أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد حمدان - عبود الزمر و العيش خارج حدود الزمان والمكان















المزيد.....



عبود الزمر و العيش خارج حدود الزمان والمكان


عبد المجيد حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 25 - 02:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




قبل مضي أقل من أربع وعشرين ساعة على خروجه من السجن إلتقته ، في برنامج العاشرة مساءا، فضائية دريم 2 ، الإعلامية الرائعة منى الشاذلي ، باعتباره أقدم سجين سياسي في مصر ، خرج بعد ثلاثين سنة سجن ،لإشتراكه في اغتيال السادات ، وبفعل ثورة شباب مصر ، ثورة 25 يناير. ذلك كان عبود الزمر ، أحد رموز الحركات السلفية في مصر .
الأفكار والآراء التي طرحها الزمر في اللقاء كانت أكثر من مثيرة . لخصتها الشاذلي ، في نهاية اللقاء، بأنها قد تطمئن القليلين ، ولكنها قد تثير قلق ، وربما رعب ، الكثيرين .
كنت واحدا من الذين أثارتهم أفكار الزمر . ولكنني رأيت أن أخطر ما فيها يأتي من عدم الرد عليها وتفنيدها . فعدم الرد ، عند مريديه ، ومريدي التيارات السلفية ، وسامعين آخرين ، يعني إثباتا لصحتها ولقوتها ، وبأنها الحقيقة التي لا مراء فيها ، والتي لا يملك معارضوها حجة فقدرة على مواجهتها .
خطورة أخرى تمثلت في ظرفها . جاءت في وقت بدأت مصر فيها عملية بناء لديموقراطية حقيقية، حرمت منها على مدار أكثر من نصف قرن مضى ، وتشكل فسحة الأمل لشعوب عربية عدة ، ومنها شعبنا الفلسطيني . رأيت أن تلك الآراء والطروحات تصيبها- الديموقراطية المنشودة- في مقتل . وتطبيق هذه الأفكار، رغم مراوغات قائلها ، تطيح بحلم كاد يصبح حقيقة ، وانتظرته شعوبنا طويلا .
قررت إذن الرد على بعض ما ورد في المقابلة ، رغم أن كل جملة منها تستحق ردا مطولا . ثم كان أن تباطأت ، لأسباب مختلفة ، فترددت ، حتى كان الاستفتاء على التعديلات الدستورية ، وما تناقلته وسائل الإعلام من فتاوى نظراء الزمر، من أئمة مساجد ورجال دين ، تتعلق بالإستفتاء والتصويت . قال بعضهم أن المشاركة في الإستفتاء واجب شرعي ، وفرض ديني ، وقال غيرهم من تيار سياسي مناهض أن المشاركة حرام تدخل فاعلها نار جهنم . وقال الفريق الأول أن أداء هذا الفرض الديني يكتمل من خلال التصويت بنعم ، ومن يفعل ذلك يثاب ، أي يدخل الجنة ، ومن لا يفعل يؤثم فيدخل النار . واعتبر بعض الشيوخ أن من صوتوا بنعم صوتوا للدين ، ومن صوتوا بلا ، صوتوا ضد الدين . وبلغ الحد بأحدهم أن أشار على المعارضين – الذين صوتوا بلا ، بالهجرة والتوجه إلى كندا أو الولايات المتحدة . وقال متبجحا : مش دي الديموقراطية بتاعتكم ؟!!
العداء للديموقراطية في أحاديث هؤلاء وأولئك واضح لا لبس فيه ، ولا يحتاج إلى تدليل . وفعلهم اللاحق لإفشالها هو الآخر واضح لا يحتاج إلى برهان ، وإن كان يحتاج إلى وقفات محاورة ، لكشف عيوبه ، وما أكثرها ، أمام عيون المخدوعين . لكن قبل هذا وذاك قد نحتاج لوقفة جانبية .
لا بد أن سامع أصحاب الفتاوى ، من مثل فتاوى الإستفتاء ، وقبلها فتاوى ، ولنقل آراء، الزمر ، تدهشه جرأة أصحابها في طرحها ، وثقتهم في أن الله منفذ لما يترتب على فعلها من ثواب أو عقاب . فحين يقول قائل أن الفعل الفلاني واجب شرعي ، ويؤكد بعد ذلك وقوع الثواب أو العقاب، للقيام به أو تركه ، لابد أن يكون على يقين من صحة قوله . وليس هناك من مسلم لا يعرف أن الفروض أو الواجبات الشرعية المتفق عليها ، التي لا خلاف عليها ، بين سائر الطوائف والتيارات الإسلامية ، هي تلك التي نزل بها الوحي ، وأبلغها للنبي الذي بدوره أبلغها للناس ، ثم أودعها دفتي الكتاب – القرآن -. ولما كان الإستفتاء ليس بين تلك ، ولما كان طرحه وسرعة إفتاء هؤلاء الأئمة به ، قد أخرجه من دوائر الإجتهاد والقياس ، التي لكل منها حيثيات ومركبات غير ما رأينا ، تكون ثقة قائليها بصحتها ، حرام أو وجوب شرعي ، أو ما بينهما ، مستندة إلى احد أمرين :إما أن القائل استلها من تحت باطه ، كما يقال بالعامية ، من تحت إبطه بالفصحى ، وإما أنه تلقى وحيا بها .
ولما كنا نعرف أن الوحي – جبريل – توقف عن النزول منذ ما قبل وفاة النبي بقليل ، فنحن نجزم أن القائل بحرمة المشاركة ، كما القائل بوجوبها الشرعي ، استل قوله من تحت باطه . وهذا يدخلنا إلى المهم التالي :
يجري في تونس كما في مصر ، الكشف عن العديد من أشكال الفساد التي كانت تخنق شعوبها . والحملات الجارية الآن في سائر أقطار العالم العربي ، إما مطالبة بمكافحة الفساد ، وإما ببدء هذه المكافحة ، بمبادرة الحكام ، تضعنا أمام ضرورة السؤال عن توصيف ما يفعله أصحاب الفتاوى هؤلاء . ألا يدخل فعلهم تحت باب من أبواب الإفساد ، إن لم يكن الفساد بعينه ؟
هؤلاء الأئمة يتحصنون وراء ثقة واحترام غير محدودين من العامة ومن الخاصة . فما معنى ، وكيف نصنف استغلالهم لهذه الثقة ، ولهذا الاحترام ، لجني مكاسب خاصة لجماعاتهم السياسية ، كما حدث في موضوع الاستفتاء ، على سبيل المثال لا الحصر ؟ . فهل يمكن القول أن فعلهم هذا يقع تحت باب الإفساد السياسي ؟ وإذا كان كذلك ، فهل يمكن أن تتضمن مشاريع قوانين مكافحة الإفساد السياسي هذا الجانب من فعل هؤلاء ؟
بعد هذه المقدمة المطولة ، التي أرجو أن لا تكون قد أصابت القارئ بالملل ، أعود إلى الزمر وما قاله في تلك المقابلة ، التي بدأنا بها حديثنا . وكما سبق وأشرت فإن كل ما جاء فيها يستوجب الرد ، المحاورة والتفنيد . ولكن لأن المقابلة ليست بين أيدينا ، -استمعت لها مرة واحدة من فضائية دريم - سأكتفي بالوقوف عند ثلاث قضايا ، وردت فيها ،متدرجا بها من الأسهل إلى الأصعب ، وهي : تطبيق الحدود ، إزاحة الرئيس ، وفرض الجزية .
1) تطبيق الحدود
أشار الزمر ، كسلفي ، أن تطبيق الحدود ، حسب الشرع ، وحده الكفيل بتحقيق الأمن والأمان ، المأمول في ربوع مصر كلها . وشرح فكرته على النحو التالي : قدم كف يده اليسرى وضرب عليها باليمنى ، من حد الرسغ ، وقال : إذا قطعنا اليد التي تسرق ، وعاقبنا هذا الجزء الذي نفذ فعل السرقة ، كان في ذلك عبرة وعظة ، فتتوقف السرقات . تساءلت الشاذلي بدهشة : هكذا ببساطة ؟!! فجاء جوابه : نعم هكذا ببساطة .
وكما في مرات كثيرة فغرت أنا أيضا فمي من الدهشة ، لأتساءل بعدها : هل هذا الرجل بسيط ، ساذج ، جاهل ، أم ماذا؟ على الأقل ألا يعرف وظائف أعضاء الجسم ؟ ألا يعرف أن الدماغ يفكر ، يخطط ، يأمر وأن اليد مجرد أداة تنفذ ؟
في نفس المقابلة أجاب هو على سؤالي . قال أنه دخل السجن كفرد عادي من الجماعة ولكنه خرج منه عالما من علماء الدين . إذن هو غير ساذج وغير جاهل ، وهو يعرف ما يقول . قلت ربما هو السجن وفعل محدودية المكان في نزيله . الحصر في المكان وانصباب الاهتمام على ما تفرضه احتياجات محدودية المكان ، يفصله عن واقع المكان الأوسع واحتياجات الناس فيه . باختصار يمكن القول أن السجين ، حين تطول مدة السجن ، يعيش خارج المكان . كما أن كر الأيام ونمطية حياة السجن ، تفقده الإحساس بأهمية الزمان ، ليعيش خارج الزمان أيضا . فهل ذلك ما حدث للزمر ؟ وإذا كان قد حدث له ، فماذا عن زملائه ممن عاشوا خارج جدران السجون ؟
ليس ذلك هو الأمر إذن . الزمر قال أنه درس في السجن وخرج منه عالما . ولكن عالما بماذا ؟ قال:علوم الدين . وهنا ، كما بدا لي يكمن سر المسألة .
الزمر ، كما زملاؤه ، السلفيون ، وربما غيرهم ، يركزون على علوم الدين . وفيما يبدو يتجاهلون ، أو يهملون ، أو لا يهتمون بقراءة التاريخ ، رغم أن التاريخ ليس سردا لأعمال الخلفاء والسلاطين فقط ، كما أنه يتجاوزالسرد للغزوات والفتوحات . هو في جانب منه عرض لتطبيق دول الإسلام للشريعة، والحدود جزء منها . الدولة الإسلامية ، بدءا بدولة النبي في المدينة ، وانتهاء بدولة الخلافة العثمانية ، طبقت نظام العقوبات كما نص عليها الشرع الإسلامي ، وبينها قطع اليد . وتقول علوم التاريخ - والزمر وزملاؤه لا شك يعرفون ، لوردها في علوم الدين أيضا - أن النبي طبق عقوبة قطع اليد على المخالفين في المدينة ، لكن ذلك التطبيق لم يردع سيدة قرشية ، ومن علية القوم ، عن السرقة ، مما اضطر النبي إلى قطع يدها . ولا شك يعرف الزمر وزملاؤه أنه كانت هناك ، على مدار التاريخ الإسلامي ، فترات حكم ساد فيها الأمن والأمان ، وأخرى تدهور فيها الحال ، رغم التشدد في إقامة الحدود ، وبما يفوق سابقتها . باختصار يقول لنا التاريخ أن تطبيق العقوبات بالحدود ، كما هو حال سائر العقوبات ، جنح وجنايات وغيرها ، هي أحد عوامل فرض الأمان والأمن وليس كلها . فالكل يعرف أن عمر بن الخطاب أوقف العمل بعقوبة قطع اليد عام الرمادة ، لأن عمر رأى واقتنع أن الجوع ، الحاجة ، تدفع للسرقة ، والعقوبة لا تردع ولا تنفع في وقفها .
ذلك على صعيد التاريخ ، فماذا عن الواقع المعاش ؟ لا أظن أن الزمر ، وزملاءه يجهلون أن السعودية والسودان ، تطبق حدود الشرع الإسلامي ، وكذلك فعلت أفغانستان أيام حكم طالبان ، وبينها قطع اليد . وأكثر تطبق السعودية عقوبة الإعدام بقطع الرأس بالسيف . ونسأل جماعات الإسلام السياسي ، وبينهم جماعة الزمر: هل اختفت الجريمة في هذه البلدان ؟ والجواب الذي يعرفه الكل : لا لم تختف ، والأمن والأمان في هذين البلدين ليس في حال أفضل من غيرهما . وفي مصر ذاتها يجري توقيع عقوبة الإعدام على تجارة المخدرات . ورغم تنفيذ الكثير من هذه العقوبات فإن تجارة المخدرات لم تتراجع ، وتقول الوقائع أنها في اتساع وازدياد .
مسألة الجنايات ،الجرائم والجنح ، أعقد كثيرا من تبسيط الزمر وزملائه . ولا ريب أن الزمر وأمثاله يعرفون ا، توفر العوامل التي توفر مناخات الإنحراف . هي ما يحتاج إلى المعالجة . ولو كان الأمر غير ذلك لما كرر الشرع مسألة تكرار تطبيق عقوبة السرقة ، بقطع الرجل ، في حال تكرار السرقة بعد تنفيذ العقوبة الأولى ، ثُم قطع اليد الثانية إن تكررت السرقة للمرة الثالثة ، وبعد تنفيذ العقوبة الثانية .
إذن ما المسألة ؟ ما حقيقة طلب الزمر وجماعات الإسلام السلفي بالعودة لتطبيق حدود الشرع وبينها حد قطع اليد ، رغم علمهم أن تطبيقها على مدار قرابة أربعة عشر قرنا لم يأت بالنتيجة التي يعدون بها ؟ هل يعدون بأن تطبيقها على أيديهم سيفضل تطبيق النبي ، وتطبيق عمر بن الخطاب لها ؟ وستكون نتائجهم بالتالي أفضل من نتائجهما ؟ الجواب هو : بالقطع لا . إذن مرة أخرى ما حقيقة الأمر ؟ والجواب هو : إنه عداؤهم المستحكم للديموقراطية ، والذي ، قبل ثورة 25 يناير ، واظبوا على النداء به علنا .
ربما لا يعرف القارئ أن ظروف نشأة الإسلام في الحجاز على وجه الخصوص ، وفي جزيرة العرب على وجه العموم ، اتسمت بخصوصية ، أملت قبول أعراف ، عادات وتقاليد ،وتحويلها إلى تشريعات ، وفي القلب منها الحدود . لم يعرف الحجاز نظام الدولة . ونظام القضاء ، فالقضاء والحكم بالعقوبات ظل عشائريا على مدى قرون طويلة . وبسبب غياب مؤسسة مشابهة ، أو قريبة من الداخلية ، لم يعرف الحجاز نظام السجون ، فعقوبات الحبس . كان تحقيق الأمن والأمان محتاجا لعقوبات فورية ، ومنها عقوبة قطع اليد التي جاء الإسلام وتبناها . ولقد اختلف المؤرخون المسلمون حول من سن عقوبة قطع اليد ، جزاء السرقة ، ونفذها . هناك من قال أن عبد المطلب جد النبي هو من سنها ونفذها ، ومن قال أنه العاص بن وائل والد عمرو بن العاص . ذلك إذن كان تشريعا جاهليا تبناه الإسلام ، لأنه لا بديل له آنذاك ، ولم يقل الدين أنه تشريع صالح بحرفيته لكل زمان ومكان .
وما لا يريد السلفيون ، وغيرهم من جماعات الإسلام السياسي ، فهمه هو أن البشرية ، في تطورها ، تجاوزت الكثير من التشريعات التي فرضها الواقع القديم . والبشرية في تطويرها لمبادئ حقوق الإنسان ، قررت تناقض بعض عقوبات الزمن القديم ، مثل قطع اليد ، مع هذه الحقوق . ولا نظن أن القارئ بحاجة للتذكير بأن مبادئ وإعلانات حقوق الإنسان ، المتعاقبة والمتكررة ، هي جزء أصيل من نظام الديموقراطية الذي تنشده ثورة 25 يناير المصرية ، وثورة الياسمين التونسية ، والثورات العربية المتلاحقة . والدعوة للعودة إلى تطبيق الحدود ، ومنها قطع اليد ، هي في واقع الأمر دعوة للارتداد عن كامل مسار هذه الثورات . هذا أولا ، وأما ثانيا فهو دعوة للدخول في مواجهة مع العالم ، ممثلا بداية في منظمات حقوق الإنسان ، ثم مع القيم الحضارية والإنسانية التي طورتها البشرية في مسار رقيها الطويل .
وأمر المواجهة مع الديموقراطية وحقوق الإنسان لا يقف عند هذا الحد . وربما لا يعرف القارئ أن تطبيق دعوات الإسلام السياسي بخصوص الحدود ، يعني أول ما يعني ، في حال تطبيقه في مصر مثلا ، نقضا لكامل النظام القضائي القائم . فهذا النظام ، في شكله ومضمونه ، مستمد ومساير للتطور الذي حدث على نظم القضاء في العالم ، وبالأخص الغربي منها . ولمن لا يعرف نقول : لم يعرف القضاء الإسلامي تخصصات في نظم المحاكم ، وتراتبيتها ،الصلح ، البداية ، الإستئناف والتمييز –النقض – على سبيل المثال ، كما لم يعرف تخصصات للقضاء كالقضاء الإداري والدستوري ...الخ . والعودة لتطبيق الحدود يعني أيضا إدخال تعديلات جوهرية على برامج ومناهج التدريس في كليات الحقوق ، وإلغاء كثير من الفروع والتخصصات فيها . وباختصار يدعو الزمر وأمثاله إلى تغيير كامل نظام المرافعات في المحاكم ، وشطب الكثير الكثير من القوانين المعمول بها في مصر كما في البلاد العربية .
وبالعودة للفتاوى التي أصدرها بعض المشايخ عقب الاستفتاء في مصر ، لابد أن يلفت الإنتباه انحيازهم للمادة الثانية من الدستور التي تقول بأن الإسلام دين الدولة ، وأن مبادئ الدين هي المصدر الرئيسي للتشريع . ومن يسأل رجال قانون ، ومن تيارات الإسلام السياسي بالتحديد ، عن تمسك أئمة هذه التيارات بهذه المادة ، يفاجأ بأنه يقع على كذبة كبرى . وفي مناقشة ذكٌرت أحدهم بحقيقة أنه كلما عظمت الكذبة عظم الإيمان بها ، وسألته عن حقيقة القوانين المعمول بها في البلاد العربية ، وما إذا كانت مستمدة حقيقة من التشريعات الإسلامية كما تنص هذه المادة في الدساتير. كانت المفاجأة إقراره بأن حقولا كثيرة ، مثل قوانين السير ، قوانين البحار ، الطيران ، الفضاء ، المعاهدات الدولية ، البث الإذاعي والتلفزيوني .....الخ لا نظير لها في التشريع الإسلامي . وأكثر أقر بأن قوانين العقوبات في الجنح والجرائم وغيرها ، هي قوانين مدنية مستقاة من القانون الفرنسي وغيره من القوانين الوضعية . وأقر أن الشرع يقف عند حدود قانون الأحوال الشخصية ، أو الأسرة ، في أغلب البلدان العربية . وأن قوانين العقوبات المعمول بها فيما يخص ما يوصف بجرائم الشرف ، مناقضة تماما لقوانين الشرع الإسلامي ، ورغم ذلك تحظى بكامل رضى المطالبين بإعادة تطبيق الحدود .
سألت :لماذا هذا الرضى وهذا الفرح ببقاء المادة الثانية من الدستور المصري ؟ وكان أن حملت الإجابة أكثر من مفاجأة . الأولى تتمثل في أن المادة تكرس انتقاصا من مفهوم فحقوق المواطنة لغير المسلمين ، ولغير المنتمين لطائفة السنة . يعني ذلك أن المادة تعكس عداء للديموقراطية التي تشكل المواطنة أحد أبرز مكوناتها . وهذا ما سنتوقف عنده لاحقا . والثانية أن القوانين غير المستمدة من الشرع الإسلامي ، الملاحة البحرية والجوية ، والقوانين الدستورية والإدارية والدولية .....الخ يتم عرضها على علماء الدين لتتحول بإقرارها إلى تشريعات إسلامية واجبة الإلتزام والتنفيذ . وعليك أن لا تسأل عن الحكمة من فعل كهذا .
وإذن دعونا ننتقل إلى القضية الثانية من أطروحات الزمر ، وهي تنحية أو إزاحة الرئيس .

2) إزاحة الرئيس
في المقابلة دار حوار حول دور الزمر في اغتيال الرئيس السادات . سألته الشاذلي عن مراجعات جماعته في السجن لأعمال العنف ، ومنها اللجوء للإغتيال ، وما إذا شعر بالندم ، أو توفرت لديه قناعة بضرورة التخلي عن هذا الطريق . في الحوار لف ودار كثيرا ، ثم أعلن أنه ما زال مقتنعا بصحة وضرورة اللجوء للعنف ، بما في ذلك إزاحة المسئول ، لكن بشروط . ولخًص الشروط بأنها قيام علماء الأمة بإصدار فتوى فالأمر بذلك ، وليقع على الأعضاء واجب التنفيذ .
كما أشرنا سابقا كان الزمر، وفي بداية الحديث ، قد أطال في مديح ثورة 25 يناير التي اعترف بفضلها في تحريره من السجن . وبدا من حديثه وكأنه موافق على برنامجها ومؤيد له . البرنامج الهادف لإقامة صرح ديموقراطية حقيقية في مصر . لكنه ، وهو يبالغ في تأييده للثورة ، لم ير فيما يطرح ، من تأييد لمنهج العنف ، أنه يستهدف قتل برنامج الثورة هذا ، وسلب الذين أخرجوه من سجنه ، حلمهم في الوصول لحياة حرة كريمة . هنا قد يسارع قارئ ليقول : علام بنيت قولك هذا ؟ وأقول :
لا شك أن الزمر قرأ ، أو سمع ، كيف أن الديموقراطية التي يطمح لها شباب مصر ، تملك آليات ، مثل الشفافية والمساءلة والمحاسبة ، كفيلة ليس فقط بوقف انحراف أي مسئول ، بل والإطاحة به أيضا . وهو يعرف أن هذا ليس كلاما نظريا ، وإنما هو واقع فعلي . هو لا شك سمع بقوة فعل هذه الآليات ، وإطاحتها بالرئيس الأمريكي نيكسون ، لارتكاب إدارته جرم التنصت ، بوسيلة غير مشروعة ، على حملة خصمه في انتخابات الرئاسة التي فاز بها ، والتي عرفت بفضيحة ووترغيت . وكيف أن هذه الآليات أطاحت برئيسين إسرائيليين متعاقبين ، هما عيزر وايزمان وموشيه كتساف . وجرائم الثلاثة لا ترقى ، لا حجما ولا نوعا ، لمستوى تلك التي يرتكبها نظراؤهم العرب . وتجاهل الزمر وجماعات الإسلام السياسي لآليات الديموقراطية ، يدلل ليس فقط على تمسكهم بالعداء لهذه الديموقراطية ، بل وعلى سعيهم الدؤوب لعدم الأخذ بها ، وللحيلولة دون تطبيقها.
أما المتمعن في عبارات الزمر ذاتها ، فإنه سيقع ، وبلا شك ، على مفارقات وتناقضات صارخة ، لا تجعل ما قاله ملتبسا فقط ، بل وتفوح منه روائح التآمر الكريهة ، ليس على أمل شباب مصر فقط ، بل وعلى مستقبل مصر ذاتها . كيف ؟
أناط الزمر إصدار قرار اغتيال الرئيس بمن وصفهم بعلماء الأمة ، وحيث صنف نفسه بأنه واحد منهم . والوصف بحد ذاته ملتبس ، إذ من هم علماء الأمة هؤلاء ؟ هل هم علماء الأمة الإسلامية ، أم علماء الأمة العربية ؟ وفي الحالتين يشمل هذا التصنيف علماء طوائف عدة ومتعادية . وإن كان توصيفه يقصد أيا من هؤلاء، فما هي الهيئة التي تجمعهم ، علما بأن عدد من يتجاوزون الزمر في علمهم يربو على مئات الألوف ؟ وما آليتهم لإصدار قرار كهذا ؟ لكن ربما أن الزمر قصد بعلماء الأمة علماء كل قطر عربي أو إسلامي على حده ، وليعطينا مفهوما وتعريفا جديدا للأمة ، مثل الأمة المصرية والأمة السودانية والأمة السورية والعراقية والقطرية والكويتية والبحرينية والعمانية والصومالية ....الخ .وإذا ما توقفنا عند فرضية أنه قصد الأمة المصرية فمن جديد يبرز السؤال : من هم علماء الأمة المصرية من منظوره ؟ هل هم علماء الأزهر أم علماء أصحاب الطرق الصوفية ؟ هل هم علماء جماعة الإخوان المسلمين أم علماء الجماعات السلفية ؟ وهل هم علماء الجماعات كلها أم علماء جماعة واحدة منها ؟ والواضح أنه يقصد علماء جماعته هو ، دون أن يقول للسامع والمشاهد ، من منحهم مراتب العلم التي تؤهلهم لإصدار فتوى ، أو حق إصدار قرار، بمثل هذه الخطورة .
هل صحيح أن الزمر ، ومثله علماء جماعات الإسلام السياسي ، حين يقرؤون ، يقرؤون علوم الدين على تنوعها ، ولا يولون التاريخ ، الذي هو أيضا ، كما سبق وأشرت تاريخ تطبيق الشريعة ؟ فالتاريخ حافل بسير خلفاء وسلاطين كانوا أكثر ظلما وفسادا من السادات ، أو أي مسئول عربي آخر . والمدهش أن التاريخ يخلو من فتاوى لعلماء الأمة بقتلهم ، اللهم إلا إذا كان علماء الخوارج أو علماء فرقة الحشاشين ، أو حتى القرامطة هم المقصودون . لكن من قرأ التاريخ يقع على حقيقة تقول بأن العهد الراشدي شهد مثل هذا الإجماع ، ومثل هذه الفتوى، ضد الخليفة عثمان بن عفان . وكان أن تنفيذها قاد إلى ما عرف في التاريخ الإسلامي بالفتنة الكبرى ، والتي تواصلت ارتداداتها على طول مسار هذا التاريخ ، واستمرت إلى يومنا هذا .
وتسهيلا على القارئ نشير إلى أن عدم رضا المسلمين على سياسات الخليفة عثمان بن عفان الإدارية والمالية بدأ مع بداية السنة التاسعة لخلافته . وتصاعد عدم الرضا هذا ليتحول إلى تذمر ، ثم إلى احتجاج فمعارضة ، بدأت سلمية لتتحول إلى مسلحة . خلال هذه المسيرة الطويلة لم يترك الصحابة ، خصوصا الخمسة الذين انتخبوه ، وسيلة إلا واستخدموها ، لتصحيح السياسات المعترض عليها . ووصل الأمر حد أن قام كل من عبد الرحمن بن عوف وعلي بن أبي طالب ، بنقض قرارات كان الخليفة قد اتخذها ، في توزيع مال الخراج مثلا . ووصل الأمر أن لجأ بعضهم لمقاطعته ، عبد الرحمن بن عوف ، وقد توفي وهو وهو على هذه الحال . كما وصل الأمر بعبد الله بن مسعود ، أثناء مرضه الذي توفي فيه ، أن أوصى بدفنه دون إعلام الخليفة حتى لا يصلي عليه ،، و مخاصمة آخرين مثل أبي ذر الغفاري وعمار بن ياسر للخليفة مثبتة في كل كتب التاريخ . وقبل أن تصل النقمة في الأمصار حد إرسال وفودها إلى المدينة ، كانت أغلبية الصحابة قد انفضت من حوله ، وتركوه لمواجهة القادمين الغاضبين من الأمصار وحده . وهؤلاء الأخيرين لم يتركوا وسيلة للحوار أو للتفاهم أو للوساطة إلا واتبعوها . ومرات عديدة توسط كبار الصحابة ، ومنهم علي بن أبي طالب ، وتوصلوا لاتفاقات ، تعهد بالوفاء بها ثم عاد ونقضها . واستمر هذا الحال ستة أشهر ، لجأ فيها المحتجون إلى منعه من إمامة الصلاة ،لتتصاعد مطالبهم ، بتزكية من أكثرية الصحابة ، بتنحيته . وأمام إصراره على عدم الإستجابة لجأوا لحصاره في بيته 29 يوما ، مانعين عنه وعن أهله الطعام والماء ، ناهيك عن الخروج لإمامة الصلاة ، و دون أن يحاول أحد من الصحابة ، باستثناء أم المؤمنين أم حبيبة المساعدة ،أو فك الحصار عنه . وأخيرا قام المحتجون الغاضبون بقتله ، دون أن يبادر صحابي واحد للدفاع عنه . وكان أن اقتصر الدفاع عنه على عبيده .
في تفسير عزوف الصحابة ، مهاجرين وأنصار ، عن نصرة الخليفة عثمان ، رد المؤرخون والأئمة ذلك إلى خشية هؤلاء الصحابة من المحتجين المسلحين الذين قيل أنهم سيطروا على المدينة بسلاحهم . وفقط من لا يريد استخدام عقله يقبل مثل هذا التفسير . فلم يكن بمقدور هؤلاء المحتجين ، وبينهم صحابة وأبناء صحابة ، مثل محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة ، قتل أحد من الصحابة دفعه الواجب للدفاع عن الخليفة ، وهو شيخ تجاوز الثمانين من العمر . وبالقطع كان من غير المحتمل قتلهم علي بن أبي طالب ،أو طلحة أو الزبير أو سعد بن أبي وقاص أو واحدة من أمهات المؤمنين وغيرهم من كبار الصحابة لو فعلوا ذلك ؟
ما يهمنا هنا أن علماء السنة أجمعوا على تنحيته ، ومنهم من حرض على قتله ، مثل أم المؤمنين عائشة ،وعدها أجمعوا على وصف ما حدث بالجريمة النكراء . ولم يقف الأمر عند رفضها واستنكارها ، بل تعداه إلى إضفاء القداسة على الخليفة عثمان ، وعلى إلصاق وصف المجرمين بمنفذيها ، وبإصدار فتاوى بعدم تكرارها مرة أخرى . أما علماء الطوائف الأخرى فقد كانت لهم رؤية أخرى وشأن آخر . وكل ذلك لا يجهله علماء طائفة الزمر وجماعته السلفية . وهنا لنا أن نسأل : استنادا لأي مرجع جاهر الزمر بهكذا فتوى؟ أليس من حقنا أن نتصور أن مرجعية العداء للديموقراطية هي الموجه الأساس لفكر الزمر وجماعته؟
وهكذا وبعد هذه الجولة نصل إلى القضية الشائكة الثالثة في أطروحات الزمر ، دعوته للعودة بفرض الجزية على مسيحيي مصر .

3) الجزية وهدر حق المواطنة

في المقابلة قال الزمر بوجوب إعادة فرض الجزية على مسيحيي مصر ، في حال قيام دولة إسلامية . برر ذلك بالقول مرة بأن الجزية معادلة للزكاة التي يدفعها المسلم لخزينة الدولة ، ومرة مقابل حماية الدولة لهم ، وثالثة مقابل عدم تأديتهم للخدمه العسكرية في دولة إسلامية . ولما ذكرته الشاذلي بأنه كان إلى جانبه رفاق سلاح مسيحيون في حرب أكتوبر ، وأنهم ، بشهادته هو ، سطروا بطولات ، واستشهد منهم من استشهد ، رد بأن ذلك كان في حرب مع اليهود ، لكن لا يمكن الزج بهم في حرب مع دولة مسيحية . ولما أعادت تذكيره بأنهم حاربوا كمواطنين يدافعون عن وطنهم ، وأن فرض الجزية عليهم هو ، في حقيقة الحال ، انتقاص من مواطنتهم ، من حقوقهم كمواطنين ، رد بنفي ذلك ، والزعم بأن دفعهم للجزية فيه حفظ للكرامة قبل وبعد توفير الحماية .
وإذا ما تجاوزنا واقع ترديد القول ، في مصر الآن ، على ألسنة عديدين من شيوخ الجماعات الإسلامية ، عن حفظ الدولة الإسلامية لأمن وكرامة وحقوق غير المسلمين ، فإنه يتوجب الوقوف عند سلسلة المغالطات التي احتوتها مرافعة الزمر . أولها أن الزكاة ، وغيرها من صدقات يدفعها المسلم ، لا تذهب إلى خزينة الدولة . والزمر وأمثاله ، كما سبق وأشرنا ، إما أنهم لا يقرؤون التاريخ ، أو لا يعتنون به . المسلمون حقيقة دفعوا الزكاة والصدقات لبيت المال ، أيام دولة النبي وفي خلافتي أبي بكر وعمر . وفي هذه الحقبة شكلت الزكاة ، على تواضعها ، مصدرا أساسيا لبيت المال ، كان من غير الممكن الاستغناء عنه . وبسبب تخلف القبائل عن تسليمها للمدينة ، وقولهم بأحقية فقرائهم فيها ، قامت حروب الردة التي أزهقت فيها أرواح خلق كثيرين . لكن وبعد التوسع في الفتوحات ، وتدفق أموال الغنائم ، والجزية والخراج على المدينة ، وتشكل فائض من هذه الأموال ، سببت بعض أوجه إنفاقه لغطا فغضبا بين المسلمين ، ونظرا لضآلة حجم مال الزكاة ، مقارنة مع مصادر دخل بيت المال الجديدة ، توقف وصول أموال الزكاة لبيت المال ، بأمر من الخليفة عثمان . وبأمر منه صار أمر إخراجها موكولا للشخص ، يوزعها على فقراء قومه ، استنادا لتقديراته هو . ومنذ ذلك اليوم غدت الزكاة ، إخراجها وتوزيعها، شأنا خاصا لا علاقة للدولة به . ويعرف الزمر وزملاؤه أنه في بلدان تقول بتطبيق الشريعة الإسلامية ، كالسعودية ، هناك لجان زكاة تتلقى هذه الأموال ، وتوزعها ، بعيدا عن تدخل الدولة وإشرافها . ونظنه يعرف أن غير المسلمين ، هم الآخرون ، يقدمون مثل هذه الصدقات ، ويصرفونها في أوجه مماثلة ،أو مشابهة ، لنظيرتها الإسلامية .
المسألة الثانية هي أن الزمر وزملاءه ، لاشك يعرفون ، قرأوا التاريخ أو لم يقرؤوه ، أن الحروب غالبا ما اشتعلت بين أبناء الديانة الواحدة ، وحيث تحل الدوافع ، ثم المشاعر والانتماءات القومية ، محل المشاعر والانتماءات الدينية . ولعلهم يعرفون أن نصف حروب العصور الحديثة ، وأكثرها دموية ووحشية ، قامت في أوروبا ، وبين شعوبها وأممها ذات الديانة الواحدة ، المسيحية . وأيضا هم يعرفون أن تاريخ الإسلام زاخر بالحروب الإسلامية الإسلامية . والانتماء لدين الإسلام لم يجعلها أقل وحشية ، أو أقل دموية من غيرها .
والمسألة الثالثة أن الإسلام لم ينفرد بتشريع الجزية ، التي هي ضريبة حماية ، يدفعها المغلوب للغالب . الجزية ، ربما باختلاف التسمية ، وربما باختلاف القيمة ، كانت عرفا سائدا في عصر الرسالة ، تعمل به الدول والامبراطوريات القائمة . تلك كانت ضريبة معمولا بها عند الفرس ، كما عند الرومان . وعمل بها الإغريق – اليونانيون ، دولة الإسكندر - قبلهم . وكل ما في الأمر أن الإسلام جاء ووجدها قائمة ، فأقرها بتشريع ، كما فعل مع أمور كثيرة غيرها . ولا شك أن الزمر وزملاءه يعرفون ،أن الإستعمار جبى من سكان المستعمرات ضرائب مماثلة ، وإن كان ذلك بأسماء مغايرة ، مع تماثل في أسباب فرضها . المسألة الأساس أن فرض وجباية هكذا ضريبة ، يعكس حالة من التمييز بين الذي يدفع والذي يأخذ . وبصورة أدق يعكس حالة من التمييز في مفهوم ومضمون وحقوق المواطنة ، هذا المفهوم الذي لم يكن معروفا فقائما في تلك العهود .
الإنتقال إلى عصر الرأسمالية ، وظهور مفاهيم وشعارات : حرية إخاء مساواة ، هو من ولد مفهوم المواطنة ، وهو من لفت الانتباه إلى أهمية التخلص ، فإزالة ، كل الإجراءات والمعاملات التي من شأنها المس بهذه المفاهيم الجديدة . وجاء في المقدمة إلغاء كل أنواع الضرائب ، على شاكلة الجزية ، التي تقوم على التمييز بين فئات المواطنين ، وبالتالي تلحق ضررا بمفهوم المواطنة ، وفروقات واضحة في الحقوق . وهكذا حمل تطور البشرية ، بالصعود على السلم الحضاري ، تغييرا بل إلغاءا لسنن سابقة ، وليكرس المواطنة ركنا أساسيا من أركان الديموقراطية ، وهو بعض ما تسعى له الثورة المصرية ، وبعض ما يصبو إليه شبابها وعموم شعبها ، والشعوب العربية. ومن نافل القول الإشارة هنا إلى أن الدعوة لإعادة فرض الجزية ، باعتبارها تشريعا دينيا ، ما هي إلا محاولة للانقلاب على كل ذلك ، ولسلب جماهير الثورة أعز آمالها وأحلامها .
يعجب المرء ، في أحيان كثيرة ، من منطق الكثيرين من الدعاة المسلمين . وهذا العجب يدفعه للتساؤل عما إذا كان هؤلاء يرون مصالح سائر المسلمين ، ويعملون على تحقيقها ، أو حفظها ، أم أنهم يقصرون همهم على مجموعات محدودة تحيط بهم . ففي الأدعية التي تختتم بها الصلوات، يظن السامع ، أن عموم المسلمين ، ومصالحهم ، هي المسيطر على أذهان الدعاة والأئمة . لكن واقع الحال يقول شيئا آخر مغاير ، بل ومناقض . ولو كان عموم المسلمين ومصالحهم تقع في صلب اهتمام هؤلاء الدعاة ، كما يزعمون ، لكانوا أشد الناس حرصا ، وأكثرهم مثابرة وحماسا، في التنظير والدعوة لتبني الديموقراطية ، وتطبيقها بسائر مركباتها وبنودها ، ليس في بلدانهم فقط ، وإنما على نطاق العالم أيضا . ذلك أن حقائق الواقع تقول أن ليس هناك في عالمنا هذا من هم أكثر حاجة للديموقراطية ، وشق المواطنة منها على وجه الخصوص ، من المسلمين . كيف ؟ تعالوا لنرى .
لا أحد لا يعرف ، مواطنا كان أو رجل الدين ، أن الأقطار العربية تسودها حالات من التمييز بين مواطنيها . الناس يولدون بعضهم بحقوق وامتيازات أعلى ، وبعضهم بحقوق وامتيازات أدنى . وهذا التمييز يقوم إما على أساس ديني ، أو طائفي ، أو عرقي . والغريب أن قبول هذا الحال ، بل والتنظير له ، لا يقتصر على كثرة من رجال الدين ، بل يتعداهم إلى إعلاميين ومثقفين ، كثيرا ما يتحدثون عن الديموقراطية وينادون بها ، في وقت يُغفلون أو يتغافلون ، يسكتون عن ، أو يتجاهلون ، ما يلحق بشق المواطنة منها من إجحاف . ولذلك فإن المرء ، على سبيل المثال ، يذهل من حجم الوقاحة التي يتمتع بها هؤلاء ، ومن مقدار ما يتصفون به من انعدام الحياء وهم يصفون مطالب المحتجين البحرينيين بأنها مطالب فئوية ، واحتجاجات شيعية ، وتحركها أصابع خارجية . والمرء يتساءل : بماذا يتصف مُصدر فتوى دينية بتحريم تظاهر البحرينيين استنادا للمقولات السابقة ؟ هل بالفعل يملك هذا الشخص ، وذلك الإعلامي ، أو ذلك المثقف الذي يردد هكذا فتوى ، ذرة من الحياء ؟ هل هو قدر على البحريني ، في رأيه ،أن يعيش بحقوق مواطنة منقوصة ، لا لشيء إلا لأنه ولد لأبوين شيعيين ؟ كيف يمكن لعاقل أن يصدق المقولة التي يرددها الإعلام ، ويعيدها مثقفون ، بأن ثورة البحرين ، إن نجحت ، ستفضي إلى ضم البحرين إلى إيران ؟ هل حدث في التاريخ أن تنازل شعب عن استقلال وطنه طواعية ، وانضم إلى بلد آخر ، لا لشيء إلا لأن الحكم هناك بيد نفس الطائفة ؟ وهل يمكن تجاهل الواقع المتمثل في أن البحرين جزيرة صغيرة ، بعيدة عن البر الإيراني ، ومرتبطة بالبر السعودي بجسر خرساني يمتد فوق البحر لأكثر من 25 كيلو مترا ؟ ألا يعكس كل ما يقال تواطؤا متشعبا يقوم على استمرار سلب جزء من المواطنين ، من المسلمين ، من العرب ، حقوقا في المواطنة ، لا لشيء إلا لأنهم ولدوا منتمين لطائفة الشيعة ، رغم أنها تشكل الأكثرية في بلدها ؟
وعلى أي حال وبنظرة عجلى على حال البلدان العربية يرى الناظر عجبا . في مصر مثلا يقوم واقع يتمثل في مواطنة أدنى للمسيحي ، ابن مصر الأصلي الذي لا تشوب أصالته شائبة ، وفي مواطنة أعلى للمصري المسلم ، مع أن أصالة المواطنة لقسم كبير من المسلمين لا ترقى إلى نظيرتها عند المسيحيين . وهناك فروق في حقوق المواطنة بين المسلمين العرب والمسلمين النوبيين ، وبين المسلمين السنة والمسلمين الشيعة والبهائيين ....الخ . والغريب أنه في ظل هذه الحالة الشاذة يتردد القول بأن المسلمين متساوون كأسنان المشط .
وإذا ما انتقلنا إلى بلد عربي آخر لرأينا أن التمييز بين المسلمين السنة ، الذين هم فوق الجميع ، يقوم على أساس عرقي . ففي الجزائر والمغرب يتمتع العربي السني بحقوق أعلى ، مواطنة أعلى ، من نظيره الأمازيغي –البربر أهل البلاد الأصليين-. وفي سوريا والعراق يتميز العربي السني على الكردي السني . وحتى أنه في سوريا هناك مئات الألوف من الأكراد محرومون من حق المواطنة . لماذا ؟ لا أحد يعرف ولا يعترض من يدعون التمثيل والحرص على من يصفونهم بأمة الإسلام .
في الستينات من القرن الماضي ، أيام أن كان الشباب لا يتحمسون كثيرا للديموقراطية وللمواطنة ولحقوق الإنسان ، وغيرها مما كان يوصف بالبدع الغربية ، كثيرا ما كنت أدخل في عراك كلامي ، مع زملائي القوميين ، حول الثورة الكردية ، التي تمحورت مطالبها آنذاك ،حول المساواة في حقوق المواطنة العراقية . وظللت أدوام طرح السؤال : لماذا يتوجب على الكردي القبول بِ ، والعيش مع ، حقوق أقل ، ومواطنة أدنى من العراقي العربي ؟ ولماذا يتوجب أن يسود العراقي السني على العراقي الشيعي ، رغم أن شيعة العراق هم الأغلبية ؟ ولماذا يتوجب على المسلم التركماني والمسيحي الآشوري ، وهم العراقيون الأصليون ، القبول والعيش بحقوق أدنى من غيرهم ؟ وإذا ما انتقلنا إلى السودان فحدث ولا حرج .
والآن هل نحن بحاجة إلى تذكير القارئ بأن ما يقال عن مخططات لتمزيق الأقطار العربية تستند ، في أجزاء أساسية منها ، إلى واقع التفرقة في حقوق المواطنة ، القائم في تلك البلدان المعرضة لمؤامرات التمزيق تلك . هل القارئ بحاجة إلى التذكير بأن ثورة جنوب السودان ، حين قامت ، لم ترفع شعار الانفصال ، ولكن إصرار من يصف نفسه بالحكم الإسلامي في الخرطوم على الإبقاء على التمييز في المواطنة ، ضد أبناء الجنوب ، هو من أوصل الجنوب إلى الانفصال ؟ هنا قد يعترض قارئ ليسارع بالقول : وأين ذهبت مؤامرات الاستعمار والأطماع في بترول الجنوب ؟ ونقول :الأطماع والتدخلات الخارجية موجودة دائما ، ولكنها تنفذ وتفعل فعلها إن وجدت لها مداخل وتربة خصبة تنبت فيها ، وذلك بالضبط ما توفره وقائع التمييز في حقوق المواطنة ، وما لا يراه للأسف الذين لا ينظرون لأبعد من ما بين أقدامهم ، حين ينكرون على الغير مطالب المساواة في المواطنة ، ويوافقون بالسكوت على الحال القائم منها . فكيف يمكن لصاحب عقل سليم أن يقبل ما هو قائم في الكويت مثلا . هناك تحرم الدولة جزءا من سكان البلاد الأصليين، عاشوا على أرضها قبل الإستقلال ، ولم يهاجروا إليها بعده ، المعروفين بالبدون ، من حق المواطنة . ما زالوا ومنذ الاستقلال بلا جنسية . لماذا ؟ لأن تجنيس هؤلاء ، استعادتهم لحق المواطنة الذي حرموا منه اعتباطا ، قد يؤدي إلى تغيير الخارطة السياسية في البلاد ، في حال مارس هؤلاء حق الانتخاب . ونختم هذا الجزء من الحديث بسؤال : ألا يُخلٌص إقرار الأقطار العربية لمفهوم وحقوق المواطنة ، وتطبيقه على جميع فئات السكان فيها ، هذه الأقطار من كثير من المشاكل التي تعاني منها ، وفي مقدمتها مخططات التمزيق الخارجية لأوطانها ؟
وإذن وبعد هذه الوقفة مع هذا الجزء مما يوصف بالأمة الإسلامية ، الأمة العربية ، دعونا ننتقل إلى الجزء الأوسع ، مستعينين بمقولة الزمر عن إعادة فرض الجزية ، التي هي التعبير العملي ، في عصرنا ، لانتقاص مفهوم المواطنة ورفض الديموقراطية .
لكن وتمهيدا لذلك دعونا نشير للتالي : أولا إذا كان الزمر وزملاؤه مقتنعين أن تشريع الجزية تشريع إلهي لا يطوله التغيير ، رغم أن التغيير طال غيره ، وأقره أمثال الزمر ، وأنه صالح لكل زمان ومكان ، أفلا يحق لغير المسلمين استعارة هذا التشريع والعمل به أيضا؟ وإذا ما استعاره أحد ، وطبقه على الأقلية المسلمة في بلاده ، فما الذي سيكون عليه موقف الزمر وأمثاله ؟
والثاني إذا كان الزمر وزملاؤه يرون في مصر طائفة سنية ، يحتمل أن تحكم ، وبالتالي يمكنها أن تطبق على أقلية عندها قوانين وإجراءات تنتقص من حقوق مواطنتها ، أفلا يرون أن هناك أقليات مسلمة ، في بلدان عديدة ، بعضها يزيد تعدادها على عدد سكان مصر كلها ، يمكن باستعارة رؤية الزمر ، أن يتم انتقاص حقوقها هي الأخرى ؟ فإن حدث ذلك ، وهو لن يحدث ، فكيف ستكون حقيقة الخدمة التي يقدمها هو وأمثاله لأمتهم الإسلامية ؟
والثالث: دائما نسمع استنكارات لما تقدم عليه دولة أوروبية ، من محاولة تطبيق قوانينها على مسلمين فيها ، كمنع لبس النقاب في الأماكن العامة ، أو لضبط عبارات إمام في خطبة ، بحجة أن هذا وذاك يقع في باب الحرية الشخصية . وحين تسأل عن دوافع الاستنكار يأتيك الجواب حاسما : أليسوا دولة ديموقراطية ؟ ألا يقولون بحماية وصون حقوق الإنسان وحرياته الخاصة ؟ وهنا نسأل : هل مثل هذا القول يحمل اعترافا واضحا وصريحا بأن نظام الدولة الوضعي هناك متقدم على نظام يحاول الزمر وأمثاله إعادة فرضه رغم أن الواقع تجاوزه منذ أمد بعيد ؟
بعد هذه المقدمة المطولة نعاود التذكير بحقيقة أن الزمر وأمثاله يعيشون واقعا وفعلا خارج حدود الزمان والمكان . وإلا فهم يعرفون انه في الوقت الذي توجد فيه عشرة ، عشرين وحتى ثلاثين دولة ، فيها أكثرية مسلمة وسنية ، هناك في المقابل ضعف هذا العدد من الدول ، المسلمون فيها ككل ، والسنة بالذات،أقلية . وإذا كان المسيحيون في مصر يشكلون ما بين 15 و18 % من السكان ، فإن المسلمين في الهند ، وعددهم قرابة 180 مليونا ، يشكلون ذات النسبة . والهند ، بأغلبيتها الهندوسية ، تقع بين دولتين مسلمتين ، باكستان من الغرب ، وبنغلادش من الشرق ، والعلاقات معهما متوترة دوما ، وكثيرا ما تتطور إلى حروب طاحنة . وإذا ما أخذنا بنظرية الزمر ، بخصوص فرض الجزية ، ألا يتوجب على الهند فرض ضريبة مماثلة على مسلميها ، تحت نفس الذريعة ، الحماية ، وعدم زج المسلمين في حروب مع بني دينهم ؟ ألا يستتبع إجراء كهذا مزيدا من المساس بحقوق الموطنة الهندية لهذا العدد الضخم من المسلمين؟.
وهذا ليس حال الهند وحدها ، فهناك كتلة كبيرة من المسلمين في روسيا ذات الأغلبية المسيحية ، يزيد تعدادها على ثلاثين مليونا . وهناك ملايين عدة في الصين الشيوعية وذات الديانتين البوذية والكونفوشية .والمسلمون في نيجيريا يقاربون المسيحيين في التعداد ، وغالبا ما يعتلي سدة الحكم ، وبانتخابات نزيهة ، رئيس مسيحي ، فهل يمكن القبول بأن يحظى هؤلاء وهؤلاء ، بمواطنة أدنى من نظرائهم هنا وهناك ؟. وبالمناسبة يحظى السنة ، وهم أقلية ، في جمهورية إيران الإسلامية بمواطنة أدنى من نظرائهم الشيعة ، الذين يشكلون الأغلبية .
والمسلمون ، كما يعرف الزمر وزملاؤه ، متفرقون اليوم في كل أوروبا وفي الأمريكتين، كما في إفريقيا واستراليا ودول جزر المحيطات . وفي كل هذه البلدان ، يشكل المسلمون وبمجموع طوائفهم ، أقليات ، من عاشر المستحيلات ، استيلاء أحدها على الحكم وتشكيل دولة إسلامية . وهم في كل هذه البلدان محتاجون للمواطنة الكاملة ، حتى لا يعانوا مسا لحقوقهم ، وتضييقا على حرياتهم ، يحد من فرص تطورهم ، ويضيق من سبل عيشهم . وهم يحصلون عليها بالفعل . لكن بعضهم ، وبتوجيهات الزمر وأمثاله ، لا يعجبهم ما هم فيه . ويعملون ، كما يزعمون ،على تحويل المجتمعات التي تحتضنهم إلى ما يصفونه بالمجتمعات الإسلامية ، وإلى نظام الحكم الإسلامي . هم بكلمات أخرى يعدون أهل البلاد التي احتضنتهم بانتقاص مواطنة من يبقى على دينه منهم ، إن حدث المستحيل وتحول المسلمون ، ومن طائفة واحدة بعينها ، إلى أغلبية ، ربما يقدر لها أن تعتلي سدة الحكم هناك ، وتحول نظام الحكم فيها إلى نظام إسلامي . والغريب أن الزمر وأمثاله ، ممن يتمسكون بالعيش خارج المكان والزمان ، لا يرون في منهجهم هذا خطرا يتهدد مئات ملايين المسلمين ، ولا يرون للأسف أن مصلحة المسلمين ككل، تكمن في إقرار الديموقراطية ، بشق المواطنة الكاملة منها . ربما لأنهم متيقنون أن نظام الحكم القائم على الديموقراطية هناك ، لا يمكن أن يصل به السفه حد المس بمواطنة احد .
وخلاصة القول : لعل الزمر وأمثاله ، وهم يزعمون الحرص على الإسلام والمسلمين ، أيا كانوا ، وفي أي البلاد يتواجدون ويعملون ، سيرون يوما ما أن العدل الذي يتحدثون عنه يمكن أن يتحقق ، لكن ليس عبر الوصفة التي يقدمونها ، وقد تخطاها الزمن ، وإنما عبر الوصفة القائمة ، الموجودة والجاهزة ، وهي إقرار وتطبيق صحيح للديموقراطية ، التي قامت ثورة 25 يناير من أجلها ، وشكلت مطمح أحلام وآمال شبابها وشيبها . ولعلهم يوما ما يرون أن صلب مصلحة من يصفونها بأمة الإسلام ، المتفرقة في كافة بقاع الأرض ،لا تكمن في نجاح جزء منها هنا أو هناك في ركوب الحكم ، وانتقاص مواطنة جزء من الأمة التي اعتلوا سدة حكمها ، وإنما تكمن هذه المصلحة في سيادة أو عولمة الديموقراطية ، وتمتع الناس ، كل الناس ، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين ، بحقوق مواطنة كاملة ومتساوية . سيادة الديموقراطية هذه ستفتح كل الأبواب أمام هؤلاء الدعاة لتعريف الشعوب على دينهم ، وربما سيحققون له نجاحات باهرة ، إن هم أحسنوا ذلك . وختاما هل نقول أن البشرية ، إن حدث ذلك ستتخلص من كثير من المشاكل التي تعاني منها ، ومن الإضطرابات والويلات التي تأخذ بخناقها . ربما . فذلك هو الحلم وهو الأمل .



#عبد_المجيد_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دخول الى حقل المحرمات - 1 -
- وحدة الأضداد بدون صراعها
- هل هي مبادرة؟!
- ويا بدر لا رحنا ولا جينا


المزيد.....




- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد حمدان - عبود الزمر و العيش خارج حدود الزمان والمكان