أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عبد العزيز - بطل نجيب محفوظ/ صابر الرحيمى يجد أبيه فى ميدان التحرير؟















المزيد.....

بطل نجيب محفوظ/ صابر الرحيمى يجد أبيه فى ميدان التحرير؟


حسين عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 3354 - 2011 / 5 / 3 - 21:16
المحور: الادب والفن
    


اليأس يأكل قلب صابر.. وشبح الانتحار يحوم حوله .. فقد فقد الأمل تماما فى أن يعثر على أبيه الذى أضاع عمره فى البحث عنه، بل صابر لم يعد قادر فى أن يجب على نفسه "لماذا يبحث عن أبيه" وهو الذى كان يمكن أن يجد له أكثر من أب يمتد منه الأمل/ ويكون هو العون الذى يدفعه إلى الأمام، وهذا هو دور الأب فى حياة أبناءه. فحزن صابر لم يعد له من معنى فعملية بحثه عن أبيه هى أشبه بعملية عبثية لن يصل من خلالها إلى معنى أو هدف. فبحثه عن أبيه قد أضاع عمره.. وجعله يقدم على ارتكاب جريمة قتل؟؟ وبفعل أشياء ما كان لإنسان سوى أن يقوم بها.
فهل هو حقا يبحث عن أبيه لأنه يحتاج أبيه أم يبحث عن أبيه لمجرد البحث أى أن حياة ووجود صابر ليس بها قضية جوهرية تجعل لحياة صابر معنى .. غير البحث عن أبيه. أى أن صابر من العملية العبثية التى يقوم بها يستمد وجوده .. لكى يحقق ذاته من خلال تلك العملية .. ونفهم من هذا أن حياة صابر خالية من أى هدف سامى. وهنا وجد فى البحث عن أبيه قضيته الكبرى وغايته من تلك الحياة.
- فمشكلة صابر ليست فى فقدان أبيه وإنما المشكلة هى فى وعده لأمه قبل أن تموت بأنه لان يعود إلى البيت حتى يجد أبيه ويعود معه .. وطالت رحلت البحث وخلالها وقع صابر فى طريق (كريمة) تلك المرأة التى لم تجد وجودها. فهى تزوجت كهلا .. حتى تهرب وتقضى على الفقر تزوجت رجلا لا تحبه ولا يمكناه أن تحبه لكن بغضها للفقر جعلها تردى به شريكا للحياة وللفراش.
- فلما ظهر صابر فى اللوكندة – وجدت فيه (كريمة) عوضا عن شبابها الذى يكاد ان يضيع مع هذا الكهل بل وجدت فى وجود صابر وجودها المفقود .. ومن هنا فكرت فى أن تخرج هذا الكهل من حياتها .. حتى تجد حياتها .. وتجد حياتها بالفوز بصابر أى صابر أصبح هو وجود كريمة .. وكريمة منذ بداية حياتها لا تجد لها وجود.
- وهى فى مقابل ذلك سوف تدعو صابر .. لكى يخلصها من زوجها .. وترسم له الخط وتشجعه بكل الطرق .. عن طريق الجسد والإغراء والمال والثروة التى سوف تؤول إليها .. بعد أن يقتل الزوج ومن ثمة سوف تؤول إلى صابر.
- وهنا صابر محاصر .. تماما من جميع الجهات لأن (كريمة) كانت ماهرة فى فرض خيوطها للإيقاع بصابر.. والذى وقع .. لكى يخلص من ضغوطها.. قبل أن يتخلص من الزوج وقتل الزوج الذى تره (كريمة) مانعا عنها الماء والهواء.
- فأخذت (كريمة) تخطط وتحفز صابر على ارتكاب الجريمة وكلما حاول صابر أن يضع عراقيل أما كريمة أزاحتها كريمة بدهائها من أجل أن تتخلص من الرجل مع أن رحله صابر فى الحياة قائمة على البحث عن رجلا (ما) من أجل إرضاء امرأة (ما) إذن حياة صابر منحصرة بين رجلين وامرأتين. امرأة هى أمة. والأخيرة هى عشيقته الرجل الأخير هو زوج عشيقته التى تريد من أن يقتله لكى تعيش حياتها معه. هكذا انحصرت حياة صابر بين قتل زوج عشيقته مرغما .. حيث أن عشيقته هى التى دفعته لتلك الجريمة وهو وافق لأن المرأة هى نقطة ضعفه. وقد تجلت تلك النقطة فى إضاعت عمره فى بحثه عن شيئاً قد لا يكون موجوداً. لكنه يبحث بسبب ضعفه أمام المرأة والتى هى أمه أنها إذن عقدت (أديب) والأب هو أبو الهول الواقف أمام سعادة صابر بعشيقته .. ووقف أيضا أمام صابر لأنه ترك أمه ورحل وأمه التى رحلت .. لا تريد أن يعود إلا ومعه أبيه.
- وقف صابر بجوار الأسد اليمين ونظره مسلط على وجهة فندق (الضخم) ثم هبط بجسده جالسا على قاعدة الأسد وأحس أنه قد أصابه مس من الجنون لأنه يبحث عن وهم أغمض عينيه قليلا وأخذ يتمتم باسم الكاتب السويدى (أوجست ستراندبرغ) لما تذكره لا يدرى ولما تذكر سيرته وأخذ يسردها على نفسه.. بصوت غير مسموع .. لكنه مفهوم (.... ولد غريبا عن الدنيا وعن البيئة التى وجد بها وتلك البيئة هى التى ساهمت فى تشكيل هذا العبقرى المجنون فالطفل أوجست ولد لأب ميسور الحال .. حيث كان تاجرا لكن أزمة مالية حلت به جعلته يعلن إفلاسه . وكان كلما وجدت أبنه أوجست أمامه يوبخه بشده وغضب وعندما يراه لا يهتم بالتجارة والمال يوبخه بشده وينهال عليه ضربا وبقت علاقة الأب مع ابنه هكذا حتى بعد أن كبر الطفل وأصبح مشهورا حيث أنه فى أحد الأيام وجهت لأوجست دعوة إلى حفل تكريم فى المسرح الملكى بروما ولما علم الأب بالأمر هجم على أوجست وقال له فى احتقار واشمئزاز (دعك من هذا الهراء الذى تسميه مسرح)
- تزوج الأب بعد أن ماتت زوجته أم أوجست وكانت امرأة قاسية للغاية.. عملت على تعذيب أوجست .. كما كان يفعل زوجها. أى أنها كانت تساعد زوجها فى تعذيب أبنه.
- هذه الطفولة .. لا يمكن لها أن تقدم لنا شابا يافعاً .. وذو صحة نفسية سليمة وقد تجلى هذا التعذيب النفسى لما كبر أوجست وبدأ يتنقل بين عدده وظائف من عمله بالتدريس فى أحد المدارس ثم عمله بالتدريس الخاص.. ثم رغبته فى دراسة الطب التى ما أسرع أن تركه ويتجه إلى التمثيل ليجرب حظه فيه وما أسرع أن يتركه ويتوجه إلى التأليف المسرحى. وبالفعل يألف أو مسرحياته وكان اسمها (محروم من حماية القانون) وكان هذا فى عام 1870م وتنجح المسرحية نجاحا كبير ووصل صدى نجاح المسرحية إلى الملك (كارل الخامس عشر) ملك السويد فأكرم الكاتب أوجست وقر له راتبا شهريا مدى الحياة.. إلا أن الراتب قطع بسبب وشابه حاقدة من بعض الحاقدين على أوجست.
- ويترك العمل المسرحى، ويتجه الى الصحافة وما أسرع أن يتركها ليعمل كاتبا فى التلغراف ثم مساعدا الأمين مكتبة ستوكوهلم الملكية.
- وهذا التخبط فى العمل يؤكد الاضطراب النفسى العميق داخل نفسه وعدم الاستقرار الآتى من الاوعى .. منذ مرحلة الطفولة – (باين أنى هبقى شكل أوجست وسف اجن قريبا) وأى رجل دليه إضراب عقلى فأكيد يوجد فى حياته أشياء أوجدت هذا الإضراب ونمته وجعلته مجنوناً أو مشرقا على الجنون.
----------
أهم امرأة فى حياة أوجست .. ليست أمه – أو زوجه أبيه – وإنما هى البارونة (لسيرى فون اسن) زوجة البارون (فرانجل) كان صاحبنا أوجست صديقا لزوجها .. لكن سمح لنفسه أن يقع فى غرامها .. وهنا أحس بتأنيب الضمير فهاجر إلى باريس عبر سفينة صيد .. لكن شدة غرامه بالمرأة إعادة ثانيا إلى الشاطئ .. لكنه لم يقدر أن يدخل المدينة من جديد
ولما تعب من حياته القى بنفسه فى البحر محاولا الانتحار لكنه لسوء حظه أنقذه قارب عابر وأرسله .. إلى المستشفى المدينة .. وهناك زارته البارونه وزوجها كان معها وما أسرع أن تم الطلاق من زوجها وتزوجت من كاتبا الموشك على الجنون واتجهت إلى العمل بالتمثيل وخصوصا فى المسرحيات التى من تأليف زوجها الكاتب ونجحت تلك المسرحيات نجاحا كبيرا ومنها (الغرفة الحمراء) و (سر النقابة) و (رحلة البر السعيد) لكن ما أسرع أن نشر الخلافات بينهما بسبب الغيرة وقد دفعه الهوى بها إلى اتهامها بالخيانة مع أحد العاملين بالفرقة ومن نتائج تلك الهلوسة أن كتب مسرحية (الآنسة جولى) وبعد أن تم الطلاق كتب كتابا أشبه بالسيرة الذاتية اسمه (اعترافات مجنون).
يقف صابر مفزوعا مما تذكرة عن أوجست وخاف أن يكون نهايته .. كما كانت نهاية أوجست ويتحرك مبتعداً عن كوبرى قصر النيل .. مقتربا من ميدان التحرير وكلما اقترب كلما شاهد جموع بشرية رهيبة لم ينقبض قلبه لمشاهدة تلك الجموع وإنما اقترب فى تبلد وعرج إلى داخل تلك الجموع بحدق فى الوجوه فى تحد وكأنه يبحث عن صديق له ومنذ متى وصابر له أصدقاء فهو رجل جعل من كل من يقابلهم أداه من أدوات بحثه عن أبيه الذى لم يعد يريد أن يراه لأنه حياته لم يعد لها من معنى وإنما هو مستمر فى بحثه بسبب وعده لأمه وهو أمامها ضعيف ضعف الطفل أما النهد.
يمد صابر داخل جيب الجاكت الداخلى ويخرج صورة والده ويتقدم من شاب يحمل فى يده علم مصر ويقول له.
- لو سمحت ألم ترى هذا الرجل.
- أكيد هو هنا لكنى لم أراه.
- يلتفت صابر ليسأل رجل بجواره عن صاحب الصورة فينظر الرجل ملياً فى الصورة ويقول لصابر بعد فترة أظن أنى رأيته من ساعة كان يهتف بصوت جهورى تحيا مصر.
يتحرك صابر وسط الجموع وكلما سئل أحدهم أكد له أنه موجود لكنه لا يقدر أن يحدد أين موقعه حتى أن أحد الرجال أكد له أنه قدم له سيجارة منذ قليل ومنديل كلنيكس لكى يمسح بع عرقه لكن أين ذهب لا يدرى فالكل يتحرك فى الميدان دون أن يحدد له موقع يقف فيه لأن الميدان فى الأساس هو الموقع. يتحرك صابر وقد عقد العزم على تمزيق تلك الصورة وأخذه من كل رجل يقابله أب له ويجعل من الميدان قضيته والتعيش مصر حرة كما قال صابر فى نفسه وليذهب الرحيمي إلى حيث فيكفينى من موجود فى الميدان ليكونوا هم جميعاً أبى وهمهم همي وقضيتهم قضيتى هنا سوف أجد نفسى وأجد وجودى وأحسن بأن لوجودى وجود شكراً للتحرير الذى منحنى هذا الإحساس الذى فشل أبى فى أن يمنحنى إياه.
حسين عبد العزيز



#حسين_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المهدى


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عبد العزيز - بطل نجيب محفوظ/ صابر الرحيمى يجد أبيه فى ميدان التحرير؟