 4 - 13:47
المحور: الادب والفن
    


هناك ..عند بداية الطريق لقاسيون ..مجموعة من الشباب والشابات يتمشّون بحرية..دون تأنقٍ في المسير
يتراكضون جانب بعضهم البعض .. يتسامرون.. و يضحكون من القلب


وعلى الرصيف ..تبدو تلك السيدة مع زوجها الستيني مستمتعة بطعم البزر الأسود المحمّص.. بينما هو يأكل الفول المسلوق أمام العربة المزيّنة بالليمون والخرز و منمنمات دمشقية كثيرة.. يأكلان و يستمتعان ...يمسكان بأيدي بعضهما كعاشقين في العشرينيات..يقهقهان بصوت عالٍ بينما يلقيان بالقشور على سفح الجبل دون اكتراث


وعند ذلك المفرق.. يشارك النسيم برسم قصة حبٍّ جديدة ..فيرطّب حرارة عاشقين هاربين من قبضة الزمن يسرقان بعض القبلات الدافئة


و على قمة قاسيون ..تقف فتاة بشعرها الناعم الكستنائي..لا تكترث لمعاكسات الهواء الذي تسلل لساقيها فباعد بنطالها الفضفاض عن جسدها النحيل.. تقف كالوتد المشدود مشغولة بمحاكاة المشهد الرائع و كاميرتها الاحترافية .. يلتقطان الكثير من الصور... التي أعتقد أنها ستكون صوراً مميزة وجميلة ستضيفها تلك الصبية لألبومها وذكرياتها الخاصة


وعند ذلك المطعم يحاول طفلٌ في العاشرة أن يقنع شاباً بأن يشتري الورود الحمراء للفتاة التي يتأبّط ذراعها ...و يدعو لهما بأن يتزوجا بسرعة

وفي منتصف الشارع ..شابٌ يقود سيارته بسرعتها القصوى وصوت الأغاني يصدح منها بأعلى الصوت
و قبل بوابة مقهى " أحلى طلّة" ببضع أمتار ..وقبل أن ألتقي بأصدقائي هناك..و بالقرب من أزهار المنتور أُطلّ على دمشق..ألتهم هواءها المجنون دون أن أخشى التخمة..هناك حيث أعشق تقبيل وجه دمشق الجميل مرات كثيرة..و أعشق معانقتها كلها دفعة واحدة ..هناك حيث أسترخي باستسلام لذلك النسيم الطيب ليعبث بي و بمشاعري و بذكرياتي العتيقة


هناك في قلب دمشق النابض..وعلى قمة قاسيون.. لا أحد يحاسب أحد.. لا على طريقة مشيه.. ولا على طريقة حُبّه.. ولا على طريقة ضحكه..و لا أحد يُشكّك بهويّة أحد.. ولا أحد يترصّد لأحد.. ولا أحد يسرق فرح أحد.. ولا أحد يُهين أحد..هناك..مهما فعلنا ..يبقى قاسيون يحملنا على كفّه بمحبة وأمان ..لا يرمينا و لا يخنقنا ...ولا يتنكّر لنا..و لا يرجمنا بحجارته..و لا يطالبنا بشيء كي نمشيه ويمشينا.. ولا يطردنا مهما أطلنا عليه الغياب

هناك ..في سوريا..كم أحتاج لدعاء أجدادي و جدّاتي على اختلافاتها وكثرتها...وكم أحنّ لأحاديث أمهاتي ولأطباقهن الشهيّة..وكم أشتاق للنقاشات الطويلة والساخنة مع آبائي ..فمن مثلنا نحن السوريّون والسوريّات؟؟ حيث لنا بدل الأم الواحدة آلاف الأمهات..و بدل البيت الواحد آلاف البيوت..وبدل الأب الواحد آلاف الآباء .. وبدل الصديق الواحد آلاف الأصدقاء

في سوريا من المستحيل أن يصبح المرء يتيماً أو أن يكون وحيداً


سوريا ليست مساحة جغرافية جميلة كما يظنها البعض.. سوريا ليست حدود مشتركة مع دول أخرى..سوريا ليست أكوام الحجارة...سوريا هي أولئك الناس الرائعين الطيبين المبدعين الذين لا يعرفون سوى الحب والعطاء..سوريا هي البيوت المشرّعةٌ أبوابها للجميع .. هي رعشات الحب...هي شتلات الياسمين التي تزرعها أمهاتنا..هي قهقهات البحرات ..هي زهر النارنج والليمون..هي فرحة جدّةٍ بحفيدها الأول ...حيث تنسى وجعها و ترقص حينها حافية القدمين..سوريا هي حديقة رائعة متنوعة من الفراشات والأشجار ..كلها تنتمي لنفس التربة وكلها تشرب نفس الماء وتتنشق ذات الهواء..سوريا هي نحن ..سوريا هي الإنسان والحب و الحرية و العفوية والجمال والأمان..و غير ذلك لا تكوني سوريا يا سوريا


كم أشتاقك يا سوريتي..كم أشتاقك يا حبيبتي
كم أشتاق لأعانقك من جديد
ولأبكي على صدرك ...أبكي و أبكي دون أن يحاسبني أحد

إيمان البغدادي



#إيمان_البغدادي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سيرسكي يكشف رواية جديدة عن أهداف مغامرة كورسك
- الأفلام السينمائية على بوصلة ترمب الجمركية
- الغاوون:قصيدة (وداعا صديقى)الشاعر أيمن خميس بطيخ.مصر.
- الشَّاعرُ - علاَّل الحجَّام- فِي ديوان - السَّاعَةِ العاشِق ...
- محمد الغزالي.. الداعية الشاعر
- تحقيق المخطوطات العربية.. بين إحجام العالم وإقدام الجاهل
- رواية -نيران وادي عيزر- لمحمد ساري.. سيمفونية النضال تعزفها ...
- فنانة تشكيلية إسرائيلية تنشر تفاصيل حوار خطير عن غزة دار بين ...
- مغني راب أمريكي يرتدي بيانو بحفل -ميت غالا- ويروج لموسيقى جد ...
- فنانو أوبرا لبنانيون يغنون أناشيد النصر


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان البغدادي - سوريا ليست أكوام الحجارة