أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مازن الحسيني - إسرائيل والقدس الشرقية:استيلاء وتهويد - مائير مارجليت















المزيد.....



إسرائيل والقدس الشرقية:استيلاء وتهويد - مائير مارجليت


مازن الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 3342 - 2011 / 4 / 20 - 17:05
المحور: القضية الفلسطينية
    




مائير مارجليت
إسرائيل والقدس الشرقية:استيلاء وتهويد
ترجمة:مازن الحسيني

مراجعة:أ.د. عبد الرحمن عباد


منشورات مركز القدس للحقوق الإقتصادية والإجتماعية-2011

اسم الكتاب: إسرائيل والقدس الشرقية:استيلاء وتهويد (ٍSeizing Control of Space in East Jerusalem)
اسم المؤلف: مائير مارجليت (Meir Margalit)
اسم المترجم: مازن الحسيني (Mazen Husseini)
تاريخ النشر:
اسم الناشر:


ترجم هذا الكتاب بإذن خاص من المؤلف، واستناداً إلى
نص الترجمة الإنجليزية من اللغة العبرية التي أعدتها ديانا روبانينكو
( Diana Rubanenko) ونُشِرَت في القدس في شهر حزيران (يونيو) 2010


© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف
2010

لا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو إعادة تخزينه في نطاق
استعادة المعلومات أو نقله أو استنساخه بأي شكل من الأشكال
دون إذن خطي من الناشر.
All rights are reserved. No part of this book may be
reproduced or transmitted in any means, electronic or
mechanical, including photocopying, recording or by any
information storage, without the prior permission in writing
of the author
كلمة من المترجم
يحتوي هذا الكتاب على معلومات قيمة غاية في الأهمية، لم تتوفر، في اعتقادنا، للرأي العام بهذا الشكل الجامع الشامل من قبل. ورغم أنها تروي قصة ما يجري في بقعة صغيرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، هي القدس الشرقية، فإنها تكشف عن مخططات وأنشطة للسلطات الإسرائيلية وللمستوطنين الذين هم، -كما يقول المؤلف-، الذراع الطولى للحكومة الإسرائيلية، يقومون بما لا تستطيع الحكومة عمله علانية. وتكشف عن النوايا والأهداف اللئيمة التي تكمن وراء تلك الأعمال التي تسعى إليها إسرائيل. إنها تميط اللثام عن المخططات الكولونيالية (كما يصفها المؤلف) للدوائر الحاكمة في إسرائيل، وعن المساعي الحثيثة لابتلاع الأراضي الفلسطينية كلية وتجريد الشعب الفلسطيني من حقوقه وتراثه، واقتلاعه من أرض أجداده التي وجِد فيها منذ آلاف السنين.
إن ما يجري في القدس الشرقية منذ العام 1967،هو نموذج حي لما تقوم به إسرائيل وعصابات المستوطنين في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكما يقول مؤلف الكتاب إن من المهم الكشف عما يجري والتأكيد على أن ما تشهده القدس الشرقية هو حالة مكثفة عما تقوم به السلطات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية من استيطان واقتلاع للفلسطينيين، وهو "حالة من الكولونيالية الكلاسيكية" التي لا تختلف عما قام به الكلونياليون ألأوروبيون في إفريقيا وآسيا، وحتى في الأمريكيتين. وقد أصبح الكشف عن هذه الحالة وطبيعتها، وإطلاع الرأي العام على تفاصيل أنشطتها ومراميها أمراً ضروريا وحيوياً، لأن أعداداً متزايدة من الناس حول العالم، وفق ما يقوله المؤلف، أخذت "توافق على الوجود اليهودي في القدس الشرقية، وكأنه أمر طبيعي، أو يجب أن يكون أمراً طبيعياً."
ويؤكد المؤلف، من خلال تجربته وإطلاعه على المخططات التي تعامل معها واطلع عليها، بأن إسرائيل تتطلع إلى ابتلاع الأرض، ولكنها لا تريد العنصر البشري المتواجد عليها، ولهذا فهي تتبع سياسة من شقين، الشق الأول هو تهويد الأرض و"أسرلتها" بشكل مثابر، والشق الثاني هو تقليل الوجود الفلسطيني إلى أدنى حد – أي إلى طرد الفلسطينيين وتهجيرهم..
لقد قمنا بترجمة هذا الكتاب كاملاً كما نُشِر في طبعته الإنجليزية، بعد أن سمح لنا المؤلف مشكوراً بذلك. ولكن لا بد لنا من الإشارة هنا، أنه رغم تقديرنا لما جاء في الكتاب من معلومات قيمة، وتعرية لنوايا السلطات الإسرائيلية ولأهداف المستوطنين، فإن لدينا تحفظات على بعض ما جاء فيه من تعابير وتسميات، لايمكن أن تخفى على القارىء الفلسطيني والعربي.
مؤلف الكتاب هو الدكتور مائير مارجليت الباحث في تاريخ المجتمع اليهودي في فلسطين إبان الإنتداب البريطاني. وهو عضو في مجلس بلدية مدينة القدس الغربية (للدورة الثانية) عن حزب ميريتس اليساري، ويعمل منسقاً ميدانياً للجنة الإسرائيلية ضد هدم المنازل (Israeli Committee Against House Demolitions)، وقد عمل لعشرين سنة في مجال التعليم والخدمات الإجتماعية، كما أن تجربته في مجال العمل البلدي الإسرائيلي وفرت له معرفة معمقة بدهاليز ذلك العمل.
ويعدّ الدكتور مارجليت خبيراً في قضايا سياسة البلدية الإسرائيلية في القدس الشرقية، وقد نشر الكثير حول الموضوع، بما في ذلك عدة أبحاث من بينها: "التمييز في قلب المدينة المقدسة"، و"أعمال الهدم في القدس الشرقية"، إلخ.
يعمل مارجليت أيضاً مستشاراً للعديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك مكتب الأمم المتحدة في القدس؛ ويُدعى في غالب الأحيان لتقديم شهادته أمام اللجنة الخاصة للأمم المتحدة المكلفة بالتحقيق في ممارسات إسرائيل في المناطق المحتلة.
أيلول (سبتمبر) 2010 مازن الحسيني















مقدمة
إن أحد الأمور المثيرة والداعية إلى أشد الغيظ فيما يتعلق بتقرير مستقبل القدس هو وجود ظروف سيطرة شبيهة بـ"الرحم" فرضتها إسرائيل على القدس الشرقية، بما في ذلك الأحياء الإسلامية والمسيحية في البلدة القديمة. فمنذ احتلال الضفة الغربية في عام 1967، سعت الحكومات الإسرائيلية بشكل مثابر دون توقف إلى تغيير الطابع العربي للقدس الشرقية، وذلك من خلال تعزيز وجود كتلة سكانية يهودية حاسمة ودعمها – من حيث المساحة وكذلك التواجد الديموغرافي كي تخلق واقعاً جغرافياً وسياسياً جديداً تسيطر عليه إسرائيل. وهذه العملية التي يُطلق عليها اليمين الإسرائيلي بصراحة اسم "التهويد"، ترمي إلى السيطرة على القدس الشرقية من خلال "إلغاء عروبتها"على حساب سكانها الفلسطينيين وتراثها العربي.
وقد استخدمت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة اسلوبين اثنين يدعمان بعضهما البعض من أجل التوسع المستمر وتعزيز ذلك "الرحم". فأجهزة الدولة الرسمية – بلدية القدس، ووزارة الداخلية، ونظام المحاكم، والشرطة، وغيرهم – تعمل يداً بيد مع هيئات غير رسمية مثل جمعيات المستوطنين التي تقوم بمهام لا تستطيع الدولة القيام بها، أو ليس لديها الرغبة للقيام بها، إما لأسباب قانونية، أو لأنها "غير لائقة". وتشكل جمعيات المستوطنين اليد الطولى للحكومة، وبالمقابل فهي تُمَوَّل وتزدهر بدعم ورعاية الحكومة، بالتعاون مع كل سلطة قانونية تابعة للحكومة، ابتداءً من البلدية وحتى الشرطة. تشكلت، في الواقع، علاقة رمزية بينهم إلى حد أنه لم يعد يتضح، في الغالب، مَن الذي يدير مَن، أهي الدولة التي تدير المستوطنين، أم أن المستوطنين هم الذين يديرون الدولة.
يركز هذا البحث على أفعال المستوطنين – بتأييد صريح أو خفي من الحكومة – في وسط السكان العرب في القدس. وهو يعالج موضوع الأملاك التي استولى عليها اليهود في وسط الأجزاء التي يسكنها العرب بكثافة في القدس الشرقية.
في أعقاب اتفاقية أوسلو (1993) وعملية السلام اللاحقة، ومنذ وصول الرئيس أوباما إلى السلطة، تلقى مشروع الإستيطان في القدس الشرقية، وبالأخص في البلدة القديمة، حافزاً أكبر، وأصبح أكثر إلحاحاً. وقد حفَّزه إلى ذلك مخاوف المستوطنين بأن القدس من الممكن أن يتم تقسيمها كجزء من اتفاقية سلام شاملة. وانطلقت الحكومة الإسرائيلية وبلدية القدس في عملهما استناداً إلى الفرضية بأن المجتمع الدولي سيفرض في النهاية ترتيباً دبلوماسياً ينص على تقسيم المدينة. ويُفترض أيضاً أنه حين يحين ذلك الوقت سيقوم انتشار المستوطنات إلى حد كبير بتقرير حدود المدينة، تماماً كما حدَّدَت المستوطنات اليهودية في العام 1948 الحدود العامة لإسرائيل*. ونتيجة لذلك، فإن كل من الدولة والبلدية يبذلان جهوداًهائلة لخلق "حقائق على الأرض" تمنع تقسيم القدس في المستقبل. وهكذا، فإن استراتيجية المستوطنين واضحة، وهي خلق وضع يصبح فيه من المستحيل التوصل إلى اتفاقيات دبلوماسية لتقسيم المدينة. إن موقع "عطرات كوهانيم" (ِAteret Cohanim) على الإنترنيت يتحدث عن هذا الأمر صراحة؛ يقول: "إن تصميم السلطات والتعاون معها قد أثبتا صحة أسلوب الصهيونية القديم – إن المستوطنات اليهودية هي التي قررت حدود الدولة !"
*(الحقيقة ان حدود عام 1948لم ترسمها المستوطنات بل الجيش الإسرائيلي الذي تخطى حدود التقسيم).

إن مشروع المستوطنين هو محاولة خطرة أعدها بعناية اليمين الإسرائيلي لمنع إعداد مشاريع سلام مستقبلية. فالحكومات الإسرائيلية – ليس فقط الأحزاب اليمينية، بل أيضاً حزب العمل – تستخدم بهدوء ومكر المستوطنين لإغلاق الباب أمام أي انفراج يمكن التوصل من خلاله إلى اتفاق سلام. وليس من المؤكد أن المستوطنات ستتمكن على المدى البعيد من تغيير طابع القدس الشرقية بشكل جوهري. ولكن من المؤكد أن ذلك هوالقصد والهدف اللذان لا يمكن إنكارهما. ففي (سلوان) نجح المستوطنون في وضع عصا أخرى في عجلة السلام. فهناك، في تلك المنطقة التي أطلقوا عليها اسم "مدينة داوود"، سيحصلون (عما قريب) على كتلة حاسمة من الأراضي والبيوت، كما أنهم خلقوا وضعاً سيعيق إلى حد كبير إعادة الأراضي إلى الفلسطينيين.
منذ عقد من الزمن كان من المتعارف عليه القول إن أكثر المستوطنين عناداً الذين يجب التغلب عليهم في القدس هم الموجودون في البلدة القديمة، ولكن الآن يجب إضافة إلى ذلك منطقة سلوان والمنطقة المحيطة بالبلدة القديمة ، التي تعرف باسم "الحوض المقدس"



مجال هذا البحث
يُركِّز هذا البحث على عمليات الشراء الإسرائيلية التي تتم في الأحياء العربية الآهلة بالسكان في القدس الشرقية، بما في ذلك البلدة القديمة. ولكن شعرنا بأنه من الضروري أيضاً إيراد معلومات تتعلق بعمليات الاستيطان الحالية الواسعة في القدس الشرقية – تلك التي يُشار إليها في إسرائيل بـ "الأحياء المجاورة"، مثل (جيلو)، و(راموت)، و(التلة الفرنسية) وغيرها، حتى وإن كان الكثير من المعلومات المتعلقة بها قد سبق نشره. لقد أوردنا أيضاً معلومات عن مشاريع البناء الحكومية الخاصة بزيادة عدد الوحدات السكنية فيها، وكذلك الأعداد الحالية للسكان اليهود في هذه المستوطنات الكبيرة.
إننا نورد أيضا المكاتب والمؤسسات الحكومية، على الرغم من أنها ليست مستوطنات بالمعنى الرسمي للكلمة، أي أن هذه هي مقار مكاتب، وليست أماكن سكنى. ومع ذلك، فإن من المهم أخذها بالحسبان، لأن وضعها في موقع ما بين المحكمة المركزية في شارع صلاح الدين ومكاتب الحكومة في الشيخ جراح، ليس أمراً عفوياً. فهكذا بنية تحتية قد أقيمت في موقع استراتيجي لتعزيز السلطة الإسرائيلية في إطارها. ويؤكد إسرائيل كيمحي (Israel Kimhi)، المختص في شؤون تتعلق بالقدس الشرقية، أن وضع هذه المقار الحكومية في مكانها هو نتيجة مباشرة لنية إسرائيل إحكام سيطرتها على الجزء الشرقي من المدينة، وتوسيع تلك السيطرة. ويؤكد أيضاً أن "بعض تلك المؤسسات والأعمال قد أقيمت نتيجة لإقتناع الحكومة، وتمشياً مع رغبة الحكومة في تعزيز سيطرة الدولة الإسرائيلية على تلك المنطقة." ويضيف أيضاً مفسراً بأن "قرار الحكومة الإسرائيلية الخاص ببناء مجمع دوائر رسمية في القدس الشرقية ...[هو] إجراء سياسي غيّر من البنية الوظيفية في المدينة."
بالمقابلة مع المؤسسات التي تحدثنا عنها فيما سبق، فإننا ندرج هنا العناصر المؤسساتية التي تقدم خدمات للفلسطينيين، ولكنها تخدم عملياً بالدرجة الأولى المصالح السياسية الإسرائيلية*. الأمثلة على ذلك هي وزارة الداخلية في القدس الشرقية ومكتب الضمان الإجتماعي. من الناحية الأخرى فإن من الصعب القول بأن "كوبات حوليم" (المركز الصحي) وعيادة العناية بصحة الأطفال، اللذين يهدفان إلى خدمة المجتمع الفلسطيني، هما إجراءان سياسيان. ولكن من الواضح أن التأثير السيكولوجي لهاتين المؤسستين اللتين تبدوان بأنهما "محايدتين"، ولكن مُعترف بأنهما إسرائيليتان، هو تأثير كبير وهام على طابع المدينة الذي طرأ عليه تغيير. إن الشعار الذي تستخدمه "كوبات حوليم"، ومحطة "سونول" للبترول، ومكتب البريد، وحتى شركات الهاتف الخلوي الإسرائيلية هي كلها جزء من نمط ونهج واحد، وهو أن تصبح عنصراً لا يتجزأ من حكاية السيطرة الإسرائيلية على شرقي المدينة. ولا يمكن، في الواقع، لأي واحدة من هذه المؤسسات والشركات أن تكون بريئة من المدلول السياسي، وذلك لأن لكل شعار ورمز ومفهوم عبراني وظيفة يساهم من خلالها في "التهويد" الشامل للقدس. ونحن في حاجة لأن نتعامل بالطريقة ذاتها مع سلسلة المتنزهات التي تقيمها البلدية وتحيط بها البلدة القديمة. إن هذه الحدائق تبدو للعيون التي لا يراودها الشك، مجرد مساحات خضراء خالية من أي معنى سياسي. ولكن هذه المتنزهات هي عنصر إضافي جرى تخطيطه بهدف تعزيزالسيطرة التامة على الأراضي. فحيث تُعتَبَر
------------------------------
*تشكل عمارة البريد الضخمة في شارع صلاح الدين مثالاً على هذه الإشكالية؛ فهي تخدم الفلسطينيين في الغالب، ولكن في العام 1992 كاد المستوطنون ان يحصلوا عليها من الحكومة لإستخدامهم.
الأراضي ذات أهمية جغرافية (استراتيجية)، ويكون بناء مستوطنات عليها أمراً معقداً، تقوم الدولة بإعلان تلك الأراضي متنزهات وطنية. وأراضي هذه المنتزهات الوطنية لا تخدم فقط كاحتياطي لقيام إسرائيل بأعمال بناء فيها، بل أيضاً كوسيلة لتعزيز تحكم إسرائيل في الجزء الشرقي من المدينة، وتخدم بالتالي وفي الوقت ذاته، في منع العرب من البناء في هذه المواقع.
أُوليَ اهتمام خاص في هذا البحث إلى وجود شبكة كثيفة من كاميرات المراقبة المغلقة الدوائر. إنها تتغلغل في كل زاوية استراتيجية في القدس الشرقية، وبالأخص في المناطق التي تحيط بالمستوطنات. كتب ميشيل فوكول (Michel Foucault) بإسهاب وعلى نطاق واسع حول تأثير كاميرات التلفزيون ذات الدائرة المغلقة في السيطرة على المساحات والفضاء. فالكاميرات ترمي إلى بث الخوف والرعب وإلى القمع بسهولة وفعالية أية روح مقاومة بين المواطنين المحليين. فوجود الشرطة يجري استبداله بوجود رقابة تكنولوجية عن بعد، تعزز علاقات القوى القائمة. والتهديد المستمر بأن يكون المرء مراقباً بلا نهاية، وبالتالي يصبح "المجال" هو مجال قمعي.
إن البنية التحتية هي أيضاً أداة من أدوات جهاز الرقابة والسيطرة. وليس ثمة فارق إن كان السكان المحليون سيستفيدون من تلك البنية، أو إن لم يكن هناك في دوافع المخططين أية نوايا سياسية. فالتأثيرات الموضوعية والذاتية التي تخلقها في البلد هي تكثيف سيطرة إسرائيل على القدس الشرقية. في الواقع، إنها جانب آخر من "رحم" السيطرة الذي أشرت إليه في هذا البحث. وتشكل "السكك الحديدية الخفيفة" التي هي في مرحلة متقدمة من البناء وتمر أيضاً عبر شمال شرقي القدس مثالَ عنصرٍ جيد يجب أعتباره كوسيلة لتكثيف سيطرة إسرائيل على مجال القدس الشرقية، ليس فقط بسبب وجود تلك السكك الحديدية الهائل في المنطقة، ولكن أيضاً لأنها وسيلة لا يحتاجها سكان الجزء الشرقي من المدينة. لن يستخدموها عندما يتم بناؤها، لأن استخدامها سيكون أغلى من استخدام وسائل المواصلات العامة العربية التي تطورت في النصف الشرقي من المدينة. إنها ستؤدي إلى احتقان شديد في المرور؛ لأنها تحتل الآن جزءاً أساسياً من الطريق الرئيسي من شعفاط إلى بيت حنينا، بالإضافة إلى أن خطها المركزي سيمر عبر أراض في الجزء الشرقي من المدينة.
والمثال الآخر على البنية التحتية التي تهدف إلى تعميق نموذج السيطرة الكولونيالية هو "طريق الدائرة الغربية". فقد جرى تخطيطه بالأساس لتحويل وسائل النقل العربية عن المرور في الجزء الغربي، وذلك لمنع السائقين العرب من استخدام "الطرق اليهودية" في تنقلاتهم. وهذا عنصر آخر لمزيد من فصل الشعبين عن بعضهما البعض. وحتى لو أصبح من الممكن تسهيل انتقال وسفر السكان العرب الذين يريدون قطع المنطقة الشرقية كلها دون أن يصادفوا سائقين يهوداً، فإن هذا المنع هو حيلة استخدمها على نطاق واسع المستعمرون الأوروبيون في آسيا وإفريقيا، وذلك استناداً إلى مبدأ فصل مجتمعين مختلفين – السكان المحليين والمستعمِرين.
إن مفهوم "السيطرة على الأرض" يحدد ويُعرِّف ظاهرة هي أعمق بكثير من مجرد الإستيلاء على الأرض. إنه يتكون من نظام كامل من التعليمات والأنظمة والقوانين والضغوط المادية والإقتصادية والسيكولوجية التي تجري ممارستها على سكان القدس الشرقية. إنها تُلقي بظلها على مجمل المكان. وتُطبق هذا الأسلوب آليات الدولة التي تخلق اعتماد المواطنين كليّاً على وكالات الحكومة، ويُمَكِّنُها هذا الإعتماد من السيطرة على المواطنين وعلى المكان بأسره. وتسير السيطرة المادية على المكان يداً بيد مع السيطرة السيكولوجية، وكل واحدة منهما تهيء الأرضية للأخرى.
ورغم المعنى الواسع لهذا المفهوم، فإن هذا البحث يُركِّز - كما أشرنا- على جانب واحد من تلك السيطرة – استيلاء المستوطنين على المكان. وهو لا يتفحص الوجه الآخر لقطعة العملة، أي آلية القيود على استخدام الأراضي التي تفرضها الحكومة على سكان القدس الشرقية. إنها آلية تقيِّد النشاط والعمل بوساطة "نظام التخطيط" – الذي يبدو مصطلحاً محايداً ومهنياً، ولكنه في سياقنا ووضعنا لا يخرج عن كونه اسماً رمزياً لآلية سيطرة ترمي إلى تكريس مصالح النخبة الإسرائيلية وسيطرتها. ومن ثم فإن سيطرتها تعمل ككماشة – أحد أذرعها يسيطر على أراضي العرب، والذراع الآخر يمنع العرب من استخدام أراضيهم. ويعمل الذراعان معاً وفي وقت واحد، بينما تقوم "مدحلة" الضغط السيكولوجي بإكمال عملية السيطرة.
إن المعلومات الواردة هنا هي نتاج عملية جمع وتدعيم لأربعة مصادر بيانات، هي: أولاً، معلومات سبق أن كشفت عنها وسائل الإعلام (عُرِف الآن أن بعضها غير صحيح)؛ وثانياً، بيانات جرى جمعها من خلال القيام بالفعل بزيارة لكل المواقع الموثقة في هذه الورقة؛ وثالثاً، معلومات زودنا بها محمد مراغة (Muhammad Maraga)، الذي كان يتعاون في السابق مع المستوطنين في سلوان والبلدة القديمة، ولم تعد له الآن صلة بالمستوطنين. وقد جرى نشر بعض المعلومات التي قدمها في تقرير لميرون رابابورت (Meron Rappaport) في صحيفة "هأرتس"، ولكن الكثير من تلك المعلومات متوفر لدى المؤلف؛ ورابعاً، البحث والتحقق من البيانات الخاصة بتحويل ملكية المنازل في دائرة ضريبة البلدية التابعة لبلدية القدس، حيث يقوم المستوطنون عادة بتغيير الملكية وتسجيلها بأسمائهم. وفي رأينا أن هذه الدراسة هي بالتالي أول مجموعة كاملة وموثقة لجوانب الموضوع العديدة.
تجب ملاحظة أن هذا البحث لا يتعرض للأحياء المشتركة بين اليهود والعرب في القدس الشرقية. إنه يستهدف وجود يهود معينين، وهم المستوطنون، لأنهم يجلبون معهم "أجندة" سياسية، وأيضاً لموقفهم المعادي تجاه المكان وسكانه الأصليين. يحق لليهود أن يعيشوا في القدس الشرقية بشرط أن يتعاملوا مع المكان وسكانه باحترام. إن الأماكن المختلطة هي في العادة أماكن إيجابية، ولكن ليس في هذه الحالة: فهنا، بدلاً من تقسيم المكان إلى فئتين مختلفتين، "هم ونحن"، قام المستوطنون بتقسيم المكان إلى قسمين منفصلين هما: "هم ضدنا". وهكذا يصبح المكان بركاناً قابلاً لأن يثور في أية لحظة.






شرعية الإستيطان
بقلم: أليجرا باشيكو (ِ Allegra Pacheco)*
يَفهم المرء من كلمة مستوطنات وجود مناطق من ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة يسكنها مدنيون من ذوي الجنسية الإسرائيلية. وتشمل تلك المناطق التي سمحت بها الحكومة الإسرائيلية (وهي الغالبية)، وتلك التي لم تسمح بها (وهي أقلية، صغيرة جداً).
لقد أعلنت الأمم المتحدة وكذلك الإتحاد الأوروبي بأن السياسة الإسرائيلية الخاصة بالمستوطنات تنتهك القانون الإنساني الدولي، وأعلنت الأمم المتحدة بالتحديد بأن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تنتهك المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة. بالإضافة إلى ذلك، أصدر مؤتمر الدول الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة (المنعقدة في العام 2001) بياناً قال فيه "إن الدول الموقعة المشاركة...تعيد تأكيد عدم شرعية المستوطنات في المناطق المذكورة وتوسيعها الآتي."
تقول الفقرة السادسة من المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة بأنه: "يتعين على دولة الإحتلال ألاَّ تقوم بترحيل أو نقل جزء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها."
ويعني هذا النص عدم وجود أية ظروف يمكن لها أن تُبرر قيام دولة الإحتلال بنقل سكانها إلى الأراضي المحتلة. وينطبق هذا الإلتزام على دولة الإحتلال فقط، ولا يمنع الهجرة الطوعية لمواطني دولة الإحتلال إلى الأراضي المحتلة. إنه يمنع فقط مشاركة دولة الإحتلال في تلك العملية أو المساهمة فيها.
ويرمي هذا المنع لقيام مستوطنات، وفق الشروحات الرسمية لإتفاقية جنيف الرابعة إلى: "...منع ممارسة جرى تبنيها خلال الحرب العالمية الثانية من قبل بعض الدول، التي قامت بنقل أجزاء من سكانها إلى المناطق المحتلة لأسباب سياسية وعرقية، أو من أجل، (كما زعمت)، استعمار تلك الأراضي. إن عمليات نقل كهذه قد زادت من سوء الحالة الإقتصادية للسكان الأصليين، وعرَّضت للخطر حياتهم الخاصة كعرق منفصل."
إن قيام دولة الإحتلال بنقل مواطنيها المدنيين إلى الأراضي المحتلة يشكل (ليس فقط) انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة، بل هو أيضاً خرق خطير للبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 لإتفاقية جنيف، وقد أدرج [هذا العمل] كجريمة حرب في المادة 8 (2) من قانون محكمة الجنايات الدولية.**
بالإضافة إلى ذلك، يجب تفسير المادة 49 في سياق الأحكام الأخرى التي تنطبق على الإحتلال. وتشكل أحكام لاهاي لعام 1907 مجموعة أخرى من الأحكام التي تفرض التزامات على دولةالإحتلال.
---------------
*أليجرا باشيكو هي محامية أمريكية وإسرائيلية يحق لها المرافعة أمام المحاكم في البلدين..حصلت على درجة الدكتوراة في القانون من جامعة كولومبيا عام 1990؛ وقد مثَّلَت الفلسطينيين في قضايا كثيرة تتعلق بالأرض وهدم المنازل والسجناء والتعذيب، ونشرت مقالات عديدة حول القانون الدولي والمناطق المحتلة.
** دولة إسرائيل ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية.
ورغم أن أحكام لاهاي لا تتعرض لنقل المدنيين بشكل خاص، إلاَّ أنها تتطلب المحافظة على "النظام العام وسلامة الشعب المحتل" (المادة 43 من أحكام لاهاي). ويمكن أيضاً النظر إليها في سياق الحفاظ على الوضع الديموغرافي والإجتماعي الأساسي في الأراضي المحتلة.
وإذا أخذنا في الحسبان اندفاع بلدية القدس في الخطة الكبرى للقدس حتى عام 2020 لإيجاد توازن ديموغرافي بين السكان الإسرائيليين والعرب في المدينة، فإن القول "بضرورة المحافظة على الوضع الديموغرافي والاجتماعي الأساسي في الأراضي المحتلة" يكتسب أهمية خاصة. إن بلدية القدس تتبع، في الواقع، سياسة تتعارض تعارضاً مباشراً مع المادة 49 ومع أحكام لاهاي.



قرارات الأمم المتحدة
تنتهك المستوطنات أربعة قرارات للأمم المتحدة، هي القرارات 242، و446، و452،و465.
عند بداية احتلال إسرائيل للقدس الشرقية، أعلن مجلس الأمن الدولي بأن إجراءات إسرائيل الرامية إلى ضم القدس الشرقية الفعلي إلى إسرائيل هو عمل باطل. وفي العام 1971 أعلن مجلس الأمن:
"...إن كل الأعمال التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل لتغيير وضع مدينة القدس، بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك، ونقل السكان وسن التشريعات الهادفة ‘لضم الجزء المحتل، هي أعمال وإجراءات باطلة ولا يمكن لها أن تغيِّر ذلك الوضع." [قرار مجلس الأمن الدولي 298 (1971)، بتاريخ 25 أيلول (سبتمبر) 1971) ].
وعندما تبنت إسرائيل قانونها الأساسي الخاص بالقدس في 1980، الهادف إلى تثبيت ضمها الفعلي للقدس بشكل قانوني، قام مجلس الأمن الدولي مجدداً بإصدار بيان واضح يعتبر عمل إسرائيل ذلك باطلاً بموجب القانون الدولي. قال فيه:
"جميع الإجراءات والأعمال التشريعية والإدارية التي قامت بها إسرائيل، دولة الإحتلال، التي غيَّرَت، أو تسعى إلى تغيير طابع ومكانة المدينة المقدسة، مدينة القدس،، وبالأخص القانون الأساسي حول القدس الذي تم سنه مؤخراً هو قانون باطل ويجب إلغاؤه فوراً." [قرار مجلس الأمن الدولي 478 (1980) بتاريخ 20آب (أغسطس) 1980]
وأقر مجلس الأمن أيضاً قرارات عديدة تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية خارجة على القانون. فعلى سبيل المثال ينصّ القرار الذي اتخذه مجلس الأمن في آذار (مارس) 1980 بأن "جميع الإجراءات التي اتخذتها اسرائيل من أجل تغيير الطابع المادي والتركيبة الديموغرافية والبنية المؤسساتية، أو مكانة المناطق الفلسطينية والعربية الأخرى، التي احتُلَّت منذ 1967، بما في ذلك القدس، أو أي جزء آخر من بعد، ليس لها أية صفة قانونية، وإن سياسة إسرائيل وممارساتها الخاصة بنقل جزء من سكانها ومهاجرين جدد إلى هذه المناطق تُشكِّل انتهاكاً صارخاً لإتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في زمن الحرب، كما تُشكِّل أيضاً عقبة خطيرة أمام تحقيق سلام شامل، عادل ودائم في الشرق الأوسط."
ودعا مجلس الأمن الدولي في ذلك القرار جميع الدول إلى "عدم تقديم أية مساعدة لإسرائيل يجري استخدامها بالتحديد فيما يتعلق بالمستوطنات في المناطق المحتلة". [قرار مجلس الأمن الدولي 465 (1980)، بتاريخ 1 آذار (مارس) 1980]. ودعا مجلس الأمن إسرائيل، باعتبارها دولة الإحتلال إلى "الإلتزام بدقة" باتفاقية جنيف الرابعة، بالأخص فيمل يتعلق بالمستوطنات. كما دعاها إلى "التراجع عن إجراءاتها السابقة وإلغائها، والإمتناع عن القيام بأي عمل قد يُسفر عن تغيير الوضع القانوني والطبيعة الجغرافية ويؤثر مادياً على التركيبة الديموغرافية للمناطق العربية المحتلة منذ 1967، بما في ذلك القدس، وبالأخص عدم نقل قسم من سكانها المدنيين إلى الأراضي العربية المحتلة." [قرار مجلس الأمن الدولي 446 (1979) بتاريخ 22 آذار (مارس) 1979].
وفي العام 2006، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً أعادت فيه تأكيدها بأن جميع الأعمال التي قامت بها إسرائيل لفرض قوانينها وتشريعاتها وإدارتها على المدينة المقدسة هي أعمال غير قانونية، وبالتالي فهي غير قائمة وباطلة وليس لها أية قيمة على الإطلاق. وقد فعلت الجمعية العامة ذلك بنتيجة تصويت قياسية، هي 157 صوت لصالح القرار، و6 أصوات ضد (هي إسرائيل وجزر مارشال، وولايات مايكرونيزيا الفيدرالية، وناورو، وبالاو، والولايات المتحدة الأمريكية)، وامتنعت عشر دول عن التصويت. [الجمعية العامة للأمم المتحدة وثيقة GA/10543، الجلسة العامة رقم 61 للجمعية العامة ].
وفي تموز (يوليو) 2004 أصدرت محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً موجهاً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن بناء الجدار في الضفة الغربية والقدس الشرقية.، أعادت فيه التأكيد بأن القدس الشرقية ما زالت أراضي محتلة وبأن القانون الإنساني الدولي، وإتفاقيات حقوق الإنسان الدولية وقرارات مجلس الأمن العديدة تنطبق كلها على القدس الشرقية. وخلصت المحكمة إلى أن مسار الجدار داخل الضفة الغربية والقدس الشرقية "يُعبر عن الإجراءات غير القانونية التي اتخذتها إسرائيل بالنسبة للقدس والمستوطنات، والتي استنكرها مجلس الأمن"، وبالتالي فهو ينتهك القانون الدولي. [الفقرة 149 من الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية].
ودعت محكمة العدل الدولية إسرائيل إلى التوقف عن بناء الجدار وتفكيك الأجزاء التي تم بناؤها في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ودفع تعويضات للفلسطينيين الذين تضرروا من بنائه. وقد أعادت الجمعية العامة للأمم المتحدة التأكيد على الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية بتاريخ 2 آب (أغسطس) 2004، وقد صوَّت الإتحاد الأوروبي ككتلة لصالح الرأي الإستشاري. وكررت محكمة العدل الدولية التأكيد على مسؤولية إسرائيل القانونية الخاصة بتأمين حرية دخول الفلسطينيين إلى الأماكن المقدسة في القدس التي وقعت تحت سيطرتها عقب حرب 1967.
وفيما يأتي مقتطفات من بيانات اللجنة الرباعية والإتحاد الأوروبي التي صدرت في آذار (مارس) 2010:
"...مستذكرة بأن المجتمع الدولي لم يعترف بضم القدس الشرقية، تؤكد اللجنة الرباعية بأن وضع القدس هو قضية من قضايا الوضع النهائي التي يجب أن تحل عن طريق المفاوضات بين الأطراف المعنية؛ وتشجب [اللجنة الرباعية] قرار حكومة إسرائيل الخاص بالتقدم في التخطيط لإقامة وحدة سكنية جديدة في القدس الشرقية. وتعيد اللجنة الرباعية التأكيد على نيتها مراقبة التطورات في القدس عن كثب، والاحتفاظ بالحق في إتخاذ خطوات إضافية قد تكون ضرورية لمعالجة الوضع على الأرض. وتدرك اللجنة الرباعية بأن القدس هي قضية مهمة للغاية بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين، وبالنسبة لليهود والمسلمين والمسيحيين، وتؤمن أن بإمكان الأطراف المعنية أن تتفق، من خلال التفاوض بنية حسنة للوصول إلى نتيجة تحقق آمال وطموحات الطرفين الخاصة بالقدس، وتحافظ على مكانتها بالنسبة للشعوب حول العالم...
"... وتعود اللجنة الرباعية وتكرر دعوتها إلى إسرائيل والفلسطينيين بالعمل وفق القانون الدولي واستناداً إلى اتفاقياتهم وإلتزاماتهم السابقة – بالأخص خارطة الطريق، بغض النظر عن التبادلية – والعمل على خلق بيئة تساعد على نجاح المفاوضات؛ وتؤكد مجدداً أيضاً بأن الأعمال الأحادية الجانب التي قد يتخذها أحد الطرفين لا يمكن لها أن تقرر نتائج المفاوضات، ولن يعترف بها المجتمع الدولي. وتحث اللجنة الرباعية إسرائيل على تجميد كل النشاط الإستيطاني، بما في ذلك ما يتعلق ’بالنمو الطبيعي‘، وعلى تفكيك البؤر الإستيطانية التي أقيمت منذ آذار (مارس) 2001، وكذلك الإمتناع عن عمليات الهدم والطرد من القدس الشرقية. وتدعو اللجنة الرباعية الطرفين أيضاً إلى الهدوء وضبط النفس والإمتناع عن الأعمال الإستفزازية والخطابة المثيرة، لا سيما في المجالات الثقافية والدينية الحساسة."
[صدر بيان اللجنة الرباعية عن الإجتماع الذي عقدته في موسكو في 19 آذار (مارس) 2010، وحضره السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلري رودهام كلينتون، ومبعوث الولايات المتحدة الأمريكية الخاص بالسلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي كاثرين أشتون. وانضم إليهم ممثل اللجنة الرباعية توني بلير.]
وأدلت وزيرة خارجية الإتحاد الأوروبي كاثرين أشتون بالبيان الآتي:
"إن الإتحاد الأوروبي يعيد تأكيده بأن الإستيطان هو عمل غير شرعي بموجب القانون الدولي. فهو يقوِّض الجهود الحالية من أجل إعادة انطلاق مفاوضات السلام، ويشكل عقبة أمام السلام، ويهدد بجعل حل الدولتين أمراً مستحيلاً."
[أدلت أشتون بهذا البيان، بتاريخ 18 آذار (مارس) 2010، نيابة عن الإتحاد الأوروبي، فيما يتعلق بقرار الحكومة الإسرائيلية بناء وحدتين سكنيتين في القدس الشرقية.]
وأدلى روبرت جيبس، السكرتير الصحفي للبيت الأبيض بالبيان الآتي حول القدس بتاريخ 17تشرين الثاني (نوفمبر) 2009:
"لقد أصبنا بخيبة أمل لقرار لجنة القدس للتخطيط الخاص بالمضي قُدماً في عملية الموافقة على توسيع "جيلو" في القدس. ففي الوقت الذي نعمل فيه لإعادة إنطلاق المفاوضات، تجعل هذه الأعمال نجاح جهودنا أكثر صعوبة. يجب ألاَّ يقوم أي من الطرفين بأية أعمال أحادية الجانب قد تستبق ، أو تبدو أنها تستبق، المفاوضات. إن الولايات المتحدة الأمريكية تعارض أيضاً أعمال إسرائيل الأخرى في القدس المتعلقة بالسكنى [في المدينة]، بما في ذلك الإستمرار في أسلوب الطرد وهدم منازل الفلسطينيين. إن موقفنا واضح: وضع القدس هو قضية تعود إلى قضايا الحل النهائي الذي يجب أن يتم التوصل إلى حل له عن طريق المفاوضات بين الطرفين."


الإستيلاء على المكان
يتحدث "الإستيلاء على المكان" عن مفهوم أوسع بكثير من مجرد الإستحواذ على أملاك مادية. فبنية استيطانية واحدة تقوم بغزو الفضاء المحيط كله، ويتم الشعور بتأثيرها في أكثر من تلك البناية، التي هي المستوطنة، وذلك بسبب نظام الأمن المرتبط بتلك البنية الإستيطانية الذي ينشر الكآبة بالنسبة للسكان الفلسطينيين. ويصبح منزل واحد أو مجمع سكني موقعاً محصناً وفق أرقى التقاليد الكولونيالية في القرن التاسع عشر – يصبح مجموعة من الناس محتجزة و"مسجونة" في القرن الحادي والعشرين.
إن كل موقع يهودي في القدس الشرقية يحتاج إلى سياج أمني ومراكز حراسة يتولاها رجال أمن مسلحون، وكشافات إضاءة، وفي غالب الأحيان كاميرات ذات دوائر مغلقة، وبالطبع يرافقها العلم الإسرائيلي المثير للإستفزاز. وتأتي في أعقاب ذلك قوات الشرطة التي تتجول في المنطقة وتخفرها، وتشكل عنصر إثارة وسخط دائم للسكان العرب. إن الإستيطان يغزو الأراضي الفلسطينية كلها، حيث تجري مراقبة كل شخص وكل حركة. فمجرد وجود مستوطنة يكفي لضمان السيطرة على المكان. وبالتالي تتغيَّر طبيعة المكان من مكان حياة مسالمة إلى منطقة نزاع.
لا تؤدي المستوطنة إلى تفتيت الأرض فقط، بخلقها بؤر معزولة ومنفصلة، فتسبب انفصاما في المحيط المادي؛ وتدمر أيضاً تناسق المجتمع وانسجامه، وتؤدي بالتالي إلى تعميق السيطرة اليهودية على الأرض؛ ومن ثم تُعَكِّر المستوطنات المحيط وتقلقه. إنها تمزق الشعور بالمكان، وتعيق أو بالأصح تعكس ما أسماه كيفن لينش "تعاقب وتواصل منظر الأرض، وتناسق الفضاء الفلسطيني وترابطه، وذلك لأنها تعمل على فرض سلطتها على ما يحيط بها" (كيفين لينش، 1964). ويُدخل وجود المستوطنين شعوراً بالقلق والضغوط في مجالات المدن ويُضر بالأمن النفسي للسكان. إنه مُخل بالتوازن ويصبح سببا من أسباب التشوش. وهذه المشاعر هي وصفة ممتازة لوقوع كارثة، قنبلة موقوتة، إن لم يجر إبطال مفعولها، لديها إمكانية هائلة لتسبب انفجاراً مريعاً.
إن المستوطنة تثير، بمجرد وجودها، العداء، وتلحق الضرر بالمكان الذي تحتله، لأنها امتداد لـ"الدولة"، بكل ما في ذلك من عواقب مرافقة بالنسبة للمواطنين العرب الذي يشعرون بالإذلال وبأنهم تحت الإحتلال. ويتفاقم هذا الشعور نتيجة كون هذا الوضع هو وجود سائد وشامل. وتصبح المستوطنات ما أطلق عليه ميشيل فوكول "مفتاح غير إيجابي" في السيطرة على المجال ونظام للتأديب، وهو صيغة محلية لـ"عين السلطة" التي تراقب وتفرض التهديدات على المجال كله. إنها تعيد للذاكرة "المدن السجون" التي عرَّفَها الفيلسوف الإنجليزي جيرمي بينثام (Jeremy Bentham) في أواخر القرن الثامن عشر. وإذا كان هذا هو الشعور العام تجاه كل مستوطنة في أي مكان، فإنه شعور حتى أقوى عندما تقام المستوطنة على حطام عائلات كانت تعيش حتى الأمس في المنازل نفسها، وتم طردها بالقوة، ليجري بعد ذلك إسكان مستوطنين في تلك المنازل، كما هو الحال في حي الشيخ جراح. (ليس ثمة فرق إن كان الطرد قد تم بمساندة قانونية، فهو في كل الأحوال طرد بالقوة).
إن المجال أمر في غاية الأهمية بالنسبة لممارسة السلطة، ولكن السلطة تخلق أيضاً نوعاً خاصاً من المجال (كوسكيلا – Koskela- 2003). فالمستوطنة تخلق "خرائطية إقصاء"، وتنظم المجال وفق بُنى السلطة والسيطرة، وتُحوله من ’مجال‘ إلى منطقة نزاع... إن المستوطنات تُقسِّم المجال إلى مجموعات أولئك الذين يمارسون السلطة، وأولئك الذين يخضعون لها.
حالة مؤقتة دائمية
تكتسب الأرض تحت الإحتلال وضعاً خاصاً مختلفا عن المجالات المعهودة غير المحتلة. يعود ذلك أولاًً إلى الفرضية السائدة بأن الاحتلال هو، من حيث تعريفه، وضع مؤقت، من المحتمل أن ينتهي عند مرحلة معينة من مراحل النزاع، وبالتالي فإن الأرض تكتسب وضع أشياء مؤقتة. يجري تجميد كل شيء، توقعاً لمرحلة التحرير عندما تعود الأمور إلى طبيعتها. ويتعامل المحتل مع المنطقة كنوع من ’الوديعة‘ التي ستُرد إلى مالكيها الشرعيين عندما يسود السلام. وكذلك يَعتبر الناس الواقعون تحت الإحتلال الظروف في المناطق بأنها وضع شاذ، يتعين عليهم في ظله أن ينظموا أنفسهم ليضمنوا معيشتهم وبقاءهم، بدلاً من اعتبارها حياة كاملة. حقاً إن السلطات الإسرائيلية تعلن على الدوام بأن ضم المناطق [لإسرائيل] هو أمر ’أبدي‘، ولكن جميع الممارسات والإجراءات المطبقة تدل على أن وضع الأرض هو وضع مؤقت، نوع من الجملة المعترضة في مسيرة الحياة. فالأرض لا تعود إلى الإحتلال ولا للمُحتَل*؛ إذ بعد 42 سنة من الإحتلال تَشَكَل وضع شاذ، وضع متناقض في المجال. يمكن تشخيصه بالوصف الذي يُطلِقه أورن يفتاشيل (Oren Yiftachel)، وهو "حالة مؤقتة دائمية"، الأرض في تلك الحالة غيرمستوعبة وغير مضمومة وغير مُلغاة. وفي هذه الحالة قامت الدولة بتطوير أساليب متعددة لإدارة ما هو غير مرغوب، والذي لا تمكن إزاحته. والبرهان على ذلك واضح في كل حارة من حواري القدس الشرقية وأزقتها – الإهمال والعوز في كافة المجالات.
إذا كان وضع الأراضي التي جرى غزوها هو وضع شاذ، فإن الأمر ينطبق بشكل أكبر على وضع الأراضي التي تُستعمَر – حيث يحاول المستوطنون تولي السيطرة من خلال عملية إعادة تشكيل الأراضي وإعادة تعريفها، ويحاولون تغيير هويتها الديموغرافية والجغرافية.







----------------------
*قال ياكير زيجيف (Yakir Segev) المسؤول عن ملف القدس الشرقية في بلدية القدس، في حديث صحفي: "إن القدس الشرقية تعاني حتى اليوم من عدم وضوح مستقبلها السياسي. عندما تقابل المسؤولين في وزارة المالية يقولون "لماذا إستثمار الأموال فيها إن لم تصبح لنا خلال سنتين أو ثلاث سنوات ؟" وفي البلدية يقولون الشيء نفسه، يقوله بعضهم بصراحة أقل، بينما يقوله آخرون بصراحة أكثر. ولكنه شعور يسيطر على عقول الناس المعنيين." (Moshe Steinmatz, NRG-Ma arive, 19 January, 2010).
نموذج العلاقة الكولونيالية مع "السكان المحليين"
إن العلاقة بين المستوطنين والعرب ليست علاقة جوار، بل هي قائمة على علاقات عدائية تفرض ذلك الجو، وذلك الخطاب، كما تفرض أيضا سمات كل شخص يقيم في ذلك المكان. إنهم يحيلون المكان الفسيح المفتوح إلى مكان معزول عنصرياً، ومُستقطَب، والتعامل معه أكثر صعوبة، والبقاء فيه ساكناً بلا حراك بدوره أصعب، وذلك لأنهم يشجعون الصدام والنزاع. وهذا لا يعني بأن السكان العرب لا يستطيعون الإستفادة من إقامة مستوطنات في مناطقهم. ففي بعض الحالات المختارة تؤدي إقامة المستوطنات إلى تحسين مستويات معيشة السكان المحليين. هكذا كان الأمر في منطقة رأس العمود حيث قامت البلدية بعد بناء مستوطنة معاليه هازيتيم (Ma aleh Hazayit) بتحسين الطرق والإضاءة في الشوارع ونظامي تزويد المياه وجمع القمامة*. والأمر الأهم بالنسبة للمواطنين العرب الأصليين أن البلدية زادت نسبة البناء، مما سمح للمواطنين العرب بإضافة طوابق إلى منازلهم، مثل جيرانهم من المستوطنين. والظواهر التي من هذا النوع هي ظواهر مألوفة للغاية في أي نظام كولونيالي، حيث – ترادفاً مع الإضطهاد الشامل – يحدث تحسين في مستوى بعض قطاعات الخدمات. ولكن هذه التحسينات لا تُغيِّر مجمل الصورة، ومن غير المتوقع أن تجعل وجود المستوطنين مرغوبٌ فيه. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تزيد من التأكيد على التمييز الملازم للعملية، بما أن مصدر الفوائد واضح.
ولكن من المفارقات أن تأثير الطابع الغريب للمستوطنات في القدس الشرقية يعزز الهوية الفلسطينية ويقويِّها. وعند هذه النقطة يقوم الإختلاف بالتأكيد على الطابع الفريد. وخلافاً للمستوطنين تتقوى البيئة الفلسطينية وتتعزز. وهكذا يلعب المستوطنون دوراً مهماً في تأكيد الوعي السياسي الفلسطيني وزيادته. فهم، أي الفلسطينيون، يجدون أنفسهم في موقع يشعرون فيه بالحاجة إلى الرد على عداوة المستوطنين. وهكذا، يصبح المستوطنون عامل حفز للوعي الفلسطيني. إنهم ينتجون رد فعل يعزز تماسك المجتمع [الفلسطيني] ويقويه في الأماكن المهددة.
يتسم موقف المستوطنين من جيرانهم العرب بالتحدي والعنجهية، كما جرى الكشف عنه على موقع "عطرات كوهانيم" على الإنترنيت، حيث يصفون ماذا كان سيحدث في القدس الشرقية لو لم يستعد اليهود الأرض. يقولون: "...إن وجود عشرات العائلات اليهودية الشجاعة والمتفانية وطلاب المدارس الدينية حال دون نمو أعشاش إرهابيين** وتجار مخدرات، كما هو الحال في غزة، ونابلس، ورام الله."
إن وجود مستوطنات في النصف الشرقي من المدينة يشكل مصيدة لكلا الطرفين، ويخلق حالة "خسارة – خسارة" منذ البداية. فالسكان العرب الذين يعيشون بالقرب [من المستوطنات] يجدون أنفسهم في مصيدة، في الظل القاتل الذي تلقيه المستوطنات على ما يحيط بها. ولكن المستوطنين يجدون أنفسهم، إلى الحد ذاته، ورغم كونهم مسلحين، واقعين في المصيدة، محصورين في داخل المستوطنات. والمستوطن، مثله مثل أية ظاهرة كولونيالية في التاريخ الحديث، هو عنصر غريب في مشهد القدس الشرقية، ويدرك أن آلاف النظرات العدائية تلاحقه عندما يغادر المنطقة ويدخلها. وهذه النظرات هي نظرات مقلقة للغاية إلى حد أن ليس ثمة نظام أمن يستطيع أن يخلِّصها من الحقد الملازم لها؛ وحتى الإيمان الديني الذي يدفع المستوطنين لا يمكن له أن يتغلب على الشعور بالإغتراب الذي يعكسه ويبديه الناس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*(لايشعر سكان حي رأس العمود بهذه الخدمات،إذ انها مقتصرة على المستوطنين فقط، ويقال الشيء نفسه عن المساكن)
**(المقصود رجال المقاومة).

المحيطين بهم، الذين يرفضون المستوطنين باشمئزاز؛ وهكذا فإن المستوطن يظل عنصراً خارجياً حتى وإن أقام هناك.
تغيير المكان
جرى استخدام إعادة تشكيل المشهد وإضفاء طابع إسرائيلي عليه وسيلة لمصادرة الأرض و"تأميمها" – كوسيلة لـ"أسرلة" القدس، أي جعلها إسرائيلية، ولحرمان الناس الآخرين من الملكية الرمزية لتراث مجتمعهم. (ألونا نيتزان شيفتان – Alona Nitzan Shiftan – 2006 .)
إننا ، في هذا البحث، نفهم معنى مفهوم"المجال" بأوسع معانيه، بما في ذلك مجمل النسيج الإنساني والمادي للمجال. فمنظر المدينة يشمل مجموعة من المواضيع والمجالات التي تخلق كلها هوية خاصة ومعقدة، تضم مجالات وأنسجة وأشياءً هندسية معمارية، وألواناً، ومجموعة إشارات، وتسوية أراض، وتكنولوجية بناء، وتصميماً بيئياً، وأبنية أصلية، وإرتباطاً بأبنية من عهود أخرى، أو ذات أصالة مختلفة، وحكايات البنى وعلاقتها بالمناطق المجاورة التي يجري تطويرها وبناؤها. ( كرويانكر – Kroyanker – 1992).
إن عملية تغيير معالم القدس الشرقية ترتكز على مبدأ التأثير التراكمي الذي تقوم العناصر التي تبدو محايدة وليست مهمة لو أخذت بشكل منفصل، بخلق بُعد مختلف إذا أُخِذت ككل. فكل "عنصر محايد" يُساهم في التصميم البديل لـ’المجال‘. وهي تخلق وجوداً إسرائيلياً دون وجود فعلي للمؤسسات الإسرائيلية. "إن خلق ’مكان‘ هو عملية نوعية ورمزية وعاطفية" (رام كارمي – Ram Karmi- 1977). فالمكان الذي يمكن تعريفه بأنه إسرائيلي يساعد مساعدة كبيرة في خلق الأساس لملكية الأرض. والأمثلة على ذلك هي مستويات الإضاءة، وتصميم تعبيد الشوارع، وحتى حاويات القمامة التي تشبه تلك المستخدمة في القدس الغربية، والتي تحمل شعار بلدية القدس. وتكمن قوة هذه العناصر في أنها خفية عن العين السياسية، كما أنها بريئة من المنظور السياسي، وبالتالي لا تثير معارضة. ولكون النظرة إليها بأنها عناصر "طبيعية" أو "محايدة" فإن تأثيرها على المجال المادي له تأثير أكبر. ولكن إذا تم النظر إليها ككل، من الجوانب المادية والديموغرافية، فإنها تسهم في وجود "الرحم" – سياسة واعية ومثابرة وخبيثة لإلغاء عروبة المكان. إن مفهوم "العناصر الخفية" مفهوم موثق في القسم الخاص بأرض داوود - Ir David – (سلوان)، حيث هذه العناصروتأثيرها التراكمي واضحة للغاية.

سياسات الفصل العنصري
لم ينتعش الفصل العنصري في المكان من فراغ، بل هو تعبير آخر عن سياسة التمييز التي تُطبق في كل مجال. فقبل التمييز في المدن، قام التمييز الإجتماعي والإقتصادي والثقافي بإعداد التربة لذلك النوع من التمييز في المدن. فالإستيلاء على الأرض سبق الإستيلاء على الكرامة الإنسانية للمواطنين. وكانت جهود المستوطنين ستصبح مستحيلة بدون السياسة العرقية السابقة، سياسة احتقار العرب، التي مكَّنت القيام بمحاولات أكثر عنفاً. وقد أشار أزولاي (Azoulai) وعوفير(Ophir) إلى أنه "قبل فترة طويلة من بدء المشروع، جرت إعادة رسم المجال وإعادة توزيعه، مع إعداد قيود جديدة على الحركة." (Azoulay and Ophir, 2009)
إن التعبير الأكثر وضوحاً وملموسية لذلك التمييز هو الوضع المدني والقانوني للفلسطينيين في القدس الشرقية، الذي هو أدنى مكانة من وضع اليهود الذين يعيشون في المدينة نفسها – فالفلسطينيون هم مجرد مقيمين، بينما اليهود هم مواطنون. من الواضح أنهم، أي الفلسطينيين، أدنى مكانة، وبالتالي فإن المناطق التي يعيشون فيها تعتبر مناطق من الدرجة الثانية. وبما أنهم مواطنون أدنى مكانة يعيشون في منطقة ذات مكانة أدنى، فإنهم يستحقون خدمات بلدية أدنى. وبالتالي، فإن الجزء المخصص للقدس الشرقية في ميزانية البلدية هو تقريباً 12 في المائة من ميزانية المدينة، بينما يُشكل الفلسطينيون 35 في المائة من جميع سكان المدينة. (مارجليت، 2006).
لا نتحدث بالتفصيل في هذا البحث عن سياسة التمييز المطبقة في القدس الشرقية، ولكن من المهم أن يلاحظ المرء حقيقة التمييز الواسع، وأن يعرض جهود المستوطنين في النصف الشرقي من المدينة في سياق أوسع. إننا نقدم الأمثلة كذلك على أنها جزء من سياسة عامة مثابرة ومقصودة ومُملاة من أعلى.

خلفية تاريخية
الإستيطان اليهودي الحالي في البلدة القديمة من القدس ليس حالة غير اعتيادية في تاريخ إسرائيل، بل هو إحياء لظاهرة قديمة جداً. فمنذ أيامه الأولى سعى المشروع الصهيوني إلى إعادة استيطان الأراضي التي تُعتبر "أراضي وطنية" كانت مسقط رأس الشعب اليهودي. كانت الصهيونية فرعاً من فروع القومية التي ولِدت وتشكَّلَت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بين العديد من الأقليات القومية في أوروبا. وقد استمدت من عناصر التقاليد الكولونيالية التي سادت في كل منطقة من آسيا وإفريقيا، حيث تولت القوى الكولونيالية الأوروبية.السيطرة
كانت الفرضية الكامنة للرواد الأوائل هي أن الأرض مِلك للشعب اليهودي، وأن عودته إليها هو عمل تاريخي عادل تجاه ذلك الشعب الذي كان قبل ألفي سنة قد طُرِد من بلده على يد دول أجنبية. كان الرواد الأوائل يعتبرون أن "البلد بلا شعب، لشعب بلا بلد." أما بالنسبة للناس الذين كانوا يلمون بالوضع ويعرفون أن البلد لم يكن، في الواقع، بلا سكان، لم يؤثر وجود العرب على مشاريعهم. وجرى النظر إلى وجودهم، أي وجود العرب، على أنه "خطأ تاريخي" يجب تصحيحه. ولم يؤد ذلك إلى أي تأنيب ضمير. بالإضافة إلى ذلك، جرت غالبية صفقات شراء الأراضي حينها بشكل قانوني، وتم دفع ثمنها بالكامل. ومع مرور الزمن، نشأ مفهوم لدى قادة إسرائيل قبل قيام دولة إسرائيل، سمح بالإستيلاء على الأراضي بأساليب أقل قبولاً، وذلك وفقا لفرضية أن الغاية تبرر الوسيلة. وتشكلت نظرة عالمية خلال النضال من أجل التحرر الوطني ضد الإنتداب البريطاني، رأت في المستوطنات جانباً محورياً من جوانب التحرر الوطني. وكلما ازداد تقييد البريطانيين للإستيطان اليهودي من خلال الكتاب الأبيض الذي أصدروه، كلما قوي الإدراك والوعي بأنه من المسموح – لا بل هو أمر محوري – إقامة مستوطنات في انتهاك لقانون الإنتداب، وبالتالي خلق حقائق ملموسة تُسَرِّع في استقلال اليهود في الأرض التاريخية.
إن الإذن الأيديولوجي الذي افترض قادة اليشوف (المستوطنون الأوائل) توفره قبل قيام الدولة خلال وجود الإنتداب البريطاني رَشَح إلى الدولة الوليدة – ولكن هذه المرة كان يتعلق بالأراضي التي تملكها الأقلية العربية في إسرائيل. طُبِّق في البداية على أراضي القرى التي طرد سكانها، وأيضا على القرى التي دمِّرت بعد حرب الإستقلال في 1948. وجرى فيما بعد تطبيق القانون على الأراضي التي جرت مصادرتها من التجمعات السكانية العربية من أجل بناء مجتمعات يهودية. كانت المبررات هي نفس تلك المبررات التي استخدمت قبل إقامة الدولة – كانت الأرض، في الواقع، ملكاً لليهود، وكان العرب مجرد مستأجرين من الباطن، ويحق للدولة أن تستولي عليها لمنفعة الشعب اليهودي. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت إسرائيل تملك الحق لعمل ذلك بعد أن أصبحت أمة ذات سيادة.
وتم اللجوء إلى ذلك الأسلوب بعد حرب 1967، وجرى تطبيقه بحافز أقوى على أراضي يهودا والسامرة [الضفة الغربية] – التي تعتبر مسقط رأس الشعب اليهودي تاريخياً. لقد أثار غزو الضفة الغربية مشاعر قوية بين صفوف العديد من الإسرائيليين، وعاد بهم إلى أرضهم الأصلية؛ فاعتبر بعضهم أن العودة إلى مسقط رأسه التاريخي هو حدث كوني أوسع، هدفه هو الإسراع في ظهور المسيح – البرهان على وجود عدالة تاريخية في العالم، وبأن التنبؤات التوراتية يجري تحقيقها. وكانوا يعتقدون بأن وجود الفلسطينيين ليس سبباً كافياً كي يتنازلوا عن تحقيق مشروعهم العظيم الخاص بإعادة تهويد البلد. وتشكلت لأول مرة في 1974 حركة استيطان دينية – غوش إيمونيم، جمعت بين الخطاب الديني والقومي؛ بينما اعتبر أعضاؤها أنفسهم ورثة الرواد الصهاينة العلمانيين الأوائل. وتمتعت الحركة بتأييد حكومة مُشَكَّلَة من أعضاء الحركة العمالية الذين كانوا قد أنشأوا الأمة، ورأوا في المستوطنين المتدينين تجسيداً حديثاً للرواد في فترة ما قبل قيام الدولة. ولكن مشروع الإستيطان الذي انتعش بعد 1967 كان أعنف بكثير من المشاريع التي سبقته، كما أن الغطاء القانوني والتسامح لهذه الأعمال كانا دائميّ الإنتفاء. وقد أباح ذلك الجيش الإسرائيلي والنظام القانوني الذي أعَدَّ صيغاً ومعادلات تشريعية للإستيلاء على الأراضي الخاصة بشكل "قانوني"، إلى أن وصل الحال إلى القيام بمصادرة أراض خاصة بشكل وقح وغير قانوني. لم يشعر المستوطنون بالطبع بأي خجل، وكذلك الدولة والمؤسسات القانونية.
إن الإستيطان اليهودي في القدس الشرقية هو جزء من ذلك المسار الذي تم اختياره، ولكنه أكثر قوة بسبب الأهمية التي توليها تلك الدوائر للمدينة، وأيضاً لإدراكها بأن القدس هي مفتاح السلام في منطقتنا. انطلقت جهود المستوطنين في 1978 عندما دخلت جمعية "عطرات لايوشناه" (Atara LaYoshna) (التي خرجت من تحت عباءتها لاحقاً جمعية عطرات كوهانيم – Ateret Cohanim Association ) إلى بناية لتورات حاييم يشيفا (Torat Haim Yeshiva) في شارع باب الواد. قامت على الفور بعد ذلك دائرة الأراضي في إسرائيل والحارس على أملاك الغائبين، بتسليم وتحويل هذه البناية وغيرها من البنايات الأخرى إلى عطرات كوهانيم. وقد كتب نداف شرجاي (Nadav Shragai) يقول "إن المؤسسة الإسرائيلية كلها تقريباً كان لها صلة مع أنشطة الجمعيتين في الحي الإسلامي. أصبحت وزارة الداخلية ووزارة الأديان – ويتولى كلتاهما وزيرين من حزب المفدال (الحزب الديني الوطني) ألقناتين اللتين تتدفق الأموال عن طريقهما. وبدأت أنشطة المستوطنين في سلوان في 1991، عندما دخلت جمعية العاد (Elad Association) التي تأسست في 1986، أول الأبنية في سلوان التي منحها لها الحارس على أملاك الغائبين. وكما سنبين لاحقاً، كان للدوافع المسيحيانية والقومية وكذلك السياسية صلة بالأمر هنا، وذات نية واضحة في تخريب أية خطة سلام في المستقبل. ففي الوقت الذي تبنى فيه المستوطنون في هذه الأيام أساليب رواد الحركة الصهيونية وتوجههم وأفكارهم، إلاّ أنهم شحذوها وأوصلوها إلى مستويات جديدة خطيرة










العنصر الديموغرافي
عقب حرب الأيام الستة مباشرة، تَشَكَّل مفهوم وطني ينادي – من أجل ضمان سيطرة إسرائيل على القدس الشرقية – بضرورة السماح بتدفق هائل للمواطنين اليهود على المنطقة الجديدة التي تم ضمُّها إلى إسرائيل. وكان دافيد بن غوريون واحداً من عديد من الناس، الذي قال بعد الحرب "يجب علينا أن نجلب إلى القدس الشرقية يهوداً بأي ثمن. يجب أن نوطن العديد من اليهود هناك خلال فترة قصيرة. سيوافق اليهود على الإستيطان في القدس حتى في أكواخ. يجب ألاَّ ننتظر حتى بناء أحياء جيدة. الشيء الأساسي هو أن يكون هناك وجود يهودي."* ونتيجة لذلك صادرت الدولة 26 ألف دونم من الأراضي، ويُشَكِّل ذلك ثُلث مجموع الأراضي في القدس الشرقية، وأطلقت عملية بناء 11 حياً يهودياً. وقد جذبت هذه الأحياء بسرعة العديد من الإسرائيليين، وذلك لأسعار المنازل المُغرية، وأيضاً لقلة أراضي البناء في القدس الغربية. ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم تم بناء 40 ألف وحدة سكنية في هذه الأحياء، وسيقوم في العام 2010، مائتا ألف مواطن بالعيش هناك. إن العودة إلى النصف الشرقي من المدينة بالنسبة لغالبية الإسرائيليين هو بمثابة تحقيق حلم راود أجيال، بالإضافة إلى الموقف من القيمة التاريخية والروحية، وحتى قدسية المدينة. هذا، على الرغم من أن غالبية الأراضي التي جرى ضمها إلى حدود بلدية المدينة، لم تكن في يوم من الأيام جزءاً من القدس، بل تتكون من قرى تقع بجوارها. أضافتها الحكومة بشكل مصطنع وإداري لتحصل على أراض ملائمة لإقامة أبنية يهودية.
أصبح العنصرالديموغرافي منذ بداية الإحتلال في 1967 عنصراً مركزياً في السياسة الإسرائيلية. وكانت الفرضية السائدة في أوساط الحكومة هي أنه كلما زاد عدد اليهود في القدس الشرقية، كلما ازدادت سرعة قبول العالم للسيطرة الإسرائيلية على الأراضي. وكان الوجه الآخر للعِملَة بالطبع هو الحد من أو تخفيض قدر الإمكان الزيادة الديموغرافية للعرب وتوسعهم في القدس الشرقية، وذلك لنفي إمكانية أن يصبحوا أكثر من 30 في المائة من إجمالي سكان المدينة. وأصبحت هذه السياسة المزدوجة هي المبدأ الذي تهتدي به سياسة القدس، وما زالت كذلك حتى اليوم – زيادة الوجود اليهودي على الأرض، وتخفيض الوجود العربي في ذلك المكان.
إن المبدأ ذاته هو الذي تهتدي به منظمات المستوطنين. ولكن خلافاً لمبادرات الدولة يقوم المستوطنون بتطبيق هذا المبدأ على الأراضي الخاصة المملوكة للعرب في قلب الأحياء العربية. لذا، فإن الدولة الإسرائيلية والجمهور ينظرون إلى جهود المستوطنين بعين العطف. فالمستوطنون يُنظر إليهم على أنهم يواصلون جهود اجيال من الرواد في إسرائيل، يعملون لتحقيق الهدف الذي كانت تنوي تحقيقه الحكومات الإسرائيلية في القسم الشرقي من المدينة، أي تعزيز وتقوية الوجود اليهودي في القدس الشرقية، وخلق حقائق على الأرض ستمنع إعادة تقسيم المدينة، وتضمن وجود أغلبية يهودية في المنطقة.
-------------
*راجع:ٍ Shragai Nadav, The Mount of Contention, the Struggle for the Temple Mount, Jews and Moslems, Religion and Politics.Keter, 1995, page 199












مناطق استولت عليها الحكومة
في القدس الشرقية

يحتوي هذا القسم على معلومات عن الأحياء الكبرى / المستوطنات في القدس الشرقية، التي أصبحت في الواقع مراكز رئيسية للإسكان. فعلى الرغم من أنها تُعدّ مستوطنات بموجب القانون الدولي، فإن الحكومة الإسرائيلية والرأي العام الدولي، وكذلك بعض الأصوات في داخل السلطة الفلسطينية، يعدونها جزءاً لا يتجزأ من القدس. وعلى الرغم من كون هذا البحث يتعامل بالدرجة الأولى مع المستوطنات الإسرائيلية في قلب الأحياء الفلسطينية في الجزء الشرقي من المدينة، تلك المستوطنات التي أقامت غالبيتها منظمات المستوطنين الخاصة، إلاَّ أنه من غير الممكن البدء في مناقشة هذا الموضوع دون وصف، حتى ولو بإيجاز، لتجمعات السكان اليهود الكبرى في الجزء الشرقي من المدينة.
اسم المستوطنة سنة بنائها مساحتها بالدونمات عدد سكانها
رامات إشكول 1968 1365 11172
معالوت دفنا (الشرقية) 1968 380 3712
راموت شلومو 1994 1126 13979
البلدة القديمة 1967 122 2428
راموت ألون 1970 2066 39771
نيفي يعقوب 1972 1759 20374
بيسغات زئيف 1980 5468 40911
التلة الفرنسية 1968 970 6625
جبل المشارف (mount scopus) 1968 1048 1256
شرق تلبيوت(ارمون هنتسيف) 1973 1196 12291
جيلو 1971 2859 27086
جبل ابو غنيم (هار حوما) 1997 2523 4308
منطقة عطاروت الصناعية
(بما في ذلك المطار) 1970 3327
جفعات هماتوس 1991 310 250
طرق المستوطنين 32
المجموع 24551 184163



تقوم دولة إسرائيل خطوة بخطوة في عملية تدريجية ومثابرة منذ العام 1967 بتقليص المجال الحضري المتوفر في القدس الشرقية. ويُقَدَّر أن 24 ألف إلى 26 ألف دونم من الطرقات والبنية التحتية في القدس الشرقية قد جرت مصادرتها لإتاحة المجال لبناء مستوطنات، بما في ذلك مناطق سكنية ومنطقة صناعية، ومطار وجامعة. وهذه لا تشمل البنايات العامة الضخمة التي صادرتها دولة إسرائيل – مثل مقر قيادة الشرطة الوطنية، ووزارة العدل، والمحكمة المركزية في القدس.
وبالإضافة إلى المنازل الواردة في الجدول التالي، تجري ابتداءً من نيسان (إبريل) 2010 عملية تخطيط لبناء 11 ألف منزل، موزعة على النحو الآتي:

جيفعات هماتوس 4799
رامات شلومو 2250
راموت 1103
جبل ابو غنيم 1033
جيلو 1221
بيسغات زئيف 600
نيفي يعقوب 393
شرق الطالبية 180


وجدير بالملاحظة هنا أن هناك موقعين في قائمة الأحياء اليهودية في القدس الشرقية لم تتم بعد السكنى فيهما. الأول هو جيفعات هماتوس، حيث توجد الآن عشرات البيوت المتنقلة التي من المتوقع أن يتم إجلاؤها خلال فترة قصيرة. والثاني هو منطقة مطار عطروت التي تم هجرها منذ عقد ماض من الزمن،، ويوجد فيها الآن نشاط قليل. إن هاتين المنطقتين كلتيهما تشبهان الأحياء التي جرى فيها خلق حقائق على الأرض ومن الصعب جداً تغييرها. وما زال بالإمكان منع تحويلهما كلتاهما إلى أحياء يهودية.

















أملاك تحت السيطرة الإسرائيلية
في القدس الشرقية









بالإضافة إلى الأراضي التي صُودِرَت من أجل بناء "أحياء يهودية" في النصف الشرقي من المدينة، هنالك أيضاً مجالان آخران من مجالات الأرض تدَّعي الدولة ملكيتها. المجال الأول هو الأراضي التي تعود إلى التاج الأردني التي كان اليهود قد حصلوا عليها في الماضي، والثاني هو أراضي "المالكين الغائبين".
إن من الصعب تحديد عدد وحجم الأملاك الإسرائيلية في القدس الشرقية. وتنبع صعوبة معرفة حجم الأراضي التي تملكها الدولة وأين تقع بالأساس من الإفتقار إلى سجل للأراضي في القدس الشرقية. وكان أول قرار اتخذته الدولة بعد احتلال المدينة في 1967 هو تجميد تسجيل الأراضي، وما زال الوضع على حاله. وكانت الأسباب التي دعت إلى اتخاذ هذا القرار هو الخوف من فتح "صندوق بانادورا" وإطلاق خلافات ونزاعات مع العديد من الكنائس التي تملك مساحات كبيرة من الأراضي في القدس، وأيضاً صعوبة التحقق من إدعاء المواطنين العرب بملكية أراض، الأمر الذي قد يُهدد الأراضي التي اشتراها اليهود في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وايضاً الأراضي التي تدعي الدولة ملكيتها. وهكذا، قررت الدولة، تفادياً للتعقيدات القانونية والدولية، أن تتفادى أية ترتيبات رسمية لتسجيل الأراضي، وفضَّلَت أن يبقى الوضع غامضاً، وما زال الوضع على هذا النحو حتى الآن.
تقدم خلال السنوات القليلة الماضية العديد من المواطنين الفلسطينيين والكيانات، بما في ذلك كيانات دولية، بطلبات إلى الدولة من أجل أن تقوم بتسجيل صحيح للأراضي، ولكن من الواضح أن الدولة تفضل ترك الأمور غير واضحة، وأن تدع "الكلاب النائمة دون إزعاج".
ومن الناحية الأخرى، فإن غالبية المنظمات العاملة في مجال استحواذ الأراضي، إما أنها لا تملك الأرقام أو أنه ليس لديها الاستعداد للكشف عن ذلك. في العام 2004 اعترفت لجنة الداخلية في الكنيست بأنه على الرغم من أنها تُقَدِّر بأن الإسرائيليين يملكون 3000 دونم (750 فدان) في القدس الشرقية، فإنها لا تستطيع أن تحدد بصراحة مكان كل قطعة. [Knesset, The Committee of the Interior, Protocol 131, Jan. 14,2004).
إننا نلاحظ حقيقتين من الخريطة المرافقة. الأولى، مساحة الأراضي في القدس الشرقية التي ليس لدى الحكومة أية معلومات محددة عن ملكيتها – المناطق البيضاء على الخريطة؛ والحقيقة الثانية، الآليات التي تستخدمها الدولة لإخفاء ملكية الأراضي في القدس الشرقية، وذلك من خلال استخدام فئات تحديد هوية مبهمة. والفئات تُخفي وتتلاعب بهوية الأرض في القدس الشرقية، باستثناء تلك المسجلة ملكية خاصة.
المناطق الخضراء على الخريطة هي أملاك خاصة مسجلة بأسماء أشخاص، ولا توجد هناك تساؤلات حول ملكيتها. أما المناطق الزرقاء فهي أراض تملكها سلطة الأراضي في إسرائيل، وهي فئة ثانية. وثمة فئتان أخريان منفصلتان من الأراضي، هما "أراضي البلدية" و"أراضي Imanuta" (أي تابعة للصندوق القومي اليهودي.) ولكنهما فئتان غريبتان، وذلك لأن كل أملاك الدولة تقع تحت سلطة أراضي إسرائيل، ويجب في الواقع أن يشار إليهما على أنهما أراضي سلطة أراضي إسرائيل.. ولكن التفسير الذي حصلنا عليه يقول بأن هذه الأملاك "لم يتم بعد" تسجيلها من قِبل وزارة العدل، لأن ملكيتها لم تتضح بعد.
وتحدد المدينة هوية الخمس فئات الباقية بالقول إنها "ملكية غير معروفة" من ناحية أو آخرى –وذلك هو الثقب الأسود في الأملاك التي تعود ملكيتها إلى الحكومة. وتعّرِّف الأسطورة هذا "الثقب"، بأنه: سلطة أراضي إسرائيل بالإضافة إلى جهات أخرى؛ وليس سلطة أراضي إسرائيل؛ وأملاك لا تظهر في سجلات سلطة أراضي إسراثيل، وأملاك "ملغاة"؛ ومجهولة .
هذه المصطلحات ليست ببساطة أسلوب تسمية للتمويه – بل هناك أجندة سياسية محددة تكمن في هذا الغموض في التسمية. فكل الأسماء التي تُطلق على تلك الأراضي، تُعَرِّف الأراضي في الواقع بأنها "مجهولة الهوية"، وبالتالي فهي تحت سلطة الدولة. والعواقب الناجمة عن هذه المناورة هي أن العرب ممنوعون من البناء عليها.

المؤسسات التي تسيطر على الأراضي
أشرنا إلى خمسة مصادر للحصول على بيانات حول عدد الأملاك في القدس الشرقية التي هي تحت سيطرة حكومية إسرائيلية أو سيطرة شبه حكومية. والمصادر والبيانات التي قدمتها بشأن الأملاك التي تحت سيطرتها هي كالآتي:
سلطة أراضي إسرائيل (Minhal Mekarke ey Yisrael) تقوم بإدارة أراضي الدولة وتتمتع بسلطات شاملة فيما يتعلق بشؤون الأراضي. ويشمل ذلك الإراضي التي كانت في السابق ملكاً للأردن في ظل الحكم الأردني. ووفقاً لهذه الأنظمة من المفروض أن تدير أيضاً الأراضي التي تقع تحت سلطة الصندوق القومي اليهودي. ولكن إدارة هذه الأراضي جرى فصلها.فعلياً
حارس الأملاك اليهودية في القدس الشرقية وهي دائرة من دوائر وزارة العدل. تدير الأملاك التي كانت مِلكاً ليهود أو لمنظمات يهودية في ظل الإنتداب البريطاني، ولم يتم العثور على أولئك المالكين. وقد قام الحارس الأردني على أملاك العدو بتقديم هذه المعلومات إلى إسرائيل في 1967. [كان الأردنيون بدورهم قد استلموها من الإنتداب البريطاني في العام 1948]. المعلومات الوحيدة التي أبدت هذه الدائرة استعداداً لتقديمها هي أنها تدير 532 "ملفاً"، ولكن لم تبد استعداداً لتقديم معلومات عن مساحة الأراضي المتعلقة بهذه الملفات.
حارس أملاك الغائبين، وهي دائرة في وزارة المالية، تدير أملاك الفلسطينيين الذين يقيمون خارج حدود مدينة القدس. ورفضت هذه الدائرة الكشف عن أية بيانات. قدم آريه كنج (Aryeh King)، وهو رئيس صندوق أراضي إسرائيل، التي هي منظمة يمينية من منظمات المستوطنين، طلبا إلى المحكمة العليا للكشف عن بيانات تلك الأملاك. ولكن المحكمة أصدرت حكمها بأن الكشف عن تلك المعلومات "سيضر بسمعة إسرائيل وبعلاقاتها الخارجية". [حكم المحكمة رقم 105/07، بتاريخ 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007، والقاضي هو يوناتان أديل – Judge Yonatan Adiel]. ويجب ملاحظة أنه في الوقت الذي بُنشر فيه هذا الطلب، يجري جدل في المحكمة لتعريف معنى كلمة "غائبين"؛ وهذا نتيجة لحكم محكمة صدر من مدعي المنطقة بواز أوكون (Boaz Okon)، يقول إن مفهوم الغائبين، كما يُستخدَم حالياً، يلقي بشبكته على عدد كبير من الناس. يبدو أن الرياح التي تهب من مكتب المدعي العام للدولة هي في اتجاه إلغاء مفهوم "الغائبين"، ولكن ليس بأثر رجعي.
الصندوق القومي اليهودي (Keren Kayemet L Yisral)، وكان يدير الأراضي التي تم شراؤها من أجل إقامة المستوطنات اليهودية في الفترة التي سبقت قيام الدولة. وقد اختار القائمون على الصندوق عدم الكشف عن أية بيانات، على الرغم من أنهم أقروا بامتلاكهم أراض في نيفي يعقوب (النبي يعقوب) وعطاروت. وزودنا آريه كينج برقم 1200 دونم باعتبارها تشكل ملكية الكارين كايميت من الأراضي.
منظمات المستوطنين لها أملاك في القدس الشرقية، وبالأخص في البلدة القديمة ومحيطها. على الرغم من أن هذه الوثيقة تقدم تفاصيل تم التوصل إليها من خلال البحث بشأن أملاك منظمات المستوطنين، فإن من الصعب تقدير عدد المستوطنين المتواجدين في "منزل" أو مِلك تم شراؤه وما يزال الفلسطينيون "يحتلونه" بناء على رغبة المالك اليهودي. من الممكن معرفة حالة "الإحتلال" هذه عندما ينتقل ساكن جديد إلى عمارة ما، ولا يكون الساكن الجديد في الغالب من المنطقة نفسها؛ على سبيل المثال رجل فلسطيني وحيد، أو عائلة يبدو عليها العوز وضيق ذات اليد، لا تستطيع، كما يبدو، شراء أو حتى استئجار مسكن ذا حجم معقول. على الأرجح أن هذا "الجار الجديد" يعمل في خدمة المستوطنين؛ وهكذا يتفادى المستوطنون إثارة الشكوك حول كون العائلة التي تملك المنزل قد باعته إلى اليهود. ويستمر الساكن الجديد في الإقامة في المنزل إلى أن يقرر المستوطنون بأن الوقت قد حان ونضج لكي يستولوا على العمارة بأنفسهم.. وإلى أن يتم ذلك يتمتع الساكن المؤقت بسكن مجاني، وفي حالات كثيرة ينتقل بالفعل من منزل إلى آخر.
تنشط عدة جمعيات للمستوطنين في القدس الشرقية ، ولكن أبرزها هي جمعية العاد (Elad)، وعطرات كوهانيم (Ateret Cohanem)، وعطارات ليشوناه (Atara L Yoshna)، وبيت أوروت (Beit Orot)، وميكافيل صهيون (Meyashvel Zion)، والصديق شمعون (Shimon Ha Tzadik). وتقوم مجموعة أخرى وهي صندوق أرض إسرائيل (Israel Land Fund) بشراء أملاك في القدس الشرقية، ثم تُسَلِّمَها إلى المستوطنين ليقيموا فيها ويحتلوها.
والشخصيات المحورية في هذه الجمعيات هي ماتي دان (Matti Dan)، وبني إلون (Benny Elon)، وآفي ماوز (Avi Maoz)، ودافيد بيري (David Beeri)، ومائير ديفيدسون (Meir Davidson)، والحاخام الحانان بن نون (ٌRabbi Elhanan Bin-Nun)، وآريه كينج (Aryeh King)، والحاخام شلومو أفينر (Rabbi Shlomo Aviner). إنهم يتعاونون في إطار ما يسمى منتدى القدس (The Jerusalem Forum)، الذي يجمع كل المنظمات التي تعمل على تهويد القدس، ويربط فيما بينها، بما في ذلك المجموعات المسيحيانية التي تأمل في بناء الهيكل الثالث في منطقة الحرم الشريف.


عامل البلدية
إن العامل المركزي الذي يسيطر على الأرض ويقرر كيفية توزيعها هو البلدية، التي تستخدم أربع آليات غاية في القوة تتوفر لديها، هي: قانون التخطيط والبناء (لعام 1968)، والأمر الخاص بالأرض – الاستحواذ على الأرض لأغراض عامة (1943) الذي هو من مخلفات الانتداب البريطاني؛ وقانون أملاك الغائبين (1950)؛ والخطة الهيكلية. كل هذه الأدوات موجودة في صلب القانون وتسمح للبلدية أن تُنظِّم الأمور وفق مشيئتها، كي تنظم وتشرف على الأرض وتقسمها وتستثني السكان الفلسطينيين منها، وكل ذلك بشكل قانوني ووفقاً لقوانين الإدارة السليمة.
عملية التخطيط: تخطيط المدن هو في جوهره عملية سياسية. فالأيديولوجية تلعب دوراً حاسماً في عملية صناعة القرار فيما يتعلق بالتخطيط. وبكل تأكيد فإن سياسة التخطيط هي تعبير عن النظرة إلى العالم، وفي غالبية الحالات تهدف إلى حماية سلطات النُخَب التي تُخطِّط. وقد كان هذا هو الحال منذ بدء المشروع الصهيوني، وما زال نظام التخطيط يعمل على هذا المنوال حتى يومنا هذا. (Torgovnik, 1997; Shenhav, 2003). وهذا المبدأ ينطبق على كل قطعة أرض مهما كانت صغيرة في إسرائيل، ويزداد الحافز لذلك عندما يتعلق الأمر بمدينة القدس.
يُعتَبَر ميرون بنفنيستي (Meron Benvenisti)، الذي كان نائب رئيس بلدية القدس في السابق، حجة في مجال سياسة المدن، وقد كتب بإسهاب حول العلاقة بين تخطيط المدن والسياسة فيما يتعلق بمدينة القدس. كتب يقول: "...في القدس كل قرار يتعلق بالتخطيط تقريباً هو قرار سياسي. وكل الإعتبارات الأخرى، مثل اعتبارات الكفاءة والجمالية وغيرها من العوامل الملموسة، تصبح اعتبارات ثانوية." وهكذا، فإن كل الأهداف التي كانت تكمن وراء التخطيط الحضري للقدس منذ 1967 ترمي بالأساس إلى تحقيق الإلتصاق اليهودي – الإسرائيلي بالمدينة. "فقرارات التخطيط التي ستقرر وجه القدس لأجيال قادمة لم تُتَخذ في مكاتب التخطيط، بل في مكاتب الحكومة. والخطة الرئيسة الخاصة بالمدينة لم تكن نتاج تخطيط حضري سليم ، بل عبَّرت عن نظرة أيديولوجية، ونظر إليها صُنَّاع القرار كنوع من ’الواجب الوطني‘ ، بدلاً من كونها عملاً تخطيطياً." [Meron Benvenisti, Peace of Jerusalem, Hakibbutz Hameuhad, 1981]
ويحمل أمير شيشين (Amir Cheshin)، الذي كان مستشار تيدي كوليك للشؤون العربية، الرأي نفسه، ويقول إن هدف التخطيط الحضري في القدس الشرقية كان يرمي إلى منع انتشار السكان غير اليهود في المدينة. كانت سياسة قاسية، ليس فقط لأنها تجاهلت احتياجات (دعك عن حقوق) المواطنين الفلسطينيين. كانت إسرائيل تعتقد بأن فرض تخطيط صارم في المدينة بتحديد عدد المنازل الجديدة التي يمكن بناؤها في الأحياء العربية سيضمن بأن نسبة السكان العرب – 8ر28 في المائة في العام 1967 – لن تزيد. ولكن إذا سمح لهم، أي للعرب، ببناء منازل جديدة "أكثر" في الأحياء العربية، فسيصبح في المدينة مواطنون عرب "كثيرون للغاية". وكانت الفكرة هي نقل أكبر عدد ممكن من المواطنين اليهود إلى القدس الشرقية، ونقل أكبر عدد ممكن من المواطنين العرب إلى خارج المدينة. وركَّزَت سياسة الإسكان في القدس الشرقية على لعبة الأرقام هذه". [Amir S. Cheshin, Bill Hutman and Avi Melamed, Separate and Unequal: The Inside Story of Israeli Rule in East Jerusalem, 2001, pp. 31-32].
الأمر الخاص بالأرض: كان الأمر الخاص بالأرض هو الأداة المركزية التي استخدمتها الدولة لمصادرة ربع الأرض في القدس الشرقية من أجل بناء الأحياء اليهودية. وجرت غالبية عمليات المصادرة في سبعينيات القرن العشرين وفي فترة حديثة للغاية في العقد الأول من القرن الحالي من أجل إقامة خطوط السكة الحديدية الخفيفة. في كل عام تجري مصادرة مساحة صغيرة من الأراضي، بالأساس من أجل بناء مدارس ومؤسسات عامة.
قانون أملاك الغائبين: جرى سن هذا القانون في العام 1950 من أجل مصادرة أراض يملكها العرب الذين هربوا إلى البلدان العربية المجاورة أثناء حرب 1948. وقامت الدولة استناداً إلى هذا القانون بوضع يدها على أملاك الفلسطينيين التي تقع خارج إطار سلطة البلدية. وأوردنا في الفقرة السابقة تفسيراً أشمل.
الخطة الهيكلية: جرى إعدادها على أساس الفرضية الديموغرافية التي تدعو إلى الحفاظ على وجود أغلبية يهودية متينة في المدينة. كانت النسبة حتى العام 2000 هي 70 إلى 30 في المائة لصالح السكان اليهود. [بلدية القدس، دائرة التخطيط، التخطيط في المنطقة العربية من القدس، 1967- 1996، ص 19]. أعلن المخططون الحضريون، خلال إعداد الخطة الهيكلية الجديدة للقدس بأنه تم تخطي هذا الهدف، وقالوا إن الهدف التالي سيكون هو المحافظة على نسبة ديموغرافية هي 60 إلى 40 في المائة لصالح السكان اليهود [بلدية القدس، الخطة الهيكلية لعام 2000، التقرير رقم 4، آب (أغسطس) 2004]. وعلى أساس ذلك القول، قامت الخطة بحساب عدد المنازل اللازمة لإسكان هذا العدد من الناس، وتوصلت من خلاله إلى حجم الأرض اللازمة لبناء ذلك العدد من المساكن. وتوصلت بتلك الطريقة إلى حجم الأراضي التي ستخصص للبناء في القدس الشرقية. وتتراوح نسبة أراضي البناء عند كتابة هذه السطور بين 25 في المائة، وفق "الخطةالأولية القديمة"، و35 في المائة في القدس الشرقية وفق "الخطة الهيكلية الجديدة". وقد انتهى بالفعل إعداد الخطة الجديدة، ولكن وزارة الداخلية تُؤخر الموافقة عليها بسبب مطالبة وزير الداخلية بتخفيض حجم الأرض المخصصة للسكان العرب. ونتيجة لذلك يوجد وضع غريب، تعدُّ فيه "الخطة القديمة"، من الناحية الشكلية، بأنها هي الخطة الرسمية – التي جرى إعدادها خلال فترات مختلفة باستخدام أساليب ارتجالية في سنوات سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين. وفي الواقع يعمل المحترفون في البلدية وفي وزارة الداخلية وفق نقاط هادية في الخطة الجديدة التي لم تتم الموافقة عليها بعد ، وليس واضحاً إن كانت الموافقة عليها ستتم على الإطلاق. ولكن من أجل فهم أبعاد التلاعب الذي قد تلجأ إليه الدولة في استخدامها القانون الخاص بالتخطيط والبناء، من المهم ملاحظة أنه في المناطق التي تسمح بها هيكلية الخطة بالبناء، يستخدم القانون الخاص بالتخطيط والبناء أساليب ملتوية. فهو يضع قائمة لا نهاية لها من العراقيل التي تجعل عملية البناء مهمة شبه مستحيلة. يكفي أن نذكر عائقين "موضعيين": الأول، لا يسمح القانون بالبناء في مناطق لا توجد فيها بنية تحتية مادية، ولأن غالبية القدس الشرقية لا توجد فيها بنى تحتية للمياه والمجاري والطرق – غالبية الأراضي المخصصة للبناء هي عملياً من هذا النوع. وثانياً، يتطلب القانون من أي شخص ينوي بناء مسكن أن يُقدِّم وثائق مصدقة تثبت ملكيته للأرض، موقعة من مكتب تسجيل الأراضي الإسرائيلي. ولكن غالبية الأراضي في القدس الشرقية (وضعها يشبه وضع المناطق المحتلة كلها) غير مُسجلة أو منَُظَّمَة وفق القوانين والأنظمة الإسرائيلية. وهذا ليس المجال للإسهاب في الحديث عن العقبات التي تواجه المواطن العربي الذي يسعي إلى بناء مسكن على أرضه. ويكفي أننا أشرنا إلى الآلية المعقدة التي تحت تصرف البلدية كي تفعل ما تشاء بالأرض في النصف الشرقي من المدينة.
سنرَكِّز في كتاب قادم على الأساليب التي تستخدمها الدولة والبلدية للسيطرة على الأراضي. إننا نُركِّز هنا على أنشطة المستوطنين. بيد أننا فكرنا بأن من المفيد أن نتعرض بتفصيل أكثر للآلية التي تستخدمها البلدية، وذلك للصلة بين جمعيات المستوطنين ومؤسسة المدينة.[البلدية]. ولإثبات ذلك يكفي ملاحظة الجهود الهائلة التي تبذلها البلدية لتفادي إغلاق "بيت يهوناتان" (Beit Yehonatan) – العمارة المكونة من سبعة طوابق التي قام المستوطنون ببنائها بلا رخصة بناء في سلوان، على الرغم من تعليمات المحكمة بإغلاقها. إن قضية بيت يهوناتان دليل قاطع على التلاحم بين المستوطنين و مؤسسة البلدية، ولذلك فإننا اعتقدنا بأن من الصحيح ذكر جهود البلدية.
-----------------------
تمتلك البلدية أربع شركات تابعة لها، وذلك بالشراكة مع وزارات حكومية مختلفة، ولهذه الشركات تواجد في القدس الشرقية لأن لها دور تلعبه في الصورة الكبيرة، وهي:
سلطة تنمية القدس، وهي منظمة رسمية تأسست وفق قانون سُن في العام 1988. وفي الواقع، أصبحت الذراع التنفيذي في المشاريع الكبرى في القدس، بما في ذلك القدس الشرقية ومن أبرز المشاريع التي تضطلع بها سلطة تنمية القدس في شرقي المدينة مشروع ترميم السور الذي يحيط بالبلدة القديمة، وأعمال تنمية في سلوان وجبل الزيتون، وإقامة تسع حدائق ومتنزهات وطنية حول البلدة القديمة، وتحديث البنية التحتية في داخل البلدة القديمة. وبموجب قرار الحكومة 4090 الصادر في آب (أغسطس) 2005 تقوم الحكومة بتحويل مبلغ ضخم من المال يبلغ 720 مليون شيكل جديد إلى سلطة تنمية القدس خلال فترة ثماني سنوات لتنفيذ هذه المشاريع. وهي تقوم الآن بمسح وتسييج المتنزهات التي تحيط بالبلدة القديمة من جبل المكبر حتى سلوان، وترمم المقبرة اليهودية في جبل الزيتون، وبدأت في أعمال ترميم داخل البلدة القديمة. ومن أجل هذا الهدف قامت سلطة تنمية القدس بمسح واسع لإحتياجات البلدة القديمة المادية ولحالة البنى التحتية الخاصة بالمياه والكهرباء فيها. وفي العام 2009 أطلقت عمليات ترميم بالقرب من باب الخليل، وستبدأ في مطلع العام 2011 بسلسلة من الأعمال المختلفة عند باب العمود وعبر شارع الواد، تستغرق عاماً كاملاً وتتطلب إغلاقاً مؤقتاً لبعض أجزاء الشارع. ويقع وصف الحالة المادية للبلدة القديمة في كتاب من مائتي صفحة يتفحص حالة كل شارع في البلدة، وقد أصبح أهم بحث رئيس جرى حتى الآن حول أوضاع البلدة القديمة.
مؤسسة الحائط الغربي (حائط المَبكى)* التراثية، وهي مسؤولة أمام مكتب رئيس الوزراء مباشرة، كما أنها مسؤولة عن الخطط الخاصة بمحيط الحائط الغربي، بما في ذلك الأنفاق المحيطة بالحائط. وتتمتع المؤسسة بمكانة عليا وخاصة بين المؤسسات الأخرى، وذلك لأن رئيس مجلس حكامها هو حاخام الحائط نفسه.
شركة تنمية القدس الشرقية وهي تابعة لوزارة السياحة والبلدية، وتعمل في تطوير المشاريع والبنى التحتية الخاصة بالسياحة في القدس منذ 1966، وهي تشمل "مسيرة القلاع" (Ramparts Walk)، وكهف صديقاهو (Zedekiah s Cave)، والباب الروماني الواقع تحت باب العمود، وبناء الطرق حول مدينة داوود ووادي هينوم (Valley of Hinnom). ويتركز عملها على الحوض المقدس للبلدة القديمة، لا سيما في منطقة جبل الزيتون وجبل صهيون. ومؤخراً شاركت في محاولة تحويل حي البستان في سلوان إلى موقع سياحي، وهو مشروع يتطلب تدمير 25 بناية.
شركة إعادة بناء وتطوير الحي اليهودي، وهي تعمل تحت رعاية وإشراف وزارة السياحة والبلدية، ومسؤولة عن صيانة ما يحيط بالحي اليهودي وبمدينة داوود، بما في ذلك طرق المشاة وسوق اللحامين في الحي الإسلامي، وأيضاً إعداد المشاريع الخاصة بتلك المنطقة. وقد نشرت في العام 2001 خطة ضخمة لبناء مئات المساكن في الحي اليهودي وفي جبل صهيون على مساحة يبلغ مجموعها 225000 مترٍ مربعٍ، وكذلك عدداً من المشاريع السياحية – بالقرب من جبل صهيون في سلوان، وباب الساهرة (Flower Gate) وباب المغاربة. (Dung Gate) – بتكلفة 4ر36 مليون دولار. [The Company for the Rehabilitation and Development of the Old City, Ltd. Areas for planning and development of the Jewish Quarter and its environs, 2001- 2004.] *(المقصود حائط البراق)
وجرى تحديد أهداف المشروع في مقدمة الكتيب على أنها "إعادة وجود يهودي قوي في البلدة القديمة". فالتوجه الذي أخذ يبرز هو خلق استمرارية بين البلدة القديمة وبقية المدينة ، وذلك بإضافة مئات الوحدات السكنية لليهود في البلدة القديمة، وبالتالي "تحسين" الميزان الديموغرافي في البلدة القديمة. وسيجري حفر نفق بحيث يتم ربط بقية المدينة بالحائط الغربي، وسيجري بناء مركز للأعمال وللسكنى على قطعة أرض مساحتها سبعة دونمات. وسيجري استبدال موقف سيارات الحي بموقف تحت الأرض يتسع لستمائة سيارة. وسيتم بناء شارع للمشاة فوق أسطح السوق، يربط بين الحي اليهودي و"جزر" التواجد اليهودي المنتشرة في الأحياء الإسلامية والمسيحية. وتم التخطيط لبناء أبنية عامة في جبل صهيون، تجعل من الممكن إخلاء المكاتب والمؤسسات الموجودة الآن في الحي اليهودي، بحيث يُعاد تخصيصها كمناطق سكنية.
إن كل واحدة من الشركات الأربع تعمل في مشاريع تبدو ظاهرياً أن لا علاقة لها بالسياسة، ولكنها في الواقع هي، عن عمد أو عن غير عمد، آليات لتكثيف السيطرة الإسرائيلية على المجال في القدس الشرقية، وتساهم بشكل كبير في تغيير هوية النصف الشرقي من المدينة. فشارع المشاة (Ramparts Walk) فوق الحي الإسلامي يُنظر إليه على أنه مبادرة سياحية، لا صلة للسياسة به، ولكن مدير شركة إعادة بناء وتطوير الحي اليهودي، التي تدعو إلى تنفيذ المشروع، قال بالتحديد "ثمة عنصر هنا يُقوِّي ويُعزز القبضة اليهودية والسيادة الإسرائيلية على البلدة القديمة." وقد تبدو لأول وهلة تسوية الطرق وتعبيدها في سلوان وحول مدينة داوود بأنها تُحسِّن مستوى معيشة جميع السكان المحليين، بما في ذلك السكان العرب، ولكن تصميم المنطقة يُعطيها جواً إسرائيلياً، ويعني أن الشعور بالمكان الذي سيجري خلقه بالنسبة للزوار الذين سيفهمون تأثير الحقائق ونتائجها، سيكون شعوراً بالمقاومة وبأن السكان الأصليين* يشعرون بأنهم مهددون.
إن المؤسسات العاملة في القدس الشرقية، لا سيما في منطقة البلدة القديمة، تقوم بعمل يمكن تعريفه بأنه عمل صيانة وتطوير لفائدة الجمهور عموماً. والمعلومات التي نقدمها هنا ترمي إلى وصف العوامل التي تدخل في هذا المجال، وتسعى إلى أن لا تُطلق أحكاماً. إن دولة الإحتلال مسؤولة، وفق القانون الدولي أن تهتم وتعتني بالمنطقة المحتلة، ويجب أن تقوم بتطوير البنية التحتية لخدمة السكان الخاضعين للإحتلال. وهكذا، فإن إسرائيل ملتزمة بمتطلبات القانون الدولي. ولكن القانون الدولي لم يتوقع وضعاً يقوم فيه تطوير البنية التحتية بخدمة السكان المحليين ، ويكون في الوقت ذاته أداة لتكثيف السيطرة الإسرائيلية على المجال. إن من المشكوك فيه أن تعود أعمال الصيانة الجارية بالفائدة على السكان العرب. ومن المعقول افتراض أن الدولة ما كانت لتستثمر مبالغ طائلة من المال فقط من أجل خدمة السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية. وليس لدينا أي شك في أنه لولا وجود مصالح للدولة لما قامت الحكومة بهذا العمل، وحتى لو صدق الزعم بأن العرب سيستفيدون من عمليات الصيانة والإصلاح، فإنه من الواضح لنا بأن الفائدة ستعود في المدى الطويل على الدولة.
*(اي المقدسيين)






المناطق التي تم الإستيلاء عليها والمستهدفة
في القدس الشرقية


يُقدم هذا الجزء معلومات تفصيلية عن تلك الأملاك التي أصبحت بالفعل تحت سيطرة جمعيات المستوطنين والمؤسسات الحكومية ، وتلك الأملاك التي أصبح معروفاً أنها مستهدفة، وتواجه خطراً آنياً أو في المستقبل القريب. ويمكن القول إن هذه الأملاك هي من فئات مختلفة: أملاك تم الإستيلاء عليها لأغراض أيديولوجية؛ وأملاك تم الإستيلاء عليها لأهداف مالية خاصة؛ وأملاك تم الإستيلاء عليها بمبادرة من الحكومة؛ ومتنزهات وطنية ومناطق "خضراء".
دوافع بعض المؤسسات ليست دوافع أيديولوجية أو سياسية؛ على سبيل المثال إن بعض المدارس الدينية (Yeshivas) الأرثوذكسية، على الرغم من أنه ليس لها مصلحة في دعم مشروع المستوطنين، فإنها مع ذلك تعمل وتتصرف كجزء من المشروع الأكبر. إن هذا الجانب من جوانب "رحم السيطرة" يتضح من حقيقة أن المستوطنين أنفسهم يدرجون هذه المؤسسات في خرائطهم وكتيباتهم. ومن المهم ملاحظة أن الفلسطينيين يميِّزون بين الفئتين – المستوطنين والإشكناز الأرثوذكس المتطرفين.
وعند الحديث عن "السيطرة" في البلدة القديمة من المهم ذكر الدور الذي تلعبه الكاميرات ذات الدوائر المغلقة المنتشرة في جميع أرجاء البلدة القديمة للمراقبة، والتي تترك تأثيراً سيكولوجياً عميقاً على السكان العرب. إن هذه الكاميرات توفر مستوى تغلغل أعمق وتمثل رمزاً للإحتلال العسكري. وهذه هي الصيغة المحلية لـ"الأخ الكبير" التي تحدث عنها [الكاتب البريطاني] جورج أوريل في رواياته، كما أنها شكل فعال من أشكال السيطرة على المكان بالحد الأدنى من التواجد الفعلي.
لقد قمنا من أجل الوضوح، واستناداً إلى أسبقيات تاريخية، بتقسيم القدس الشرقية إلى منطقتين:- داخل البلدة القديمة، وخارج البلدة القديمة.

أنشطة المستوطنين داخل البلدة القديمة
إن رأس الحربة في عملية تهويد البلدة القديمة هي عطرات كوهانيم (Ateret Cohanim)، التي أُنشئت في العام 1978، ويرأسها ماتي دان (Mati Dan)، وهو مستوطن له صلات واسعة في جميع المكاتب الحكومية، بما في ذلك مكتب رئيس الوزراء. وتسيطر الجمعية في الأحياء الإسلامية والمسيحية على عشرين عمارة، يسكن فيها 60 عائلة تتكون من 300 شخص. وتقع أغلبية هذه العمارات في شارع الواد، وأشهرها هو "منزل أريل شارون".
حصلت عطرات كوهانيم على نزل سانت جورج، وهو عمارة كبيرة بالقرب من كنيسة القيامة، رغم وجود نزاع قانوني لم يبت به بعد حول شرعية عملية البيع. ومنذ فترة قريبة راحت عطرات كوهانيم تسعى إلى شراء – بطرق مشبوهة يشارك فيها عملاء سيؤو السمعة في الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية – فندقين كبيرين بالقرب من باب الخليل، فندق إمبريال وفندق البترا. وما زالت القضايا القانونية مستمرة لم تحسم بشأن هذه الصفقة.
ويجري أيضاً التخطيط لإقامة مجمع سكني بالقرب من باب الإسباط عند برج اللقلق، في مدخل الحي الإسلامي، وهي منطقة أعاد المستوطنون تسميتها باسم "معاليه هاحسيدوت" (Ma aleh Ha Hasidot). تعود ملكية هذه الأملاك إلى الدولة التي ستقوم ببناء المجمع. وفي مناورة كلاسيكية سيتيح ذلك فيما بعد للمستوطنين التابعين لعطرات كوهانيم بالسكنى في المجمع. وتُبيِّن الخطط بأن 33 عمارة ستجري إقامتها بالقرب من سور البلدة القديمة، بالإضافة إلى كنيس سيرتفع سبعة أمتار فوق سور البلدة القديمة. ويُشكِّل هذا مثالاً على التعاون بين الحكومة والمستوطنين
الأكاديميات الدينية (بما في ذلك ست مدارس دينية أرثوذكسية (Yeshivot)، العديد منها مدارس فيها أقسام داخلية لإقامة الطلاب، تضطلع بمهمة زرع تواجد للمراقبة في كل حي في البلدة القديمة، وأبرز هذه المدارس هي مدرسة عطرات يروشالايم – القدس - (Ateret Yerushalayim) ، وشوفو بنيم (Shuvu Banim)، وعطرات إلياهو (ِAteret Eliyahu)، وعطرات كوهانيم (Ateret Cohanim)، وتورات حاييم (Torat Haim)، وحازون يحزقيل (Hazon Yehezkel).
أبنية الحكومة، وتشمل مراكز الشرطة، ومتحف القلعة، والمركز التربوي البلدي، ومكتب السياحة، ومكتب البريد.
حوانيت يملكها المستوطنون (على سبيل المثال في شارع الواد وشارع السلسلة)، مطعم في شارع الواد، وقاعة للأفراح في شارع القرمي.
"شارع مشاة" فوق أسطح سوق اللحامين وحول سور البلدة القديمة.
الحفريات الأثرية: في شارع الواد، والأنفاق في الحائط الغربي وكهف صديقاهو (Zidkiyahu Cave).
جعلت الفئتان الأخيرتان من الوجود الإسرائيلي في الحي الإسلامي من البلدة القديمة ذا ثلاثة أبعاد – أي ليس فقط على مستوى الشارع، بل أيضاً تحت الأرض وفوقها. وكل بُعد من الأبعاد الثلاثة يُعزز ويُكمل السيطرة على المكان في القدس الشرقية، وفي خلق "الحقائق على الأرض"، حتى وإن كانت تلك الحقائق تحت الأرض أو فوقها.

ملخص بالأرقام
يقارب إجمالي عدد المنازل الإسرائيلية ، والأبنية الحكومية والمؤسسات الدينية الموزعة على الأحياء الإسلامية والمسيحية ، نحو الأربعين. وهنالك خطط لإضافة 33 وحدة سكنية بالقرب من باب الإسباط. وهنالك أيضاً "أبنية أخرى" تضم حوانيت وحفريات أثرية تحت السيطرة الإسرائيلية. وتضم الأبنية عدة مجمعات تتألف من أكثر من منزل واحد، وتصل إلى ستة منازل في عمارة واحدة كما هو الحال في سوق القطانين (رقم 10 في الجدول 2)، ولكن بحثنا هذا يعدّر هذه المجمعات بناية واحدة. ويبلغ إجمالي عدد اليهود المسجلين سكاناً في الأحياء المسيحية والإسلامية – وفق سجل وزارة الداخلية – ستمائة شخص. [كان إجمالي عدد اليهود في 1985 وفق ما يقوله ناداف شراجاي – Nadav Shragai – هو 400، ثم أصبح 900 في 1992 (شراجاي، 1995، صفحة 201].
--------------------------
يقدم الجدول رقم 2 تفصيلات بشأن ما يقارب الخمسين من الأملاك التي تم الإستيلاء عليها في البلدة القديمة، موزعة إلى فئات حسب المِلكية ونوع المِلك. وفي هذا الجدول تم تصنيف الأملاك اليهودية إلى أربع مجموعات رئيسة، هي: 1- مساكن وعمارات شقق؛ 2- مدارس دينية وكُنُس؛ 3- مكاتب حكومية، بما في ذلك مراكز الشرطة؛ و4 – "غير ذلك"، التي تشمل الحوانيت والحفريات الأثرية.
تشتمل الخريطة والرسوم البيانية الآتية على الأملاك التي تم الإستيلاء عليها تحت الأرض (على سبيل المثال نفق حائط المبكى) ، والأسطح، والأملاك العادية التي فوق الأرض. وتشير الأرقام إلى الأملاك التي تبدو على الخريطة الآتية للبلدة القديمة. وتشير الأرقام الواردة على الخريطة الآتية للبلدة القديمة إلى الأملاك المرقمة في الجدول رقم 2..
أملاك المستوطنين الخاصة الشارع المالك عدد السكان الأوصاف
منزل بالقرب من باب الأسباط عطرات كوهانيم 5-4 عائلات 3 منازل هي جزء من مجمع ضخم
منزل القصيدية (أمام المدرسة) عطرات كوهانيم عائلتان قسم من الطابق الثاني
منزل عقبة الراهبات عطرات كوهانيم 3-2 عائلات 3 طوابق
منزل البستان 4 عطرات كوهانيم 4 عائلات طابقان
منزل خلف الهوسبيس النمساوي عطرات كوهانيم 6-5 عائلات منزل كبير 3،4 طوابق بيت حتزالام (Beit Hatzalam)
منزل شارون شارع الواد عطرات كوهانيم 4-3 مستوطنين طابقان
منزل قيد البناء شارع الجبشة عطرات كوهانيم قيد البناء 4 طوابق، 8 شقق
منزل شارع الكنائس عطرات كوهانيم عائلتان 8-6 عزاب
منزل الواد – باب الحديد عطرات كوهانيم لحراس الأمن 4 غرف
منزل شارع الواد عطرات كوهانيم عائلتان و 4 عزاب 6 غرف موزعة في مجمع
بيت حازون/ بيت هماعربيم عقبة الخالدية عطرات لايشوناه 7 عائلات 3 طوابق
منزل عقبة السرايا عطرات كوهانيم 4 عائلات عائلة كوهين
منزل عقبة الخالدية/الحكاري عطرات كوهانيم عائلتان بيت الشرباتي
منزل عقبة الخالدية عطرات كوهانيم عائلة واحدة بيت هامالوت(منزل ضخم)
منزل عقبة التكية عطرات كوهانيم عائلة واحدة عائلة كوردوبا
منزل الشاويش/باب خان الزيت عطرات كوهانيم عائلتان بيت رحوت
منزل الشاويش/باب خان الزيت عطرات كوهانيم عائلة واحدة بيت جوري3 طوابق
منزل عقية الحديد عطرات كوهانيم عائلة واحدة بيت يوسف 3 طوابق (باب اخضر)
هوسبيس سانت جون الحي المسيحي عطرات كوهانيم 20 شاب، عائلتان اكثر من 20 غرفة ما زال الموضوع نزاع
المؤسسات التعليمية والدينية
مدرسة عطرات يروشلايم (اتحاد مقاتلي القدس)
إجود لوخمي يروشالايم شارع الواد 80-60 طالب الطابق الثاني من العمارة
كنيس اسرائيل الفتاة شارع الواد راو ناحمان كاهانا عائلتان طابقان
مدرسة عطرات يورشالايم باب الحديد عطرات كوهانيم مائة طالب 3 طوابق بما في ذلك قسم داخلي
الكوتل الصغير باب الحديد
ميخينات كأدام تزفايت (برنامج ما قبل التجنيد) شارع الواد عطرات يروشلايم قسم لنوم طلاب المدرسة الدينية طابقين
مدرسة برسلاف – شوفو بنيم عقبة الخالدية عطرا لايشوناه /هاسيدي برسلاف 200 طالب عمارة كبيرة من4 طوابق
أوهل يتسحاق شارع الواد طابقان جرى تجديدهما
أبنية حكومية
مركز شرطة بالقرب من باب الأسباط lion s Gate الحكومة
مركز شرطة شارع الواد الحكومة
مركز شرطة باب السلسلة الحكومة
مركز شرطة شارع الواد الحكومة
مركز شرطة بالقرب من كنيسة القيامة الحكومة
المركز التربوي البلدي شارع بطريركية اللاتين البلدية 20 طابق
مكتب السياحة بالقرب من باب الخليل الحكومة غرفتان
متحف القلعة بالقرب من باب الخليل الحكومة
مركز شرطة/القشلة بالقرب من باب الخليل الحكومة
مكتب البريد بالقرب من باب الخليل الحكومة
ممتلكات أخرى
المخرج من نفق البراق طريق الآلام وزارة السياحة وجود دائم للحراس
موقع حفريات أثرية شارع الواد 16 مترا، تحت كنيس يتسحاق
مخزن حالي شارع الواد عطرات كوهانيم يتوخيخي يروشالايم
مطعم شارع الواد
حانوت شارع السلسلة عطرات كوهانيم يفتح بين حين وحين، مملوك ل"ايلي"
حانوت شارع السلسلة عطرات كوهانيم يفتح ايام العطل
صالة احتفالات القرمي عطرات كوهانيم شخص واحد يعيش فيه تحت منزل كوسترو
موقع حفريات أثرية بالقرب من الحي اليهودي
برج اللقلق بالقرب من باب الاسباط عطرات كوهانيم مجمع ضخم
فندق امبريال بالقرب من باب الخليل عطرات كوهانيم
فنق البتراء بالقرب من باب الخليل عطرات كوهانيم
عائلة زلوم عقبة الخالدية عطرات كوهانيم
فوق الارض
ساحات من شارع حباب وعبر السوق شركة اعادة بناء الحي اليهودي نحو 200 متر مربع
تحت الارض
نفق حائط المبكى من حائط المبكى الى طريق الآلام صندوق حائط المبكى التراثي نفق طوله 500 موازٍ لحائط ساحة المسجد
كهف صدقياهو بالقرب من باب العامود وزارة السياحة مجموع المساحة تسعة دونمات -230 متر تحت الحي الاسلامي



فيما يلي صورة ونصاً وردا في كتيب أصدرته عطرات كوهانيم في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 لجمع التبرعات، يعبران بكلماتهما عن أهداف هذه المنظمة. ( راجع الملحق ب ) :
"إن قلب القدس يدعونا. توجد ستة أملاك، كلها مسجلة في الطابو (مكتب تسجيل الأراضي في إسرائيل) معروضة الآن للبيع. إنها تمثل فرصة لتدعيم التجمع اليهودي في البلدة القديمة من القدس بإثنين وعشرين عائلة يهودية إضافية، مما سيجعل عدد السكان اليهود في البلدة القديمة، باستثناء الحي اليهودي، أكثر من ألف شخص.
" في الوقت الذي تتآمر فيه الأمم المتحدة والبلدان حول العالم لإنتزاع القدس والأماكن المقدسة من أيدي اليهود، فإن وجود بلدة قديمة قوية ذات سكان يهود ثابتين يصبح أمراً حيوياً بالنسبة لمقدرتنا كأمة للمحافظة على سيطرتنا على مركزنا الروحي. إن عطرات كوهانيم وأنتم سيجعل ذلك يحدث."
نشاط المستوطنين خارج البلدة القديمة
تحيط دائرة من البُنى والبؤر الإسرائيلية بالبلدة القديمة، وتتألف من منازل منفردة لعائلات ومجمعات أكبر ومتنزهات وطنية، وغيرها من العناصر الرمزية، بما في ذلك المقبرة في جبل الزيتون. إن هذه التجمعات من البُنى تحقق هدف ضمان عدم إمكانية فصل القدس الشرقية، وعدم اقتطاع جزءٍ منها ليصبح جزءاً من الدولة الفلسطينية في المستقبل.
ليس بالصدفة الإنتشار في أماكن معينة، بل هو ينسجم مع برنامج استراتيجي متبلور، له تبعاته الدينية والسياسية. إن تفحص خارطة الإستيطان اليهودي في القدس الشرقية يكشف لنا بأن خطة المستوطنين هي خلق شريط من التجمعات اليهودية حول البلدة القديمة يضطلع بدورين ؛ الأول هو قطع التواصل الأرضي بين شمال المدينة وجنوبها؛ وثانياً، "تغليف" البلدة القديمة بـ"جزر" يهودية تستبعد نهائياً أي أحتمال بأن تصبح القدس عاصمة للدولة الفلسطينية في المستقبل. وهذا يبدو واضحاً عندما يجد المرء هذه "الجزر" اليهودية على الخارطة : من الجنوب هنالك حزام عريض يبدأ من مجمع مدينة داوود ومنطقة البستان في سلوان، بما أن تلك المنطقة هي حلقة وصل مهمة في الخطة لإنجاز شريط يهودي حول البلدة القديمة.
من الناحية الأخرى، يتخذ الشريط في شمال البلدة القديمة جانباً أعرض و"دولانياً"(تابع للدولة)، ويتألف من مجموعة من مناطق للمستوطنين ومؤسسات عامة تابعة للدولة. هناك، يبدأ الشريط من المركز الصحي التابع لكوبات حوليم في الشيخ جراح، ويمر عبر حي شيمون هاتزاديك (الصديق شمعون -Shimon Ha Tzadik)، إلى فندق شبرد، ورئاسة شرطة الحدود، ومركز قيادة الشرطة الوطنية، إلى وزارة الإسكان، ومن هناك إلى المدرسة الدينية، مدرسة بيت أوروت يشيفا (Beit Orot Yeshiva)، والنفق المؤدي إلى معاليه أدوميم، ويتصل بعد ذلك بمنطقة E-1 ومعاليه أدوميم.
إن استراتيجية المستوطنين شفافة وواضحة. إنهم ينوون خلق وضع يستحيل فيه الإتفاق الدبلوماسي على تقسيم القدس مستقبلاً. لقد أصبح من الواضح لهم، كما هو بالنسبة للفلسطينيين، بأن السلام لن يسود في الشرق الأوسط دون ترتيبات عادلة في القدس – وهذه بالضبط هي نيتهم.

يمكن رسم خط خيالي في الصورة التالية يصل بين المستوطنات التي على حدود البلدة القديمة، وعندئذ سيتضح أن هذه المستوطنات تحيط فعلاً بالبلدة القديمة.
المستوطنات في القدس الشرقية
1 – بناية الهستدروت
2 – مجمع الصديق شمعون حاتزاديك – (Shimo n Hatzadik)
3 – فندق شيرد
4 –مركز قيادة شرطة الحدود
5- مركز قيادة الشرطة
7 – بيت أوروت (Beit Orot)
8 – متنزه عين تسوريم (Ein Tzurim)
9 – مجمع معاليه هازيتيم (Ma aleh Hazeit )
10 – مركز قيادة شرطة الضفة الغربية
11 – مجمع كيدمان صهيون (Kidmat Tzion)
12 – موقف سيارات جيفعاتي (Giva ty)
13 – مدينة داوود
14 – البستان
15 – مجمع اليمنيين
16 – منزل أبو طور
23 – محكمة العمل
24 – مجمع الحكومة
25 – كرم المفتي
26 – مركز الشرطة
27 – محكمة المنطقة
28 – وزارة العدل
29 – فندق إمبريال
30 – فندق البتراء
31 – الحي اليهودي
32 – هوسبيس سانت جون
33 _ برج اللقلق
34 – مجمع المستوطنين في الطور

سلوان/ مدينة داوود (Ir David)
تقع قرية سلوان على الخط الأمامي للهجوم الإسرائيلي الذي يسعى إلى محو الوجود العربي في شرقي المدينة. وبسبب أهمية سلوان التاريخية وقربها من الحرم الشريف وضع اليمينيون لأنفسهم هدف استعادة الأرض التي أقام الملك داوود عليها مملكته.
لم يدخر اليمينيون اي جهد منذ سبعينيات القرن العشرين للسيطرة بكل الوسائل الممكنة على الأرض والمباني من خلال جمعية إلعاد (Elad). على سبيل المثال دخول جمعية إلعاد باسم الدولة في صفقات مشبوهة لا تستطيع الدولة الدخول فيها بشكل رسمي.
تشكلت إلعاد في العام 1986، وفي العام 1991 دخلت إلى أول بيتين في واد حلوة، وهو الحي المركزي في سلوان (هايمان – Heiman – 2006) التي أعاد المستوطنون تسميتها "أرض داوود". ويقف دافيد بعري (David Be eri) على رأس هذه المنظمة. ويوجد اليوم في أرض داوود عشرة عمارات تسكنها 27 عائلة يهودية. وتملك الجمعية عشرين عمارة أخرى في التلال المجاورة، استولت على غالبيتها خلال الفترة ما بين شباط (فبراير) ونيسان (إبريل) 2004، ويعيش فيها الآن 23 عائلة. تقدمت إلعاد بخطة إلى البلدية من أجل إقامة مجمع يشتمل على عشرة شقق وروضة أطفال، وكنيس، ومكتبة وموقف لمائة سيارة. ويبلغ عدد عائلات المستوطنين التي تقيم الآن في سلوان نحو 50 عائلة تضم ما يقارب 300 شخصاً.
وتعكس منشورات إلعاد الرسمية الفخر الذي تشعر به المنظمة لإستيلائها على أكثر من 70 في المائة من أرض داوود. ونحن نعتقد بأن الجمعية تتحين الفرص للإستيلاء على البنايات العديدة الباقية التي ما زال يسكنها مواطنون عرب. بالإضافة إلى ذلك، هنالك عمارة مكونة من سبعة طوابق في منطقة سلوان تسيطر عليها عطرات كوهانيم، على الرغم من أن سلوان تُعتبر منطقة خاصة بإلعاد.
ويجري التخطيط لإقامة عمارة من خمسة طوابق في مدخل سلوان، على قطعة أرض تبلغ مساحتها 5 ر11 دونماً، تُعرف الآن بموقف سيارات جفعاتي. ومن ضمن المرافق التي يجري التخطيط لإقامتها قاعة احتفالات، ومركز تجاري يشرف على ميدان الحائط الغربي (حائط المبكى)، وموقف سيارات تحت الأرض. وقد تمت موافقة لجنة التخطيط والبناء المحلية على الخطة في حزيران (يونيو) 2005. وسيتولى عملية التطوير شركة معاليه بن داوود. ولسنا متأكدين مَن الذي حض على المشروع، ولكن ثمة إشاعات تقول بأن أعضاء في إلعاد يقفون وراءه.
وتشكل سلوان مثالاً واضحاً على التلاعب الذي تحدثنا عنه في المقدمة، أي استخدام عناصر محايدة من أجل تغيير طابع المكان ومفهومه. لا تعكس الإضاءة وما على شاكلتها فقط الملكية الإسرائيلية، بل إن ممر المشاة من الشمال إلى الجنوب يجري بناءه بالحجر نفسه المستخدم في القدس الغربية. وهذا يعطي مظهراً بأن السكان الفلسطينيين هم عرب يعيشون في إسرائيل، وليسوا مجموعة سكانية يهودية تم نقلها وزرعها في القدس الشرقية الفلسطينية.
وبالترادف مع الوجود المادي اليهودي، تقوم إلعاد بأنشطة ’تعليمية‘ و’معلوماتية‘، بما في ذلك تنظيم جولات ومحاضرات وندوات، تشكل كلها جزءاً من المعركة للتأثير على قلوب اليهود وعقولهم، وبذلك تعمل على تعميق تعريف المنطقة بأنها منطقة يهودية.
بالإضافة إلى الأملاك التي استولى عليها المستوطنون، فهم يسيطرون على مجمعات الحفريات الأثرية ومتنزه داوود الوطني. وهذه هي الحالة الوحيدة في إسرائيل التي قامت بها سلطة الآثار الحكومية بنقل السيطرة على مواقع الحفريات الأثرية إلى جمعية للمستوطنين، أي إلى إلعاد. وقد أعرب عدد من رجال الآثار "غير المستوطنين" عن قلقهم لما أسموه "حفريات أثرية ضحلة ومتوحشة"، وقالوا إن المستوطنين يقومون بجمع تلك المواد التي تؤيد وجهة نظرهم فقط، ويدمرون أو يهملون مواد لها صلة بتاريخ تواجد إسلامي أو مسيحي قديماً. (Greenberg R., 2009). وعلى الرغم من أن سلطة الآثار الإسرائيلية تزعم بأنها تعرف ما يجري في تلك الحفريات بالضبط، فإنها، في الواقع، لا تعرف إلاَّ الشيء القليل. بالإضافة إلى ذلك، إنها تمارس تأثيراً قليلاً، وإشرافاً أقل على إلعاد، مما تمارسه على مواقع الحفريات الأثرية الإسرائيلية الأخرى. ففي شهر أيار (مايو) 2008 ، على سبيل المثال، وفق ما نشرته صحيف هآرتس، عُثر خلال عمليات الحفر في موقف سيارات جيعفاتي (Givati)، على عظام بشرية، ولكنها ببساطة اختفت. ولم تقدم إلعاد تقريراً بالعثور على تلك العظام، كما لم تسلمها إلى وزارة شؤون الأديان، كما يتطلب القانون.
ويوفر الجزء التالي مزيداً من التفصيلات عن النفق الذي تحفره إلعاد في البلدة القديمة وفي سلوان

خطط الهدم في حي البستان من سلوان
تنوي بلدية القدس هدم حي كامل يتكون من 88 منزلاً يقيم فيه ألف ساكن من قرية سلوان، وذلك من أجل الكشف عن موقع أثري من أيام هيكل داوود. وعلى الرغم من أن الإجراء في هذه الحالة هو إجراء غير مسبوق من حيث المساحة والحجم ، إلاَّ أنه ليس حدثاً جديداً. فمنذ 1967 ودولة إسرائيل تتوق إلى السيطرة ليس على المساحة الفعلية ذاتها للقدس وحسب، بل أيضاً إلى تهويد شرقي المدينة، وذلك من أجل محو طابعها العربي، وإضفاء واجهة يهودية بكامل ألوانها عليها. فلم يعد إخضاع السكان ونظام الضم الذي تطبقه على المدينة كافياً بالنسبة لبلدية القدس؛ بل يجب عليها أيضاً أن تمحو الوجود العربي من على وجه الأرض، إن لم يكن من الناحية المادية، فليكن، على الأقل في مظاهر الهوية.
وتقع قرية سلوان في الخط الأمامي للهجمة الإسرائيلية التي ترمي إلى محو الوجود العربي في شرقي المدينة. وقد أصبحت سلوان، أو كما يُطلِق المستوطنون عليها كفار شيلواه (Kfar Shiloah)، بسبب الأهمية التاريخية لموقعها، وبسبب قربها من الحرم الشريف، هدفاً لرغبات العناصر اليمينية التي حددت لنفسها مهمة استعادة الأرض التي أقام عليها الملك داوود مملكته. ومنذ سبعينيات القرن العشرين، لم تدخر الدولة جهداً للسيطرة على الأرض والأبنية، مستخدمة كل الوسائل الممكنة عن طريق جمعية إلعاد (El ad). وقد قامت الأخيرة بالدخول باسم الدولة في صفقات مشبوهة ، لا يمكن للدولة أن تدخل فها بشكل رسمي.
وخطة هدم جميع البيوت في منطقة البستان هي جزء من خطة الإستيلاء على سلوان والسيطرة عليها، وعزلها عن سكانها وتهويد المنطقة. والحجة الرسمية لذلك، (كما أُُعلِن)، هي قيمة المنطقة الأثرية بالنسبة للشعب اليهودي. فهنا تبدأ القدس، وهنا سار الملك داوود، والملك سليمان وملوك إسرائيل الآخرون، وهنا توجد أيضاً قبور من زمن الهيكل الأول.
كُتِبَت الكلمات بالتفصيل في وثيقة رسمية لمهندس بلدية القدس في تشرين الثاني (نوفمبر) 2004؛ وبما أنها وثيقة مهمة توضح الكثير فإن من المناسب أن ننقل عنها بالكامل وبكلماتها. تقول:
"الموضوع: إجلاء البيوت غير الشرعية في وادي الملك (King s Valley).
"بداية القدس هي في مدينة الملك داوود. فعلى هذا التل والمناطق المحيطة به توجد البقايا الأثرية منذ خمسة آلاف سنة خلت. ولهذه البقايا قيمة كبيرة دولية ووطنية، وتوفر للمدينة مكانتها كواحدة من المدن المهمة في العالم.
"ووادي الملك، الذي هو أحد المكونات المهمة لوادي قدرون
(Kidron Valley)، يُشَكِّل مع مدينة داوود وحدة أثرية كاملة تتواصل فيها جميع المواقع، وتشكل بدورها مُكوِّناً هاماً لفهم الكُل المؤلَّف من أجزاء وحقبات مختلفة.
"لقد تقرر من الناحية التشريعية منذ بداية التخطيط الحديث للمدينة في عهد الإنتداب، أن الوادي المحيط بالبلدة القديمة (بما في ذلك وادي الملك) سيكون مناطق مفتوحة.
"وشجعت سلطات التخطيط الإسرائيلية أيضاً على هذا النهج. ففي خطة البلدية للبلدة القديمة والمناطق المحيطة بها التي تم إعدادها في سبعينيات القرن العشرين، جرى تحديد النقاط الهادية للتخطيط والتنمية ، وكيفية استخدام الأرض، وشبكة الشوارع، وكذلك النقاط الهندسية الهادية بالتفصيل، وذلك من أجل المحافظة على طابع المدينة الواقعة داخل السور، وأيضاً كل المنطقة التي تقع في حوض البلدة القديمة. ووفق هذه الخطة تم تحديد منطقة وادي الملك منطقة عامة مفتوحة.
"ونظراً لكل ما سبق ذكره فإنني آمر هنا بإزالة كل الأبنية غير الشرعية في وادي الملك."
إن هذه الوثيقة تحتوي في داخلها في صفحة واحدة على مجمل النزاع اليهودي – العربي. فالوثائق التي تُلَخِّص بإيجاز على هذا النحو طبيعة مجمل النزاع منذ بداية الصهيونية حتى الوقت الحاضر، هي وثائق نادرة . إن المهندس البلدي عبَّر بشكل صحيح عن النزاع بين الشعبين: صراع بين الملك داوود وفخري أبو دياب، رئيس اللجنة الممثلة لسكان حي البستان. وهكذا، فإن الصراع هو بين الماضي اليهودي والحاضر العربي؛ وفي غضون ذلك تتم التضحية بمستقبل الشعبين. من أجل الكشف عن بقايا من الماضي، من فترتي الهيكلين الأول والثاني، إنهم ، أي المستوطنين والدولة، على استعداد لتدمير الهيكل الثالث، أي السكان المحليين. [ الكلمة المستخدمة في العبرية لـ"الهيكل" في هذا السياق تعني أيضاً "منزل"، ومن ثم فإن الإشارة هي أيضاً إلى هدم بيوت السكان الحاليين لسلوان.] ويَترَكَّز الصراع على حقوق مَن لهم الأسبقية والأولوية – حقوق أولئك الذين عاشوا في المنطقة قبل ثلاثة آلاف سنة خلت، أم أولئك الذين يعيشون اليوم فيها. يتغنى مهندس البلدية بالآثار المدفونة تحت الأرض بينما يتجاهل الحياة التي تعج فوقها. إنه يستخدم فقط الأسماء العبرية للموقع، وكأن قرية اسمها سلوان غير موجودة، وكأن لا بشر يعيشون فيها – فقط توجد هناك بقايا آثار*.
ومع ذلك، ورغم كل التملق للبقايا الأثرية الذي يبديها المهندس، يجب ألاّ يخطيء أحد: إن ما نناقشه هنا هو ليس الكشف عن الماضي، بل الصراع على السيطرة في الحاضر. لو كان اليهود يعيشون في المنطقة لما عَنَّ على بال أحد أن يقوم بإجلائهم عنها من أجل الكشف عن الماضي وآثاره. إن هنالك هدفين وراء هذه العملية الخطيرة: الهدف الأول هو خلق شريط من الأحياء اليهودية في شرق المدينة، يبدأ من البلدة القديمة، ويشمل سلوان (مدينة داوود)، ورأس العمود (Maale ha-Zayit)، وأبو ديس (Kidmat Zion)، ثم ربطها من هناك بمنطقة E-1 ومعاليه أدوميم. وبهذه الطريقة سيتم كسر الوحدة والتواصل الأرضي بين الأحياء الشمالية والجنوبية من شرق المدينة، وسيجري عزل البلدة القديمة (من القدس) عن بقية مدن الدولة الفلسطينية عندما تنشأ، وسيكون من المستحيل التوصل إلى حل عادل للنزاع اليهودي – العربي.
والهدف الثاني هو رغبة البلدية في تأكيد سيطرتها على شرقي المدينة بعد أن أخذ سكانها في التململ وإبداء الإمتعاض من المصاعب التي لا تطاق والتي يواجهونها منذ بدء الإنتفاضة الثانية. فالجدار الذي يعزلهم عن عائلاتهم في المناطق، والقيود على الحركة المفروضة عليهم، والأزمة الإقتصادية، وديون ضريبة الأملاك المتراكمة التي تؤدي إلى مصادرة الأملاك والسجن، وإهانات حرس الحدود، وهدم البيوت الذي لم يسبق له مثيل، والغرامات الضخمة غير المعقولة، وإلغاء تصاريح الإقامة وحقوق الضمان الإجتماعي والحرمان من الضمان الصحي، ومنع جمع شمل العائلات التي من المناطق – كل ذلك قد غيَّر الجو الذي كان يطبع الحياة في شرقي المدينة، وأخذ يترك أثره عليها. فأخذت تتجمع سحب العواصف. إن البلدية واقعة تحت ضغوط؛ وإذا كانت تلك الضغوط لا تكفي، فإن الغول الديموغرافي قد رفع رأسه، وأخذ يُهدد بأن يحوِّل العرب إلى أقلية فعلية خلال أقل من فترة جيل واحد. وتقف كل هذه الأسباب وراء تصلُّب سياسة البلدية في جميع المجالات، وأيضاً وراء محو الثمانية وثمانين بيتاً من على وجه الأرض. فبدون أن نفهم الصراع من أجل السيطرة لن نفهم المواقف التي تكمن وراء الإجراء غير المسبوق. وبسبب هذا الصراع جرى انتهاك كل الحدود، وسمحت البلدية لنفسها اليوم بما لم تسمح به قبل ثلاثين عاماً. لقد غيَّر الإحتلال وجهه، وأصبح كل موظف في البلدية اليوم مهووساً باللعب بالنار، لا يستطيع مقاومة إحداث الحرائق، ويسمح لنفسه بصب الزيت على نار النزاع الدموي بين الشعبين.
إن مصير هذا الخطاب هو احتلال مركزالشرف في أدبيات الإحتلال. فما يجري هو مُخجل ومُستهجن ويقترب من إرتكاب جريمة ضد الإنسانية. إنه خطاب مكتوب باسم القانون والقيم العالمية بلغة عقيمة، ولكن تختفي بين سطوره أيديولوجية عنصرية وهدَّامة.
*(الاثار التي وجدت هي آثار عربية وفق ما افاد به العمال، وقد جرى اخفاؤها والتخلص منها).

أهداف قديمة، استرتيجيات جديدة
منذ أن أصبح نير بركات (Nir Barakat) رئيساً للبلدية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008، أخذت البلدية تطبق استراتيجية جديدة في منطقة البستان. الهدف لم يتغيَّر، ولكن الأساليب أصبحت أكثر نعومة. ففي أعقاب الضغوط الدولية أدرك رئيس البلدية بأنه لا يستطيع إصدار الأمر بهدم الثمانية وثمانين بيتاً، وبالتالي شن حملة ترمي إلى إعطاء انطباع بأن الدولة لن تهدم، ولكنها ستعيد إسكان السكان ! والبرنامج الضخم الذي أعلنت عنه البلدية في آذار (مارس) 2010 يقول بأنها، أي البلدية، ستبني مركزاً ضخماً للسياحة يغطي أكثر من نصف مساحة منطقة البستان، وهو يتطلب إجلاء وهدم نحو عشرين بناية فقط. وسيجري وفق الخطة إعادة إسكان العائلات التي سيتم إجلاؤها في المنطقة ذاتها، كما أن السكان سيتمكنون من الإستمتاع بخدمات ذات مستوى عال، وسيجدون فرص عمل في الدكاكين أو المقاهي السياحية. ولكن ما تفشل الخطة في ذكره هو أن المركز المنوي إقامته ستديره جمعيات المستوطنين نفسها التي تدير الآن أرض داوود، بكلام آخر المستوطنون الذين ينتمون إلى إلعاد. وكما سبق ورأينا ، عندما يحصل هؤلاء المستوطنون على موطىء قدم في أي مكان يقومون تدريجيا بتوسيع ما تحت قبضتهم حتى يصبح كل الموقع لهم. ولكن ما لم يجر ذكره بالكلام، ظهر في الخطط التي أعدتها البلدية. فالخطط الخاصة بالبستان تبين أن المنطقة ستفقد طابعها، وتصبح موقعاً سياحياً غربياً بكل ما يعنيه ذلك ويرمي إليه. فتغيير صورة المنطقة يخدم عملية "أسرلتها". فكلما أصبحت المنطقة غربية أكثر، كلما قَلَّت عروبتها، وإزدادت إسرائيليتها. إن النظرة والمفهوم غربيان، وبالتالي فهما يخدمان عملية السيطرة على المكان.

بناء المستوطنين غير الشرعي في سلوان
سلوان هي أحد المواقع خارج البلدة القديمة حيث من المستحيل تقريباً الحصول على رخصة للبناء. لا يسمح بالبناء على قِطَع الأراضي الخالية أو كإضافات إلى أبنية قائمة فعلاً، وذلك بسبب حساسيتها الأثرية (الأركيولوجية). ويجري التعامل بقوة مع المواطنين العرب الذين يحاولون توسيع منازلهم ببناء ملاحق ملاصقة لها أو فوقها على الأسطح، بفرض غرامات وإزالة الملاحق التي يتم بناؤها. وبالمقابل، ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية عدة بؤر يهودية لم تحصل إطلاقاً على رُخص للبناء، ولكن الشيء الغريب أن البلدية لم تمارس سلطتها بوقف البناء أو لإعادة الوضع لما كان عليه من قبل. وتلقي أربع حالات أخيرة الضوء على التمييز الذي اتخذ طابعاً مؤسساتياً ويطبق على العرب واليهود في القرية نفسها، وهو يشبه التمييز المُطبَّق في القدس بأسرها.

الحالات الأربع
الحالة الأولى: بناية من 7 طوابق بلا ترخيص
إن قضية البناية المكونة من سبعة طوابق تشكل مثالاً جيداً على تطبيق قانون التمييز الفاضح. بدأ بناؤها في بداية العام 2002، ولكنه "اكتشف" فقط في شهر حزيران (يونيو) من العام التالي عندما شغلتها جمعية عطرات كوهانيم. هنالك شكوك قوية بأن تجاهل البناية لم يكن لأسباب تقنية. فمفتشو البلدية يزورون المنطقة باستمرار وينقضون على أي إخلال بأمور البناء، ولكنهم غضوا الطرف لسبب ما عن البناية ذات الطوابق السبعة المُقامة على قطعة أرض مساحتها 800 متر مربع. ولكن المفتشين يعرفون جيداً مَن صاحب البناية التي قيد الإنشاء في منتصف سلوان. وعلى الرغم من أن قطعة الأرض مُسجلة باسم أحد السكان المحليين، إلإَّ أنه جرى بيعها في فترة سابقة إلى مستوطني عطرات كوهانيم، وهم الذين قاموا بدفع تكاليف أعمال البناء. ونشر ميرون رابابورت (Meron Rapaport) في صحيفة هآرتس تحقيقاً شاملاً عن الحالة، تضمن حديثاً بين البائع العربي و يارون إلياس (Yaron Elias)، المسؤول عن التفتيش في القدس الشرقية؛ فقال الأخير بصراحة أنه تفادى التعرض للبناية لمدة 18 شهراً "لأنني أعرف صلاتهم"؛ وهذه إشارة غير بارعة إلى صلاته بمستوطني عطرات كوهانيم.
وأشار في الجملة ذاتها إلى التنسيق بين البلدية والمستوطنين ، وربما مع مؤسسات أخرى تدعم المستوطنين. "كيف عرفت أن البناية تعود لمَن ؟ إن لدي أصدقاء في مختلف أنواع الهيئات والسلطات." (رابابورت، 2005). بالإضافة إلى ذلك، عندما تم اكتشاف التجاوز على القانون، كان بوسع البلدية أن تطبق العقوبات المنصوص عليها رسمياً، مثل إصدار أمر إخلاء أو إغلاق البناية، ولكنها بدلاً من ذلك، تركت الأمور على حالها، مستشهدة بحجة تثير الدهشة ، وهي أنه من غير الواضح "مَن هم أصحاب البناية". من الواضح أن هذا جواب لا أساس له، بما أنه مَن (غير إلياس) يعرف أن البناية مملوكة للمستوطنين. وأخذت البلدية تحقق في القضية خلال الفترة من العام 2003 وحتى آذار (مارس) 2004 ، ولكنها امتنعت عن تقديم شكوى وتوجيه إتهامات ضد أي من سكان البناية. وخلال الفترة ذاتها، أصدرت عشرات أوامر الهدم ضد مواطنين عرب، وقدمتهم للمحاكمة. وكذلك امتنعت البلدية عن فرض ضريبة بلدية على أي من الساكنين في البناية. وكتب مدير قسم "الفواتير" في آذار (مارس) 2005 يقول أنه لا توجد أية سجلات بشـأن البناية في البلدية؛ وهذا يتناقض مع الإجراءات الداخلية التي تتطلب من مفتشي البلدية أن يقدموا تقارير حول أية بناية جديدة لقسم الفواتير، حتى تجري مطالبتها بضريبة البلدية – حتى وإن كانت تلك البناية غير شرعية.
الحالة الثانية: إلغاء أمر هدم، القاضي لاهوفيتسكي (Lahovitzky)
الحالة الثانية هي حالة خاصة، بما أن انتقاد البلدية جاء من المؤسسة القضائية. فالقاضي هـ. لاهوفيتسكي، الذي ترأس المحكمة المركزية، ألغى أمراً إدارياً بهدم بناية يملكها عربي، لأن البلدية لجأت إلى تصرف تمييزي بعدم إدعائها على جيران يهود ارتكبوا "جريمة" مماثلة بالضبط (Alkraikia, 2004). وتكشف القضية عن التمييز بكامل بشاعته. وبقراءة نص الحكم نكتشف أنه حال اكتشاف البناية المملوكة للعربي صدر أمر إداري بهدمها. وبالمقابل، تلقت البناية الأخرى، المنوي جعلها مدرسة دينية تابعة لجمعية إلعاد، وتتكون من ثلاثة طوابق أقيمت على قطعة أرض مساحتها 345 متر مربع، أمراً بوقف العمل. وأسقط القاضي جميع التهم الموجهة من البلدية، وعلق بقوله انه رغم تشابه "الجريمتين"، فإن البلدية طبقت أشد الإجراءات التي يتيحها القانون – أمر إداري بالهدم – ضد البناية المملوكة للعرب، بينما اختار المُشتكي، أي البلدية، تطبيق أكثر الطرق القانونية ليونة" – إصدار أمر بوقف العمل في البناية المملوكة ليهود. وآخذاً في الحسبان هذا التباين في التصرف، قام القاضي بإلغاء قرار الهدم الصادر ضد البناية المملوكة للعربي، وختم تلخيصه للحكم بملاحظات قاسية تقول: "مهما كانت ملكية البنايتين، ومهما كان الهدف المعلن عن البنايتين، فإن التباين في تصرف المشتكي [البلدية] تجاه الطرفين هو تصرف مخالف وغير مقبول إلى حد أن المحكمة لا تستطيع بعد تجاهله" و "...بعد أن اقتنعت المحكمة بأنه لا يوجد مجال لتطبيق القانون بشكل غير متساوٍ بالنسبة للبنايتين، وأيضاً بعدم وجود تفسير جيد ومُقنِع لعدم تطبيق المشتكي للقانون بشكل متساوٍ، فإنني أجد أن هناك خطأ مادياً في العمل الإداري، مما يُبرر إلغاء الأمر. يجب على المُشتكي أن يستخدم الإجراءات ذاتها مع إحدى البنايتين التي تنطبق على البناية الأخرى... وبالتالي فإنني آمر بإلغاء الأمر."
الحالة الثالثة: التعامل مع الحاويات والبيوت المتنقلة ومواقع الحرس
الحالة الثالثة تتعلق بفناء واسع يقع في الطريق إلى عين سلوان (Siloam Pool)، حيث أخذت تنمو في 1998 مستوطنة صغيرة تتألف من حاويات وبيوت متنقلة ومواقع للحرس. على الرغم من طابعها المؤقت، فإن هذا النوع من البناء ممنوع أيضاً بموجب قانون التخطيط والبناء. فلو وضع العرب بيوتاً متنقلة في أية مواقع، سيستلمون على الفور أوامر بالإخلاء أو الهدم. ومع ذلك، فإن البلدية امتنعت، ولسنوات، عن إصدار أي نوع من أوامر ضد هذه الإنشاءات. وفي العام 2001، سألت، بصفتي عضواً في البلدية، إدارة الإشراف على البناء عن الخطوات التي اتخذتها البلدية ضد هذا المجمع. فكان الجواب بأنها لم تتخذ أية خطوات، ولكن القضية تجري معالجتها. وتم في الواقع فتح ملف في شباط (فبراير) 2002؛ وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2004، وعقب مرور هذه الفترة الطويلة، أصدرت المحكمة المركزية حكمها. ولكن محامي المستوطنين قدَّم في اللحظة الأخيرة وثيقة تقول أن المجمع ليس ملكاً لـ"إلعاد"، بل هو مملوك لعربي يدعى يوسف جمال، يحمل جواز سفر بريطانياً، وبالتالي يجب أن تكون التهمة والحكم بإسمه وليس باسم المستوطنين. ولم يقدم مدعي البلدية أية أعتراضات، فشطب القاضي اسم جمعية إلعاد واسم رئيسها، دافيد بعري (David Be eri)؛ وأصدر القاضي حكمه على يوسف جمال، المقيم في المملكة المتحدة. وحتى لو قيل أن القاضي لم يكن يعرف بالوضع وتصرف عن حسن نية، فإن خدعة تسجيل الممتلكات والأرض باسم عرب هي لعبة قديمة في البلدية. وكان على المدعي العام أن يوضح ذلك. إن الروابط المتينة بين المستوطنين وسلطات البلدية تشكل عنصر تعارض مصالح يثير القلق.
الحالة الرابعة: استخدام السكان العرب لشراء أملاك للمستوطنين
إن استخدام عملاء عرب لشراء أراض وأملاك في القدس الشرقية للمستوطنين هو سر مفضوح. فنداف شرجاي يقول في كتابه بأن كل الجمعيات التي عمِلَت في الجزء الشرقي من المدينة استخدمت عملاء – بعضهم عناصر مشبوهة لهم مشاكل مع القانون. وقضية محمد مرقة مثال مهم لفهم طريقة عمل هذه الجمعيات التي تستخدم السكان العرب. وقد تم الكشف عن هذه القضية في المقال الشامل لميرون رابابورت الذي نُشِر في هآرتس في 1 نيسان (إبريل) 2005.
جرى إقناع محمد مرقة – بمبالغ كبيرة من المال، وقضاء أوقات ممتعة في الخارج، وسيارات وعاهرات – بتزوير وثائق وبيع قطعة أرض تملكها عائلته الكبيرة. كان رجلاً ضعيف الشخصية وله تاريخ في عالم الإجرام؛ وقد استهدفه المستوطنون الذين استغلوه كلياً. فكان يشتري لهم الممتلكات، لا سيما في الحي اليمني من سلوان. في البداية اشترى لعطرات كوهانيم بيت عائلة آسيا، وتلقى عمولة مقدارها 10 آلاف دولار، وكذلك قضاء إجازة مدفوعة التكاليف كاملة في أنطاليا، وقضاء بعض الأوقات الممتعة مع مومسات في أرقى فنادق القدس. وتلقى محمد وعداً بأنه عندما يتم بناء العمارة ستتم مساعدته للهجرة هو وعائلته إلى كندا. ثم اشترى عمارتين أخريين في الحي اليمني، إحداهما تعود إلى عائلة أحمد فرج، والأخرى تملكها عائلته، وتقاضى عن هذه الصفقات 30 ألف دولار، ورحلة إلى مدينة أطلانتيك.
وعند هذا الحد قدم المالكون الحقيقيون للعمارة شكوى إلى الشرطة قائلين إن الوثائق التي تمت الصفقة بموجبها هي وثائق مزورة. فأدرك محمد مرقه أنه في خطر وخطط للإختفاء من إسرائيل. وعندما تمت الصفقة دفع له المستوطنون 150 ألف دولار، وأعطوه تذكرة طائرة للسفر إلى الخارج. ولكنْ اضطر محمد مرقة في النهاية إلى الهرب من سلوان، وراح يختفي خلال السنوات القليلة الماضية في أماكن مختلفة.


الشيخ جراح
تقع منطقة الشيخ جراح في منطقة حساسة ذات أهمية إستراتيجية. فهي تقع على حدود البلدة القديمة من الشمال، وهي مجاورة للمنطقة التجارية في القدس الشرقية. وهي تتألف من مجموعة سكانية قديمة لها شأنها، وتوجد فيها مقرات عدة مؤسسات وطنية، بما في ذلك بيت الشرق، وفندق الأميركان كولوني والمسرح الوطني الفلسطيني. وهي حلقة وصل يهودية بين القسم الغربي من المدينة وجبل المكبِّر ورامات أشكول في الشمال، وبالتالي فهي تخلق استمرارية أرضية مهمة للجزء اليهودي من المدينة.
ويمكن التعرف بسهولة على مستوطنتين دوافعهما أيديولوجية في المنطقة – الصديق شمعون ( Shimon Ha Tzadik – الصديق شمعون) وفندق شبرد. أنشأت حي الصديق شمعون جمعية "مستعمرو صهيون" (Meyashvei Zion). قامت المستوطنة بالإستيلاء على سبع بنايات يسكن فيها نحو 40 شخصاً تقريبا، وتوجد فيها أيضاً مدرسة دينية يدرس فيها 50 شاباً آخرين. وقادة هذه المنظمة هم حاييم بركوفيتش (Chaim Berkovitch) وتزاهي مامو (Tzahi Mamo)؛ وتزعم الجمعية بأنها تملك 18 دونماً في المنطقة أعطتها لها لجنتان يهوديتان هما لجنة اليهود الشرقيين (Vaad Ha edah Ha spharadit) ولجنة كنيس يسرائيل (Vaad Knesset Yisrael) اللتان تزعمان ملكية الأرض وتدعيان بأن أعضاءهما عاشا على تلك الأرض حتى العام 1936. ومنذ العام 1948 أقام في المنطقة سكان عرب. وفي الواقع قامت المنظمتان بنقل ملكية الأرض إلى شركة أمريكية تدعى نحلات شمعون الدولية (Nahlat Shimon International)، وهي "واجهة" لـ"مستوطنو صهيون" (Meyashvei Zion). وفي العام 1982 رفعت هذه الشركة أولى قضاياها في المحاكم للحصول على الأرض.
ومنذ ذلك الوقت جرى النظر في الوقت ذاته في عدة قضايا أمام محاكم مختلفة. وفي العام 1972 رفعت جمعية شيمون حاتزاديك (الصديق شمعون) دعوى تملك الأرض استناداً إلى وثيقة بيع عثمانية موقعة من المالكين العرب والجمعيتين اليهوديتين. وفي نهاية نظر القضية التي استغرقت وقتاً طويلاً توصل محامي السكان الفلسطينيين في العام 1984 إلى ترتيب تم الإعتراف بموجبه بملكية المنظمتين اليهوديتين للأرض، على أن يجري في الوقت ذاته اعتبار السكان "مستأجرين محميين"، وبالتالي لا يمكن إجلاؤهم. وأعطى هذا الترتيب السكان فترة ثماني سنوات من الهدوء والسلام. ولكن في منتصف ثمانينيات القرن العشرين رفع المستوطنون قضية أمام المحاكم يطالبون بإجلاء المستأجرين، مدعين بأن الترتيبات لم تعد سارية، وذلك لأن المستأجرين لم يسددوا الإيجار، كما أنهم أضافوا ملاحق للأبنية بدون إذن.
وافقت المحكمة على ادعاءات المستوطنين وألغت الترتيبات السابقة، وحكمت بأن العائلات المقيمة هناك "دخلاء"، وأمرت بإجلائهم. واستناداً إلى ذلك الحكم، وبمساعدة الشرطة قام المستوطنون بإجلاء العائلات الفلسطينية على مراحل.
وبالتزامن مع ذلك بدأ النظر في قضية أخرى جمَّدَت تطبيق الحكم السابق، ادعى فيها ساكن يدعى سليمان درويش حجازي بأن عائلته هي مالكة الأرض. وبعد نقاش مطول أصدرت المحكمة حكمها بأنها لا تستطيع إصدار حكم جازم في قضية ملكية الأرض، وأن أياً من الطرفين – شركة شيمون حاتزاديك (الصديق شمعون) وسليمان درويش حجازي – لم يستطيع اي منهما إثبات ملكيته بشكل قاطع. وأحالت المحكمة الموضوع إلى مصلحة تسجيل الأراضي التابعة للدولة، على الرغم من أنها كانت قد أشارت من قبل إلى أن المصلحة تفتقر إلى الأدوات لمعالجة القضية. كان الحكم في غاية الأهمية، لأن المحكمة امتنعت عن القول بشكل قاطع بأن الأرض ملك للمستوطنين، وتركت القضية مفتوحة.
وفي مرحلة لاحقة تم رفع قضية ثالثة، ما زالت تُنظّر أمام القضاء عند كتابة هذه السطور. ويسعى من خلالها السكان الفلسطينيون إلى إلغاء ترتيبات العام 1984 التي اعترفت بالملكية اليهودية للأرض. وتستند القضية إلى أدلة جديدة دراماتيكية، مصدرها إسطنبول، وتثبت بأن الوثيقة التي قُدِمَت منذ سنين كبرهان على ملكية الأرض، هي وثيقة مزورة. والإدعاء بالتزوير يستند إلى تحقيق أجراه محاميا السكان – حسين أبو حسين وسامي إرشيد – في إرشيف الطابو العثماني (مصلحة تسجيل الأراضي العثمانية) في اسطنبول. فبحثهما أوصلهما إلى العثور على أمرين مثيرين للدهشة : الأول، أن الرقم الذي يظهر على وثيقة البيع ، التي تقدمت بها الجمعية اليهودية، لا وجود له في ترقيم السجل العثماني، ولا يتطابق مع الترقيم الذي كان مستخدماً في العادة في منطقة القدس خلال تلك الفترة. والثاني، أن في رأس الوثيقة قولاً مكتوباً بخط فارسي لم ينتبه إليه أحد في السابق، وافترضوا أنه آية قرآنية، لا أهمية تجارية لها. ولكن القول ينص على أن قطعة الأرض الواردة في الوثيقة قد تم تأجيرها إلى يهود لفترة زمنية محدودة؛ ولا تذكر الوثيقة أي شيء عن عملية بيع لليهود. وتكشف الأمور التي تم التوصل إليها بعد الفحص المضني والدقيق للوثيقة العثمانية المزيد من الإختلاف. على سبيل المثال، تناقضات بشأن موقع الأرض وحدودها، واختلاف في أسماء العائلات العربية التي قيل أنها باعت الأراضي لليهود. ونتيجة لذلك تولَّد قلق شديد بأن الأرض التي ينظر الإستئناف في أمرها هي ليست مِلكاً للمستوطنين، وهناك دلائل كافية تُلقي بالشك على المِلكية اليهودية. وتدعم هذه الوثائق مصادقة وزارة الخارجية التركية، وشهادات مصدقة من خبراء في هذا الشأن. وكما أشرنا، فإن القضية ما زالت تُنظَر أمام القضاء عند كتابة هذه السطور؛ ولكن من الناحية القانونية لا تلغي مناقشات المحكمة الحكم السابق، وبالتالي فإن عملية الإخلاء ما زالت نافذة.
ومع ذلك، رفضت المحكمة في العام 2006 القول بأن الأرض مِلك للمستوطنين. وفي كانون الثاني (يناير) 2008 تقدمت شيمون حاتزاديك (الصديق شمعون) بخطة إلى بلدية القدس لبناء 200 وحدة سكنية على قطعة أرض مساحتها 18 دونماً تقع على حدود المستوطنة الحالية. وتنص الخطة على بناء عمارات متعددة الطوابق وهدم 40 بناية يقطنها سكان فلسطينيون، وذلك استناداً إلى فرضية بأن تلك البنايات ستخلق حقائق ثابتة سيكون من الصعب تجاهلها وإزالتها.
وفي الوقت ذاته، في تموز (يوليو) 2009 استولت مجموعة من المستوطنين بقيادة آريه كينج على بناية أخرى تقع عبر الطريق الرئيس الذي يعبر الشيخ جراح، منحهم إياها الحارس على أملاك اليهود، بما أنها كانت تعود ليهود قبل العام 1948. إن المستوطنين قد وسَّعوا تواجدهم في الجزء الغربي من الحي ، [أي من الشيخ جراح]، وأخذوا ببطء يغلقون الحلقة المزمع إقامتها لخنق الحي.
إن بناية فندق شبرد في الشيخ جراح الواقع على الطريق المؤدي إلى جبل المُكَبِّر قد بنتها عائلة الحسيني، ولكنها وُضِعَت في عهدة الحارس على أملاك الغائبين، الذي سلمها فيما بعد إلى إروين موسكوفيتش (Irwin Moskovitch). وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 تم فتح ملف بناء خاص بفندق شبرد؛ وتقود الآثار أيضاً إلى عطرات كوهانيم. تتحدث الخطط عن بناء ما يقارب 90 وحدة سكنية بالقرب من منطقة خضراء مساحتها 16 دونماً فيها أشجار زيتون، أغلبيتها أشجار قديمة. ولكن الخطة واجهت بعض الصعوبات، وبالتالي فإن ملفاً جديداً قد تم فتحه في تموز (يوليو) 2009 من أجل بناء 20 وحدة سكنية على موقع مساحته 6 ر3 دونماً، مع إضافة مساحتها 7 ر5 دونما (5700 متر مربع) كموقف للسيارات تحت الأرض.
وتم أيضا تسليم هذه المنطقة الخضراء، التي تعرف باسم كرم المفتي، التي سُمِيَّت نسبة إلى المالك السابق الحاج أمين الحسيني، مفتي القدس، إلى جمعية عطرات كوهانيم دون عطاء، من أجل القيام بزراعتها، على الرغم من أنه ليس لعطرات كوهانيم أية خبرة في مثل هذا العمل. وفي حزيران (يونيو) 2000 أعدت عطرات كوهانيم طلباً إلى لجنة التخطيط والبناء في القدس للحصول على رخصة بناء 250 وحدة سكنية هناك، ولكنها لم تقدم الطلب، على الأرجح لخوفها من أن يؤدي الطلب الذي ينص على تدمير منطقة خضراء توجد فيها أشجار زيتون قديمة، إلى احتجاجات من منظمات البيئة. وفي آذار (مارس) 2007 قُدِّمَت عريضة إلى محكمة العدل العليا تقول بأن العقد قد تمَّ توقيعه على الرغم من أن الأرض ليست مِلكا لسلطة الأراضي في إسرائيل، ووزارة الداخلية تعترف بأن المالكين الفلسطينيين للأرض هي شركة الفنادق العربية. وهذا التطور هو أحد الحلقات في السلسلة التي تربط أحياء شيمون حاتزاديك (الصديق شمعون) بالمجمع الحكومي في الشيخ جراح.

العناصر الرمادية في السيطرة على الشيخ جراح
1- كوبات حوليم
2- ساحة جلاسمان الجامعية
3- فنادق
4- محطة بنزين
5- نصب تذكاري
6- مستوطنة
7- نصب تذكاري
8- مقبرة رامبان (Ramban)
9- فندق شبرد
10- كرم المفتي
11- وزارة الداخلية
12- وزارات (منازل)
بالإضافة إلى مستوطنتين، هنالك أيضاً عناصر رمادية للسيطرة ذات تأثير كبير للغاية وتشير إلى وجود إسرائيلي قوي. والمحور المركزي للشيخ جراح هو حالة دراسية جيدة لمراحل تغيير معالم المنطقة من خلال وجود هذه العناصر الرمادية. فهذه العناصر تخلق مع المستوطنتين وجوداً إسرائيلياً متجاوراً على طول الطريق. "إن انسياق المجال وتجانسه، الملموسين وغير الملموسين، هما المجال المُفضَّل حيث السلطة تمارس سلطتها. واحتلال هذه المجالات هو الذي يضع النخبة في مركز السيطرة." (Alessadro Petti, 2007).
توجد في بداية المحور كتلة من ثلاثة فنادق جديدة افتُتِحَت رسمياً في العام 2000. وعلى الرغم من أنها ملك لشركات دولية، فإن الإدارة في أيدٍ إسرائيلية، والسواح والنزلاء فيها هم بالأساس يهود. إن الفنادق ليست ذات طابع سياسي في طبيعتها، ولكن بما أنها تجتذب نزلاء يهود، فإنها تصبح، عن غير قصد مسبق، أداة في خلق تجانس يهودي في القدس الشرقية.
يوجد مقابل هذه الفنادق الثلاثة مركز طبي تابع لكوبات حوليم الإسرائيلي، وكان بنايته تُستخدَم في السابق فرعاً للهستدروت (اتحاد نقابات العمال الإسرائيلي). وهنالك خطط لبناء معهد ديني – تربوي للبنات في الحقل المجاور لكوبات حوليم والهستدروت، وسيطلق عليه اسم معهد جلاسمان. ومحطة البنزين المجاورة تعود إلى شركة سونول للبنزين الإسرائيلية.وكما سبق وذكرنا، فإن وجود محطة البنزين الإسرائيلية في حي عربي، على الرغم من كون المحطة ليست ذات طابع سياسي، فإنها تخلق الإنطباع بأنك في منطقة إسرائيلية.
ويوجد على الطريق في منطقة أبعد قليلاً نصب تذكاري لجنود إسرائيليين سقطوا في حرب الأيام الستة في العام 1967. وهذا إجراء رمزي قوي واستفزازي، من الواضح أنه عملية هدفها الإذلال.
ومع مواصلة الطريق توجد مستوطنة شيمون حاتزاديك (الصديق شمعون). إن الوجود اليهودي هنا ظاهر للغاية، ليس فقط بسبب الأعلام الإسرائيلية، بل أيضاً بسبب الحراس المسلحين وسيارات الجيب التابعة لحرس الحدود التي تجوب المنطقة باستمرار.
وبمحاذاة المستوطنة توجد مقبرة لليهود ومغارة شيمون حاتزاديك (الصديق شمعون)، وهي موقع مقدس بالنسبة لليهود، يجتذب يومياً العديد من اليهود، وبالأخص في أيام العطل. وقد تم ضم هذه المغارة إلى خطط المستوطنين، لأنها تضمن تواجد اليهود الدائم، والتواجد القوي لقوى الأمن. ويوجد بجوار ذلك كهف آخر جرى في 2001 إعلانه مكاناً مقدساً لليهود، وهو كهف رامبان.
ويوجد في أعلى الطريق نصب آخر يخلد ذكرى القافلة الطبية التي هوجِمَت في 1948 وهي في طريقها إلى مستشفى هداسا. وهو يرسل رسالة ناعمة توحي بأن العرب يقتلون حتى الأطباء.
وجرى تسليم بناية كبيرة تقع ليس بعيداً عن الطريق وتعرف باسم فندق شبرد، ومنطقة أشجار الزيتون التي تقع عبر الشارع وتعرف باسم كرم المفتي ، جرى تسليمها إلى المستوطنين، على الرغم من أنه لم يُسمح لهم بعد بالبناء فيها لأنها مُصنَّفة "منطقة خضراء".
تم فتح مكاتب وزارة الداخلية في منتصف 2006 بمحاذاة كرم المفتي. وهذه المكاتب محاذية إلى حرم الجامعة العبرية على جبل المُكبر.
وتقع مكاتب الحكومة ومركز قيادة الشرطة المرتبطة بالجزء الغربي من المدينة عند نهاية الطريق؛ وهكذا يكون التواصل الأرضي بين الأراضي اليهودية الواقعة بين الغرب والشمال الذي أغلبيته عربية قد تَحَقَّق وأُنجِز.

الطور
في آذار (مارس) 2006 سيطرت جمعية إلعاد على مجمع في جبل الزيتون (الطور) يضم عمارتين كل واحدة منهما ذات أربعة طوابق؛ وهذه ليست بعيدة عن فندق الأقواس السبعة (Seven Arches)، الذي يشرف على الحرم الشريف؛ وهكذا أُقيمت أول مستوطنة على جبل الزيتون (مجاورة إلى المقبرة اليهودية). كانت البنايتان مِلكاً لعائلة أبو الهوى، وانتقلتا عبر ثلاثة مالكين فلسطينيين - قبل أن تنتقل نهائياً - إلى مِلكية شركة أردنية، وهي شركة لويل للإستثمار (Luil Investment)، التي هي شركة "فعلية" مملوكة للمستوطنين. وقد قُتل محمد أبو الهوى، بعد أن سيطر المستوطنون على المجمع بأسبوع؛ وعلى الأرجح أن الفلسطينيين قتلوه لأنهم اعتبروه عميلاً.
وتشكل أيضاً مدرسة بيت أوروت الدينية (Beit Orot) مستوطنة من حيث النوايا والأهداف، وذلك بسبب الهوية الأيديولوجية لأعضائها. فقد أنشأها حنان بورات (Hanan Porat) والحاخام بني إلون (Benny Elon) في أوائل تسعينيات القرن العشرين؛ وتضم مائة طالب متدين. وعندما كان بني إلون وزيراً للسياحة، اهتم بتحويل المنطقة المحاذية للمدرسة الدينية إلى متنزه وطني يُعرف باسم عيمق تسوريم (ُEmek Tzurim). وقد وافقت البلدية مؤخراً على خطة البناء رقم 4904/A الخاصة بأبنية عامة ووحدات سكنية على مساحة مجموعها 10 دونمات. وتقدم بالخطة إروين موسكوفيتش.

راس العمود
يمتد مجمع ضخم في رأس العمود يعرف باسم معاليه هازيتيم (Ma aleh Hazeitim) على مساحة 15 دونماً، ويقضي المخطط أن يتم بناء 132 شقة، انتهى حتى الآن بناء 51 شقة منها. وكانت الموافقة على المخطط قد تمَّت في 1998، وقام إروين موسكوفيتش بتمويل المشروع. ويُعتبر آريه كينج، الممثل الشخصي لموسكوفيتش في إسرائيل، شخصية بارزة في هذا المشروع. والمجمع في حالة توسيع.
واشترى موسكوفيتش عمارة مجاورة يوجد فيها مركز قيادة فيلق الشرطة الإسرائيلية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. وتبرع أيضاً بالأموال لبناء مركز قيادة الشرطة الجديد في معاليه أدوميم، الذي أخذت الشرطة في الإنتقال إليه (في آذار – مارس – 2008). وليس من باب الصدف أن مركز القيادة الجديد يقع في المنطقة المعروفة بـ E1، وهي الممر بين القدس ومعاليه أدوميم. وعندما يضع المستوطنون يدهم على مركز الشرطة القديم سيؤدي ذلك إلى توسيع حدود معاليه هازيتيم إلى حد كبير. وفي منتصف العام 2009 قدَّم المستوطنون خطة إلى مجلس التخطيط والبناء المحلي لبناء مجمع سكني جديد يُسمى معالوت دافيد – يربطه جسر بمعاليه هازيتيم المجاورة. وتنص الخطة على بناء 104 مسكناً. وفي الوقت الحاضر، وإلى أن تتم الموافقة، فإن لدى المستوطنين ترخيصاً ، حصلوا عليه في 1988 (وبقي سراً)، لبناء 34 منزلاً.


أبو ديس
المشروع الآخر الذي قام موسكوفيتش بتمويله هو كيدمات صهيون (Kidmat Zion)، الذي يتألف من 250 وحدة سكنية، ستبنى عند أطراف أبوديس على قطعة أرض مساحتها 30 دونماً. وعلى الرغم من أن الموافقة على المخطط قد تمت في 2002 ومرَّت من كل اللجان المختصة، ما زال البناء مجمداً بسبب الضغط الأمريكي – يقع المجمع بالقرب من موقع البرلمان الفلسطيني الذي كان من المقرر أن يُبنى في أبو ديس. ومع ذلك ليس من المستحيل أن يجري في النهاية تنفيذ المخطط. واستولى المستوطنون على بنايتين – واحدة قائمة اشتروها، والثانية قاموا ببنائها مجدداً. والمقصود من البنايتين هو تأكيد وجودهم، وحماية الأرض من "المتطفلين"، أي أن وجودهم سيمنع الفلسطينيين من محاولة البناء على الأرض أو احتلالها.
ممتلكات معزولة في مناطق أخرى
من القدس الشرقية
توجد أيضاً عدة عمارات معزولة موزعة في القدس الشرقية، مثلاً في أبو طور، وجبل المُكبِّر، ومقابل القنصلية الأمريكية، وفي شارع المصرارة (يُطلق المستوطنون على الحي اسم نيسان بك – Nissan Beck)، بالقرب من سور البلدة القديمة، حيث تعيش عائلات قليلة وتعمل بعض المكاتب. إننا نعتقد بوجود نحو عشر وحدات سكنية من هذا النوع. ونعرف بوجود أملاك أخرى في أرجاء النصف الشرقي من المدينة، على سبيل المثال في منطقة شعفاط – بيت حنينا، الهدف منها هو استخدامها في "المقايضة" في صفقات التبادل مع أناس يعيشون في مناطق أخرى تهم المستوطنين، على الأرجح في البلدة القديمة. وفرضية المستوطنين هي أن العرب الذين يعيشون في المناطق المكتظة بالسكان، حيث لن يحصلوا على رخص للبناء، سيُبادلون بسرور منازلهم ببيوت أرحب في مناطق حيث يمكن الحصول بسهولة على رخص للبناء.

مشاريع لمطورين خاصين
إن عمليات التطوير الخاصة ليست خاصة تماماً: يوجد دائماً، وإلى حد كبير أو صغير، مشاركة حكومية فيها. ونحن نميِّز بين هذه الفئات لأغراض تتعلق بالمنهجية. وهي في الواقع أكثر تكاملاً مع الحكومة مما تبدو هنا. بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد أي اختلاف من الناحية القانونية بين المستوطنات، بما أنها كلها تنتهك القانون الدولي.


جبل المُكَبِّر / Nof Zion(مشهد صهيون)
توجد في بعض الحالات مشاريع يقوم بها وببنائها مطورون خاصون، وأكبرها هو مشروع جبل المكبر / Nof Zion ، وهو مجمع في جبل المكبر يملكه جاك نصَّار وآبي ليفي. إنه يمتد على مساحة تزيد على 115 دونماً، وسيضم في النهاية 150 وحدة سكنية، وفندق من 150 غرفة، وبنايات للخدمات.














أساليب التلاعب لمحو الواقع
(مقال نُشِر في مجلة "الإحتلال" – Occupation)
في طرف جبل المكبر، على الحدود مع مستوطنة شرق طالبيوت (East Talpiot) أخذ يتشكل مشروع أبنية يهودية يبدو عليها البذخ والترف، تغطي مساحة 170 دونماً، وتضم وحدات سكنية ، ومركزاً رياضياً، وروضة أطفال، وكنيساً ومركزاً تجارياً.
والمشروع الذي يجري بناؤه في جبل المكبر هو مشروع خاص، مشروع تجاري بحت ليس له أي سياق سياسي. وفي وجود ذلك فإن موقف المقاولين العاملين في المشروع يعكس الموقف نفسه الموجود في المؤسسة الإسرائيلية فيما يتعلق بقضايا بسط السلطة القانونية على الأرض في القدس الشرقية. والكتيب الأنيق الذي جرى إعداده لتسويق المشروع للسكان اليهود المستهدفين، يؤكد بشكل خاص على وصف الأحياء في المنطقة المحيطة بالحي الجديد. ويحتوي أيضاً لتأكيد ذلك على رسم للمشروع والمنظر الذي يبدو منه.
والرسم الذي هو بأسلوب شرقي كان سائداً في مطلع القرن [الماضي] يقدم منظراً رومانسياً يجمع بين الهدوء والريف. ويعج المنظر ببيوت يهودية تحيط بها الخضرة ، والأبنية العامة على نطاق واسع، مضيئة وهادئة بألوان خافتة. وعند حافة البناء توجد منطقة غير متطورة، هي أيضا خافتة الألوان، حيث توجد متناثرة بيوت عربية قليلة – بعيدة ولا يبدو منها أي تهديد. هذه هي المنازل الموجودة في جبل المكبر. والرسم هو عن عمد رسم زائف من حيث ألوانه وتشويهه المتعمد للواقع.
في الواقع، لا وجود للقرية، بل الذي يوجد هو عدد من المنازل التي تقف وحيدة، وبعيدة عن المنطقة اليهودية، ولا تشكل أي تهديد. الألوان السائدة التي تبدو في الرسم هي الأخضر والأزرق والذهبي والكستنائي، وهي ألوان تختلف كلياً عن اللون الرمادي السائد في الهندسة المحلية. لقد اختفت القرية بجرة قلم، ومُحِيَ الواقع، وتلاشت بيوت القرية وكأنها لم توجد أبداً، وجرى "تأميم" المنظر كلياً لخدمة الحي اليهودي الذي سيقام.
ويظهر نوع آخر من التلاعب على الصفحة التالية، حيث يجري تصوير المنظر من بيوت الحي. وبما أنه صورة شمسية فمن الصعب محو بيوت القرية، ولكن للتلاعب بعدان، البعد الأول هو إدخال شريط عريض من السماء الزرقاء الصافية، والبعد الثاني هو خط الأفق الهاديء الذي يتشكل كلياً تقريباً من مواقع يهودية. ويرى المرء في الخلفية جبل الزيتون، وجبل المكبر وجبل موريه (Moriah)، والحائط الغربي (حائط المبكى) ومدينة داوود، وجبل صهيون وفندق الملك داوود، وفندق شيراتون، وفندق بلازا، وطريق شرق طالبيوت وأحياء الطالبية ورحافيا. والمَعلَم الوحيد غير اليهودي الذي يبدو في الصورة هو مستشفى أوغستا فيكتوريا (المطَّلَع)، الذي يحدد موقعه بشكل خاطىء، بينما العمارة التي يتم تحديدها على أنها المستشفى هي كنيسة الأب نوستر (Pater Noster Church). بيد أن من ينظر إلى الصورة كاملة لن تفوته رؤية وجود قرية عربية بجوار الموقع اليهودي، تحت شرفاته بالضبط. تظهر قرية جبل المكبر في الصورة، ولكن ليس في عقل مَن ينظر إليها. ليس هذا وحسب، ولكن على التل نفسه حيث تبدو مواقع يهودية فقط، يوجد في الواقع عدد من القرى العربية التي تلفت النظر بغيابها. وإذا كان معدو الكتيب يُظهِرون الطالبية ورحافيا، فلماذا لا يُظهرون الطور والصوانة والشيخ جراح ووادي الجوز الواقعة على خط الأفق ذاته، أو صور باهر التي تقع إلى يمين الصورة في مرمى رؤية المشاهد. والمنظر الذي يبدو في الصورة يقول بوضوح بأن القرية التي تظهر عند نهاية الحي اليهودي هي خدعة بصرية، لا وجود لها في الواقع، ويمكن للمرء تجاهل وجودها كلياً، ذلك الوجود المزعج، وتجاهل أيضاً صوت المؤذن وأصوات الحياة التي تصدر عنها. لا أهمية للجار القريب، وبدلاً من ذلك يجب التركيز على التل الذي يبدو عن بُعد. إن الرسالة التي تبعث بها الصورة تقول: "لاحظوا إن الحائط الغربي (المبكى) ليس بعيداً، ولو أنك لا تستطيع رؤيته بوضوح. إن الجار الموجود عبر الشارع لا وجود له، حتى وإن كنت تراه فعلاً."
إن جبل المكبر هو مجرد مثال على "شيفرة" عمل حركة الإستيطان ككل فيما يتعلق بالوجود العربي في الضفة الغربية، وبالأخص في القدس الشرقية. لدينا هنا صيغة حديثة للخطاب الكلاسيكي الصهيوني الذي يقول "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض". بيد أنه إن كان هذا القول قد صدر عن جهل في القرن التاسع عشر، فإنه يقال اليوم عن نزعة شريرة. إنه جهد لمحو الوجود العربي، ومن أجل الإستيلاء على المجال مع الأرض والمنظر، ومن أجل تهويد القدس الشرقية بخلطة من مشاريع البناء اليهودية ومحو الوجود العربي. يمكن محو البعض مادياً، بمعنى أن بالإمكان هدم الأبنية العربية حتى أساساتها. مَن الذي سيتذكر أن في المناطق التي جرى فيها بناء أحياء يهودية في القدس الشرقية في سبعينيات القرن العشرين كانت هناك أبنية عربية دمرتها الجرافات ومسحتها عن وجه الأرض ؟ وثمة جزء آخر يمكن محوه ببساطة بتجاهل وجوده ومسحه كلية من الضمير والذاكرة. هذه مناطق ليس فقط لم تطأها على الإطلاق قدم يهودية، بل حتى إنها لم تُر ولم تُسمع. لقد تعلم المستوطن اليهودي أن يقفز عن القرى العربية، وأن ينظر فوقها، بدلاً من النظر إليها وعليها. لإنه لا ينظر إليها مباشرة، بما أن وجودها أمر عبثي ومزعج؛ على كل حال إنه يزدريها، ينظر إليها من عَلٍ، وليس مواجهة – نظرة السيد إلى خدمه. إن القرية العربية مصدر إزعاج لحركة الإستيطان، إذا كان المرء لا يستطيع محوها ، فإنه يستطيع على الأقل تجاهلها. والأسلوب نفسه ينطبق ليس فقط على الأبنية، بل أيضاً على منظر البشر. سيمر المستوطن اليهودي في طريقه إلى بيته بالعديد من العرب الذين يعيشون بالقرب منه، ولكنه لن يعي وجودهم، سيتجاهله، لأنهم غير موجودين بالنسبة له. في أحسن الأحوال إنهم غائبون – موجودون، كظلال مخلوقات أدنى مكانة. وتُبذَل أيضاً جهود كبيرة لمحو تاريخ المنطقة، لمحو الرواية التي سبقت الحي اليهودي. إن الساكن اليهودي لا يبدي حب استطلاع لمعرفة كيف انتهت الأرض إلى حوزته، ومَن كان هناك قبله، وإذا كان قد تضرر أحد جراء أعمال البناء اليهودي. والساكن اليهودي الذي يبدي عموماً اهتماماً كبيراً بتاريخ مدينته، يُفضِّل في هذه الحالة ألاَّ يسأل أسئلة كثيرة وألاَّ يفهم الماضي. الخطاب اليهودي هو دائماً خطاب قومي، دائم الإنبهار بالإنجاز الرائع، إنجاز بناء حي يهودي باذخ، ويفتخر كثيراً باستعادة الأرض لشعب إسرائيل.
المشكلة الوحيدة المتعلقة بهذا الوضع هي أن للواقع طرقه الخاصة في رفع رأسه، عاجلاً أم آجلاً، والمطالبة بتعوبض عما أصابه من شتائم وإهانات.

على طريق بيت لحم
يخطط مطورون خاصون إلى إقامة مستوطنتين على طريق بيت لحم، بالقرب من مستوطنة جيلو. إحداهما محاذية إلى دير مار إلياس الواقع شمال بيت لحم، مملوكة إلى الأخوة جولوبنشيخ (Golobenchich Brothers)، تتألف من 398 وحدة سكنية مبنية على مساحة 624 دونماً (156 فداناً). وقد تم تقديم الخطة في المرة الأولى في العام 2001، ولكنه جرى تجميدها إلى أن أعيد تقديمها في أوائل العام 2009، وتمت الموافقة عليها في تشرين الأول (أكتوبر) من العام ذاته، مع اختلاف واحد له دلالته – تغيير الإسم الأصلي من "أبواب بيت لحم" إلى غرب جدار صمويل (ًWest Homat Shmuel)، وذلك من أجل إعطاء الانطباع بأنها ضاحية من ضواحي حي هار حوما (Har Homa- جبل أبوغنيم) المجاور. ويسعى تغيير الإسم إلى التغطية على أنها مستوطنة جديدة تهدف إلى أن تكون حلقة وصل بين هار حوما وجيلو، وذلك في انتهاك واضح لوعد نتانياهو إلى أوباما بعدم تغيير الوضع الراهن في القدس.
والمشروع الآخر الذي قامت الصحافة بالدعاية له هو صفقة عقار ضخمة بين الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية وشراجا بيران (Shraga Biran) الذي سيقوم بعملية التطوير، ولكن لم يجر حتى الآن الكشف عنها كلياً؛ وتتعلق بقطعة أرض مهمة تقع على حدود جيفعات همتوس (Givat Matos) وبيت صفافا وجيلو. وقد تم الكشف عن أن شراجا بيران على وشك أن يبني عليها 700 وحدة سكنية، تعهد بإعطاء الكنيسة 25 في المائة منها (ربما التي ستقام على الأرض المجاورة لبيت صفافا). وسيلبي هذا احتياجات رعايا الكنيسة، بينما الشقق المتبقية والواقعة على الطريق المؤدية إلى بيت لحم ستباع في السوق لمن يريد.


الولجه / جيفعات ياعل
جرى تدشين المشروع وتطويره، في حالات أخرى، من قبل مستثمرين خاصين على صلة وثيقة بمؤسسات سياسية وأيديولوجية؛ والمثال الأكثر وقاحة على هذا التصرف هو مشروع التطوير الكبير الذي هو جزئيا حي في القدس، وجزئياً مستوطنة تدعى جيفعات ياعل (Givat Yael)، من المزمع بناؤها بالقرب من قرية الولجة – التي يقع نصفها تحت سلطة القدس، بينما النصف الآخر يعتبر جزءاً من يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. ستكون جيفعات ياعل أكبر مستوطنة في منطقة القدس، تضم 13500 بيتاً. وسيجري قريباً تقديم خطط إلى وزارة الداخلية لاستخدام 2000 دونم، والاحتفاظ بألف دونم أخرى كإحتياطي. ومن المتوقع أن تكون المستوطنة حلقة الوصل بين القدس وغوش عصيون (Gush Etzion). ومن المثير ملاحظة أنه في تموز (يوليو) 2009 رفضت وزارة الداخلية خطة لرسم حدود قرية الولجة تقدم بها سكان القرية (أعدها المهندس كلود روزنكوفيتش – Claude Rosenkowich). وعقب هذا الرفض مباشرة قام مالكو جيفعات ياعل، وقد انتابهم الخوف من أن يتقدم سكان الولجة الفلسطينيون باستئناف إلى المحكمة الإسرائيلية ضد خطط جيفعات ياعل – ومدركين تماماً أن من الصعب إثبات ملكيتهم لجزء من الأرض – قاموا بالتأكيد لسكان الولجة بأنه إن لم يتقدموا، أي السكان، باستئناف للمحكمة، فإن مالكي جيفعات ياعل يضمنون لسكان الولجة بأن تتم الموافقة على الخطة الأصلية لرسم حدود القرية.
وجيفعات ياعل هي مثال على مستوطنة تبتلع قرية بأكملها. كان من المزمع بناؤها على أرض تعود لقرية الولجة، تم شراء جزء من الأرض بشكل قانوني، بينما تم الحصول على أجزاء أخرى بوثائق مزورة. وستقام المستوطنة، حسب الخطة، ليس فقط بالقرب من القرية، بل في وسطها.
تمتد الولجة على مساحة 6000 دونم؛ وتمتد جيفعات يعال على 3000 دونم. وتُظهِر الخريطة بوضوح أنه عند وضع خريطة جيفعات ياعل فوق خريطة الولجة، تبتلع جيفعات ياعل أكثر من نصف القرية. وفي بعض أجزاء من الولجة حيث ما تزال منازل عربية قائمة دون أن تمس، ستصبح حياة سكان القرية لا تطاق؛ ستحيط بهم العمارات متعددة الطوابق، ولن تكون لديهم أراض للزراعة، أو فرص للتطور أو البناء. وفي النهاية سيضطرون إلى الرحيل إلى مكان آخر. وجيفعات ياعل هي نموذج لمستوطنة تقوم بخنق موقع عربي، وهي تعكس تياراً موجوداً في المجتمع الإسرائيلي لا يرغب في العيش "جنباً إلى جنب" [مع العرب]، ويُفضِّل وجودنا عليهم.

سوق الجملة
تقوم بلدية القدس، كفئة ثالثة، بتدشين مستوطنات، ثم تدعو فيما بعد القطاع الخاص إلى الدخول في مناقصات خاصة بعقود البناء، كما هوالحال مع سوق الجملة. في شباط (فبراير) 2009، قُدِّمَت خطة إلى وزارة الداخلية لهدم سوق الجملة الواقع بالقرب من متحف روكفلرعلى الطريق المؤدي إلى حي الصوانة. سيجري، وفق الخطة، بناء مجمع سياحي على الموقع يضم 200 غرفة وقاعة. والبلدية هي التي تملك الموقع، كما كان في السابق مِلكاً للتاج الأردني. وتنوي المدينة الآن دعوة من يريد إلى تقديم مقترحات. وعلى الرغم من أن المقاولين العرب سيحق لهم نظرياً الدخول في المناقصة، ليس ثمة شك في أن العطاء سيرسو في النهاية على مقاول يهودي من إسرائيل أو من الخارج. ويمثل هذه الموقع حلقة وصل مهمة للغاية من أجل إحكام دائرة السيطرة الإسرائيلية التي تحيط بالبلدة القديمة، كما أنه، أي الموقع، سيحقق التواصل الجغرافي لربط موقع الجامعة العبرية في جبل المكبر بالبلدة القديمة، ومن هناك بالجزء الغربي من المدينة.

مستوطنات بمبادرة من الحكومة
من المزمع بناء عدة مجمعات في القدس الشرقية بمبادرة من الحكومة، وبشكل عام من وزارة الإسكان.
سيتم قريباً بناء حي جديد في جيفعات هماتوس (Givat HaMatos – التلة الطائرة) يتألف من 4140 منزلاً في منطقة تمتد 2200 دونم، وهو حالياً موقع بيوت متحركة يسكن فيها مهاجرون جدد. وعلى الرغم من أن الموقع قد احتله مهاجرون جدد وعائلات معوزة منذ أكثر من عقد من الزمن، فإنه يجري تقديم المشروع على أنه مشروع جديد؛ ويقع جزء من المشروع على أرض تعود إلى بيت صفافا.
وتخطط وزارة الإسكان إلى إقامة مجمع هار حوما (جبل أبوغنيم) C على الطريق المؤدية إلى بيت لحم، وسيربط هار حوما (جبل أبوغنيم) بجيلو، بينما سيقام هار حوما D على أرض قريبة من خربة مزموريه- نيومان (Khirbet Mizmoriya-Nuaman). وتُعِد بلدية القدس بالإشتراك مع وزارة الإسكان خطة لزيادة الوجود اليهودي في الجزء الجنوبي الشرقي من المدينة. والهدف هو خلق منطقة يهودية عازلة يمكنها أن تمنع التواصل الجغرافي بين بيت ساحور وصور باهر والأحياء الفلسطينية التي تقع في جنوب المدينة.
ومنذ العام 2007 تجري ممارسة ضغوط من الأحزاب الأرثوذكسية [اليهودية] المتطرفة تطالب ببناء 10000 وحدة سكنية لها في منطقة قلنديا، بالقرب من مطار عطاروت (قلنديا). وسيكون هذا المجمع السكني حلقة تربط مستوطنة كوخاف يعقوب (Kochav Yaacov) في منطقة رام الله بالقدس. وقد قامت الإدارة الأمريكية في الوقت الراهن بتجميد هذا المشروع على الرغم من أن تحسينات البنى التحتية قد بدأت بالفعل. إن العامل الواضح الذي يجب التفكير فيه هو أن العمل في الموقع يرتبط أيضاً بحقيقة أنه من المزمع إعادة هذا الموقع إلى سيطرة السلطة الفلسطينية.
في بداية العام 2010، غيَّرَت البلدية خططها، وقررت الإستيلاء على الموقع بإنشاء مصنعين؛ أحدهما مركز صيانة بلدي سيجري نقله في نهاية العام من القدس الغربية إلى منطقة المطار. والثاني هو مركز فرز وإعادة تصنيع، وإنتاج الغاز من الفضلات الطبيعية – من المخطط أن يباشر عمله بعد ثلاث سنوات. كان يُعتبَر أيضاً أن إنشاء الموقع الخاص بنفايات المدينة عملاً ممنوعاً بموجب القانون الدولي، وهو يتساوى مع إقامة مستوطنة من كافة الجوانب. ولكن المصادر الإسرائيلية تزعم بأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعترض في هذه الحالة، بما أنه من المزمع إعادة الموقع إلى السلطة الفلسطينية التي ستحصل، في نهاية الأمر، على مركز حديث لمعالجة نفايات رام الله والقدس. وهكذا فإن المشروع لن يعود بالفائدة على السلطة الفلسطينية وحسب، بل إن بإمكانه أيضاً أن يخدم كمشروع إيكولوجي للشعبين.
وتساند الدولة أيضاً توسيع منطقة جيلو، وهو مشروع يُطلَق عليه اسم موردوت جيلو (منحدرات جيلو)، سيشمل بناء نحو 900 وحدة سكنية على قطعة أرض مساحتها تزيد على 260 دونماً تمت مصادرتها في ثمانينيات القرن العشرين.. وقد أدّى هذا الإجراء، الذي تمت الموافقة عليه في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 إلى ردة فعل دولية عنيفة، بالأساس بسبب التوقيت. وافقت عليه وزارة الداخلية في وقتٍ كانت الولايات المتحدة الأمريكية تحاول جاهدة تحقيق تقدم في محادثات السلام (راجع ردة فعل وزارة الخارجية الأمريكية). ولكن الحكومة الإسرائيلية استغلت الإنتقاد الدولي لأغراض داخلية، لتقوية التوجهات القومية، ولإثبات بأن الحكومة متمسكة بوحدة القدس، ولا تخضع للضغط الدولي.

المستوطنات "الخضراء"
ثمة وسيلة أخرى لتعزيز التواجد اليهودي في القدس الشرقية في المواقع التي لا يمكن بناء مساكن فيها، وهي تحويل مساحات واسعة من الأرض إلى مناطق "خضراء" ومناطق سياحية ذات طابع يهودي قوي. وتحويل المجال المفتوح إلى متنزهات يهدف إلى منع تعزيز الوجود العربي بالدرجة الأولى، أو كما تُطلِق الدولة عليه، منع استيلاء العرب على الأرض. وقد قال عضو الكنيست بني ألون (Benny Alon) بصراحة، الذي هو من مؤسسي مستوطنة الصديق شمعون ورئيس مدرسة بيت أوروت يشيفا الدينية، بأن هدف المستوطنين في القدس الشرقية هو خلق تواصل يهودي يشمل منطقة البلدة القديمة. وسيتحقق ذلك بتحويل الأراضي المفتوحة إلى "متنزهات وطنية، وضم الأراضي التي تملكها الدولة إلى الأراضي التي يملكها اليهود. وستحول الأحياء اليهودية التي يتم بناؤها بالقرب من الأراضي المفتوحة دون تدفق الفلسطينيين ودون عمليات البناء غير الشرعي." (رابوبورت – Rapoport- 2008).
على الأرجح أنه سيجري هناك [في المتنزهات الوطنية] في المرحلة التالية بناء أماكن لمؤسسات يهودية وبيوت سكنية لسكان يهود. وحتى لو لم يجر بناء مؤسسات ومساكن، فإن المتنزهات العامة تكفي لتعزيز السيطرة اليهودية على الموقع. فعلامات الطرق والحرّاس والممرات تخلق كلها استمرارية مع المواقع اليهودية، كما أن الأسلوب الهندسي يساهم في شبكة واسعة من مواقع يهودية ذات وزن وأهمية سياسية وثقل. وهذا جانب آخر من نمط السيطرة على المجال المادي، وإظهار التواجد هناك. يدير سلطة المتنزهات في منطقة القدس خلال العامين الماضيين إفيتار كوهين (Evyatar Cohen) الذي يعيش في مستوطنة عوفرا (Ofra) وهو موظف سابق في إلعاد. ويتعين على المرء أن يتابع التفسيرات التي قدمتها مصادر في الدولة كي يدرك بأن خطاب تلك المصادر هو مثل خطاب المستوطنين، وأهدافهم هي الأهداف ذاتها. والمنطقة التي تُعرف باسم متنزه تسوريم (Tzurim Park) في حي الصوانة هي دون أدنى شك المثال الحي على هذا التوجه. تم الإعلان عنها بأنها متنزه وطني من قبل سلطة المتنزهات، فقامت البلدية ببناء سياج حولها بطريقة تحول دون قيام المالكين العرب بالبناء عليها. وتُحقق الدولة من خلال إعلانها الأرض متنزهاً وطنياً هدفين في وقت واحد: تمنع العرب من البناء على الأرض، وتسيطر أيضاً على الأرض من غير مصادرتها، وبالتالي لا تعوض أصحابها. وبالطريقة نفسها تم الإعلان مؤخراً عن إنشاء متنزه وطني آخر في موقع تحت جبل المكبر في العيسوية، يغطي مساحة 745 دونماً. وتم الإعلان عن هذا المتنزه بحجة أنه يشرف على منطقة صحراوية لها قيمة كبيرة كمنطقة جمال طبيعي آخذ في الزوال. وهذا تفسير غاية في السخف وإثارة للغضب، لا سيما أن المتنزه يُشرف على منطقة E-1 التي هي موضع خطط تطوير خلافية أعدتها بلدية معاليه أدوميم والحكومة الإسرائيلية.
وهنالك مشروع آخر يستخدم القيمة الطبيعية والمناظر الجميلة من أجل تعزيز التواجد اليهودي في القدس الشرقية، جرى تسليمه إلى سلطة تطوير القدس الشرقية، التي هي فرع تابع للبلدية. يستدعي المشروع إقامة متنزه وطني يتألف من 15 منطقة مستقلة، تقع امتداداً من أبو طور وتمر بحي البستان (سلوان)، وبركة السلطان وباب الإسباط (Lion s Gate) وجبل صهيون وإلى سفح جبل الزيتون، وترتبط كلها بشبكة ممرات. وتبلغ تكلفة المشروع 75 مليون شيكل. ويبين كتيب حول المشروع أمر خلط السياحة بالإعتبارات السياسية الذي يكمن وراء هذا المشروع الضخم. يقول إنه من الضروري العمل بسرعة للمحافظة على وضع المنطقة كمَعلَم لجذب السواح، وذلك بسبب أعمال البناء غير الشرعية التي تجري على نطاق واسع، والأشخاص الذين يضعون أيديهم على الأراضي بغير وجه حق. وعرَّفَت الحكومة المشروع بأنه "مهمة وطنية". وعندما يُستخدم هذا التعبير فإنه يعني أكثر من زراعة أشجار ووضع مقاعد في متنزه – إنه يعني شيء طموح وذو صفة سياسية أكبر. وعندما أجرت إحدى الصحف حديثاً مع الناطق بلسان سلطة تطوير القدس الشرقية، استخدم تعبير "المعركة من أجل القدس"، القول الذي يخفي في طياته هدف منع العرب من البناء في المناطق الأكثر حساسية من القدس (Pundaminsky, 2005). لذا يجب اعتبار هذه المشاريع بأنها تشكل المزيد من الأدوات للإستيلاء على المدينة، وبأنها جزء لا يتجزأ من مشروع الإستيطان الشامل.
مواقع تتعرض لخطر آني
يبذل المستوطنون جهوداً مركَّزَة لتركيز نشاطهم في البلدة القديمة والمناطق التي تحيط بها بشكل مباشر، وبالأخص في سلوان في الجنوب، والشيخ جراح في الشمال، والطور في الشرق؛ أي بكلام آخر، في المنطقة التي تُعرف بـ"الحوض المقدس". والخطر أشد في المناطق الأقرب إلى سور البلدة القديمة – في المناطق الأقرب إلى السور سيبذل المستوطنون جهداً أكبر ليتواجدوا في المنطقة. في شهر أيلول (سبتمبر) 2009 تم اكتشاف وثيقة داخلية لعطرات كوهانيم تكشف عن أن المنظمة تحاول شراء عدد من المنازل المحددة في أنحاء البلدة القديمة بمناشدة المستثمرين الأغنياء خارج البلاد التبرع لهذا الغرض. ويمكن رؤية قائمة المنازل في الملحق.
وتُعتبر خمسة مواقع في القدس الشرقية في خطر شديد، وهي:
(1) أماكن عديدة في قرية سلوان تهددها أخطار آنية؛ والمنطقة الأكثر تعرضاً للخطر هي البستان، حيث أصدرت البلدية أمراً بهدم 20 بناية من أجل إقامة متنزه حفريات أثرية. وقد أوقف الضغط الدولي ذلك المشروع، ولكن الخطر لم ينته، فعلى ما يبدو تنتظر الحكومة الوقت المناسب لتنفيذ خطتها.
(2) الحي اليمني في وسط سلوان، حيث يخطط أعضاء عطرات كوهانيم إلى إقامة مجمع يهودي كبير، يشمل إعادة ترميم الكنيس اليهودي القديم، وبناء مركز لمجمع السكان ومتحف، واستعادة مئات الأمتار المربعة من الأملاك اليهودية التي كانت مِلكاً للسكان [اليهود] اليمنيين في سلوان حتى العام 1938.
(3) منطقة تل الفول الواقعة بين شعفاط وبيت حنينا، التي كان يملكها التاج الأردني حتى العام 1967، وتقع هناك أساسات قصر الملك حسين. وفي أعقاب 1967 انتقلت الأرض أتوماتيكياً إلى سلطة إدارة أراضي إسرائيل، حيت تدعي إسرائيل مِلكية 200 دونم من الأرض وتضغط من أجل إخلاء الأبنية القائمة عليها وتدميرها.
(4) منطقة الشيخ جراح، حول مستوطنة الصديق شمعون وهنالك قضية تنظرها المحاكم الآن لتقرير مستقبل 17 دونماً تتعلق بمجموعة السكان السفراديم. وعلى الرغم من أن المستوطنين تخلو عن متابعة الحصول على هذه الأرض في المحاكم، إلاَّ أنهم تقدموا إلى البلدية بخطة مشروع تتعلق بهذه الأرض. وقام السكان الفلسطينيون بإعادة تقديم عريضة إلى المحاكم للحيلولة دون قيام المستوطنين بأي عمل آخر. وهكذا يجب اعتبارهذه المنطقة ما تزال معرضة للخطر. كما أن مغارة وقطعة أرض تحيط بها (يطلق عليها المستوطنون اسم رامبان – Ramban ) يهددهما خطر المصادرة الفورية من قبل المستوطنين، رغم أن المستوطنين خسروا قضية أمام المحاكم لصالح الفلسطيني الذي يملك الأرض ويقيم عليها.
(5) تلة مساحتها 12 دونماً في منطقة عناتا، يعلق المستوطنون عليها أهمية كبيرة، بما أنها تشرف وتسيطر على الطريق المؤدي إلى معاليه أدوميم، ونجحوا في إثبات أن يهودياً يعيش في أوروبا قد اشتراها.
(6) بالإضافة إلى ذلك توجد قطع أراض موزعة في القدس الشرقية، وبالأخص في البلدة القديمة تحاول البلدية مصادرتها بشتى الذرائع، أغلبها ذريعة "الفائدة العامة". (وليس ثمة ما يثير الدهشة في أن "الفائدة العامة" هي للسكان اليهود).
وتبين الخريطة التالية قطعة أرض في سلوان تريد البلدية مصادرتها بذريعة أنها تريد مكانا كموقف سيارات للسواح الذين يزورون البلدة القديمة. وقد تم إرسال الخريطة والإعلام إلى مالكي الأرض في نيسان (إبريل) 2002.
يقدم الجدول رقم 3 تفاصيل عن الأملاك المستهدفة، بنايات وأراض، التي ستعزز إستراتيجية تحقيق خطة المستوطنين التي وصفناها فيما تقدم.
الجدول 3 عمليات البناء الحالية والخطط الهادفة إلى تهويد القدس الشرقية


الحي الجهة المبادرة الأبنية الحالية البناء المزمع الأرض المستخدمة
1دونم=1000 م مربع
سلوان- الحي اليمني عطرات كوهانيم عمارة من 7 طوابق غير مرخصة + منزلين
سلوان(أرض داوود المناطق المحيطة) جمعية العاد للمستوطنين المجموع الحالي 30 عمارة تقطنها نحو 50 عائلة أو ما يقارب 250 ساكنا تعتقد lchad بوجود المزيد من العمارات التي يقطنها مواطنون عرب تنتظر ان يتم الاستيلاء عليها تم الاستيلاء على أكثر من 50 في المائة من ارض داوود
الشيخ جراح (حي شمعون الصديق ) جمعية شمعون الصديق للمستوطنين تم الاستيلاء على 7 عمارات بالإضافة إلى 4-5 عمارات تملكها الجمعية مخطط حالي لبناء تجمع من 200 وحدة سكنية تطالب بملكية 17 دونما من الأرض في المنطقة
الشيخ جراح (فندق شبرد) عطرات كوهانيم فندق غير مأهول فُتح ملف بناء في تشرين الأول 2005 لاقامة مجمع من 90 وحدة سكنية 9 دونمات
راس العامود تمويل من ايروين موسكوفينش مجمع معاليه هازيتيت يحتوي على 132 شقة يقطنها حاليا 60عائلة تقريبا ما زال يجري توسيع المجمع 15 دونم
الطور بيت اوروت عطرات كوهانيم مدرسة دينية بمائة طالب، عمارتان من اربعة طوابق 24 وحدة جديدة 10 دونمات
ابو ديس تمويل ايروين موسكوفينش منزلان مجمع كيدمات زيون يحتوي على 340 وحدة سكنية سيتم بناؤه (توقف البناء بسبب ضغوط سياسية) 20 دونم
جبل المكبر مجمع نوف زيون مملوك لجاك نصر وابي ليفي( مبادرة خاصة) بناء نحو 60 وحدة سكنية مخطط لبناء 350 وحدة سكنية، فندق يضم 150 غرفة، وبناية خدمات 115 دونم
سوق الجملة –الحسبة واد الجوز البلدية سوق الجملة مجمع سياحي-205 غرفة
سلوان موقف سيارات جيفعاتي المطور ومعاليه بيت دافيد واحتمال اشتراك العاد
حفريات أثرية مخطط لبناء عمارة من 5 طوابق وصالة احتفالات، ومركز تجاري يشرف على ميدان حائط المبكى، وموقف للسيارات 11.5 دونما
جيفعات هاماتوس جزئيا على اراضي بيت صفافا وزاؤة الاسكان قطعة ارض خالية جزئيا بناء 1500 منزل 310 دونمات
جيفعات يعيل بالقرب من قرية الولجة شركة جيفعات ياعيل مخطط عملية تطوير واسعة تضم 3500 منزل (جزئيا في المنطقة التابعة للقدس، والجزء الاخر تابع للضفة الغربية) ليربط بين القدس وغوش عتصيون 2000 دونم مقدمة لوزارة الداخلية و 1000 دونم احتياط
طريق بيت لحم، بالقرب من دير مار الياس وزارة الاسكان وبلدية القدس قطعة ارض خالية مخطط بناء هار حوما، يربط هار حوما بجيلو وبناء هارحوما
طريق بيت لحم مطرون خاصون قطعة أرض خالية اقامة حيين واحد يضم 400 وحدة والثاني 700 وحدة

أيديولوجية المستوطنين
"الأنشطة جزء من عملية إعادة الشعب اليهودي الطبيعية إلى وطنه، إلى المكان الذي طُرد منه؛ ولا يكمن فيها أي توجه سياسي – بناء القدس هو هوية الشعب الوطني." ماتي دان (Mati Dan) في جريدة هآرتس، بتاريخ 27 أيلول (سبتمبر) 2009
إن الأيديولوجية التي تحرك المستوطنين في القدس الشرقية هي خليط من الأفكار المسيحيانية والقومية، وهذا لا يختلف عن بقية المستوطنين في أماكن أخرى من الضفة الغربية. (Motti Inbari، 2008، و Nadav Shragai، 1995). هدفهم الأساسي هو استعادة الأرض في القدس الشرقية وتسليمها إلى الشعب اليهودي. ويحدد إعلان لعطرات كوهانيم هدف المنظمة على أنه العمل في "الشراء والتحديث، وجلب سكان يهود جدد إلى بيوت وأملاك في البلدة القديمة وحولها، قطعة أرض بعد قطعة أرض، ومنزل بعد منزل، وخطوة خطوة - القليل في كل مرة."

الدافع القومي
يشبه الدافع القومي للمستوطنين في الجزء الشرقي من المدينة الدافع الذي يحرك مجمل حركة المستوطنين – طلاب الحاخام كوك (Kook)، خريجي مدرسة مركز هاراف الدينية (Merkaz Harav Yeshiva) – وكل مَن ينتمي إلى حركة غوش إمونيم التي كانت رأس الحربة منذ البداية في عملية الإستيطان الإسرائيلي في المناطق المحتلة . ففي يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، كما في القدس يؤمن المستوطنون بأن البلد بأسره ملك للشعب اليهودي، ولا يمكن تقسيمه لإعتبارات استراتيجية وأمنية. وإذا كان هذا هو الحال بالنسبة لمناطق الضفة الغربية، فإنه يصبح حتى أكثر شراسة عندما يتعلق الأمر بالقدس. وبما أنهم شديدو التدين فإن الإعتبارات القومية تأتي في الدرجة الثانية من الأهمية بعد إعتبارات الهلاخا (Hlacha)، التي هي بمثابة الشريعة في الديانة اليهودية. ومع ذلك، فإن الاعتبار القومي يُثار كثيراً – بالأخص عند مقابلة موقفهم مع موقف العلمانيين الإسرائيليين، وعند الرد على أسئلة من العالم الخارجي حول عدم إمكانية قبول حجج دينية في قضايا جيوسياسية ذات حساسية دولية. ولكن العديد من المستوطنين يجدون صعوبة من حيث المبدأ في التقدم بحجج غير دينية، بما أن تلك الحجج ليست السبب الذي دفعهم للإستيطان في مجمل أرض إسرائيل. ويعتقدون بأن الحجج غير الدينية قد تصبح إشكالية، بما أنها توحي بأن حدوث تحسن جيوسياسي سيجعل من الأسباب التي تدعوهم إلى بناء مستوطنات أسباباً باطلة، وبالتالي سيجري تفكيك المستوطنات. ومن ثم فإن دعاة هذا الأسلوب يقولون بضرورة رفع هذه الأسباب من الأجندة، والإعلان بصراحة ودون خوف بأنهم يستوطنون في أرض تراثهم التي تعود إلى الشعب اليهودي إلى الأبد.
مع ذلك، فإن التفكير القومي سائد بين المستوطنين الذين يلعبون ورقة الموضوع السياسي بالتزامن مع خلق حقائق على الأرض قد تجعل من تقسيم القدس عملية مستحيلة. إنهم يدركون بأن السيطرة على نقاط استراتيجية في شرق المدينة سيحول دون أية محاولة لتقسيم المدينة، ودون تقسيم القدس لن تكون هناك أية ترتيبات دبلوماسية، وستؤول أية عملية سياسية إلى الفشل. وهذه الإستراتيجية ليست سراً. فالمستوطنون يرددون في كل مقابلاتهم مع وسائل الإعلام بأن وراء كل بيت مستوطن تكمن النية لوضع حد لاستمرارية التواجد العربي في المدينة ولتخريب إمكانيات التعايش [بين الشعبين].
بالإضافة إلى المكانة السحرية التي تتمتع بها الأرض في نظرتهم إلى العالم، يوجد في تفكيرهم بُنى كلاسيكية من التفكير القومي – النظر إلى الدولة كقيمة بحد ذاتها، وأهمية الرموز القومية والإستعداد للتضحية من أجل الدولة، ووطنية متطرفة، وازدراء هائل للأجانب عرباً وغير يهود أينما كانوا. وهذا لا يستهدف وجود الأجانب المادي وحسب، بل أيضاً قيمهم التي منبعها في الغرب، مثل حقوق الإنسان والليبرالية والمادية. ويظهرون موقفاً ذرائعياً تلاعبياً تجاه الديمقراطية. والأمر الأهم من ذلك أنهم يزدرون القانون، ولديهم الاستعداد للدوس عليه تحت أقدامهم عندما لا يتفق مع معتقداهم العميقة المتقدة. إنهم يعتبرون أنفسهم ليس صهاينة مخلصون وحسب، وورثة الرواد الذين أسسوا الدولة، بل أيضاً قمة الصهيونية التي تحلم بإقامة إسرائيل الكبرى ذات الحدود المقدسة التي وعد بها الكتاب المقدس – أي يعني إسرائيل (فلسطين الإنتدابية)زائد الأردن.

الدافع الديني
إن ما يُغذي دوافع المستوطنين هي الوصايا الدينية، وبما أن خطة مقدسة هي التي تهدي عملهم فإنهم متأكدون بأن الزمن إلى جانبهم وبأن "رب إسرائيل لن يخيب الآمال". لذا فإنهم يعتبرون عملهم في القدس الشرقية بمثابة رسالة، واجب لا يحقق الأهداف العليا للأمة وحسب، بل هو مشيئة الهية كذلك. إنه إيمان يُضفي على حياتهم أهمية ويملأهم بالفخر. تحمل سيدة مستوطنة في مجمع مدينة داوود مثل هذه المشاعر، وقد قالت: "إن العيش هنا هو امتياز هائل! إنه يعني العيش في مكان له قيمة هائلة، ليست أثرية وتاريخية، بل مكاناً يحمل في داخله قيمة روحية. إنه حقاً الأرض المقدسة. والعيش هنا يعني أن ترتبط بقيمة أبدية." (Shneor, 2004)
ونتيجة لذلك فإنهم على استعداد لأن يُضحوا بأغلى ما عندهم في سبيل الهدف النهائي. ولسوء الحظ فإن هذا الدمج بين الأفكار القومية والمسيحيانية يولد وضعاً ملتهباً للغاية، مشبعاً بإمكانيات هائلة لإشعال حريق ضخم. "إن هذه المفاهيم هي نمو أيديولوجي سرطاني تميل إلى تعريض من يتمسكون بها إلى أن يصيبهم عدم احترام القانون وبأن يحل الدمار بهم، ويصيب العديد من الآخرين الذين لا يؤمنون بتلك المفاهيم." (Hagai Dagan, 1999)
لقد طفت إلى السطح بشكل مستمر فكرة بناء "الهيكل الثالث"، وذلك منذ احتلال البلدة القديمة من القدس في 1967. وتستند الفكرة إلى إيمان ديني بأن بناء الهيكل هو مرحلة ضرورية يتطلبها الإسراع في مجيء المسيح. لذا فإن مجمل مفهوم "الخلاص" يكمن في تدمير المسجد الأقصى، ومن ثم بناء الهيكل.
وتواجه هذه الفكرة صعوبات رئيسة تنبع من القانون الديني اليهودي (الهالاخا)، على سبيل المثال هل الشعب اليهودي نقي بما فيه الكفاية كي يدخل المعبد. ولكن العقبة الرئيسة هي الوجود الإسلامي في ساحة الحرم على شكل المسجدين الكبيرين. ومن هذه الزاوية، يشكل المسجدان ليس مشكلة سياسية وحسب، بل أيضاً عقبة أمام فكرة "الخلاص" بحد ذاتها. فاليهودي الذي يرغب في التسريع في الخلاص و"عودة" المسيح يجب أن يفعل كل ما في وسعه لحل هذه المشكلة. وهذا المفهوم ليس مقصوراً على أطراف المجتمع المتدين، بل هو منتشر بين صفوف الحركة الدينية – الصهيونية الوسطية؛ ويتبعها أيضاً العديد ممن في مؤسسات الدولة.
يعتبر المستوطنون الراديكاليون أن اندلاع حرب بين العالم الإسلامي ودولة إسرائيل يشعلها إلحاق أضرار بالمسجدين هو مرحلة نحو حدوث حرب بين أجوج وماجوج (War of Gog and Magog)، الحرب الهائلة المُنتظَرة، والتي ستسبق "الخلاص" وتُسرِّعه. إنهم يحلمون بتقريب ذلك الحدث بأية وسيلة، حتى يؤدي مجيء المسيح، ابن داوود، بالتسريع في إقامة مملكة إسرائيل. لذا فإن تواجد المستوطنين في حي المسجد الأقصى في البلدة القديمة يشكل خطراً كبيراً على الأمن العام.

الصلة المسيحيانية الأركيولوجية
إن دافع المستوطنين المسيحياني يوفر بالتالي المحرك لحفريات أثرية تبعث على الخوف وتجري حالياً في سلوان والبستان وتحت شارع الوادي في البلدة القديمة. فهذان النفقان يحاذيان الحرم الشريف. والحفريات التي أحدها في سلوان، والآخر في شارع الواد تبدو كعقبات أمام احتمال حدوث أي اختراق في المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. ومما يُثير القلق أنه بما أن اليمين المتطرف يشعر بوجود احتمال حقيقي للإنسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإنه سيحاول منع ذلك بالقيام بعمل كارثي لتغيير مسيرة التاريخ.*
النموذج لمثل هذا العمل بالنسبة لهم هو اغتيال رئيس الوزراء رابين، ذلك العمل الذي أفلح في وقف فعلي لعملية السلام. وتمتلك هذه المجموعات إرادة سياسية ودينية- مسيحيانية، ويوفر النفقان لهم الوسيلة لتحقيق قضيتهم وهدفهم.
كتب يزهار بعير (Yizhar Be er) الباحث في الحركات اليمينية في إسرائيل، يقول : "أمجرد نظرية مؤامرة أخرى ؟ ليس بالضرورة. إن آلاف اليهود يتماهون مع حركة إعادة بناء الهيكل. إنهم يتجمعون بمناسبة عيد نزول التوراة في مركز المؤتمرات الوطني ويقسمون بأن "يزيلوا اللعنة" (أي الموقع الإسلامي المقدس في القدس، الذي هو من أقدس المواقع الإسلامية) من هذه البقعة." ويضيف قائلاً أيضاً "إن تسليم المفاتيح الإدارية الخاصة بأحد المواقع الأكثر حساسية وخطراً في البلد كله، وربما في العالم، إلى منظمة سياسية متطرفة يساوي اتخاذ قرار بتسليم مفاتيح القاعدة النووية في ديمونة إلى أحمدي نجاد وأصدقائه." (Be er, 2009. راجع الملحق A ، محاولات سابقة للإضرار بالمسجد).
"في الواقع الحالي، حيث كل قطرة من الثقة المتبادلة قد تبخرت، لا قيمة للنوايا." والسؤال هو: "هل ينوي المستوطنون لحفرياتهم الأثرية أن تصل وتصطدم بأساسات المسجد في محاولة للوصول إلى جذور الوجود اليهودي ؟" – هذا ليس ذا أهمية خاصة؛ تماماً مثل قضية هل حقاً يريد العرب إلقاءنا في البحر. يكفي أن المسلمين والإسرائيليين مقتنعون بما فيه الكفاية فيما يتعلق بالرد (الإيجابي) على السؤالين بحيث أن الجانبين قد راكموا فعلاً ترسانة من الأسلحة يمكنها عند أبسط اضطراب أن تقضي على كل ما هو في مرمى البصر." (Be er, 2009)



--------------------
*إن قوات الأمن في إسرائيل، وفق مقال نشرته صحيفة "هآرتس" في كانون الأول (ديسمبر) 2004 قلقة للغاية من احتمال حدوث هجوم إرهابي على الحرم الشريف.وتقدِّر قوات الأمن مستوى الخطر الذي يتهدد المسجد بـ7 "مما يعني وجود دليل على عمل ما"؛ أي أن هناك أشخاص أو مجموعات لا تناقش الفكرة وحسب، بل أيضاً تفكر جدياً بالطرق لفعل ذلك." (Yossi Melman, The Digter stair to the Temple Mount,Ha aretz, 3/12/2004)
مصادر قوة المستوطنين وسلطتهم
إن نشاط المستوطنين في شرقي المدينة ليس من نوع نشاط "الأنصار"، تقوم به مجموعة كوادر مثالية توجد على هامش مؤسسة الدولة. المستوطنون هم ذراع الحكومة الإسرائيلية الطولى يقومون بالأعمال القذرة التي لا تستطيع الدولة نفسها القيام بها. إنهم مرتبطون بمركز الحكومة اللوجيستي، وتغذيهم أمواله، ويعملون بوحي منه، كما أنهم يخضعون لسلطته.
تحتفظ منظمات المستوطنين بنظام صلات معقد مع كيانات الدولة ذات الصلة. وقد وضعوا في سلطة الطبيعة والمتنزهات الوطنية المدعو إفياتار كوهين، مدير منطقي، وهو نفسه مستوطن سابق في سلوان؛ وقد أخذوا يحولون، بمساعدته، مساحات شاسعة من الأراضي إلى متنزهات وطنية، وذلك من أجل تعزيز سيطرتهم على الأرض. وفي سلطة الآثار استطاعوا الحصول من شوكا دورفمان (Shuka Dorfman) – الذي هو جنرال سابق من الطينة ذاتها – على إذن فريد للقيام بحفريات أثرية في مواقع حساسة. وبهذه الطريقة استطاعوا الحصول على قطع من أراض غاية في الأهمية، وراحوا في الوقت ذاته يعيدون كتابة التاريخ. وتموِّل وزارة الإسكان حراسة وأمن جميع البيوت التي سيطر عليها المستوطنون؛ ويقوم حارس أملاك الغائبين في وزارة العدل والحارس العام في وزارة الخزينة بتسليم ممتلكات إليهم دون غير طرحها في مناقصة. وحتى الشرطة الإسرائيلية توفر لهما دعماً علنياً وخفياً، الأمر الذي اكتسب حافزا إضافياً مع انتخاب الوزير إتسحاق أهارونوفيتز (Yitzhak Aharonowitz)، الذي ينتمي إلى حزب ليبرمان اليميني. ويظهر دعم الشرطة بسهولة خلال كل حملة تُشن على بيت عربي، كما أنه يظهر أيضاً في المحاكم عند النظر في الإستئناف الخاص بإخلاء بيت يهوناتان (Beit Yehonatan) في سلوان. ادعى المستوطنون هناك، في دفاعهم، بأنه لم تكن لديهم أية فكرة بأن البناء عمل غير شرعي لأن موظفين كباراً في وزارة الإسكان وفي الشرطة الإسرائيلية قدموا لهم المساعدة في عملية البناء، وساعدوهم في الحصول على العمارة.
إن النظام البلدي يؤيد المستوطنين وهو في خدمتهم إلى حد لا نهاية له تقريباً. فرئيس بلدية القدس مدين لهم بانتخابه الذي تحقق بتصويت القطاع الديني الوطني لصالحه بشكل هائل. وأكثر من ذلك تنبع التبعية من صلاتهم الوثيقة بالحكومة، والتأييد المطلق لهم من وزير الداخلية إيلي يشاي (Eli Yishal)، المسؤول عن السلطات المحلية. وبالتالي عيَّن رئيس البلدية ياكير سيجيف (Yakir Segev) مسؤولاً عن القدس الشرقية وحلقة الصلة مع منظمات المستوطنين. وسيجيف عضو في المجلس البلدي وينتمي إلى كتلة رئيس البلدية، وكان حتى انتخابه مسؤولاً عن العمليات في مجلس يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وله علاقات قوية مع الجمعيات في القدس الشرقية. ويرعى العديد من أعضاء المجلس المستوطنين، وأبرزهم في هذا المجال هو ياعير جاباي (Yair Gabai) من الحزب الديني الوطني. وليس ثمة ما يثير الدهشة في أن المسؤولين في البلدية الذين يدركون بأن جميع الأبواب مفتوحة أمام المستوطنين، يوفرون للمستوطنين خدمات علنية وسرية. وحتى أن بعضهم لا يطلب موافقة المراتب السياسية العليا – المسؤول السابق عن الإشراف على البناء في البلدية كان في السابق عضواً في الحركة التي تطالب بتحويل إسرائيل إلى مملكة يهودية، ولديه دوافع قوية لمساعدة المستوطنين حيث يمكن.
كشفت عريضة تقدمت بها في تشرين الأول (أكتوبر) 2009 جمعية أرض أميم (Ir Amim Association) (مدينة الشعوب) بالإشتراك مع بيبي علالو (Pepe Alalo)، الذي هو نائب رئيس البلدية عن كتلة ميريتس، عن الطريقة التي يدخل فيها المستوطنون إلى أنظمة العمل المهني في البلدية. طالبت العريضة بإلغاء الخطة الرئيسة رقم 11555 التي أعدتها البلدية لمنطقة سلوان. تكشف سجلات البلدية بأن مستوطنين من جمعية إلعاد قد ساهموا بنشاط في اجتماعات البلدية التي عالجت موضوع تخطيط المنطقة، وقاموا بدفع التكاليف مباشرة إلى المهندس المعماري الذي صمَّم المنطقة. وللخطة الرئيسة التي تم إعدادها عدة مزايا بالنسبة للمستوطنين، وتتجاهل أيضاً احتياجات السكان الفلسطينيين. لقد تصرفت البلدية بشكل غير سليم عندما تبنت الخطة الرئيسة؛ وقد تبنتها دون أن تكون قد حصلت على تخويل رسمي لذلك، وسمحت أيضاً لجمعية إلعاد بأن تتقدم ببرنامج البناء وفقاً للمخطط الذي كانت الجمعية شريكاُ في إعداده وتمويله.
والنظام القضائي ليس نظيف اليدين من ناحية التعاون مع المستوطنين. فالعديد من القضايا تثير الدهشة من تصرفات النظام القضائي، فيما يتعلق بتصرفات القضاة ووكلاء النيابة مع المستوطنين. والقضية التي أثارت الدهشة بشكل خاص كانت محاكمة جمعية إلعاد في العام 2004 الخاصة بملكية البيوت المتحركة التي كانت في سلوان. فخلال سير المحاكمة تبنى المستوطنون خط دفاع مثير للسخرية وهو أن الأرض لا تعود لهم، وبأنهم غير مسؤولين عن كون البيوت المتحركة موجودة هناك، وبأن المسؤولية تقع على عربي يُدعى يوسف جمال مقيم في المملكة المتحدة. هكذا حجج كانت سترفض على الفور في أية محكمة جادة، وذلك لأنه كان واضحاً للغاية بأن الأرض كانت بحوزة المستوطنين. ولكن لسبب ما سمحت المؤسسة القضائية باعتماد الحجج، وبرأت المستوطنين من كل مسؤولية ولوم، وحكمت بتغريم عربي مزعوم لا يمكن العثور عليه في إسرائيل. وحتى يمكن القول بأن القاضي لم يكن يدرك الوضع وبأنه تصرف عن حسن نية. فحيلة تسجيل الأملاك بأسماء عرب هي حيلة قديمة في البلدية، وكان على المدعي العام أن يصرح بالأمر ويوضحه. والقضية هي مثال مزدوج على العلاقات المتينة بين المستوطنين والسلطات البلدية، وأيضاً بين المستوطنين والنظام القضائي نفسه.
وفي قضية أخرى كشف دافيد بيري (David Beeri)، الذي هو رئيس جمعية إلعاد، في تسجيل صوتي من العام 2000، كيف تحايل على القاضي في قضية استئناف رفعها سكان سلوان [الفلسطينيون] ضد الحفريات التي يقوم بها المستوطنون تحت بيوت الفلسطينيين؛ والأمر الأهم كشف عن كيفية تعاون القاضي معه في تلك الحيلة. يقول: "في مرحلة معينة جئنا إلى المحكمة. سألني القاضي ’هل تقومون بحفريات تحت بيوتهم ؟ ‘فأجبت: ’إن الملك داوود هو من قام بالحفر، وكل ما أقوم به هو التنظيف‘ فأجاب: نظِّف قدر ما تستطيع. ومنذ ذلك الحين نقوم بالتنظيف. إننا ننظِّف فقط، ولا نحفر." (Eldar A., 2009)
وهكذا، ليس ثمة ما يثير الدهشة في أن يارون إلياس (Yaron Elias) المسؤول عن التفتيش في القدس الشرقية قال في حديث معه في العام 2005 بأنه تحاشى لمدة ثمانية عشر شهراً التعرض لبناء عمارة من سبعة طوابق في سلوان، يطلق عليها اسم بيت يوناتان (Beit Yonatan)، "...لأنني أعرف صلاتهم." (Rapoport, 2005).
وقد أتى الصحفي أنشل بفيفر (Anshel Pfeffer) من صحيفة هآرتس على وصف كيف تتم تلك المناورات. وفيما يلي ملاحظاته بحذافيرها:
"من الصعب الحديث عن سياسة واضحة أو عن وجود مراتبية منظمة تتحكم بأعمال الحكومة الإسرائيلية فيما يتعلق بالقدس الشرقية، وبالأخص حول الحرم الشريف.
"تُتخذ القرارات الحساسة في السر، عادة في مكتب رئيس الوزراء، والأعمال حول الحرم الشريف تشبه، من جوانب عديدة، عمليات الموساد أو البرنامج النووي – يتخذ رئيس الوزراء القرارات بمساعدة مجموعة صغيرة من المستشارين الكتومين في مكتبه وعدد قليل من المسؤولين في المنظمات المعنية.
"وتنشط منذ سنوات لجنة سرية مكونة من شخصين – أهاز بن آرت (Ahaz Ben Art) المستشار القانوني السابق لرئيس الوزراء، وموردخاي تنوري (Mordecai Tanuri)، نائب الرئيس لشؤون المشتريات في سلطة أراضي إسرائيل، الذي قام بأعمال التنسيق في كل صفقات الشراء في البلدة القديمة وجوارها. ويدير الشركات التي تملكها الحكومة وتعمل في شرقي المدينة أشخاص قوميون متدينون، الأمر الذي يُذكرنا بالأيام التي كان ما يزال للحزب الوطني الديني فيها نصيب في الحكومة. ويدير شركة تطويرالحي اليهودي، التي تعود إلى وزارة الإسكان ومدينة القدس، نسيم إريز (Nissim Erez)، الذي كان في السابق عضوا في المجلس البلدي في بات يام (Bat Yam) عن الحزب الوطني الديني . ويرأس مؤسسة الحائط الغربي ( المبكى) التراثية، التي تسيطر على الميدان والأنفاق، موردخاي "سولي" إلياف (Mordecai "Soli" Eliav)، الذي أنشأ الصندوق كمنظمة خاصة غير ربحية، تقوم بإدارة الحائط الغربي (حائط المبكى) نيابة عن وزارة شؤون الأديان. وعندما هاجم المدعي العام هذه الترتيبات، تم "ترفيع" وضع "الصندوق" إلى درجة "منظمة حكومية"؛ وهي تقوم اليوم بعملها، تحت إشراف مكتب رئيس الوزراء. ويشغل جدعون شامير (Gideon Shamir) الذي يقيم في القانا (Elkana) وكان في يوم من الأيام المدير العام لسلطة الموانيء، منصب المدير العام لشركة تطوير القدس الشرقية التي تملكها وزارة السياحة والبلدبة. وكل هذه الهيئات تعمل معاً مع المنظمات اليمينية ، مثل عطرات كوهانيم والعاد، في إعداد مشاريع غالباً حول الحرم الشريف بالتعاون مع وزارة الآثار." (Anshel Pfeffer, 2007)

أساليب الإستيلاء على الأرض : ثلاث طرق
غالباً ما يُردد المستوطنون وبفخر القول بأن شراء الأملاك المختلفة قد تم "بتسديد الثمن كاملاً"، دُفِعت الأثمان كاملة وكانت الأسعار عادلة، وبأن كل الصفقات جرت وفق القانون وإجراءاته.
قد يكون الأمر صحيحاً من وجهة النظر التكنيكية؛ ولكن الهدف من مثل هذه الأقوال والحجج هو خلق الإنطباع بوجود سلطة قانونية، تُركِّز كل النقاش في إطار المجال العقاري، وخارج الإطار السياسي والأيديولوجي. ولكن كل ذلك غير صحيح ومُضلِّل. إنهم لم يجيئوا للإستيطان في القدس الشرقية لأسباب تتعلق بالعقارات، أو لأنهم أعجبوا بالمناظر. إن انتقالهم إلى هذه المناطق كانت دوافعه بكل وضوح أسباب سياسية – وبالتالي لا يمكن أن نسمح لهم بإخراج هذه العوامل من النقاش.
إن قضية سدادهم بالكامل أو عدم سدادهم ثمن شراء هذه الممتلكات أمر غير ذي صلة. هنالك طرق عديدة يمكن فيها عمل ما هو غير عادل، وبعض هذه الطرق قانونية. فوجود عقد شراء وتسديد الثمن كاملاً لا يجعل على الإطلاق من وجود المستوطنين في قلب الأحياء الفلسطينية أمراً أقل إشكالية.
وأفضل برهان على الظلم الهائل الذي ارتكبوه ويرتكبونه هو الأساليب التي يستخدمونها للحصول على تلك الأملاك.
ليس من الصعب على جمعيات المستوطنين الحصول على أملاك عربية. كل ما يحتاجونه هو العثور على عائلة فلسطينية في ضائقة مالية، أو العثور على عناصر إجرامية تسعى للحصول على أموال بسهولة، فتشتري الأملاك منهم عبر سمسار عربي ينشط في الأعمال المريبة، ثم تنتظر اللحظة المناسبة للإستيلاء على الأملاك بشكل علني. والتمويل ليس مشكلة؛ هنالك دعم غير محدود من يهود أمريكيين لديهم الإستعداد للتبرع بشرط أن لا يلفت الذين يتلقون التبرعات الأنظار إليهم وألاّ يُثيروا غضب غير اليهود. لذا، تقوم جمعيات المستوطنين بشراء أملاك بطرق غير أخلاقية وتجلب إليها مستأجرين [عرب] يتعاونون معها، وتتحاشى في البداية تسجيل الأملاك بأسمائها إلى أن يحين الوقت المناسب سياسياً. يمكن للمرء أن يفهم الحيرة والإغراء اللذين تواجههما عائلة فلسطينية فقيرة تملك بيتاً عندما يُعرض عليها مقابل ذلك البيت مبلغاً من المال لا يُصدق، يتجاوز على الأقل ضعف قيمته الحقيقية.
إن الأساليب التي يستخدمها المستوطنون للإستيلاء على أملاك العرب في القدس الشرقية هي أساليب غير أخلاقية، كما سنوضحه فيما يلي. وقد بان الأمر واتضح في العام 2005 عندما كشف العميل الفلسطيني محمد مرقة لوسائل الإعلام الوسائل التي يستخدمها المستوطنون لـ"شراء" بيوت الفلسطينيين. تملك المستوطنين الخوفُ حينها من أنه سيكشف عن الكثير فقاموا بشراء سكوته بمبلع 42 ألف دولار. وهذا هو مجرد جزء صغير مما يجري في الواقع، ولكنه يكفي لفهم تعاملنا مع ممارسات مشبوهة للغاية.
(هذه المعلومات مأخوذة من اتفاقية بين محمد مرقة وعطرات كوهانيم في 15 أيار (مايو) 2005، وقعها بالنيابة عن المستوطنين عساف باروحي (Asaf Baruhi). كانت الإتفاقية جزءاً من وثائق عديدة وصلتني في نهاية 2005، عندما قرر محمد مرقة تسليمي إياها بعد أن شعر بأن المستوطنين قد خانوه ولم يدفعوا له مبلغ المال المتفق عليه.)
يصف هذا القسم بعض الأساليب المُستخدَمة للحصول بالتعاون مع الحكومة على ممتلكات من الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، ومن عائلات فلسطينية ومن آخرين. يمكن الإطلاع في الملحق B على مثال، وهو كتيب أعدته عطرات كوهانيم في نهاية 2009 وموجه إلى المتبرعين اليهود الأمريكيين من أجل شراء ممتلكات في القدس الشرقية.

ممتلكات تم الحصول عليها من الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية
على الرغم من حساسية الموضوع الواضحة، فإن الحصول على أملاك من الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية لم يتم توضيحه بشكل كامل. يبدو أن "الفوضى والفساد العميقي الجذور" في البطريركية اليونانية جعلا من الممكن بيع أملاك الكنيسة من أجل الإثراء الشخصي؛ والأمثلة على ذلك هي نزل سانت جون، وفندقي إمبريال والبتراء، وسلسلة من الدكاكين القريبة من باب الخليل، ومنزل في باب حُطَّة في الحي الإسلامي (اللجنة الفلسطينية، 2005). جرى تنفيذ الصفقات عبر شركات وهمية مقارها في جزر فيرجين (Virgin Islands). وكما الأمر في الحالات التي سنصفها فيما يلي المتعلقة بقيام المستوطنين بإستغلال الفلسطينيين الضعفاء، وجدوا في الحالة هذه موظفاً في البطريركية يدعى نيقولاي باباديماس (Nicholas Papadimas) لمساعدتهم في مخططاتهم.. وقد وفرت له صلته الوثيقة بالبطريرك إرينيوس (Ireneos) الفرصة للحصول على توكيل رسمي ، وهكذا تمكن من بيع الأملاك إلى "شركات واجهة". وعندما تم اكتشاف القضية هرب باباديماس من البلد، وجرى استبدال إرينيوس ببطريرك آخر جديد من الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية يدعى ثيوفليس الثالث. وقد قال ثيوفليس الثالث في عريضة تقدم بها إلى المحكمة العليا في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 بأن دولة إسرائيل تشترط للإعتراف بتعيينه في منصبه أن يعترف بتلك الصفقات. ويضيف بأن مكتب الوزير تزاحي هانيجبي (Tzachi Hanegbi) والوزير رافي إيتان (Rafi Eitan) يضغطان عليه لعمل ذلك. (Rapoport, 2007).
يبدو أن البطريرك الجديد لم يغيِّرالوضع كثيراً. فالأزمة الإقتصادية التي تمر بها الكنيسة أخذت تترك تأثيرها – ثروة الكنيسة مجمدة في أراض، وخزينتها فارغة. والأتباع في حاجة لأن تحل مشكلة الإسكان. لقد خرجت مؤخراً إلى العلن صفقة بين البطريركية والمحامي ورجل الأعمال المقدسي شراجا بيران (ٍShraga Biran)، سيحصل شراجا بيران بموجبها على 71 دونماً من الأرض بالقرب من جيفعات هماتوس (Givat Hamatos) تقع بالقرب من الطريق الرئيس إلى بيت لحم، وبالمقابل ستحصل البطريركية على 25 في المائة من الوحدات السكنية في المجمع الذي سيبُنى على هذه الأرض. وستُباع الوحدات الباقية إلى إسرائيليين.

أملاك تم الحصول عليها من عائلات فلسطينية
يستولي المستوطنون على أملاك العرب في القدس الشرقية باستخدام وسائل عدة، منها: (1) أملاك يكون أحد أعضاء العائلة التي تملكها متورطاً في قضايا إجرامية، ويكون لديه الاستعداد لبيع كل شيء يقدر عليه من أجل الكسب المالي. وهؤلاء الناس يكونون فريسة سهلة وبالإمكان إغراؤهم ببساطة نسبية. وفيما يلي ثلاثة أمثلة على ذلك:
بيت دانون (Danon House) الواقع في شارع باب السلسلة اشترته عطرات كوهانيم من تاجر مخدرات كان في الوقت ذاته مخبراً لدى الشرطة. وقد قام مجرمون آخرون بكشف سره وطبيعة أعماله، فأرغم على الفرار خوفاً من انتقام شركائه السابقين. (شرجاي، 1995)
بيت الجولاني تم الاستيلاء عليه بعد أن قام أحد أبناء العائلة الذي كان مدمن مخدرات وله باع في النشاط الإجرامي ببيع منزل العائلة المكون من طابقين دون أن يكون لديه توكيل بذلك. وباع أيضاً أربع وحدات سكنية أخرى، على الرغم من أنها كانت مسجلة بأسماء إخوته الأربعة. (أدا أوشبيز – Ada Ushpiz, 2004)
بيت عائلة دانا (Dana Family) تم بيعه أيضاً إلى مستوطنين بعد أن تورط أحد أبناء العائلة في قتل قروي آخر، وترك المنزل هرباً من الثأر.
قطعة أرض تعود لمحمد مرقة الذي أصبح مديوناً بمبالغ طائلة، تم بيعها كذلك. قام المستوطنون ببناء عمارة من سبع طوابق على قطعة الأرض وبدون ترخيص.
أملاك سيُنَفَّذ خلال فترة قصيرة أمر صادر بهدمها، ويواجه المالكون الخيار إما أن يبيعوا بيتهم إلى المستوطنين ويحصلون، على الأقل، على شيء من أموالهم، أو أن يخسروا كل شيء. في حالات مشابهة يمكن الإفتراض بأن مفتشي البلدية يبلغون جمعيات المستوطنين بأخبار البيوت التي على وشك أن يجري هدمها، فترسل تلك الجمعيات سماسرة "واجهة" عرب يُنهون الصفقة نيابة عن المستوطنين. إنا نعرف عن واحد من هؤلاء المفتشين، وهو المسؤول عن منطقة سلوان وله علاقات وثيقة مع المستوطنين وبعض المصادر في البلدية. لقد كان ماتي دان (Matti Dan)، وهو أحد قادة حركة الإستيطان، الأداة في وقف النية لنقل هذا المفتش إلى منطقة أخرى.
أملاك العائلات التي تتورط في الديون وتضطر إلى بيعها لتسديد ما عليها من ديون. كانت تلك هي الظاهرة السائدة خلال السنوات القليلة الماضية، وبالأخص منذ اندلاع الإنتفاضة الثانية وتباطؤ الإقتصاد؛ فَقَدَ العديد من العمال العرب في قطاعات البناء والفندقة والخدمات أعمالهم. وبالمثل عندما خفَّت السياحة وتراجعت التجارة بسبب الوضع الأمني تضررت بشكل كبير معيشة العديد من العائلات في القدس الشرقية. ويتحدث نداف شرجاي (Nadav Shragai) عن أحد سكان البلدة القديمة الذي كان في حاجة إلى عملية جراحية كبيرة في القلب في الولايات المتحدة الأمريكية، فقامت عطرات كوهانيم بتغطية نفقات سفره وإقامته وكذلك نفقات العملية الجراحية، مقابل بيته في الحي الإسلامي.(شرجاي، 1995)
أملاك تؤخذ عنوة وبالقوة. اضطرت بعض العائلات [الفلسطينية] في بعض الحالات إلى ترك بيوتها لأن حياتها أصبحت لا تُحتمل. أُرغِمت في العام 1982 العائلات التي كانت تعيش في ساحة مدرسة حي عُلام الدينية (Hayei Olam Yeshiva) في شارع الخالدية إلى التخلي عن بيوتها، بعد أن عانت من المضايقات المستمرة. وبعد رحيلها استولى رجال المدرسة الدينية على البيوت، وما زالوا فيها حتى يومنا هذا.
ممتلكات تم الحصول عليها بتعاون الحكومة
يستلم المستوطنون عند أية فرصة أبنية من مجموعة من مؤسسات تابعة للدولة. كانت وزارة الدفاع هي إحدى المصادر القريبة جداً من المستوطنين، تقوم بتسليمهم البنايات التي تُصادر لأسباب أمنية. على سبيل المثال، قامت قوات الأمن بوضع يدها على منزل عائلة الشهابي وإغلاقه بالشمع الأحمر بعد العام 1967، عندما اشترك أحد أبناء العائلة بنشاط إرهابي [مقاومة الإحتلال]. واستولى المستوطنون بعد ذلك على المنزل وما زالوا فيه حتى يومنا هذا ، أي بعد مُضي أربعين سنة. وأظهرت الأدلة فيما بعد أن الإذن بالدخول إلى المنزل جاء من مكتب وزير الدفاع في حينه أرييل شارون. وسلَّمَت وزارة الدفاع منزلين آخرين للمستوطنين، هما منزل عائلة ميلاح (Mialah)، ومنزل عائلة الطاحاري (El Tahari)، ويقعان في شارع الواد – تمت مصادرتهما في 1969 بموجب أمر أصدره قائد المنطقة الوسطى المدعو رحافام زئيفي (Rehavam Zeevi) (الذي تنشط ابنته في صفوف عطرات كوهانيم). واتُخِذ الإجراء بعد اغتيال شخص كان يُصلي بالقرب من المنزلين، رغم عدم العثور على أية صلة على الإطلاق بين جريمة القتل وهاتين العائلتين.

"تقرير كلوجمان" (Klugman)
كان المصدر الحكومي الرئيسي بالنسبة للمستوطنين للإستيلاء على الأملاك المصادرة هو الحارس على أملاك الغائبين، وهو هيئة خاضعة لوزارة العدل. وقد كشفت لجنة تابعة للدولة يرأسها حايم كلوجمان (Haim Klugman)، المدير العام لوزارة العدل، الروابط التي تربط الحارس بالمستوطنين في العام 1992، عندما شكَّلَت حكومة اسحق رابين تلك اللجنة. (كلوجمان، 1992)
ويستحق تقرير كلوجمان تحليلاً معمقاً لكونه مَعلَماً، بشكل عام، في الكشف عن تصرفات جمعيات المستوطنين في القدس الشرقية، وعن علاقات تلك الجمعيات بمؤسسات الحكومة المختلفة.
ترأس حايم كلوجمان، الذي هو محام، شغل منصب مدير عام وزارة العدل في حكومة اسحق رابين، لجنة مؤلفة من مختلف الوزارات درست الطريقة التي جرى فيها تحويل الأملاك العربية في القدس الشرقية إلى جمعيات المستوطنين. وتمكنت اللجنة من اختراق الإجراءات الأمنية التي تلجأ إليها الوكالات الحكومية في محاولة لتغطية محاولاتها وأعمالها، وإخفاء المعلومات المتعلقة بعمليات نقل السيطرة على هذه الممتلكات. ويشير كلوجمان نفسه في التقرير إلى أن "الحارس على أملاك الغائبين لم يُقدم أية معلومات على الإطلاق"، ويضيف "أن مسجلة الجمعيات نفسها حاولت أن تتفحص تصرف تلك الجمعيات، فطلبت تقارير منها، ولكنها لم تستلم رداً شافياً." (المصدر ذاته، ص 20). وعلى الرغم من الصعوبات والصورة الجزئية التي تشكَّلَت، كانت النتائج التي توصلت إليها اللجنة كافية لفهم كيفية أسلوب عمل المستوطنين.
كان لدى الحارس على أملاك الغائبين أسباباً وجيهة لإخفاء ما لديه من معلومات، لأن العملية كلها بدأت بإعطاء المستوطنين للحارس على أملاك الغائبين شهادات مشفوعة بالقسم تقول بأن الأملاك المستهدفة هي "أملاك غائبين"؛ ولم يقم الحارس بفحص هذه الشهادات والتأكد من صحة معلوماتها، على الرغم من أن نوايا المستوطنين كانت واضحة. كانت الشهادات موقعة من المحامي إيتان جيفا (ُEitan Geva) الذي يُمثِّل المستوطنين. وكان الأسلوب المُستخدم هو صفقة دائرية ذات عدة مراحل، مما ساعد على إخفاء أثارها. كان الحارس بعد استلام الشهادات يُعلن بشكل أتوماتيكي بأن أصحاب الأملاك المعنية هم مالكون غائبون، ويستولي على الأملاك. كان هذا يجري رغم أن "الحارس لم يقم بزيارة الأملاك، ولم يفحصها ولم يفحص قيمتها، أو إذا كانت العملية تعني إجلاء عائلات عن تلك الأملاك؛ وكذلك لم يتح الفرصة لتقديم اعتراضات." (المصدر نفسه، ص 13). وحتى في المراحل الأولى كانت هناك علامات تثير الشك. فكل الشهادات كانت مُصدَّقة من المحامي ذاته، إيتان جيفا. والعديد من الشهادات كانت صادرة عن شخص واحد، "ومع ذلك لم يقم الحارس بتحريات أولية عن هوية هؤلاء الأشخاص ومصداقيتهم، وكيف وصل الشاهد إلى السيد جيفا أو إلى جمعية المستوطنين المعنية، ومَن هو مصدر معلوماته، أو ما تلقاه مقابل خدماته." (المصدر ذاته، ص 13).
بعد ذلك كان الحارس ينقل الأملاك إلى عهدة سلطة التطوير، ومنها كانت تنتقل إلى شركة إعادة ترميم الحي اليهودي وتطويره، التي كانت تنقلها بدورها إلى شركة عميدار ليمتد (Amidar Ltd.). ولم تشغل الأخيرة نفسها بدراسة أبسط التفاصيل الأساسية الضرورية لتحديد قيمة المِلك من عقار أو غيره، أو مدى أحقية المستوطنين الذين انتقلوا إلى العقار وشغلوه. "لم تفحص عميدار الأملاك التي كانت تؤجرها للمستوطنين، ولم تحاول التأكد من صفقة العقار، وموقعه، ومساحته الإجمالية، وعدد غرفه، وإلى ما غير ذلك." وكل ذلك يتناقض مع تعليمات واضحة أصدرتها وزارة الإسكان (المصدر ذاته، ص 13). وفي حالات أخرى، كانت الأملاك تُحَوَّل إلى إمانوتا (Imanuta) التي كانت بدورها تحوِّلها إلى سيطرة جمعيات المستوطنين.
في السابق، في 1982، كانت سلطة أراضي إسرائيل تتعامل مع شراء الأراضي والأبنية في البلدة القديمة، تحت إشراف وزير الزراعة أرييل شارون. وكانت الأملاك التي يتم شراؤها تُحَوَّل إلى عطرات كوهانيم (المصدر ذاته، ص 11). وكانت تتم عملية نقل الأملاك إلى المستوطنين من غير مناقصات ومن غير دفع خلو، كما يتطلب القانون، "وكانت الجمعيات الأخرى والأفراد الآخرين – يهوداً كانوا أم عرباً – يمنعون من الإشتراك في التمتع بحق [الحصول على أي من تلك الأملاك]، وكل ذلك كان مخالفاً للإجراءات السليمة ولقانون المناقصات" (المصدر ذاته، ص 11). وكانت تتم عمليات الترميم والتجديد بأموال الدولة (المصدر ذاته، ص 19)، وكانت وزارة المالية تتحمل التكاليف القانونية (المصدر ذاته، ص 14)، وأيضا تكاليف الأمن في العمارات – من خلال عميدار ليمتد. واشتمل التمويل على دفع تكاليف تركيب 450 وسيلة للإتصالات، وتكاليف المسح الأرضي (المصدر ذاته، ص 14). وكانت المبالغ التي تُدفع مقابل الأملاك التي يستحوذ عليها المستوطنون هي مبالغ رمزية ومتدنية إلى حد مُضحِك. على سبيل المثال كانت تؤجر عمارة من طابقين بمبلغ 30 شيكلاً جديداً (أقل من 10 دولارات أمريكية) في الشهر، وعمارة من أربعة طوابق بمبلغ 46 شيكلاً جديداً في الشهر (المصدر ذاته، ص 12). بالإضافة إلى ذلك، لم تكن المبالغ المقررة تدفع عملياً، بل كانت تخصم من التكاليف القانونية التي تتم مقابل أملاك المالكين. (المصدر ذاته، ص 14)
وبالتزامن مع هذا، كانت الحكومة تحول للمستوطنين، عن طريق وزارة الإسكان نفسها، مساعدات مالية كي يشتروا المزيد من الأملاك. كان ذلك يتم وفق بنود في الميزانية تهدف إلى مساعدة المهاجرين الجدد، أو الأشخاص الذين يستحقون مساكن كنوع من المساعدة الإجتماعية (عائلات محتاجة)، أو لمساعدة الجمعيات الأهلية (المصدر ذاته، ص 17 – 19). وتعاون الحارس على أملاك الغائبين أيضاً في تحويل الأموال من ريع الأملاك بموجب قرار من اللجنة الوزارية لشؤون الأملاك. وحوَّلت شركة تطوير الحي اليهودي أموالاً تحت بند الحفاظ على وإصلاح الأملاك الوطنية في القدس الشرقية، على الرغم من أن تلك الأملاك تقع خارج منطقة الحي اليهودي المحددة، وحتى على الرغم من أن جَمْع تلك الأملاك تحت تعريف ‘أملاك ومواقع وطنية في القدس الشرقية’ قد يُثير مشكلة (المصدر ذاته، ص 21). وتعاون أيضاً بنك تفاحوت للرهن العقاري (Tfahot Mortgage Bank) في هذا المخطط، من خلال منحه قروضاً للجمعيات بدون الضمانات التي يتطلبها القانون. (المصدر ذاته، ص 19).
ووجدت اللجنة نفسها صعوبة في تحديد حجم الميزانيات التي منحتها الدولة للمستوطنين. وهي تقول: " يبدو للجنة بأن المعلومات غير كافية لعدم وجود تركيز في جمع المعلومات المتعلقة بكل التكاليف؛ وقد اضطرت اللجنة ذاتها إلى جمعها من عدة مصادر." (المصدر ذاته، ص 17. بالإضافة إلى ذلك تضيف اللجنة: "فيما يتعلق ببعض بنود الميزانية، جرى استخدام الأموال التي تم تحويلها من أجل مختلف صفقات الأملاك في غير الأغراض المحددة في بنود الميزانية، مما أتاح إنفاق أموال على هذه الأهداف."وبالتالي، "فإن البيانات المتوفرة لا تتيح تفحص إجمالي المساعدات الخاصة بكل مِلك من الأملاك على حدة، وإذا كان إجمالي تلك المساعدة قد فاق المبلغ المطلوب للإصلاح وإدخال مستأجرين جدد."(المصدر ذاته، ص 20) وتوجد في التقرير كله دلائل قوية بأن الأموال التي تم تحويلها لشراء عمارات أو لإصلاحها قد استخدمت في تغطية نفقات الجمعيات، وليس للأغراض التي مُنِحَت من أجلها. (المصدر ذاته، ص 20)
وعيَّنَت الدولة في الوقت ذاته مستوطنين في وظائف برواتب، وذلك من خلال إنشاء شركتين تعملان في العثورعلى بنايات في البلدة القديمة ومحيطها وتجديدها – والشركتان هما موردوت مورياه ليمتد (Mordot Moriah Ltd.) وإيفين روش ليمتد (Even Rosh Ltd.). وجميع مدراء وموظفي الشركتين أعضاء في جمعيتي إلعاد وعطرات كوهانيم. ووظفت سلطة أراضي إسرائيل أيضاً مستوطنين إثنين للعثور على أملاك وأراض يمكن شراؤها. (المصدر ذاته، ص 10).
وكانت التعليمات تصدر من أعلى المراتب في وزارة الإسكان. وقد تقدم إسرائيل شفارتس (Yisrael Schwartz)، مدير قسم الإشغال في وزارة الإسكان، بشهادة أمام اللجنة. لم يكن له ضلع في ما جرى في القدس الشرقية، على الرغم من أن ذلك يقع ضمن اختصاص عمله. قال: "لا أعرف مَن كان يعالج قضية الإسكان في العمارات. كانت تعليمات المدير العام هي تحويل الأموال إلىعميدار." وقال ممثل سلطة أراضي إسرائيل ذلك ولكن بصراحة أكثر، قال: " قرر المستوى السياسي بأن يتم تأجير كل الممتلكات العائدة إلى سلطة أراضي إسرائيل في المجال المحدد لعطرات كوهانيم. وكان اثنان من أعضاء عطرات كوهانيم يبحثان عن أملاك لحساب سلطة الأراضي ويحددان مكانها. والطريقة التي كان يجري فيها تسليم تلك الأملاك إلى جهة معينة قد قررها وزير العدل موشي نسيم." ( المصدر ذاته، ص 10). وقال للجنة آريه بار (Aryeh Bar)، المدير العام لوزارة الإسكان والإنشاءات، بأنه لا يستطيع تقديم أية معلومات عن هوية الأشخاص الذين يعيشون في تلك العمارات، لأنه تم بناءً على توجيهات الوزير، تحويل عملية التعاطي مع الأمر إلى الجمعيات نفسها. (المصدر ذاته، ص 13). وشهد ممثل عميدار، السيد بيليد (Peled) أمام اللجنة، فقال إن صفقات الشركات التي أقامها المستوطنون واختيار مدراء تلك الشركات ليس في يد الشركات نفسها، بل هي "نتاج توجيه من وزير الإسكان والإنشاءات صدر إلى رئيس مجلس إدارة عميدار." (المصدر ذاته، ص16. وقدم وزير المالية إسحق موداعي (Yitzhak Modai) مساهمته المتواضعة بتعديل اسم بند الميزانية المخصص لشقق الناس المستحقة – من شراء شقق للعائلات المعوزة التي تستحق إسكان مساعدات اجتماعية وللمهاجرين الأثيوبيين، إلى (ببساطة) شراء شقق، وذلك حتى يمكن إدراج المستوطنين تحت هذا العنوان. (المصدر ذاته، ص 18).
كان التزوير فاضحا بشكل خاص في عدة وثائق قُدِّمَت إلى وزارة الإسكان. وقد اكتشفت اللجنة ذلك من دعوى تقدمت بها عائلة عربية أثبتت فيها أن المستوطنين استولوا على أراضيها استناداً إلى رسالة وقعها شخص ثالث وأعلن فيها أنه المالك للأراضي، وبأنه ينقل ملكية البيت إليهم – بينما الأصول المذكورة لم تكن في الواقع إلاَّ قطعة أرضٍ خالية ليس عليها أي بناء. (المصدر ذاته، ص 40).
يكتب حايم كلوجمان بأن مجمل العملية التي وصفناها فيما سبق، كانت ملوثة بتمييز عنصري غير قانوني، ومناقضة لمعايير الإدارة السليمة وتفتقر إلى تحريات واختبارات معقولة وعادلة. ويلاحظ التقرير دون التأكيد المطلوب بأن "الحدود كانت مبهمة وغير واضحة" بين جمعيات المستوطنين ووزارة الإسكان. (المصدر ذاته، ص 16). وقد أُلقي اللوم الأكبر على حارس أملاك الغائبين، وقالت اللجنة عن سلوكه بأنه سلوك ناقص للغاية وفق أية معايير، (المصدر ذاته، ص 24)، وبأنه لم يمارس أبسط درجة من التعقل والحكمة. ( المصدر ذاته، ص 25)

القنوات الحكومية والخاصة – الشفافة وغير الشفافة
إن أمر مصادر المستوطنين المالية هو من أكثر الأسرار التي يجري التكتم عليها في قضية المستوطنات في القدس الشرقية. يقول نداف شرجاي، الذي يتعاطف مع التدين الصهيوني، في بحث له عن المعركة من أجل الحرم الشريف، بأن 60 – 70 في المائة من ميزانية جمعيات المستوطنين تأتي من مصادر في الدولة. أما الباقي فيأتي من تبرعات تُنَظَّم في الخارج، تستخدم رسائل توصية من مسؤولين كبار في الحكومة، بما في ذلك كبار الحاخاميين. (نداف شرجاي، 1995)
تقوم مصادر في الدولة ومصادر خاصة بتمويل عمليات المستوطنين في القدس الشرقية. المصادر الحكومية مغلفة بالسرية، وتمر عبر وزارات مختلفة وتحت أسماء مُضلِّلَة. فحتى العام 1992 سلَّمَت الدولة إلى المستوطنين أملاك غائبين كما حَوَّلَت مبالغ ضخمة من المال من خلال وزارات مختلفة، وبالأخص وزارة الإسكان. وكما أشرنا في الفصل السابق فإن تقرير كلوجمان قدَّر بأن الحكومة حوَّلَت نحو 2 ر8 مليون دولار للمستوطنين كي يشتروا مبانٍ، كما سلمتهم 8 ر12 مليون دولار من أجل تجديد المباني القديمة. (Cheshin, 1999). وكشف التقرير عن أن شركة تجديد الحي اليهودي حوَّلت للمستوطنين مبلغ 7ر1 مليون دولار على شكل أموال مصدرها وزارة الإسكان. وتم أيضاً تحويل مبلغ 7 مليون دولار إلى شركة إمانوتا (Imanuta) لتسهيل الحصول على نزل سانت جون في الحي المسيحي. (Jerusalem Post, 1990). ولكن هذا السبيل انقطع وتوقف في العام 1993 تمشياً مع توصيات تقرير كلوجمان.
تقوم الدولة حالياً بتحويل الأموال إلى المستوطنين مستخدمة قناتين: تحويلات شفافة، وتحويلات أكثر تمويهاً، أي تحويلات غير شفافة.
جرى تقرير الميزانية الشفافة في آب (أغسطس) 2005 عندما اعتمدت حكومة أريل شارون ميزانية لعدة سنوات (2006 – 2013) من 50 مليون شيكل جديد (ما يعادل 14 مليون دولار) سنوياً. وكان الهدف من الميزانية هو "تعزيز مكانة القدس كعاصمة لإسرائيل". وتحدد الهدف من الأموال بأنه من أجل تجديد، وتطوير وصيانة المنطقة المعروفة بحوض البلدة القديمة وجبل الزيتون. وجرى تحويل هذه الميزانية إلى سلطة تطوير القدس، وجرت إدارة الميزانية باعتبارها "بنداً مغلقاً"، أي دون تقديم تفصيلات بالنسبة للإعتمادات المحددة. وهكذا تم ضمان أقصى حرية في العمل. وفي جلسة الحكومة ذاتها، جرى اعتماد مبلغ 10 ملايين شيكل جديد لفترة 2006 إلى 2013، من أجل إعداد برامج سياحية. وتم اعتماد 80 مليون شيكل جديد آخر لتعبيد الطريق رقم 20 المتجه إلى بيسجات زئيف (Pisgat Ze ev) (المصدر: الحكومة، 2005). إن أي شخص في إسرائيل على دراية بالمصطلحات التي يستخدمها اليمين، يُدرك بأن الأموال مخصصة لأهداف المستوطنين، ويدرك أيضاً سبب تحويلها إلى سلطة التطوير، حيث يجري التعامل معها على أنها "أموال مغلقة". لهذا السبب فإن الأرضية متوفرة لدينا لافتراض بأن هذه الميزانية تصل في النهاية إلى أيدي المستوطنين أو إلى مشاريع تخدم أهدافهم.
إن الدولة تقوم علانية وبكل شفافية بتمويل شركات الأمن التي تحرس المستوطنات بتكلفة سنوية تبلغ 40 مليون شيكل جديد ( نحو 12 مليون دولار). وتوظف الدولة أيضاً العديد من المستوطنين حراساً أمن ولإدارة موقع الحفريات الأثرية في مدينة داوود (المصدر: الكنيست، 2007 ، ميسجنيكوف – Misezhnikov – 2008 )
وقد استقينا بعض التلميحات بشأن القنوات السرية خلال مناقشات لجنة الداخلية في الكنيست المتعلقة بتشكيل سلطة حكومية للعناية بالمقابر [اليهودية] في جبل الزيتون. حاول رئيس اللجنة أوفير بينس (Ophir Pines) خلال مناقشات اللجنة اكتشاف حجم الأموال التي تقوم مختلف الوزارات بتحويلها إلى جبل الزيتون؛ وجرى الكشف عن مبالغ ضخمة، ولكن لم يكن باستطاعة أحد أن يحدد بالضبط إلى أين تذهب. على سبيل المثال ادعى ممثل عن وزارة الشؤون الدينية بأن وزارته حوَّلت في العام السابق مبلغ 103 مليون شيكل جديد لشؤون المقبرة. وقال ممثل لمكتب رئيس الوزراء بأن الحكومة قررت تحويل مبلغ 50 مليون شيكل جديد كل سنة إلى منطقة الحوض المقدس في القدس، والتي تضم جبل الزيتون. وقال ممثل وزارة المالية بأن القرار الذي اتخذته الحكومة يقضي بتخصيص مبلغ 480 مليون شيكل جديد للحوض المقدس؛ بينما قال ممثل بلدية القدس بأن البلدية تخصص مبلغ 330 ألف شيكل جديد لمجلس مقابر القدس، الذي يعتني أيضاً بجبل الزيتون.
وعبَّر رئيس اللجنة عن دهشته من أن جميع ممثلي الحكومة المشاركين في المناقشة لا يعرفون مبلغ الأموال الفعلي الذي يذهب إلى جبل الزيتون. قال: "يوجد هنا ممثلون من كل الوزارات، ومع ذلك لا يعرف أي واحد منهم حجم الأموال الفعلي الذي يوجه إلى جبل الزيتون. لقد حوَّلَت الحكومة ملايين الشواكل دون أن تتابع كيف جرى استخدامها." (Omedia,2008, Ami Sharon, 2008)
الصورة التي تكونت خلال المناقشات هي أن جبل الزيتون أصبح نوعاً من "الشيفرة" من أجل تحويل الأموال إلى المستوطنين. مؤسسات الحكومة لا تعرف، أو أنها ترفض التصريح، إلى أين تذهب الأموال فعلاً في النهاية. ولكنه من الواضح للغاية أيضاً أن المبالغ التي تم ذكرها هنا، تفوق بكثير احتياجات صيانة المقابر في جبل الزيتون.
القنوات الخاصة (السرية)
تسببت درجة السرية التي يلجأ إليها المستوطنون لإخفاء مصادر تمويلهم في أزمة، عندما هدد مسجل الجمعيات غير الربحية بحل جمعية إلعاد إذا أصرت على عدم تقديم تفاصيل عن خمسة كيانات تبرعت بمبلغ 5 ملايين دولار للجمعية في 2005. ووفق تقارير قُدِّمَت إلى المسجل في 2005، بلغ إجمالي دخل الجمعية 41 مليون شيكل جديد (تعادل نحو 10 ملايين دولار)، 38 مليون شيكل جديد منها من التبرعات. جاءت أغلبية التبرعات من خمسة مصادر هويتها غير واضحة. وهكذا حصلت إلعاد على مليوني دولار من فارلي الدولية (Farleigh International IT.)، ومبلغاً مماثلاً من أوفينجتون ورلد وايد ليمتد (Ovington World Wide Limited)، وتلقت أيضاً مبلغ 5 ر1 مليون دولار من ليستون هولدينج (Leiston Holdings)، و4 ر1مليون دولار من دوايد ليمتد (Dwide Limited)، و 250 ألف دولار من جاكوبسون (Jacobson). ويبلغ مجموع هذه التبرعات 15 ر7 مليون دولار. بكلام آخر فإن نحو 75 في المائة من إجمالي دخل الجمعية يأتي من مصادر غير معروفة. لم يكن مسجل الجمعيات غير الربحية راضياً عن تلك القائمة، وطلب الكشف التام عن تفاصيل هوية المتبرعين. وعلى الرغم من مطالبة الجمعية عدة مرات بذلك، فإنها أصرت في رفضها، وحتى أنها لم تتقدم بطلب للتمتع بالحصانة، كما يسمح لها القانون. عند ذلك قام مسجل الجمعيات غير الربحية بإبلاغ إلعاد بأن "استمرار رفضها سيثير شبهات بأن الجمعية لا تُدار وفق قانون الجمعيات غير الربحية ومباديء الإدارة السليمة. وقد يوفر ذلك أرضية للمسجل كي يمارس الحيطة والحذر بإلغاء صفة ‘الإدارة السليمة’ الممنوحة للجمعية وحتى الطلب بحلها." واتخاذ خطوة كهذه أمر مهم للغاية، لأنه سيحرم إلعاد من تلقي أموال من خزينة الدولة، ويجعل من الصعب عليها أن توقع عقوداً مع الدولة. ومع ذلك، ما زالت إلعاد ترفض الكشف عن مصادر تمويلها، وعلى ما يبدو أن لديها أسباباً وجيهة لعمل ذلك. (Rapoport 11/2007)

الصلة الأمريكية والصلات الأخرى
جدير بالملاحظة فيما يتعلق بشراء فندقي البتراء وإمبريال، بأن رفض الدولة الكشف عن مصادر تمويل الصفقات لمحامي الكنيسة يثير قلقاً حول إمكانية استمرار تدفق أموال الدولة على المستوطنين. ومن الصعب كذلك معرفة هوية المتبرعين الخاصين لأنهم يطلبون بأن يظلوا مجهولين. الشخصية المعروفة جيدا من بين المتبرعين هو إيروين موسكوفيتش، الذي أصبح راعي المستوطنين في القدس الشرقية. وقد تشكلت حول موسكوفيتش مجموعة من المليونريين اليهود الأمريكيين، التي تؤيد المستوطنين بسخاء. وأحد أهم المصادر المالية لعطرات كوهانيم موجود في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد أسس جمعية تعرف باسم جمعية أصدقاء عطرات كوهانيم. وتكشف تقاريرها إلى سلطات الضرائب في الولايات المتحدة الأمريكية بأنها جمعت مبلغ 1 ر2 مليون دولار في سنة 2007 المالية، و3 ر1 مليون دولار في العام 2006، ومبلغ 900 ألف دولار في العام 2005، و2 مليون دولار في العام 2004. وفي الوقت نفسه تعمل جمعية أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية، وتدعى جمعية أصدقاء عطرات كوهانيم في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد جمعت ما يقارب من 200 ألف دولار في العام 2007. وكشف تحقيق صحفي نُشر في صحيفة هآرتس في آب (أغسطس) 2009 بأن عطرات كوهانيم تتحايل على سلطات الضرائب في أمريكا بتعريف نشاطها الخيري بأنه مخصص لأهداف تعليمية، وهكذا تجعله مؤهلاً للإعفاء من ضريبة الدخل.
وثمة شخص آخر معروف جيداً بالنسبة لنا وهو المليونير الأمريكي إيرا رينرت (Ira Rennert) من بروكلين، الذي يعدّ من المؤيدين الأساسيين لجمعية عطرات كوهانيم، وقد موَّل ضمن أمور أخرى، شق نفق الحائط الغربي [المبكى]. وجدير بالذكر هنا أيضاً المليونير الإيراني المولد السويسري – الإسرائيلي نيسان حاكشوري (Nisan Hakshuri) الذي يملك فندق وكازينو لوتراكي (Loutraki) في اليونان، وهو مساند مالي هام للمستوطنين. وقد أعلن في حديث صحفي أجراه في العام 2007 بأنه تبرع بأكثر من 3 ملايين دولار للمستوطنين (Waitz, 2007)؛ ثم هنالك طريق آخر لتمويل المستوطنين وهو عبر رجل الماس الروسي – الإسرائيلي ليف ليفييف (Lev Leviev)، وأيضا عبر أغنى رجل في روسيا رومان أبراموفيتش (ٌRoman Abramovich) الذي يعيش الآن في إنجلترا حيث يملك فريق شيلسي لكرة القدم. وقد قام الرجلان بزيارة المستوطنين في مدينة داوود ضيوفاً على الوزير السابق ناتان شرانسكي (Natan Sharansky).
لقد قامت المؤسسات الحكومية في عدة مناسبات بالمساعدة بهمة ونشاط في جمع الأموال لجمعيات المستوطنين. عندما كان إيهود أولمرت، رئيساً لبلدية القدس، خطب في أحد الإجتماعات التي نظمها موسكوفيتش من أجل جمع الأموال لمشروع بناء في رأس العمود.

الخاتمة
إن وجود المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية هو حالة كلاسيكية من حالات الكولونيالية. وقد يكون هذا القول مجرد تأكيد على أمر واضح، ومع ذلك فإن من الضروري التأكيد عليه، لا سيما في وجود أعداد متزايدة من الناس على الصعيد الدولي توافق على الوجود اليهودي في القدس الشرقية، وكأنه أمر طبيعي، أو يجب أن يكون كذلك.
يُمثل المستوطنون اليهود في القدس الشرقية نموذجاً كلاسيكياً للكولونياليين.
الكولونيالية بمعناها التقليدي هي زرع سكان مدنيين غرباء في وسط أرض محتلة. وتظل الحقيقة، وفق القانون الدولي، بأن القدس الشرقية هي أرض محتلة، وتنبع من ذلك حقيقة أن حكم إسرائيل للمدينة هو أمر مخالف للقانون.
وفي هذه الحالة ، ومن أجل ضمان السيطرة على الأرض يبدو نموذج الكولونيالية ويتضح من تشجيع الدولة لمواطنيها بأن يصبحوا مستوطنين في الأرض. وهكذا، فإن استعمار القدس الشرقية لا يختلف عن العمليات المشابهة التي جرت في إفريقيا وآسيا وحتى في الأمريكيتين. ولكن، وخلافاً لأنواع نماذج الكولونيالية الأخرى، فإن الحافز على استعمار القدس الشرقية لا يقوم على الإقتصاد أو الدوافع الإمبراطورية، بل هو الأيديولوجية والدين. ولكن عواقب الإستعمار لا تختلف بالنسبة لسكان المدينة المحليين الأصليين. لذا، رغم كون الحالة هي حالة فريدة، فإن الوجود اليهودي في القدس الشرقية، يُشكِّل حالة كولونيالية كلاسيكية.
إن الاستنتاجات التي توصل إليها هذا البحث عن المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية سيوضح مدى التأثير السيكولوجي لذلك على السكان الفلسطينيين ككل. والقضية التي ستظل مفتوحة من وصف هذا الوضع هي مدى نجاح المستوطنات في تغيير الطابع المتناسق للمناطق. وفي رأينا فإن المستوطنات أخذت تنجح في تعكير المجال الإقليمي. سيتم بالتأكيد تغيير مفهوم المجال وطابعه. ففي سلوان، حققت إسرائيل جمهوراً حاسماً من المستوطنين، والتغييرات الواضحة التي تمت من خلال هيمنة السكان اليهود، قد تم قبولها، على ما يبدو، حتى من المؤسسات الفلسطينية.
بعد أربعة عقود من "إعادة توحيد" المدينة بالقوة على يد القوات الإسرائيلية المسلحة، لا تزال المدينة مقسمة، كما كانت في الماضي. والعوائق السيكولوجية والإجتماعية – الإقتصادية ما زالت أعلى من الأسوار التي قسَّمَت المدينة قبل 1967 إلى الجزء الغربي والجزء الشرقي. لقد أصبح الإسرائيليون والفلسطينيون خلال هذه الفترة، مواطنين في عالمين منفصلين عن بعضهما، وغير قابلين للتصالح. هوة تفصل بينهما. إنهم يقيمون في المجال الأرضي ذاته، ولكنه يبدو أنهم يقيمون في كوكبين منفصلين؛ تيار من الكراهية يجري في عروقهم. لقد فشل مشروع الضم الإسرائيلي فشلاً ذريعاً. ويجب أن لا يثير ذلك دهشة، بما أن إسرائيل لم تنوِ على الإطلاق دمج الجزء الفلسطيني من المدينة دمجاً كاملاً. كانت تتوق للحصول على الأرض، ولكن دون سكانها. وإعادة التلاقي اليهودي مع "البلدة القديمة" ولََّّد شغفاً بالأرض نفسها مقروناً بشعور بالخوف من العنصر البشري الموجود عليها. من ناحية وجدت إسرائيل أن هذه المواقع ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتاريخ اليهودي، ولكن من الناحية الأخرى، كان هناك أيضاً وجود سكان عرب. وهذا الواقع لم ينسجم مع صورة المدينة التي سبق أن كونها الناس في مخيلتهم. فاتبعت الحكومة، التي واجهت هذا الانفصام، سياسة حضرية تهدف إلى "أسرلة" مثابرة للجزء الشرقي من المدينة، مقرونة بتخفيض الوجود الفلسطيني فيها، إلى الحد الأدنى.
إن قصة القدس، خلال السنوات الأربعين الأخيرة، يمكن أن يُطلق عليها "أربعون عاماً من التمييز". ولهذا السبب فإن القدس هي أكثر من كونها مدينة، إنها برميل بارود قابل للإنفجار خلال لحظات.



الملحق A
محاولات سابقة للإضرار بالمسجدين*
تاريخياً وقعت عدة محاولات للتسلل إلى الأرض التي تحت المسجدين؛ كان بعضها "متحضراً" نسبياً، والبعض الآخر عنيفاً.
في العام 1974 حاول جويل ليرنر (Joel Lerner) إلحاق أضرار بالمسجدين، وذلك من أجل إيقاف المفاوضات بين إسرائيل ومصر.
وفي العام 1981 أقيمت أنفاق بالقرب من حائط المبكي تؤدي شرقاً نحو مسجد الصخرة. فالأرثوذكس المتطرفون يؤمنون بأنه موقع المكان الداخلي المقدس، أو "أقدس مقدسات" الهيكل. وأراد حاخام حائط المبكى الاستمرار في حفر الأنفاق حتى النهاية، زاعماً أنه حال العثور على أدوات الاحتفال الخاصة بالهيكل الثاني سيعود المسيح ويظهر. ولكن رئيس البلدية في حينه، تيدي كوليك، أدرك الخطر الذي يُشَكِّله النفق، ومارس هو وقائد الشرطة ضغوطاً على رئيس الوزراء بيجن لإغلاق النفق.
وحدثت في العام 1984 أخطر محاولة لنسف المسجدين ، قامت بها مجموعة تعرف باسم المنظمة السرية اليهودية (The Jewish Underground) مكونة من 27 مستوطناً ذوي خبرات عسكرية واسعة. وكانت خلفيتهم الإجتماعية تنتمي إلى قلب حركة المستوطنين، وبعضهم من "الأرستقراطية القومية – الدينية". وعلى الرغم من أن المؤسسة الدينية تبرأت منهم إلاََّ أنهم حظوا بإعجاب كبير من المجتمع القومي – الديني.
وفي العام 1984 قامت "عصابة لفتا" (The Lifta Gang) بمحاولة لتسلق الحائط الشرقي للمسجدين كي تدخل إلى الساحة وتدمر المسجدين.
إن من المهم أن نعيد تأكيد القول بأنه ليس من الضروري القيام بعمل فعلي ضد الحرم الشريف من أجل إشعال النار في المنطقة كلها. إذ يكفي استفزاز صغير لإسالة الدماء. ففي العام 1990 أعلنت مجموعة تُسمى حركة المؤمنين بجبل الهيكل (Temple Mount Faithful Movement) عن عزمها وضع حجر الأساس لبناء الهيكل. ونتيجة لقمع المظاهرات التي اندلعت بالقوة ضد هذا المخطط قتل 17 فلسطينياً. وفي العام 1996 قام رئيس الوزراء في حينه نتنياهو، ورئيس بلدية القدس أولمرت بفتح نفق حائط المبكى. فاندلعت الإضطرابات التي قتل فيها 70 فلسطينيا و16 جندياً إسرائيلياً، وأصيب المئات بجروح.
وكان أكثر أعمال الاقتحام استفزازية هو الاقتحام الأخير الذي قام به أرييل شارون في تشرين الثاني (نوفمبر) 2000، عندما دخل إلى ساحة الحرم ترافقه كتيبة كبيرة من الشرطة. وكما هو معروف جيداً أدى ذلك إلى اندلاع الإنتفاضة الثانية، بعد أن أطلقت الشرطة النار على ستة فلسطينيين فقتلتهم.
*(يقصد بناء مسجد قبة الصخرة المشرفة ومبنى المسجد الاقصى المبارك الواقعين في منطقة الحرم والبالغ مساحتهما 144 دونماً)

النشاط الراهن – خلق إمكانيات وقوع أزمة
لا يوجد هناك نقص في الحاخامات الذين يعبرون علانية عن رغبتهم في إيقاع أضرار بالمسجدين. ومن الحاخامات البارزين من هذه الفئة في هذا المجال الاتية اسماؤهم:
الحاخام إسرائيل أرييل (Rabbi Israel Ariel): كتب في العام 2004 يقول بأن فك الارتباط هو عقاب لإهمال الحرم الشريف. فوفق اعتقاده، إن لم يتوفر للرب مكاناً للاستقرار ، عندئذ لا يستحق شعب إسرائيل أن يكون له مكان استقرار، وبالتالي فالرب سيطرده من أرضه. وكما يقول الحاخام أرييل "إذا وفرنا للرب مكان استقرار، فإنه سيسكن في نفوسنا."
الحاخام دافيد دودكفيتش (David Dudkevitch)، وهو حاخام يتسهار ومنطقة السامرة (Rabbi of Yizhar and of the region of Samria). يقول بأن الضعف اليهودي في نظر المقام المقدس يشع إلى الأمام فوق البلد كله، تماماً مثلما يؤثر الوجع في القلب على مجمل الجسم. والحل الذي يقترحه هو العمل على الفور، والبدء في العمل لإعادة السيطرة اليهودية على الحرم الشريف.
إليزور سيجال (Elizur Segal)، الذي يُدرِّس في مدرسة الفكرة اليهودية الدينية ( Yeshiva of the Jewish Idea) في مستوطنة تفوح (Tapuah)، كتب مقالاً يمتدح باروخ جولدشتاين لاستعداده للتضحية بنفسه من أجل شعب إسرائيل ( كان جولدشتاين مستوطناً هاجر من أمريكيا، وأقام في الخليل، قتل في العام 1994، 29 فلسطينياً.) واستمر إليزور يكتب قائلاً بأن مَن يرغب في إتباع تعاليم الـ Maimonides عليه أن يتطلع إلى تفجير المسجدين وحرث بقاياهما بالجرارات.
ويوجد الآن عدد من المجموعات النشطة التي تقود حملة من أجل وجود إسرائيلي في الحرم الشريف. وعلى الرغم من أن هذه المجموعات ليست مقتصرة على المستوطنين، إلاَّ أنها تدعم بقوة أنشطة المستوطنين وتعكير العلاقات السلمية بين اليهود والعرب. واللاعبون الرئيسيون هم:
جيرشون سولومون (Gershon Solomon)، وهو رئيس حركة أمناء جبل الهيكل. فبالنسبة له إن مَن يسيطر على الحرم الشريف يكون له الحق في كل أرض إسرائيل. ومن ناحية أخرى فإن مَن يتخلى عن الحرم الشريف يجب الشك في أنه ملك أرض إسرائيل.
جوزيف إلبويم (Joseph Elboim) وهو رئيس الحركة من أجل بناء الهيكل. وهذه المجموعة تحافظ على وجود دائم في ساحة الحرم وتنظم زيارات هناك كل يوم خميس.
الحاخام شلومو أفينر (ٌRabbi Shlomo Aviner) وهو رئيس المدرسة الدينية عطرات كوهانيم (Yeshiva Ateret Kohanim) في الحي الإسلامي [من البلدة القديمة]. ونقل عن أفينر أنه قال في مؤتمر في العام 1990 بأن نفق حائط المبكى هو الخطوة الأولى نحو بناء الهيكل الثالث.
الحاخام إسرائيل أرييل، رئيس معهد الهيكل، قال في المؤتمر ذاته بأن النفق يجب أن يكون جسراً نحو الهيكل. ولو كان لديه جرافة في وقت احتلال البلدة القديمة، لقام حينها بهدم الحرم الشريف.
الحاخام يوسي بالاي (Rabbi Yossi Palai)، رئيس جمعية نحو الجبل (To the Mount Association)؛ وهذه المنظمة تقوم بطقوس شهرية تشمل الدوران حول سور البلدة القديمة.
حركتا كاخ وكاهانا حيّ (The Kah and Kahane Hai Movements) ، ومدرسة "الفكرة اليهودية" الدينية في مستوطنة تفوح. تجب ملاحظة أنه رغم مراقبة سلطات الأمن الإسرائيلية لهذه المجموعات، فإن اهتمامهم الأساسي يجب أن ينصب على شخص ليس عضواً في أي من هذه المجموعات. فشخص كهذا، يعمل بشكل مستقل، سيكون من الصعب جداً تتبعه والعثورعليه. فهنالك احتمال كبير أن يُعثر على مثل هذا الشخص بين "شباب قمة التل" (hilltop youth) في منطقة مستوطنات يتسهار، وايتمار وتفوح.











الملحق B
كتيب عطرات كوهانيم من أجل
جمع تبرعات لشراء أملاك
في القدس الشرقية
تشرين الأول (أكتوبر) 2009



الملخص
العقار المساحة
بالمتر المربع عدد الشقق الإشغال المحتمل
(بالعائلات) الأملاك القريبة
البلدة القديمة
بيت شعاريه هابراخيم 400 5 4-3 2 في مجمع باب الساهرة
بيت بوتيش 350 4 4 لا توجد
بيت هابيدور 350 4 4 بالقرب من بيت باروخ
بيت هانيس 500 8 (صغيرة) 5 بيت دوران
بيت هاشعاريه هاشاداش 140 2 2 لا توجد
بيت هاكوربان 450 4 4 بالقرب من هاشعاريه هاشاداش
المجموع 2190 متر مربع 27 شقة 22 عائلة جديدة
القرية اليمنية
بيت هاشاتيار 450 4 4 بالقرب من بيت هادفاش
بيت هامختار 400 4 4 بالقرب من بيت يهوناتان
4 قطع ارض 2000 بيوت اسكان مجموعات 12-6 وقف بنفنيشتي، بيت يهوناتان
حي رامبان
بيت هاسليخا 230 2 2 بالقرب من فندق شبرد
كيدمات زيون
10 مشاريع لقطع اراضي 10000-15000 بيت ساره، بيت ها أخيم


البلدة القديمة
إن قلب مدينة القدس ينادينا. ست قطع أملاك مسجلة في الطابو (سجل الأراضي في إسرائيل) معروضة الآن للبيع؛ وهذه الأملاك تمثل فرصة لتعزيز التجمعات السكانية اليهودية في البلدة القديمة باثنين وعشرين عائلة إضافية، مما سيجعل عدد السكان اليهود في البلدة القديمة، باستثناء الحي اليهودي، أكثر من ألف شخص.
في الوقت الذي تتآمر فيه الأمم المتحدة والدول في أنحاء العالم لإنتزاع القدس والأماكن المقدسة في نهاية الأمر من أيدي اليهود، يصبح وجود البلدة القديمة قوية فيها مجموعة سكانية يهودية ثابتة، أمراً حيوياً لقدرتنا كأمة في الحفاظ على السيطرة على مركزنا الروحي. إن عطرات كوهانيم وأنت سيجعل ذلك يحدث.


بيت شعاريه هابراخيم (Beit Sha ar HaPrachim)
يقع بمحاذاة أسوار البلدة القديمة وجزء من حي "شعاريه هابراخيم" (Sha ar HaPrachim) (باب الساهرة) الذي سيقام في المستقبل، وسيأوي، عند بنائه21 عائلة، وسيحتوي على كنيس، وروضة أطفال ,وبركة ومكانا للألعاب والترفيه. وستوفر قطعة الأملاك الجديدة للحي الجديد إمكانية الإتصال بالطريق الرئيس المتجه إلى الجنوب.

إجمالي المساحة 400 متر مربع
الإستخدام الحالي للسكنى
الاستخدام في المستقبل منازل لثلاث أو أربع عائلات يهودية
حق الشراء الطابو
الثمن الإجمالي 7ر1 مليون دولار، (بما في ذلك عمولة السمسار والمصاريف العامة)

بيت بوتيش (Beit Boteach)
يقع على بُعد دقائق من باب الإسباط (Lions Gate) وهار هابايت – الحرم الشريف، في منطقة يعيش فيهل اليوم القليل من اليهود. وستسمح لنا حقوق الطابو الكاملة بإقامة منازل جديدة تُطل على منظر هار هابايت (Har Habayit) الرائع.
إجمالي المساحة: 400 متر مربع
الإستخدام الحالي: للسكنى
الإستخدام في المستقبل: منازل لأربع عائلات يهودية
حق الشراء: الطابو
الثمن الإجمالي: 75ر2 مليون دولار.

بيت هابيدور (Beit Habidur)
إن العائلتين اليهوديتين الوحيدتين في بيت باروخ في الحي المسيحي تحتاجان إلى جيران يهود لطيفين. سيحقق وجود أربع عائلات في المِلك المجاور في بيت هابيدور ذلك.
يمكن من السطوح رؤية منظر رائع للحرم الشريف.
إجمالي المساحة: 400 متر مربع
الإستخدام الحالي: للسكنى
الإستخدام في المستقبل: منازل لأربع عائلات يهودية
حق الشراء: الطابو
الثمن الإجمالي: 75ر1 مليون دولار

بيت هانيس (Beit Haness)
قريب من مجمع باب الساهرة في الشمال الشرقي للمدينة، وفي انحدار الشارع من بيت دوران، تقع شقتنا الجديدة، بيت هانيس – بيت المعجزات -، وهي في طريق للمارة هام لا يستخدمه اليهود الآن لعدم وجود يهودي في المنطقة. ولكن وجود خمس عائلات يهودية سيغيِّر هذا الوضع.
إجمالي المساحة: 500 متر مربع
الإستخدام الحالي: للسكنى
الإستخدام في المستقبل: منازل لخمس عائلات يهودية
حق الشراء: الطابو
الثمن الإجمالي: 75ر2 مليون (بما في ذلك عمولة السمسار والمصاريف العامة)

بيت هاكوربان (Beit Hakorban)
يقع على بعد دقائق من الباب الجديد، ليس بعيداً عن "بيت شعاريه هاشاداش"، وهو في بقعة جذابة للغاية من المدينة، وسيعزز الوجود اليهودي في محيط الباب الجديد.
إجمالي المساحة: 450 متراً مربعاً
الإستخدام الحالي: للسكنى
الاستخدام في المستقبل: منازل لأربع عائلات يهودية
حق الشراء: الطابو
الثمن إلإجمالي: ما زال قيد المفاوضات

بيت هاشعار هاشداش (Beit Hasha ar Hachadash)
يقع في موقع استراتيجي بين باب الخليل والباب الجديد، وفي منطقة ليس فيها وجود يهودي، ويبعد دقائق عن فندقيّ البتراء وإمبريال؛ ستنتعش وتتفتح الحياة اليهودية حتى مع كونها محاطة بالكنائس الرئيسة والبطريركيات المسيحية في القدس.
إجمالي المساحة: 140 متراً مربعاً
الإستخدام الحالي: للسكنى
الإستخدام في المستقبل: منزلين لعائلتين يهوديتين
حق الشراء: الطابو
الثمن الإجمالي: 3ر1 مليون دولار (بما في ذلك عمولة السمسار والمصاريف العامة)
















القرية اليمنية (Yemenite Village)
كان يسكنها في يوم من الأيام مائة وخمسون عائلة [يهودية] يمنية، بدأوا في الوصول إلى إسرائيل [فلسطين] في 1882، وأخليت القرية ودُمِّرَت في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، ثم هُجِرَت في العام 1938، وقد أخذت الآن تعود إلى الحياة.
استقرت منذ العام 2004 ثماني عائلات يهودية في القرية، وعادت القرية تعج بالحياة بعد أن تم إنشاء كنيس و kollel. ويشمل المخطط المستقبلي لإعادة إحياء القرية ترميم الكنيس القديم وإعادته، وبناء مركز للسكان ومتحف واستعادة مئات من الأمتار المربعة من الأراضي المملوكة لليهود.

تخطيط الأحياء
القطع الأربع من الأرض الملونة باللون الأزرق على الخريطة على اليمين، والتي تمتد أكثر من 2000 متر مربع، كانت في يوم من الأيام مِلكاً ليهود يمنيين. قمنا بشرائها بقرض من الحارس العام لدولة إسرائيل. ننوي بناء مركز للتراث اليمني، وكنيساً وبركة وقاعات للدراسة وعمارتين سكنيتين على قطع الأرض هذه، إذا شاء الله.
بقايا الكنيس التاريخي القديم ملونة باللون الأصفر.
إجمالي المساحة: 2000 متر مربع
الإستخدام الحالي: للسكنى
الإستخدام في المستقبل: للسكنى ولشؤون السكان الإجتماعية
العمل اللازم : إنهاء التسجيل والتخطيط
الثمن الإجمالي: 700 ألف دولار (بما في ذلك التخطيط والتسجيل)

بيت هامختار (Beit Hamuchtar)
يقع في أسفل بيت يهوناتان مباشرة، وهو عمارة من سبعة طوابق، تم شراؤها في العام2004، ويطلق عليها بيت هامختار (ملونة باللون الأزرق)، وهي البيت الأصلي لمختار يهودي في القرية اليمنية، الحاخام أهارون ملياح (Rabbi Aharon Maliah).
وتقع العمارة بجوار القطعتين اللتين نملكهما، واللتين، إن شاء الله، سنبني عليهما المزيد من المنازل.
إجمالي المساحة: 2000 متر مربع
الإستخدام الحالي: للسكنى
الإستخدام في المستقبل: منازل لأربع عائلات يهودية
حق الشراء: تعود لمالكين يهود، مؤجرة لمقيم عربي، والإستئجار محمي
ألثمن الإجمالي: 6ر1 مليون دولار (بما في ذلك عمولة السمسار والمصاريف العامة).

بيت هاشاتيار (Beit Hachatyar)
تقوم على قطعة أرض تقع شمالي القرية اليمنية التاريخية عمارة فريدة من طابقين، بُني غالبيتها في الجزء الأول من القرن العشرين.
وقد بناها شخص ينتمي إلى أغنى العائلات العربية في القدس وما يزال يعيش هناك حتى يومنا هذا.
إجمالي المساحة: 750 متراً مربعاً، يحتل المنزل 500 متر مربع من الأرض
الإستخدام الحالي: للسكنى
الإستخدام في المستقبل: منازل لأربع عائلات يهودية
حق الشراء: الطابو
الثمن الإجمالي: 75ر1 مليون دولار (بما في ذلك عمولة السمسار والمصاريف العامة).

حي رامبان (Ramban Neighborhood)
إن شاء الله سنبني حي رامبان على أراضي منزل المرحوم المفتي الحاج أمين الحسيني، شريك هتلر العربي المعروف. تم شراء الأرض من دولة إسرائيل في ثمانينيات القرن العشرين، بعد أن تم نقل الأرض إلى الحكومة. وسيقوم الحي بربط منطقة هامة من أبنية الحكومة بحي الصديق شمعون، وجبل المكبر، والجامعة العبرية ووسط المدينة.
أي استخدام يمكن أن يكون أفضل لمنطقة كانت في يوم من الأيام بيتاً لشخصية معادية للسامية سيئة السمعة، من أن تُستخدم لخلق حياة يهودية جديدة ، في قلب القدس بالذات.

بيت هاسليخا (Beit Haslicha)
يوجد بجوار المنزل السابق للزعيم النازي المسلم المفتي الحاج أمين الحسيني؛ بناء كان في يوم من الأيام منزل العامل الذي كان يعمل في حديقته.
إجمالي المساحة: 200 متر مربع
الإستخدام الحالي: للسكني
الإستخدام في المستقبل: منزلين لعائلتين يهوديتين
حق الشراء: مِلكِيَّة
الثمن الإجمالي: 700 ألف دولار (بما في ذلك التخطيط والتسجيل)

كيدمات صهيون. (Kidmat Zion)
في عشرينيات القرن العشرين، اشترت مجموعة من اليهود تطلق على نفسها اسم جمعية المعلمين والمستأجرين (Teachers and Tenants) مساحة شاسعة من الأراضي على أحد سفوح جبل الزيتون، بهدف بناء حي يهودي في المكان الوحيد في القدس الذي يستطيع المرء أن يُطل منه على الحرم الشريف، ويرى تحقيق نبوءة التوراة (الواردة في كتاب D avrim) القائلة: "ستسكن بين كتفيها".
خلال العقد الماضي راحت عطرات كوهانيم تطرح مخططاً للمدينة من أجل تحقيق حلم "جمعية المعلمين والمستأجرين" أخيراً وبناء مجتمع يهودي في الطرف الشرقي من المدينة. وستتكون المرحلة الأولى من المشروع من بناء 300 بناية سكنية ولخدمات السكان (الخريطة، المنطقة المحددة باللون الأحمر). وستبنى 500 وحدة إضافية في المراحل اللاحقة. (الخريطة، المناطق التي باللون الأصفر).
بالإمكان اليوم شراء 10 قطع من الأرض من ملاكين يهود، من أجل تنظيم عملية التخطيط، ومنع حدوث أية صعوبات في إطلاق المشروع.

المراجع
Alkraikia Amran V., The State of Israel, Misc. Civil Petitions: 8143/04, 2004
Cheshin Amir, Hutman Bill & Melamid Avi, Separate an Unequal, The Inside Story of Israel Rule in East Jerusalem, Havard University Presas, 1999, p.215.
Azooulay Ariela, Ophir Adi, The Monster s Tail, Roulotte: 05, Catalunya, 2009
Be er Yizhar, The City and the Dogs: A Psychedelic Tour Through Jeruslam s More Peculiar Districts, The Huffington Post, July 30, 2009.
Dagan Hagai, The Concept of Moledet (Birthplace) and the Jewish Ethos, Alpayim, Vol. 18, 1999
Eldar Akiva & Zertal Idith, Lords of the Land: The War for Israel s Settlements in the Occupied Territories, 1967 – 2007, 2009
Gal Moriah, "Jerusalem" newspaper, February 13, 2004, and the Association s Website.
Government Resolution No. 4090, dated August 9, 2005
Greenberg Raphael, Shallow and Brutal Archaeology, Haaretz 22, 2006
Heiman Yuval, Mitagat L pnei Hashetah, Kol Hazman, September 22, 2006 (Hebrew)
Inbari Motti: Jewish Fundamentalism and the Temple Mountain, Jerusalem 2008 (Hebrew)
Jerusalem Post, April 23, 1990
Karmi Rami, "Human Values in Urban Architecture", in: Israel Builds, Tel Aviv, 1977.
Kimhi Israel, Land Use in the Ancient City, in: Eyal Meiron & Doron Bar, Planning and Conserving Jerusalem, Jerusalem, 2009, p. 141
Klugman Haim, Report of the Commission to Investigate the Issue of Building in East Jeruslem, September 10, 1992.
Knesset, Finance Committee, Protocol N. 409, August 4, 2007
Kroyanker David, Adrihalut BeYerushalaim, 1992 (Hebrew)
Koskela Hille, CamEra – The Contemporary Urban Panopticon, in: Surveillance & Society 1(3), 2003, pp. 292, 313
Lynch Kevin, The Image of the City, MIT Press, 1960
Lynfield Ben, Grounds for Dissent, Jan.3, 2009, South China Morning Post. As provided by Doron Shpilman, spokesperson for Elad. See also: Shofar, - An Organization for the Dissemination of Judaism, August 30, 2005.
Margalit Meir, Discrimination in the Heart of the Holy City, IPCC, Jerusalem, 2006
Misezhnikov Stas. MK, Chairman of Finance Committee, January 14, 2008
Nitzan-Shiftan Alona, "The Israeli Place in East Jerusalem", in: City of Collision, Jerusalem and the Principles of Conflict" Urbanism, p.336, Germany, 2006
Omeda: A Tender for Providing Security Services to the Mounrt of Olives was published this month",January 23, 2008
Palestine Cabinet Meeting, The Palestine Commission to Probe the Facts and Realities of the so-called Bab Al-Khalil and the Greek Orthodox Patriarchate, March 2005. Authors Elias Khouri, Advocate, and Jawad Bulus, Advocate.
Petti Alessandro, "Asymmetries in Globalized Space –The Road Network in Palestine Israel." Arcipelaghi e Enclave, Milano 2007. The concept was first originated by the Spanish sociologist Manuel Castells.
Pfeffer Anshel, He Holds the Temple Mount, Musaf Ha aretz, February 23, 2007
Pundaminski Kuti, The Holy Basin Plan, Jerusalem Newspaper, February 11, 2005.
Rappaport Meron, Our Man in Silwan, Ha aretz supplement, April 1, 2005.
Rappaport Meron, "What is Good for Ateret Cohanim is Good for the State", Ha aretz, February 2,2007
Rappaport Meron, Ministry of Trade & Industry Considering the Dismantlingof the Association for a United Jerusalem,, Ha aretz, November 21, 2007
Rappaport Meron, Ha aretz, January 29, 2008
Sharon Ami, Dati Li Yisrael: "A tender will be issued this month for the security project that includes the Mount of Olives", January 24, 2008.
Shenhau Yehuda, Space, Land, Home, 2003. (Hebrew).
Shneor Revital, The City Where Davidaleh Walked, B Sheva, vol. 84, March 11, 2004
Shragai Nadav, The Mount of Contention, The Struggle for the Temple Mount, Jews and Muslims, Religion and Politics, Keter, 1995
Shragai Ndav, Bime erah Beyameinu, Ha aretz, December 31, 2004
Shragai Nadav, Demography, Geopolitics and the Future of Israel s Capital, Jerusalem s Master Plan, Jerusalem Center for Public Affairs, 2010.
Torgovnik Ephram, The Political Dimension of Urban Planning Policy in Israel, The Jerusalem Center for Public and Political Affairs, 1997.
Ushpiz Ada, "They Came at Night and Walked In", Ha aretz, February 20, 2004
Waitz Gidi, Ha aretz Magazine, February 2, 2007.



#مازن_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهمية ماركس في الزمن الراهن-حديث مع إريك هوبسباوم


المزيد.....




- جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و ...
- -ورقة مساومة-.. الآلاف من المدنيين الأوكرانيين في مراكز احتج ...
- -مخبأة في إرسالية بطاطس-.. السعودية تحبط محاولة تهريب أكثر م ...
- -غزة.. غزة-.. قصيدة ألمانية تستنطق واقع الفلسطينيين وتثير ال ...
- بسبب هجومات سيبرانية.. برلين تستدعي سفيرها في موسكو للتشاور ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- بوتين للحكومة في اجتماعها الأخير: روسيا تغلبت على التحديات ا ...
- مصر.. اتحاد القبائل العربية يحذر من خطورة اجتياح رفح ويوجه ر ...
- تقرير: مصر ترفع مستوى التأهب العسكري في شمال سيناء
- بعد ساعات على استدعاء زميله البريطاني.. الخارجية الروسية تست ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مازن الحسيني - إسرائيل والقدس الشرقية:استيلاء وتهويد - مائير مارجليت