أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صقر - قراءة سيميولوجية في مسرحية أحذية الدكتور طه حسين .. لسعد الدين وهبة















المزيد.....


قراءة سيميولوجية في مسرحية أحذية الدكتور طه حسين .. لسعد الدين وهبة


أحمد صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3354 - 2011 / 5 / 3 - 21:16
المحور: الادب والفن
    




قراءة سيميولوجية في
مسرحية أحذية الدكتور طه حسين
(عنصرى الشخصية والإرشادات المسرحية)
أ.د أحمد صقر كلية الآداب – جامعة الإسكندرية
========================
أ- الشخصية:
عند الحديث عن المنهج السيميولوجى فى مجال الإبداع المسرحى. فإننا لابد وأن ندرك بداية "أن التطبيق سيتم على مستوى النص الدرامى المبدع من قبل المؤلف المسرحى، وإن كنا نرى أهمية مستوى العرض المسرحى أكثر، والسبب فى ذلك أن العلامات المسرحية المجسدة على خشبة المسرح وهى كثيرة- الممثل الذى كان شخصية على الورق- الفراغ المسرحى بما يشغله من الديكور المسرحى- الملابس- المؤثرات- الموسيقى- الأكسسوارات، كل هذه علامات لها الكثير من الدلالات المسرحية التى بها تكتمل العلامة الكبرى للعرض المسرحى.
إن النص المسرحى يتضمن رسالة يتم بثها عن طريق المؤلف، ثم يلتقطها المخرج ليغوص الممثل ومعه مجموعة من الإرشادات النصية لتوصيلها إلى المتلقى أى إلى القراء، غير أن هذه الرسالة لا تصل بشكل مباشر ساذج على طول الخط، بل تتضمن مجموعة من الشفرات التى يحتاج حلها إلى إحالة مرجعية للقارئ لفك شفرات هذه المسرحية، وبذلك يوضح الشكل رقم (1) سير عملية الإرسال والتلقى للنص المسرحى:




نص المسرحية شكل (1)
مرسل ---------------- ---------------------------رسالة-------------------------------------مرسل إليه

(ممثل) - وسيلة اتصال - الجمهور
صاحب منفعة قراءة النص تعود عليه أيضا
أو مصلحة - كودات النص المنفعة


تعد الشخصية المسرحية على مستوى النص الدرامى علامة يقع على عاتقها مهمات كثيرة فى دفع الفعل وإتمام المفعول على مستوى النص الدرامى، وهو ما يجعلنا نؤكد أن الشخصية تتطور مثلما يتطور الفعل فى العمل المسرحى، وبذلك يترتب على تطور الشخصية أنه "تبنى وفقاً لمحور الزمان تحت عينى القارئ أو المتفرج، وتبنى على مراحل، حسب كود (شفرة) معين، ولا تعود إلى الوراء"( ).
إن الشخصية المسرحية فى النص المسرحى قد تكون فاعلة ومرسلة للفعل إلى المتلقى، وقد نجد من يساعدها لتحقيق المفعول واتمام ما يترتب على الفعل طوال أحداث المسرحية أو نجد من يعارضها من الخصوم والعكس صحيح، بمعنى أننا عندما نتعرف على موقع الشخصية المسرحية نستطيع بعدها أن نتعرف على مجموعة من العلامات الصغرى التى تحدد أبعادها علامة كبرى مثل ملابسها، سلوكها، شكلها، ماضيها، علاقاتها السابقة والحاضرة، كل هذه العلامات الصغرى بعد أن نحددها نستطيع سيميولوجيا أن نحلل هذه الشخصية أو تلك.
تناول بروب فى دراسته للحكايات الشعبية" نموذج الأفعال واستطاع أن يحدد إحدى وثلاثين وظيفة للحكاية الشعبية، وحدد كذلك سبعة مجالات للفعل تستطيع أن تؤديهم وتختلف الشخصيات وتتفق مع الفعل طبقاً لوظيفتها.
استكمل هذا المشوار الذى بدأه بروب رائد من رواد البنيوية هو جريماس الذى تأثر بسوريو ونموذجه الذى يتضمن ستة أدوار للشخصية.
نموذج جريماس شكل (2)

مرسل مرسل إليه


فاعل ----------------------------------- مفعول

مساعد معارض

يقدم أحياناً هكذا (متأثر بما أضافته آن أوبرسفلد)

مرسل --------------------------------مفعول -------------------------------------مستقبل ( مرسل إليه )


مساعد --------------------------------فاعل ---------------------------------------معارض


إن عملية تحليل الشخصية المسرحية تحليلا سميولوجياً "عملية بالغة التعقيد حيث يصعب تتبع أحد الخيوط وتحليله حتى النهاية دون أن يتقاطع مع خيط آخر حيث تتشابك جميع الخيوط ذلك أن الشخصية المسرحية عند تحليلها يحدث نوعاً من التعارض أو المقابلة، وهو ما يوضح مثلا أن شخصية الحاج رمضان يقابلها شخصية سعيد المثقف المتعلم الراغب فى تكوين مكتبة، كذلك شخصية سعيد يقابلها أيضاً شخصية أخرى تبرزها وتوضح الاختلاف فى قيم كل منها وبالرجوع إلى الجدول الشهير الذى وضعته آن أوبرسفلد لتحليل الشخصية، فإننا نراها تركز على الشخصية على مستوى النص والعرض مع التعرف على الوظيفة الفاعلية للشخصية، وكذا موضوع الخطاب المسرحى الذى تعد شخصية سعيد فى هذه المسرحية صاحبة الخطاب الرئيسى إلا أن كيكى تشاركه الخطاب المسرحى، وكذا الحاج رمضان.
إن الشخصية المسرحية فى النص المسرحى، إنما يقع على عاتقها مهمة توصيل الخطاب المسرحى الذى هو "مجموعة من العلامات اللغوية التى ينتجها العمل المسرحى" ويتميز الخطاب بأنه ينبعث من مرسل ويكون هو بداية مؤلف النص الذى يحيله إلى الشخصية، والتى تصبح بطبيعة الحال هى الفاعلة يصل هذا الخطاب المسرحى عبر شفرات كودية أو قنوات تكون عن طريق القراءة بالنسبة للنص المسرحى وهو- أى الخطاب- يحمل بمجموعة من الشفرات والرموز يحلها المستقبل أى القارئ أو المرسل إليه".
تطرح المسرحية قضية النزاع بين قيم الثقافة وقيم الانفتاح الاستهلاكى، ويمثل سعيد قيم الثقافة فى مواجهة قيم الانفتاح الاستهلاكى الذى تمثله كيكى، فهذا سعيد الذى يسعى إلى شراء دكان قديم يمتلكه الحاج رمضان ليفتتحه مكتبة، إلا أن الحاج رمضان الذى كان يمتلك بقالة قديمة، وأغلقها بعد أن أدرك أن البقالة القديمة لم تعد تدر عليه الربح لذلك يفكر فى أن يبيع هذه البقالة ليشارك فى "نايت كلوب" وتظهر كيكى التى تصر على شراء الدكان من الحاج رمضان الذى تغريه الأموال، ويحاول أن يقنع سعيد أن يعدل عن رأيه، وألا يضيع أمواله فى هذا المشروع الخاسر أى المكتبة والقراءة والثقافة، بعد ذلك يحدث التحول فى شخصية سعيد بعد أن تنجح كيكى فى شراء الدكان وتقرر تحويله إلى محل أحذية، وكان سعيد قد فكر فى مكتبة الدكتور طه حسين، فلا يجد ما يمنع من أن يصبح اسم المحل هو أحذية الدكتور طه حسين، وليس هناك أيضاً ما يمنع من أجنحة شباشب الحكيم وقباقيب العقاد.
إن عدد الشخصيات فى هذه المسرحية، ليس بكثير،إذ يبلغ عددهم ثلاثة شخصيات هم الحاج رمضان، سعيد، كيكى، إضافة إلى مساعدة كيكى وهى امرأة بدينة كبيرة السن صامتة يمثلون جميعاً الشخصيات الرئيسة للمسرحية، وتحتل كل منهم مساحة تكاد تكون متساوية فى النص المسرحى، غير أن الخطاب المسرحى هنا تتقاسمه الشخصيات الثلاث سعيد، كيكى، رمضان هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى فإن كلاً من هذه الشخصيات يتميز بمجموعة من العلامات المميزة التى تميز كل واحدة عن الأخرى، وهو ما سوف يتضح أكثر عند تحليل الإرشادات المسرحية سيميولوجيا، فمثلا علامات السن والشكل المادى والزى والوظيفة الاجتماعية كلها علامات تحيل القارئ إلى معانى متعددة فى النص يستطيع الوصول بعدها إلى مجموعة المعانى المتولدة عن هذه المسرحية.
إن الخطاب المسرحى لشخصية سعيد يحمل الكثير من المعلومات الثقافية (سعيد) الاجتماعية (سعيد/كيكى) النفسية (سعيد) الأخلاقية (كيكى/سعيد) هذا من ناحية.
ومن ناحية ثانية فالخطاب المسرحى يكشف عن جملة التناقضات التى تعيشها الشخصيات (خاصة سعيد) فى الأقوال والأفعال، إذ بدا سعيد متمسكاً بالمبادئ فى أول المسرحية، ثم سرعان ما يتخلى عنها فى نهاية المسرحية مما يجعل التناقض أساس سلوك سعيد.
إن الشكل التالى سيوضح الشخصيات المسرحية، وإمكانية تحليليلها سيميولوجيا طبقاً للنموذج التالى:
شكل (3)

مرسل مرسل إليه ( المتلقي )
المجتمع بقيمه كل من سعيد وكيكي
الجديدة المتغيرة صاحبا المصلحة ومعهما الحاج رمضان



فاعل -------------------------------------------------------------- المفعول
سعيد / وكيكي سعيد / كيكي



مساعد الخصم
الحاج رمضان ثم يتحول سعيد ليصبح مساعد كيكي تمثله كيكي في البداية ثم سرعان ما يتحول سعيد من معارض
لها إلي مؤيد لأفكارها

إن أوبرسفلد أوضحت من خلال تحليلها للشخصية أنه بإمكاننا عند دراسة الشخصية أن نأخذ فى الاعتبار علاقة الشخصية بباقى الشخصيات وعلاقتها بالوظائف والأساليب الدلالية المتعددة"( ) ذلك أن شخصية سعيد كشخصية فاعلة لها وظيفة أجرومية" محددة هى كونها تمثل أجرومية محددة هى كونها تمثل الثقافة والعلم، ولكن لها وظيفة أخرى مناوئة تمثلت فى تحولها إلى جانب شخصية كيكى. كذلك تمثل شخصية كيكى على المستوى العلمى مستوى استعارياً وكناية للانحلال الأخلاقى، وتردى القيم الإيجابية والثقافية للمجتمع، أما عن الإطار المرجعى للشخصيات، فإن كلاً من شخصية الحاج رمضان وشخصية سعيد وشخصية كيكى تمثل أطراً مرجعية للقراء والمشاهدين بما تثيره لديهم.
ذلك أن شخصية الحاج رمضان تمثل الماضى البعيد بما تحمله الشخصية من دلالات وإن جاز التعبير من مستوى شفرى معين يمكننا أن نحل شفرة هذه الشخصية فى سياق قراءة الن أو أثناء العرض. أما عن دلالة كل شخصية من شخصيات المسرحية على المستوى الايحائى، فإن شخصية كيكى هى دلالة لما آلت إليه أحوال المجتمع المصرى فى أعقاب الانفتاح الاقتصادى، ويمكن أن تعطى القارئ الكثير من الايحاءات عن هذه الفترة، كذلك شخصية سعيد تعطى الكثير من المثقفين إيحاءات ودلالات عما آلت إليه أحوال الثقافة، ويستطيع المخرج أن يتزود ويطرح هذه الإيحاءات- ما لم يرد منها فى النص- على خشبة المسرح.
وهذا نموذج لثلاثة أشكال متتالية توضح سيميولوجيا ملامح الشخصية فى النص المسرحى، أخذية الدكتور طه حسين".
شكل (1)
(شبكة العلاقات )
الحاج رمضان ------------------------------------------------------------------------------ الحاج رمضان تتغير أفكاره
مؤمن بأفكار المجتمع بعد مرور 25 سنة تتغير القيم وتتحطم الآمال


 شكل (2) ( شبكة العلاقات )
سعيد يمثل طبقة المثقفين --------------------------علاقة صدام احدثت التفاعل --------------------الراقصة كيكي تمثل الطبقة الجديدة أو الانفتاحيين


علاقة محايدة علاقة محايدة


الحاج رمضان يمثل البسطاء من الشعب



شكل ((3) شبكة العلاقات
م 1 م2 م3
الراقصة الحاج رمضان تغير قيم المجتمع

سعيد ------معارض -------------محايد ------------معارض -------------------سعيد يحمل أفكارا وقيما جديدة
يحمل قيم الثقافة والعلم مؤثرات تؤدي إلي تغير منهج سعيد في الحياة
م1+م2+م3 >م4
البداية في النهاية


ب- الإرشادات المسرحية (تطبيق على مسرحية أحذية الدكتور طه حسين):
تغافل الكثير من المتهمين بالحركة المسرحية منذ بداية المسرح الإرشادات المسرحية، وكما يقول تيرى أيجلتون فى معرض حديثه عن النص الدرامى، وما يتضمن من إرشادات، أن نظرة سريعة على قراءة النص الدرامى سوف تفيد فى شرح السبب فى أن الإرشادات المسرحية عموماً كانت إما أن تكون موضع تجاهل تام، أو تؤخذ باعتبارها أمرا يسلم به وكفى. لقد كانت موضع تجاهل خاصة من قبل النقاد الذين يمتلكون القدرة على الإقناع الأدبى"( ).
إن الإرشادات المسرحية هامة فى مجال التحليل السيميولوجى للنص الدرامى، ذلك أننا عندما نقرأ مسرحية ما، فإننا نتعرف على هذه الإرشادات من قبل المؤلف المسرحى ما يتعلق بمصمم الديكور، وأخرى خاصة بالمخرج، وثالثة خاصة بالممثل، ورابعة خاصة بنا نحن قراء المسرح، ذلك أننا نتعرف على هذه الإرشادات داخل الحوار الدرامى أو خارجه، وهى ذات أهمية من حيث "دراستها للممارسة المسرحية باعتبارها دالا، موازيا للحوار يسمح بالقراءة بعيداً عن المنظر وفعل الأداء، كما هو الحال مثلاً فى التدريبات التى تجرى على النص".
قسم كثير من الدراسين" النص الدرامى إلى قسمين، قسم يضم النص الرئيسىHaupttext وهو نص الحوار الدرامى فقط، والذى يستطيع القارئ أن يقرأه والمشاهد يستمع إليه، والنص الفرعىNebentext ويعنى به نص الإرشادات المسرحية التى كثيراً ما يتغافلها القارئ لكونها تعيق سير تتبعه لقراءة المسرحية وأحداثها وأفعالها، وأما على خشبة المسرح فلا تحتل فى كل الأحوال أهمية كبيرة، وفى بعض الأحيان قد تفسر لصالح النص وفى بعضها الأخر يتغافلها المخرج أو مصمم الديكور أو حتى الممثل.
إن هذه الإرشادات تحقق- إن نحن ركزنا عليها- الكثير من الدلالات التى تساعد على فهم النص، فهى بداية نظم دالة تكمل بعضها البعض، وتساعد على فهم نوايا الكاتب تجاه الشخصية. إن اهتمام الكتاب المسرحيين بالإرشادات المسرحية قد كثر منذ القرنين التاسع عشر والعشرين، إذ تجسدت الكثير منها من أجل تجسيد النص المسرحى سواء فى حالة القراءة أو العرض، فمثلا عندما نقرأ مسرحية "لعبة النهاية" لصمويل بيكيت نجد الكثير من الإرشادات للشخصيات (هام وكلوف) بحيث إنها تبلور أهيمتها، وأنها عامل مساعد وهام فى توصيل المعنى الدلالى للنص، كذلك قد تتناقض الإرشادات المسرحية مع الفعل فى المسرحية، بمعنى قد يضمن المؤلف بين الأقواس الإرشادات المسرحية ببعض التوجيهات، إلا أن أداء الحركة عند الممثل تأتى مخالفة لها، يقول مارتن اسلن" إن الدراما أساسا حدث محاكى. وإذا كان ثمة التناقض بين الكلمات والفعل، تكون السيادة للفعل. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك نهاية مسرحية " فى انتظار جودو "لصمويل بيكيت، حيث يتناقض الطلب اللفظى (هيا نذهب!) مع الفعل المشار إليه فى النص الفرعى (لا يتحركان)، وهنا يتكشف عرضاً القصور الأدبى للمفردات النقدية".
إن الإرشادات المسرحية تقدم إلى قارئ النص الكثير من الدلالات. ذلك أن المؤلف يعرفنا بالشخصية، عمرها، ملامحها المادية، ملابسها، مكانتها الاجتماعية، كما يحدث فى بعض الأحيان أن تكون دلالات الأسماء فى النص ذات معان يضمنها المؤلف فى الإرشادات المسرحية، فعندما تحمل شخصية "منتصر" وشخصية "مؤيد" فى مسرحية "كيف تصعد دون أن تقع" لوليد إخلاصى، هذه الأسماء بما لها من معان فى النص ودلالات يستطيع القارئ أن يجد حالة من حالات التوحد فى المعنى والدلالة بين اسم الشخصية وفعلها، ومما يؤكد أهمية الدلالة فى التحليل السيميولوجى بشكل عام والشخصية بشكل خاص.
مما سبق نستطيع أن نؤكد على أهمية الإرشادات المسرحية، وفى حالة غيابها عن النص الدرامى، فإن موقعها فى النص لا يخلو تماماً بما أنها تضم أسماء الشخصيات التى ترد ليس فقط فى القائمة الأولية ولكن أيضاً داخل الحوار، بالإضافة للإرشادات المكانية. وبذلك تجيب الإرشادات المسرحية على سؤالين هامين هما: من؟ وأين ؟ فهى تشير إلى سياق عملية الاتصال، وتحدد بذلك العمل التداولى (البراجماتى) أو الظروف المادية للاستخدام اللغوى: ونرى بذلك كيف تؤدى نصية الإرشادات المسرحية إلى استخدامها أثناء العرض حيث إنها لا تظهر فى صيغتها اللغوية".
إن أعمال مسرحية بأكملها ارتبطت فى المسرح المعاصر عند أداموف وجان جينيه وصمويل بيكيت، بالإرشادات المسرحية، حيث احتلت أهمية كبرى فى النص. كما نجد فى مسرحية "فصول بلا حوار" (فصول بلا كلمات) التى يتكون فيها النص المسرحى من مجموعة من الإرشادات المسرحية، وعلى الممثل أن يجسد الكلمات اعتمادا على لغة الجسد بعيد عن التعبيرات اللفظية المعهودة واقتصاراً على دلالات الكلمات المجسدة بفعل الجسد للممثل على خشبة المسرح.
إن النص الفرعى الذى يتعلق بالإرشادات المسرحية الموجه من المؤلف إلى القارئ، الممثل، المخرج أو غيرهم من القائمين على العملية المسرحية، ذات أهمية- كما يرى مارتن أسلن- بالنسبة للعمل المسرحى أكثر من الحوار الدرامى، ذلك أنها تحقق الكثير من الدلالات والمعانى بالنسبة للشخصيات ولفعل الحديث والمكان، بل ولكل عناصر العمل المسرحى، فمثلاً عندما نقرأ مسرحية "أحذية الدكتور طه حسين" نجد بداية أن الإرشادات المسرحية للنص تتمثل فى افتتاحية المسرحية حيث تشير الإرشادات إلى المكان الذى ستجرى فيه الأحداث، وهو محل بقالة به أرفف قديمة خالية من البضائع، به بعض الأشولة والصناديق التى تعيق حركة المرور دلالة على ما أصاب الحاج سعيد من انتكاسة اقتصادية هذا إلى جانب بعض اللافتات منها ما تشير إلى القناعة والتى هى كنز لا يفنى، وهى دلالة ستتولد المعانى الجديدة عندما يحدث التحول للحاج رمضان تحت تأثير ظروف المجتمع الانفتاحية، وتصبح القناعة ليس لها قيمة. كما توضح الإرشادات فى بداية المشهد الأول أيضاً ملامح شخصية سعيد التى تعطى دلالة لكونه شخصية مثقفة يحمل شنطة سامسونيت، كما قدمت هذه الإرشادات فى إعطاء مهندس الديكور ملامح المكان الذى ستجرى فيه الأحداث من أنه محل قديم فى حارة يتفرع من شارع قصر النيل مع بعض الأرفف والصناديق الخشبية القديمة.
كما ألمحت دلالة المكان للمثل سواء سعيد أو الحاج رمضان ببعض المعانى التى سيولدها الممثل خاصة شخصية الحاج رمضان المرتبطة بجلوسه خلف المكتب، وهو يشرب الشيشة .
أما علاقة الإرشادات بشخصيتى سعيد وكيكى ودورها كدلالات تفهمنا وتساعدنا على فهم تطور أبعاد الشخصيات، كذلك تساعدنا على فهم النص نستطيع أن نركز عليها على النحو التالى:
أ-سعيد: يدخل الأستاذ سعيد وهو يحمل فى يده شنطة سامسونيت سوداء يحي الحاج الذى يقوم لمصافحته ثم يعود للجلوس ص 90-(ينظر هو إليه ويعاين المحل ببصره) مش بطال ص 90.
- يقف سعيد ويقف الحاج ويتصافحان ويبدأن فى قراءة الفاتحة ص94.
- يحدث تحول بعد لقاء الحاج رمضان المرة الثانية.. (بدأ يتوجس) يعنى أيه ص95.
- (يضيق) عاوز تقول أيه يا حاج ص 95.
- يعاوده الأمل فى أن الحاج رمضان لم يبع المحل لكيكى (يفرح) ينصر دينك يا معلم ص 96.
- يفشل فى شراء المحل لأن كيكى زادت على المبلغ (ضاحكاً) أزود لا... إنما ممكن أنقص ص97.
إن الإرشادات هنا كانت دلالات استطاعت أن تطلعنا على تطور شخصية سعيد وعن تحولها بعد ذلك صدامها مع واقعها الأليم.
ب- كيكى: كيكى فى الخامسة والأربعين جميلة ترتدى ملابس كالطاووس وخلفها سيدة بدينة كبيرة السن تحمل حقيبة متوسطة الحجم ص97.
- تقابل سعيد (تصافحه ويعزم عليها الحاج فتجلس ويجلس الحاج وسعيد أما المساعدة فتجلس بعيداً) ص 97.
- بعد أن تسمع أن سعيد يريد شراء المحل، وأن الحاج رمضان جمعهما للاتفاق على من سيؤول إليه المحل تقول للحاج: نتفاهم فى إيه (تلتفت لسعيد) الأستاذ عاوز يزود.
- (تقوم كيكى وتمشى فى المحل وتقف فى ركن ونلاحظ وجود اللافتة الورقية فى الركن تمد يدها فتفردها وتحاول القراءة) ص 99.
- (تحاول القراءة) مكـ... تبه طه حسين ... مين ده.
إن الإرشادات السابقة أطلعتنا على كثير من المعانى والدلالات التى أسهمت بدورها فى فهم هذا النص وشخصياته، كما أنها عند تحديدها، وكما سبق وأشرت تعادل المعادلة الرياضية أو التمرين الهندسى الذى يفترض فرضية. ثم يحاول أن يضع من خلال خطوات التمرين ما يوصلنا إلى النتيجة. وهذا ما حدث مع كل من شخصية سعيد وكيكى اعتماداً على الإرشادات المسرحية.




#أحمد_صقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدرسة الشكلية الروسية ... قراءة في النقد المعاصر
- قلبي يئن لكن مستقبل مصر أهم
- شهداء 25 يناير وعيد الأم .
- المسرح المصري في السبعينيات وقضايا الانفتاح الاقتصادي .
- الكوميديا في المسرح المصري (دراسة في نظرية الكوميديا العربية ...
- مشروع المسرح الفيدرالي وانعكاساته الايجابية علي استمرار الدر ...
- الشخصية النسائية في مسرح توفيق الحكيم .
- العلاقة بين المسرح بوصفه ظاهرة احتفالية اجتماعية وبين الحيز ...
- مسرحية السلطان الحائر .. الرؤية الإخراجية وضياع القضية ( رؤي ...
- صورة المرأة بين المسرح النسائي ومسرح نصرة المرأة .
- قراءة نقدية تحليلية في مسرح نجيب سرور .
- رسالة عاجلة إلي وزير التربية والتعليم العالي
- الكوميديا في االمسرح المصري ..دراسة في نظرية الكوميدية العرب ...
- لا .. لسارقي أحلام شباب 25 يناير .قراءة في ثقافة المتسلقين .
- الخطاب المسرحي في مسرحية مغامرة رأس المملوك جابر التراثية (ر ...
- مسرح المونودراما وخصوصية البنية النصية والعرض .
- ماذا ننتظر وينتظر مبارك من بقائه في شرم الشيخ .
- الثورة المصرية بين وطنية النشأة وعولمة العلاج في التصدي لها
- المونودراما ... ظاهرة المسرح الفردي بين القبول والرفض .
- ملفات الفساد


المزيد.....




- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد صقر - قراءة سيميولوجية في مسرحية أحذية الدكتور طه حسين .. لسعد الدين وهبة