مؤسسة ابن رشد للفكر الحر في حوار مفتوح حول: المؤسسة، أهدافها والياتها في ظل الوضع العربي الراهن.


مؤسسة ابن رشد للفكر الحر
الحوار المتمدن - العدد: 3339 - 2011 / 4 / 17 - 13:47
المحور: مقابلات و حوارات     

اجرت الحوار: بيان صالح
من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا –47 - سيكون مع  مؤسسة ابن رشد للفكر الحر حول: المؤسسة، أهدافها والياتها في ظل الوضع العربي الراهن.

1- ما هي ابرز نشاطات مؤسسة ابن رشد؟

عملت مؤسسة ابن رشد للفكر الحر منذ تأسيسها على دعم ومساندة الفكر الحر في المنطقة العربية واتخذت في هذا السبيل تقديم جائزة سنوية لتشجيع وتسليط الضوء على دور المفكرين والمبدعين في المنطقة العربية والذين قدموا نتاجات تنويرية تعبر عن طموح الارتقاء بالفرد والمجتمع في العديد من مجالات الإبداع. واستطاعت مؤسسة ابن رشد اعتباراً من جائزتها الأولى اتباع منهج ديمقراطي تشاركي واسع في اختيار موضوع الجائزة فهو لا يعد حكراً على هيئات المؤسسة بل يشترك كل أعضائها في اختياره سنوياً عن طريق التصويت بين عدة مواضيع، وهذه الطريقة ساهمت إلى الآن في تنوع كبير بالمواضيع التي ركزت عليها المؤسسة في جوائزها. الخطوة الثانية التي أضافتها المؤسسة ضمن عملها يتلخص في إتاحة الفرصة لكل فرد من المنطقة العربية أو أي منطقة من العالم بالمشاركة المباشرة بترشيح الشخصيات المناسبة لموضوع الجائزة. هذه الخطوة اعتبرتها المؤسسة نوع من الاشراك وآلية لاستفتاء عدد كبير من المهتمين وإيصال صوتهم وآرائهم من خلال تواصلهم في عملية الترشيح. إلى جانب فسح المجال للمشاركة الواسعة في تقديم الترشيحات عملت المؤسسة على إشراك النخب العربية المتخصصة في لجان التحكيم والتي يجري اختيارها والتواصل معها كي تحكم وتقرر الشخصية أو الهيئة التي تتناسب إمكانياتها مع موضوع الجائزة. تختتم المؤسسة هذا النشاط بإقامة احتفالية لتقديم الجائزة وهذا النشاط إعلامي بامتياز تعمل من خلاله على التعريف بنتاجات من يفوزون بهذه الجائزة وتحرص المؤسسة في هذا المجال على إشراك أعلام من المفكرين والأكاديميين الألمان والعرب لتكريم الفائز والتعريف به خاصة للجمهور العربي والألماني.
يرتبط بالجائزة عمل دؤوب في الترجمة لكل البيانات الصحفية إلى الإنكليزية والفرنسية إضافة إلى ترجمة كل الكلمات التي تلقى في الاحتفالية الى اللغتين العربية والألمانية ويجري إصدارها ككراس يمكن الرجوع إليه، الى جانب ترتيب ومتابعة التواصل مع وسائل الاعلام وتأمين المؤتمرات واللقاءات الصحفية.
صفحة ابن رشد الإلكترونية تعتبر مصدراً للمعلومات على كل الجوائز التي قامت المؤسسة بتقديمها خلال الأعوام الماضية مؤثقة إياها بالنصوص والصور، كما تنشر على صفحاتها بياناتها والتقارير الصحفية التي تصدرها. كما يصدر عن المؤسسة بشكل شبه فصلي مجلة إلكترونية أطلقت عليها اسم منبر ابن رشد، درجت على تقديم مواد فكرية ودراسات نظرية في مواضيع متخصصة وتقدم موادها باللغة العربية وبعضها باللغة الإنكليزية إضافة إلى مواد مترجمة.
تتابع المؤسسة على المستوى العربي كل الأحداث والتحركات التي تمس وتعنى بقضايا الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتصدر في كل المحطات الحرجة نداءات، بيانات احتجاج، إدانة لأحداث تعصف في المنطقة العربية كما وتصدر بيانات مساندة للتحركات الشعبية السلمية وتتصدى في بياناتها لأخطار تتهدد الحريات العامة وحرية الرأي الضمير في المنطقة العربية، الفيصل الأساسي في تحركها دعم ومساندة إرادة الشعوب في التغيير وتحقيق تطلعاتها في التحرر ونيل الحريات والديمقراطية والارتقاء بمجتمعاتها.
عقد ندوات فكرية ونقاشات بشكل منفرد أو بالاشتراك مع هيئات ومؤسسات عربية والمانية.

2- جائزة ابن رشد للفكر الحر ذات مكانة عالمية كبيرة ، كيف يتم اختيار موضوع الجائزة واليات الترشيح والتحكيم؟


نشأت فكرة جائزة مؤسسة ابن رشد للفكر الحر بعد ملاحظة الكثير من الكتاب والمفكرين في العقود الماضية للفرق الكبير في القدرات المعرفية والعلمية في معظم المجالات بين المجتمعات العربية والمجتمعات المتقدمة مما أدى إلى تأخر واضح للمجتمعات العربية في التقدم الحضاري وعملية التنمية وبناء الإنسان المواطن الحر الذي هو أساس كل مجتمع سليم. وكانت قناعتنا في المؤسسة منذ البداية أن الإنسان المواطن الذي يتمتع بالحرية هو من يستطيع المساهمة في الإبداع والمشاركة الديمقراطية في الحكم.
طبعاً لا يفوتنا ملاحظة أن العلم والمعرفة والمثل العليا والمساواة والعدل الاجتماعي واحترام حقوق الإنسان والاعتماد المطلق على الجهود الذاتية في التطوير هي القيم التي تبني المجتمع الحديث الديمقراطي العقلاني المنفتح.
من هذا المنطلق تحدد أن أهم ما يجب أن ننادي به ونعمل من اجله هو دعم الفكر الحر والديمقراطية في المجتمعات العربية. ومن أجل ذلك تم منح جائزة ابن رشد للفكر الحر كل عام لأحد المبدعين العرب في الفكر أو الفلسفة أو الإعلام، حقوق المرأة أو الأدب النقدي أو الصحافة لكونهم يساهمون في تطوير المجتمع الفكري العربي.
هذه المبادئ التي تحملها المؤسسة لم تكن وحدها كافية للقفز بشهرة جائزتها فوق الحدود القطرية والعربية وحتى إلى العالمية بل إن استقلال المؤسسة الاقتصادي الكامل والذي يعتمد فقط على رسوم العضوية وبعض تبرعات الأعضاء وعدم قبول أية مساعدات مالية من حكومات أو مؤسسات سياسية أو دينية ساهم بدرجة كبيرة في رفع مستوى شهرة الجائزة المعنوي. هذا ويعمل أعضاء الإدارة وأعضاء هيئة التحكيم بصورة تطوعية.
اختارت المؤسسة اسم الفيلسوف العربي ابن رشد اسماً لها ولجائزتها السنوية لأن هذا المفكر العربي الكبير كان ولا يزال أعظم مفكر عربي عقلاني أخذ بالسببية وانتشل العقل المفكر من استيلاء الغيبيات عليه بالإضافة إلى أنه كان الشارح الأكبر لفلسفة أرسطوطاليس. انتقل فكر وفلسفة ابن رشد عن طريق الترجمات العبرية إلى معظم أوروبا وأدي إلى جدل فكري عميق كان من أحد الأسباب المهمة لتطور أوروبا إلى عصر التنوير. في بداية كل عام تقترح الهيئة الإدارية والاستشارية للمؤسسة خمسة مواضيع لجائزة ذلك العام وتطلب من الأعضاء المنتشرين في البلاد العربية والمهجر بالتصويت على موضوعهم المفضل الذي دائماً نأخذ به ونعلن بعدة لغات في وسائل الإعلام عن موضوع الجائزة ونطلب لمن يود أن يرشح أحداً لنيل الجائزة. هذا ويحق لكل إنسان ترشيح آخر مع الالتزام بمواصفات الإعلان.
بما أن موضوع الجائزة يختلف في كل عام تختار الهيئة الإدارية والاستشارية خمسة أسماء للجنة التحكيم، ليس لهم أية علاقة بالمؤسسة، مشهود لهم عربياً وعالمياً بالمهنية في ذلك الموضوع لكي يبدوا رأيهم عن أحقية الفائز بواسطة نظام يعتمد على النقاط حسب الأولية والمؤسسة تأخذ دائما بما تقرر هيئة التحكيم. للاطلاع على أسماء الفائزين بالجائزة أو لجان التحكيم وسير حياتهم أنظر صفحة المؤسسة.

3- ما هو موقف مؤسسة ابن رشد من الحراك الجماهيري في الدول العربية المناهض للاستبداد والفساد؟


هذا سؤال هام في الظروف الثورية التي يمر بها العالم العربي اليوم من ضفاف الأطلسي حتى ضفاف الخليج العربي وانطلاق مارد وشبح الحرية والديمقراطية من قمقمه بعد عقود طويلة عجاف من ممارسة الاستبداد والعسف والقمع والفساد من قبل أنظمة الحكم القطرية المتساومة مع مراكز الرأسمال العالمية الرجعية السوداء.
وقبل الإجابة المباشرة على سؤالكم الوجيه لا بد لنا من العودة بالأساس إلى تاريخ ظهور مؤسستنا وأسباب تشكلها. ففي العام 1998 تنادى عدد من المثقفين العرب في ألمانيا، الذين قض مضاجعهم واقع تأخر مجتمعاتهم وتخلفها في المشاركة بالحضارة العالمية ومواكبة حركة التاريخ في الديمقراطية والتنمية واحترام حقوق الإنسان الأولية، للبحث عن دور يقومون من خلاله بمساعدة شعوبهم في الخروج من هذا الواقع الأليم. وكان اتفاقهم بأن الطريق الأمثل للمساهمة في تحقيق هدفهم، هو دعم ومساندة رواد ومفكرين وباحثين من أوطانهم عملوا ويعملون على نشر الفكر الحر، فكر التنوير والنهضة، فكر الديمقراطية وكرامة الفرد الواحد المستقل واحترام وثيقة مبادئ حقوق الإنسان الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة في العام 1948. هذه الوثيقة التي نعتبرها دستور الدساتير وخلاصة نضال الإنسانية في سعيها الدؤوب منذ آلاف السنين نحو مجتمع الحرية والانعتاق والعدل والمساواة والسلام. من هنا جاءت فكرة تقديم جائزتنا السنوية المتواضعة مادياً والغنية معنوياً، والتي نالت دعم وتأييد عدد كبير من المفكرين الطليعيين وأصحاب الرأي التقدميين من أمثال محمود أمين العالم، وبرهان غليون وحيدر عبد الشافي وعزيز العظمة وصادق جلال العظم.....وغيرهم.
وللإجابة المباشرة على سؤالكم فإن مؤسستنا تعتبر أن ما يجري الآن من أحداث وتغييرات الانتفاضة العربية الكبرى ونجاحاتها الأولية في تونس ومصر ومخاضاتها العاصفة في الدول الأخرى، ثمرة من ثمار عملها وعمل القوى الخيرة الأخرى على امتداد العالم العربي، ونجاحاً وبرهاناً على صحة فكرها ونهجها وعملها ثلاثة عشر من السنين المتواصلة.
إن دعمنا ومساندتنا لما يجري اليوم من ثورات وانتفاضات، تجلى في عدد من البيانات والتصاريح الصحفية، والمشاركة في المظاهرات والاعتصامات والتي تجري في برلين وبقية المدن الألمانية الأخرى ( ساحة تواجد العدد الأكبر من أعضاء المؤسسة) وتوقيع النداءات المساندة والمتضامنة مع الجماهير المنتفضة في ليبيا واليمن والبحرين والسعودية والأردن والتي نأمل أن تتمدد لتشمل بقية البلدان الأخرى. إن إزاحة أنظمة التعسف والفساد والعمالة والديكتاتورية يفتح الطريق واسعاً أمام شعوب أمتنا في ولوجها بوابة الحرية والتنمية والوحدة والعدالة الاجتماعية، ويعيد لإنسان منطقتنا الثقة بنفسه وبقدراته على التغيير وصنع تاريخه بنفسه.

4- دور المرأة في مؤسسة ابن رشد؟ وكيف تقيم مؤسسة ابن رشد التمييز الايجابي لصالح المرأة؟

وقد أدركنا هذا الأمر في عملنا في المؤسسة وحرصنا أن تكون في لجنة التحكيم الخماسية على الأقل امرأتين ولأننا نحتار من قلة أعداد المرشحات نسبة إلى المرشحين للجائزة السنوية لذا قررنا أن تخصص جائزة هذه السنة 2011 للمرأة فقط.
نحتاج نظاما ديمقراطيا متنوراً يتحقق من خلاله:
مساواة المرأة بالرجل
العدل الاحتماعي
حرية التعبير
حقها في الثقافة وفي قرار تدبير شأنها (اتخاذ مسئوليتها بنفسها/زمام أمرها)
التغير مطلوب بتوعية مستمرة على مستوى واسع يشمل كل الطبقات والفئات الاجتماعية من النساء وليست النخبة فقط.
نؤمن بتساوي الجنسين في الحقوق والواجبات أما نظام الكوتا النسائية فهو بحد ذاته يستوجب تفضيل النساء في حالة تساويهن مع الرجال بالكفاءة فهو يتعارض شكلياً مع مبدأ المساواه إلا أن المؤسسة يهمها كثيراً أن تشارك المرأة في كل المجالات فالهيئة الإدارية التي تتكون من خمسة أشخاص فيها امراتان وفي الهيئة الاستشارية هناك ايضاً امرأتين وتحرص المؤسسة أن تكون امرأتين على الأقل في لجنة التحكيم الخماسية. ولا مانع لدينا أن يكون العدد أكبر بكثير عند توفر رغبة واستعداد النساء. أما إذا أردنا تغييراً ملحوظاً في المجتمع ربما يتطلب أن ندعم تكافؤ الفرص بإدخال الكوتا في بعض الميادين الملحوظ فيها مشاركة المرأة بنسبة قليلة مثلاً في مجالي السياسة والقضاء.

ويجب أن نذكر هنا ما قاله فيلسوف العرب ابن رشد عن المرأة:
"تختلف النساء عن الرجال في الدرجة لا في الطبع. وهن أهل لفعل جميع ما يفعل الرجال من حرب وفلسفة ونحوهما".
وعن دور المرأة كتب ابن رشد في القرن الثاني عشر ميلادي السادس هجري: "المجتمع الذي يجعل من نسائه عبيداً كُتِبَ عليه الاندثار".

5- ما هي أسباب اختيار صحافية كموضوع لجائزة ابن رشد لعام 2011 ؟


ارتأت المؤسسة لجائزتها في العام القادم التركيز على جهد النساء في المنطقة العربية في محاولة منها لكسر حاحز التهميش والإجحاف الذي تتعرض له الجهود النسائية والتي مازالت لا تأخذ نصيبها من الاعتراف والتقدير. فعلى الرغم من الإمكانيات الكبيرة والمهنية العالية التي تقدمها النساء في مختلف المجالات وعلى كل المستويات لا يجري معاملتها على قدم المساواة مع زملائها من الرجال مما يجعل النساء والدور المقدم يبقى قابعاً في الظل ولا يجد الطريق للتعريف به. تغيب صورة النساء عن كثير من المجالات على الرغم من وجودها الفاعل، وإن جرى إبرازه يقدم بطريقة متواضعة. من هنا جاءت فكرة جائزة سنة 2011 لتقدير جهود النساء حصراً. مع العلم بأن الجائزة المزمع تقديمها لن تنهي حال التجاهل لطاقات النساء في مختلف المجالات لكنها ستساهم في تسليط الضوء على الدور المميز الذي يتم إغفاله وتجاهله عمداً، وسيفسح مجالا لإعطاء فسحة للتعريف بالطاقات النسائية التي تقوم بدور رائد في المنطقة العربية. مع هذا التخصيص تقدمت المؤسسة لأعضائها بالعديد من المواضيع وفاز موضوع الصحافة في اقتراع الأعضاء. فقد ساهمت الأوضاع الحالية في المنطقة العربية بتصدر هذا الموضوع نظراً لأهميته وللدور الهام والمميز الذي يلعبه على المستوى العربي والعالمي. وهذه ستكون مناسبة لتكريم وتقدير وتسليط الضوء والتعريف بالدور الرائد لنساء المنطقة العربية في العمل الصحفي من خلال جائزة العام القادم.