أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلمان ريا - تخامد الأمواج














المزيد.....

تخامد الأمواج


سلمان ريا

الحوار المتمدن-العدد: 3354 - 2011 / 5 / 3 - 08:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خرجت حشود الثائرين في البلدان العربية مرددةً شعارات أصبحت تنتقل كالنار في الهشيم من بلد إلى آخر، و من ساحة إلى ساحة و من زنكة إلى زنكة متحررةً من حواجز الخوف و الكبت، حالمةً بمستقبل رحب بفضاء الحرية و الحياة الكريمة. و هنا لابد من وقفة عند هذه الشعارات، و ما تحمل في طياتها من معانٍ، و مراقبة انتشارها الأفقي و العمودي.
إن معظم الشعارات جديدة بصيغتها ولا تشبه الشعارات المعتمدة سابقاً إلا ببعض المفردات، و تتلخص في التعبير عن رفض الذل، والمطالبة في الحرية، والتأكيد على السلمية، وصولاً إلى المطالبة برحيل الحاكم، و إسقاط النظام، عبر شعار "الشعب يريد إسقاط النظام".
الحوامل الاجتماعية لهذه التحركات أكثرها شباب في مقتبل العمر، ممن أغلقت أمامهم السبل لتحقيق الحد الأدنى من أحلامهم، و نتيجة لهيمنة منظومات الفساد على الثروات، حيث وجد جل جيل الشباب أنفسهم في مستنقع البطالة و والفراغ واليأس، ما دفع الكثيرين إلى الانحراف و الانخراط في تنظيمات متطرفة.
و هنا يجدر السؤال، من يملك الشرعية في تمثيل الشعب؟ حيث نجد أعداد المتظاهرين تتفاوت من بلد إلى بلد، و من مدينة إلى مدينة، بل نلاحظ في المثال السوري - و بشكل مختلف عن البلدان الأخرى- اختلافاً في طبيعة الشرائح التي تكاثف فيها انتشار الدعوة إلى إسقاط النظام، يتمثل في انحسارها عن مراكز المدن الكبرى، وامتدادها باتجاه بعض المراكز التي يقل فيها التحصيل العلمي، و تنتشر البطالة، ما شكل تربة خصبة للتطرف الديني بين الشباب، و سهّل التغرير بهم نحو الانقياد إلى من يتستروا بلباس الدين و يخدمون أجندات إقليمية وخارجية.
لقد توافق العامل الموضوعي المتمثل بهبوب رياح التغيير الناتجة عن الجبهة الباردة القادمة من عالم يعاني من خطر الانهيار الاقتصادي، و جبهة ساخنة شكلتها ممارسات القمع والتهميش و الاستئثار بالثروة و السلطة؛ مع تطلع القوى الاجتماعية نحو التغيير و المشاركة في صنع المستقبل، بعد فقدانهم الأمل في قدرة الأنظمة على إصلاح نفسها، حيث عجزت عن تنظيم قدرات المجتمع عبر مؤسسات تمثل الذات الاجتماعية . و في هذا السياق وجدت النخب السياسية التقليدية المترهلة الفرصة سانحة لامتطاء الموجة، و رفع سقف المطالبة حتى إسقاط النظام، دون تقديم بديل يحافظ على هيكلية الدولة الجامعة، سوى الشعارات الحالمة بأن أي تغيير سيشكل خروجاً من المستنقع و يفتح النوافذ لتنسم هواء الحرية المنعش، مما يخلق التوجس من المجهول، و احتمال الوقوع مرة أخرى ضحية الشعارات التي أحبطت تطلعات الشعوب خلال أكثر من ستة عقود مضت.
تغيب السياسة عن المشهد السوري من قبل السلطة و المعارضة، فالمجتمع السوري محجم عن تعاطي السياسة منذ دخوله الوحدة الاندماجية مع مصر في إطار الجمهورية العربية المتحدة، مما عمق الهوة بين السلطة و معارضيها من جهة، و بين القواعد الجماهيرية و الأحزاب التي شوهت خطاباتها ردود الأفعال ضد اضطهاد السلطة لها، و عدم قدرتها على مسايرة حركة الواقع لعدم احتواء أيديولوجياتها على قواميس تترجم مصطلحات العصر. فالسلطة دفعت بالقوى الأمنية في مواجهة المتظاهرين- الذين تبين أن بعضهم قد أعدوا أنفسهم لمواجهة مسلحة و ليس للتظاهر السلمي وحسب-، و أغلقت قنوات الحوار السياسي فاتحة بوابات إعلامها للأصوات المؤيدة و المتملقة، و حيث أن وسائل إعلامها قد نضبت من الكوادر التي تجيد فن التملق العصري، استعانت بإخواننا من الدول الشقيقة. أما المعارضة التي تشكل طيفاً واسعاً من المشارب الأيديولوجية فقد أشعل بعضها -ممن في الداخل - الفتيل عبر المطالبة بالإصلاح و إطلاق الحريات، و تورط بعضها بتحالفات أدخلتها حالة الحلم بتحقيق طموحاتها بمجرد سقوط النظام، دون طرح السؤال - ماذا بعد؟ ماذا لو كانت ثمرة هذا الحراك وصول السلفيين إلى السلطة؟ و هل سيلتزمون بمتابعة السير في العملية الديمقراطية، و ما هي الضمانات لذلك إذا ما جاء جوابهم إيجابياً؟ و هل يحترم السلفيون الخارجون من ثقافة الاستبداد قواعد التداول السلمي للسلطة؟
إن تجارب السلفيين أوضحت عدم امتلاكهم الرؤية القادرة على إنجاز العملية الثورية، من حيث كون الثورة تغييراً لعلاقات القوة داخل المجتمع، و مثال الفشل على هذا المستوى الحالة الجزائرية. كما أنها أخفقت في طرد المحتل كما في التجربة العراقية ....الخ. و عاجزة عن دخول العصر بممارسة دفن الحاضر بشكل قسري في الماضي الذي شكلته خيالات الرواة كما في التجربة الطالبانية.
و لكي يتكون جنين الثورة لابد من فترة حمل كافية، تساعد على إتمام عملية تراكم التغييرات في حوامل القوى، بمساعدة الثورة العالمية في مجال الإعلام و الاتصالات، لا الاكتفاء باستخدامها في التحريض للإسراع في إنجاز الانشقاق العمودي في المجتمع، بل بمشاركة النخب الواعية التي تصوغ قيم التغيير ومعانيه بتلاحمها مع القاعدة الجماهيرية، وتمتين الروابط العابرة للمجتمع بشكل أفقي تزيد من متانة لحمة مكونات الوطن الاثنية والدينية و المذهبية، و إذ يتحصل الامتلاك التدريجي لعلاقات القوة، تتشكل الركائز الضرورية في بناء جهاز المجتمع المناعي. ومثلما تتطور مفاهيم الكرامة و الحرية تبعاً لوعي الأفراد، كذلك تتجدد مضامين الشعارات التي كانت تبدو جوفاء لعدم نضوجها ثم أينعت بمعاشرتها خيوط الشمس.

ربما تدفع الأحداث المتسارعة في إلى تشكيل تيار من دعاة تفعيل الحوار يقود إلى طاولة المصالحة الوطنية، و إيجاد البدائل الديموقراطية للعلاقة بين الحاكم والمحكوم ، و التي تضمن للجميع حقوقهم وحضورهم من دون منّة أو تربيح جميل بالدارج السوري ، مما يقود إلى تخامد أمواج اللج المتلاطمة، و نشر قلوع الشوق لاستقبال بر الأمان.




#سلمان_ريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلمان ريا - تخامد الأمواج