أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - واثق غازي عبدالنبي - أزمة الطاقة الكهربائية في العراق .. لا تنمية ولا استقرار بدون كهرباء















المزيد.....

أزمة الطاقة الكهربائية في العراق .. لا تنمية ولا استقرار بدون كهرباء


واثق غازي عبدالنبي

الحوار المتمدن-العدد: 3339 - 2011 / 4 / 17 - 00:54
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


مقدمة:
أزمات العراق كثيرة ومتنوعة، ولكن أكثرها شدة وتأثيراً على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في العراق هي أزمة الطاقة الكهربائية. فالعراق اليوم هو أشبه بآلة ضخمة معطلة عن الدوران، لا لعيب في تصميمها أو عطل في أحد اجزائها، ولكن لخلوها من الوقود. فالطاقة الكهربائية هي ما يحتاجه العراق لتحريك قاطرة التنمية الشاملة التي تسير على اربعة عجلات هي: الغذاء، والصناعة، والتعليم، والصحة. عناصر التنمية الشاملة الاربعة هذه لايمكن لها ان تتقدم بدون الطاقة الكهربائية، لذلك فان النتيجة التي وصل اليها بحثنا هذا هي أنه لا زراعة، ولا ثروة حيوانية، ولا صناعة، ولا تعليم، بدون اصلاح شامل لوضع الطاقة الكهربائية في العراق. فضلاً عن ذلك، فان بحثنا هذا قادنا إلى أن الاستقرار السياسي والامني يرتبطان بتوفير الكهرباء، وذلك لان توفير الكهرباء يعني تحفيز الشعب على الثقة بالحكومة والحفاظ عليها وعلى انجازاتها. يضاف الى ذلك أن اصلاح وضع الكهرباء يعني الشروع بالاصلاح الاجتماعي الذي يتربط بالتقدم الاقتصادي والمعرفي والسياسي للبلاد. باختصار شديد، أنه لا جدوى من الحديث عن أي اصلاح ومن أي نوع بدون أصلاح للكهرباء. وأن كل ما يقال عن الاصلاح في العراق، وأن كل الوعود التي يقدمها السياسيون ورجالات الحكومة، ليست سوى تخاريف وخزعبلات. وكذلك كل مطالب المعارضة بالاصلاح وحل المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وغيرها من المطالب، ليست سوى تعبير عن المنافسة السياسية التي لا تخدم العراق ولا العراقيين ما لم تجعل حل مشكلة الكهرباء أولى أولوياتها وأهم مطالبها.
تاريخ أزمة الكهرباء في العراق:
لم يشهد العراق ازمة في الطاقة الكهربائية طيلة فترة الثمانينات على الرغم من الحرب الطويله التي كانت قائمة بين العراق وايران والتي استمرت ثمان سنوات. أزمة الطاقة الكهربائية في العراق بدأت مع حرب الخليج الثانية (حرب تحرير الكويت) في عام 1991 عندما قامت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، عمداً وبدون مبررات، بتدمير البنية التحتية للعراق من طرق وجسور ومصانع وشبكات الاتصال وكذلك محطات الطاقة الكهربائية. وهذا التدمير المتعمد وغير المبرر شكل البداية الحقيقية لازمة الطاقة في الكهرباء والتي استمرت طيلة فترة الحصار الاقتصادي الذي فرضته الامم المتحدة على العراق والذي استمر من عام 1991 لغاية 2003 وهو عام احتلال قوات التحالف للعراق. ضن العراقيون خطئاً أن عام 2003 سوف يكون فاتحة خير لاعادة اعمار وبناء العراق. وضن العراقيون أن أول ما سوف يتم اعماره وبنائه هي محطات الكهراباء. وان ازمة الطاقة سوف تحل خلال سنوات قليلة. ولكن هذا لم يتحقق إلى اليوم لأسباب لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم، وبالتأكيد فان كاتب هذه السطور ليس واحداً منهم.
الطاقة الكهربائية وعناصر التنمية الشاملة:
الطاقة الكهربائية ليست ترفاً ورفاهية، كما يعتقد الكثيرون، بل أنها حاجة ضرورية لبناء عناصر التنمية الشاملة. فتوفير الطاقة الكهربائية يعني توفير الوقود الذي تحتاجه قاطرة التنمية الشاملة للمسير. بدون طاقة لا يمكن أن نتحدث عن تنمية شاملة في العراق. وعناصر التنمية الشاملة في اي بلد هي اربعة: الغذاء (بثروتيه الزراعية والحيوانية)، والصناعة (ثقيلة أو خفيفة)، والتعليم، والصحة. بدون تنمية لهذه العناصر الاربعة، عبر توفير الطاقة الكهربائية أولاً، لا يمكن للعراق أن يحقق اي نوع من التنمية الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية، والتي يُعبر عنها بالتنمية الشاملة.
(1) الصناعة:
ولأيضاح الفكرة دعونا نبدأ بالحديث عن الصناعة. لا يمكن لاي معمل أو مصنع أو حتى ورشة صغيرة أن تعمل بدون كهرباء. فالمكائن التي يستخدمها العاملون لا تدور بدون كهرباء. مثلاً، معمل أنناج الملابس الجاهزة، أو حتى ورشة خياطة بسيطة، لا يمكن لها ان تنتج بدون توفر كهرباء. وهذا الامر ينطبق على كافة أنواع المصانع الاخرى. لهذا السبب فان الكثير من اصحاب المصانع تركوا العراق ونقلوا مصانعهم إلى سوريا أو دول الخليج أو الاردن. فضلاً عن ذلك، فان العديد من المصانع الحكومية التي تشكل عصب الاقتصاد العراقي معطلة أو تعمل باقل من نصف طاقتها لانتاجية بسبب عدم توفر الطاقة الكهربائية الكافية. من هذه المصانع، مصانع الحديد والصلب، ومصانع الاسمنت، ومصانع الاسمدة، ومصانع العلف، ومصانع الورق، ومصانع الأدوية وغيرها الكثير. باختصار، فان الصناعات الخفيفة والثقيلة في العراق لا يمكن لها ان تزدهر بدون توفير كامل للطاقة الكهربائية.
(2) الغذاء (الثروة الزراعية والثروة الحيوانية):
إن الحديث عن الصناعة ومصانع الاسمدة والعلف والادوية يقودنا إلى الحديث عن أزمة الغذاء في العراق. فالزراعة تعاني من ازمة خانقة بسبب عدم توفر الاسمدة وكذلك البذور والدرنات التي يحتاجها الفلاح. وأن الواقع الحالي هو أن الكثير من الفلاحيين توقفوا عن زراعة اراضيهم لان السماد والبذور المتوفرة مستوردة وغالية الثمن، وان ما يصرفه الفلاح من اموال لتوفيرها، لا يمكن استرداده ببيع المنتوج الزراعي الذي يجنيه الفلاح وذلك لمنافسة المنتوجات الزراعية المستوردة التي تكون ارخص ثمننا. هذا فيما يتعلق بالثروة الزراعية، أما فيما يتعلق بالثروة الحيوانية، فان توقف معامل انتاج العلف جعلت اسعار العلف ترتفع لانها مستوردة في غالبيتها، وهذا يعيق اصحاب مزارع المواشي او الدواجن من شراء العلف الكافي لحيواناتهم. فضلاً عن غياب اللقاحات التي يحتاجها مربي الحيوانات لتطعيم حيواناته. وهذا ما سبب في اغلاق العديد من مزارع الدواجن في النجف على سبيل المثال. لذلك فأن حل أزمة الانتاج الزراعي والحيواني في العراق يتمثل في جزء كبير منه بتوفير السماد والبذور والدرنات والعلف واللقاحات باسعار رخيصة نسبياً. وهذا بدوره يتحقق عندما يتم انتاج هذه الاحتياجات محليا وفي مصانع عراقية عبر توفير الكهرباء للمصانع لتبدأ عملها من جديد.
(3) الصحة:
الصحة، مثلها مثل بقية عناصر التنمية الاخرى، بحاجة إلى صناعات دوائية، وإلى تكنلوجية، وإلى مستشفيات مجهزة بوسائل الراحة، وبغرف عمليات مزودة باجهزة حديثة، ومختبرات للتحليلات المرضية، أو للفحص الاشعاعي، وهذه كلها لا يمكن توفيرها بدون وجود طاقة كهربائية. وهذا يقودنا إلى القول أن واحده من أهم اسباب تدهور الخدمة الصحية في العراق هو غياب أو على اقل تقدير نقص الطاقة الكهربائية.
(4) التعليم:
أما في مجال التعليم فالأمر على ما اضن واضح وجلي. فمدارس وجامعات ومعاهد بدون كهرباء هي مؤسسات تعليمية خاوية، لأسباب: أولها، عدم توفر الجو الدراسي الملائم مع غياب الطاقة الكهربائية التي توفر الراحة المطلوبة للدراسة والفهم، خصوصا في الاجواء الحارة الخانقة السائدة في العراق. وثانيها، هو ان استخدام وسائل الايضاح التي من ابسطها اجهزة العرض والكومبيوترات والانترنيت كلها بحاجة إلى توفر دائم للكهرباء. وثالثها، هو أن الجامعات هي مؤسسات بحثية تحتاج إلى طاقة كهربائية مستمرة لاجراء التجارب العلمية والفحوصات إلى غيرها من متطلبات البحث العلمي، إذ أن بعض التجارب المختبرية تأخذ وقتاً مستمراً لعشرات الساعات.
جدلية عناصر التنمية الشاملة:
من الجدير بالذكر أن عناصر التنمية الشاملة هذه هي في حالة تداخل مستمر يصعب معه الفصل بينها او جعل احداهما في مرتبة تسبق العناصر الاخرى. فالحديث عن الصحة والغذاء والصناعة لا ينفصل عن الحديث عن التعليم، لان التعليم الجيد هو المسؤول عن توفير العقول العلمية والايدي العاملة الكفؤوة القادرة على ادارة التنمية الصحية والغذائية والصناعية. والحديث عن تطوير التعليم بحاجة الى الحديث عن توفر الغذاء والصحة والصناعة، فالطالب المهموم بكسب العيش والذي يعاني من الضعف الصحي لا يمكنه أن يخوض غمار البحث العلمي أو السعي الدراسي الحثيث. والجامعات الخالية من الاثاث الجيد والمعدات البحثية المناسبة والتي توفرها الصناعة لا يمكن لها ان تكون جامعات ممتازة. والحديث عن الغذاء لا ينفصل عن الحديث عن الصناعة، وعبارة (الصناعات الغذائية) كفيلة بأيضاح الفكرة دون الخوض في التفاصيل.
هذه الجدلية أو التداخل بين عناصر التنمية الاربعة تدفعنا الى القول انه بعد التخلص من ازمة الكهرباء ينبغي العمل بجدية على اصلاح واعادة بناء هذه العناصر الاربعة بالتساوي ودون التفريق بينها. ولكن مع غياب الكهرباء فان اي حديث عن التنمية الشاملة حديث لا قيمة له، أو في احسن الحالات، هو مجرد عملية ترقيعية لا تقود الى تنمية حقيقية.
نتائج اظافية لحل أزمة الكهرباء:
إن نتائج حل أزمة الطاقة الكهربائية في العراق لا يمكن احصائها. فحل هذه الازمة يكاد يكون الحل الجذري للعديد من المشاكل التي يعاني منها العراق، سواء كانت مشاكل سياسية، أو اجتماعية، أو اقتاصدية. وفيما يلي عرض موجز لبعض هذه النتائج، ونترك الباقي منها لنباهة القاريء للحديث عنها ومناقشتها.
(1) تحسين الوضع السياسي في العراق:
إن توفير الطاقة الكهربائية في العراق هو أحد أهم عناصر الاستقرار الامني والسياسي في العراق، على الرغم من كل ما يقوله السياسيون ورجال الامن والجيش عن الارهاب والارهابيين. وحجتنا في هذا هو أن توفير الكهرباء للشعب سوف يعيد الثقة المفقودة بين الشعب والحكومة، وبالتالي يجعل الشعب أكثر حرصاً على بقاء الحكومة واستقرار الوضع السياسي للبلاد. وهذا يدفعه إلى الوقوف بوجه كل من يحاول زعزعة الوضع الامني والسياسي للبلاد. أما في الوضع الراهن فأن العديد من افراد الشعب لا يبالون بما يجري للحكومة وما تتعرض له من تهديدات بالازالة أو التبديل، لان هذه الحكومة لم تقدم لهم شيء محسوس يجعلهم يشعرون بالفرق بين قبل وبعد مجيء الحكومة. باختصار شديد، أن الشعب ليس لديه مكتسبات يحرص على الحفاظ عليها وبقائها وتنميتها.
(2) المساهمة في حل مشكلة البطالة:
العلاقة بين مشكلة البطالة وازمة الكهرباء، علاقة واضحة لمن يريد ان يراها. فتوفير الكهرباء يعني دوران عجلة الاقتصاد في البلاد، وبالتالي توسع المصانع والمعامل، أو على الاقل تشغيلها بطاقتها الحالية، وتوفير مياه السقي للاراضي الزراعية، وكذلك اصلاح اراضي زراعية جديدة، وبناء مدارس وجامعات ومستشفيات جديدة. وهذا يعني زيادة الحاجة الى الايدي العاملة، وبالتالي توفير فرص عمل اضافية. ومن الجدير بالذكر، ان المحاولات التي تقوم بها الحكومة في توفير فرص عمل ضمن مؤسسات الدولة، هي ليست سوى محاولات ترقيعية تزيد من مشكلة البطالة، لان فرص العمل المزعومة هي في حقيقتها نوع من البطالة المقنعة، والتي تعني ان الفرد (الموظف أو العامل) يحصل على راتب شهري من المؤسسة التي يتنسب اليها دون ان يقوم باي عمل يذكر يجعله مستحقاً لهذا الاجر. وهذا يزيد من الازمة الاقتصادية في العراق ولا يشكل حلاً لها.
(3) تحسين الخدمات الاساسية:
يطالب العراقيون بتحسين الخدمات الاساسية، ومنها خدمات المياه والصرف الصحي، وهو بالتأكيد مطلب مشروع، ولكن ما ينساه العراقيون هو أن عليهم بالمطالبة بتحسين الكهرباء اولا وقبل كل شيء، لانه لا يمكن توفير مياه صالحة للشرب، ولا تصريف صحي بدون كهراباء. فمحطات تحلية المياه تحتاج إلى مضخات لضخ المياه اليها من الانهار، وتحتاج إلى مضخات اخرى لضخ المياه إلى قنوات التصفية التي تديم حركة المياه، وبعد ذلك تحتاج إلى مضخات لضخ المياه مباشرة إلى شبكة تغذية الاحياء السكنية أو إلى الخزانات العالية التي توزع المياه عبر الانابيب إلى المنازل. فاذا كانت الطاقة الكهربائية غير موجودة، فكيف يمكن للحكومة، أو حتى عفاريت الجان، أن توفر المياه الصالحة للشرب إلى العراقيين؟.
والامر لا يختلف كثيراً مع مياه التصريف الصحي، فهي ايضاً بحاجة إلى مضخات لسحب المياه من الخزانات (البالوعات) الكبيرة التي تستلم مياه التصريف من المنازل، وذلك لغرض ضخها إلى محطات معالجة المياه التي تحتاج إلى كهرباء هي الأخرى لادامة عملها أو إلى قنوات وانهار تصريف صغيرة للتصب في الانهار مع الاسف الشديد. وهو خطأ كبير وفادح، وجريمة بحق نهري العراق دجلة والفرات وروافدهما. وأن أي محاولة لحل مشكلة التصريف الصحي في العارق لا يمكن لها أن تنجح بدون حل مشكلة الكهرباء أولاً، لان المحافظة على انهار العراق تحاتج إلى اعادة تصفية مياه الصرف الصحي في محطات خاصة قبل ارسالها الى الانهار، وهذه المحطات تحتاج الى الكهرباء.
(4) التأثيرات الاجتماعية:
إن وجود مجتمع يتمتع برفاهية اقتصادية كافية، سوف يتحول الى مجتمع سعيد يبتعد ابنائه عن المنازعات والمشاحنات والعنف والتطرف. مجتمع يتمتع باستقرار اسري لان الاسرة لا تعاني من مشكلة اقتصادية تجعل افرادها غير قادرين على قبول بعضهم البعض. إن علمي الاجتماع والنفس يؤكدان على أنه إذا اردت أن تغيير سلوك الناس عليك بتغير ظروفهم الاقتصادية والمعاشية أولاً. وأن كل النصائح وخُطب الوعظ لا يمكنها أن تحل مشكلة الفساد الاداري، والرشوة، والتهرب من العمل، وغيرها من الافات التي تحاصر المجتمع العراقي. باختصار، لا تسألوا الناس لماذا هم سيئون، بل أسئلوا الظروف أو البيئة الأجتماعية التي جعلتهم سيئون.
الحكومة والمعارضة.. متى يستحقان الاحترام؟
منذ عام 2003 وإلى وقتنا الراهن نجد أن الصراع بين الحكومة والمعارضة على اشده. يتبادل الطرفان الاتهامات. كل طرف يتهم الاخر بالاهمال والعمالة والخيانة والسرقة والفساد والطائفية، إلى غير ذلك من التهم. والنتيجة النهائية هي أن الغالبية تتهم وتتحدث وتصرح والقليل جدا هو من يعمل ويعمر ويبني. وهذا الحال السائد في العراق جعل الشعب العراقي حائر لسنوات طويلة، فهو احياناً يؤيد الحكومة واحياناً يساند المعارض. وقد جرب الشعب كليهما. فالشعب انتخب الحكومة، ثم عاد ليساند المُعارضة، وفي كلا الحالتين لم يتغير وضع العراق، ولم تتحسن أوضاعة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وجراء هذا الوضع انعدمت الثقة بين الشعب والحكومة، وكذلك الحال مع المعارضة. وهذا هو حال اليأس الذي يعاني منه الشعب اليوم. وهذا ما يدفعنا إلى القول أن الحكومة والمعارضة بوضعهما الراهن لا يحضيان باحترام الشعب ولا بثقته. وأذا ارادت الحكومة والمعارضة ان تعيد ثقة الشعب وتكسب احترامه فعليها أولاً، وقبل كل شيء، ان تحل أزمة الطاقة الكهربائية في العراق. بدون حل لهذه الازمة لا يمكن للشعب أن يثق أو يحترم الحكومة أو المعارضة.
ثورة الكهرباء:
في شهر اذار من عام 2011، توجه عدد كبير من ابناء العراق إلى الشوارع، وفي عدد كبير من محافظات العراق، في ثورة كان غرضها المطالبة، باصلاح الكهرباء، والخدمات، والبطالة، والاصلاح السياسي، والبعض ذهب إلى القول باسقاط النظام السياسي برمته. ولعلي لا اغالي إذا قلت أن احد اهم اسباب عدم نجاح هذه المسيرات والاحتجاجات والمظاهرات هو تعدد المطالب وكثرتها وتزاحمها. وهذا اعطى فرصة لعدد من السياسيين بالقول أن هذه المطالب العديدة تعجز الحكومة عن تحقيقها في فترة قصيرة. وقد كان الأولى بالعراقيين أن يرفعوا شعاراً وحاداً هو شعار المطالبة بحل ازمة الكهرباء في العراق. وكان الاولى بهم ان يسموا ثورتهم بـ (ثورة الكهرباء). وأن يكون شعارهم (الكهرباء أولاً.. والبقية تأتي). لأن هذا المطلب الواضح يختصر في طياته بقية المطالب وكما أوضحنا في اعلاه. فضلاً عن ذلك، فان التركيز على مطلب واحد يفوت الفرصة على المدعيين من السياسين بعدم امكانية الاصلاح خلال فترة زمنية قصيرة. يضاف إلى هذا كله، أن وسائل الاعلام التي حاولت ان تساند المظاهرات والاحتجاجات في العراق وجدت نفسها مشتتة بين مطالب مختلفة ومتنوعة، وبالتالي لم تتمكن من ايصال مطالب المتظاهرين إلى العالم. ولو كان للمتظاهرين مطلب واحد، لاستطاعات وسائل الاعلام من ايصال رسالتها بسهولة. وكما هو معلوم اليوم، فان الإعلام هو السلاح الضاغط في كل دول العالم.
باختصار، إن العراقيون بحاجة إلى ثورة يسمونها (ثورة الكهرباء)، يطالبون فيها الحكومة والمعارضة على حدٍ سواء بالعمل الجاد على حل ازمة الكهرباء في وقت محدد ووفقا لخطة معلنة للشعب. فضلا عن ذلك، فان على هذه الثورة أن تطالب دول الجوار، التي تدعي حب العراق والعمل على مصلحته، بتقديم الدعم اللازم للحكومة لحل هذه الازمة، لا بتصدير الكهرباء إلى العراق مقابل اثمان باهظة، بل بتقديم التسهيلات لدخول شركات الكهرباء إلى العراق وحمايتها.
الخلاصة:
خلاصة بحثنا المركز والمقتضب هذا هو أنه لا يمكن للعراق أن يتمتع باستقرار أقتصادي أو سياسي أو اجتماعي بدون حل لازمة الطاقة الكهربائية. فأن الاستقرار الاقتصادي بحاجة إلى انعاش لعناصر التنمية الشاملة الاربعة وهي الصناعة والغذاء والصحة والتعليم. وهي كلها بحاجة إلى وجود طاقة كهرابئية دائمة وكافية. ونتائج هذا الاستقار الاقتصادي سوف تقود إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي. فاصلاح الكهرباء وانعاش عناصر التنمية الشاملة الاربعة يعني ضمناً حل لمشكلة البطالة، وكذلك شعور المواطن بجدية الحكومة وقدرتها على اصلاح الاوضاع في العراق، وبالتالي فان المواطن سوف يكون حريصا على بقاء الحكومة وعلى والتبادل السلمي للسلطة، والذي يعني استقرار سياسي وامني للعراق. وهذين الاستقرارين الاقتصادي والسياسي يؤديان ويتداخلان مع الاستقرار الاجتماعي الذي سوف يبدأ باستقرار الاسرة التي تحظى بالرفاهية التي يوفرها وجود دائم وللكهرباء داخل البيت، وافراد يعملون ويكسبون عيشهم ويحضون بتعليم جيد، ورعاية صحية ممتازة، وغذاء رخيص من انتاج ارض بلدهم وليس غذاءً مستورداً. وهذا الشيء الاخير يعود للشعب ثقته بنفسه، ويجعله يشعر بكرامته وحريته الحقيقية، لأنه من يُنتج غذائه يملك حريته. باختصار شديد، لا تنمية ولا استقرار اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي بدون استقرار لوضع التيار الكهربائي في العراق. وأخيراً، العراقيون بحاجة إلى ثورة يسمونها (ثورة الكهرباء)، يكون شعارهم فيها (الكهرباء أولاً.. والبقية تأتي).



#واثق_غازي_عبدالنبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- خبراء يفسرون لـCNN أسباب خسارة البورصة المصرية 5 مليارات دول ...
- اقتصادي جدا.. طريقة عمل الجلاش المورق بدون لحمة وبيض
- تحد مصري لإسرائيل بغزة.. وحراك اقتصادي ببريكس
- بقيمة ضخمة.. مساعدات أميركية كبيرة لهذه الدول
- بركان ينفت الذهب في أقصى جنوب الأرض.. ما القصة؟
- أبوظبي تجمع 5 مليارات دولار من طرح أول سندات دولية منذ 2021 ...
- -القابضة- ADQ تستثمر 500 مليون دولار بقطاعات الاقتصاد الكيني ...
- الإمارات بالمركز 15 عالميا بالاستثمار الأجنبي المباشر الخارج ...
- -ستوكس 600- يهبط ويتراجع عن أعلى مستوى في أسبوع
- النفط ينخفض مع تراجع المخاوف المتعلقة بالصراع بالشرق الأوسط ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - واثق غازي عبدالنبي - أزمة الطاقة الكهربائية في العراق .. لا تنمية ولا استقرار بدون كهرباء